تواصلت فعاليات مؤتمر “طرابلس مدينة عبر التاريخ والتحولات – رؤى وآفاق”، المنعقد في نقابة المهندسين في طرابلس برعاية الرئيس سعد الحريري ممثلا بالنائب سمير الجسر، والذي تنظمه هيئة المعماريين العرب بالتعاون بين اتحاد المهندسين العرب واتحاد المهندسين اللبنانيين.
وبعد حفل الافتتاح، ألقى السفير السابق الدكتور خالد زيادة محاضرة تحت عنوان “طرابلس: بين الحداثة والتراث”، فأشار إلى “العوامل العديدة التي تسهم في تطور المدن وتبدل أدوارها، ومنها أنماط الإنتاج والتعليم والهجرة من الريف، وهي العوامل الناجمة عن تحديث المجتمعات”، وقال: “الحداثة لا تقتصر على الجوانب المادية، لكنها بالأصل حداثة الأفكار والعلوم التي برزت في القرن السابع عشر والنظرة الجديدة إلى الإنسان وعلاقته بالكون والطبيعة والمجتمع”.
وبعدما أشار إلى معنى الحداثة والتجارب والمحاولات في مجتمعات وبلدان أوروبية، توقف عند طرابلس في التاريخ، ونقل عن الرحالة ناصر خسرو الذي زار طرابلس في عام 1047 وسجل رحلته في كتاب “سفر نامة”، ما شاهده في المدينة من أبنية وأطعمة ومزارع وبساتين، ناقلا قوله: “أما مصدر الغنى والازدهار فيرجع إلى أن طرابلس كانت في تلك الفترة المرفأ الرئيسي للتجارة المتوسطية ومع المدن الإيطالية، الأمر الذي انعكس عمرانا وثروات، وهو ما يدل على انها مدينة غنية في الإنتاج الزراعي بسبب الأراضي الملحقة بها والتي تصل إلى بلاد جبيل جنوبا وإلى طرطوس شمالا”.
وعرض زيادة وضع المدينة في الحقب الصليبية والمملوكية والعثمانية، إلى أن “فقدت طرابلس اهميتها الإدارية مطلع القرن التاسع عشر، وقارن بين الوضع الذي كانت عليه طرابلس في ذاك الوقت والتقدم الذي بدأت تشهده بيروت إنطلاقا من مرفئها مرورا بافتتاح الجامعات من قبل الإرساليات والبعثات العلمية، وصولا إلى إتباع طرابلس بولاية بيروت”.
وأشار إلى أن “فترة النصف الثاني من القرن التاسع عشر شهدت تحديثا متسارعا في بيروت، متوقفا عند ما وصفه الكاتبان العثمانيان رفيق التميمي ومحمد بهجت في كتابهما “ولاية بيروت” خلال رحلتهما إلى طرابلس في مطلع القرن العشرين، وواصفا أوضاع المدينة من نواح متعددة”.
وبعدما توقف المحاضر عند مرحلة انضمام طرابلس إلى الدولة اللبنانية الوليدة عام 1920، فمرحلة الانتداب الفرنسي، وما شهدته المدينة في تلك المرحلة من إقصاء وحرمان وتراجع لدورها وصولا إلى اندلاع الحرب اللبنانية، قال: “ان صراع الثقافة والهوية لم يوقف تدهور المدينة القديمة وآثارها ومعالمها التاريخية بالرغم من الجهود المتناثرة للحفاظ على معالمها”.
المحور الأول
ثم توالى انعقاد المحاور، فأدار المهندس إيلي الخوري المحور الأول بعنوان “المدينة مجتمعيا”، وتحدث فيها كل من المهندسة مها أبو بكر إبراهيم من مصر حول تأثير التعدد الثقافي في عمارة وعمران مدينة رشيد خلال العصر العثماني، والدكتورة كميلة القيسي من العراق حول التحول في النمط الجيني للأجزاء التراثية القديمة في المدينة العربية.
المحور الثاني
وأدار المهندس فؤاد حسنين المحور الثاني بعنوان “طرابلس وأهميتها تاريخيا وعمرانيا”، فتحدث كل من الدكتور خالد تدمري من لبنان عن تخطيط وعمارة مدينة طرابلس القديمة إبان العصرين المملوكي والعثماني كنسيج عمراني فريد وواقع أليم، وتناول الدكتور يسار عابدين والدكتور عقبة فاكوش من سوريا، البعد الإقليمي التاريخي لمدينة طرابلس، وتحدثت الدكتورة ماري فليكس والدكتور خالد الدغار من لبنان عن طرابلس التاريخية وذاتية التمويل لعمليات الحفاظ ،إقتداء بتجارب عالمية.
المحور الثالث
وأدار الدكتور محمد عطا يوسف المحور الثالث بعنوان: “المدينة العربية”، فتحدثت المهندسة فدوى ابو غيداء من الأردن عن الأماكن العامة ودورها في المدينة، والمهندس حمدي السطوحي من مصر عن مدن قديمة أملا لحياة جديدة، والدكتورة أسماء المقرم والمهندسة جنان مظلوم من العراق عن الأنماط التحولية للفضاءات الانتقالية للمسكن المحلي التقليدي، كما تحدث المهندس ديران هارمنديان من لبنان عن إشكالية تنمية المدينة.
وتخللت هذه المحاور مداخلات ونقاشات ومأدبة غداء.
وطنية