الا أن آثار الزلزال الهائل الذي يعد واحداً من اقوى عشرة زلازل سجلت خلال القرن الماضي، انتشرت الى مناطق اوسع.
فقد ضربت أمواج بارتفاع مترين سواحل تشيلي فجرفت المراكب الى داخل المدينة قرب كونسبسيون. وأدى "تسونامي" الى مقتل خمسة اشخاص على الاقل وفقدان 11 آخرين في جزر روبنسون كروزويه النائية، قبل ان تمتد عبر المحيط الهادئ الى هاواي وبولينيزيا وغيرهما.
وأمرت السلطات مئات الآلاف من السكان في اليابان ونيوزيلندا والفيليبين وجزيرة كامتشاتكا الروسية بإخلاء منازلهم، وأعلنت حال التأهب في نحو 50 بلداً ومنطقة على طول السواحل من نيوزيلندا الى اليابان بعد زلزال تشيلي، بعد خمس سنوات من "التسونامي" المدمر الذي سجل في المحيط الهندي وادى الى مقتل اكثر من 220 الف شخص.
وطلبت سلطات اليابان من اكثر من 320 الف شخص مغادرة الساحل الشرقي، بعدما ارتفعت الامواج نحو 1,2 متر وضربت خصوصاً جزيرة هوكايدو، واغرقت المياه ميناء نيمورو.
ووجه رئيس الوزراء الياباني يوكيو هاتوياما نداء الى الشعب، جاء فيه: "الرجاء ألا تقتربوا من أي من الشواطئ… اللامبالاة قد تكون العدو الاكبر. مع أن الامواج لم تكن بهذه الضخامة في الماضي، فقد حصلت اضرار كبيرة من جراء موجة مد ارتفاعها متران".
ولكن عند وصول الامواج الى روسيا واوستراليا، كانت قوتها قد خفت. ثم الغت السلطات الاميركية التحذير من حصول "تسونامي" في كل الدول الواقعة على المحيط الهادئ.
وأفاد مركز التحذير من "تسونامي" على المحيط الهادئ في بيان انه لا يتوقع "تأثيرات مدمرة للتسونامي في المناطق الساحلية التي لم تتأثر بالمد حتى الان". ولم تلحق اضرار كبيرة بهاواي السبت عندما ضربت موجة مد الشاطئ إذ كان المسؤولون قد طلبوا من السكان البقاء بعيدين من المناطق الساحلية، فأخليت المنتجعات السياحية والمنازل وأقفلت المحال، بعدما هرع السكان الى السوبرماركت ومحطات الوقود لتخزين المؤن. ولكن بحلول بعد ظهر السبت، عادت الحياة الى طبيعتها.
وفي مدينة كونسبسيون بوسط تشيلي، اعلنت رئيسة بلدية المدينة جاكلين فيان ريسلبرغي أن ما لا يقل عن مئة شخص كانوا عالقين أمس داخل مبنى من 14 طبقة انهار بسبب الزلزال الذي ضرب تشيلي السبت.
وفي المدينة عينها، بث تلفزيون محلي ان المتاجر نهبت. وبث التلفزيون صوراً لاشخاص يحملون صناديق من الطعام وغسالات وتلفزيونات بلازما من متاجر في مدينة كونسبسيون، قبل أن تتدخل الشرطة.
وقالت امرأة لمراسل التلفزيون: "يجب ان نحصل على شيء نأكله". وانتشرت الشرطة لمنع المئات من نهب مخزنين في المدينة.
وفي الجنوب، وتحديداً في ميناء تلكاهوانو قرب كونسبسيون، اكدت السلطات حصول "تسونامي" دفع المراكب حتى وسط المدينة حيث اصطفت الى جانب سيارات مهجورة.
وفي ميناء ديكاتو المجاور حملت الامواج قاربا صغيراً مسافة 400 متر من الساحل.
وبعد جولة على أكثر الاماكن تضرراً في البلاد السبت، قالت باشليه في كلمة الى الشعب انها تجد صعوبة في وصف حجم الكارثة. وأضافت أن "قوة الطبيعة ضربت بلادنا مرة أخرى"، معلنة ستاً من المناطق الـ15 لتشيلي "مناطق كوارث".
ودمرت طرق سريعة وجسور وانهارت مبان نتيجة الزلزال الذي سجل السبت قبل الفجر.
وقال وزير الداخلية ادموندو بيريز يوما: "هذه كارثة كبيرة ولذلك سيكون من الصعب اعطاء ارقام دقيقة". وقدر مسؤولون عدد المنازل التي تضررت او دمرت بنحو 1,5 مليون. وفي سانتياغو على مسافة نحو 325 كيلومتراً شمال غرب مركز الزلزال، كان بعض الناس لا يزالون في النوادي الليلية والحانات عندما حصل الزلزال بعد الساعة الثالثة، فجراً بالتوقيت المحلي، واغرق البلاد في شبه ظلام مع انقطاع التيار الكهربائي والاتصالات وانهيار السقوف. وأقفل مطار سانتياغو.
وقال سيباستيان (22 سنة) وهو يقف امام منزله في شرق سانتياغو: "لقد كانت هذه اسوأ تجربة في حياتي".
وظلت شبكة الانترنت المنفذ الوحيد للعديد من الاشخاص الذين لم يغرقوا في الظلام، وانتشرت اخبار الزلزال وصوره عبر موقعي "تويتر" و"فايسبوك".
وفي كوريكو التي تعد مئة الف نسمة والواقعة على مسافة 250 كيلومتراً شمال مركز الزلزال، دمر نحو 90 في المئة من المدينة التاريخية.
وعرض الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة وعدد من الدول المساعدة على تشيلي التي تلقت كذلك تاكيدات للدعم من كبرى المؤسسات المالية العالمية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وقال الرئيس الاميركي باراك اوباما ان "المؤشرات الاولية تشير الى ان مئات الاشخاص قضوا في تشيلي كما ان الاضرار جسيمة. ونيابة عن الشعب الاميركي، أبعث ميشيل وأنا بتعازينا الحارة الى الشعب التشيلياني".
الا ان وزير خارجية تشيلي ماريانو فرنانديز طلب من الدول التي عرضت المساعدة، الانتظار الى أن تجري السلطات تقويماً للحاجات الضرورية. وقال ان تشيلي لا تريد "ان تشتت المساعدات من أي مكان الانتباه" عن اعمال الاغاثة من الكارثة، وأن "اية مساعدات تصل من غير ان تكون ضرورية لن تساعد كثيراً".
وخلافاً لهايتي التي دمرها زلزال تبلغ قوته 7 درجات في 12 كانون الثاني وقتل فيه 217 الف شخص، تعد تشيلي واحدة من اغنى دول اميركا اللاتينية.
ورجحت شركة "اكيكات" الاميركية لتقويم المخاطر ان تبلغ القيمة الاجمالية للاضرار الاقتصادية ما بين 15 ملياراً و30 مليار دولار. ويشكل هذا ما بين 10 و15 في المئة من الناتج الاجمالي المحلي في تشيلي.
وأدى الزلزال الى أكثر من 60 هزة ارتدادية راوحت قوتها بين 4,9 و6,9 درجات.
وتقع تشيلي في واحدة من انشط المناطق الزلزالية في العالم، على نقطة التقاء طبقتين تكتونيتين كبريين. وسجل اقوى زلزال في تاريخ البلاد بلغت قوته 9,5 درجات في 22 ايار 1960.
• في الفاتيكان، أكد البابا بينيديكتوس الـ16 ان تضامن المنظمات الكاثوليكية مع ضحايا زلزال تشيلي "لن ينقطع".
وقال عقب صلاة التبشير في ساحة بازيليك القديس بطرس في روما: "انا متأكد من ان تضامن الكثيرين لن ينقطع، وخصوصاً منظمات الكنيسة… افكاري تتجه الى تشيلي وسكانها الذين ضربهم زلزال فخلف العديد من القتلى والاضرار الجسيمة. أصلي للضحايا وأقف في تأملاتي الى جانب الذين يعانون كارثة بهذا الحجم، واتوسل الى الله أن ينقذهم ويمنحهم الشجاعة لمواجهة المحنة".