في 12 نيسان الماضي نظر اللبنانيون بإيجابية إلى الخطة التي أطلقها وزير الإتصالات شربل نحاس عن الـ broadband، والتحسينات أو الفوائد التي يمكن الافراد والمؤسسات ان يلمسوها على مستوى الإتصال
وسرعته وتطور تقنياته وفوائده. وللإحاطة بالفائدة التي يمكن للـ broadband ان تعود بها على مستوى المؤسسات والقطاعات التربوية والشبابية، التقى "نهار الشباب" مستشار وزير الاتصالات محمود حيدر.
استهل حيدر حديثه بلمحة عامة عن الـbroadband التي تعني "السرعة التي نملكها لدى الاتصال بالانترنت.
عندما كنا نعمل على Modem Dial Up، كانت السرعات منخفضة حتى ظهرت تكنولوجيا DSL التي مكّنت الناس من الوصول إلى سرعات أعلى، ومع انتشارها تبدلت النظرة الى الـ broadband، التي كنا نعني بها سابقاً الحزمة العريضة، أو السرعة العريضة والكبيرة، وكنا كلما تطلعنا الى الافضل وجدنا ان ما نملكه قليل فنفتش عن الأكثر. مفهوم الـ broadband تغيّر مع الوقت، وبات يعني ملكية نصف ميغا أو ميغا واحدة من السرعة، وهذا هو تعريفها العمومي". واستطرد موضحا "ان قمنا مثلا بدراسة انتشار خدمة الـ broadband في فرنسا، نقوم باحتساب من يملك نصف ميغا او ميغا واحدة وما فوق، واعتقد ان مفهوم الـ broadband قد يتغير في السنوات الخمس المقبلة، ليصبح معيارها للأشخاص الذين يملكون 100 ميغا، والـ broadband التي نعرفها يمكن ان تتحول slow band or small band".
وقياسا على الوضع اللبناني قال حيدر: "لدينا في لبنان خدمة الـDSL، وتصل إلى نحو 130 أو 150 ألف شخص من المستخدمين الذين يحصلون على سرعات ليست كبيرة مقارنة بالدول المتطورة. هذا على مستوى الإستخدام الفردي، لكن في الحقيقة عندما نفكر في الـbroadband نكون قد ذهبنا إلى التفكير في القطاعات المنتجة أي المصارف والمؤسسات والصحف ووسائل الإعلام والإدارات الرسمية ومراكز البحوث والجامعات… وهذه القطاعات تتطلب سرعات عالية وهي قليلة جدا في لبنان، ولا امكان لان يحصل عليها الجميع، فضلاً عن انها مكلفة جدا".
وبالسؤال عن سبب ندرتها وارتفاع كلفتها أجاب: "المشكلة الأولى هي اننا موصولون بالخارج، والوصلة ضيقة جدا. كما ان تحديث الشبكة الداخلية يعود الى التسعينات، اي الى فترة لم يكن يتوقع فيها لبنان والعالم هذا الطلب على الـ broadband".
عرض حيدر مضمون الخطة التي أطلقها نحاس، مشيرا إلى انها مكونة من شقين أساسيين "فهي أولا تعلن وصول الوصلة الدولية الكبيرة وهي عبارة عن كابل بحري إسمه India Middle East West Europe (IMWE) ولبنان شريك في هذا الكابل الذي يأتي من بومباي الهندية ويصل إلينا عبر البحر الأحمر، على ان يخرج منه ويعبر قناة السويس إلى مصر ليخرج من الإسكندرية إلى مرسيليا. وهناك جزء آخر من الكابل يخرج من طرابلس في اتجاه الإسكندرية. وهذا الخط سيضاعف قدرتنا على الإتصال بنحو 50 أو 60 أو 70 ضعفاً، وفي المستقبل يمكننا ان نكبّر مئات المرات". أضاف: "هذا الامر سيجعلنا قادرين على ان نعطي الناس سرعات أكبر. والنتيجة السريعة لذلك هي ان الناس ستلمس في منازلها سرعة أكبر للـDSL. ومع حصولنا على سعة أكبر سيصبح في إمكاننا ان نبحث في خفض الأسعار مستقبلاً مع تخصيص أسعار مشجعة للقطاع التربوي والتلامذة والطلاب… سنبدأ البحث في خفض حقيقي للأسعار، رغم توافر سعر حالي للطلاب لكنه لا يختلف كثيرا عن السعر العادي".
الأهم من ذلك، وفق حيدر، هو الشق الثاني من الخطة، إذ يرى ان "الحصول على السرعة وعلى هذه الطاقة الجديدة، سيجعلنا نكبّر بشكل مباشر الشبكة الداخلية من طريق ألياف بصرية تربط كل المناطق اللبنانية بعضها ببعض، وتربط خصوصاً المستخدمين الكبار لهذه التقنية كالإدارات الرسمية والجامعات والمصارف والمؤسسات الإعلامية… المشكلة الأساسية اننا كنا نملك شيئاً قليلاً يتقاتل عليه الجميع، لكن عندما يكثر تدفقه من الخارج ونوسع الشبكة الداخلية يصبح لدينا الكثير وتالياً يصبح في إمكاننا ان نعرض خدمة أفضل وان نخفّض الأسعار".
وتحدث حيدر عن الفائدة التي تعود بها الـ broadband على القطاع التربوي، مشيرا إلى ان "هناك انواعاً من التطبيقات والبرامج غير الممكنة على سرعة منخفضة، لكنها باتت ممكنة على سرعة عالية، كنقل البرامج والمواد التعليمية على الانترنت"، لافتاً إلى "وجود جامعات ومعاهد ومؤسسات عدة تعرض محاضرات وكتباً وشهادات على الانترنت، وحتى ينتسب الراغبون في نظام التدريس هذا، يجب ان يمتلكوا سرعات عالية. فلنتخيل تلامذة في مدرسة في شمال لبنان أو جنوبه يتحدثون عن صناعة السيارات في اليابان أو البن في البرازيل وان الشرح مرفق بمشاهدة فيديو عن الموضوع على الانترنت، فالامر سيساهم في توسيع آفاق التعليم وتبادل المعلومات بين المؤسسات التعليمية".
وفي جوابه عن سؤالنا الذي استوضح كيفية تأثير الـ broadband على الانتاجية في قطاع المعلوماتية قال: "أولا، لمجرد انه صار في إمكاننا ان نعمل ضمن هذه التقنية في لبنان، بات لدينا مجال لتوفير مئات فرص العمل الجديدة… فما كانت تكلفته باهظة بات في إمكاننا القيام به بأكلاف بسيطة، واصبح التركيز على العنصر البشري المتعلّم بشكل مميز في لبنان بالنسبة الى المنطقة ممكنا، وفي المقابل سيكون في امكان هذه الطاقات البشرية ان تضع خبراتها ومعلوماتها بواسطة الانترنت أو بواسطة البرامج التي تتواصل مع بعضها على سرعات عالية، مما يعني توفير فرص عمل مباشرة انطلاقاً من التقنية الجديدة، وفرص عمل أخرى "بالواسطة" تساهم في اختصار الوقت ورفع الانتاجية".
وأفرد حيدر تفاصيل تقنية إضافية مرتبطة بالـ broadband ففي حال انقع الإتصال لأي سبب تستمر الإتصالات من دون انقطاع مما يعتبر ضرورياً لقطاع الأعمال خصوصاً ولقطاع الإستعمال الخاص، وثانيا بات في إمكاننا ان نرفع السرعة للمستخدم ونستثمر في قطاعات لم تكن موجودة". أضاف: "من وجهة نظر فنية سنربط لبنان بحلقتين كبيرتين نسميهما Super Ring 1 and Super Ring 2، الدائرة الأولى تخرج من بيروت إلى البقاع فالشمال ثم بيروت، والحلقة الثانية تخرج من بيروت إلى البقاع وتنزل إلى الجنوب ومن ثم بيروت. وضمن كل حلقة كبيرة من هاتين الحلقتين سيكون هناك تقريبا نحو 20 حلقة في كل منطقة ونكون بذلك أحطنا المناطق اللبنانية بكاملها ووصلناها ببعضها ببعض. اضافة إلى ذلك سوف تكون هناك وصلة لعدد كبير من كبار المستخدمين أي القطاعات والمؤسسات والجامعات".
أما عن المدة التي يتطلبها تنفيذ الخطة فقال: "انه برنامج طموح جدا وقليلة هي الدول التي تقوم بمشروع مماثل في ضربة واحدة، لكن لأننا متأخرون وعلينا ان نعترف بذلك، يجب ان نحقق قفزة كبيرة ولا يمكن ان ننطلق على مهل… والمشروع حقيقة كان مقسما على ثلاث سنوات للتلزيم لان موازنته كبيرة جدا، لكن الوزير نحاس أصر على ان نلزّم هذه السنة وأصر أيضا على ان يلمس المواطنون الفارق والتحسّن قبل نهاية 2010. في حزيران سنبدأ اتصالاتنا بالشركات لنباشر العمل". وأوضح: "الأساس بالنسبة إلينا كان انطلاق الورشة، لكن المهم أيضا ان يتوافر مال لتنفيذ المشروع، ولان الموازنة لم تقر بعد، أطلع وزير الاتصالات مجلس الوزراء على حاجة المشروع للانطلاق في أسرع وقت ممكن وطلب سلفة خزينة حتى نباشر العمل قبل الموازنة، فمنحنا المجلس سلفة 100 مليار ليرة للبدء".
وتمنى حيدر ان "تنتهي الأعمال بأسرع وقت ممكن حتى يلمس الناس الفرق فعليا في الخدمة والسرعة والتوفير، بحيث تبدأ التأثيرات الإقتصادية المهمة تظهر في حياتهم على مستوى العمل والإتصالات. على لبنان ان يستعد مع المشروع للانتقال إلى مستوى من التقنية وان تستعد المؤسسات لتطبيق برمجيات وخدمات تفتح مجال العمل وتوسع الأثر الإقتصادي". ولفت إلى دراسة قام بها البنك الدولي عن لبنان ذكرت انه "كلما ارتفع عدد مالكي الـ broadband بنسبة 10%، يرتفع حجم الإقتصاد الوطني بنسبة 1,35%. إذا يمكننا ان نرى مباشرة الإرتفاع في نسبة الأرباح". واستطرد قائلا "ان نسبة المتعلمين في لبنان كبيرة والناس تحب الانفتاح والتواصل، لذلك تكبر نسبة الإختراق على الـ broadband، وفي الحقيقة ان المشكلة لم تكن مشكلة طلب انما مشكلة عرض، والان مع الانتقال إلى الشبكة الجديدة بات العرض متوافرا وتالياً سيتوافد الناس لأخذ الخدمة. أما نحن فعلينا ان نسهلها، وبمجرد ان تقبل المؤسسات والناس على هذه الخدمة سنشهد أثراً إقتصادياً وأثراً على نوعية الحياة التي نعيشها".
وفي ما يتعلق بالخصخصة أو احتكارية الدولة للـ broadband قال: "هناك أمر مهم وعد به الوزير نحاس، إذ قال ان سياسة الوزارة ستكون حيادية تجاه من سيستخدم هذه الشبكة، لذلك فإن القطاع الخاص والوزارة ومن يخدم الناس في الإتصالات سيستخدمون هذه الشبكة على قدم المساواة. والوزير نحاس أكد هذا الجانب لتشجيع القطاع الخاص على زيادة استثماره من دون ان يخاف من ان تنحو الوزارة نحو الاحتكار. كما وعد انه لن يسمح باستمرار منطق احتكار الدولة ولا استمرار الفوضى التي سمحت للبعض ببيع انترنت غير شرعية. من الجهة المقابلة نما احتكار وهذا مرفوض ايضاً. نريد بنى تحتية حيادية مفتوحة على الجميع بالتساوي ليتمكن القطاع الخاص الذي يعتبر لولب الإقتصاد، من الإفادة من هذه الفرصة الجديدة وتالياً توفير خدمات تليق بلبنان واقتصاده وشعبه".
نهار الشباب