إن الإهانة ضد السيد المسيح التي ظهرت في افتتاح أولمبياد باريس ليست الأولى، وان كنا نرجو أن تكون الأخيرة. فلوحة العشاء المقدس تحديدا أهينت مرات عدة ربما، ومن بينها إهانة تعود للعام ٢٠١٥ وثقت بقلم زميلتنا في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة- لبنان (أوسيب لبنان) الإعلامية ماغي مخلوف في أحد مطاعم الولايات المتحدة الأميركية، نوردها مرددين قول الرب عن الكنيسة: أبواب الجحيم لن تقوى عليها…
خلال اقامتي في الولايات المتحدة الاميركية سنة 2015، دعيت الى عشاء مع بعض الاصدقاء. هم اختاروا المكان. لم اكن اعلم حينها بان الذي ينتظرني هناك هو اكثر من لقاء.
افتتح هذا المطعم سنة 2009 وتميز بهندسته الداخلية، نوعية وجودة في الاكل، واجواء موسيقىية رائعة.
انه اكثر من مطعم، انه صالة عرض: تابلوهات، مفروشات فخمة، قطع تماثيل قيّمة.
خلال توجهنا الى طاولتنا ، جلت بنظري على التابلوهات فاذا بي اتعرف على انواع واشكال من الكلاب رسمت بطريقة فنية عالية لكي تفتح شهيتنا.
لم يزعجني الامر، فالشعب الاميركي متآلف مع الحيوانات، وقلما ازور بيتاً اميركيا ولا اجد نوعا من الحيوانات تعيش مع أفراد العائلة وكأنها من اهل البيت.
تلك الليلة لم اختر المطعم ولا الكرسي ومكان جلوسي، بل المكان اختارني لكي اجد نفسي امام لوحة زيتية تعني الكثير للمسيحيين بما تحمل من معان لاهوتية وحقيقة، انه رسم العشاء السري، العشاء الاخير ليسوع المسيح مع تلاميذه قبل ان يُسلم الى الموت.
فرحت وهلّلت “ها نحن نعي اهمية معنى اللقاء حول المائدة” قلتها لنفسي.
الاضاءة كانت خفيفة، ولاني كنت اجلس بمواجهة اللوحة عدت وامعنت فيها واذا بي اصعق، انني امام لوحة عشاء السرّي الذي يفترض ان تكون مجسدة يسوع وتلاميذه ولكنها استبدلت بشخصيات حيوانية: كلاب بكل الاحجام والالوان والاكبر بينها هو الذي توسط المائدة وقد علّق على عنقه الصليب وامامه صينية من العظام وكؤوس!!!!!!!!
وتقدمت بسرعة لاتسمّر امامها، استأذنت الفتيات الجالسات على الطاولة بجابنا، لاخذ صورة فبادرت احداهنّ بسؤالي : هل انت من محبي الكلاب؟ اجبتها اتعلمين من هم الاشخاص المفترض ان يكونوا في هذه اللوحة؟ فأجابتني نعم “ولكنني ولا اتذكر”
عدت وانضممت الى رفاقي وفي قرارة نفسي ان ما حدث ليس بالصدفة.
في اليوم الثاني اتصلت بادارة المطعم لتحديد موعد مع المدير لمقابلته. وعدوني خيرا لكنني لم اتلق اي رد.
انتظرت يومين وتوجهت بعدها الى المكان، عرّفت عن نفسي كصحفية مستقلة، وانني في صدد كتابة مقال عن الاماكن العامة والطابع الذي تعتمده بعض المطاعم.
خلال فترة الانتظار، تحدثت مع بعض الزبائن عن رأيهم في المكان ” اقصد المطعم مرة او مرتين في الاسبوع ، والذي يلفتني فيه هو اللوحات الزيتية، احب الكلاب ، وصورة الكلاب على طاولة العشاء ( العشاء السرّي) لا تختلف عن باقي الصور المعروضة في هذا المكان.” أجابني احدهم وهو يجول في نظره على قائمة الطعام.
” لا اتمعن في محتوى الصور، احب ان اجلس على البار او في الخارج، احترم رأي الرسام في اي لوحة برسمه، ولا ارى اي شيء معيب في لوحة العشاء السري التي استبدلت بالكلاب” اجابتني احداهنّ التي كانت جالسة مع صديقتها على البار.
عن سبب وضع هذه اللوحة وعرض لوحات اخرى للكلاب، يقول مدير المطعم، سكوت ينّي Scott Yanni :” تزامن افتتاح المطعم مع اقفال صالة عرض في آخر الشارع للرسام Ron Born ولانني من المعجبين بفنه طلبت منه ان تعرض هذه اللوحات في صالة المطعم” ويضيف ” وانا افتخر في فنّه.”
اللوحات عرضت للبيع مع اسمها والسعر الذي يتفاوت بين الاصلية والمزيفة وقد يصل سعر اللوحة $25.000
Son of dog هي اسم اللوحة التي اطلقها Ronعلى لوحة العشاء السري بعد ان استبدل شخصياتها بكلاب” انا لا ارى في هذه اللوحة اي مشكلة. فهي لا تزعجني، انا في الاصل كاثوليكي ومعمد وال ارى اي مشكلة، انها بالنسبة لي كأي فيلم يعرض في صالات السنما هناك من يحبه ويؤيد مضمونه وهناك البعض الآخر يرفضون.” ويضيف “الفنان يجب ان يحرك مشاعر المشاهد, وهذا ما فعله Burns . انها اللوحة الوحيدة الغير معروضة للبيع، وهذا ما اراده الرسام .”
ويكمل صاحب المطعم” نسمع كل يوم آراء الذبائن منها ايجابية ومنها سلبية، وعندما أُسأل عن الهدف عن هذه اللوحة هذا السؤال يجب ان توجهوه الى الى صاحب الرسومات في نفسه.”
الوصول الى راسم اللوحات Ron Born كان شبه مستحيل، فهو خارج الولاية ولم يجب حتى على مكالماتي . خلال مقابلة له في أذار 2007 على موقع Xeni Jardin يقول Burns ان الهدف من رسم هذه اللوحة الزيتية هو اعجابه بالرسام العالمي Leonardo Da Vinchi وبخاصة لوحة العشاء السري التي انجزها واعجابه بالكلاب، لذلك دمج في لوحة واحدة اجمل ما رسم دا فينتشي واكثر ما احب هو في حياته: الحيوانات بخاصة الكلاب .
احد الاشخاص الذين ينتمون الى الكنيسة البروتستانتية قال: “يؤلمني ان يتعاطى الفنانون بهذه الطريقة مع لوحة تعني الكثير للمسيحيين . فالرسام Born لم يحترم شخصية يسوع المسيح ولقائه الاخير مع تلاميذه، لكنه في الوقت نفسه يرى ايجابية في هذا الموضوع، لان المؤمن لن يتغاضى عن ما رأى وربما ستكون بداية لعلاقة جديدة مع يسوع للذين لم يتعرفوا عليه بعد.”
عندما سألت احد الاصدقاء الذي رافقني الى المطعم عن رأيه قال: ” نعم، تألمت لدى مشاهدتي اللوحة، لكن الشعب الاميركي مخدر، وكأنه في غيبوبة، ولا اعلم الى متى سيبقى بعيدا عن جوهر ايمانه ودينه.”
للاطلاع عن رأي الكنيسة الكاثوليكية واذا كانت على اطلاع بما يجري، تواصلت مع المطران المحلي Thomas Omsted، المطرانية كانت مقفلة بسبب الرياضة الروحية السنوية في ومن الصوم.
ماغي مخلوف