كتب بسام أبو زيد في نداء الوطن
من 6 شباط 1984 وحتى 6 شباط 2006 مسيرة واحدة في عملية إسقاط الدولة وكل ما يتعلق بالشرعية وبالأخص ضرب الجيش اللبناني، تارة عسكرياً وتارة من خلال الحد من حركته والزعم أنه عاجز عن القيام بمهامه في الداخل وعند الحدود.
في 6 شباط 1984 وتحت ذريعة إسقاط اتفاق 17 أيار تعرضت وحدات الجيش اللبناني للهجوم في الضاحية الجنوبية و»بيروت الغربية» وتمّت السيطرة على مواقعها وآلياتها فاستشهد من استشهد وجرح من جرح ومن بقي كان تحت أمر واقع لا يستطيع التملص منه.
في 6 شباط 2006 وقّع العماد ميشال عون وهو قائد سابق للجيش كان يصف نفسه بحامي الشرعية وبندقيتها، تفاهماً مع «حزب الله» وهو من أكبر القوى المسلحة في المنطقة ويعمل خارج الشرعية اللبنانية ووفق أجندةٍ مرتبطةٍ بمشاريع سياسية وعسكرية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وقد أتى هذا «التفاهم» بمثابة استكمال «لانتفاضة 6 شباط 1984».
لقد أدى تفاهم 6 شباط 2006 إلى إجهاضٍ تامٍ لانتفاضة الاستقلال وحركة 14 آذار وأسقط إمكانية بناء دولة حرة، مستقلة تتمتع بالسيادة على كل أراضيها، كما كرس مبدأ التعطيل تحت شعاراتٍ واهيةٍ، وجعل من رئاسة الجمهورية رهينةً تستخدم الفراغ من أجل فرض مكاسب سياسية على حساب استقرار الوطن وازدهاره.
لقد أدّى هذا التفاهم إلى عزل لبنان عن المجتمع الدولي، وعن العالم العربي وفي مقدمها الدول الخليجية، ولم يتحرك الرئيس عون للحدّ من الأضرار، فاستمر لبنان منبراً للهجوم على هذه الدول ما اضطرها إلى نبذه.
هذا التفاهم عطّل بشكل خاص دور الجيش اللبناني، وتحت ذريعة أنّ الجيش عاجز لم يقارب العماد ميشال عون الاستراتيجية الدفاعية التي هي شكل من أشكال مقولته بتوحيد البندقية تحت سلطة الشرعية، ولم يسمح لهذا الجيش بأن يضبط فعلياً الحدود بين لبنان وسوريا فاستمر التهريب وهدر أموال اللبنانيين في خطوة اعتبرها البعض شكلاً من أشكال المقاومة.
في «التيار الوطني الحر» هناك من يعتبر أنّه لولا التفاهم مع «حزب الله» لما وصل العماد عون إلى رئاسة، ولكن أي رئاسة وأي جمهورية؟ وهناك من يعتبر أنّ هذا التفاهم أوصل إلى قانون إنتخابي يعطي المسيحيين نسبة كبيرة من التمثيل الذاتي. والسؤال أين هو هذا التمثيل اليوم؟ ولماذا الإشاعة أن «حزب الله» منح «التيار» خمسة نواب على الأقل؟
قد يكون أصدق ما قيل في هذا التفاهم هو ما قاله «التيار» في بيان له منذ سنتين في ذكرى 6 شباط 2006 وجاء فيه: «إن هذا التفاهم فشل في مشروع بناء الدولة وسيادة القانون»، فهل سينجح اليوم والخلاف بين المتفاهمين أصبح أعمق وأكبر؟