{mosimage}غليان تشهده نقابة الصحفيين هذه الأيام بسبب نتائج لجنة القيد التي أسفرت عن استبعاد 96 صحفي من جرائد حزبية ومستقلة، من الدخول الى النقابة.
ونتيجة لذلك القرار، بدأ صحفيو جريدتي البديل والدستور إضرابا عن الطعام، معتبرين ان استبعادهم جاء نتيجة لحسابات سياسية وتدخلات أمنية. خمسة من هؤلاء ادخلوا إلى المستشفى، بعد تدهور حالتهم الصحية.
أعلن 14 صحفيا من جريدتي "البديل" و"الدستور" وصحفية من "جريدة الغد" إضرابهم عن الطعام واعتصامهم بمقر نقابة الصحفيين، يوم الأحد الماضي 19 تشرين الأول أكتوبر في تمام العاشرة مساءا، وذلك احتجاجا على رفض لجنة القيد قبولهم، رغم كونهم يمارسون المهنة ورغم اكتمال أوراقهم.
وأكد الصحفيون إصرارهم على مواصلة الإضراب دفاعا عن حقوقهم المشروعة وإعادة إدراجهم بكشوف القيد.
ويوم الاثنين الماضي في تمام الخامسة مساءا، تظاهر نحو مائة صحفي أمام نقابة الصحفيين اعتراضا على استبعادهم من القيد، مرددين الهتافات التي تنتقد المعايير التي تحكم عمل لجنة القيد، والتي أدت إلى تأجيل قيد 96 صحفي، من مجمل 296 صحفي كانوا قد تقدموا بطلبات انضمام للنقابة.
ورجح المتظاهرون وجود تدخلات أمنية حالت دون قبول عدد من صحفيي الجريدتين المعارضتين، بعدما كانت لجنة القيد بنقابة الصحفيين المنعقدة في أغسطس الماضي قد وجهت للمتقدمين الجدد أسئلة حول انتماءاتهم التنظيمية وميولهم السياسية.
ومع احتقان الأزمة بين الصحفيين المضربين والمعتصمين بالنقابة ولجنة القيد ونقيب الصحفيين، نُقل خمسة من المضربين إلى مستشفى المنيرة بعد تدهور حالتهم الصحية، فيما لا يزال مجلس النقابة برئاسة مكرم محمد أحمد ولجنة القيد بعضوية علاء ثابت وعبد المحسن سلامة وجمال عبد الرحيم، يرفضون الاستجابة لمطالب الصحفيين أو حتى محاولة التوصل إلى حل للأزمة.
وانضم يوم الأربعاء 22 تشرين الاول إلى قائمة المضربين عن الطعام كل من " وائل السادات" و"أسماء الغنيمي" و"صلاح الناجى" و"حماده الكاشف"، احتجاجا منهم على استبعاد عدد من صحفيي جريدة" البديل" التي يعملون لديها.
النقابة أو الموت!
"محمد عبد الرؤوف"، الصحفي بالبديل والمضرب عن الطعام منذ الأحد الماضي، الراقد اليوم في مستشفى "المنيرة" بمنطقة المنيرة بالقاهرة، قال لمنصات " لن نقبل هذا التعسف الشديد والغير مبرر من قبل لجنة القيد. ثم ما هي المعايير التي على أساسها تم الاختيار؟
أنا عن نفسي احمل دبلوم دراسات عليا في النقد الأدبي بتقدير جيد جدا، وأرشيفي الصحفي ضخم ومكتمل.
ومنذ التحاقي بجريدة البديل قمت بـ 150 تحقيق صحفي على الأقل، بل أنني قمت خلال الشهر الذي انعقدت فيه لجنة القيد بسبق صحفي ثلاث مرات. فما المبرر وراء عدم دخولي إذن؟ كما انني اجبت جيدا على أسئلة اللجنة، لماذا استبعدوني؟"
وأضاف " لن أوقف إضرابي حتى لو كلفني ذلك حياتي. وسأستمر فيه حتى أحصل على حقي وحق زملائي كاملا، وحتى يتم تثبيت معايير ثابتة للقيد."
وواصل " هذه معركة لكل الصحفيين. الهدف ليس البديل والدستور فقط. نحن نسعى إلى وضع معايير ثابتة لنا وللأجيال القادمة من الصحفيين".
أما "عبده زكي" وهو أحد المضربين الراقدين في مستشفى المنيرة قال لمنصات" اذا كان يطلب من الصحفيين الذين يمثلون ضمير الأمة ان يقوموا بمثل هذه التنازلات، فما بالك بالمواطن العادي. ما حصل في لجنة القيد لا يمكن تسميته الا تهريجا . "
وأضاف "نحن نشعر بالظلم. فبعد 12 سنة من العمل في الصحافة، وقبلها أربعة أعوام في كلية الإعلام، يخبروني بأنني لا أصلح لأن أكون صحفيا!!
ثم أن الأسئلة التي تسألها اللجنة للصحفيين هي أسئلة صعبة ولا علاقة لها بخبرة الصحفي المهنية".
أما "خالد البلشي" رئيس تحرير جريدة البديل اليسارية اليومية المستقلة فقال لمنصات "سبق ووعدني النقيب بأنهم سيعتمدون القواعد المهنية. وقال إن كل صحيفة تنطبق عليها شروط القيد سيتم قبول صحفييها. لكنه عاد ليغلّب اعتبارات أخرى.
وقد طال الاستبعاد الصحف الخاصة والحزبية. أعضاء المجلس اعتبروا أنفسهم جهة تمنح رخصة للعمل وتجاهلوا الدور الأساسي للنقابة".
وأضاف معلقا على إضراب الصحفيين" لم يترك لنا السيد نقيب الصحفيين ومجلسه ولجنة قيده الموقرة خيارا آخر. كنا نريدها قضية نقابية ولكنهم أرادوها غير ذلك، وحولوها إلي قضية إعلامية. فليكن لهم ما أرادوا".
وفي تعليقه على اختبارات اللجنة قال البلشي " أسئلة لجنة القيد المهنية انتقلت من مرحلة استعراض المعلومات المشوهة إلي حالة من العبثية، ليسألوا المتقدمين عما هو كود الحرائق في مصر، ومن الأكبر مصطفي أمين أم علي أمين؟! وما هو قانون الإدارة المحلية؟
وامتدت الأسئلة لتطال كل المجالات، باعتبار أعضاء اللجنة من العالمين ببواطن الأمور. فهل هذه الأسئلة يجوز أن تكون معيارا لتقييم صحفي؟".
سماسرة القيد
وعند التوجه إلى " جمال فهمي" عضو مجلس نقابة الصحفيين لمعرفة رأيه في الأزمة قال "الأزمة في الواقع ناجمة عن سلوك مريب اتبعته لجنة القيد، كاختراعهم لقصة إجراء اختبارات وامتحانات غير قانونية. فلا يوجد في قانون النقابة شيء من هذا القبيل، وليس من حق النقابة إجراء اختبار للصحفي. عليها فقط أن تتحقق من أن الصحفي المتقدم يمارس المهنة بشكل محترف.
وفي هذا السياق عليها أن تنظر في أرشيفه الصحفي. لذلك أرى ان ما حدث هو فقط ذريعة لاستبعاد البعض على أسس غير موضوعية".
وحول مسألة استبعاد عدد كبير من الصحفيين قال فهمي" لو نظرنا الى مضمون الأسئلة التي وجهتها اللجنة للصحفيين المتقدمين في أغسطس الماضي، نرى أنها تتفاوت بين السطحية الشديدة والتعجيزية، وليس لها أي معنى أو صلة بمهنية الزملاء المتقدمين.
وفي المقابل قبلت اللجنة أقارب أعضائها، كما قبلت على سبيل المثال قريبا لرئيس مجلس الإدارة لمؤسسة صحفية كبرى نظرا لان ثلثي أعضاء اللجنة يعملون في هذه المؤسسة، وذلك على الرغم من ان هذا الشخص يعمل في مجال الإعلانات ولا يصلح لأن يكون صحفيا. مما يعني ظهور ظاهرة المحسوبية في النقابة لأول مرة في تاريخها". هذا فضلا عن ظاهرة خطيرة شهدتها اللجنة هذا العام يمكن تسميتها بـ"سماسرة القيد".
هؤلاء يقومون بمساومات دنيئة جدا حول نتائج القيد. وهذا يعد خرقا كبيرا لقانون واختبارات العدالة والنزاهة."
وعند سؤاله عن رأيه في إضراب الصحفيين قال " انا شخصيا متعاطف جدا مع الزملاء، مع أنني لم أكن أحبذ أن يبدؤوا فورا بالإضراب، لأنه سلاح قوي جدا.
لكنه من حقهم بالطبع الاحتجاج. وما قاموا به له ما يبرره".
وعلى عكس تصريحات جمال فهمي، كان لـ"مكرم محمد أحمد"، نقيب الصحفيين رأيا مغايرا.
فعندما طلبت منه جريدة «البديل» في تقرير نشرته في 21 تشرين الاول المنصرم، تعقيباً على تدهور صحة بعض الصحفيين، اجاب "طب وأنا أعمل إيه.. هو بالعافية.. دي ناس جابت تقدير ضعيف.. عاوزين يدخلوا بالعافية"؟
وأضاف أن الصحفيين الذين يبدؤون حياتهم بمثل هذه الطريقة الاعتراضية " فبئس هؤلاء الصحفيون".
واكمل قائلا أنه لا ينبغي التدخل في قرارات لجنة القيد، وعلى الصحفيين المستبعدين الالتفات إلى عملهم الصحفي، والاستعداد لاختبار لجنة القيد الذي سيعقد بعد شهرين.
وأضاف "أنا عمري ما شفت صحفيين بيعملوا كده. دي فوضى! هم فاكرين إني حدخلهم بعد الاضراب ده. ليضربوا 100 سنة، مش هيحصل إلا بالقانون".
منظمات المجتمع المدني إلى جانب الصحفيين
ولم يقف جمال فهمي وحده مع الصحفيين المضربين، اذ انتقدت منظمات المجتمع المدني قرار نقابة الصحفيين باستبعاد 80 صحفيا من القبول بلجنة القيد تحت التمرين.
في بيان صدر عن مركز هشام مبارك جاء ما يلي "إن النقابة ترفض أن تكون بيتا جامعا للصحفيين واستبعدت 80 صحفيا من طالبي القيد بجداول تحت التمرين بنسبة تقترب من 30% من المتقدمين للقيد.
وشمل القرار 56 صحفيا من صحف خاصة و28 صحفيا من صحف حزبية، ولم تتضمن قائمة المستبعدين أيا من المتقدمين من المؤسسات الصحفية الحكومية".
واعتبر المركز أن هذه النتيجة تدعم ما تردد مؤخرا عن وجود تدخل أمني لاستبعاد هؤلاء.
كما أعربت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان والجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية عن استيائها الشديد من تحكم الحسابات السياسية والمحسوبية في قواعد قبول وانضمام الصحفيين الجدد في عضوية نقابة الصحفيين، بديلا عن القانون واللائحة التي تنظم بوضوح قواعد وشروط العضوية في النقابة الوحيدة للصحفيين في مصر.
وقال بيان للشبكة العربية أن " الصحفيين المنتمين لصحف مستقلة مثل «الدستور» و «البديل» فضلا عن الصحف الحزبية مثل «الغد» يدفعون الآن ثمن مواقفهم الناقدة للحكومة عبر حرمان تسعة عشر صحفيا وصحفية من الصحف الثلاث من عضوية النقابة، في حين تم قبول الصحفيين الجدد بالصحف الحكومية جميعا".
كما وأصدرت مؤسسة الهلالي للحريات بياناً أدانت فيه قرار اللجنة باستبعاد 10 من صحفيي «البديل»، واعتبرت القرار مخالفاً لقانون إنشاء النقابة الذي يلزم بإعلام المتقدم عن رفض قيده وأسباب هذا الرفض. وهو ما لم يحدث.
سلمى الورداني- مصر- موقع منصات 23.10.2008