أنطلياس 2/1/2003
بيان الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة في لبنان
عن إقفال محطة "نيو تي في" الفضائية
1. صعق الرأي العام اللبناني، مرة أخرى، في غضون أشهر معدودة، بإغلاق وسيلة إعلامية فضائيّة ثالثة، هي "نيو تي.في" بعد الاغلاق التام والنهائي لوسيلتين أخريين هما محطة "أم تي في" و"إذاعة جبل لبنان". والسبب الظاهر المشترك بين الحالات الثلاث، منع ضرر على الوطن وأحد البلدان الصديقة أو الشقيقة، بأسلوب وإجراءات غير مسبوقة، في تاريخ الإعلام اللبناني، بحيث يسبق القرار السياسي أي قرار آخر، قضائياً كان أم أمنياً. وإن إغلاق المحطة الجديدة هو دليل إضافي على دخول الوطن في النفق المظلم الذي تنحسر فيه مساحات الحرية المسؤولة التي قام عليها لبنان في المواثيق المكتوبة وغير المكتوبة.
2. إن مبدأ "أولوية الأمن القومي" الذي يتبناه حالياً بعض المسؤولين اللبنانيين، لا يجوز أن يترجم على حساب المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه لبنان، أي العيش المشترك في ضوء الحريات العامة والخاصة، الضمانة الوحيدة لكرامة الجميع، جماعات وأفراداً. ويخشى، مع تطبيق مبدأ "أولوية الأمن القومي" أن يفقد لبنان خصوصيته، ويتحوّل الى دولة آحادية الصوت والقرار مثل بعض الدول العربية حيث الشعوب مغيبة عن المشاركة في تقرير المصير، محرومة من ممارسة هذه المهمة الديمقراطية المقدسة، من قبل شخص أو حزب، أو قبيلة، على حساب مصحلة الشعب والوطن.
3. لقد أثبت التاريخ أنّ احترام الحريات هو الركيزة الاولى في تقدّم الشعوب وإنمائها وسلامها الحقيقي. وكم يبدو مؤسفاً أن يكون عالمنا العربي، في حين يتعرّض بعض أقاليمه الى أعتى القوى الظالمة في العصر الحديث، غارقاً في الصمت والجمود بسبب غياب الاعتراف بحقوق الانسان والمواثيق الدوليّة المتعلّقة بها. انه لمن دواعي القلق الشديد أن يشكّل ما يتذرّع به حالياً بعض المسؤولين، ردّة الى الوراء تؤدّي الى إخراج لبنان من مساره العربي الأصيل المنفتح على العالم المتحضّر الى عصور الجهالة والظلامة. وهي ردة يأباها كل لبناني عاقل ومسؤول، وكم بالأحرى من هم في مواقع المسؤوليّة والقرار، في ما يتعلّق بمصير لبنان ومستقبل أجياله ومكانته بين الأمم والشعوب.
4. إنّ الاتحاد إذ يطرح نقاط استفهام حول الطريقة التي تمّ فيها إقفال "نيو تي في" لجهة استباق القضاء والحكم على النوايا أم لجهة تغييب المؤسسات المعنيّة، وإلغاء دور البعض منها، يرى أن خطاب السلطة عن بقاء الحريات في لبنان ليس مقنعاً في ظل استمرار إقفال محطة "أم تي في" وإذاعة "جبل لبنان" وفي ظل ممارسة اساليب تنسف المبادئ التي قام عليها لبنان الرسالة والنموذج.