يدرك متخرجو جامعة البلمند أن طيّ صفحة الحياة الأكاديمية، وفتح صفحة جديدة من العمل والإنتاج وإثبات الذات وتحمل المسؤولية لن يكون بالأمر السهل… فهم متخرجو الزمن اللبناني الصعب، والمرحلة السياسية الحرجة، إلا أنهم منحوا أنفسهم مساحة من الفرح بتسلم شهاداتهم ورموا قبعات التخرج..
ففرح بهم الأهل الذين احتشدوا لتقرّ أعينهم بفلذات الأكباد الذين باتوا قاب قوسين أو أدنى من دخول سوق العمل.
عبرت الطالبة كارولين حديد عن فرحتها العامرة بالتخرج، ورأت أنها على عتبة ولوج مرحلة جديدة من عمرها. ولا تخفي خوفها من المستقبل في بلد مثل لبنان لا يتمتع بقدر كاف من الاستقرار، لكنها ترفض السفر وتشدد على ضرورة أن يلتزم الشباب اللبناني بوطنهم الذي يحتاج الى كل الكفاءات ليعاد بناؤه على أسس سليمة.
وترى الطالبة دوريس الخطيب ان يوم التخرج هو يوم للفرح، وغدا يوم آخر من الجهد وتحمل أعباء تلمس آفاق المستقبل، مشيرة الى ان الوضع اللبناني العام يقلص فرص العمل، لكن علينا أن نسعى وان نتمسك بأرضنا، لأن الكفاءات اللبنانية يجب أن تبقى في لبنان.
أما الطالبة غنى الكردي فقد اختارت ان تبدأ مسيرة العمل في جامعتها ضمن دائرة العلاقات العامة، كمقدمة نحو مزيد من التطور، وشددت زميلتها الطالبة روندا جهير على ضرورة أن تحصل على فرصة عمل تتلاءم وتطلعاتها وطموحاتها. ويتمسك الطالب جيمي سابا بالعمل في لبنان من أجل أهله كونه وحيدا ولا يريد أن «يتغرّب»، في حين يعتقد الطالب آدي معلوف أن لبنان يستأهل التضحية ولا مجال لمغادرته لأنه يحتاج الى كل أبنائه.
اتسم حفل التخرج بكثير من الانضباط والتنظيم، وقد تميز بمشاركة موسيقى قوى الأمن الداخلي، وبحضور ديني وسياسي تقدمه بطريرك إنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس إغناطيوس الرابع هزيم، ومفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعار، وعدد من مطارنة الكرسي الأنطاكي، إضافة الى نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، والعميد وليم مجلي ممثلا الرئيس عصام فارس، وزير الاعلام طارق متري، اللواء الطيار ميشال منسى ممثلا وزير الدفاع إلياس المر، والنواب: نقولا غصن، روبير فاضل، نضال طعمة، رياض رحال، خضر حبيب وفريد حبيب، وشخصيات سياسية واجتماعية وأكاديمية وحشد من الأهالي الذين ضاق بهم ملعب مجمع المتروبوليت فيليب صليبا.
مع انطلاق الحفل، دخل موكب المتخرجين والأساتذة، وبارك البطريرك هزيم الاحتفال بصلاة قصيرة متمنيا للمتخرجين التوفيق والتقدم.
وبعد ترحيب رئيس لجنة التخرج أسامة جدايل، وكلمة المتخرجين التي ألقتها الطالبة لما فارس ناصيف (من كلية إدارة الأعمال)، شددت فيها على «الوفاء للجامعة ولأجمل الأوطان».
ثم حمّل رئيس الجامعة الدكتور إيلي سالم المتخرجين مسؤولية الانخراط في مشروع قيامة لبنان وانتشاله من الحلقة المفرغة البائسة التي تتحكم فيه، محذرا إياهم من «مخاطر جاذبية العامة، والانجرار وراء القيم الشعبوية، ومن القيم الزائفة التي تباع وتشرى في الأسواق، ومن خطر الانزلاق الى القيم الفاسقة».
وقال: «بعد نيّف وثلاثة عقود من التقاتل والتناحر على اللاشيء، صرنا نتوق الى الاستقرار، وكأني بالآمال والأحلام كلها قد هبطت من عليائها واختصرت بكلمة استقرار».
وختم سالم: «في لبنان شوائب كثيرة، ولا نرى في الأفق جديدا يعالجها ويضع حدا لحالة الرتابة المتفشية، لذلك نرسلكم جنودا للعراك، لانتشال لبنان من دوامة التناحر والتنافس».
ثم جرى توزيع الشهادات على 843 متخرجا في اختصاصات: اللاهوت (متخرجان) الفنون الجميلة (200) الآداب والعلوم الإنسانية (97)، إدارة الأعمال (142)، العلوم (112)، الهندسة (175)، الصحة العامة وعلومها (61)، اختصاصات طبية (14)، العلوم الطبية (40).
غسان ريفي- جريدة السفير 23.07.2009