على خطى غيرها من الدول الأجنبية الطامحة الى استمالة الرأي العام العربي، أنشأت قناة «فرانس 24» محطة ناطقة باللغة العربية، لتنضم الى السلسلة التي تضم محطة «الحرة» الأميركية، و«تي.آر تي»
التركية، و«العالم» الإيرانية والفضائية الروسية «روسيا اليوم»، ما يعكس تنافساً بين الاتجاهات الإعلامية والسياسية غير العربية للدخول الى نسيج المنطقة، وكل منها لديه أجندته ومصالحه الخاصة.
الى جانب قناتي «فرانس 24» الناطقتين بالفرنسية والإنكليزية، أبصرت القناة الثالثة النور في 12 الجاري، بما يتيح للجمهور العربي مشاهدتها على مدار اليوم، بعدما كان البث العربي يقتصر على ساعات قليلة في القناتين الأساسيتين.
وتقول المسؤولة عن القسم العربي في القناة ناهدة نكد لـ«السفير»، عبر اتصال هاتفي من باريس، «إن القناة ستعطي الأولوية للأخبار في المنطقة العربية، بما فيها منطقة المغرب العربي، التي يعيش فيها مئة مليون عربي في ظروف غير معروفة إعلامياً بالشكل الكافي، ويهمنا التعريف عنهم».
وتشير الى أن البث العربي كان يقتصر على أربع ساعات في القناتين الانكليزية والفرنسية، منذ العام 2006. وطُلب مني مؤخراً تعزيز القسم العربي، فتمكنت من رفع عدد ساعات البث بالعربية الى عشر ساعات في نيسان الماضي. ومذاك وحتى اليوم، تمكنت من رفعها الى 24 ساعة يومياً في إطار القناة الجديدة».
وحول سياسة القناة الجديدة، تقول مسؤولة إذاعة «مونت كارلو» الدولية: «في فرنسا نهتم أكثر بنقاط الاختلاف بين الناس والثقافات والآراء. ونعالج المواضيع من كل الجوانب. فالصحافة الأميركية مثلاً تعتمد إما الأبيض أو الأسود. أما نحن، فلدينا كل الألوان، بما فيها الرمادي.. فتبعاً للتاريخ والثقافة الفرنسيين نطرح مختلف التساؤلات حول المواضيع المطروحة».
وعما إذا كانت القناة تتبنى وجهة نظر الحكومة في بعض القضايا، تعلق نكد بقولها: «ليس لدينا توجه سياسي أو ديني معين في القناة. وليس ثمة تشبث برأي معين، بل هناك علمانية تامة. من الطبيعي أن ننقل وجهة نظر الحكومة أو الرئاسة الفرنسية حيال بعض القضايا، ولكننا لا نتبناها. بل إننا ننتقد أكثر من أي قناة أخرى مواقف رسمية نافرة. وفي موضوع المظاهرات الشعبية التي تقام مؤخراً في فرنسا، احتجاجاً على تعديل نظام التقاعد، ثمة انتقادات للحكومة أبداها البعض على شاشتنا مباشرة على الهواء».
وتؤكد نكد أنه «اذا كانت القناة مموّلة من الحكومة، فلا يعني ذلك أن نكون ناطقين باسمها. فنحن في النهاية صحافيون. وككل الوسائل الإعلامية في فرنسا لدينا استقلالية. فنتناول كل القضايا، وليس ثمة محرمات سياسية أو اجتماعية في عملنا».
وحول موقف القناة من الصراع السياسي الدائر في لبنان، تقول نكد: «لا نتحيز لفرق ضد آخر. بل نقدم الخبر، ثم نحاول التركيز على المحللين السياسيين أكثر من السياسيين انفسهم. فالمحلل يفسر أبعاد القضايا للمشاهد، ليساعده على تشكيل رأيه الشخصي. فالمشاهد العربي يفضل الاعتماد على مصادر عدة للمعلومات، ونحـن نشكل أحد هذه المصـادر. والباقي يقــع على عاتق المشــاهد نفـسه».
ورداً على سؤال توضح أن تبادل المواد سيكون متاحاً بين الأقنية الثلاث. كما أن جزءاً من الفريق الصحافي سيكون مشتركاً بينها. الى جانب الشكل الموحد للشاشات فيما يتعلق بالإضاءة المستخدمة والألوان والاستديوهات. ولكن مع تركيز كل قناة على أخبار النطاق الذي يقع فيه جمهورها. فالقناة الإنكليزية ايضاً، أصبح مسؤولها يتمتع باستقلالية، في مجال هيكلية الأخبار، بما يساعده على استقطاب الجمهور الانغلوفوني».
ونكد التي انضمت الى القناة منذ سنة ونصف، آتية من قناة «تي.أف1» حيث عملت كمراسلة حروب لمدة عشرين عاماً، تترأس اليوم قناة تضم 66 صحافياً عربياً.
ولدى سؤالها عن نسبة اللبنانيين من الفريق العامل، تعلق بقولها: «أفضل عدم التمييز بين اللبنانيين وباقي العرب. لدينا في القناة 14 جنسية عربية مختلفة. فيما يعمل في القناتين الأخريين «خليط» من الجنسيات من ايرلندا واستراليا وفرنسا والهند…
ومن برامج القناة الجديدة فقرة خاصة بعنوان «أصوات الشبكة»، ضمن الفترة الإخبارية «باريس مباشر» التي تعرض في التاسعة مساء كل اثنين وثلاثاء وخميس. وتتيح الفقرة، التي تقدمها الزميلة تاتيانا الخوري، لمستخدمي الانترنت التعبير بحرية بشكل يتخطى الرقابة في دولهم العربية خصوصاً.
كما يطرح برنامج «أسبوع في» آخر المستجدات في النطاقات الجغرافية الأربعة: الشرق الأوسط، المغرب العربي، أوروبا، وأميركا. ويبث أربع مرات أسبوعياً. كما يُبث «منتدى الصحافة» حوالى الخامسة بعد ظهر كل خميس. بالإضافة الى برنامج «خبايا الاقتصاد» الذي يتطرق الى التجسس الاقتصادي بين الشركات، ويبث مرتين شهرياً.
ومن المقرر أن تصل نكد اليوم الى بيروت، لتعقد مؤتمراً صحافياً، بحضور رئيس «فرانس 24» دو بوزياك، في الحادية عشرة والنصف قبل ظهر اليوم، في فندق «البرغو» في الأشرفية، للحديث عن انطلاق القناة الناطقة بالعربية.
فاتن قبيسي / السفير