بالنسبة للقسم الأول:
إن الإله الذي "يعجز أدبياً" عن العناية بمخلوقاته بسبب "لاقابلية التبدل فيه" لا يمكن أن يكون إله، بل يصبح كائن ظالم لأنه خلق الإنسان وتركه لمصيره بسبب عدم قدرته على الإعتناء به. أما فيما يتعلق بمسألة "الصفات الجوهرية" في الله، يجب أن لا ننسى أن هذه الصفات إنما هي إسقاطات بشرية على الكيان الإلهي، وإلا لشلّ وجود الصفات الكاملة والمتناقضة[1] فيه الحركة عنده !
لا ننسى أن الله لو لم يكن قادراً على الإستجابة لنداءات أبنائه لما طلب منهم هو نفسه أن يسألوه ويقرعوا بابه[2]…
من ناحية أخرى يسري مبدأ التبدل على كل شيء خاضع للزمن، وبما أن الله موجود في الأزلية فهو إذاً خارج الزمن.
يقول القديس توما الأكويني:
"حين نصلي لا نغيّر مقاصد الله بل نطلب إليه أن يحقق بصلواتنا ما يجب أن يتم بموجب ترتيباته الأزلية"[3].
ويقول أولر:
"لا نتصورن أن الله يسمع حالياً صلاة توجّه إليه، فإنه قد سمعها منذ الأزل ونظّم العالم بنوع يتّفق وإستجابة هذه الصلاة. إن ترتيب الأمور هكذا لا يجعل صلواتنا عديمة الفائدة. بل ينمي ثقتنا لأنه يضع في متناولنا هذه الحقيقة المعزّية وهي أن صلواتنا الحسنة قد سمعها الله منذ الأزل، وقد أثّرت في وضعه تصميم العالم ومجريات الأمور. كل ذلك وفق حكمته الأزلية اللامتناهية"[4].
علينا الإنتباه هنا من الوقوع في إعتبار أن الإنسان يصبح في هذه الحالة مسيّراً في نظام مرسوم منذ الأزل. فالعكس صحيح كما يوضح أولر من أن هذا النظام الذي رُسِم منذ الأزل قد خضع في تكوينه بما يتوافق مع مصلحة الإنسان وإرادته من خلال صلاته النابعة عن حرّيته والتي عرفها الله منذ البدء بعلمه المطلق والغير محدود، فرتّب الظروف المناسبة.
بإختصار إن معرفة الله المسبقة ليست مقيّدة للإنسان، بل إن عمل الإنسان الحرّ هو "مقيّد نوعاً ما" لمعرفة الله الأزلية.
بالنسبة للقسم الثاني:
إن إستجابة الله لصلواتنا لا تغيّر شيئاً في قوانين العالم. فأغلب المعجزات التي تحصل بنتيجة الصلاة إنما هي:
– تفعيل قانون طبيعي على حساب قانون آخر، وذلك بإطالة فترة عمل الأول، مثلاً: تعليق عمل قانون خضوع الإنسان للموت لفترة ما، بإطالة عمره.
– إحلال قانون محل قانون آخر، مثلاً: صلاة نرفعها إلى الله لإحلال القانون القاضي بهطول المطر من أجل عملية الري.
– تسريع عمل قانون ما، مثلاً: أحد المرضى يتطلب شفاؤه وقتاً طويلاً، بواسطة الصلاة نقضي على عامل الوقت.
مهما تكن الإعتراضات هنا، يمكن الإجابة عليها بأنه من حق خالق الكون أن يتصرف به كما يشاء مع عدم الخوف من هكذا تصرف طالما أنه يتمتع بالحكمة المطلقة. من جهة ثانية ألا يمكن أن تكون تلك العجائب المخالفة لنظام الطبيعة إنما هي مدرجة منذ الأزل بإرادة من الله ؟!
· حالة سادسة :
وهي حالة الذين توقفوا عن الصلاة بسبب كثرة الشرود الذين يعانون منه، أو أيضاً بسبب يبوسة روحية قد مرّوا بها. وسوف نتطرق إلى مشكلة الشرود لاحقاً.
[1] مثل أن نقول بأن الله عادل بشكل مطلق ورحوم بشكل مطلق … [2] لوقا 11/9 [3] Somme Theologique [4] 9emelettre à une princesse d’allemagneبقلم عساف رعيدي / زينيت