من يعرف القديسة تريز الطفل يسوع يفهم لمَ احتلّت هذه الشابة الفرنسية قلوب كل البابوات تقريبًا الذين عرفوها وتأمّلوا في سيرة حياتها وآخرهم البابا فرنسيس الذي أعلن في مقالات سابقة مدى تأثّره بهذه القديسة العظيمة. وقد قال البابا لباري ماتش “بأنّ القداسة تكمن في أن نستطيع أن نتحدّث عن نعمة الله وكيف أنّه يهتمّ بنا ويمسك بيدنا حتى نصعد جبل الحياة إن استسلمنا كليًا لعنايته وتركناه “يحملنا”. لقد فهمت القديسة تريز الصغيرة في أثناء عيشها على هذه الأرض ما هو الحب، الحب المصالح ليسوع الذي يحرّك أعضاء كنيسته. وأضاف البابا: “هذا ما علّمتني إياه القديسة تريز من ليزيو. وأحبّ أيضًا عباراتها “التي لا تبيّن عن الفضول والثرثرة”. بالنسبة إليها، استسلمت كليًا للرب وتركته يمسك بيدها وكم من المرات أودّ لو أتركه يمسك بيدي عندما أوجه مشكلة ما”.
إنّ البابا فرنسيس شأنه شأن أسلافه أمثال البابا بندكتس السادس عشر والقديس البابا يوحنا بولس الثاني وحتى القديس بيوس العاشر قد تأثّروا كثيرًا بروحانية القديسة الصغيرة. وبالطبع نذكر البابا بيوس الحادي عشر والبابا بندكتس الخامس عشر الذي أشار إلى “الطفولة الروحية” التي كانت تعيشها القديسة تريز تلك الحالة الروحية التي لا تعرف سوى الاستسلام الكليّ للرب وتأبى أن تمتلىء من ذاتها.
وقد خصص البابا بندكتس السادس عشر تعليمًا خاصًا بالقديسة تريز الطفل يسوع وقد ذكر فيه: “تريز هي من بين صغار الإنجيل الذين يسمحون لله أن يقودهم في عمق سره. هي دليل للجميع، وخصوصًا لأولئك الذين يقومون بين شعب الله بخدمة اللاهوتيين. من خلال التواضع والمحبة، من خلال الإيمان والرجاء، تدخل تريز باستمرار في قلب الكتاب المقدس الذي يتضمن سر المسيح. وقراءة الكتاب المقدس هذه، التي تتغذى من علم الحب، لا تتناقض مع العلم الأكاديمي. إن معرفة القديسين التي تتحدث عنها في الصفحة الأخيرة من “قصة نفس”، هي العلم الأسمى: “كل القديسين فهموا ذلك وبشكل خاص أولئك الذين يملأون العالم بإشعاع التعليم الإنجيلي. ألم يكن من الصلاة أن القديس بولس، أغسطينوس، يوحنا الصليب، توما الأكويني، فرنسيس، عبد الأحد، والكثير من أصدقاء الله، قد تعلموا وحازوا هذا العلم الإلهي الذي يجذب كبار العباقرة؟” (Ms C, 36r).
زينيت