عكس أمس تقرير التنمية الإنسانية العربية للسنة 2016 عن “الشباب وآفاق التنمية في واقع متغير”، صورة سوادوية و”غير مشجعة” لأوضاع هذه الفئة في منطقتنا. وأظهرت النتائج غياباً فاضحاً لأي حوار متبادل أو شركة حقيقية بين الشباب والسلطات تقوم على رسم سياسات تنموية جديدة تلبي تطلعات الجيل الجديد.
لفت التقرير المعد من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وفقاً لما ذكرته القائمة بأعمال مدير المكتب الإقليمي للدول العربية في البرنامج صوفي دي كاين، إلى “أن الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً يمثلون نحو 30 في المئة من سكان المنطقة العربية، أي ما يعادل 105 ملايين شخص”. وقالت إن “موجة الإنتفاضات، التي اجتاحت المنطقة منذ عام 2011 أظهرت صورة جديدة لدور الشباب الذين ما عاد من الممكن التعامل معهم كجيل في الإنتظار”.
شارك في إعلان هذا التقرير في الجامعة الأميركية في بيروت مجموعات أكاديمية وبحثية وشبابية وإعلامية من الدول العربية مع غياب ملحوظ لطلاب الجامعة الأميركية.
في ما خص القسم الخاص في التقرير عن لبنان، تناول الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان فيليب لازاريني في كلمته واقع لبنان الذي يضم “1,1 مليون شاب بين 15 و24 عاماًن من بينهم فلسطينيون وسوريون”. واعتبر أن “غياب الإستقرار الاقتصادي والأمني له أثره على الشباب في لبنان”.
وتوقف عند نسبة البطالة التي تصل إلى 26 في المئة بين الشباب اللبنانيين بين 15 و24 عاماً، وقال: “لقد خرج جزء كبير من الشباب في وقت مبكر من فرص التوظيف أو حتى لم يدخلوا أصلاً في هذا المعترك. وهم يضعون الملامة على الأزمات في لبنان وواقع التوظيف وحال الفقر، وهي عوامل موجودة في لبنان”.
وربط الأزمة الحالية للبطالة في لبنان مع واقع اللاجئين السوريين، وتوقف عند الإحصاءات الأخيرة التي “أشارت إلى أن ثلث اللاجئين السوريين من 19 إلى 24 عاماً عادوا إلى ديارهم بعد تعرضهم للعنف من المجتمع وغياب فرص العمل”. وعلى رغم ذلك، أثنى على دينامية الشباب اللبناني في إطلاق المبادرات على صعد مختلفة”.
من جهته، أكد رئيس الفريق البحثي لإعداد التقرير الدكتور جاد شعبان لـ”النهار” أن “النقطة الأساسية المقلقة في لبنان هي أننا رصدنا أن 50 في المئة من المتخرجين الجامعيين يقررون الهجرة من لبنان طلباً للعمل في دول الخليج كخيار أول، يتبعها بلدان أوروبية كخيار ثان.
ولفت إلى أن هذه النسبة هي الأعلى لهجرة الجامعيين اللبنانيين في العالم العربي بسبب تردي الظروف الاقتصادية في لبنان. ولفت الى أن 80 في المئة من الشباب اللبناني أكدوا خلال إعداد التقرير أنهم “يؤمنون بأثر الدين في حياتهم، مع الإشارة إلى أنهم يتمسكون بشدة بمفهوم الإختلاط بين الجنسين ويحترمون حقوق المرأة”. لكنه أبدى قلقه من المؤشرات في التقرير عن الفوارق الاجتماعية المتعددة بين نمط عيش أبناء المدن في لبنان والقاطنين في الضواحي والأطراف. ولفت إلى أن هذا الواقع يرتب توتراً ملحوظاً على الفئات الاجتماعية وصعوبة إيجاد فرص عمل، وهذا ما يبرر واقع الهجرة غير الشرعية للبنانيين من ميناء طرابلس إلى وجهة حياة جديدة.
وشدد على أن حرية التعبير تترجم فعلياً في مواقع التواصل الاجتماعي بين الشباب، وقال: ليس لدى الشباب أي اهتمام بالعمل السياسي. وقد رصدنا أن نسبة الراغبين في الالتحاق بالأحزاب تراوح بين 10 و 15 في المئة فقط لا غير”.
ورداً على سؤال عن المنهجية المتبعة في رصد المؤشرات أو تنظيم المقابلات مع الشباب في البلدان المحافظة أو بعض البلدان التي تعاني النزاعات، قال: “نحن اعتمدنا عيّنة من ألف شاب وشابة من كل بلد، مع تشديدنا على اعتماد نتائج الدراسات الميدانية والإحصائية التي قام بها فريق عمل ميداني، لأنها
لا تخضع لرقابة مباشرة من الدولة”.
يذكر أن رئيس الجامعة الأميركية الدكتور فضلو خوري أثنى على دور التعليم في صقل مهارات الشباب، فيما أمل مبعوث الأمم المتحدة للشباب أحمد الهنداوي في متابعة التقرير لمصلحة الشباب.
وتناول النقاش، الذي أدارته الإعلامية ليليان داود بمهنية عالية، مضمون التقرير. وبدت لافتة إجابة منسق التقرير الدكتور عادل عبد اللطيف عن مقاربة الشباب لواقع التطرف والذي أكد فيه أن أكثر من 85 في المئة من الشابات والشبان المشاركين في إستطلاعات الرأي في التقرير يرفضون رفضاً باتاً الإرهاب، وقال: “ثمة 50 ألفاً من الشباب العربي منخرط في نزاعات طائفية وإرهابية”. واعتبر أنه يمكن التوجه إلى خيار التطرف عند الشباب الجامعي لأن التعليم لا يعني الإنفصال عن الثقافة الموجودة.
روزيت فاضل
النهار