ارتكزت الى إعادة لمّ شمل أبناء الكنيسة المارونية المنتشرين في دول الإغتراب، تحولت الهوية اللبنانية هاجسًا في حسابات من وضعوها على الرف. المدير العام للمؤسسة هيام البستاني تحدثت عن أهداف المؤسسة وطريقة عملها في بلاد الإنتشار، على هامش مشاركتها وأعضاء المؤسسة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير في رحلة قبرص للقاء رأس الكنيسة في العالم.
ينطلق عمل اعضاء المؤسسة المارونية للإنتشار من رؤية مؤسسها الوزير السابق ميشال إده وارتباطه بالكنيسة المارونية والمجتمع اللبناني، ومن النص القانوني الذي يعطي كل متحدر من أب لبناني الحق بالحصول على الجنسية اللبنانية. من هنا شكلت مسألة استعادة الموارنة المنتشرين إلى كنف لبنان وتعزيز ارتباطهم بالوطن الأم والكنيسة في لبنان ركيزة في عملها. ويتولى أعضاؤها الإتصال بموارنة الإنتشار والمسيحيين كافة من خلال الأبرشيات والسفارات والقنصليات ومكاتب المؤسسة، لمساعدة المتحدرين من أصل لبناني في استعادة جنسيتهم اللبنانية.
منذ البداية وضع أعضاء المؤسسة في اعتبارهم العوائق والصعوبات التي تعترض طريقهم في مسألة تسجيل وقوعات المتحدرين من أصل لبناني، والحفاظ على جنسياتهم والتواصل معهم. وتقول البستاني:"هناك نوعان من الهجرة، القديمة والحديثة. في الأولى وجدنا صعوبة في إمكان إعادة التواصل مع الإنتشار اللبناني الموجود في أغلبيته في الأميركتين وأفريقيا الجنوبية، لأن التعاطي يتم مع الجيل الرابع والخامس. أما بالنسبة إلى الهجرة الحديثة، فيتم التواصل من خلال السفارات والأبرشيات والقنصليات.لكن العوائق التي تعترضنا كثيرة، منها مسألة الروتين الإداري وعدم وجود عدد كاف من الموظفين في السفارات، واندماج اللبنانيين في الخارج بالكنيسة اللاتينية ومجتمعات دول إقامتهم إلى درجة الذوبان".
القراءة الرقمية لأعداد المسيحيين في لبنان شكلت نقزة عند القيمين على المؤسسسة كما عند سيد بكركي والمعنيين بحقيقة مستقبل المسيحيين في لبنان والشرق."ففي أوائل القرن كانت تقارب نسبة المسيحيين في لبنان 74 في المئة،وانخفضت إلى 34،96 في المئة بسبب عوامل عدة أبرزها الهجرة الناجمة عن انعدام فرص العمل في لبنان والضائقة الإقتصادية والوضع السياسي. وتشير الإحصاءات إلى انخفاض نسبة الشباب المسيحي ما دون 20 عاما إلى 24 في المئة، منهم 15 في المئة من الموارنة. ومن الأسباب غير المباشرة للخلل الديمغرافي الحاصل، صدور مرسوم التجنيس الرقم 5247 في 20/06/1994، الذي أعطى الحق بالجنسية لـ142.675 غير مسيحي مقابل 51 ألف مسيحي. واقتصر عدد الموارنة على 4199 فقط.
لا تنفي البستاني واقع انخفاض عدد الأولاد في العائلات المسيحية لأسباب تتعلق بالوضعين الإقتصادي والإجتماعي. "لكن هناك الكثير من الزيجات التي حصلت في دول الإغتراب ولا يزال أصحابها مسجلين بصفة عازب، وتقارب نسبتهم 75 في المئة، عدا الأولاد. من هنا أهمية تسجيل الزيجات والأولاد لإعادة تصحيح الخلل الديمغرافي في البلد".
تتولى المؤسسة كل التدابير والإجراءات المطلوبة لمساعدة المنتشرين على إنجاز معاملاتهم مع الإدارات اللبنانية العامة ودوائر الأحوال الشخصية المعنية بتحرير سجلات قيد اللبنانيين، على نفقة المؤسسة من دون تحميل المغترب أي نفقة. ولفتت البستاني إلى الجهد الشخصي الذي يقوم به كل أعضاء المؤسسة إنطلاقا من أهداف رئيس المؤسسة وشخصيته التي جمعت الكل حول فكرة إعادة تصحيح الخلل الديمغرافي وفتح خطوط التواصل مع الوطن الأم. وتنتشر مكاتب المؤسسة في عدد من الدول هي الولايات المتحدة الأميركية وأوستراليا والبرازيل والمكسيك والأرجنتين والباراغواي وكولومبيا وجنوب أفريقيا وفرنسا وبلجيكا والسويد. كما استحدثت عنوانا إلكترونيا لها على موقعي الفايسبوك واليوتيوب. ويراوح عدد طلبات الراغبين في التسجيل يوميا بين الأربعين والخمسين طلبا، مما يؤكد على وجود حماس لدى لبنانيي الإنتشار للعودة إلى جذورهم من خلال الهوية اللبنانية.
لا يقتصر تسجيل الزيجات وأولاد المغتربين على إضافة إسم في سجلات القيد اللبنانية.وكلام أحد الكهنة اللبنانيين بعد قداس الأحد الذي أقيم في إحدى الكنائس المارونية في أوستراليا خير معبّر حين قال: "غدا عندما يكبر أولادكم ويكتشفون أن حكاية الأرض التي أورثتموهم إياها صارت أسطورة من التاريخ لأنهم لا يملكون الجنسية اللبنانية وبالتالي لا يحق لهم استردادها أو استثمارها، عندها تدركون أنكم ارتكبتم أكبر جريمة في حق الوطن والأجيال".
المسيرة