حول احتراق العمال الأجانب واعتقال صدام
أوسيب لبنان: وسائل الإعلام
مدعوة الى قراءة نقدية لمواقفها
رأى الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة–لبنان (أوسيب لبنان) أن تغطية وسائل الإعلام اللبنانية لمصرع 15 عاملا في احتراق مصنع الأسبوع الماضي لم تكن في حجم الكارثة. كما دعا الاتحاد إلى قراءة نقدية معمقة لقرار وقف نشرات الأخبار في محطة " نيو تي في" و للصور التي نشرتها وسائل الإعلام للرئيس العراقي صدام حسين. وجاء في بيان الاتحاد:
1- إن الحريق الذي وقع في أحد المصانع اللبنانية وأدى إلى وفاة 15عاملا أجنبيا لم يلق الاهتمام الذي يستحق من قبل وسائل الإعلام اللبنانية التي تعاملت معه على انه من الأخبارالعادية المتفرقة، فيما كانت هذه المأساة تستحق أن تفرد لها الصفحات الأولى لأيام عدة، والبحث عن أسبابها والسعي لدى السلطات السياسية للعمل على عدم تكرارها، أذ إن قيمة الإنسان هي واحدة سواء كان أجنبيا أم لبنانيا، غنيا أم فقيرا. فاذا كان الدفاع عن هذه القيم الإنسانية ضرورياً من اجل الحفاظ على المجتمع البشري وتقدمه، فانه أيضاً من أولويات رسالة وسائل الإعلام وواجباتها الأساسية في هذا الميدان.
2- إن القرارالذي قضى بوقف نشرات الأخبار في محطة" نيو تي في"، للأسباب التي أوردها المجلس الوطني للإعلام وبعض المسؤولين، كان موضوع إدانة من قبل المنظمات العالمية المعنية بالحريات الإعلامية، كما من قبل جهات عديدة في الاوساط اللبنانية. إن من شأن هذا الاجراء السلبي حيال الحريات الاعلامية أن يستمر في تصعيد الإساءة إلى سمعة لبنان الدولية، بدلاً من الحفاظ عليها، وان يقضي على ما تبقى من رصيد لبنان، البلد الديمقراطي والتعددي الوحيد في الشرق الاوسط، الذي كان- ويمكن أن يكون بعد- نموذجا في احترام الحريات الإعلامية. وربما كان من الأفضل إحالة المحطة المذكورة على القضاء، و تغريمها ماديا فقط في حال ثبوت المخالفة، وبعد التزام أصحاب القرار بشروط الموضوعية والحيادية في مقاييسها العالمية والعلمية، وبعد تغليب المصلحة والقيم اللبنانية على سواها من القيم والمقاييس الذاتية والمعايير الخاصة.
3- إن الصور التي بثتها المحطات العالمية- بما فيها المحطات اللبنانية- حول القبض على الرئيس العراقي صدام حسين تتعارض مع آداب وسائل الأعلام ومناقبية المواثيق المهنية، فضلا عن القيم الأخلاقية و الإنسانية – ولا سيما المسيحية منها- التي تترفع عن تحقير إنسان وإذلاله الى مثل ذلك الحد، مهما كان ماضيه. كما أنها تتناقض مع مضمون الاتفاقيات الدولية التي نصت على واجب احترام أسرى الحروب ومعاملتهم باحترام الحد الادنى من الكرامة الإنسانية. وكان من الأفضل لو قامت وسائل الإعلام، حين نشرها تلك الصور، بالتعليق عليها وشرح أهدافها والظروف التي تم فيها تصويرها، وذلك مراعاةً لقدسية رسالة وسائل الإعلام، وتأكيداً لدورها النقدي والعلمي البنّاء، ومنعاً للانزلاق بها إلى أهداف دعائية وانتقامية مكشوفة.
4- "إن الشرق الأوسط لا تعوزه الجدران بل الجسور"، كما قال البابا يوحنا بولس الثاني. هذه الحقيقة تعبّر عن تطلع البشرية إلى سلام حقيقي يقوم في المنطقة على احترام حقوق الشعوب والدول في الحرية والازدهار، وعلى اعتماد الحوارحلاً للنزاعات وإحلالاً للسلام. في أطار هذه الرؤية السامية، لا يسع الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة– لبنان إلا أن يضم صوته إلى صوت قداسة البابا، متمنيا على المسؤولين الروحيين والمدنيين في العالم أن يحذوا حذوه في هذه الخلقية النبيلة، ملتمساً من طفل المغارة، أمير السلام والنور الطالع من الشرق، أن تحمل إطلالة العام الجديد بشائرالسلام والازدهار لوطننا والمنطقة والعالم.