النقيبين محمد البعلبكي وملحم كرم جريدة النهار 03-05-07
بمناسبة ذكرى شهداء الصحافة يوم السادس من ايار، تحتم ان الايام التي يمر بها لبنان قاسية على الجميع، وخصوصا على الصحافيين، الذين يجب ان يسهموا في معركة الوفاق والعودة الى الذات اللبنانية بارساء حرية التعبير والفكر والديموقراطية على اسلم القواعد واقدسها
لمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في الثالث من ايار وذكرى شهداء الصحافة الذي يحل يوم السادس من ايار، بقرار اتخذته نقابتا الحصافة والمحررين واقترحتاه على اتحاد الصحافيين العرب، فتبناه بالاجماع، اعزازا لشهداء لبنان، لعلنا هذا العام، اكثر منا في كل عام، بعد استمرار العدوان الاسرائيلي على لبنان وفلسطين، والاحتلال الاميركي للعراق، نفهم معنى الشهادة ومعنى ارتباطها بالحرية. فالشهادة في السادس من ايار 1916 انما كانت شهادة للحرية كمثل ما كانت شهادة لرسوخ الوحدة الوطنية، اذ تجبه كلتاهما عسف سلطان جائر الشهادة للحرية، والشهادة من اجل الحرية، كلتاهما خصلتان، من نخبة مكرمات، ذلك ان الحرية بلا مدى. فالانتماء حرية والمجاهرة حرية، غير ان الانتماء الايماني يكون بلا جميل من احد. اما المجاهرة به، واما ممارسته فأمانة في ذمة المجتمع: مواطنين، ومؤسسات، وسلطات حكم.
وفي هذا اليوم الاغر، اذ ننقل الى صحافيي لبنان واللبنانيين تحية اخوانهم الصحافيين العرب، نعلن توقنا المستمر الى مجتمع حر، وخصوصا في معارك الحريات". فالحرية كما الشهادة، لا يجوز ان تكونا نزاعا عندنا، بل كيانا نعرفه جميعا، ونعترف به جميعنا، ونتعامل معه برعاية قانونية واضحة وبحسن نية يزيد في نقائه. هكذا نفهم يوم السادس من ايار. وبهذا المعنى نريده والا، كان يوما في التقويم، ومناسبة تغشاها المجاملة.
ويوم شهدائنا، شهداء الوطن وشهداء الصحافة – والشهادة واحدة والرسالة واحدة، والايمان واحد – نريده يوم الكبر. لان الشهادة كبر هي. بل هي قمة البذل في تراتب الافعال الكبار. لذلك تترسخ معاني الذكرى وتتعمق كل يوم، تسقيها وتزكيها الشهادات التي لم تبخل المهنة بتقديمها فداء للحرية والاباء والطهر المهني. وان اشراقة العام السادس والعشرين لهذه الذكرى التي اردناها، سواء في نقابتي الصحافة والمحررين او في اتحاد الصحافيين العرب، نعتبر انتصارا لنا ان يخصص رسميا نهار للصحافة في ايار، بقرار من الامم المتحدة، للتضامن مع الصحافيين وحرياتهم، وان يكون يوم تأمل لا يوم راحة، ونؤكد ان الترف نافل بل ساقط من مفاهيم المهنة وحساباتها واستحقاقاتها الملحاح التي لا تعرف لحظة هدنة او ثانية هدوء وهي الجهد الدائب والمستمر. ان الصحافة اللبنانية ومعها الصحافة العربية، تعيشان في يوم شهداء الكلمة، قدسية معاني وحرارة الدماء الزكية التي سقى بها شهداؤنا ارضنا المقدسة، فأنبتت مزيدا من النضال ومن الحرية ومن العناد بالحق، هذا الحق الذي يظل ناصعا كثلج لبنان، مشرقا كبدره، لا يبتلعه الكسوف، وان غشيه بعض الوقت، وهي تعتبر هذا اليوم يوم تقويم كل ما قدمه رجال الصحافة من قرابين كان رموزها شهداء كبارا تتعاظم قيمتهم على مر الزمن. وفي هذا اليوم نذكر باعجاب واعزاز شهداءنا الابرار: سعيد فاضل عقل، الشيخ احمد حسن طبارة، عبد لغني العريسي، جرجي حداد، واخوانهم شهداء السادس من ايار: الشيخين فيليب وفريد الخازن والشقيقين توفيق وانطوان زريق، ومحمد المحمصاني، وعبد الكريم الخليل وعمر حمد وبترو باولي، والشهداء: نسيب المتني وغندور كرم وفؤاد حداد وكامل مروة وادوار صعب وسليم اللوزي ووسيم تقي الدين ومسعود يعقوب الحويك ومحمد حوماني وايليا ابو الروس وتوفيق غزاوي وبهيج متني وعاصم بدر الدين وحسين مروة وسهيل طويلة وجورج سمرجيان وحنا مقبل وريمون قواص وتوفيق يوسف عواد وخليل الدهني ونصرت توفيق خريش واحمد حيدر وبهجت دكروب وعدنان عبد الساتر وطلال رحمة ونايف شبلاق والياس شلالا ونجيب عزام وسعيد فخر الدين وفابيان توما ونعمت السباعي وجوزف زينون وموسى محفوظ ويحيى الحزوري وانطوان ملاخية حرب وسيدة نعيم الخوري وبلال ضاهر وحسن فخر وحسن السيد علي بزون. كما نذكر جبران تويني، جورج حاوي، سمير قصير ناهيك بالذين اعتدي عليهم وظلوا سالمين الزميل مروان حماده والاعلامية مي شدياق كما تحضرنا، بخشوع عظيم صورة الشهيد النقيب رياض طه احد الكبار في قائمة الشهداء الابرار. وهكذا اصبح عدد شهداء الصحافة 645 شهيدا كما ابلغنا الزميل صلاح الدين حافظ الامين العام لاتحاد الصحافيين العرب.ان الايام التاريخية التي يمر بها لبنان تحتم على الجميع، وخصوصا على الصحافيين ان يسهموا في معركة العودة الى الذات اللبنانية، بارساء حرية التعبير والفكر والديموقراطية على اسلم القواعد واقدسها، وبذلك يوفرون جزءا، ولو بسيطا ومتواضعا، من الثمن الغالي الذي اداه ابناء لبنان وصحافيوه الشهداء من اجل مستقبل باسم لشعبهم وكرامة عزيزة لوطنهم. وايدينا بأيدي كل الاعلاميين في هذا العالم، الذي اسقط تعاظم وتطور المهنة حدوده ومسافته، وضيق رقعته، فصار عالما واحدا متصلا، له هوية واحدة: الحرية والديموقراطية. ولنردد بأجمعنا شعار الاحتفال الدولي بيوم حرية الصحافة: "لا حرية لأحد من دون حرية الصحافة". فلأن للكلمة سلطة، فان السلطة الغاشمة تناوئها وتخاصمها، وتتصدى لها بالقمع والقتل ومحاولة الرشوة وبالرقابة القاسية التي لا تزال تمارسها 20 دولة بعدما كان عددها 29 دولة في العام الماضي. وقد كان عدد شهداء الصحافة في العالم عام 1995 اثنين وسبعين صحافيا، فأصبحوا حتى اليوم ستماية وخمسة واربعين شهيدا. ونحيي هنا الشهداء الزملاء صحافيي فلسطين والعراق والدول العربية والجزائر وعددا كبيرا من الصحافيين العالميين، وندين بكل شدة القمع الاسرائيلي المجرم ومنع الاعلاميين من القيام بواجباتهم حتى لا يكشفوا الجرائم الصهيونية الدنيئة التي ارتكبتها حكومة ارييل شارون التي قطعت الجسور بينها وبين الحضارة والانسانية في تصديها للشعب الفلسطيني المناضل وانتفاضته الباسلة. وختاما نطالب باطلاق كل الصحافيين السجناء في العالم والاسرى اللبنانيين والعرب في السجون الاسرائيلية. عاشت الكلمة، عاشت الحرية، وعاش لبنان