أحيت نقابة الصحافة اللبنانية و"مركز رياض طه الثقافي" الذكرى السنوية التاسعة والعشرين لاستشهاد نقيب الصحافة رياض طه في احتفال اقيم مساء السبت الماضي في "قاعة الأسد" بالمركز الثقافي في الهرمل، في حضور ممثل رئيس الجمهورية قائمقام البقاع الغربي نافع المقداد،
ممثل رئيس مجلس النواب الوزير غازي زعيتر، ممثل رئيس الحكومة قائمقام راشيا دياب سلوم، ممثل وزير الاعلام الزميل انطوان عطاالله، النائب السابق سعود روفايل، ممثل قائد الجيش العقيد مصطفى بولاد، ممثل السفارة الايرانية علي مرتضاي، مفتي الهرمل الشيخ علي طه، رئيس بلدية الهرمل مصطفى طه وفاعليات.
وزير الاعلام
بعد النشيد الوطني وكلمات تعريف وترحيب، القى عطاالله كلمة باسم الوزير طارق متري استهلها ناقلاً استنكاره جريمة الاغتيال النكراء التي استهدفت طه وكل الجرائم والتعديات التي استهدفت الجسم الصحافي، ثم قال: "(…) رياض طه استشهد كبيراً في الصحافة اللبنانية وزادها إكباراً. إنه صاحب مدرسة في النضال والوطنية والخلقية المهنية. سقط شهيد حري الرأي والموقف. وقد درجت نقابة الصحافة ممثلة بشخص نقيبنا الحبيب الاستاذ محمد بعلبكي، ومركز رياض طه الثقافي على ألا يتركا المناسبة تمر دون التوقف عند تاريخ رجل مفعهم بالتضحية والبطولة، جاء الى مهنة المتاعب بطيبة أهالي منطقة الهرمل وإبائهم. دفعته أصالته وغيرته على بلده وحرقته على احتراقه الى الجهاد في سبيل وحدة اللبنانيين ومحاولة رأب الصدع بين المتنازعين في عز صراعاتهم. لكن سعيه الوفاقي ومقاومته الظلم بالقلم والكلمة قابلتهما يد الغدر بأهدار دمه الطاهر. قتله الرصاص لكنه لم يمت، بل انضم الى قافلة طويلة من شهداء الصحافة الأبرار الذين يذخر بهم تاريخ لبنان وصحافته الحرة".
أضاف: "التضحيات الكبيرة للصحافة اللبنانية هي الأساس في الارتقاء بلبنان الى موقع ريادي في المنطقة العربية، وتحوله موئلاً للحريات في الشرق. إلا أن للحرية ثمناً تعوّد اللبناني أن يدفعه من دمه. وقد دفعه الشهيد رياض طه وأمثال من الصحافيين اللبنانيين قتلاً واغتيالاً، ودفعته دور الصحف بأنواع شتى من الضغوط والتعديات والتخريب. وما ادخر الصحافيون ومؤسسات الاعلام يوماً على مذبح الوطن، بل كانت كل التضحيات ترخص ذوداً عن الحرية والسيادة والاستقلال، فما أرهبهم نفي ولا إبعاد ولا احتلال. وما أخافهم اغتيال أو مشانق تعلق للأحرار أو ترهيب لكل من أنشد الحرية وتغنى بها.
تاريخ الشهيد رياض طه جزء غال من تاريخ الصحافة اللبنانية، عابق بروح الحرية وبصولات النضال لإيصال الكلمة الحرة الى اللبنانيين الأحرار. وكلنا يدرك الدور المحوري للصحافيين اللبنانيين في المحطات الاستقلالية وبناء الاستقلال او الدفاع عنه. فمع كل محطة نجدهم في خضم الحدث. وهذا ما جعل الصحافة اللبنانية تتخطى مفهوماً تقليدياً كأنها مجرد مهنة أو حرفة، لتمارس دوراً متقدماً باعتبارها منتدى سياسياً ووطنياً يصنع مستقبل لبنان (…)".
نقابة الصحافة
وبعد وثائقي عن مسيرة رياض طه وجهاده في سائر حقول النشاط السياسي والاعلامي والاجتماعي وأبرز محطات حياته الحافلة، ألقى مستشار نقابة الصحافة الزميل فؤاد الحركة كلمة باسم النقيب محمد بعلبكي قال فيها: "اذا كانت الكلمات تعجز عن الوفاء لمكانة النقيب الشهيد رياض طه، فإن الواجب العمل على أن تبقى هذه الذكرى حية في النفوس والعقول. فقد أعطى الراحل الصحافة الكثير وترك لها تراثاً مبدعاً في مجال الصحافة الانسانية. ولعله من المفيد أن تخصّص الصحافة اللبنانية جائزة سنوية قيّمة باسمه لتخليد ذكراه وتشجيع المبدعين واصحاب القدرات الاعلامية على الانتاج والابداع. إن ذكرى رياض طه ستبقى ما دام في لبنان رجال أحرار يتابعون رسالة الحرية التي قدّمنا على مذبحها أغلى التضحيات والقرابين".
جهاد طه
وألقى نجل صاحب الذكرى السيد جهاد طه كلمة باسم "مركز رياض طه الثقافي" جاء فيها: "لقد علمتنا الكثير الكثير يا شهيد الكلمة الحرة والحرية والكرامة، علمتنا ان الالتصاق بالمبادئ يزداد تصلباً كلما ازددنا تحرراً، علمتنا الانفتاح ونبذ التقوقع ودفعتنا الى المناقشة بالحجة والمنطق، فنقنع او نقتنع بما يمليه المنطق والعقل. هذا العقل الذي سأل عنه الإمام علي عليه السلام بقوله: "بي هذا الذي انعمت عليه بالعقل، فماذا حرمته، والذي حرمته العقل فماذا وهبته؟". دفعتنا الى قبول الاختلاف والاكتساب من كل التجارب التي تمر بها. انت القائل: "لقد تعلمت ان اخرج من كل هزيمة بنفسية المنتصر، اذ ان كل تجربة تمر بنا تزيدنا قوة ونستخلص منها العبر اذا ما عولجت بالعقل". علّمتنا أن الحرية هي من قدسيات الانسان، وانما بقدر ما تكون مقدسة عليها أن تكون مسؤولة، وان الحرية دون المسؤولية هي فوضى عارمة تتنافى معها كل تلك القدسية. وأنت الذي اتخذت طوال عمرك شعاراً مفاده "ان حرية الصحافة ليست خاصة بمهنة بل هي حرية الناس، حرية الشعب، الذي ينبغي أن يعي قضيته ويطلع على شؤون بلاده فلا يساق الى مصيره معصوب العينين".
ثم وضعت أكاليل على ضريح النقيب الراحل.
ووردت الى الاحتفال برقية تعزية من رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة أشاد فيها بمزايا الشهيد.
جريدة النهار 27.07.2009