واشار التقرير الى "حدثين مأسويين سيبقيان محفورين في ذاكرة العام" "الاول أكبر مجزرة ارتكبت في حق صحافيين وسقط ضحيتها 30 صحافياً في يوم واحد على يد ميليشيا تابعة لحاكم في جنوب الفيليبين؛ والآخر موجة اعتقالات وإدانات لا مثيل لها طالت صحافيين ومدوّنين في إيران إثر إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد المثيرة للجدل". وذكرت "مراسلون بلا حدود" ان حوالى 160 صحافياً سلكوا طريق المنفى في ظروف محفوفة بالمخاطر في بعض الأحيان. وبينهم مصوّرون إيرانيون اجتازوا الحدود إلى تركيا هرباً من الاعتقال ومراسلون إذاعيون صوماليون هربوا إلى الدول المجاورة لتفادي الموت المحتوم.
وأضاف التقرير: "بعد مرور ثلاثة أعوام على تبنّي القرار 1738 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول حماية الصحافيين في مناطق النزاع، يبدو أن الحكومات لا تزال عاجزة عن ضمان سلامة الإعلاميين المحترفين. وازدادت الاعتداءات والتهديدات التي تعدّ أشكالاً أخرى من أعمال العنف من 929 حالة عام 2008 إلى 1456 حالة عام 2009. كما ازداد عدد وسائل الإعلام الخاضعة للرقابة بشكل خطر يمنع نحو 570 صحيفة وإذاعة وقناة من بث معلومات أو إجبارها على الإقفال. وقد شمل هذا الوضع ماليزيا وإيران وجمهورية الكونغو الديموقراطية ورواندا. واحتلت منطقة الشرق الاوسط الصدارة بتسجيل انظمتها اكبر عدد من حالات احتجاز الصحافيين والاعلاميين.
واذا كانت الحروب قاتلة للصحافيين الا ان المفارقة ان الانتخابات اصبحت تشكل ايضاً تهديداً لحياة الاعلاميين نتيجة الاستهداف المتزايد للصحافيين مما يودي بهم إلى السجن أو المستشفى في الدول التي تفتقد الديموقراطية. وقدمت المنظمة نموذجين كان ابرزهم الصحافيون الثلاثون الذين اغتيلوا في الفيليبين اثناء تغطيتهم اعلان مرشح تقديم ترشيحه للانتخابات. وإلانتخابات الرئاسية الايرانية التي ادت حسب التقرير إلى موجة طاحنة من القمع مورست ضد القطاع الإعلامي. واضافت: "أثبتت احداث العام الفائت أن الانتخابات التعددية التي ترمز في الأساس إلى الديمقراطية وحرية التعبير قد تستحيل كابوساً يطارد الصحافيين. ففي فترة الانتخابات (…)". واعتبر التقرير ان سلطات الدول القمعية تلجأ الى التخلص من تعددية الافكار والحريات الاعلامية بدفع الصحافيين إلى الرحيل عن بلادهم.
ورأت المنظمة: "أن المشاكل الأكثر جدية للصحافيين تبرز لدى إعلان النتائج، نظير ما جرى في ايران فقد باشر مناصرو محمود أحمدي نجاد الذين طفح كيلهم من حركة معارضة تحظى بتغطية واسعة على الإنترنت وفي الصحافة الإصلاحية حملة قمع شديدة وقع ضحيتها مئات الصحافيين والمدوّنين المتهمين بالتجسس لمصلحة الخارج أو بالإخلال بالأمن". وفي خلاصة هذا الفصل اعتبرت المنظمة ان ما يجري "لا يبشّر بأي خير لعام 2010 الذي ستجري في بحره انتخابات محورية في ساحل العاج، وسري لانكا، وبورما، والعراق، والأراضي الفلسطينية".
وسجل "مراسلون بلا حدود" وفاة مدوّن على الانترنت في السجن وتوقيف 151 اخرين والاعتداء على 61 مدوّناً اضافة الى فرض الرقابة في ما لا يقل عن 60 دولة. وللمرة الأولى منذ ظهور الإنترنت، احصي حوالى 120 حالة سجن لمدوّنين ومخالفين إلكترونيين ومتصفّحين في العالم لتعبيرهم على الشبكة الأكثر عن آرائهم. خصوصاً ان الإنترنت اصبح محرّك المعارضة الديمقراطية في إيران والصين وغيرهما من الدول. ولهذا السبب بالتحديد، تميل الحكومات السلطوية إلى معاقبة متصفّحي الإنترنت بشدة.
واذ اعتبر التقرير أن الصين لا تزال من أبرز فارضي الرقابة على الإنترنت، إلا أن إيران وتونس وتايلند والمملكة العربية السعودية وفييتنام وأوزبكستان تلجأ أيضاً إلى حجب المواقع والمدوّنات ومراقبة التعبير الإلكتروني (…). واتهم التقرير الدول الديموقراطية ايضاً بفرض تدابير رقابية جديدة على الانترنت ومنها اوستراليا وتركيا وغيرها بذرائع مختلفة.
وفي شان الشرق الاوسط قالت المنظمة ان السجن والعنف الردّان الوحيدان اللذان تواجه السلطات بهما المحترفين الإعلاميين حيث يقع اعتداء أو اعتقال على الأقل يومياً. في العراق على سبيل المثال، تم الاعتداء على أكثر من 60 صحافياً أو اعتقالهم في العام 2009. وفي الأراضي الفلسطينية، قامت كل من حركتي حماس في غزة وفتح في الضفة الغربية باحتجاز أكثر من 50 صحافياً. واضافت انه: "عندما يتخلّف النافذون عن توقيف الصحافيين، يقومون بالتنكيل بهم بوابل من الشكاوى التي يرفعونها ضدهم أمام المحاكم (…)".
وخلص التقرير الى ان من شأن هذا المؤشر الجديد أن يجسّد الخوف المتربّص بقلوب الصحافيين في بعض الدول حيث يواجه هؤلاء عدة مكائد ويبقى مستقبلهم مشرّعاً على كل الاحتمالات. ينتظر كثيرون شهوراً وحتى أعواماً قبل أن يحظوا بالحماية والاستقرار.
بيار عطاالله – النهار