لكن من منطقة أخرى بعيدة يمقطها اليهود المتشددون نظرا لتواجد شعوب متعددة ومتنوعة فيها. إنها أرض "حدودية" و"منطقة عبور" حيث يلتقي أشخاص ينتمون إلى أعراق وثقافات وديانات مختلفة. باتت منطقة الجليل هكذا مكانا رمزيا لانفتاح الإنجيل نحو الشعوب كافة.
من هذا المنظار تشبه الجليل عالم اليوم حيث تتواجد ثقافات متعددة، وتبرز الحاجة إلى الحوار والحاجة إلى اللقاء. ونحن أيضا منغمسون يوميا في "جليل الأمم" وفي هذا السياق يمكننا أن نخاف ونستسلم لتجربة بناء الجدران من حولنا لنشعر بالأمن والحماية. لكن يسوع يعلمنا أن البشرى السارة التي يحملها، ليست مخصصة لجزء من البشرية، ولا بد من إعلانها على الجميع. إنه خبر سعيد يُعلن على من ينتظرونه، وعلى من لا ينتظرون شيئا ومن لا يتمتعون بالقوة اللازمة للبحث عما يطلبون.
انطلاقا من الجليل ـ تابع البابا يقول ـ يعلمنا يسوع أن خلاص الله لا يستثني أحدا، بل يؤكد لنا أن الله يفضل الانطلاق من المناطق البعيدة، من عند الآخِرين ليصل إلى الجميع. ويعلمنا نهجا، نهجه الذي يعبّر عن المضمون، ألا وهو رحمة الآب، كلنا مدعوون لقبول هذه الدعوة، للخروج من منطقة الراحة لنصل إلى المناطق المحتاجة إلى نور الإنجيل.
لم يبدأ يسوع رسالته من منطقة بعيدة عن المركز وحسب، بل انطلق من رجال "متواضعين". لم يتوجه إلى مدارس الكتبة وعلماء الشريعة ليختار تلامذته الأولين والرسل المستقبليين. بل توجه إلى أشخاص متواضعين وبسطاء، كانوا يستعدون لمجيء ملكوت الله. ذهب يسوع ليدعوهم في مكان عملهم، على ضفاف البحيرة: إنهم صيادو أسماك. دعاهم وتبعوه فورا. تركوا شباك الصيد وذهبوا معه: وأصبحت حياتهم عبارة عن مغامرة مذهلة وفائقة العادة.
أيها الأصدقاء والصديقات الأعزاء، مضى البابا إلى القول، الرب يدعو اليوم أيضاً، الرب يسير في شوارع حياتنا اليومية، اليوم أيضا في هذه اللحظة، هنا يسير الرب في هذه الساحة. يدعونا للذهاب معه وللعمل معه من أجل ملكوت الله، في "جليل" زماننا. فكّروا بالرب الذي يمر هنا وينظر إلينا إذا شعر أحدكم بأن الرب يقول له اتبعني، فليكن شجاعا وليتبع الرب! الرب لا يخيّب الآمال أبدا. تشعرون في قلبكم إذا كان الرب يدعوكم لاتّباعه. لنترك نظرته وصوته يبلغاننا ولنتبعه كي يصل فرح الإنجيل إلى أقاصي الأرض ولا تبقى منطقة محرومة من نوره.
ثم تلا صلاة التبشير الملائكي.
زينيت