وقالت المصادر إن عدداً من قذائف الهاون ونحو عشر عبوات ناسفة استهدفت منازل في أحياء متفرقة من بغداد. وأشارت الى أن غالبية "الاعتداءات وقعت في حي الدورة (جنوب) وكمب سارة (وسط) والكرادة (وسط)" بغداد.
وكان مسلحون فجروا مساء الثلاثاء ثلاث منازل لمسيحيين في حي المنصور (غرب) من دون وقوع ضحايا.
وتأتي هذه الاعتداءات على المسيحيين بعد عشرة أيام من مجزرة تبناها تنظيم القاعدة استهدفت كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك وسط بغداد.
وقتل 46 مسيحياً بينهم كاهنان وسبعة من عناصر الأمن، في هجوم 31 تشرين الأول (اكتوبر) وهو أعنف الاعتداءات بحق المسيحيين في العراق.
وكان تنظيم القاعدة في العراق أعلن في الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) أن هجمات أخرى ستستهدف المسيحيين.
وقال رئيس كنيسة الروم الكاثوليك في العراق ايمانويل ديلي في حديث بالهاتف مع وكالة "رويترز": "ماذا نستطيع أن نفعل؟ إنهم يطاردون المسيحيين في كل حي من أحياء بغداد". أضاف أنه ليس هناك ما يمكن فعله لوقفهم سوى الصلاة للرب كي يوقفوا جرائمهم.
ووصل رائد وسام (42 عاماً) صباح أمس مع عشرات من المسيحيين من حي الدورة الى كاتدرائية سيدة النجاة للسريان الكاثوليك وسط بغداد للطلب من الأسقف مساعدتهم في الفرار بعد الاعتداءات الجديدة.
وقال وسام "تحاول زوجتي إقناعي بمغادرة البلاد منذ سنتين، فلم أوافق، لكنني اليوم مقتنع بأنها محقة، لا أريد أن أشعر بالذنب إذا حدث أمر سيئ لأحد أبنائي".
وعن الاعتداء الأخير قال: "كنت نائماً فاستيقظت على صوت انفجار قوي جداً قرابة الساعة السادسة صباحاً صعدت الى السطح لكي أرى ماذا يحدث، ثم سمعت ثلاثة انفجارات أخرى استهدفت منازل مسيحيين". أضاف: "أطفالي الاثنان كانا يصرخان فنقلتهما زوجتي الى إحدى الزوايا البعيدة عن النوافذ المحطمة لحمايتهما، وسمعنا أصوات انفجارات أخرى، فقررت الذهاب الى كنيسة سيدة النجاة".
وتابع بهلع "لا نعرف ماذا يمكن أن يحدث لنا نحن خائفون، لا يمكننا أن نفكر في العودة الى المنزل حالياً، حاولت إرغام نفسي على البقاء فالعراق بلدنا لكنني اكتفيت".
وأوضح وسام "جئت برفقة عائلتي وعائلة أخي، حوالى عشرة أشخاص(…) غادرت نحو ثماني عائلات منازلها الى أماكن أخرى نحن جئنا الى الكنيسة لأنه ليس لدينا مكان آخر".
وقالت أم هيلين (40 عاماً) بصوت مرتجف "كنت نائمة، وأصبت بالصدمة جراء انفجار قوي قربنا في كمب سارة كانت السابعة صباحاً، شاهد زوجي من خلال النوافذ المكسورة سيارة ابن خالي الذي استشهد في الهجوم على كنيسة سيدة النجاة متوقفة أمام منزله المجاور". وأضافت "كانت القنبلة في السيارة وحاول أحد الجيران إخماد الحريق فانفجرت قنبلة أخرى كانت في شجرة قرب المنزل، فاستشهد الجار وهو مسلم".
وتابعت "لم يصيبنا أي أذى لكن بعض العائلات الأخرى أصيب أفرادها. طلبت من أقاربي البقاء في منزلي واتصلنا بالكنيسة فطلبوا منا التوجه اليهم، لكننا لم نفعل فمغادرة المنزل يوماً أو يومين ليس حلاً".
وختمت قائلة إن "هذا الهجوم المباشر يجعلني أفكر بالمغادرة، البقاء هنا ليس فقط خطيراً علينا إنما خطر على المسلمين أيضاً(…) لا نريد مغادرة بلدنا لكنهم يرغموننا على ذلك".
ويقول ايمانويل كريم، جار أم هيلين: "كنت أستعد للتوجه الى العمل فسمعت انفجاراً قوياً كان قريباً جداً فصعدت الى السطح لأنني كنت خائفا". وأضاف "تركنا المنزل وذهبنا الى الكنيسة، هذا يجبرنا على مغادرة البلاد الى الأبد لا نشعر بالأمان، وليس هناك من يحمينا، والحكومة ليست جيدة لتضمن أمننا(…) من الأفضل لنا أن نغادر".
الى ذلك، أدى سقوط خمس صواريخ في المنطقة الخضراء شديدة التحصين وسط العاصمة العراقية، بغداد، ظهر أمس، وفي محيطها الى وقوع إصابات بشرية وأضرار مادية لم يعرف حجمها على وجه التحديد.
وأفاد شهود عيان بأن اثنين من هذه الصواريخ سقطا على عمارة سكنية في منطقة الصالحية القريبة من المنطقة الخضراء وأوقعا عدداً من الإصابات.
وقال مصدر أمني، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن خمسة صورايخ سقطت "على المنطقة الخضراء ومحيطها من دون أن يتسنى على الفور معرفة حجم الخسائر والأضرار". وأضاف المصدر أن سيارات الإسعاف والدفاع المدني هرعت الى مكان الحادث الذي، "شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد منه بينما طوقت قوات الأمن المنطقة ومنعت المدنيين من الاقتراب منها".
أمنياً أيضاً، قتل إمام أحد المساجد في شرق الفلوجة، ثاني أكبر مدن محافظة الأنبار غرب بغداد، في هجوم شنه مسلحون مجهولون أمس.
وقال مصدر أمني محلي إن مسلحين مجهولين فتحوا النار فجر أمس "على إمام وخطيب جامع البودلف الشيخ محمود عباس في ناحية الكرمة (15 كيلومتراً شرق الفلوجة) بعد خروجه من المسجد اثر صلاة الفجر، ما أسفر عن مقتله في الحال بينما لاذ المهاجمون بالفرار". وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "قوات الشرطة سارعت الى إغلاق منطقة الحادث وباشرت تحقيقاتها حول ملابساته بينما تم نقل جثة الضحية الى الطب العدلي".