انعقدت في الدار البطريركية في دمشق بين السادس والثامن من الحالي الدورة العادية ال45ن للمجمع الإنطاكي المقدس برئاسة البطريرك إغناطيوس الرابع وحضور آباء المجمع الأنطاكي المقدس. وقد تغيب المتروبوليت فيليبس صليبا (أميركا الشمالية).
وأشار البيان الختامي الذي اصدره المجمع انه "خلال هذه الدورة حضر المطران المنتخب على طرابلس والكورة الأرشمندريت أفرام (كرياكوس) الذي هنأه السادة آباء المجمع كما هنأوا الأبرشية بانتخابه. ثم رحب به صاحب الغبطة (البطريرك اغناطيوس الرابع) باسم السادة الآباء قائلا: أنا أعرف سيدنا أفرام في خدمته والتزامه. هو إنسان متقد الذكاء وراهب حقيقي. الراهب يستطيع أن يحيا رهبانيا حيث يشاء، ولكنه لا يجعل من الأبرشية ديرا. الأبرشية تتطلب بذلا كاملا للذات. والمطران المنتخب ليس غريبا عنا. عند لقائنا اليوم ذكرته بموقفه في المؤتمر العام للأبرشيات في العام 1993 حيث تحدث بكلام قلما سمعنا له مثيلا. أطلب صلواتكم جميعا لخير هذا الأخ المنتخب ولخير هذه الأبرشية. وجوده معنا يضيف موهبة وبركة إلى المواهب والبركات الموجودة في هذا المجمع. أنا أسأل الرب أن يمد سيدنا أفرام بسنين عديدة والأيام سوف تقول وتؤكد كيف يكون المكرسون الحقيقيون.
وأجاب المطران المنتخب: "أشكركم يا صاحب الغبطة وأيها السادة الآباء لأنكم وضعتم هذه الثقة في شخصي. رجائي أن أحمل هذه المسؤولية بمعونة الرب وصلواتكم. أقول إني كأي إنسان بشري ضعيف، آنية خزفية، وأعترف أمامكم أني أحببت الرب وهذه الكنيسة. وأنا مستعد أن أفتديها بدمي".
وجاء في البيان: "في بداية الدورة وجه السادة آباء المجمع المقدس رسالتين إلى فخامة رئيسي جمهورية سوريا ولبنان، يؤكدون فيهما دعم الكنيسة الأنطاكية لما يبذلانه من جهود في سبيل خير البلدين، وسألوا الرب أن يشددهما للاستمرار في مساندة أبناء البلدين وعضدهم.
تميزت هذه الدورة بتمحور مناقشات الآباء حول البعد الرعائي للخدمة الكنسية من جوانبها كافة، وشددوا على ضرورة أن يكون الكهنة في الرعايا حاملين تعاليم الكنيسة وتوجيهات المجمع المقدس إلى كل بيت، لتقترن الصلاة بالخدمة ويشعر أبناؤنا أنهم محبوبون وفي صلاة رعاتهم الليتورجية والأسرارية محمولون في ذكر دائم وحار. هذا يقتضي أيضا أن تكون خدمة الرعاة للرعية محاكية للواقع، والواقع هو في الزمان والمكان وهذان يتغيران. وكما المقاييس الرعائية كذلك المقاييس الأخلاقية التي لا يمكن أن تكون بعيدة عن الواقع، لتضبط السلوك الفعلي في الواقع، هكذا الرعاية هي تأكيد لتجسد الرب في كنيسته وفي التاريخ البشري.
بداية قرر المجمع المقدس ترفيع سيادة الأسقف نيفن (صيقلي) المعتمد البطريركي لدى كنيسة موسكو إلى رتبة رئيس أساقفة.
ثم درس السادة الآباء الوضع الرعائي في لواء الاسكندرون واطلعوا على ما يبذل من جهود رعائية هناك، وقرروا وضع خطة عمل تكون لها المقومات البشرية والمالية اللازمة ليشعر أبناء اللواء أنهم في قلب اهتمامات الكنيسة الأنطاكية.
بعدها توقف المجمع المقدس مطولا عند موضوع التواصل بين الأبرشيات المتجاورة، وأهمية التنسيق في الشؤون التي تطرح مناطقيا وتستوجب مقاربة مشتركة، فقرروا عقد لقاءات محلية، عند الضرورة، لمطارنة هذه الأبرشيات، مما يؤدي إلى تفعيل التنسيق من خلال الاستفادة من الخبرات المتنوعة. هذا يكون لأبرشيات الوطن وتلك التي في الانتشار.
ولكون التواصل في واقعنا اليوم يعتبر من الأولويات، كان لموضوع الإعلام ببعديه التعليمي والإخباري حيز هام من المناقشات، فاطلع الآباء على مشروع نشرة الكترونية للبطريركية تتضمن مواضيع روحية وأخبارا من أبرشيات الكرسي الأنطاكي كافة، وقرروا أن يكون صدورها أسبوعيا وأن يكون لها مراسلون من الأبرشيات. كما قرروا الاستعانة بذوي الاختصاص لإعداد مشروع إعلامي شامل يخدم العمل البشاري بوسائل سمعية بصرية.
ولأنه حيث يكون الأسقف تكون الكنيسة، وحيث تكون الكنيسة يكون الأسقف، ولأن الأسقف كرئيس كهنة وراع هو حدث في حياة الكنيسة، ولأن واقع الأبرشيات الأنطاكية في الوطن وبلاد الانتشار تطور، فوض المجمع أحد آبائه إعداد دراسة عن تطور الأسقفية في الكنيسة الأرثوذكسية من النواحي اللاهوتية والقانونية والتاريخية، ليصار في ضوئها الى تحديد دور الأسقف غير المتروبوليت ومركزه في كنيسة اليوم.
ولأن أبناء كنيستنا يستحقون أن تكون خدمة الرعاة للرعية بلياقة وترتيب، وفي سعي إلى تنميط الخدمة، قرر المجمع وضع دليل رعائي للكاهن يعتمده كهنة الكرسي الأنطاكي في خدمتهم. هذا إلى تنقيح لكتاب الأفخولوجي الصغير وخصوصا خدمتا العماد والزواج.
تدارس الآباء موضوع العلاقات مع الكنائس الأرثوذكسية الشقيقة واستمعوا إلى تقرير حول ما توصلت إليه اجتماعات الكنائس الأرثوذكسية في شامبيزي – سويسرا، إعدادا للمجمع الأرثوذكسي العام. كما استمعوا إلى تقرير عن الحوار الأرثوذكسي الكاثوليكي وأكدوا، بعد درسه، رافعين الصلاة، رغبة الكنيسة الأرثوذكسية في أن تتحقق شركة المحبة والوحدة فيما بين الكنائس في المسيح يسوع.
لم يختتم المجمع أعماله قبل أن يخصص لمعهد القديس يوحنا الدمشقي في البلمند فسحة واسعة من الوقت لتدارس أوضاعه، مؤكدين أن هذا المعهد وإن كان طابعه أكاديميا، إلا أنه ولكونه المشتل الأنطاكي للرعاة، ينمي فيهم الحس الكنسي الإكليريكي ويربيهم على إتمام سر غسل الأرجل، هو مكان صلاة مستمرة ترتقي فيه المعرفة إلى روح الحكمة والفهم. على هذا الأساس تسهر اللجنة المجمعية برئاسة صاحب الغبطة ليبقى هذا الهدف قبلة أنظار طلاب اللاهوت.
ختاما يؤكد السادة الآباء لأبنائهم أنهم، بقوة الرب، ساهرون سهر الراعي الأمين على الرعية، ويسألونهم أن يتشددوا ويثبتوا، وألا يسمحوا لليأس أو الحزن أو الهموم الحياتية والضيقات أن تسكن قلوبهم، لأن الرب لا يترك السفينة التي تكدها الأمواج وسط العاصفة بدون سلامه، فهو في وسط الكنيسة يحفظ بنيها من الشرير، بروحه الكلي قدسه، حتى منتهى الدهر".