ونحن كمسيحيين نعلن أمام الملا أن أي وقوف مع الظلم هو مخالفة صريحة للإنجيل الطاهر الذي نادى بالعدل، مكللاً ما ألهمه الله للنبي اليبوسي الأورشالمي أشعيا أن "ثمر العدل يكون سلاماً" بحيث لا سلام من غير عدل. فلا ينسبن أحد تلك المظالم إلى المسيحية لا الاحتلال ولا الاستعمار ولا التغطية عليهما!.
إساءة غربية جديدة للسيد المسيح
في الأسبوع الماضي عُرضت مسرحية مسيئة للسيد المسيح في فرنسا تحت عنوان "مفهوم وجه ابن الإله" للايطالي روميو كاستيللوتشي. تمثّل صورة كبيرة للمسيح حسب المسرحية ويقوم أحد الممثّلين بتغيير لفائف الحفّاضات لابيه المسنّ والمغيّب عقلياً. وفي نهاية المسرحية يصعد أطفال ويشوّهون الصورة العملاقة.
أكيد أن كاستيللوتشي نسي أن كل جذور الحضارة التي ينعم بها، بما فيها الحرية والمساواة والأخوّة، نابعة من السيد المسيح ومن الإنجيل الطاهر. ولعلّه قصد – بشكل غير حضاري ومستوى غير رفيع – أن يتهكم على العقيدة المسيحية التي تؤمن بـ"الآب والابن" وروح القدس وهو يتوهم أنّ الكلام عن أبوّة جسدية وبنوّة جسدية يرفضها الإنجيل من جهة والنص القرآني من جهة أخرى. وحتّى لو أراد المرء أن ينتقد عقيدة مسيحية – مع انه لا يسمح لنفسه بانتقاد غيرها وإلاّ اتّهم باللاساميّة أو لقي من الروادع ما يثنيه عن عزمه العدواني – فلا يجوز لصاحب ذوق سليم أن ينزل إلى هذا المستوى الذي لا نريد أن نصفه بما أنه يصف نفسه بنفسه ، وصدقت العرب بأن الكلام صفة المتكلّم.
إنجيل العذارى العشر (متّى 25: 1-13)
العبرة منه واضحة: يجب أن يكون المؤمن مستعدا دوماً للقاء ربّه. ولكننا ابتلينا بقوم يفسّرون الكتب المقدسة على هواهم من غير اطّلاع على السياق ولا على المعنى الحقيقيين. يذكر المرء باستغراب وذهول وأسف تأويل أحدهم بمعنى أن عشر العذارى دخلن مع العريس وكأنهن له زوجات أو خليلات. النص بيّن جليّ: العريس واحد والعروسة واحدة والعذارى العشر وصيفات يرافقن العروسة. وكان السيد المسيح قد وصف الطلاق بنتيجة "قساوة القلوب" عند رجال اليهود (وهو في الإسلام "أبغض الحلال") وأعاد السيد المسيح الزواج إلى أصوله التي انحرف عنها بعض العبرانيين ولاسيما الملوك لأهوائهم ونفوسهم الأمّارة بالسّوء. وذكّر المعلّم الناصريّ الخالد كل المؤمنين والمؤمنات بما ورد في سِفر التكوين: "يترك الرجُل أباه وأمّه ويلزم امرأته" وزاد "ويصير الاثنان جسداً واحداً" أي كياناً وجدانياً واحداً.
خاتمة
يبقى المواطن المسكين والمؤمن البسيط عاجزا أمام ما يحلّ في هذه الدنيا من بلايا وما يتفجر من انحرافات. فليرافق الوعي دعاءنا خصوصاً في هذه الأيام حيث يحتفل العالم الإسلامي بعيد الأضحى المبارك، ولنتعلمن العبرة من العناية الإلهية التي رفضت أن يضحّي إبراهيم الخليل بابنه. فلا يضحيّن إنسان بإنسان، بل ليضحيّن بأنانيتنا وأطماعنا ومظالمنا.
الأب د. بيتر مدروس – القدس
عن موقع ابونا