الكاثوليكي للصحافة: محاسبة المعتدين على الحريات الإعلامية وليس المدافعين عنها
1. يرى الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة في لبنان، إثر الأحداث الأخيرة التي هزّت ضمير جميع اللبنانيين من كل الطوائف والأحزاب، ان هناك حملة يقودها بعض رموز السلطة، تحت شعار "الحفاظ على الأمن"، على خلفية انتخابات المتن الفرعية ووقائع 7 آب الماضي، وقد بلغت ذروتها من التهديد غداة الجريمة النكراء التي ارتكبها أحمد منصور في حرم صندوق تعويضات المعلمين حتى ليبدو وكأن وسائل الإعلام، ولا سيما منها المعارِضة والمستقلة هي كبش المحرقة لدى كل مرة تواجه فيها البلاد معضلات داخلية مستعصية.
2. أمام هذا الواقع الدرامي المتأزم، لا بدّ للاتحاد من ابداء الملاحظات التالية:
أ. ان لوسائل الإعلام، في الأنظمة الديموقراطية، دوراً انمائياً في خدمة السلام، بناءً على ركائزه الثلاث الحقيقة والعدالة والحرية. وذلك يقتضي التعاون مع المسؤولين في كشف الصعوبات التي يعاني منها المجتمع، كي يسعى هؤلاء إلى معالجتها بما يتلاءم مع الخير العام، وبما لا ينحصر بمصالح النافذين من أهل السلطة. أما في الأنظمة غير العادلة، فيكون دور وسائل الإعلام قاصراًُ في كل مرة تتعارض نظرته وأحكامه مع نظرة بعض المسؤولين وأحكامهم ومصالحهم الخاصة.
ب. إن مطالبة بعض وسائل الإعلام بالغاء مقدمات نشرات الأخبار التلفزيونية الإذاعية وتحديد محرّمات يطلب عدم المسّ بها، من دون مسوّغ منطقي، إنما هو دليل على أن المجتمع اللبناني لم يبلغ بعد المستوى اللازم من الاستقرار، وإن تحقيق هذا الأمر من مسؤولية الجميع، ولا سيما مسؤولية الدولة الرئيسية. ومن الأجدر معالجة هذه الأمور بالتعاون مع وسائل الإعلام بدلاً من منعها من القيام بدورها في القاء الضوء عليها، لا في التعتيم عليها أو تشويشها.
ج. كان بامكان المسؤولين ان يفيدوا من وسائل الإعلام الرسمية وتعزيزها، بدلاً من تهميشها، إلى جانب الوسائل الإعلامية الخاصة وأعتبارها وسائل في خدمة التنمية والسياحة والمقاومة والتربية والتعليم وغيرها من القطاعات الحيوية, ان استمرار الحملات التي تستهدف كل من لا يكتب إلا بغير القلم الرسمي، ولا يتفوه إلا عبر مذياعه يثير المخاوف من أن يكون لبنان قد بلغ شوطاً متقدماً على طريق الغاء نفسه من خلال الغاء أهم مبررات وجوده.
د. يذكّر الاتحاد المسؤولين أنه لا يمكن تحميل وسائل الإعلام وزر أخطائهم، وعليه فيكون على الدولة محاسبة من يعتدي على الحريات العامة وعلى حرية التعبير بدل محاسبة من يتحدّث عنها.
لذلك، يدعو الاتحاد جميع المسؤولين والمواطنين الأحرار، ومؤسسات المجتمع المدني إلى وعي خطورة المرحلة الراهنة التي تمر فيها بلادنا ومنطقتنا في وقت يتهيأ فيه اتحاد الصحافيين العرب مشكوراُ للتصدي للحملة الجديدة التي تقودها "دوائر صهيونية متطرفة في أوروبا وأميركا ضد العرب دفاعاً عن العدوان الاسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني وقد بدأت التركيز في الفترة الأخيرة على دور الصحافة ومحاولة تشويه دور الصحافة العربية، بكل الوسائل".
فهل أدركنا جميعاً أية مخاطر تحيق بالصحافة العربية عموماً واللبنانية خصوصاً، في هذه المرحلة الدقيقة؟ فأي إعلام نريد وفي خدمة أية قضية؟.