يذكر ان السينودوس الذي سيعقد في روما تحت عنوان "الحضور المسيحي شهادة وشراكة"، سيناقش أوضاع مسيحي دول منطقة الشرق الاوسط في ظل الازمات السياسية وعدم الاستقرار الامني والتروي الاقتصادي ويعالج ظاهرة الهجرة وتنامي عنف الحركات الاصولية وتفاقم الصراع العربي – الاسرائيلي وإنعدام فرص العمل، وسبل ترسيخ الوجود المسيحي الى جانب المسلمين في المنطقة، ووفق نظام السينودس تجمع التوصيات لاحقا في ارشاد رسولي يصدره البابا بنديكتوس السادس عشر ويسلمه الى بطاركة الكنائس الشرقية كوثيقة معدة للتطبيق.
عيد الصليب
وكان البطريرك صفير احتفل مساء امس بعيد ارتفاع الصليب بقداس ترأسه في كنيسة سيدة الصرح البطريركي الصيفي في الديمان، وعاونه فيه المطرانان شكر الله حرب وسمير مظلوم والمونسينيور فيكتور كيروز وخدمه المؤمنون المشاركون بالذبيحة الالهية.
العظة
بعد الانجيل المقدس، القى البطريرك صفير عظة بعنوان "ونؤثر هجر هذا الجسد لنقيم في جوار الرب" (2 قورنتس 5:8) تناول فيها معاني عيد الصليب المقدس، وقال:
"نحتفل اليوم بعيد الصليب المقدس ونكرم الصليب لان السيد المسيح مات عليه مصلوبا وافتدانا جميعا بموته عليه، فأصبح لموت المسيحي، بعد ان علق المسيح على الصليب، معنى خاص. ان بولس الرسول يقول: "الحياة لي هي المسيح، والموت ربح" ( فيليبي 21:1) وهو يقول ايضا: "اذا متنا معه، فسنقوم معه ( 2 تيم 2:11) وان ما هو جوهري وجديد بالنسبة الى موت المسيحي هو هذا: "بالعماد، يموت المسيحي مع المسيح، سريا، لكي يعيش حياة جديدة، واذا متنا بنعمة المسيح، فان موت الجسد يتمم هذا الموت مع المسيح" ويتمم اتحادنا بالمسيح بفعل افتدائه ايانا".
يقول القديس اغناطيوس الانطاكي: "خير لي ان اموت في المسيح يسوع، من ان املك على الارض كلها. واني اطلبه هو الذي مات من اجلنا.وأرغب فيه هو الذي قام من اجلنا.اني على وشك اعطاء الولادة.. دعوني اتلقى النور الصافي، عندما اكون قد وصلت الى هناك، اكون قد اصبحت رجلا".
بالموت يدعو الله الانسان اليه، وبالتالي فان المسيحي بامكانه ان يشتهي الموت على مثال القديس بولس: "اني ارغب في ان اذهب لاكون في المسيح. ( فيلبي 1:23) وهو باستطاعته ان يحول موته الى فعل طاعة ومحبة تجاه ابيه وعلى مثال المسيح" ( لو 23:49). لقد صلبت اهوائي الارضية.. ولدي ماء حي، ماء يتمتم ويقول في داخلي: هلم الى الاب" وكانت القديسة تريزيا الكبيرة تقول: "اود ارى الله، ولكي أراه، يجب ان اموت"، وكانت القديسة تريزيا الصغيرة تقول: "لا اموت، بل ادخل الحياة".
ورؤية المسيحي الموت لها تعبير مميز في طقس الكنيسة: على ما ورد لدى القديس بولس في رسالته الى اهل تسالونيكي: "ايها الرب، ان الحياة تغيرت بالنسبة الى شعبك المؤمن، ولكنها لم تنته. عندما يتمدد جسد حياتنا على الارض من جراء الموت، نبلغ المسكن الابدي في السماء".
ان الكنيسة تشجعنا لنستعد لساعة موتنا. في طلبة القديسين، مثلا، تحملنا على الصلاة بقولنا: "نجنا يا رب، من الموت الفجائي، ونطلب من العذراء مريم ان تتشفع بنا، في ساعة موتنا" بتلاوة السلام الملائكي. وان نسلم انفسنا للقديس يوسف، شفيع الميتة الصالحة".
لقد جاء في كتاب الاقتداء بالمسيح: "كل عمل تأتيه، وكل فكرة، يجب ان تكونا عمل وفكرة من ينتظر الموت، قبل ان ينتهي النهار. ويجب الا يخيفك الموت، اذا كان ضميرك مرتاحا.. وبعد، لماذا لا تتحرر من الخطيئة، بدلا من ان تهرب من الموت؟ واذا كنت غير اهل لمواجهة الموت اليوم، فلن تكون اهلا لمواجهته غدا.
المجد لك، ايها الرب، لاجل اخينا الموت الجسدي، الذي لا يمكن لبشر ان يجتنبه. ويل للذين يموتون في حال الخطيئة المميتة! ومباركون هم الذين يجدون انفسهم وفقا لارادتك المقدسة، فان الموت الثاني لا يؤذيهم".
يقول ترتليانونس: "ان الموت هو ما تدورعليه الحياة"، نؤمن بالله الذي هو خالق الجسد، نؤمن بالكلمة الذي صار جسدا لكي يفتدي الجسد، نؤمن بقيامة الجسد، نؤمن باكتمال الخلق وبافتداء الجسد".
بالموت تنفصل النفس عن الجسد، غير ان الله في القيامة يمنح جسدنا حياة غير قابلة للفساد، لانه يكون قد تبدل باتحاده بنفسنا. وكما ان المسيح قام وهو حي الى الابد، هكذا كل منا سيقوم في اليوم الاخير.
انا نؤمن بقيامة هذا الجسد الحق الذي نملكه الان، على ما جاء في مجمع ليون. ونزرع جسدا فاسدا في القبر لكنه يقوم جسدا غير فاسد، "جسدا روحيا" على ما يقول بولس الرسول ( راجع 1 كور 15:42-44 ).
وكنتيجة للخطيئة الاصلية على الانسان ان يعاني موت الجسد الذي كان الانسان معفيا منه، لو لم يخطا".
ان، يسوع ابن الله، تحمل بحريته الموت عنا بخضوعه التام الحر لارادة الله، ابيه. وبموته غلب الموت، وفتح هكذا امكانية الخلاص لكل الناس.
ونؤمن ان بعد الموت حياة ابدية، والمسيحي الذي يقرن موته بموت المسيح يرى في الموت خطوة نحو المسيح ودخولا في الحياة الابدية. وعندما تعيد الكنيسة كلام المسيح في اليوم الاخير، كلام الصفح والحلة التي يعطاها من ادنف على الموت، تختمه لاخر مرة بالمسحة المقوية، وتمنحه المسيح زادا أخيرا لسفرته، وهي تتكلم بثقة فتخاطبه قائلة: "اذهبي، ايتها النفس، من هذا العالم، باسم الله الاب القوي، الذي خلقك، باسم يسوع المسيح ابن الله الحي الذي تألم من اجلك، وباسم الروح القدس الذي فاض عليك. اذهب ايها المسيحي المؤمن".
باستطاعتك ان تحيا بسلام هذا اليوم، وليكن بيتك مع الله في صهيون، ولتكن مريم العذراء ام الله البتول مع يوسف، وجميع الملائكة والقديسين، فلترجع الى خالقك الذي كونك من تراب الارض، ولتأت مريم القديسة، والملائكة وجميع القديسين لملاقاتك عندما تغادر هذه الحياة، ولتشاهد فاديك وجها لوجه.
الدينونة الاخيرة
الموت يضع حدا للحياة البشرية، وهو الزمن الذي يمكن الانسان معه اما ان يقبل او يرفض النعمة الالهية التي ظهرت مع المسيح. ويتحدث العهد الجديد عن الدينونة اولا في اللقاء الاخير مع المسيح لدى مجيئه الثاني، انما ايضا يؤكد مجددا ان كلا سيلقى مكافأته حالا بعد الموت، وفق اعماله وايمانه. ان مثل الرجل الفقير لعازر وكلام المسيح على الصليب الى لص اليمين كما تحدثت نصوص العهد الجديد عن المصير الاخير كنصوص اخرى من العهد الجديد تحدثت عن مصير النفس الاخير – وهو مصير يختلف باختلاف الاشخاص.
كل رجل يتقبل جزاءه الاخير في نفسه الخالدة في ساعة موته، في دينونة خاصة التي تعيد حياته الى المسيح: اما الدخول في بركة السماء، من خلال التطهير، او حال الهلاك الفوري والابدي. وفي مساء الحياة سنحاكم على المحبة.
السماء
والذين يموتون في نعمة الله وصداقته وهم متطهرون كليا سيحيون الى الابد مع المسيح. فهم مثل الله الى الابد، "يرونه كما هو" وجها لوجه.
قال البابا بنديكتس الثاني عشر "بقوة السلطة الرسولية، انا نحدد ما يلي: وفق تدبير الله الشامل، ان نفوس جميع القديسين.. وغيرهم من المؤمنين الذين ماتوا بعد ان نالوا عماد المسيح المقدس، ( على ألا يكونوا في حاجة الى تطهير عندما يموتون، او اذا كانوا في حاجة او سيحتاجون الى تطهير بعد ان يكونوا قد تطهروا بعد الموت..)، فهم قبل ان يرتدوا اجسادهم مجددا، وقبل الدينونة الاخيرة، وذلك منذ صعود سيدنا ومخلصنا المسيح الى السماء – كانوا او سيكونون في السماء، في المملكة السماوية والملكوت السماوي مع المسيح، صحبة الملائكة القديسين. ومنذ الام سيدنا يسوع المسيح، رأت هذه النفوس او سترى الجوهر الالهي مع الرؤيا الفورية، وجها لوجه دون وساطة اية خليقة".
وهذه الحياة الكاملة مع الثالوث الاقدس – وهذه المشاركةالحياتية والمحبة مع الثالوث الأقدس، والعذراء مريم، والملائكة وكل المباركين، تدعى "السماء" السماء هي المرحلة الاخيرة واتمام رغبة الانسان العميقة، وحالة السعادة الاخيرة النهائية".
والحياة في السماء، هي ان "تكون مع المسيح" والمختارون يحيون في المسيح"، ولكنهم يحتفظون او بالاحرى يجدون هويتهم الحقيقية، اسمهم الخاص بهم. يقول القديس امبروسيوس: "الحياة هي ان تكون مع المسيح، وحيث المسيح هناك الحياة وهناك المملكة. امين .
عفلق
واستقبل البطريرك صفير، في الديمان، الرئيس السابق لبلدية بزعون القنصل ميشال عفلق، الذي قال: "ان الزيارة هي لوداع صاحب الغبطة قبيل انتهاء اصطيافه في الديمان، وقدمنا له التهاني بعيد الصليب، كما اثنينا على خطوة اللقاء بين غبطته ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، ونأمل ان تتوسع مثل هذه اللقاءات وتعمم لما فيه فائدة الجميع اللبنانيين وللمسيحيين بصورة خاصة .
تكريم الاعلاميين
من جهة ثانية، كرم النائب البطريركي العام على الجية المطران فرنسيس اليسري مندوبي وسائل الاعلام الذين شاركوا في تغطية نشاط البطريرك صفير الصيفي، وأقام على شرفهم مأدبة غداء تمنى لهم فيها أياما ملؤها الخير والسعادة، شاكرا لما قاموا به من جهود طيلة وجود البطريرك صفير في الديمان، آملا اللقاء في الصيف المقبل.
الوكالة الوطنية للإعلام
بدورهم شكر الاعلاميون للمطران بيسري لفتته، متمنين للبطريرك صفير "شتوية" مباركة، آملين اللقاء في الصيف المقبل وظروف لبنان واللبنانيين في حال أفضل مما هي عليه اليوم.