العربية والعالمية بالصورة الأولى للحدث، وأن تصل إلى حيث عجز الكثير من الزملاء المصورين بسبب القصف العشوائي وغياب الخطوط الحمر وانعدام حماية الصحافيين. فكيف هي يوميات العمل في الوكالة، وماذا يجري في كواليسها في غزة؟
يشرح مدير عمليات »رامتان« في شمال أفريقيا حيان جعبة، أن عدد العاملين في قطاع غزة يبلغ نحو ٣٠٠ موظف، بينهم خمسون يعملون بالقطعة، وهم »يتوزعون بين موظفين وفنيين وتقنيين وفنانين وصحافيين ومراسلين«. هذا العدد الكبير من الموظفين في غزة يشكل جزءاً من طاقم الوكالة التي تملك نحو خمسين موظفاً في الضفة الغربية، يتوزعون على مدن القدس ورام الله والخليل ونابلس. أما في مصر فهناك ٣٩ موظفاً، وفي السودان ٤٢ موظفاً وفي الكويت عشرة موظفين، وسبعة موظفين في الولايات المتحدة الأميركية.
يطرح السؤال نفسه عن كيفية تدبر استمرار عمل الكاميرات وغيرها من المعدات الضرورية، في ظل انقطاع الكهرباء وغيرها من الصعوبات اللوجستية، يجيب جعبة: »هذه من الأمور التي تتعلق بالتخطيط الاستراتيجي، فنحن تعلمنا من تجربة الاجتياح عام ،٢٠٠٢ وخصوصا من تجربة »رامتان« في رام الله، لذلك لدنيا مولدات كهربائية ذات قدرة كبيرة، ولدينا في الوقت نفسه مخزون لا بأس به من الوقود لتشغيل تلك المولدات«. برغم هذه الاحتياطات يستدرك جعبة: »لكننا نقلق في مثل هذه الأوضاع من نفاد هذا المخرون إذا استمر الوضع لفترة طويلة. في الحقيقة، نتسابق الآن مع طواقم الإسعاف حول من سيصمد أكثر في التحرك والعمل نتيجة لانقطاع الوقود… ولسخرية القدر هم منافسنا الوحيد الآن في تحركاتنا وعملنا«.
لكن هل التغطية التي نراها هي نتيجة تحرك عفوي يفرضه العدوان أم ان هناك تخطيطاً مدروساً لتوزع الكاميرات في أنحاء غزة؟ يؤكد جعبة إلى انه ليس هناك شيء اسمه عفوية في تغطية الحرب، بمعنى انتظار الحدث ثم ملاحقته »فنحن نحاول ان نتكهن خارطة الاجتياحات أيضا قبل حدوثها، لدينا طواقم موزعة ونعمل من خلال مكتب تنسيق يستقبل المعلومات من الميدان، عبر شبكة كبيرة من العلاقات وطبعاً عبر مراسلينا وطواقمنا في الميدان. الميدان بالنسبة إلينا هنا هو كل قطاع غزة من بيت حانون حتى رفح«.
لكن كيف يتم توزيع طاقم العمل على مدار الساعة، بشكل يجنب الوكالة استنزاف الموارد البشرية، خصوصاً ان العدوان مرشح للاستمرار؟: »لدينا تخطيط يومي وآخر أسبوعي، وخطة عامة عادية وأخرى طارئة. خططنا لدورات عمل عادية وتتغير هذه الخطط تبعاً للظروف والطوارئ، ولكن لا نرتجل كثيراً لأننا كفلسطينيين نعرف كيف هي الاجتياحات، وما هو المطلوب، وكيف نحمي أنفسنا ومعداتنا كي يستمر أداؤنا الإعلامي بالطريقة الصحيحة وعلى المستوى اللائق، بغض النظر عن الإمكانيات المادية. لدينا قسم خاص بالمناوبات يشرف عليه موظفون قادرون على توزيع الطــواقم. نركز على المستشفيات حيث نقدم خدمة البــث المباشر والمقابلات المباشرة، إضافة إلى أماكن أخرى نحاول معـرفة مدى الأمان فيــها للقيام بالتنسيق اللازم، ولكم أن تتخيلوا كيف نزيد من القدرة في هذه الأجواء الطارئة مع استمرارنا في التخطيط للمناوبات«.
لا يرى جعبة أن صورة »رامتان« هي الوحيدة التي تذهب إلى العالم عن غزة، »ولكن صورتنا مستمرة في هذه الظروف ولا تنقطع، عندما نشاهد صورتنا وقد تمت إعادة بثها نشعر أننا على الطريق الصحيح. وان استراتيجياتنا تتحقق وأن تخطيطنا لتنفيذ تلك الاستراتيجيات كان صحيحاً وصائباً. كما نشعر بالفخر لأن موظفي »رامتان« والعاملين فيها يتفهمون أهمية استراتيجياتنا، ويثقون بنا كإدارة ويعملون ما يطلب منهم في هذه الظروف، خصوصاً انهم يعلمون أن أمنهم وأمانهم وتأمين عائلاتهم هو همنا في هذه الظروف«.
الأكيد ان الوكالة التي انطلقت قبل أحد عشر عاماً بحوالى ستة صحافيين ومعدات متواضعة جداً، استطاعت ان تحقق قفزات هائلة بالرغم من حجم الضغوطات التي كانت تمارس عليها (وبعــضها داخلي بسبب الانقسام الفلسطيني)، لكن نجـــاحها في إيصال صورة الشعب الفلسطيني المعــذب في غزة، مؤشر إلى تخطيط سليم أحدث فـارقاً في التعاطي مع الهمجية الإســرائيلية.
أمجد سمحان- جريدة السفير 16.01.2009