بين المكسيك والموارنة قصة تعود الى سنوات طوال. وبين الموارنة والمكسيكيين والراهب اللبناني السابق الأب جورج أبي يونس علاقة طيبة وعميقة. فهو لبراعته في العمل الرعوي والاجتماعي
رقي الى درجة مطران. ومن ثم تسلم أبرشية المكسيك. سيادة المطران أبي يونس يلعب دورًا مهمًا، ورسالته الحفاظ على المسيحيين اللبنانيين في المكسيك، وحثهم على محبة بلدهم الأم، بلد الأرز، والعودة إليه ولو في شكل غير نهائي. في جعبة سيدنا الكثير من "الكنوز"، وهنا قسم منها.
يروي المطران الشاب تاريخ الكنيسة المارونية في المكسيك. فهي تعود الى سنة 1860 حين بدأ الموارنة الهجرة الى البلد اللاتيني. وأول كنيسة مارونية شُيدت سنة 1910 في وسط العاصمة مكسيكو. كانت صغيرة، لكنها جميلة جدًا. وسنة 1980 طلب الموارنة من الكاردينال المحلي ومن الدولة إعطاءهم كنيسة أكبر، وهذا ما حصل. هذه الكنيسة ما زالت قائمة الى يومنا، وهي الكاتدرائية الرسمية لأبرشية الموارنة في المكسيك.
"الوجود الكنسي كان دائمًا الى جانب الموارنة. كان يوجد كهنة موارنة منذ سنة 1910. وكانوا يخدمون الموارنة والمسيحيين ليس فقط في مكسيكو بل وفي مدينة بويبلا أيضًا، التي توجد فيها كنيسة هي كنيسة سيدة لبنان" يقول سيدنا، ويضيف: "لدينا كنيستان في مدينة مكسيكو الأولى كنيسة مار مارون والأخرى كنيسة سيدة لبنان. وفي سنة 1995 قرر مجلس المطارنة الموارنة وغبطة البطريرك صفير وروما إقامة أبرشية مارونية في مدينة مكسيكو. وتم تعيين المطران بطرس الصياح راعيًا للأبرشية وزائرًا رسوليًا على الكنيسة المارونية في دول أميركا الجنوبية، لكنه فارق الحياة سنة 2002، ومن ثم تعينت أسقفاً على الأبرشية".
المطران أبي يونس المتميز بحب إقامة مشاريع من أجل الموارنة ولبنان. "أصبح لدى الجالية خمس كنائس. في مدينة غوادالاخارا للموارنة كنيسة، وفي مدينة تشيواوا سيتم تدشين كنيسة في القريب العاجل، وأخرى في بويبلا. ولدينا قطعة أرض في مدينة أخرى على الشاطئ سيتم وضع حجر الأساس لبناء كنيسة عليها. لدينا أيضًا مشاريع إنمائية. ونحن في صدد التحضير لإقامة مركز اجتماعي لبناني باسم مار شربل. وقد قدم لنا الأرض (11500م) رئيس بلدية مكسيكو. وسيضم هذا المركز مدارس وكنيسة ومراكز اجتماعية. والمدرسة ستكون أول مدرسة لبنانية في مدينة مكسيكو، الى مبنى يضم مكاتب للأبرشية المارونية. وفي مدينة باتشوكا قدم لنا لبناني قطعة أرض سنقيم عليها مشروعًا".
يقسم المطران أبي يونس الجالية اللبنانية أقسامًا: "هناك لبنانيون رحلوا منذ مئة سنة، وهم الجيل الأول. وهناك جيل ثانٍ وجيل ثالث، لكن أغلبية الجالية اللبنانية من الجيل الثاني والثالث والرابع. التعاون معهم جيد جدًا لأنهم يتجاوبون أكثر معنا. فهم ثابتون في أشغالهم ومؤسساتهم الاقتصادية والمصرفية والعمرانية، كما نستمد القوة منهم، وخصوصًا من النوادي اللبنانية ومن المؤسسات المختلفة".
يلعب سيادته دورًا مهمًا في تشجيع المسيحيين على العودة الى لبنان. "نحن نعمل على إعادة الهوية الى هؤلاء الأشخاص. نحو 80 في المئة منهم فقدوا هويتهم لأسباب متعددة، لكننا نسعى مع المؤسسات ومنها النادي اللبناني الى وضع إحصاء للبنانيين في المكسيك. وقد تم الاتفاق مع شركة متخصصة بذلك. حتى الآن لدينا 17 ألف اسم مسجل، وقد نصل الى أكثر من 250 ألف اسم. هدفنا من كل ذلك تحفيزهم للعودة الى لبنان لكن للأسف معظمهم لا يستطيعون لأن أعمالهم في المكسيك. إنما كل سنة نأتي بوفود شبابية الى لبنان ليروا بلدهم الأم، متعاونين مع الرابطة المارونية في لبنان وفي المكسيك. وهذا العمل بدأناه منذ ست سنوات بالتعاون مع جامعة اللويزة. وهذه تجربة ناجحة".
وعن المتمولين اللبنانيين المكسيكيين، يقول سيادته: "هناك حاجز اللغة أولاً، وثانيًا الوضع السياسي الذي يخيفهم من العودة الى لبنان لإقامة مشاريع، كما عامل المساحة الجغرافية. لكن هناك البعض منهم، خصوصًا الذين هاجروا خلال الحرب الأهلية، عاد قسم منهم الى لبنان وأسسوا أشغالاً هنا، لا سيما أبناء قرية بيت ملات في عكار. وننتظر من الدولة حملة سياحية إعلامية في دول الاغتراب اللبناني للحث على العودة الى لبنان. وعلى المسؤولين اللبنانيين أن يدعوا الشخصيات اللبنانية هناك الى لبنان، تمامًا كما فعلوا مع السيد كارلوس سليم. دعوة رئيس الجمهورية للملياردير سليم مشكورة، وسليم كان متأثرًا جدًا. فهو غمر بمحبة الرئيس سليمان شخصيًا، وأنا مكلف منهما بمشاريع خاصة عدة على الصعد الرياضية والتربوية والصحية. وأزور المناطق التي يمكن أن يقيم فيها السيد سليم هذه المشاريع مجانية. وستنتهي الدراسات خلال سنة أو سبعة أشهر. وما يقوم به السيد سليم ليس تجاريًا بل من أجل شعب بلده الأم".
المسيرة