في مؤشرها العام للسنة 2014. في الارقام، "ملايين المسيحيين الذين يعيشون في اكثر من 60 بلدا، يواجهون خطر ان يكونوا ضحايا لمعاملة جائرة بسبب معتقدهم الديني". وفي الارقام ايضا، 2123 مسيحيا قُتِلوا العام 2013، وسُجِّل 1044 عملا عنيفا ضدهم. وكانت اكبر حصة من نصيب بلدين عربيين: سوريا ومصر، و"محرك" الاضطهاد الاكثر انتشارا: الاسلام المتطرف.
للسنة الـ12 توالياًَ، تتصدر كوريا الشمالية لائحة المؤشر بكونها "البلد الاخطر" على المسيحيين. يليها الصومال، وهي المرة الاولى التي تحتل دولة من افريقيا جنوب الصحراء هذه المرتبة المتقدمة. وتحتل سوريا المرتبة 3، بعدما قفزت من المرتبة 11. وفي حصيلة ما تسميه المنظمة "نقاط الاضطهاد"، ما يبعث على القلق. فخلال سنة فقط، "حلّقت" النقاط من 2683 الى 3019 في 50 بلدا، ما يجعل الفارق 336 نقطة.
"ارتفاع النقاط مقلق بالطبع، كونه يبيّن تدهورا في الحرية الدينية للمسيحيين في ارجاء العالم، لاسيما في 30 بلدا من 50"، يقول مدير المنظمة في فرنسا ميشال فارتون لـ"النهار". الاوضاع المأزومة في سوريا وافريقيا الوسطى ومصر من العوامل التي اثرت في ارتفاع النقاط. غير ان اللافت هو "ان التدهور في الحرية الدينية للمسيحيين عام، وان 4 بلدان فقط، مالي وتانزانيا والامارات العربية المتحدة وموريتانيا، سجلت تراجعا للنقاط".
في مراقبة اوضاع المسيحيين، ترصد المنظمة "4 اتجاهات اساسية". فإلى "الزيادة العامة للاضطهاد"، "تشكل افريقيا حقل معارك للكنيسة، مع احتلال 18 بلدا افريقيا مراتب متقدمة في لائحة المؤشر، كالصومال (2) والسودان (11) واريريتريا (12) وليبيا (13) ونيجيريا (14)، وافريقيا الوسطى (16). اضافة الى ذلك، "تُعَدُّ الدول الافريقية بين البلدان التي تشهد اكبر اعداد من الشهداء المسيحيين"، تقول المنظمة.
الاتجاه الثالث يتمثل في "الشتاء المسيحي الذي يتحوّل جليديا في عدد من الدول الاسلامية". "مصر كانت البلد الذي تعرض فيه المسيحيون اكثر للعنف، مع 167 فعلا عنيفا ضدهم على الاقل، واكثر من 492 محاولة لقفل كنائس او مبان ملحقة. وحققت سوريا الرقم القياسي في عدد المسيحيين القتلى (1213)، متجاوزة بذلك نيجيريا (612)".
في الاتجاه الرابع، "زيادة تامة للاضطهاد في الدول المسماة "الهابطة". وتأتي 6 منها في المراتب العشر الاولى: الصومال (2)، سوريا (3)، العراق (4)، افغانستان (5)، باكستان (8) واليمن (10)". ويقول فارتون: "مؤشر المنظمة يبرز منطقتين ساخنتين، الشرق الاوسط وافريقيا جنوب الصحراء، حيث تواجه الكنيسة ضغوطا. لا يمكن التكلم عن مؤامرة دولية ضدها. ففي عدد من البلدان، تشكل ديناميتها سببًا للاضطهاد. في الواقع، ثمة تلازم حقيقي بين نموّها في ارجاء العالم ووجود الاضطهاد. صحيح ان مسيحيين كثيرين يغادرون الشرق الاوسط تحت الضغط. وقد دفع ذلك المؤرخ البريطاني توم هولاند الى الكلام عن خطر اندثار الكنيسة في المنطقة التي شهدت انبعاثها".
من 1997، بدأت المنظمة تصدر مؤشرها. لها 21 مكتبا، وتنشط في اكثر من 60 بلدا، "لتعزيز المجتمعات المسيحية المهمشة، عبر الدعم الروحي والمعنوي والانساني". "من نحو 60 عاما، نقف الى جانب الكنيسة المضطهدة. وفرقنا تعمل حيث المسيحيون مهددون اكثر، وحقوقهم الاساسية محترمة اقل"، تقول.
"شبكة" واسعة الانتشار، قواعد تنمية "تُعلِم وتتحرك"، وقواعد عمليات "تضع على الارض وتتابع المشاريع ميدانيا". بالنسبة الى المنظمة، يتخذ الاضطهاد اشكالا متنوعة، من انتهاك حرية التفكير والتعبير والضغوط والاقصاء والتمييز، الى الاعتداء الجسدي والعنف والقتل. ومن ابرز خصائصه "انه لا يحصل مصادفة، بل غالبا ما يكون متعمدا ومنظما طوعا". ويقول فارتون: "في مؤشرنا، نأخذ في الاعتبار عوامل عدة، وليس فقط اعمال عنف قد تكون عفوية ومنعزلة. نحاول ان نقوّم مجموع الضغوط التي يتعرض لها المسيحيون، والتي قد تكون متأتية من المجتمع، قوانين البلد، والعائلة".
وهناك ايضا "المجموعات المتطرفة"، التي يجد فارتون انه "يمكن ان تمارس بدورها ضغوطا على الدول والمجتمع لزيادة الاضطهاد". "لسوء الحظ، بات الاسلام المتطرف محرك الاضطهاد الاكثر انتشارا حاليا في 36 بلدا من 50. غير ان الملاحظ انه عندما كان الاضطهاد اقوى في بلدان الشرق والصين، نمت الكنيسة في شكل اسرع، وقال مسيحيون مضطهدون اننا كمسامير، كلما ضُرِبنا، تَرَسَّخنا في شكل اقوى". في الاقتناع ايضا، بالرجوع الى التاريخ، انه "عندما كان المسيحيون يردّون على الاضطهادات بمحبة وتسامح، انثنى المضطَهِدون. لذلك تدعو منظمتنا كنائس الغرب الى الاتحاد بالصلاة مع الكنائس المضطَهَدة في ارجاء العالم".
السعودية، ايران، قطر، الاردن، عمان، تونس، الجزائر، الاراضي الفلسطينية، الكويت، البحرين، المغرب كلها وغيرها رصدها المؤشر… باستثناء لبنان. "بالطبع، الامر مشجع. للبنان دور مهم جدا في المنطقة ليثبت انه في وسع مختلف الطوائف ان تعيش معا بسلام"، يقول فارتون. والسؤال عن خشية على مستقبل مسيحييه يقابله بـثلاث كلمات: "الحرية الدينية الثمينة". "هذه الحرية وردة حساسة تجب حمايتها. لذلك علينا ان نبقى متنبهين".
هالة حمصي / النهار