شريط الأحداث
أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | مشاهدات يومية .. من حياتنا المسيحية1 : الميلاد و المحتاج
مشاهدات يومية .. من حياتنا المسيحية1 : الميلاد و المحتاج

مشاهدات يومية .. من حياتنا المسيحية1 : الميلاد و المحتاج

بادئً  ذي بدء ، سأحاول بهذه المجموعة من المقالات أن أسلط الضوء على حياتنا المسيحية في بلداننا أو في المهجر متخذةً من رؤى أو مشاهد حياتية يومية كنسية مادةً لها .

 بمحبة خالصة و رغبة صادقة في أن نقف كعلمانين موقف المتفحص لمجتمعاتنا الكنسية . المحبة الخالصة تتطلب قول الحقيقة . الحقيقية بلا رتوش و لا تزيين و لا برش الورود على المحيطيين بل بالحقيقة التي تكلم عنها القديس لوقا الانجيلي البشير في بداية بشارته " وصفاً دقيقاً لكي تعرف الحقيقة الصادقة كما هي " لو 4:1. 

و لهذا اخترتُ أن أستهل المشاهدات اليومية من حياتنا المسيحية بهذه المقالة عن الميلاد بعنوان "الميلاد و المحتاج" 

لطاما كان زمن الميلاد زمن الحب الالهي المتجدد لان به جائنا يسوع " الكلمة المتجسد  . "صار  بشرا و سكن بيننا". كلمات كتابية و لاهوتية لطالما سمعناها في القداديس ، رددناها في التعليم المسيحي  ، رنمناها في جوقاتنا و تناقشنا فيها في الحلقات و اللقاءات الروحية ، و حينما انطلقنا الى تطبيق الآية  في معترك الحياة،  بعضنا طبقها على المستوى السطحي الحياتي كذكرى جميلة لذاك الذي عاش بيننا . و بعضنا الاخر نزل الى عمق اعماق آية " صار بشراً و سكن بيننا " ليلمس " البشرية و المسكن " في واقع الحياة اليومية .لنتيقن ان ( كم من بشرٍ بلا مسكن و كم من مسكنٍ بلا بشر . ) . كم من بشرٍ يلتحفون الاحتاج غطاءاً و كم من مسكنٍ يملئه الفراغ صمتاً .

و احتياجات البشر  انواع و مستويات معنوية منها و مادية  تتلخص جميعها بأنها "نظرة عين "  . نظرة من المحتاج و نظرة من العاطي ، و يخطئ من يظن ان كل محتاج سيسأل العاطي ان يقدم له ما يلزمه .  (إن احتجت لأي شي مادي أخبرني ) هكذا يقول  العاطي. لا يا سيدي لن يخبرك . لان الاحتاج " عيون صارخة " تبحث عن أمان و تسكت بين شفتيه الكلمات ، هي أيادي لن تُمد لتأخذ بل تنتظر منك أن تعطيها قبل أن تسألك . ففي السؤال إحراج و كرامة النفس تأبي الطلبات .، و إن اضطر البعض للكلام فلأن العاطي لم يتلقف لوعة العازة،  بل و بعضهم يستحلي الكبرياء .
لكن اللاهوت أعطانا بعض المفاتيح المعرفية ، فالسر يكمن في أن نكون " حساسيين لصوت الروح القدس في داخلنا "  .

    اما إحتياج الوحدة  لهو أعمق و أكبر ، فقد تسد احتياج جائع ببعض الطعام ، لكن من ذا الذي يسدد احتياج  الالفة و المحبة و الكلام في عتمة الوحدة .   في المسكن الفارغ الا من الليل و الفراغ ، من نفوس تقضي الميلاد وحيدة غريبة كما قضته  عائلة الناصرة . بلا مأوى بلا دفئ بلا رحمة للغرباء . و جميعنا يتذكر  موقف القديس يوسف البتول مدبر العائلة  حيث كان رجلُ بمعنى الكلمة حمل معاناة هذه الفترة بصبر و طول بالٍ  ورغبة بتمضية هذه الليالي في مكان آمن لمريم و الطفل يسوع . و حينما جاء ربنا و مخلصنا يسوع المسيح له المجد و "سكن بيننا ": بلا مسكن بل في مغارة فقيرة ، أضطهدوه البعض منذ ولادته حيث لم يكن هناك مكان لمبيته تلك الليلة و هذا الحدث يجعلنا نتأمل بمن يضطهد كل يوم من آللاف المهاجريين و اللاجئين من دولٍ لدولة بحثاً عن الحياة الكريمة أو بالأصح حياة مستورة فقط .

في هذا الميلاد ، أتامل ببعض العوائل التي اعرفها من قدامى الجالية الكلدانية   هنا في ديترويت حيث انهم  فتحوا قلوبهم قبل بيوتهم في الاعياد لأصدقاء و عوائل فقط لكي يعيشوا معهم فرحة الميلاد . و بعضهم قدم ما يستطيع لإدخال الفرحة في النفوس .فكم من بطاقة معايدة أعادت البسمة الى عيون و هللت باسم الرب ، و كم من صحن طعام اعاد الأمل في الوجوده و كم دعوة عشاء في العيد خلقت لإنسان غدٍ جديد ؟! و كم من مبلغ حتى لو كان " فلسي ّالارملة " ملئ جيوباً فارغة بفرح العطاء ؟!  لكن هل نكتفي بالبعض و يسوع يوصنا ان نكون بكليتنا مع النفوس التي تجسد من أجلها . ؟
هل تكفي الاماني و الكلام عن الصبر بلا طريقة عملية للمساعدة ؟؟!!
 
و هنا أتمنى أن  نتشارك ببعض الافكار العملية عسى أن نستطيع سوية ًفي زمن الميلاد  و ما بعده  تقدمة شيء للأشخاص المحتاجيين  و كلُ حسب استطاعته  :
1- نشتري مجموعة من بطاقات المعايدات و نقوم باهدائها لبعض الاشخاص في الكنيسة ( مثلاً رجل  او امراة مسنين – امراة ارملة –  معلم التعليم – طبيب الاسنان – مصلح السيارة – سائق باص  المدرسة – حارس الكنيسة ، القائمين على تنظيف الكنيسة  و  غيرهم ) و بالذات من الذين نعرفهم جيداً فقط لنخبرهم اننا نحبهم و اننا نقدر العام الذي مضى و هم بقربنا . نرسل بطاقات مماثلة لمن هم قريبين منا و سندونا في العام الماضي و قدموا لنا مساعدة  أو احتجنا لهم في عملهم  .

2-شراء بعض القفازات الايشاربات و الجوارب الرخيصة الثمن ( البعض منها هنا في اميركا بدولار واحد ) و وضعها في السيارة عسى ان يمر " محتاج " فنقوم بإعطائها له عند رؤتنا له و بهذا نقيه ولو قيلاً البرد الشتاء القارص . هكذا عملت صديقتي الاميركية سيليا ، فحينما تمشي بالسيارة و تجد الناس الواقفين في محطة الباص تقف و تعطيهم قفازات و تقول Merry Christmas .

3 – اذا كنت صاحب محل : قدم بعض الهدايا المجانية للأطفال الذين مع اهاليهم للشراء و كل صاحب محل يستطيع ان يقيم من هو الشخص المحتاج . كما فعلنا نحن مجموعة من زملاء العمل  في المحل الخاص بجمعية مار منصور دي بول حيث قدمنا بعض الهدايا تحت مسمى ( بابا نؤيل السري ) و قمنا بشرائها من مالنا الخاص كتقدمة محبة للرب يسوع طفل المغارة .

4- اذا كان لديك سوبر ماركت من الممكن تقديم بعض الطعام و بالذات الخبز بالمجان. هذا ما فعله صديق لي عراقي مقيم في السويد اسمه ( فادي . ع ) حيث قام بتقديم حصة تموينية بسيطة للأسرة السورية القادمة حديثاً و ليس لها اقامه .  5- لنقم بدعوة شخص واحد في لية رأس السنة ان كنا نقضيها في بيوتنا. فالاعياد مع الوحدة تتحول الى الم و كربة .
هذه بعض الامور التي انا كلي ثقة ان جعبة العلمانيين في الكنائس تمتلئ بأضعافها .. و اتمنى من قلبي أن نكون ملح و نور خميرة في هذا الزمن المبارك وأمنا مريم العذراء كلية الطوبى تقودنا و تعلمنا كما علمت الخدام في عرس قنا الجليل حنما قالت "  إعملوا ما يأمركم به " يو 5:2
و كلنا نعلم ما الذي أمرنا به و ما علينا عمله .
ميلاد مجيد و سنة سعيدة مباركة على الجميع

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
العائلة اللبنانيّة المارونيّة: تطلّعات وآفاق راعوية (1) بقلم الأب الدكتور نجيب بعقليني

العائلة اللبنانيّة المارونيّة: تطلّعات وآفاق راعوية (1) بقلم الأب الدكتور نجيب بعقليني

1- دعوة العائلة ورسالتها
قدّس الله العائلة بميلاد إبنه، يسوع المسيح مخلّص البشرية، في كنف عائلة متواضعة.

مثال العائلة المسيحيّة هي العائلة المقدّسة في الناصرة حيث كلّ شخص يسعى ليكون في خدمة الآخر. أمة الله مريم  قبِلَت أمومتها واعتبرتها عطية من الله، ويوسف الصدّيق والبارّ مارس دوره كزوجٍ ومربٍّ.

العائلة هي دعوة ورسالة الله ألآب الخالق. وهي أيضًا "طريق" الخلاص كما أنّها "صوته" الذي يفترض نداءً إلهيًّا، بالاعتماد على نعمة الله وعطيته لاستمرار التضامن والصدق والإخلاص. وقد أعلن البابا يوحنّا بولس الثاني:" لا تكتشف العائلة في مخطط الله الخالق والفادي "هويتها" و"ماهيتها" وحسب، بل "رسالتها" وما يمكن تأديته من واجب". ¹

يقيننا أنّ العائلة هي إحدى ركائز المجتمع اللبناني وهي أيضًا الخليّة الأم لديمومة الكنيسة. وهي تتكاثر بوحي من كلمة الله والأسرار، رغم مواجهتها اليوم للعديد من المخاطر. لقد قامت العائلة المارونيّة في لبنان بدورٍ هام في الحفاظ على ازدهار الحياة والإيمان المسيحيّين، ونقلهما من جيل إلى جيل. فكانت المعجن الذي يستقي منه كلّ فرد العادات والتقاليد والفضائل والإيمان المسيحي الحقّ. أوكل الله إلى الأزواج مهمة تربية أولادهم. علمًا أنّ هذه الرسالة تبدأ أوّلاً عبر إعطاء الحياة للطفل ومن ثمّ محاولة نقل الإيمان المسيحي إليه، من خلال طريقة عيشهم، ومثلهم وتعليمهم. العائلة المارونيّة أعطت أولاداً مسيحيين.

" تفاعلت العائلة المارونيّة مع كنيستها منذ نشأتها حتى يومنا هذا، إذ تحلّقت الجماعة المؤمنة حول الكنيسة والدير وتمسّكت بالإيمان المسيحي وبالخلقيّة التي يفرضها هذا الإيمان، كما شهدت، بشجاعة، لهويتها التاريخية إلى جانب رعاتها، متحدّية الأخطار الدينيّة والسياسيّة والإجتماعيّة والبيئية المُحدِقة بها".²

توفّر العائلة الحبّ لأنّها "شركة حبّ وحياة عميقة" (فرح ورجاء 48). إنّها "جماعة حياة ومحبّة متماسكة" (نور الأمم 11) تقوم بإنشاء شركة أشخاص، خدمةً للحياة المساهمة في تطوير المجتمع والمشاركة في حياة الكنيسة ورسالتها. وظيفة العائلة تتجسّد في إستمرار الحياة عبر الإنجاب كما أرادها الخالق، على  أن تحيا بأمانة واقع الشراكة وحقيقتها. ويُبرهنُ عن قوّة هذه الشراكة بالمحبة التي تُسهم في بناء حضارة المحبّة.

تميّزت العائلة المارونيّة بإحتضانها للإيمان المسيحي، كما بروحها الرسولية التي تفاعلت مع معظم شرائح المجتمع وفئاته مع إنّها لا تشاركها إيمانها، فاتّصفت بالانفتاح والحوار في سبيل "العيش معًا". ومن مهمّات العائلة المارونيّة المحافظة على كرامة سرّ الزواج المقدّس. هذه المبادئ العميقة والجميلة تجعلنا نتأمّل في هذا السرّ العظيم، سرّ حبّ الله للبشر، الذي يتجلّى في سرّ الحبّ ضمن العائلة. "إنّه لسرّ عظيم" على حدّ قول مار بولس (أفسس 5: 32).

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
السوريون المسيحيون: “اترك أرضك وعشيرتك إلى الأرض التي أريك” (1)

السوريون المسيحيون: “اترك أرضك وعشيرتك إلى الأرض التي أريك” (1)

غالبا ما يتم الحديث حالياً عن الوجود المسيحي عبرواحدة من الزوايا  التالية :
1-  التأكيد على دور المسيحيين التاريخي في بناء أوطانهم.

الأزمة السورية ككل الأزمات الكبرى تعيد إلى السطح مسألة الهويات وتطرح من جديد مسألة الوجود المسيحي في سورية على بساط البحث مع تنامي خطاب وممارسات طائفية في ظل الصراع السوري الحالي .

2- "العتب" على المسيحيين في عدم اتخاذ موقف "واضح" من الأزمة الحالية.

3- خوف المسيحيين وهجرتهم خارج الشرق الاوسط.

1-  التأكيد على دور المسيحيين التاريخي في بناء أوطانهم.

غالبا ما يتم استحضار الأمثلة التاريخية – وهي عديدة-  لتأكيد انتماء المسيحيين لوطنهم في مواجهة خطاب مشكك يتسم على الأغلب بلغة إسلاموية يريد  دمج سورية في مشروع أكبر هومشروع الأمة وما الوطن السوري إلا مقدمة أوخطوة لا بد منها  نحوهذا المشروع .

المشكلة في هذا الخطاب السردي لمآثر المسيحيين أنه تبريري ودفاعي ويستند غالبا على الماضي ويبدو أنه يستدر عطف الآخرين في محاولة  لانتزاع مساواة ينكرها عليهم خطاب يرى في التعددية خطرا على وحدة الأمة .. هذا الخطاب لم تعد له آذان صاغية لدى عامة  قد يكون مرجعها الوحيد ثقافيا هو أمام مسجد الحي أوالدعاة على الانترنت.

2- العتب على المسيحيين في عدم اتخاذ موقف "واضح" من الأزمة الحالية  :

جاء هذا العتب من  مسيحيين وغير مسيحيين .

أنصار المعارضة كانت دعواتهم ترتكزعلى" وهم حماية النظام للأقليات لأن النظام في النهاية لا يحمي إلا نفسه" وذهب البعض إلى استعمال لغة تهديد "للحاق بركب الثورة قبل أن يصبح الوقت متأخرا" مهددا طبعا بمسلسل تصفية حسابات  لمن سيعتبرمن "شبيحة" النظام ..

البعض من المسيحيين استعمل لغة فحص الضمير (وهي ممارسة يتعلمها أطفالنا مبكرا في دروس التعليم المسيحي) كونه (من أهل البيت) لإجراء نقد ذاتي في تعامل المسيحيين مع الأزمة وخفوت صوتهم في تنديدهم  بالتجاوزات التي حصلت في الأشهر الأولى منها  والتي كان من الممكن أن تمنع تدهورها وأخذها هذا المنحى الطائفي .تأخذ هذه الأصوات على  المسيحيين "تمسكهم  بمكاسبهم والحفاظ عليها أكثر من حفاظهم على الوطن".

3- خوف المسيحيين وهجرتهم خارج الشرق الاوسط :

البعض (وهم في غالبتهم من المسيحيين) يدقون ناقوس الخطر مع تنامي استهداف الجهاديين القرى والأحياء المسيحية وإفراغ مهد المسيحية من سكانها الاصليين .

البعض الآخر شكك أصلا في تأصل شعور المسيحيين بالانتماء مؤكداً ميلهم للهجرة مع أول صعوبة تعترض البلاد.  ..

في محاولة متواضعة لترتيب بعض من الأفكار الواردة أعلاه وإغناء النقاش الدائر حالياً حول المسيحيين في سورية  أعرض الأفكار البسيطة التالية :

أ- المسيحيون في سورية ليسوا كتلة واحدة .

فسيفساء الطوائف المسيحية في سورية تعود جذورها إلى القرن الخامس وجدالاته الكريستولوجية (المتعلقة بشخص المسيح) نتيجة تلاقي (أوتصادم) الثقافة السامية الآرامية التي نشأ في حضنها التقليد اليهودي-المسيحي  والثقافة الهلينية المهيمنة على شرق المتوسط منذ فتوحات الاسكندر في القرن الرابع قبل الميلاد . سرعان ما اكتسب الخلاف الثقافي-اللاهوتي طابعا سياسيا بين من رفض مصطلحات وتحديدات "المستعمر "اليوناني ومن أراد أن يبقى على "تراثه" الآرامي . ما زال هذا الانقسام يجد بعض أصدائه في الوقت الحالي عبر خطاب  بعض الطوائف المسيحية السريانية الذي  ينادي  تصريحا او تلميحا  ب"أسبقية" أو مشروعية أكبر في تمثيل المسيحية السورية.

البعثات التبشيرية الكاثوليكية في القرنين ال17 و18 أضافت انشقاقا آخر في صفوف المسيحية المشرقية والسورية عند دخول (والبعض قد يسميها عودة) جزء من هذه الطوائف إلى الكثلكة لتضيف إلى انقسام رومي (بمعنى يوناني) /سرياني انقساما آخر : شرقي أرثوذكسي / "غربي" كاثوليكي .   

حتى اجتماعيا وجغرافيا  السوريون المسيحيون ليسوا متجانسين . فالكاثوليك يتمركزون في غالبيتهم في المدن الكبرى كدمشق وحلب والعديد منهم ينتمي للطبقات المتوسطة والغنية لأسباب تاريخية تعود إلى احتكاكهم قبل غيرهم بالبعثات التبشيرية الكاثوليكية في القرن17 موما تبع ذلك من انفتاح ثقافي وتجاري على الغرب.      

الأرثوذكس (باستثناء الارمن في شمال سورية والجزيرة)  يتوزعون في الغالب في مدن وأرياف المنطقة الوسطى والساحلية  . انفتاحهم على الغرب تأخر بعض الشيء عن انفتاح الكاثوليك في العهد العثماني الذي لم يعترف إلا بهم "كملّة"مسيحية بإدارة بطريرك القسطنطينية (استانبول فيما بعد) . قد يفسر هذا بعض الشيء "اندماجهم" في الحياة السياسية السورية أكثر من الكاثوليك خاصة أن مؤسسي الأحزاب (باستثناء الإسلامية طبعا) ينتمي أغلبهم للروم الأرثوذكس . لقد كانوا أيضا بحكم تواجدهم في الريف أكثر قبولاً  من الكاثوليك  لطروحات البعث العربي وشعاراته في المساواة والإصلاح الزراعي  وما يعطي هذا من انطباع باهتمامهم بالشأن العام السوري ومؤسساته أكثر من الكاثوليك .

لا يشكل الإنجيليون إلا قسما بسيطا من المسيحيين ولو أنهم قدموا واحداً من أهم رجالات السياسة في تاريخ سورية المعاصر : فارس الخوري.

ب- ليس للسوريين المسيحيين  أية أجندة سياسية أو دينية :

لعلهم في هذا يطبقون قول المسيح (أعطوا لقيصر ما لقيصر ولله ما لله) المسيح الذي خيب آمال معاصريه في  القيام "بحراك سياسي" ضد الرومان .

الأحزاب السياسية التي قام بتشكيلها المسيحيون في سورية والشرق الأوسط عموما اتسم أغلبها بالخروج عن إطار الطائفة الضيق إلى انتماء  أشمل (قومية عربية , قومية سورية , أممية شيوعية) كبديل عن المشروع الوحيد المطروح منذ الفتح الإسلامي . قد تكون في تحركاتهم هذه رد فعل أقليات تقاوم الذوبان في محيط أكبر قد يحرمها حقوقها وذهبت أدبيات البعض إلى التشكيك حتى بالقومية العربية ووصفها كمشروع  مستورد صنعه مسيحيون تأثرا بالحركات القومية التي نشأت في أوروبا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. قد يملك هذا الطرح جانبا ًمن  الحقيقة لكنه لا يستطيع أن ينزع عن مشروع القومية العربية حداثته مقارنة مع ما كان مطروحا من مشاريع انتماء حينها .  

حتى قبل الفترة الحديثة والمعاصرة كانت "موالاة" المسيحيين "للأنظمة" التي عاشوا في ظلها تتمثل غالباً في  خدمة المؤسسات القائمة والصالح العام بما فيها مؤسسات و"دواوين" الخلافة الإسلامية .

قد يشذ عن هذا السياق الأحزاب التي شكلها المسيحيون ذوو الثقافة الآرامية من سريان وآشوريين والتي لا تنحصر في الإطار السوري وإنما في إطار جغرافي أوسع تقلص مع الزمن بفعل مأساة الحرب العالمية الأولى بعد نشاط تبشيري اتجه شرقا منطلقاً من بلاد ما بين التهرين وفارس  (بحكم وجود الامبراطورية البيزنطية في الغرب ) ليصل إلى الهند والصين. يغلب على هذه الأحزاب بتصوري طابع المنتديات الثقافية التي تتغنى بنوع من ميتولوجيا ماض مجيد ترى فيه ضرورة بقائها . 

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الإرشاد الروحي عند أباء الصحراء (1) بقلم الأب هاني باخوم

الإرشاد الروحي عند أباء الصحراء (1) بقلم الأب هاني باخوم

كثيرا ما قراءت عن الإرشاد الروحي وكيفية متابعة الأشخاص روحيا ومساعدتهم كي يصلوا إلى معرفة قيمة الدعوة التي دعانا الرب إليها . أن نكون أشخاص مسيحيين، ننعم بنفس طبيعة الله وكيانه وجوهره،

 وأمام هذه الدعوة إلى القداسة يصبح كل شي ثانوي. حيث هناك الأهم. نعم ان أكون مسيحي أهم من ان أكون متزوج او أعزب أو كاهن…… حيث يكمن في العماد كل الكرامة، كرامة أبناء الله، والذي لا يفوقها كرامة، وتأتي كل الدعوات من بعدها كخدمات وسائل لتحقيق الذات حسب مشيئة الله، ولخدمة الجماعة المسيحية ، الكنيسة. لكن هذا الأمر ليس بموضوعنا هنا، فموضوعنا هو الإرشاد الروحي.

وجدت العديد من الكتب وكثير من الطرق الحديثة للإرشاد الروحي والمساعدة المعنوية والنفسية ولكن وجدت نفسي في طريقة الآباء. فما هو الإرشاد الروحي حسب آباء الصحراء؟

١. الإرشاد الروحي لدى الآباء لا ينبع فقط من الدراسة أو تعلم وسائل تقنية لكن من التأمل في خبرتهم الشخصية مع الله، بمعنى أن الخبرة الشخصية مع الله هي المصدر الأولي لكل مرشد. في المسيرة الروحية الذاتية لكل من الآباء في الصحراء اكتشفوا وتعمقوا في أعماق ذواتهم، تعلموا تفسير الأحاسيس التي يشعروا بها والتمييز على أفكارهم الشخصية، تعلموا كيف يهربوا من التجارب ، تعلموا أن يصارعوا الأفكار المسببة للخطيئة والتي تقود إلى الحزن، تعلموا كل هذا من خبرتهم الشخصية، من تأملهم في عمل الله معهم. وهكذا أصبحوا أباء لآخرين. هكذا أصبحوا مرشدين لآخرين. فالمرشد إذا هو شخص اختبر لذا يخبر. حيث المرشد هو أب. والأب هو الشخص القادر على أن يعطي الحياة ولكن كيف له أن يعطيها أن كان يفتقدها؟ كيف يمكنه ان يعلن عمل الله في حياة شخص ، ان كان غير قادر ان يرى عمل الله في حياته هو الشخصية. الأمر هنا لا يتعلق بمثل أعلى أو أخلاقيات بحته، هنا الحديث عن خبرة واقعية مع الله في أحداث الحياة مستنارة من الكلمة ومؤسسة على الأسرار المقدسة. فلكي نصبح أباء نحتاج ان نكون دائما أبناء.

٢. المرشد الروحي لدى الآباء يجب ان يكون روحاني . وهنا مهم تفسير الكلمة، حيث كلمة روحاني قد تفهم بأنه شخص لا علاقة له بالماديات ، يحيا منعزل ، يأكل القليل، ولا يتنعم بأي شئ عالمي. نعم هذا تفسير ودعوة لبعض الأشخاص ولكن ليس المقصود هنا. فالمرشد الروحاني هو الشخص الذي يضع كل شيء يكتشفه في ذاته تحت عمل الروح القدس، كي يحوله هذا الروح ويجليه إلى صورة المسيح. فصفة الروحانية ليست صفة شخصية بل هي طريقة حياة ، فيها يضع الإنسان ما يكتشفه في ذاته، كل يوم وفي كل موقف ، من عيوب ونواقص وخطايا وأفكار ومشاعر وأحاسيس، أي كل شئ جيد كان أو سيء تحت عمل روح القدس. كل شيء جسدي ونفسي وروحي، فلا شيء يجنب. فالإنسان الروحاني هو الذي لا يترك جانب فيه وفي حياته دون ان يصله بالروح القدس.

٣. المرشد الروحي يجب ان يكون cardiognosi بمعني داري وعارف بالقلوب، نعم المرشد الروحي يجب ان بقراء قلب المتكلم مع سماعه لكلماته. فلا يتوقف فقط عما يسمع لكنه قادر ان يخترق القلب وبقراء ما يوجد بداخله. ولكن كي يقوم بذلك كما ذكرنا سابقا لا يكفي الدراسة لكن يجب ان يكون قد على دراية بما يوجد في قلبه من مشاعر وأحاسيس، يستطيع تفسيرها ، ووضعها في مخطط خلاص الرب، تحت الهامات الروح القدس.

هذا يتطلب نظره عميقة تخترق الظواهر وتصل الى العمق حيث تري ما لا يمكن رؤيته بالعين الطبيعية، حيث يمكنه ان يري بعيني الرب. نفس العينين التي رأت في زكا العشار رغبة خلاص، وبنوة لإبراهيم، ورأت في السامرية دعوة التبشير، حيث كان يراها الآخرين امرأة للمتعة فقط، حيث رأي في المجدلية، شاهدة على القيامة، حيث رآها الآخرين امراة بها كمال الشيطان، سبعة أرواح نجسة. عن هذه العين نتحدث. هذه العين العارفة للقلوب، والفاحصة له.

ولكن ما هو الإرشاد الروحي حسب الآباء؟

للمرة القادمة
عن أبونا

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
موضوع حرية الله وحرية الإنسان والنعمة الإلهيّة وإختيار الإنسان أو الرفض… الحلقة 1

موضوع حرية الله وحرية الإنسان والنعمة الإلهيّة وإختيار الإنسان أو الرفض… الحلقة 1

الموضوع ، بقدر ما هو مهمّا في حياة المسيحيّ المؤمن ، بقدر ما هو يخلقُ تساؤلات ٍ كثيرة ٍ وعثرات ٍ أكثر ، وقد يقفُ المسيحيّ أمام جدار كبير ٍ يصدّ عنهُ الفهم الحقيقيّ لنعمة وقرارات الله

والمحبّة التي يكنّها للجنس البشريّ ، فلا يزالُ الإنسان يراوحُ في مكانهِ ويتضرّر ألما بسبب ، عدم إدراكِ بعضًا من أمور الحياة اليوميّة وكيف يمكنهُ أن يجعلها تتوافقُ مع ما يؤمن به في الكتاب المقدس أو في التعليم المسيحيّ الحيّ .. فيقوم بخلق ترهّات وأفكار وأوهام كثيرة في زاوية معيّنة من وعيه ، يستظلّ بأفكاره وأوهامه إلى أن يأتيَ يومٌ ، يقوم فيها ، بوضعها أمامَ ذاته ، وأمام الآخرين ، كمفاهيم ثابتة جامدة مؤكّدة ، بحسب ما يراهُ ضميره ، وتصيرَ مبدءًا حيّا يسيرُ بموجبهِ ولا يعود يرى في كلّ الطروحات اللاهوتيّة والنقاشات سوى كلامًا من تأليف أناس لا يفقهونَ شيئا لإنهم يطرحون نظريّات بعيدة عن الواقع الكتابيّ ، في تصوّرهم طبعًا ، ولهذا يصفونهم بأنهم بعيدون عن فهم نصوص الكتاب المقدّس ..

لا أريد أن أطيلَ عليكم لندخل في الموضوع فورًا ، كانت هذه مقدّمة بسيطة للموضوع ..

القول ُ الأساسيّ الذي ترتكزُ عليه كلّ الأقوال اللاحقةِ في موضوع موهبة النعمة للإنسان هو الآتي :

إنّ الله قد إختارنا ودعانا وقبلنا منذُ الأزل . إن الله قد بادرَ الإنسان بمؤازرة نعمته. قبلَ أن نسأل عن الله وعن نعمته ، قبل أن نبدأ المسيرة إليه ونجتهدَ في أن نكون أهلا له بحياة صالحة، بل قبلَ أن نأتي إلى الوجود على الأطلاق ، سبقَ الله بدافع محبّته فأختارنا وحدّد لنا أن نحيا في مشاركته ( وليس معنى هذا أنه حدّد لنا الأمور التي سنفعلها أو لا نفعلها ، كما يقول القدريّين والذين يؤمنون بالمكتوب على الجبين حتشوفو العين – فهذا لا علاقة له بالموضوع الآن)  .  إنه منذ الأزل ، كما جاءَ في مطلع الرسالة إلى الأفسُسيّن ، قد " باركنا الله بكلّ بركة ٍ روحيّة في المسيح "

" إذ فيه قد إختارنا عن محبّة من قبل إنشاء العالم ، لنكونَ قدّيسينَ بغير عيب أمامه ، وسبق فحدّد ، على حسب مرضاته ، أن نكونَ له أبناء بيسوع المسيح ، لتمجيد نعمته السنيّة التي أنعمَ بها علينا في الحبيب " أفسس 1 : 4 – 6

إذن ، هذا التعليم عن التحديد السابق ، يبدو لكثرينَ " فصلا مظلمًا " ، إذ إنهم يرونَ فيه ، محاولة ً جاسرة ً لإختراق سرّ الإرادة الإلهيّة المحجوب ْ. لكن ، الأمر هنا يتعلّق في الواقع بصورة  تعبير أساسيّة في الأنجيل ، بالتالي " ببشارة صالحة مفرحة " تسند وتعزّي وتساعد.

فليس القصدُ من هذا التعليم ، أن " نتطاول بجسارة " على سرّ الإرادة الإلهيّة لإختراقه ، كما نخترق حرمة بيت لأحد ما " ! بل تأكيد اليقين من " أن الله في كلّ شيء ٍ يسعى لخير الذين يحبّونه ، المدعوّين بحسب قصده " روما 8 : 28 . بحيث لا شيء في هذا العالم يقدر أن يفصلنا عن محبّة الله التي في يسوع المسيح (روما 8 : 39 ) . هذه البشارةُ يمكن أن تكون السند الأخير في مضايقات هذا العالم ومآسيه وأوجاعه وآلامه ، وهي تقولُ إن الله في يسوع المسيح منذ الأزل عمانوئيل ، الله معنا ومن أجلنا ..

يتبعْ

عدي توما / زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الإرهاب الإسلامي الى الواجهة من جديد بعد الربيع العربي (1) بقلم الأب سمير خليل سمير

الإرهاب الإسلامي الى الواجهة من جديد بعد الربيع العربي (1) بقلم الأب سمير خليل سمير

يخنق العنف الإرهابي في سوريا ومصر وكينيا وباكستان المسيحيين والمسلمين المعتدلين والشيعة…إن هذا الاشتعال هو علامة على أزمة الإسلام العميقة التي لم تتماش بعد مع العالم

 الحديث وتفضل أن تلجأ الى إسلام عفا عليه الزمن. يجب على العالم الإسلامي أن يعترف بالتواطؤ مع هذا النوع من العنف، والتزام المسيحيين بالحوار مع الإسلام والحداثة.

شاهدنا في الأحداث الأخيرة في الأخبار التي دارت حول سلسلة من الهجمات الإرهابية الإسلامية كالتفجيرين الإنتحاريين على كنيسة جميع القديسين في بيشاور، الخطف والقتل في المركز التجاري في نيروبي، وتعذيب الكثير من المسيحيين في مصر، والتهديدات التي يتعرض لها المسيحيون في معلولا وجميع أنحاء سوريا…إن الربيع العربي الذي يوحد المسيحيين والمسلمين زرع الآمال لمستقبل أفضل وشراكة من أجل حقوق الإنسان، والديمقراطية، والحرية الدينية. ولكن عوضًا عن ذلك يبدو وكأنه أعاد الزمن الى الماضي، منذ بضع سنوات، أثناء الاحتلال الأميريكي في العراق ودوليًّا، مع الإعدام وقطع الرؤوس، والسيارات المفخخة حتى أثناء الممارسات الدينية.

ظاهرة الإرهاب الإسلامي

في الواقع إن القاسم المشترك بين مصر وباكستان وكينيا وسوريا هو ظاهرة الإرهاب وحقيقة أنهم جميعًا إرهابيون إسلاميون. كيف يمكننا أن نفسر ذلك؟

في بعض الحالات هم سنّة يهاجمون الشيعة، وفي أحيان أخرى يهاجمون الشرطة، ورمز النظام الذين يريدون تدميره، في معظم الحالات، يهاجمون المسيحيين. يجب أن يسلط الضوء على نفسيتهم. أنهم إرهابيون مستعدون على المخاطرة بحياتهم ليقتلوا الآخرين، من دون أي تفسير. إنهم يقومون بذلك ضد الأبرياء، وضد فئات ينظر اليها كأعداء، المسلمين الشيعة أو الأحمديين، ولكن في كثير من الأحيان ضد المسيحيين.

كل هؤلاء الناس يعانون من المصاعب. في الصومال، حيث "الشباب" زهي المجموعة وراء مذبحة ميروبي، أساس المشكلة بين المسلمين (نظرًا الى أن عدد المسيحيين قليل) ولكنهم نقلوا المشاكل الى كينيا، بحجة أن نيروبي تساعد الكومة الصومالية لاستعادة السيطرة على البلاد. قد تكون الدوافع سياسية، ولكن أيا كان الدافع، فهو يترجم بالعنف. والأسوأ من ذلك هو المجاهرة بان العنف ينفذ باسم الإسلام.

كيف يرد المسلمون؟

يجب أن نقيّم أيضًا ردة فعل المسلمين. في بعض الحالات، يقولون: هذا أمر غير مقبول! ولكن ماذا يعني ذلك؟ ما الذي يفعلونه لوقف هذه الجماعات؟ للإجابة عن هذا السؤال يتعين علينا أن نفهم من أين يأتي العنف. في الواقع، إن التربية العقلية، والتعليم، هما ما يدفع بالإرهابي الى العنف. بالدعم من إمام مثقف، يصدر فتوى، يصبحون معتادين على استخدام العنف ضد أي شخص لا يفكر مثلهم. في باكستان، أعرب الإمام حافظ نعمان قدير، الذي هو ضد الإرهابيين، تضامنه "مع إخواننا وأخواتنا المسيحيين"، موضحا أنهم تضرروا من "الإرهابيين الذين لا دين لهم." أدان رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف بنفسه الهجوم الانتحاري، قائلا: "إن الإرهابيين لا يتقيدون بأي دين."

هذا ليس صحيحًا: إن الإرهابيين يعلنون ديانتهم! يعلنون بأنهم مسلمون. في الواقع، انهم يدّعون أنهم مسلمون حقيقيون، يطبقون الشريعة بأمانة. لتخفيف وطأة الوضع، وللأسف، يعلن المسلمون المعتدلون أن الإرهابيين "لا دين لهم" "أو ليسوا مسلمين حقيقيين، لأن الإسلام دين مسالم، الإسلام دين الوسط ولا يمكنه أن يكون متطرفًا." أنا أود أن أصدقهم، ولكن أريد أن أسألهم: ما الذي تقومون به لمحاربة هذا الإسلام الكاذب؟"

كل أسبوع تولد مجموعات جديدة أصولية، مستوحاة من الإسلام، بدعم من الأئمة الذين يهدونها ويدعمونها في استخدام العنف ضد المسيحيين أو ضد مجموعة مسلمة، أو ضد الكفار.

معظم الإسلام يقولون: "هذا ليس بإسلام صحيح!" حتى ذلك الحين يجب علينا أن نكافح ضد هذا الباطل، ونعطي تفاصيل دقيقة، ونطلب من الشرطة أن توقف هذه المجازر.

أئمة متعصبون يقودون الإرهابيين

في نيروبي، الشيخ الذي يقود مجموعة حركة الشباب الصوماليين، المسؤولة عن الهجوم، هو الشيخ علي محمود راجي، المتحدث باسمهم. وقد نشر هذه الرسالة: "نحن نسمح للمجاهدين بقتل السجناء في حال حدوث هجوم. المسيحيون الذين يتجهون نحو رجالنا أشفقوا على الرهائن داخل المبنى".

بالفعل إن استخدام مصطلح "المجاهدين" يبين الأصل الإسلامي: المجاهدون هم الذين يمارسون الجهاد، كما جاء في القرآن الكريم والحديث الشريف. إن التكتيكات التي استخدموها هي أيضا إسلامية. في مرحلة معينة سمحوا للمسلمين بالخروج من المبنى، ولتمييزهم عن بعضهم البعض، سألوهم: هل تعرفون ما اسم والدة النبي؟ (آمنة). أولئك الذين أجابوا بشكل صحيح أفرجوا عنهم وأنقذوا أنفسهم، وآخرون ظلوا رهائن وقتل العديد من الموجودين.

إنه تعصب إسلامي بأشكال مختلفة. يجب على المسلمين أولا أن يحتجوا على هذا، وليس فقط بالكلام. ويستند موقف الإرهابيين على تعليم بعض الأئمة الذين يوجهونهم ويدعمونهم، ويثقفونهم حتى يتخلوا عن كل شيء من أجل قتل.

طالما يستمر الناس في تجاهل أن هذا الموقف هو من مسؤولية الإسلام، وأن أولئك الذين يلزمون الصمت متواطؤون بشكل ما، إذًا لا جدوى من إدانة العنف، حتى ولو بتلك الطريقة تواسى عائلات المسيحيين الذين قتلوا.

هذه الاعتبارات تنطبق على باكستان، وكينيا، ومصر، وسوريا.

(يتبع)

***

نقلته الى العربية نانسي لحود- وكالة زينيت العالمية

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
البابا فرنسيس: “أنا خاطئ، نظر إليه الرب” مقابلة مع البابا فرنسيس (1)

البابا فرنسيس: “أنا خاطئ، نظر إليه الرب” مقابلة مع البابا فرنسيس (1)

انتشرت على صفحات كثيرة في إيطاليا والعالم أمس مقابلة طويلة مع البابا فرنسيس أقامها معه الأب أنطونيو سبادارو اليسوعي، والذي يدير الآن أشهر مجلة يسوعية في إيطاليا

 "الحضارة الكاثوليكية" (Civiltà Cattolica).

يفتتح سبادارو المقابلة شارحًا انطباعاته الأولى قبل المقابلة مع البابا، لافتًا إلى أن الحبر الأعظم ذهب للقائه ورافقه مضيافًا، وجرى بين "اليسوعيين" حوار سبق المقابلة تحدث فيه الأب الأقدس عن اللاهوتيين الأقرب إلى قلبه: هنري دو لوباك وميشيل دو سيرتو.

لم يلتزم سبادارو بالأسئلة التي كان قد كتبها، لأن الحوار "البركاني" مع البابا دفعه لكي يطرح سؤالاً أولاً مباشرًا جدًا: "من هو خورخي ماريا برغوليو؟"

على السؤال، هز البابا رأسه مشيرًا لقبوله السؤال وأجاب أولاً: "لا أعرف ما قد يكون الجواب الأصح. أنا خاطئ. هذا هو التعريف الأصح. وليس تعبيرًا عابرًا، أو أسلوبًا أدبيًا. أنا خاطئ".

ويتابع البابا التفكير في السؤال، كما ولو كان بحاجة لتفكير أعمق بالمسألة فيقول: "نعم، يمكنني أن أقول أنني حدق بعض الشيء، أعرف أن أتصرف، ولكن بحق أنا ساذج أيضًا".

"ولكن – أردف الأب الأقدس – الخلاصة الأفضل، تلك التي تنبع من باطني والتي أشعر بأنها الأحقّ، هي هذه: ’أنا خاطئ نظر إليه الرب‘".

وأضاف مذكرًا بشعاره البابوي: "أنا شخص نظر إليه الرب. وشعاري ’ Miserando atque eligendo‘ (نظر إليه برحمة واختاره) لطالما كان حقيقيًا وملموسًا بالنسبة لي".

ثم تابع مشيرًا إلى الأماكن القليلة التي يعرفها في روما، لافتًا إلى لوحة كارافاجو لدعوة متى العشار في كنيسة الفرنسيين المكرسة للقديس لويس: "إن إصبع يسوع الممدود نحو متى. هكذا أنا. هكذا أشعر بشأن ذاتي. مثل متى".

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الثالوث الأقدس الإله الواحد الحق (1) الله ليس إلا محبة

الثالوث الأقدس الإله الواحد الحق (1) الله ليس إلا محبة

كشف لنا يسوع أن "الله محبة" (1 يو 4، 8. 9). لقد بين عن ذلك في كلماته، في أفعاله، في حياته وفي مماته، موت الصليب. إن التجسد بحد ذاته هو كلمة حب بليغة، هو إعلان حب وكشف عن حب الله.

 يعلمنا ديونيسيوس الأريوباجي أن "المحبة هي قوة مُوَحِّدة"، والتجسد إنها هو اتحاد الله بطبيعتنا لكي يرفعها، لكي يؤلهها.

في صلاة من الليتورجية الافخارستية بحسب الطقس الماروني، نجد تعبيرًا جميلاً للوحدة التي نتحدث عنها: "وحدت يا رب لاهوتك بناسوتنا ، وناسوتنا بلاهوتك ، حياتك بموتنا وموتنا بحياتك. أخذت ما لنا ، ووهبتنا ما لك، لتحيينا وتخلصنا لك المجد إلى الأبد".

"الله محبة" يعني أمرين اثنين: إن كل أفعال وصفات الله هي أفعال محبة، وقبل كل ذلك، الله هو محبة في ذاته، في كيانه الأعمق. سننطلق من البعد الأول، الذي هو بعد تصرف الله نحو الخلائق، لكي ننظر في ما بعد في كيانه الذاتي بحسب الوحي الإلهي.

الله ليس إلا محبة

لا يمكننا أن نفهم معنى "الله محبة" إلا إذا فهمنا أن الله ليس إلاّ محبة. فمن السهل أن نعتبر المحبة من بين مختلف صفات الله، ولكننا لا نصل بهذا الشكل إلى إدراك جذرية إله المسيحيين. يدعونا الأب اليسوعي فرنسوا فاريون للمرور في نار النفي. ومن خلال مقاربة تكاد تكون استفزازية يتساءل اللاهوتي: هل الله كلي القدرة؟ ويجيب: كلا، الله ليس إلا محبة؛ هل الله لا متناهٍ؟ – كلا، الله ليس إلا محبة.

ويشرح فاريون أجوبته لافتًا إلى أن كلية قدرة الله وقوته لا علاقة لها بقوة ديكتاتور متغطرس أو قوة قنبلة نووية مدمرة. يجب أن ندرك أن كلية قدرة الله هي كلية قدرة الحب وأن الله لامتناهٍ بمعنى أن حبه لا حد له، حبه هو اللامتناهي.

بكلمات أخرى، الله لا يستطيع أن يفعل إلا ما يستطيع الحب فعله، والله لا يستطيع أن يريد إلا ما يريده الحب، والله لا يستطيع أن يكون إلا ما يستطيع الحب أن يكون.

هذا الإطار يبدل كل نظرياتنا وأفكارنا بشأن الله. إن الكثير من الملحدين لم يكونوا ليعتنقوا الإلحاد لو لم تكن فكرتهم بشأن الله غريبة وغير مقبولة لدرجة أنه يمكننا أن نقول مع خوان آرياس: "لا أؤمن بهذا الإله". فما من مؤمن يقبل بإله من هذا النوع. يجب علينا أن نعمِّد صورتنا وفكرتنا عن الله، أن نمررها بمنخل يسوع. التبشير الجديد يبدأ هنا.

إن الإنجيل هو مقياس يؤهلنا أن نقيس ونوطد فكرتنا بشأن الله. من يرى يسوع يرى وجه الله الحق. عندما ينطق يسوع بالتطويبات، عندما يلخص الشريعة بوصيتي محبة الله ومحبة القريب، عندما يغفر الخطايا، عندما يعانق الأطفال ويعلّم البسطاء، عندما يحب حتى المنتهى فينحني عند أقدام تلاميذه ويغسلها، عندما يموت غافرًا ومسلمًا روحه في يدي الآب… مع قائد المائة، ننظر إلى يسوع هذا، ونرى كيف عاش ومات ونعلن إيماننا: "كان هذا الرجل حقًا ابن الله" (مر 15، 39).

عندما نتأمل بحياة يسوع ندرك أن "الحب ليس صفة من صفات الله، بل إن صفات الله جميعها هي من صفات المحبة" (فرنسوا فاريون). الارتداد الحق هو تحويل نظرتنا بشأن الله، تغيير عقليتنا، تغيير نظرتنا؛ لا يجب أن نخلق الله على صورة أفكارنا بشأنه، بل أن نحول فكرتنا بشأن الله من خلال التبحر والتأمل بحبه الذي ظهر لنا في يسوع المسيح

(يتبع)
زينيت) الدكتور روبير شعيب

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
رؤية مستقبلية للإعداد للزواج (1) من أطروحة ” الإعداد للزواج في الكنيسة المارونية ” للأب نجيب بعقليني

رؤية مستقبلية للإعداد للزواج (1) من أطروحة ” الإعداد للزواج في الكنيسة المارونية ” للأب نجيب بعقليني

مقدّمة
هي العائلة، أحد أعمدة المجتمع اللبنانيّ، إلا أنّها تواجه اليوم العديد من المخاطر. وإلقاء اللّوم على الآخرين هو أسوأ من إتّهام الذات. في الإجمال لا يتحمّل قسم كبير من الشبيبة اللّبنانيّة أعباء مسؤولياته؛

والشباب الموارنة المؤمنون ليسوا بحال أفضل. فمن خلال مرافقتي لعدد من المخطوبين في فترة التحضير للزواج، أدركت أنّهم غالبًا ما يفتقرون إلى الجديّة المطلوبة. بالمقابل تتحمّل الكنيسة جزءًا من هذه المسؤولية، لأنّها لا تضع في تصرّفهم مادةً قادرة على الإجابة عن جميع تساؤلاتهم. وهذه الثّغرة الفادحة في التحضير للزواج تسيء إلى المخطوبين، ممّا يهدّد مستقبل العائلة المسيحيّة في لبنان، وبالأخصّ العائلة المارونيّة، ويفرض تغييرًا جذريًا، ودون أيّ مماطلة كي يتمكّن المُقدِمون على الزواج من الاتّفاق على نمط حياتهم الزوجيّة بوعي تام، الأمر اللذي يُلغي فرضيّة نشوء عدد كبير من المشاكل المستقبليّة والقادرة على إلحاق الضرر بحياتهم الزوجيّة.

ركّزت أطروحتي على صيغة تأهيليّة جديدة، تطرح مواضيع وحيثية بالغة الأهمية، إذ تجسّد أُسس الزواج المسيحيّ. الرؤية الجديدة للتحضير لِسرّ الزواج أتصوّر بأنّها أكثر غنى، وتتكيّف بطريقة أفضل مع إحتياجات المزمعين على الزواج على الصعيدين الاجتماعي والروحيّ.

1- هدف الدّراسة.

الهدف الذي سعيتُ إليه في هذا العمل الأكاديميّ، يعتبر بمثابة تحدٍّ كبير خاصةً وأنّه يطمح إلى تحقيق مشروع بغاية الأهميّة. إذ أنّ بعض الموارنة يتزوّجون في الكنيسة لأنّهم لا يملكون خيارًا آخر؛ ممّا يعني أنّ خيارهم لم يكن نابعًا عن قناعةٍ روحانيّة صلبة، قادرة على الصمود أمام جميع التحدّيات. في لبنان، وكما هو معروف تشكّل الطائفة جزءًا لا يتجزأ من الإنتمائين الوطنيّ والدينيّ، وهي بالتالي تحدّد بالنسبة للمواطنين الإطار الاجتماعي والقانونيّ، وعليه، فإنّ مَن يعتقد أنّ بإمكانه تخطّي هذا الواقع فهو واهم. أردت من خلال هذه المقاربة الحصريّة تسليط الضوء على الغنى الروحيّ للزواج المسيحيّ، وعلى قدسيّته، كما وعلى معناه الارتقائي، كما ولفتت إلى التحدّي الكبير الذي سيواجهه مستقبلاً، أيّ الزواج المدنيّ، الذي بدأ يحتلُّ مساحةً وخيارات في تفكير الشباب اللبنانيين، وبالأخصّ المسيحيين. وكي أوضّح وجهة نظري، كان عليّ التوليف بين مُعطيين، متناقضين ظاهريًّا، وهما إستحالة فسخ الزواج المسيحيّ من جهة، والتغيير الحتميّ الذي تسوقه العولمة من جهة أخرى. بالنسبة للمؤمنين، فالكنيسة المارونيّة تتماهى بالبيئة التي تنتمي إليها، ممّا يحدو بنا إلى الإقرار بأنّ التعلّق والتمسّك بأرض الأجداد هو بالضرورة صلابة الإيمان نفسه.

ولكن رويدًا رويدًا، يغدو هذا التماهي شكليًّا ويبتعد بشكل مخيف عن الأصول الدينيّة التي أوجدته. ومن هنا كان لا بدّ من أنجلة جديدة، وإلاّ سندرك أن قدسيّة الزواج لن يكون لها أي معنى.

في هذا السياق، سيعمل التجديد الروحيّ على التعلّق بتعليم الكنيسة، وإبراز الهويّة المسيحيّة الحقّة، وعليه لم يعد من الجائز الاكتفاء بلعب دور صدى الإيمان الذي لا يمكن له الاستمرار إلا من خلال الإقتداء به في المُعاش اليوميّ. وعلى هذا فالأنجلة الجديدة يجب أن تُفعِّل الدّور الرّعويّ في مساعدة المؤمنين، غير الملتزمين على إستيعاب تعاليم الكنيسة.

(يتبع)
زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
زينيت : الثالوث الأقدس الإله الواحد الحق (1) بقلم روبير شعيب

زينيت : الثالوث الأقدس الإله الواحد الحق (1) بقلم روبير شعيب

كشف لنا يسوع أن "الله محبة" (1 يو 4، 8. 9). لقد بين عن ذلك في كلماته، في أفعاله، في حياته وفي مماته، موت الصليب. إن التجسد بحد ذاته هو كلمة حب بليغة، هو إعلان حب

وكشف عن حب الله. يعلمنا ديونيسيوس الأريوباجي أن "المحبة هي قوة مُوَحِّدة"، والتجسد إنها هو اتحاد الله بطبيعتنا لكي يرفعها، لكي يؤلهها.

في صلاة من الليتورجية الافخارستية بحسب الطقس الماروني، نجد تعبيرًا جميلاً للوحدة التي نتحدث عنها: "وحدت يا رب لاهوتك بناسوتنا ، وناسوتنا بلاهوتك ، حياتك بموتنا وموتنا بحياتك. أخذت ما لنا ، ووهبتنا ما لك، لتحيينا وتخلصنا لك المجد إلى الأبد".

"الله محبة" يعني أمرين اثنين: إن كل أفعال وصفات الله هي أفعال محبة، وقبل كل ذلك، الله هو محبة في ذاته، في كيانه الأعمق. سننطلق من البعد الأول، الذي هو بعد تصرف الله نحو الخلائق، لكي ننظر في ما بعد في كيانه الذاتي بحسب الوحي الإلهي.

الله ليس إلا محبة

لا يمكننا أن نفهم معنى "الله محبة" إلا إذا فهمنا أن الله ليس إلاّ محبة. فمن السهل أن نعتبر المحبة من بين مختلف صفات الله، ولكننا لا نصل بهذا الشكل إلى إدراك جذرية إله المسيحيين. يدعونا الأب اليسوعي فرنسوا فاريون للمرور في نار النفي. ومن خلال مقاربة تكاد تكون استفزازية يتساءل اللاهوتي: هل الله كلي القدرة؟ ويجيب: كلا، الله ليس إلا محبة؛ هل الله لا متناهٍ؟ – كلا، الله ليس إلا محبة.

ويشرح فاريون أجوبته لافتًا إلى أن كلية قدرة الله وقوته لا علاقة لها بقوة ديكتاتور متغطرس أو قوة قنبلة نووية مدمرة. يجب أن ندرك أن كلية قدرة الله هي كلية قدرة الحب وأن الله لامتناهٍ بمعنى أن حبه لا حد له، حبه هو اللامتناهي.

بكلمات أخرى، الله لا يستطيع أن يفعل إلا ما يستطيع الحب فعله، والله لا يستطيع أن يريد إلا ما يريده الحب، والله لا يستطيع أن يكون إلا ما يستطيع الحب أن يكون.

هذا الإطار يبدل كل نظرياتنا وأفكارنا بشأن الله. إن الكثير من الملحدين لم يكونوا ليعتنقوا الإلحاد لو لم تكن فكرتهم بشأن الله غريبة وغير مقبولة لدرجة أنه يمكننا أن نقول مع خوان آرياس: "لا أؤمن بهذا الإله". فما من مؤمن يقبل بإله من هذا النوع. يجب علينا أن نعمِّد صورتنا وفكرتنا عن الله، أن نمررها بمنخل يسوع. التبشير الجديد يبدأ هنا.

إن الإنجيل هو مقياس يؤهلنا أن نقيس ونوطد فكرتنا بشأن الله. من يرى يسوع يرى وجه الله الحق. عندما ينطق يسوع بالتطويبات، عندما يلخص الشريعة بوصيتي محبة الله ومحبة القريب، عندما يغفر الخطايا، عندما يعانق الأطفال ويعلّم البسطاء، عندما يحب حتى المنتهى فينحني عند أقدام تلاميذه ويغسلها، عندما يموت غافرًا ومسلمًا روحه في يدي الآب… مع قائد المائة، ننظر إلى يسوع هذا، ونرى كيف عاش ومات ونعلن إيماننا: "كان هذا الرجل حقًا ابن الله" (مر 15، 39).

عندما نتأمل بحياة يسوع ندرك أن "الحب ليس صفة من صفات الله، بل إن صفات الله جميعها هي من صفات المحبة" (فرنسوا فاريون). الارتداد الحق هو تحويل نظرتنا بشأن الله، تغيير عقليتنا، تغيير نظرتنا؛ لا يجب أن نخلق الله على صورة أفكارنا بشأنه، بل أن نحول فكرتنا بشأن الله من خلال التبحر والتأمل بحبه الذي ظهر لنا في يسوع المسيح

(يتبع)

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
“المجمع الفاتيكاني الثاني والشرقيون”(1) تحليل الكاردينال ساندري

“المجمع الفاتيكاني الثاني والشرقيون”(1) تحليل الكاردينال ساندري

يذكّر الكاردينال ساندري قائلًا: ""ليوحدّنا الصليب جميعًا!"، هذه هي أمنية المجمع الفاتيكاني الثاني للمسيحيين من كافّة الطوائف بما في ذلك "علاقاتهم مع الأديان الأخرى ومع كلّ رجل وإمرأة

ذوي النوايا الحسنة".

إفتتح الكاردينال ليوناردو ساندري، عميد مجمع الكنائس الشرقية بالفاتيكان، سلسلة من المؤتمرات لسنة الإيمان نظّمها المعهد البابوي الروماني في روما في 18 أبريل وتحت العنوان التالي: "المجمع الفاتيكاني الثاني والشرقيّون".

وأشار الكاردينال إلى أنّ هذه المؤتمرات تتناول "الحركة المسكونيّة" على نطاقٍ واسعٍ، وحتى لو أنّ عنوانها "مُضمرٌ في النص"، ففي الواقع، ساهم المجمع الفاتيكاني الثاني في التشديد على "رسالة الحركة المسكونيّة" للكنائس الكاثوليكيّة الشرقيّة.

وعلى ضوء هذا المجمع، أمل الكاردينال أن "يوحّد الصليب" جميع المسيحيّين، وشرح بأنّها "الأمنية الفصحية والمجمعيّة بالكامل" وهي موجّهة إلى جميع المسيحيّين من كافّة الطوائف". ويعني هذا الإثبات أيضًا "كلّ ما يتعلّق بالعلاقات مع الأديان الأخرى ومع كلّ رجل وإمرأة ذوي النوايا الحسنة".

الشرق المسيحيّ في المجمع

كما أشار الكاردينال ساندري، في ما يتعلّق بالشرق المسيحي في المجمع، إلى أنّ حوالى 200 شرقيًّا وأكثر من 2000 لاتينيًّا شاركوا في المجمع.

هذا وذكّر الكاردينال بالدستور العقائدي (Lumen Getium) "نور الأمم" الذي يؤكّد على الأصل الرسولي للكنائس الشرقية، ومرسوم (Orientalium Ecclesiarum) "الكنائس الشرقيّة" المكرّس بكامله لها بما فيه علاقاتها مع الأرثوذكس ومرسوم "Unitatis Redintegratio" يتمحور حول الحركة المسكونيّة ويعود أيضًا إلى الكاثوليك الشرقيين.

كما ذكّر بمرسوم "Christus Dominus" الذي يُعنى بالأساقفة ويسترجع العناية الرعويّة المطلوبة من الأساقفة اللاتينيين إزاء الكاثوليك الشرقيين ومرسوم "Presbyterorum Ordinis" الذي يتضمّن حياة الكهنة ويذكّر بالعزوبيّة وبالكهنة الشرقيين المتزوجين.

وإستحضر، من بين النصوص المصدّقة من صناديق إقتراع "مُبينة"، نصّ (Orientalium Ecclesiarum) "الكنائس الشرقيّة" الذي حصد 2110 صوتًا من أصل 2149 وحصد نصّ "Unitatis Redintegratio"  2137 صوتًا من أصل 2148.

وأضاف الكاردينال بالقول أنّه جرى أيضًا "اليوم الملكيّ" في المجمع والدعوة الملكيّة التي تعتبر كإشارة إلى الحركة المسكونيّة ألا وهي حفظ الكنيسة الأرثوذكسيّة الشرقيّة "في القلب" وذلك بالتوحد مع الكاثوليكيّة.

"اللّؤلؤة المجمعيّة"

ولكنّه ذكّر بالأخصّ بـ"لؤلؤة مجمعيّة" تشكّل الإعتراف بالأصل الرعويّ للكنائس الكاثوليكيّة الشرقيّة وبشكلٍ خاص في دستور (Lumen Gentium) "نور الأمم" الذي يسند أصلها إلى "العناية الإلهيّة" وذلك من خلال القول التالي: "أرادت العناية الإلهيّة أن تجتمع الكنائس المختلفة، التي أنشأها الرسل وخلافاؤهم في أماكن مختلفة، مع مرور الوقت كمجموعات عدّة متوحّدة نظاميًّا وهي تتمتّع بنظام وطقس خاصّان بها وبتراثها اللّاهوتي والروحيّ، مع الإحتفاظ بوحدة الإيمان وبوحدة الدستور الإلهي الفريد للكنيسة الجامعة.

وبالنسبة إلى الكاردينال ساندري ترتكز سمة هذه "اللؤلؤة" على "التعاون الكامل مع الكنيسة الرسوليّة في روما" المذكور في مرسوم (Orientalium Ecclesiarum) "الكنائس الشرقيّة" ألا وهو "يوجد بين تلك الكنائس تعاونًا رائعًا بحيث يعطيها التنوع في الكنيسة قيمةً وذلك بالإبتعاد عن إلحاق الضّرر بوحدتها.

بالإضافة إلى ذلك، ذُكر في مرسوم (Orientalium Ecclesiarum) "الكنائس الشرقيّة" أنّ الكنائس الكاثوليكيّة تعبّر عن "إحترامها" للكنائس الشرقيّة بسبب أصلها الرعويّ: "لأنّ الأقدميّة الجليّة التي تفتخر بها هذه الكنائس يضيئ فيها الكهنة التقليد الذي يأتي من الرسل والذي يشكّل جزءًا من التراث غير المجزّأ للكنيسة جمعاء وتمّ إلهامه من الله".

وشدّد الكاردينال ساندري أنّ رعاية الكنيسة الجامعة للكنائس الشرقيّة، التي يعبّر عنها المجمع، لا تعدّ بالتالي "أمنيّة عاطفيّة بسيطة" بل أنّها "مداولة لاهوتيّة وقانونيّة" "تجمع الكرسي الرسولي بالكنائس الشرقية الكاثوليكيّة، ومع بعضها البعض وبكنائس أخرى.   

(يتبع)

***

نقلته إلى العربية ميريام سركيس- وكالة زينيت العالمية

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
مختارات من كتابات الكاردينال برغوليو (البابا فرنسيس) (1)

مختارات من كتابات الكاردينال برغوليو (البابا فرنسيس) (1)

ما الموقف الذي يتخذه البابا فرنسيس من مواضيع كالأخلاقيات، والعائلة، والتعليم، والشبيبة، والسلطة السياسية، والاتجار بالبشر، والعدالة الإجتماعية، ومواضيع أخرى؟

نشرت أبرشية بوينس أيرس عددًا من النصوص التي تسلط الضوء على هذه القضايا وغيرها، وهي مستمدة من تعاليم رئيس الأساقفة خورخيه ماريو برغوليو.

إليكم في ما يلي ترجمة عن المقتطفات:

الإجهاض

الإجهاض لا يعتبر أبدًا كحلّ. من ناحيتنا يجب علينا أن نسمع، وندعم، ونفهم بهدف إنقاذ حياتين: احترم الإنسان الصغير الذي لا يمكنه الدفاع عن نفسه، واعتمد تدابير يمكن أن تحافظ على حياته، اسمح بولادته ومن ثم كن خلّاقًا بإيجاد طرق من شأنها أن تقود الى نموه الكامل. (16 سبتمبر، 2012).

الدفاع عن الحياة

قال يسوع للناس الذين دهشوا عندما تناول الطعام مع الخاطئين والعشارين: "إن العشارين والزواني يسبقونكم الى ملكوت الله"، فهم كانوا الأسوأ في ذلك الزمان. يؤسفني القول أن أولئك الناس هم الذين ملأوا كنيسة الرب بالتعاليم، وإن بدا الأمر كانتقاد أو إهانة، سامحوني، ولكن يتواجد في كنسيتنا كهنة يرفضون منح سر المعمودية لأطفال أمهات غير متزوجات لأنه برأيهم لم يكوّن الطفل في كنف قدسية الزواج. هؤلاء هم الذين ينافقون اليوم. هؤلاء هم الذين يقودون شعب الله بعيدًا عن الخلاص. وأما الفتاة التي لم تجهض طفلها بل تحلت بالجرأة لإنجابه، فتتنقل من رعية الى أخرى باحثة عن كاهن ليعمّده. (2 سبتمبر، 2012).

التعليم

عندما رأيت النص قبل القداس، بدأت أفكر بين الطريقة التي كانت تعيش بها الجماعات الأولى وبين قداس اليوم. وتساءلت ألا يجب أن نوجه سعينا التعليمي لتحقيق التناغم: التناغم بين جميع الفتيان والفتيات الذين أوكلوا الينا، تناغم داخليّ، تناغم في شخصيتهم. إن عَمِلنا كحرفيين، على مثال الله، نعطي شكلًا لحياة هؤلاء الأطفال، سنكون قادرين إذًا على تحقيق التناغم، وإنقاذهم من التنافرات التي هي مظلمة دائمًا. ولكن التناغم منير، واضح، هو نور. إن تناغم قلب ينمو، الذي ندعمه في سعينا التعليمي هذا، هو الذي يجب أن يتحقق. (…) غالبًا ما أفكر حين أرى هذه الوجودية النسبية جدًّا المقترحة على الشباب أينما كان والتي لا تملك أي نقطة مرجعية، وهي تعود لنبي بوينس أيرس: "أعطه أي شيء…فكل شيء متشابه، ففي النهاية سنجتمع في أتون النار." فحينها هؤلاء الشباب، الذين لا يملكون أدنى فكرة عن الحدود وهم يتوجهون نحو المستقبل، هم في الأتون! الآن! وسوف نلتقي في أتون النار! وفي المستقبل سيكون لدينا رجال ونساء في الأتون! (18 أبريل، 2012).

الإتجار بالبشر

نريد اليوم في المدينة أن تسمع صرخة سؤال الله: "أين أخوك؟" فليصل سؤال الله هذا الى كل المدن المجاورة، وليمر في قلوبنا، وفوق كل شيء فليدخل في قلوب "قايين" عصرنا هذا. لربما سيسأل أحدهم: أي أخ؟ أين أخوك العبد، هذا الذي تقتله كل يوم في ورشة عمل سرية، في شبكة للدعارة، في شباب تستخدمهم للإتجار بالمخدرات، للسرقة، فتجعلهم يعملون في الدعارة. أين أخوك الذي كمتشرد يتوجب عليه أن يعمل في السر لأنه لم يحصل على أوراق رسمية بعد. أين أخوك؟ وفي وجه هذا السؤال، يمكننا أن نتصرف كما فعل الكاهن الذي مر بجانب الرجل المصاب، يمكننا أن نتظاهر بالنظر بعيدًا كما فعل اللاوي، لأن هذه المشكلة ليست من شأني بل من شأن أحد آخر. هذا السؤال يعني الجميع! لأن تجارة البشر بدأت في هذه المدينة، هذه الجريمة الشاذة من فعل المافيا (كما وصفها بشكل دقيق منذ أيام قليلة مسؤول ما:) المافيا والجريمة الشاذة! (5 سبتمبر، 2012).

مسألة اجتماعية

نعتاد شيئًا فشيئًا على سماع وقائع سوداء لمجتمعنا المعاصر ورؤيتها من خلال وسائل الإعلام، التي تقدمها لنا بابتهاج، كما نعتاد أيضًا على لمسها والشعور بها من حولنا وفي أجسادنا. الدراما في الشارع، في الأحياء، في منزلنا، ولن نخفي، في قلوبنا أيضًا. نحن نعيش مع عنف قاتل، يدمر العائلات، ويحفز الصراعات والحروب في العديد من البلدان حول العالم. نحن نتعايش مع الحسد، والكراهية، والافتراء، والدنيوية في قلوبنا. إن معاناة الأبرياء والمسالمين لا تتوقف عن ضربنا، وازدراء حقوق الأشخاص الأكثر هشاشة والشعوب غير البعيدين عنا، وتسلط المال مع آثاره الشيطانية، كالمخدرات، والفساد، والإتجار بالبشر، من ضمنهم الأطفال، الى جانب الفقر الأخلاقي والمادي هم العملة الحالية. تدمير العمل المناسب، والهجرة المؤلمة، وعدم وجود مستقبل، كل ذلك يضاف الى هذه السمفونية. خطايانا وأخطاؤنا نحن ككنيسة ليست خارج عن هذه الصورة. إن معظم الأنانيات الشخصية مبررة ولكن لا تقل بسبب ذلك، تنقص القيم الأخلاقية في مجتمع، الذي وعلى الرغم من التعايش بين المدن يكلمنا عن ضعفنا، وعن عجزنا عن تحويل هذه الحقائق المدمرة التي لا تحصى.

التبشير

لا يكفي أن حقيقتنا أرثوذكسية وأن عملنا الرعوي فعّال. فمن دون فرح الجمال، تصبح الحقيقة باردة وحتى مشردة كالذي نراه يحدث في خطابات عدة أصوليين. يبدو وكأنهم يمضغون الرماد بدلًا من أن يتذوقون عذوبة حقيقة المسيح، الذي ينير بنور وديع ملء الحقيقة، فارضًا إياها كما هي كل يوم. فمن دون جمال الفرح يصبح العمل من أجل الخير كفاءة كئيبة، كما هو الحال في عمل العديد من الناشطين الذي يتم إرسالهم بعيدًا. يبدو وكأنهم يغطون الحقيقة بالحداد الإحصائي، بدلًا من مسحها بالزيت الداخلي للفرح الذي يبدل القلوب، واحدًا تلو الآخر من الداخل. (22 أبريل، 2012).

الدفاع عن الزواج

إن هوية العائلة واستمراريتها على المحك: الأم، والأب، والطفل. إن حياة عدة أطفال على المحك، فسوف يهمشون مسبقًا ويحرمون من النضوج البشري الذي يشاء الله أن يحدث مع أب وأم. إنّ رفض شريعة الله المطبوعة في قلوبنا أيضًا على المحك. لا يجب علينا أن ندعي السذاجة: هذا ليس صراع سياسي صغير، بل هو ذريعة لتدمير مشروع الله. ليست مجرد مسألة مشروع تشريعي بل "تحرك" أب الأكاذيب الذي يحاول أن يضلل ويربك أبناء الله. (8 يوليو، 2010).

العدالة الاجتماعية

إن العدالة هي التي تفرّح القلب: عندما يكون هناك ما يكفي للجميع، عندما يرى الشخص بأن هناك مساواة، وإنصاف، ولكل واحد ما يحتاجه. عندما يرى الشخص أنه يوجد ما يكفي للجميع، إن كان شخصًا جيّدًا، فسيشعر بفرح في قلبه. قلب كل واحد يتسع وينصهر مع قلب الآخرين ويجعلنا ذلك نحب الوطن. يزدهر الوطن حين نرى "المساواة النبيلة على العرش" بحسب ما جاء في نشيدنا الوطني. في المقابل يجعل الظلم كل شيء مظلم. كم من المحزن أن يرى الشخص أنه يوجد ما يكفي للجميع ولكن ذلك لم يحقق بعد (…)إن قول "كل الشباب" كقول "كل المستقبل". وقول "كل متقاعد" كإعادة فرز كل التاريخ. يعلم شعبنا أن الكل أكبر من الأجزاء، ولذلك نطلب "الخبز والعمل للجميع." ولكن يوجد من يصنع كنوزًا له لهذا اليوم فقط، الشخص الذي يملك قلبًا صغيرًا ومغرورًا ويفكر أي شريحة سيأخذ معه عند موته. لا أحد يأخذ معه شيئًا. لم يسبق لي أن رأيت شاحنة تتبع موكب جنازة. كانت جدتي تقول لنا: "لا يوجد جيوب في الكفن." (7 أغسطس 2012).

*سيتم نشر القسم الثاني من المقتطفات

***

نقلته الى العربية نانسي لحود- وكالة زينيت العالمية

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
كنيسة للجميع! (1)

كنيسة للجميع! (1)

لا شكّ بأن انتخاب البابا فرنسيس قد اثار ضجّة كبيرة في العالم!  ولا شكّ في أن سلوكه البسيط أثار إعجاب معظم النّاس الّذين استساغوا طريقته "الشعبيّة" في مقاربة منصب يعتبر من الأهمّ

على مستوى كوكبنا الأرض.

ولكن لا بدّ من التوقّف أمام اللقب الّذي تردّد كثيرًا في الايّام الأخيرة وهو "بابا الفقراء" وقد كنت أيضًا ممّن استخدموه إلى أن تنبّهت إلى مسألةٍ خطيرةٍ بدأت بالظهور تدريجيًّا في وسائل الإعلام.

فقد دأبت هذه الوسائل المتعدّدة من تلفازٍ وصحف ومواقع إلكترونيّة على التركيز على تصرّفات البابا بصورةٍ كثيفة وعمد بعضها إلى إجراء مقارنات مع أسلافه بصورةٍ تجعل القارئ يظن وكأن الكنيسة لم تكن معنيّة بالفقراء قبل قدوم البابا فرنسيس!

 لذا يأتي المقال ليؤكّد على حقيقة أساسيّة: الكنيسة لجميع النّاس وليست كنيسة الفقراء بمواجهة الأغنياء كما ليست كنيسة الأغنياء بمواجهة الفقراء، بل جماعة المؤمنين الّذين يهتمّ كلّ منهم بالآخر وفق تعاليم الربّ يسوع ووفق النّموذج الّذي طبّقته الكنيسة الأولى ومن هناك ننطلق.

1-                  في الأناجيل: كنيسة للفقراء وللأغنياء!

ولد الربّ يسوع كالفقراء في مكانٍ وضيع هو مزود في قاعة للضيوف (لوقا 2:  7) وقدّمت عنه في الهيكل تقدمة الفقراء، "زَوجَيْ يَمَام، أَو فَرْخَيْ حَمَام" (لوقا 2:  24).

وتضامن كثيرًا مع الفقراء وكان له الكثير من المواقف في مواجهة الأغنياء ولكنه لم يشجّع الفقير كي بيقى فقيرًا ولم يهاجم الغنيّ لمجرّد أنّه غنيّ!

هناك نصٌّ أثّر كثيرًا في تفسير موقف يسوع تجاه الأغنياء وهو نصّ الشاب الغنيّ ونقتبس منه، بعد أن أكّد ليسوع بأنّه يحفظ الوصايا، ما يلي: "قَالَ لَهُ يَسُوع: "إِنْ شِئْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً، فَاذْهَبْ وبِعْ مَا تَمْلِك، وأَعْطِ الفُقَرَاء، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ في السَّمَاء، وتَعَالَ اتْبَعْنِي!". فلَمَّا سَمِعَ الشَّابُّ هـذَا الكَلامَ مَضَى حَزِيْنًا، لأَنَّهُ كَانَ صَاحِبَ مُقْتَنَيَاتٍ كَثِيْرَة. وقَالَ يَسُوعُ لِتَلامِيْذِهِ: "أَلـحَقَّ أَقُولُ لَكُم: يَصْعُبُ على الغَنِيِّ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَات". وأَيْضًا أَقُولُ لَكُم: إِنَّهُ لأَسْهَلُ أَنْ يَدْخُلَ جَمَلٌ في ثِقْبِ إِبْرَة، مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ مَلَكُوتَ الله"." (متى 19:  21-24)!

لطالما فسّر هذا النصّ من قبل الكثيرين كإدانة للغنى بشكلٍ عام… ولكن وجود عدّة أغنياء في محيط يسوع المباشر يدحض هذه المقولة وخاصّةً في نموذج زكّا العشّار (لوقا 19:  1-10) الّذي قبل يسوع توبته بمجرّد أن فكّر بالتعويض على من أساء إليهم أو ظلمهم وقدّم ممّا لديه للفقراء!

ما يجب أن نفهمه من خلال نصّ الشاب الغنيّ كما من خلال نصّ الغنيّ الجاهل (لوقا 12:  16-21) هو أن يسوع يدين الغنيّ الأنانيّ والغنيّ الّذي لا دور للّه في حياته ويحبّ المال أكثر من الله!

من جهةٍ أخرى، لم يطوّب الربّ الفقراء لأنّهم فقراء بل لأنّهم "فقراء بالرّوح" (متى 5:  3) أي على استعداد ليملأهم الله من روحه بدل أن ينتفخوا من روح العالم!

ولو أراد الربّ أن يبقى الفقراء فقراء لما شجّع على العطاء والصدقة والتضامن من خلال تعاليمه (متى 6:  2-4) ،على أن تبقى هذه المساعدات سريّة كي لا تحرج المحتاج ولا تنفخ المعطي!

وكذلك لم يطوّب الربّ الجياع إلى الطعام والعطاش إلى الشراب، بل طوّب الجياع والعطاش إلى البرّ (متى 5:  6) أي إلى سماع كلمة الله والاتّحاد به والعمل بوصاياه!

حارب الربّ يسوع بوضوح الفقر والجوع والحرمان ولم يشجّع أحدًا على البقاء على حاله كما حارب الأنانيّة لدى الأغنياء… ولكن منطلقه كان المحبّة وليس وضع الفقراء والأغنياء بمواجهة بعضهم البعض بل بناء جسر تواصل فيما بينهم على قاعدة المحبّة الشاملة…

لا بدّ هنا أيضًا من التنبيه بأنّ الربّ يسوع حذّرنا من مغبّة استغلال محبّة الفقراء لتمرير مشاريع مشبوهة يوم ورد في نصّ دهنه بالطّيب ما يلي:" وأَخَذَتْ مَرْيَمُ قَارُورَةَ طِيبٍ مِنْ خَالِصِ النَّاردِينِ الغَالِي الثَّمَن، فَدَهَنَتْ قَدَمَي يَسُوعَ، ونَشَّفَتْهُمَا بِشَعْرِهَا، وعَبَقَ البَيْتُ بِرَائِحَةِ الطِّيب. قَالَ يَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطيّ، أَحَدُ تَلامِيذِ يَسُوع، الَّذي كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يُسْلِمَهُ: "لِمَاذَا لَمْ يُبَعْ هـذَا الطِّيبُ بِثَلاثِ مِئَةِ دِينَار، ويُوَزَّعْ ثَمَنُهُ على الفُقَرَاء؟". قَالَ هـذَا، لا اهْتِمَامًا مِنْهُ بِالفُقَرَاء، بَلْ لأَنَّهُ كَانَ سَارِقًا، والصُّنْدُوقُ مَعَهُ، وكَانَ يَخْتَلِسُ مَا يُلْقَى فِيه. فَقَالَ يَسُوع: "دَعْهَا! فَقَدْ حَفِظَتْهُ إِلى يَوْمِ دَفْنِي! أَلفُقَرَاءُ مَعَكُم في كُلِّ حِين. أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ في كُلِّ حِينٍ مَعَكُم"." (يوحنّا 12:  3-8).

لا يعني ذلك أبدًا إهمال يسوع للفقراء بل حرصه على عدم استغلالهم لمآرب خاصّة أو لتحقيق مكاسب شخصيّة باسمهم وباسم حاجاتهم.

ولا ضرورة للشرح بأن الربّ يسوع رفض استخدام العنف كوسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعيّة مفضّلًا الموت على الصّليب والغفران لصالبيه دون أن يعني ذلك أنّه على الإنسان السكوت عن حقوقه البديهيّة لأنّه كان المبادر للدّفاع عنها إنطلاقًا من اعتباره كلّ النّاس أبناء لله، متساوين في الكرامة وفي حقّ الوجود!

هذا ما فهمته الجماعة المسيحيّة الأولى، كما سيظهر من خلال كتاب أعمال الرّسل.

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
المؤتمر العلمي الاعلامي لكلية الاعلام – 1

المؤتمر العلمي الاعلامي لكلية الاعلام – 1

تنطلق اليوم في كلية الاعلام والتوثيق – الفرع الاول في الجامعة اللبنانية، أعمال المؤتمر العلمي الاعلامي الذي تنظمه الكلية بعنوان "الصحافة المتخصصة: الاعلام التربوي نموذجا في مبنى الكلية في الاونيسكو "

 في رعاية رئيس الجامعة الدكتور عدنان السيد حسين. ويتحدث في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر نقيب الصحافة محمد البعلبكي، نقيب المحررين الياس عون، المدير العام لوزارة الاعلام حسان فلحة، عميد كلية الاعلام جورج كلاس، الى راعي المؤتمر السيد حسين، والادارة لمدير الكلية – الفرع الاول الدكتور إياد عبيد.
وتعقد أربع جلسات، الاولى بعنوان "الصحافة المتخصصة: الحاجة – النشأة التطور"، والثانية "الصحافة التربوية"، ثم "الصحافة الالكترونية"، وأخيرا "تجارب عملية". وتعلن التوصيات لاحقا وتنشر مع الاوراق في عدد خاص من مجلة كلية الاعلام.

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
السنة الطقسيّة بحسب الطقس اللاتيني (1)

السنة الطقسيّة بحسب الطقس اللاتيني (1)

ماذا تعني السنة الطقسيّة ؟ السنة الطقسية مؤلَّفة من 52 أسبوع، كالسنة العاديّة. ولكن مع تنظيم خاص. لماذا هي طقسيّة (ليتورجيّة)؟ لأنّها مركَّزة على الليتورجيا، التي هي صلاة الكنيسة.

          في هذه السنة (الليتورجية)، يُقدَّم من خلال الإحتفالات الليتورجيّة، يسوع المسيح، رسالته وحياته. وتُقدِّم أيضاً الكنيسة من خلال صورة العذراء مريم والقديسين، الذين عاشوا تعاليم يسوع بشكلٍ كامل. يمكننا أنّ نقول، أنَّ السنة الطقسيّة هي طريق المسيحيين ليتعرَّفوا وليستقبلوا يسوع في حياتهم.

الأساس :

         الأحد هو أساس السنة الطقسيّة، لأنَّه يوم قيامة يسوع المسيح. كان المسيحيّون الأولون يحتفلون في هذا اليوم بالفصح الأسبوعي. ولهذا يعتبر يوم الأحد يوم الربّ، يوم الإفخارستيا. فيما بعد، ولكي يتعمَّقوا ويعيشوا أكثر في أسرار يسوع، لقد طوَّروا الدورة الفصحية والدورة الميلاديّة.

المحتوى :

تحتوي السنة الطقسيّة على الزمن العادي والزمن القدسي. الأول يتضمَّن الدورة الميلاديّة مع الأزمنة التالية: زمن المجيء وزمن الميلاد، ويتضمَّن أيضاً الدورة الفصحيّة مع الأزمنة التاليّة: زمن الصوم وزمن الفصح، ومعها 34 أحد من الزمن العادي. أمّا الزمن القدسيّ فيتضمَّن كلّ الأيام التي تحتفل الليتورجيا بذكرى القديسين.

         هناك أيضاً الثلاثيّة الفصحيّة التي نتذكَّر خلالها آلام وموت وقيامة يسوع المسيح والتي هي مركز وركن ومحور كلّ السنة الطقسيّة.

         فالسنة الطقسيَّة تبدأ مع زمن المجيء وتنتهي في الأحد يسوع الملك أيّ الأحد 34 من الزمن العادي.

الهدف :

السنة الطقسيّة هي طريق خاصة للسلوك نحو الخلاص، لأنَّ الكنيسة من خلالها تُعيد حضور سرّ الفداء مع نِعَمِه الغزيرة. إذن السنة الطقسيّة هي سنة نِعْمَة من الرب، ولهذا من خلال تعاطي وعلاقة المسيحي مع هذا الزمن، تتغيَّر حياته الخاصة وتتطوَّر وتنمو نحو الافضل والأسمى وتعيش على مثال الآباء القديسين.

ألوان السنة الطقسيّة :

         نجد في السنة الطقسيّة ألواناً خاصةً بها تشرَح وتعبِّر عن الزمن الذي نعيشه. ويمكننا القول أنَّها رموز تساعدنا على معرفة الزمن أو العيد الذي نحتفل به. في مقدمة كتاب الصلوات الطقسيّة Messale Romano، نجد ما يلي : إنَّ هدف إختلاف الألوان في الثياب الطقسيّة هو الشرح من خلال الوسائل الخارجيّة عن خاصيَّة أسرار الإيمان التي يُحتفَل بها وهو أيضاً معنى الحياة المسيحيّة التي في طريق طويل ضمن طريق السنة الليتورجيّة (37).

–         اللون البنفسجي Viole : يرمز إلى الإنتظار والتوبة… يُستعمل في زمن المجيء وفي زمن الصوم وقداديس الموتى.

–    اللون الأبيض Blanche : يرمز إلى القيامة والطهارة والفرح. يُستعمل في زمن الميلاد وزمن الفصح وفي الأعياد السيّديّة وفي أعياد السيّدة العذراء وفي أعياد القديسين الذين ليسوا شهداء.

–         اللون الأخضر Vert: يرمز إلى الأمل والثبات في الطريق والسماع المثابر. يُستعمل في الزمن العادي.

–    اللون الأحمر Rouge :يرمز إلى الحبّ والشهادة. يُستعمل في أحد الشعانين، فييوم الجمعة العظيمة، في أحد العنصرة وفي إحتفالات القديسين الشهداء.

–         اللون الذهبي Ore : يرمز إلى الملوكيّة. ويمكن إستعماله للتركيز على أهميّة بعض الأعياد الكبرى التي نحتفل بها.

كما إنَّه يوجد أيضاً لونَين آخريَن، ولكن من النادر إستعمالهما وهما :

–         اللون الزهري : الذي يمكن إستعماله في ثالث أحد من زمن المجيء وفي رابع أحد من زمن الصوم.

–         اللون السماوي : الذي يذكِّرنا بالسماء. ويمكن إستعماله في إحتفالات إعياد السيّدة العذراء.

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
ما هي الصلاة؟ في حميمية الله. دراسة حول الصلاة (1)

ما هي الصلاة؟ في حميمية الله. دراسة حول الصلاة (1)

مقدمـــة : مما لا شكّ فيه أن طرح أي موضوع روحي وبخاصة موضوع الصلاة، في عالم غارق في المادة ومتّكل على التطور التكنولوجي السريع جداً والذي لم تشهد له البشرية

مثيل خلال مسيرتها التاريخية، إنما يضع صاحبه في خانة الإنسان "التقليدي – المتأخر" عن مواكبة هذا العصر الحديث، والمتعلق بـ "أوهام" تبعده عن الواقع المعاش.

وحكم كهذا إنما صادر بدون شك عن الإنسان "الواقعي[1] – المادي" الذي لا بد وأنه قد تخلّى عن ممارسة الصلاة في فترة ما من حياته بعد أن "لمس عدم فائدتها". فذهب يبحث لنفسه عن مصدر آخر يشبع منه رغباته ويضمن مصالحه ويحقق أحلامه …

إن الصلاة مغامرة ومغامرة صعبة لا بل شاقة وخطيرة، يمارسها أغلبية الناس – إن لم نقل جميعهم– في بداية حياتهم. إلا أن الأكثرية الساحقة تفشل[2] فتتوقف. وأمّا البقية الباقية فتبقى مجاهدة حتى تصل إلى النهاية، فيصبح عندنا ما يعرف بـ "رجال صلاة".

إن صعوبة هذه المغامرة يكمن في التحدي الذي نفرضه على ذاتنا في أن نكمل المسيرة أو لا نكملها. فإكمال المسيرة يتطلب جهداً ثابتاً وشجاعة كبيرة وإرادة لا تلين أمام مختلف ما قد نواجهه من عقبات لا يمكن أن نتصورها. إن ما تتطلبه مسيرة الصلاة من صفات لا يكون حصيلة سعي بشري وإنما هي هبة من الروح[3]. وهذه الهبة تبقى مرتبطة إرتباطاً وثيقاً برغبة الإنسان في الحصول عليها، لأن النعمة الإلهية لا تتأتى إلا لطالبها[4]. وبدون أن نطلب لا نستطيع الحصول على شيء …

ما هي الصلاة ؟

بشكل عام وأساسي يمكن تحديد الصلاة بأنها :

علاقة شخصية مع الله الآب والدخول في حوار مباشر معه، بمساعدة من الروح القدس …

لهذا فإنه من الصعب جداً إعطاء تعريف محدد لها. لأن الصلاة موهبة من الله أعطيت لكل البشر من دون إستثناء، على إختلاف توجهاتهم وقناعاتهم وإنتماءاتهم ومذاهبهم… قبل أن تكون عمل إنساني. فيكون أن كل إنسان هو صاحب موهبة تعطيه القدرة على إقامة علاقة فردية قابلة للتطور مع الله. وهو، أي الإنسان، متى دخل في هكذا علاقة فإنه يصبح له، وعلى حسب نضوجه ونموه في علاقته مع الله، تحديدات خاصة به، تختلف عن تحديدات "الآخر" لها. وبالتالي يصبح عندنا تحديدات لا محدودة للصلاة، وتصبح الصلاة مرآة تنعكس عليها طريقة عيش كل واحد منّا. وبقولنا علاقة شخصية مع الله الآب، فإن هذا يعني أن الصلاة هي أيضاً خروج من الذات لنفس مشتاقة وباحثة دوماً عن الله من أجل إقامة تلك العلاقة معه. وبقولنا حوار، فإن هذا يعني أيضاً بأن الصلاة هي كذلك إصغاء لذلك الذي نحاوره[5].

من تحديدات الصلاة :

                       · الصلاة هي تنفس نفس إستسلمت لإرادة الله من خلال "نعم" أعلنتها له.

                       · الصلاة توجيه عميق للنفس صوب الله وتنبّه وتيقّظ دائم لحضوره.

                       · فعل إيمان وحب.

                       · التفكير بالله ونحن نحبّه.

وهي تتطلب:

                       · إيماناً عميقاً بالله وشوقاً ملحّاً إلى معرفته عن طريق الحب والخبرة.

                       · مثابرة في البحث دون إنتظار أية نتيجة ظاهرة أو ملموسة.

                       · تجرّد عن كل غاية إنتفاعية.

                       · إستسلام بنوي لله وإنتباه مرهف لحضوره فينا.

                       · إستعداد دائم لسماع نداءاته المتواصلة في أعماقنا.

                       · طاعة متواضعة لإلهامات الروح القدس ولما يريد أن يحقّقه فينا.

مع الإنتباه الدائم إلى أن طريق الصلاة تطول كلّما خيّل إلينا أننا إقتربنا من نهايتها !

ويمكن أيضاً تحديد الصلاة بأنها الوقت المكرّس  بصورة خاصة لممارسة فضيلة الإيمان عملياً، والتوق إلى بلوغ الله. هي إحدى أهم الطرق التي أتحدث بواسطتها إلى الله.

من حيث المبدأ هناك طريقتان أستطيع بواسطتهما التحدث إلى الخالق:

        · الله يسكن وسط البشر، فيكون أني أتكلم إليه في كل مرّة أتصرف بمحبة تجاههم. وهذه صلاة حقيقية أقوم بها كل يوم في صلب الحياة العملية.

        · الله يسمو كثيراً عن كل شيء. لهذا ولكي أتحدث إليه، فإنه من الضروري أيضاً أن أترك  كل شيء: بشر، ملائكة وحتى نفسي للوصول إليه.

ولكي أوفق بين هاتين الطريقتين عليّ أن أجعل حياتي العملية على وفاق تام مع إيماني وصلاتي، وذلك بأن أترجم إيماني بأعمال يومية.

يبقى الهدف الأول والأخير للصلاة الحقيقية إيجاد الله والتقرب منه والتعرف عليه. ولن يتم للإنسان هذا ما لم يرجع، وبمساعدة من الروح، إلى الحالة الأولى التي خلقه الله عليها، أي على صورة الله ومثاله، تلك الصورة التي أرانا الله إيّاها بشكل ساطع ونقي في شخص يسوع المسيح.

[1] واقعي هنا بالمعنى السلبي

[2] والفشل يعود لأسباب عديدة سوف نتناولها في هذا البحث

[3] "ليس أحد يستطيع أن يقول يسوع رب إلا بالروح القدس" (1 قورنتس 12/3)

[4] "إسألوا تعطوا، أطلبوا تجدوا، إقرعوا يفتح لكم" (متى 7/7)

[5] "تكلم يا رب فإن عبدك يسمع" (1 صموئيل 3/10)

بقلم عساف رعيدي / زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الحريّة الدينيّة والعلمنة (1) بحسب الكاردينال أنجيلو سكولا

الحريّة الدينيّة والعلمنة (1) بحسب الكاردينال أنجيلو سكولا

إنّ التحدّث اليوم عن الحريّة الدينيّة يعني مواجهة حالة طارئة تتّخذ طابعًا عالميًّا على نحو متزايد. فوفقًا للدراسة الدقيقة التي قام بها برايان ج. غريم وروجر فينك[1]،

كانت هناك في الفترة الواقعة بين عامي 2000 و2007 123 دولة جرى فيها شكل من أشكال الاضطهاد الدينيّ، وهذا العدد يتزايد للأسف باستمرار.
إنّ هذه المعطيات، التي تشكِّل تعبيرًا مقلقًا عن حالة سيّئة وخطيرة للحضارة، تدفع إلى تكثيف التعمّق في الموضوع من دون إهمال المناقشات، المتأجّجة أحيانًا وغير الخامدة أبدًا، حول طبيعة إعلان “كرامة الإنسان” وتفسيره الصحيح وضرورة اعتماده.
بادئ ذي بدء، إنّ موضوع “الحريّة الدينية”، الذي يثير للوهلة الأولى إجماعًا واسعًا جدًّا حوله، له منذ القدم محتوى غير بديهيّ البتّة. فهو يقع في عقدة معقّدة بعض الشيء، تتشابك فيها ثلاث مشاكل خطيرة على الأقلّ: أ) العلاقة ما بين الحقيقة الموضوعيّة وضمير الفرد، ب) التنسيق ما بين الجماعات الدينيّة وسلطة الدولة، ج)، من وجهة النظر اللاهوتيّة المسيحيّة، مسألة تفسير شموليّة الخلاص في المسيح أمام تعدّد الأديان ورؤى العالم (رؤى أخلاقيّة “جوهريّة”).
ثانيًا، بجانب هذه المشاكل الكلاسيكيّة إذا جاز التعبير، في تفسير الحريّة الدينيّة، ينبغي أن نضيف اليومَ قضايا جديدة ليست أقلّ حسمًا.
أشير إلى ثلاثة منها. الأولى هي مشكلة العلاقة ما بين البحث الدينيّ الشخصيّ والتعبير الجماعيّ عنه. فغالبًا ما يُطرح السؤال التالي: إلى أيِّ مدى يمكن أن تختصر الحريّة الدينيّة على التعبير الفرديّ فحسب؟ من ناحية أخرى، يجب أن نتساءل تحت أيِّ شروط يمكن لِـ “مجموعة دينيّة” ما أن تطالب باعتراف عامّ في مجتمع تعدّديّ من الأديان والثقافات. نحن أمام المسألة الحسّاسة المتعلّقة بسلطة المؤسّسات العامّة القائمة شرعيًّا على التمييز بين ما هو دينٌ أصيل وبين ما ليس بذلك. تؤكِّد الوقائع بالتالي أنّ التمييز بين السلطة السياسيّة والأديان ليست بالبديهيّة كما قد يبدو للوهلة الأولى.
تَبرز بخصائص مماثلةٍ مشكلةُ التمييز بين الأديان و “البدع”: هذا موضوعٌ قديمٌ قدمَ المفهوم الرومانيّ للديانة المسموح بها religio licita ، لكنّه اكتسب في الآونة الأخيرة مظهرًا أكثر حدّة لعدّة أسباب: التفكّك وتكاثر “الجماعات” داخل العالم المسيحيّ؛ الموقف اللاأدريّ لغالبيّة التشريعات أمام الظواهر الدينيّة.
وأخيرًا، من المهمّ أن نلاحظ أنّ أحد المواضيع الأكثر إثارةً للجدل اليوم في إطار النقاش حول الحريّة الدينيّة هو ارتباطه بحريّة التحوّل إلى ديانة أخرى.
لكلّ هذه الأسباب، يبدو التأمّل بالحريّة الدينيّة وممارستها الآن أكثر صعوبة بكثير ممّا كنّا نتوقّع، بل سيّما بعد الإعلان المجمعيّ الصادر عن المجمع المسكوني الفاتيكان الثاني قبل خمسين عاما والمتعلق بالحرية الدينية.

[1]   The Price of Freedom Denied. Religious Persecution and Conflict in the Twenty-first Century, Cambridge University Press, New York 2011.

 

بحسب الكاردينال أنجيلو سكولا، رئيس أساقفة ميلانو – إيطاليا ورئيس مؤسّسة الواحة الدوليّة الخاصة بالحوار بين المسلمين والمسيحيين في العالم أجمع
  / زينيت
(يتبع)

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
سيدتنا مريم العذراء في الكتاب المقدس (1) بقلم الأب د. بيتر مدروس

سيدتنا مريم العذراء في الكتاب المقدس (1) بقلم الأب د. بيتر مدروس

أحياناً يشعر المؤمن أنّ نصوصاً قليلة من الكتب المقدّسة تذكر السيّدة العذراء مريم، منها أشرف السلام. وقد يستنتج المرء، أنّ مكانتها في التقليد والكنيسة، "أكبر" منها في كلمة الله الملهمة.

فهل هذا الانطباع صحيح؟

ردّ مار "أفرام السرياني": "لا تنافر بين العذراء والكتاب المقدّس"

يعطي العبقريّ الشمّاس القديس "أفرام" الردّ على السؤال المطروح: "لا تنافر بين السيّدة العذراء والكتاب المقدّس، اذ في مريم العذراء نجد كلمة الله المتجسّد، وفي الكتاب المقدّس نجد كلمة الله المكتوبة. وعلى هذا الأساس، يجدر بمن يقرأ الكتاب المقدّس أن يكرّم العذراء، ويجدر بمن يكرّم العذراء أن يقرأ الكتاب المقدّس".

ردّ العقل السليم والايمان القويم: تكفي عبارة واحدة في الكتاب المقدّس

نعم، يكفي أن تكون قد وردََتْ في الكتاب المقدّس كلّه، وفقط مرّة واحدة عبارة "اسم أمّ يسوع هو مريم" أو "مريم أمّ يسوع" حتى يُدرك الانسان القويم قدرها: انها "المباركة في النساء"؛ انها أفضل أمّ لأفضل ابن؛ انها هي هي دون غيرها من بنات حواء التي اختيرت لهذا المنصب الرفيع.

العذراء مريم منذ الأزل في المخطّط الإلهي الخالق المنقذ

ما أتى اختيار مريم صدفةً ولا اعتباطا. منذ الصحيفات الأولى من أوّل سفر في الكتب المقدّسة، منذ "التكوين" وصورة العذراء حاضرة في الفكر الربّاني: "قال الله للحيّة: "سأجعل عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها، وهو يسحق رأسك وأنتِ ترصدين عقبه" (تكوين 3 : 15).

يحلّل قوم أنّ "المرأة" هي حوّاء، وعليه يكون "نسل المرأة" يشمل كلّ الناس. بناءً على هذا التفسير، يعني النص أنّ هنالك عداوة بين الآدميين من جهة، والأرواح الشريرة من جهة أخرى، ولكن الآدميين سيسحقون رأس الشر أي الشيطان وأعوانه. ولكن الواقع مع الأسف يبيّن خلاف ذلك. ولو أخذ المرء جدلاً هذا التفسير، يمكن أن يضيف عليه: اذا كانت المرأة حوّاء، فإنّ المسيح الانسان له المجد هو نسل حوّاء (وطبعاً عن طريق مريم) وهو أي المسيح يسحق رأس الحيّة القديمة. باختصار، المسيح نسل المرأة أي نسل حوّاء ، أو المسيح نسل حوّاء الجديدة. وهي بنت حوّاء القديمة (وسلطانتها) أي السيّدة مريم البتول منها السلام.

العداوة نحو العذراء

ظهرت بشاعة تلك العداوة في التلمود ، وفي كتابات الوثنيين المناهضين للمسيحيّة المحتقرين لها ، أمثال الفيلسوف الروماني سيلسيوس. وكما كتب كلّ من القديس "ايريناوس" والعلاّمة "أوريجانوس" : "ان الايمان ببتولية العذراء شيء ربّاني" – بمعنى ان إنكار تلك البتولية شيطاني.

وتفنّن التلمود من ناحية، وشيلسيوس من ناحية أخرى، في طعنهم للعذراء ولابنها المسيح، وتمّ تلاعب بالألفاظ. فوُصف يسوع بأنه "ابن بانثيرا" (ولعلّه جندي روماني). وكان ذلك التهكّم، أقوى اثبات لبتولية مريم بما أن لفظة "بانثيرا" تحريف مقصود لكلمة "بارثينو" أي "البتول". المسيحيون الناطقون باليونانية أشاروا الى السيّد المسيح، انه ابن ال "بارثينو" أي العذراء، فأراد الخصوم أن يقهروهم وقالوا: لا، بل ابن بانثيرا. وفي هذه الحالة شهد الأعداء بالفضل كما حصل مع التلمود البابلي (سنهدرين 43 أ)، عندما ادّعى: "عُلّق يسوع عشية الفصح لأنّه أغوى اسرائيل بالسحر". وفي هذا الاعلان شهادة على صلب المسيح وعلى معجزاته، وإلاّ لما اتّهمه العِدى بالسحر والشعوذة. ويلحظ المرء أن ما من أحد طعن في عفاف السيّد المسيح، وكأنّ التاريخ يؤكّد تحدّيه المقدّس: "مَن منكم يُثبت علىّ خطيئة؟".

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
المجلس الرعويّ 1 بقلم الأب هاني باخوم

المجلس الرعويّ 1 بقلم الأب هاني باخوم

القانون 295، من مجموعة قوانين الكنائس الشرقية، يؤكد على انه "في كل رعيّة، وفقا للشرع الخاص …، يقام مجالس مناسبة لمعالجة الشؤون الرعوية والمالية". وبالفعل الشرع الخاص للكنيسة

القبطية الكاثوليكية يلزم بإنشاء ما يسمى بالمجلس الرعويّ. فما هو؟

         1- المجلس الرعويّ وهدفه:

المجلس الرعويّ هو هيئة استشارية للراعي. وواجبه تنظيم وتحسين الخدمة والعمل الرعوي في الكنيسة، وتنشيط رسالة المؤمنين، وإفساح المجال لهم للمشاركة في العمل الرسولي بطريقة أكثر فاعلية.

يكون لهذا المجلس مكتب، ويسمى "بمكتب المجلس الرعوي" وله تكوينه الخاص كما سنرى فيما بعد. مدة عمل هذا المجلس هي 3 سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة فقط. ويحق فقط للأسقف الإيبارشي أن يحله.

         2- مهام المجلس الرعوي:

– يهتم بكل أنشطة الرعية، وتنشيطها، وتقييمها، واقتراح التوصيات العملية بشأنها. يرعى التكوين الديني لأبناء الرعية، وتقديس حياتهم، وسلوكهم حسب كلمة الله وتعليم الكنيسة.

يتعرف على احتياجات وتطلعات أبناء الرعية، ويعمل على تحقيقها.

يدرس الخطة الرعوية، ويضع البرامج الخاصة لتحقيقها ومتابعتها.

 يتابع الأمور المالية والمادية والمشروعات بالرعية.

يعمل على تثبيت وتشجيع روح الشركة في الرعية، ومع سائر الرعايا بالايبارشية، وبالمجلس الرعوي الإيبارشي، كما ينشّط العلاقات مع سائر المسيحيين وكافة أبناء المجتمع.

         3- كيفية تشكيله:

– يتكوّن المجلس من الأب الراعي والكهنة المساعدين، وممثلي المؤسسات الرهبانية العاملين بهذه الرعية، وممثل عن كل نشاط من أنشطة الرعية، بالإضافة إلى البعض من ذوي الكفاءات الخاصة (على سبيل المثال محاسب، مهندس ذو خبرة،……).

– كل نشاط في الرعية ينتخب من يمثله في المجلس، بالإضافة إلى من يعيّنهم الراعي بحيث لا يتجاوز عددهم ثلث المنتخَبين (بمعنى اذا كان عدد المنتخبين هو 15، فيجب ان لا يزيد عدد الذي يختارهم الراعي على 5 أشخاص).

يجب تقديم أسماء المجلس إلى الأسقف الإيبارشي للاعتماد.

         4- شروط العضوية:

– يجب أن يكون جميع الأعضاء من أبناء الكنيسة القبطية الكاثوليكية العاملين بالرعية، المشهود لهم بالإيمان القويم والحكمة، والتقوى والأخلاق الحسنة، والممارسين للأسرار المقدسة.

5- سقوط العضوية:

تسقط صفة العضوية في الحالات التالية: عند استقالة العضو من المجلس بإخطار كتابي.

– غياب العضو لأكثر من ثلاث اجتماعات متتالية، أو ستة اجتماعات غير متصلة بدون عذر مقبول.

– إذا فقد العضو سبب عضويته (بمعنى انه كان منتخب من نشاط معين، ولكنه ترك هذا النشاط بعد ذلك)، أو أخلّ بشرط من شروط العضوية.

– إذا قام العضو بفعل من شأنه أن يلحق بالمجلس أو بالكنيسة ضررا أدبيا أو ماديا.

– إذا انتقل العضو للإقامة خارج حدود الرعية.

في احد الحالات السابقة، يقرر المجلس بالأغلبية (أكثر من النصف) سقوط العضوية، ويخطر العضو كتابة بسقوط عضويته، خلال خمسة أيام من تاريخ صدور قرار المجلس. ويتم استبداله بعضو آخر من نفس الفئة.

         6- اجتماعات المجلس

يعقد مجلس الرعية اجتماعاته شهرياً، وكلما دعت الحاجة إلى ذلك، أو بناء على دعوة الأسقف الإيبارشي. يكون الاجتماع صحيحاً بحضور الأغلبية المطلقة (أكثر من النصف)، وفي حال عدم اكتمال العدد يتم الانتظار لمدة ساعة وبعدها يكون صحيحا بحضور ربع الأعضاء على الأقل.

يقتصر جدول الأعمال على مناقشة أوضاع الأنشطة، وكل الشئون الرعوية، والمواضيع التي يقترحها الأسقف الإيبارشي فقط لا غير.

تدور المناقشات بروح المحبة والتشاور. وتؤخـَذ القرارات بالأغلبية المطلقـَة للأصوات (أكثر من النصف). ولا تصبح نافذة إلا بموافقة الأب الراعي عليها. وفى حالة الاختلاف، يؤجّل البت في الأمر إلى الاجتماع التالي. وإذا تكرر الاختلاف، يرفع الأب الراعي الأمر إلى الأسقف الإيبارشي للتقرير.

في العدد القادم سنكمل هذا الموضوع فيما يخص المجلس الرعوي.

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
يسوع التاريخ ويسوع الخرافة (1) بقلم الدكتور روبير شعيب

يسوع التاريخ ويسوع الخرافة (1) بقلم الدكتور روبير شعيب

تقوم وسائل الإعلام من وقت إلى آخر بزرع أخبار يعرف الصحفيون كيف يضفون عليها طابع الإثارة بغية لفت الانتباه والـ "كليك" والـ "لايك". فعالم الصحافة يعيش غالبًا من تهافت

 القراء وما يحمل ذلك من أرباح من خلال الدعايات، إلخ.

من بين هذه الأخبار، ورد مؤخرًا خبر أثار حشرية بعض قرائنا وطلبوا إلينا الرد والتعمق: خبر المخطوط الذي يتحدث عن "زوجة يسوع"!. نظرًا لمسائل كانت طارئة أكثر (مثل زيارة البابا إلى لبنان وأحداث مشابهة) لم يتوفر لنا الوقت لتكريس الوقت للإجابة والتعمق بهذا الموضوع، ولكننا وعدنا بتكريس دراسة خاصة في هذا الموضوع.

سيكون اهتمامنا في هذه السلسلة من المقالات، لا أن نجيب على تلك "الحشرية" وحسب، بل أن نعطي القراء وسائل أفعل ونظرة أوسع تمكنهم من فهم السبل التي من خلالها يمكننا أن نتأكد من هوية يسوع. كما فعلنا في المقالة السابقة حول إنجيل برنابا المنحول (راجع: الحقيقة وراء الإنجيل المنحول الذي اكتشف في تركيا)، لن نعمد إلى تحريك العواطف بل إلى البحث المنطقي، التاريخي والعقلاني. لن نعتمد على أفكار معطاة سابقًا دون معيار قبول منطقي، لقناعتنا بأن الإيمان، رغم أنه يفوق العقل، إلا أنه لا يناقضه.

سنفتتح المقالة بتعليق أولي على "حادثة" مخطوط زوجة يسوع.

* * *

أولاً: "زوجة يسوع" القبطية

 تصدر أخبار جرائد وتلفزيونات الكثير من بلدان العالم في القسم الثاني من شهر سبتمبر خبر أشار إليه البعض – مرة أخرى – إلى أنه خبر سيشكل ثورة ثقافية، دينية، اجتماعية… فبعض من العناوين الكثيرة كان: "يسوع يتحدث عن زوجته في مخطوط يعود إلى القرن الرابع"، "الكتاب المقدس [!!!!] يتحدث عن زوجة يسوع" (علامات الاستفهام بين [ ] هي من إضافتنا)، "مؤرخة تشير إلى أن مخطوطًا يعلمنا بوجود زوجة يسوع"، "مقابلة مع العالمة التي اكتشفت زوجة يسوع"… والحبل على الجرار…

مرة أخرى، يريد الصحفيون أن يغتنموا موجة الفضول العلمي ليجذبوا القراء، ومرة أخرى يترتب علينا التروي للنظر بشكل أعمق كي لا نكون قصبًا تتراقص به الأهواء كما تشاء. ماذا حدث؟ وما هو الخبر وراء الأخبار؟

الحدث وراء الأخبار والدعايات

في 18 سبتمبر 2012، قامت الباحثة في جامعة هارفرد، السيدة كارن كينغ، خلال المؤتمر العالمي العاشر للدراسات القبطية، في المعهد الآبائي الحبري "أغوسطينيانوم" على بعد بضعة أمتار من بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان، بتقديم قطعة صغيرة من مخطوط تقوم حاليًا بدراسته. حجم المخطوط الذي تقوم كينغ بدراسته هو تقريبًا بحجم بطاقة مهنية صغيرة.

في هذه "البطاقة" نجد بضعة سطور غير متكاملة من اليمين ومن اليسار وترجمة هذه العبارات هي التالية:

… لا لي، أمي وهبتني الحياة…

… قال التلاميذ ليسوع…

…أنكر. مريم (لا) تستحق ذلك…

…وقال لهم يسوع: زوجتي…

… ستتمكن من أن تكون تلميذتي…

… فلينتفخ المنافقون…

… أما أنا، فأبقى معها لكي…

… صورة …

وقد صرحت العالمة بمنهج علمي دقيق بأن النص كما هو "لا يقدم لنا برهانًا على أن يسوع التاريخ كان متزوجًا وذلك نظرًا لتأريخ النص المتأخر". فالمخطوط الذي تقدمه الباحثة قد يعود بحسب رأيها إلى القرن الرابع بعد المسيح، وهي ترجح أن يكون النص نسخة لنص سابق يعود إلى منتصف القرن الثاني. وعليه يبقى كلا النصين بعيدين جدًا عن الواقع التاريخي المتعلق بيسوع، ولذا يفتقران، على أي حال، إلى السلطة التاريخية التي تؤهلهما أن يقولا شيئًا عن يسوع التاريخ.

جل ما يستطيع النص أن يقدمه لنا – إذا كان أصليًا – هو نظرة إلى النقاش الذي ربما كان قائمًا في القرن الثاني حول يسوع، إذا كان متزوجًا أم لا. يجدر الذكر أن أكليمنضوس الإسكندري، في مطلع القرن الثاني نفى قطعيًا أن يسوع كان متزوجًا.

هذا وبينما قامت وسائل الإعلام باستعراض الموضوع باعتبارات وعبارات مثيرة للفضول والأحاسيس، يبقى بحث "كينغ" معرض التدقيق العلمي من قبل دارسين وباحثين في علم الآثار وعلم اللغة القبطية القديمة. فكما هو الحال مع أي بحث علمي، فقط بعد أن يحظى النص بالقبول العلمي المرتكز بدوره على معايير موضوعية تشكل مرحلة التدقيق المعروفة بـ peer review، سيمكن نشره في " Harvard Theological Review "… والأمر كذلك ببساطة لأن كينغ عينها عرضت الموضوع لا كنتائج أكيدة، بكل كمسألة تحتاج فيها هي أيضًا لملاحظات وأبحاث وتقييم العلماء الآخرين.

هذا وقد أوردت كينغ أن بعض الزملاء الباحثين عبّروا عن تحفظاتهم بشأن قدم المخطوط الذي قد يكون نسخة متأخرة. من بين هؤلاء البحاثة هناك أسماء شهيرة في هذا المجال مثل: إيميل، فانك، سوسيو، أورلاندي، بوتزي). ولذا سيتم إخضاعه حاليًا لفحص المداد وللامتحان الكاربوني. ولا يستبعد البعض منهم أن يكون كل النص مجرد نص غير أصلي. الأمر الواضح مباشرة هو أن هذا النص يأتي من سوق المخطوطات القديمة دون معرفة أصله وفصله، وكيف تم حفظه حتى الآن (بعكس مخطوطات ناج حمادي التي نعرف من أين أتت وكيف حُفظت).

ولكن بغض النظر عن مسالة أصالة النص وقدمه أو عدمها ، نود أن نستعرض مكنونه وما يقوله بالتحديد وكيف يمكننا فهمه بطريقة مبدأية.

(يتبع)

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
مقابلة مع البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي (1)

مقابلة مع البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي (1)

أعلن البطريرك بشارة بطرس الراعي لراديو الفاتيكان قائلًا إنّ التحدّي الأساسي في لبنان هو إعادة بناء الوحدة الداخليّة كما شدّد على دعم الإخوة المسيحيّين في الشرق الأوسط.

وكان قد عُيّن بطريرك إنطاكيا والشرق الأوسط السابع والسبعين كردينالًا خلال مراسم ترأٍّسها بندكتس السادس عشر يوم 24 نوفمبر.

* * *

كيف تلقّيت خبر تعيينك كردينالًا؟

الكاردينال بشارة الراعي-  تلقّيت الخبر بفرحٍ كبير وشكر أكبر لقداسة البابا الذي أرادَ أن يقومَ بهذه الخطوة من أجل لبنان والكنيسة في لبنان. وسأفعل ما في وسعي كما تمنّى البابا، لمساعدة جماعتي الكنسية في النموّ في الشركة والشهادة. لقد تلقّى الجميع في لبنان وخارجه الخبرَ بحماسةٍ وقد تمّ فهمه كدعمٍ للكنيسة في هذه المرحلة الحرجة التي تمرّ بها في لبنان والشرق الأوسط. ولهذا وصل عدد المشاركين الآتين إلى روما حوالي الخمسمئة من لبنان ودول أخرى ليعبّروا عن فرحهم وشكرهم لقداسة البابا. وترأّس الوفد في زيارة الحجّ هذه رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة الذي أتى ليشكرَ قداسة البابا.

وأنا اعتبر تعييني كردينالًا بمثابة تشجيع جديد للعمل التبشيري الذي يمكن أن نغذّيه في كنيسة لبنان والكنائس الشرقيّة. كما نأمل أن نتقدّم أكثر فأكثر. وقد عبّر المسلمون أيضًا عن هذا الحماس وقد تمّ تمثيل الطوائف جميعها والأطراف السياسيّة كلّها علامة للمجتمع اللبنانيّ المتماسك. ولكن للأسف أنّ الأمر يختلف في السياسة. إنّ لبنان يخضع لأزمات المنطقة وتداعياتها الدوليّة وهذا بالإضافة إلى مشاكله الداخليّة. فلهذا، تُعتبر هذه اللحظة لحظةَ فرحٍ وانتعاش.

ما هي التحديّات الكبرى التي ستُواجهك في لبنان؟

لقد اخترتُ مشروع "الشركة والمحبّة" حينَ أصبحت بطريركًا لأنّ مجتمعنا اللبناني والشرق الأوسطي بحاجةٍ لأن يتوحّد فالشركة مع الله والوحدة بين بعضنا البعض. فنحن بحاجة أكبر فأكبر إلى الشركة والمحبّة لأنّنا نعيشُ في صراعات كثيرة وفي انقسامات سياسيّة عدّة. يعيشً اللبنانيّون المسيحيّون والمسلمون من مختلف الجماعات حياةً اجتماعيّة جيّدة إلّا أنّ السياسيّة هي التي تتدخّل وتخلق صراعات ونقص في الثقة وهذا ما يؤثّر على الحياة العامّة لأنّ المؤسّسات معطّلة.

كما إنّنا نواجهُ مشكلةً اقتصاديّة واجتماعيّة كبيرة بسبب الأزمة السياسيّة. فالتحدّي الأصعب يكمن إذًا في الاستمرار والمضي قُدمًا والولادة الجديدة وإعادة بناء وحدة داخليّة ودعم المسيحيّين في الشرق الأوسط عبرَ خلق علاقات أقوى مع المسلمين فنخفّف من حدّة التوتّر الذي يُسبّبه التعصّب والراديكاليّة في المواقف. هذه هي التحديّات الأصعب التي علينا مواجهتها.

(يتبع)

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الإيمان في عالم اليوم (1) بقلم الأب فرنسوا عقل

الإيمان في عالم اليوم (1) بقلم الأب فرنسوا عقل

انطلقت السّنة الإيمانيّة التي أعلنها قداسة البابا بنديكتوس السّادس عشر في البراءة الرّسوليّة "باب الإيمان" في الحادي عشر من الشّهر المنصرم، بمناسبة الذّكرى الخمسين

لافتتاح المجمع الفاتيكانيّ الثّاني، وأطلقت معها دعوةَ-عودةٍ متجدّدة إلى جذور الإيمان بالرّبّ يسوع المسيح مخلّص العالم الأوحد، في زمن تختبر فيه البشريّة مرحلة جديدة من تاريخِها الحافل، مفعمة بتغييرات كبيرة وسريعة، تمتدُّ شيئا فشيئا إلى كلّ الأقطار، يسبّبها الإنسان بفضلِ ذكائه الثّاقب وعمله المبدع من دون الانتباه إلى إمكانيّة ارتدادها عليه، وعلى أحكامِهِ ورغائبهِ الشّخصيّة والجماعيّة، وذهنيّته وأفعاله، ممّا قد يُحدث تبديلا عالميّا جذريٍّا من النّاحيتين الثّقافيّة والاجتماعيّة يكون له الأثر الواضح -بطبيعة الحال- على الحياة الدّينيّة[1]. إنّ موضوع الإيمان في الواقع،  ليس بجديد؛ وفي حديثنا عنه الذي نتداوله مرارا وتكرارا، على حدّ قول اللاهوتي الألمانيّ الشّهير كارل رهنر (Karl Rahner)  ربّما نقع ببعض الملل الفكريّ جرّاء سماع العبارات عينها، والأفكار ذاتها، والنّصوص نفسها، فنشكو ممّا أسماه في أحد كتبه، رتابة الصّيغ اللاهوتيّة التي لا تحصى routine des innombrables formules théologiques” “la، والوصفات الخلقيّة التيّ طالما تلقنّاها وتلقّيناها من دون أن نفهمها في أغلب الأحيان[2].

لأجل ذلك، لم يعد من الجائز لنا أبدا في عصر العلم والتّكنولوجيا العملاقة، عدم الشّروع في إتقان لغة عالم اليوم و"مسحنتها" بغية استخدامها كوسيلة تواصل إيمانيّ عصريّ مع أبناء هذا الجيل، في سبيل "أنجلة" جديدة تحمل المسيح المخلّص إلى كلّ إنسان نلتيقه.

I.            تعريف الإيمان بالمطلق

الإيمان في معناه الواسع، طاقة فطريّة هائلة، تولد مع الإنسان وتميل به إلى أبعد من المنظور والمحسوس؛ لكنّها قد تحتاج واقعيّا إلى بسط شراعها في الإتّجاه الصّحيح. أمّا في معناه الضّيق، فهو هبة من الله، بلفضيلة فائقة الطّبيعة يزرعها الخالق في قلب الإنسان، ثمّ محاولة التصاق هذا الأخير به التصاقا شخصيّا، عبر حياة روحيّة عميقة، والقبول الحرّ لكلّ الحقيقة التي أوحى الباري بها. فهو بإيجاز، عطيّة من الله وفعل إنسانيّ أصيل[3]، على قاعدة الكاتب التشيكيّ فرانز كافكا (Franz Kafka): "يهب الله الجوز، لكنّه لا يقشّره".

II.            الإيمان المسيحيّ

إنطلاقا من المفهوم الواسع للإيمان تؤكّد الكنيسة الكاثوليكيّة أنّه عطيّة من الله على ما جاء في العهد الجديد بفم رسول الأمم "بنعمة الله نلتم الخلاص بالإيمان. فما هذا منكم بل هو هبة من الله" (أفسس 2: 8). و"هو الوثوق بما نرجوه وتصديق ما لا نراه…" (عب 11: 1). كلمة حياة هو، تُتناقل وتنتشر وتنمو بالنّعمة والحكمة، لأنّ "الإيمان من السّماع" (رومية 10: 17)… ربّما لم نذهب إلى الصّين قطّ، ولكننا نعلم أنّها موجودة؛ ونحن لم نذهب إلى السّماء بعد، فيما نعرف أنّها موجودة! و"طوبى لمن آمن ولم يرَ" (يو 20: 29) قالها يسوع…

أمّا ما يميّز الإيمان المسيحيّ عن الإيمان عموما، فهو أنّه إيمان بالآب وبمن أرسل؛ أي بيسوع المسيح الذي قال: "أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بي أيضا" (يو 14: 1)… "الله لم يره أحد قط. الإبن الوحيد الذي في حضن الآب هو أخبر" (يو 1: 18)… " آمنوا بالنّور ما دام لكم النّور، فتكونوا أبناء النّور" (يو 12:36)… "آمن بالرّبّ يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك" (أعمال 16: 31). ثمّة ضرورة قصوى للإيمان بيسوع المخلّص لأجل الحصول على الخلاص[4].

والإيمان بالسّيّد المسيح من دون الإيمان بروحه وروح الآب أي الرّوح القدس أمر غير ممكن من النّاحية الإيمانيّة المسيحيّة. إذ "لا يعلم أحد ما في الله إلاّ روح الله" (1 كور 2: 10-11)؛ و"لا يستطيع أحد أن يقول يسوع ربّ إلاّ بالرّوح القدس" (1 كور12: 3).  فهو إذاً، إيمان بالله الواحد والثّالوث، يجب التّعبير عنه بالأعمال الحسنة، إذ "كما أنّ الجسد بلا روح ميت، كذلك الإيمان بلا أعمال ميت" (يعقوب 2: 26). وقد استوقفت هذه المسألة الأديب والشّاعر الفرنسيّ فيكتور هيغو  (Victor Hugo)إذ كتب: "أفعالنا تصنعنا أو تفسدنا، فنحن أبناء أعمالنا".

[1]  راجع، دستور راعويّ في الكنيسة وعالم اليوم (ك ع)،  4.

[2] Cf. Karl Rahner, Vivre et croire aujourd’hui, (Traduit de l’allemand par Jean Evrard et Henri Rochais), Desclée De Brouwer, Paris, 1967, p. 54.

[3]  راجع، التّعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة (ت م م ك) ، 150، 153، 154.

[4]  (ت م م ك)، 161.

زينيت

 

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
نظرة وراء كواليس صياغة “تعليم الكنيسة الكاثوليكية” (1)

نظرة وراء كواليس صياغة “تعليم الكنيسة الكاثوليكية” (1)

طرح سينودس الأساقفة عام 1985 فكرة العمل على تعليم جامع للكنيسة الكاثوليكية وذلك بمناسبة ذكرى المجمع الفاتيكاني الثاني العشرين. وقد عبّر الأساقفة عن رغبتهم هذه إلى يوحنا بولس الثاني

 الذي جعل منها واقعاً.

كان الكاردينال الأرجنتيني إستانيسلاو استيبان كارليك من بين أعضاء لجنة الصياغة ويبلغ عمره اليوم 86 سنة وهو يخبر قرّاء زينيت عمّا حصل خلال مرحلة الصياغة التي لا يعرف الناس عنها الكثير.

زينيت – نيافتك، قبل تعليم الكنيسة الكاثوليكية هذا، كيف كان التعليم العالمي؟

الكاردينال كارليك – لم يشهد تاريخ الكنيسة سوى تعليم واحد والذي يعود إلى  القديس بيوس الخامس والذي عرف بتعليم مجمع ترينتو أو تعليم كهنة الرعية والذي تمّ نشره بعد فترة قصيرة على اختراع آلة الطباعة.

كان بمثابة مثال عن الجرأة الكبيرة. أمّا تعليم الكنيسة الكاثوليكية اليوم فقد شهد تحديثات حسّنته وليس فقط كونه قبل من  التعليم البابوي آنذاك، إنّما لأنّه يتناول المشاكل المعاصرة.

إنّ تعليم ترينتو وتعليم الكنيسة الكاثوليكية هما الوحيدان اللذان قبلا من البابا ووجّها إلى الكنيسة بأكملها على طول التاريخ.

كيف ولدت فكرة تعليم جديد؟

خلال الاحتفال بذكرى المجمع الفاتيكاني الثاني العشرين، وجد سينودس الأساقفة لعام 1985 أنّه من الضروري تطوير خلاصة لعقيدة الكنيسة بالكامل عن الإيمان والأخلاق. وهذه الخلاصة ستكون بمثابة مرجع لتعاليم الكنيسة الكاثوليكية التي سيتوجب ترجمتها في جميع أنحاء العالم للتقرّب بشكل أفضل من الثقافات المختلفة. وبعد 500 سنة من صدور التعليم العالمي السابق، تبيّن من الجيد تحضير خلاصة عن التعليم الرسولي للاجابة عن الأسئلة الأساسية للثقافة المعاصرة التي تتناول موضوع الله والإنسان والعالم.

في عصر المجمع، عرضت فكرة تعليم جديد إلّا أنّها لم تلق النجاح. ومع سينودس الأساقفة عام 1985، وجدت الفكرة مفيدة ووافق عليها البابا.

ما هي الخطوات الأولى في تحضير تعليم الكنيسة الكاثوليكية؟

اختار قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في مطلع عام 1986 لجنة من 12 كاردينالاً وأسقفاً ليتكفّلوا بالقيام بالعمل بكامله كما عيّن لجان من 7 أعضاء مع أمانة سرّ للصياغة. ترأّس هاتين اللجنتين آنذاك الكاردينال راتزينغر الذي نظّم اللقاءات بشكل جيّد. علاوة على ذلك، أعرب المشاركون عن رغبتهم في إنشاء تمثيل لعالميّة الكنيسة.

وأنت أيضاً قد دُعيت لصياغة تعليم الكنيسة الكاثوليكية…

نعم، وقد كان ذلك لشرف عظيم لي. تسجّلت في لجنة الصياغة لاحقاً بعد أن كانت قد تشكّلت. والعضو الثاني الذي دخل إلى اللجنة كان الكاردينال الحالي شونبورن وهو أيضاً أستاذ لاهوت في سويسرا. عند وصولنا، كانت اللجنة قد حضّرت نصاَ أولياً لنعمل عليه. بعدها، وزّع العمل على الفرق الفرعية وتمّت مناقشته خلال اجتماعات لاحقة. وبالتالي، تمّت صياغة النص في المرّة الأولى وتبعته تسع نسخات أخرى.

كيف تمّت استشارة كنائس القارّات الخمس؟

تلقّت أبرشيات العالم بأكلمه نسخة منقحة توافقت والطلب العالمي وقد حضّرت بطريقة لتستعمل الملاحظات التي سترد عليها. وقد بلغ عدد الأجوبة حوالى 25 ألف إجابة وهو رقم كبير جداً.

ماذا فعلتم بهذه الأجوبة؟

عقدنا اجتماعاً طويلاً في ضواحي روما لدراسة هذه الأجوبة. وقد دققنا في الإجابات واحدة تلو الأخرى حتى تلك التي وصلت بعد الوقت المحدد. منحتنا وحدة الإيمان بين مختلف أقسام الكنيسة شعوراً لا يوصف، عند رؤيتهم يوافقون على النص ويتطلّعون إلى الحقيقة ويفتشون عن تعابير مناسبة بأفضل شكل ممكن للتعبير عن السرّ المسيحي المكشوف.

كان ذلك بمثابة لحظة حاسمة في عملية التحضير وعملاً دقيقاً لم نكن لنستطع تنفيذه بدون نعمة الله وبفرح سكين وعميق، مثلما وصفه الأساقفة المشاركون.

* * *

نقلته إلى العربية ريتا قرقماز / زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الإرشاد الرسولي …    ناقوس خطر أم خوذة خلاص (1)

الإرشاد الرسولي … ناقوس خطر أم خوذة خلاص (1)

هاهو ذا الإرشاد الرسولي… هاهي ذي وثيقة وخلاصة مناقشات آباء         

سينودس الأساقفة لكنائس الشرق الأوسط "شركة وشهادة" بين أيادي رؤســـــــاء          

كنائسنا الأجلاء، ومؤمني رعايانا الأحبة… إنه هبة السماء لأبناء هذه البسيطة، وسراج لكنائس مشرقنا، ليضيء لشعوبها بمسيحييها ومسلميها وطوائفها الجالسيـــن  في انتظار نهاية الصراع (لو26:21)، ليكونوا من يقين بأن الحياة أُعطيت لهم وأُفيضت بالمسيح يسوع (يو2:17)، فقد أحبّ خاصته (يو1:13)، أحبهم إلى الغاية (يو1:13)، أحبهم كلهم فكان للكلّ كلاًّ (1كو22:9)... وهذا كان ديدن قداسة البابا بندكتس السادس عشر… جاء إلى شرقنا المتألم لكي يكون مسيحاً مُحباً إلى الغاية (يو1:13)، بعيداً عن الطائفية والعشائرية والقومية والعنصرية والاستغلالية والغنى والفقر… جاء فسكن بيننا بالجسد (يو14:1)، وأفاض بمواعظه نعماً وخيراتٍ وبركات، ووعد كنيستنا بأن يكون معنا بروحٍ معزٍّ ومدافع (يو16:4-17)، وفسّر لنا الكتب بمعناها الأكيد في الشهادة والشركة، من أجل مسيرة واحدة وحوار واحد وهدف واحد ألا وهو الإنسانية.

       إنه بيننا

          نعم، حلّ الزائر الأبيض _ قداسة البابا بندكتس السادس عشر _ على أرض لبنان المقدسة، وبحلوله أعلنت نواقيس الكنائس وأجراس المعابد إعلاناً واحداً أنه "آتٍ بمجدٍ عظيم" (متى30:24)، وباسم الرب (يو13:12)… ما أجملها من ترتيلة… إنها سبيل الشهادة… وصوتٌ ينذر بمجيء نائب المسيح… يوصي بالتهيئة والإعداد لطرق الرب وجعل سبله قويمة (متى3:3)… وكم كنتُ أتمنى أن تُدَقّ نواقيس كنائس شرقنا في توقيت واحد وميعاد واحد كي تكون رمزاً واحداً، وصورةً وشركةً لمحبة رجال كنائسنا، وعلامةً لاتفاق رؤسائنا، ومؤمنينا، ومدبّرينا، ورمزاً لأبراج معابدنا… فلبنان يعني شرقنا، بلداناً وشعوباً، بمسلميها ومسيحييها، بعربها ويهودييها، بأكرادها وطوائفها… فإليها وفيها ومنها تنطلق مسيرة وثيقة الإرشاد الرسولي لتكون دماءً حية في عروق أبناء هذا المشرق الشاهد على حقيقة الإيمان.

       شجاعة إيمانية

          نعم، أقولها، إن البابا قد أحسن قراءة مسيرة تاريخ مسيحيتنا في الشرق وقضية وجودنا فيه، واستدرك أن الآتي ربما يكون خطة ممنهجة، مدروسة، منظَّمة، لتفريغ الشرق الأوسط من سكانه الأصليين، حاملي اسم المسيح، من أجل رسم خريطة جديدة لواقع البشر الأناني، لغايات ومصالح. فالقرار صعب، وتنفيذه بحاجة إلى شجاعة إيمانية تقف ندّاً أمام الذين يستغلون خيبة أبناء الشرق، فيجعلون من ربيعهم خريفاً مؤلماً كما حصل في العديد من بلداننا الشرق أوسطية، بدءاً من عراقنا الرافديني ومروراً بمصر الكنانة ووصولاً إلى سوريا… ولا زالت المسيرة المؤلمة تدور فصولها مما يجعل من مسيرة الحياة ناقوساً يعلن خطر البقاء وفراق المثقفين وتشتيت المتعايشين بدلاً من أن يجمعهم لصلاة واحدة وفي معبد واحد وتحت اسم واحد ولوطن واحد.

 

       في عليّة الفاتيكان

          أمام هذه القراءة، اعتبر المعنيون بشؤون مسيحيي الشرق أنفسهم، من رؤساء وقادة كنسيين وروحيين ومدنيين، أنهم بحاجة الى من بسندهم لتحمل هذه المسؤولية التاريخية، فكان قداسته حريصاً، بل أكثر حرصاً وأعمق فكراً وأفهم وعياً، على مسيحيي الشرق من أولئك أنفسهم، فكان معهم في علية الفاتيكان (مر15:14)، وأعلمهم قائلاً:"أن هذا الشرق وطنكم، ومسؤوليته تعود إليكم، وخلاص مسيحييه يأتي من وحدتكم وشركتكم وشهادتكم، وليس اللهو والضياع في تفاصيل صغيرةومصالح انفرادية وغايات زمنية "… فالحياة هي انتصار للأقوياء في نفوسهم لا للضعفاء، وإن كان الفاتيكان يملك نظرة استراتيجية لهذا البُعد المسيحي وأهمية المسيحية المشرقية.

       سؤال وإرشاد

          ضمن هذه المسؤولية ترتفع أصوات المتعَبين والثقيلي الأحمال (متى28:11)، قائلين ومستفسرين: أين هو الإرشاد الرسولي؟، ماذا يقول لنا؟، ماذا يحمل إلينا؟، ما هو واجبنا؟، هل نحن بحاجة إلى إرشاد ثالث جديد إن كان هذا لا يفتح لنا باب السلام ويحملنا إلى أرضٍ تدرّ لبناً وعسلاً؟، هل سيعطي ثماره كي نتذوقها؟، هل سيصفّ لنا مائدة الهناء، ويلغي المسافة الشاسعة بين الرؤساء والمرؤوسين، ويقرّب القائمين على معابد إيماننا بعضهم عن البعض الآخر من أجل كلمة واحدة وهدف واحد؟، هل سيمحو الإرشاد من قاموس مسيرتنا، البغض والحقد والكراهية والانتقام والأنانية وغايات النفس وادّعاءات المرائين والمزيفين والذين يجعلون من أنفسهم حملاناً وهم في داخلهم ذئاب خاطفة بل مفترسة (متى15:7)، شياطين تتفوّه بآيات مقدسة لتغشّ سامعيها وناظريها من أجل رسم خريطة مسيرتهم كما يشاءون، فيؤلّهوا مَن يشاءوا؟… إنها العولمة المدمِّرة والعلمانية البائسة عبر ثقافة عصر الانحطاط والمادية المزيفة وفي العلمنة القاتلة، ويزيدوا في أقوالهم أنه قد مرّت سبعة عشر عاماً على الإرشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان"، وعامان على هذا الإرشاد الأخير، لكن معظم التوصيات التي يرشدان إليها بقيت حبراً على ورق.

          نعم، ربما يكون الحديث مهماً في الأسئلة، ولكن المهم جوابنا على هذه الأسئلة. لنسأل أنفسنا: كيف تهيّأنا وكيف سنتصرف مع فقراته، أساقفة وكهنة ومؤمنون؟، فالبابا أتى ليشدد عزائمنا، وحمل إلينا رسالة محبة عظيمة وسلام أكيد ووئام ثابت… هل نتذوق فعلاً من ثمار الإرشاد الرسولي، فهو بنا ومعنا، وكلانا في المسيح نحمل هذه الثمار (متى16:7)، وبدون المسيح لا يمكن أن نعطي ثماراً (متى17:7)… فالإرشاد لنا كلنا وليس لفئة، كي نكون قلباً واحداً ونفساً واحدة (أع32:4).

       رحلة الإرشاد أم إرشاد الرحلة

          تسليم الإرشاد الرسولي إلى رؤساء كنائس الشرق الأوسط مغامرة إيمانية، حوارية، وجودية، إنسانية، مسكونية، حقوقية… هذه كلها قادت البابا بندكتس السادس عشر إلى المنطقة، ولم يبالِ قداسته بموجات التطرف ودعوات الإرهاب وقرارات التكفير رغم الزمن الصعب، وهذا ما جعل أن تكتسب زيارة قداسته إلى لبنان معنىً رعوياً بامتياز في زمن العولمة المُتعَبة والربيع المؤلم، عملاً وتكميلاً لما قاله يوماً البابا العبقري العظيم لاون الثالث عشر، وذلك في عظة الميلاد:"أيها المسيحي أعرف قيمتكَ وكرامتكَ"… إنها علامة تشجيع لمسيحيي لبنان وسائر المشرق، حيث أنظار العالم متجهة كلها إلى هذا الشرق المسيحي لأنه يدعوهم كي يعودوا ويكتشفوا مكانتهم الروحية ورسالتهم التاريخية ومسيرتهم الوطنية، ويقضوا بذلك على نزيف الهجرة في الشعور الأمين والأكيد عبر الانتصار على تجربة الشعور بالغربة في أوطانهم، مدركين جيداً مخطط إفراغهم من بلدانهم، والعمل على استسلامهم لأفكار هدّامة يروّجها الأناني والخصوم، وتتلخص كلها بأن أبناء الأعراب لا تتعايش ولا تحترم التعددية، ويستهينون بالمختلفين عن عقيدتهم، وإن كان ذلك اتّهام مرفوض.

          في هذا كله وضع البابا بندكتس السادس عشر اصبعه على الجرح الشرقي العميق، وأعلن أن المسيحيين يجب أن يكونوا حاضرين في هذا الشرق إذا هم أرادوا ذلك، وإذا أدركوا الدور الحقيقي الذي أراده منهم التاريخ وفرضته الجغرافية ورسمته الثقافة الوطنية… فالتفاعل مع قضايا المجتمع يبرر الصمود في الأرض والعكس صحيح، فالمسيحيون أبناء الشرق الأعزاء يهجرون بلدانهم عندما يشعرون أنهم أصبحوا غرباء عن قضاياهم، ولا دور لهم في صناعة مستقبلها، وربما إنهم من الدرجات الدنيئة ليس الثانية ولكن ربما الرابعة والخامسة، وكان البقاء والصدارة للقوي الذي يسيّر مَن يشاء حسب هواه.

          من هنا كان الإرشاد كتاباً مقدساً لأنه تعليم الكنيسة وآبائنا الأجلاء، وما هو إلا ملحق لإنجيل ربنا يسوع المسيح، فيه رسم لخارطة المسيرة في طريق الحياة من أجل أن نكون رسل البشارة الصادقة والمُحبة… لذلك:

       الإرشاد الرسولي: يدعو الكاثوليك، بل من حقهم، أن يدركوا جيداً أنهم من السكان الأصليين ولهم حق المشاركة التامة في حياة الوطن، ويجب أن يكونوا مواطنين بدرجة امتياز لأنهم أصلاء وأصليين، لا أن يُعامَلوا كمواطنين من الدرجة الثانية بل أدنى… إنهم روّاد النهضة والثقافة في كل بلدان الشرق الأوسط، ولهم حق كرامتهم الإنسانية، ويحق لهم حرية الإيمان والدين والتعبير، وهذا ما جعلهم أن يكونوا مستقبلاً لأبناء الوطن الآخرين، وتقديم الخدمات عبر بناء المدارس والمستشفيات. ولأن الحرية الدينية _ يقول قداسة البابا بندكتس السادس عشر _ هي تاج كل الحريات، وحق مقدس غير قابل للتفاوض، وتشمل الصعيد الفردي والجماعي وحرية اختيار الديانة وأن يمارسها بكل أمانة، ويعبّر عن ذلك باحترام رموزه دون أن يعرّض حياته وحريته الشخصية للخطر.

          الإرشاد الرسولي: ناقوس خطر تجاه العولمة السالبة، فقد تحدثت وثيقة الإرشاد عن العولمة والعلمانية موضحةً أن في الشرق الأوسط واقعَيْن متضاربَيْن: أولهما العلمانية بأشكالها التي تصل أحياناً للتطرف والأصولية الضيقة والتي أساساتها مبنية على أصول دينية. والعلمانية الإيجابية تعمل على تحرير المعتقد من ثقل السياسة، وإغنائها بإسهامات لازمة وضرورية. وهذا ما يدعو إلى التأكيد على الاحترام المتبادل بين السياسة والدين، أي العلاقة بين ما هو روحي وما هو زمني، وتعني أيضاً العمل بالسياسة دون استغلال الدين.

          الإرشاد الرسولي: ينبّهنا إلى قلق رعاة الكنائس الكاثوليكية الشرق أوسطية والأرثوذكسية بسبب تناقص أعداد مؤمنيهم وخاصة في الأراضي المقدسة والشرق العربي. كما كانت الوثيقة كلاماً مسهباً في هذا الصدد قائلة:"يشعر المسيحيون بالشرق الأوسط بشيء من الإحباط وفقدان الأمل والمهانة بسبب الصراعات والتي تجعل من الهجرة ملاذاً آمناً وإنْ كانت عسلاً مُرّاً وخياراً مأسوياً. فهو من ناحية يقلّص عدد السكان ويساهم في نقص الفهم الثقافي في الشرق الأوسط، والذي كما هو معروف، أنه بدون المسيحيين لا يُعَدّ شرقاً أوسطاً، لأن المسيحيين يشاركون في صنع الهوية الخاصة بالمنطقة… وهذا ما جعل البابا يشجّع ويحثّ المؤمنين للبقاء في وطنهم وعدم بيع أملاكهم.

          الإرشاد الرسولي: رسالة لزرع الثقة حينما انعدمت بسبب الأحكام المسبقة والتي بدلاً من أن تلتقي من أجل الخير العام فقد تاهت في مجالات الحقد والكراهية وحب الأنانية وبناء الفواصل القاتلة والمدمِّرة بين شعوب المنطقة، وهدم الجسور الموحِّدة بين المختلفين… فالمسلمون يتقاسمون مع المسيحيين القناعة بأن الإكراه في الدين غير مقبول خاصة إذا تمّ بواسطة العنف والذي يُستخدم لتحقيق مآرب سياسية باسم الدين، وهذا ما يؤكد أنه أداة للتمييز والعنف، ومن المحتم أنه يؤدي إلى الموت. وإن كان التسامح الديني في بعض البلدان يؤدي إلى نتيجة ملموسة، فهو يبقى محدوداً في نطاق تطبيقه، والعمل على الانتقال من التسامح الديني إلى الحرية الدينية والتي تقودنا إلى إعادة النظر في العلاقة مع الدين والله، وليست تعدياً على الحقائق المؤسِّسة للمعتقد.

          الإرشاد الرسولي: يدعونا إلى إقامة حوار مع جميع الديانات في الشرق الأوسط بعد الارتكاز على العلاقات الروحية والتاريخية والإيمانية التي تجمع المسيحيين مع اليهود والمسلمين، وما ذلك إلا دعوة كنيسة اليوم الكونية… وهذا الحوار يدعو إلى اكتشاف البعض للبعض الآخر لأنهم يؤمنون بإله واحد خالق جميع البشر. فمع اليهود ترتكز العلاقة على الإرث الروحي وذلك عبر الكتاب المقدس، والذي أجزاء كبيرة منه مشتركة، والعودة إليها يقرّبنا من بعضنا البعض، ويذكّرنا بأن المسيح يسوع عاش ومات يهودياً كما هي مريم العذراء. ففي الكتاب جذور المسيحيين، وهذا إرث تعتزّ به.

الإرشاد الرسولي: فيه حثّ البابا أن تكون الشبيبة في الكنيسة ومع الكنيسة، وخاطبهم مشدداً بقول الطوباوي يوحنا بولس الثاني:"لا تخافوا، افتحوا أبواب عقولكم وقلوبكم للمسيح"… التجذر في الأرض.نداء إلى شباب اليوم ليقيموا علاقات أمينة وصداقة حقيقية مع يسوع بقوة الصلاة والشهادة للإيمان اللتان تتيحان للقاء حقيقي مع الله ومع الآخرين في الكنيسة. لذلك على شباب اليوم _ يقول قداسة البابا بندكتس السادس عشر _ أن لا يخافوا أو يخجلوا من أن يشهدوا للصداقة مع يسوع في كل مكان، عبر المُثُل الإنسانية والروحية، كما يجب أن لا يخافوا أو يخجلوا من أن يكونوا مسيحيين. فمن خلال محبة المسيح وكنيسته _ يقول قداسته _ يستطيع الشباب أن يميّزوا بحكمة بين القيم المفيدة التي تبني الحياة، وبين الشرور التي تسمّم ببطء الحياة. ويعلّم قداسته الشباب أن الكنيسة تعتمد على إبداعهم والتزاماتهم من أجل خدمة المسيح والكنيسة والمجتمع.

الإرشاد الرسولي: إنه ينظر بأعين التقدير إلى الأخوة المسلمين، فهم يعبدون الله خصوصاً بواسطة الصلاة والزكاة والصيام، كما إنهم يقدّمون الإكرام ليسوع (عيسى الحي) كنبي. صحيح إن اللقاء بين الإسلام والمسيحية اتخذ غالباً شكل الجدل العقائدي والذي شكّل ذريعة لدى هذا الطرف أو ذاك ليبرر _ باسم الدين _ ممارسات التعصب والتمييز والتهميش وحتى الاضطهاد. وعلى الرغم من ذلك فالمسيحيون يتقاسمون مع المسلمين الحياة اليومية نفسها لأنهم جزء لا يتجزأ من الشرق الأوسط، ويتقاسمون عيش الحياة، ويعمل المسيحيون على تعزيز إيمانهم في ثقافة أوطانهم، مما نتج عن ذلك حياة تكافلية، فيها ساهم اليهود والمسيحيون والمسلمون في نشأة ثقافة غنية بالشرق الأوسط، وحوار دائم من أجل التفاهم والاحترام المتبادل. وفي هذا الصدد يشدد المجلس الحبري على أهمية الحوار لأنه الموضوع الأكيد للعيش المشترك وقبول الآخر ضمن وطن واحد ولغة نفسها وثقافة عينها.

الإرشاد الرسولي: يهدف إلى مساعدة كل مؤمن بالمسيح على أن يعيش حقيقةً ما جعلت منه المعمودية ابناً للنور. فالمعمودية اسمها سرّ الاستنارة، والإنسان ابن الله وليس ابن الشيطان. والمسيحي سراج وشمعة مضيئة في ظلمة العالم، ظلمة الكذب، ظلمة الحقد والكراهية والأنانية، ظلمة الأنا والكبرياء وخيانة الدعوة وأمانة الرسالة وعدم قبول الآخر. إنه يساعد حقيقةً على أن يكون سراج إيماننا مضيئاً دائماً، فقيمة وجودنا نحن شمعة من أجل تنقية الإيمان وأن يضمّ بهاء ونور المسيح، شركة اتحاد حقيقي بالله عبر المسيح. فإذا ما عطلت علاقتي مع الإنسان، أسأل ما هي علاقتي مع الله.

          الإرشاد الرسولي: أعطى دفعاً مسكونياً، وأقام علاقات مجددة في وحدة كاملة بين المسيحيين. وما حصل في دير الشرفة في اللقاء المسكوني في جوّ من الودّ الصريح وبراءة الحوار، ما هو إلا علامة بكل تنوعاتها، متحدة بعمق مع الحبر الأعظم، وتبين مدى صدق المحبة التي يكنّها قداسته لأبناء كنائس الشرق.

          الإرشاد الرسولي: دعوة الكنيسة إلى عيش الحب في المسيح يومياً، فتكون بذلك كنيسة بيتية، تربي على الإيمان والصلاة لأنها الخلية الحية والأولى للمجتمع على شاكلة عائلة الناصرة التي عاشت هي أيضاً محنة ضياع يسوع الطفل، وألم الاضطهاد والهجرة، ونشوة التعب اليومي. فالدعوة تكمن هنا في المساعدة على النمو في الحكمة والقامة والنعمة، وتحت نظر الله والبشر، وما ذلك إلا استسلام للمسيح عبر إرشاد الروح القدس.

          الإرشاد الرسولي: من المؤكد أن الإرشاد الرسولي يعلن أن المسيحيين يشاركون مع باقي المؤمنين في صنع الهوية الخاصة لبلدانهم، لأن الجميع مسؤولون عن بعضهم بعضاً أمام الله… صحيح هناك من أبناء الشرق الأوسط _ يقول الإرشاد _ يقررون ترك أرض أجدادهم وعائلتهم وجماعتهم المؤمنة بسبب الحاجة والتعب واليأس وغياب الاستقرار والأمل في بناء مستقبل أفضل، ولكن هناك ممتلئين بالرجاء يتمسكون بالبقاء في بلدهم وفي جماعتهم.

       خاتمـــــة

          نعم، لقد امتدح قداسة البابا بندكتس السادس عشر مسيحيي الشرق الأوسط اعتزازاً بإيمانهم بقوله:"لا تخفن، لأن الرب حقاً معكن حتى انتهاء العالم. لا تخفن، لأن الكنيسة الجامعة ترافقكن بقربها إنسانياً وروحياً"… وفي هذا أراد قداسته أن يكون الإرشاد الرسولي نقطة انطلاق وثبات في الإيمان، وشهادة في الحياة، وشجاعة في إعلان البشارة، وأن تواصل الكنائس الشرق أوسطية نشاطها الرسولي المعهود، مواصلة السير نحو الوحدة أولاً بين أبنائها وعاملة على ازدهارها ثانية. وفي نفس الرسالة تواصل تقدمها في سبيل التألق بين الكنائس والأديان المختلفة.

          فقداسته يضعنا اليوم أمام مسؤوليات الإيمان التي استلمناها من جرن العماد، ووسمت وجوهنا بميرون مقدس، لنكون جنوداً أوفياء لهذه الرسالة ثم نتعامل مع فقرات الإرشاد من أجل كنائسنا، من أجل تثبيت وتقوية هويتنا المسيحية، فنرى الرؤيا الواضحة عن معنى حضورنا ووجودنا وتقاسمنا للحياة.   فالإرشاد الرسولي حلول لا يكتمل نصابها ولا تعطي ثماراً إلا إذا عشناها، ليس فقط في داخلنا، ولكن أن نكتشف مع الآخرين الطريق الموصلة إلى عمق الحقيقة في معرفة سرّ المسيح من أجل غور سر الإنسان ووجوده ومساهمته في مسيرة الحياة بروح المحبة والحقيقة، ودعوة المؤمنين إلى أن يدركوا ويفهموا بأن الحس الإيماني لوجودهم هو رسالة سامية في مخطط الله… إنها رسالة البشارة والخلاص والمحبة.

          نعم، لنمشِ على دروب الشهادة التي سلكها المسيحيون في بلادنا الشرقية، وفي ذلك يشجعنا قداسته وجماعاتنا المسيحية كي نظلّ متجذرين في أرض أجدادنا في شراكة القلب والنفس مع جميع المؤمنين المعمَّذين، ليس فقط أمانةً وحفاظاً على الوجود والهوية والتراث، بل أيضاً كي نتابع باختيارنا حياة الشهادة والاستشهاد. وقد تميز بها عبر قرون عديدة حضور المسيحيين في الشرق… وما أجمله من كلام… بل طوبى لِمَن يدرك معناه.

          فغياب الصوت المسيحي ووجوده سبب في افتقار المجتمعات وخسارة للتعددية التي تميزت بها بلدان الشرق الأوسط… نعم، لنفتح أبواب قلوبنا وكنائسنا، فالأقفال ومفاتيحها في أيادينا جميعاً، ولنفتح الأبواب ليس فقط على مصراعيها بل بروح الشركة والشهادة والتواضع… فالإرشاد أعاد التصويب لبوصلة الحياة، وحسم الجدل القائم ومفاده بل سؤاله: أين سنكون اليوم وغداً؟… فالكنيسة هل هي كنيسة المؤمنين أم كنيسة المصلّين؟… إنها مبنية على صخرة البشارة عمرها ألفين عاماً… لذا لا يحق حتى للقيّمين على الشأن المسيحي في الشرق أن يتنازلوا عن هذا المجد الذي أُعطي لهم لأنه أرث الكنيسة جمعاء… فمجد الرسالة المسيحية أُعطي لأبناء هذا الشرق ولنرى الأيام ، أنها أفضل مستشار.

          أرجو ختاماً أن لا يكون الإرشاد لغة المثقفين وشريحة كبار الزمن ورؤساء الدوائر وكبار المسيرة… فاليوم شعبنا بسيط وبريء وجريح الحياة، ولا يحتاج إلا أن يتفاعل بقدر ما وهبه الله من النعم لكي لا يكون شعباً مسيَّراً بل مُحباً، شاهداً وشهيداً لحقيقة البشارة والحياة والإيمان… وهذا هو الرجاء في الإيمان بقوة الروح القدس (أفسس 6: 17).

          فلنأخذ خوذة الخلاص (أفسس 13:15).وسيف الروح الذي هو كلمة الله (أفسس 17:6) من أجل الإعلان جهاراً بسرّ الإنجيل الذي لأجله نحن سفراء (أفسس 19:6) بدلاً من سماع دقات ناقوس الخطر بل الفشل في الإيمان للصمود في الرجاء والعيش بالمحبة… وهذه هي البشارة الجديدة، حملها المسيح ولا زال يحملها ونحملها اليوم معه ، نحن بدورنا… فالإرشاد ملحق لإنجيل ربنا يسوع… إنه سفر أعمال آخر… ولا نخجل بشهادة ربنا (2تيمو 8:1)… نعم، وآمين.

 المونسنيور بيوس قاشا

 

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
نقابة الصحافة: جلسة لاعضاء الجدول النقابي في 1 تشرين الثاني لدرس طلبات الانتساب المقدمة للجنة

نقابة الصحافة: جلسة لاعضاء الجدول النقابي في 1 تشرين الثاني لدرس طلبات الانتساب المقدمة للجنة

اعلن رئيس اتحاد الصحافة نقيب الصحافة محمد البعلبكي وامين سر الاتحاد نقيب المحررين الياس عون في بيان: انه "في اجتماع حضره نقيبا الصحافة والمحررين وأعضاء مكتب نقابة الصحافة

لم يكتمل النصاب لعقد جلسة لجنة الجدول النقابي لعدم حضور اعضاء مكتب نقابة المحررين في الموعد المقرر الساعة الحادية عشرة قبل ظهر اليوم الثلثاء الواقع فيه 23 تشرين الاول الجاري بسبب الظروف الطارئة. وبناء على ذلك تقرر ان يوجه رئيس لجنة الجدول النقابي النقيب البعلبكي الدعوة الى اعضاء اللجنة لعقد جلسة الساعة الحادية عشرة قبل ظهر يوم الخميس الواقع فيه الاول من تشرين الثاني المقبل للنظر في الجدول النقابي ودرس طلبات الانتساب المقدمة الى لجنة الجدول".
 
وطنية

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
اليوم العالمي للشباب المقبل سيعود بنتائج مثمرة للكنيسة بأكلمها (1)

اليوم العالمي للشباب المقبل سيعود بنتائج مثمرة للكنيسة بأكلمها (1)

البرازيل المعروفة بكونها بلدٌ مسيحيٌ والمشهورة برقصة السامبا وموسيقى الـ"بوسا نوفا" وكرة القدم،  ستستضيف على أرضها أهمّ الأحداث العالمية خلال السنوات الأربعة القادمة وهي: الألعاب الأولمبيّة

 للعام 2016 وكأس العالم لكرة القدم للعام 2014 وفي يوليو 2013، ستستضيف على أرضها مئات الآلاف من الشباب من مختلف أنحاء العالم، سيجتمعون لملاقاة البابا بندكتس السادس عشر في ريو بمناسبة "اليوم العالمي للشباب".

قرّر عميد الجامعة البابوية في لاتران، المونسنيور أنريكو دال كوفولو، التوجّه إلى ريو دي جانيرو لملاقاة الجماعات المسيحية المحليّة وذلك كمغامرة "غنية وقويّة".

بعد مدريد عام 2011، سيجري اليوم العالمي للشباب في ريو حاملاً "أهميّة دينية ملحوظة" وسيكون هذا اللقاء فرصة رائعة للتبشير بالإنجيل.

أفاد المطران دال كوفولو بأفكاره إلى قرّاء وكالة زينيت فيما يخصّ مراحل الرحلة المختلفة في هذه المقابلة الصحفية.

زينيت – سيادة المونسينيور، ما هي الصور الثلاث التي حفرت في ذاكرتك خلال هذه الجولة البرازيلية؟

المونسينيور أنريكو دال كوفولو – من الصعب اختصار هذه التجربة إذ كانت غنيّة وقويّة لدرجة أنني أخاف من تسخيفها عندما أخبر عنها. ولكن إذا اضطررت أن أختار 3 صور، أختار أولاً حيوية الكنيسة البرازيلية الاستثنائية: فالجماعات الجديدة والجماعات التي تتمتّع بتجربة طويلة فيما يخصّ التبشير بالإنجيل تعكس رجاءً كبيراً.

الصورة الثانية التي قدّرتها هي العمل الذي تقوم به جامعات بابوية وكاثوليكية عديدة في البرازيل والتي يرتادها عدد كبير من الطلّاب.

وأخيراً، كوني ابن "دون بوسكو"، أسعدني ما نفعله وما يفعله الساليسيون من تبشير وتعزيز للإنسانية في البلاد!

ما هي أكبر المحطات في زيارتك؟

أوّل محطّة كانت في ساو باولو حيث استضافني "رواد الإنجيل". زرت جماعة "كانساو نوفا" المكرّسة للتبشير بالإنجيل من خلال وسائل الاتصال الاجتماعية. كما زرت معهد القانون الكنسي "الأب جويسيبي ب. بيغورارو" التابع لمعهد "القانون المدني والكنسي" في جامعة اللاتران. علاوة على لك، قابلت رئيس الأساقفة، الكاردينال شيرير وبعض مساعديه، وفي أباريسيدا التقيت برئيس مجلس أساقفة البرازيل، الكاردينال أسيس.

المحطة الثانية كانت في كامبوغراندي حيث وقعت على اتفاق مع الجامعة الكاثوليكية دون بوسكو، ثمّ توجّهت إلى برازيليا وهي مقرّ انتساب جديد مع جامعة لاتران للسنوات الأربع للإكليريكية التبشيرية « Redemptoris Mater ». في هذه العاصمة، التي حلم بها دون بوسكو، كانت اللقاءات الأهم مع الكاردينال فالساو ورئيس أساقفة الأبرشية والسفير البابوي.  

بعد كوريتيبا وبورتو أليغري، زرت ريو دي جانيرو وبيلو هوريزانتي. في ريو التقيت بالمطران أوراني تامبيستا ومساعديه لتخطيط وتنطيم مشاركة ممثّلي جامعة اللاتران في اليوم العالمي للشباب. خلال هذه اللقاءات جميعها، أردت التركيز على الفكرة الصحيحة للجامعة، مستشهداً بتعاليم الكاردينال نيومان والبابا بندكتس السادس عشر فهي بمثابة جواب فعّال لضرورة التعليم من حولنا.

في ما يخصّ هذا الموضوع، أنا مقتنع أكثر فأكثر بأننا حصلنا على إجابة فعّالة للخروج من الأزمة حتى ولو أننا في بعض الأحيان لا نتنبّه إليها: هذه الإجابة هي جامعة تعمل بطريقة جيّدة أي جامعة مناسبة للحوار بين الإيمان والعقل وهي مكان مناسب لتدريب المدرّبين.

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
زينيت : هيلدغارد، صورة امرأة معاصرة (1) مقابلة مع الأب دومولان

زينيت : هيلدغارد، صورة امرأة معاصرة (1) مقابلة مع الأب دومولان

إنّ القديسة هيلديغارد دي بنغن (1179- 1098) هي "امرأة معاصرة" إذ تدعو إلى "الاهتمام الحقيقي بالعالم الذي نعيش فيه وإلى الوعي فيما يخصّ كرامتنا والمهمّة المناطة بنا في هذا العالم"،

هذا ما قاله الأب دومولان.

إنّ الأب بيار دومولان المتواجد في أبرشية موناكو هو رئيس معهد تبليسي لللاهوت في جورجيا وقد درس منذ 15 سنة عن فكر القديسة الألمانية وهي ملفان جديدة. هو من كتب "هيلدغارد دي بنغن، نبية وملفان في الألفية الثالثة" الذي نشر في طبعات الBeatitudes وقد تحدّث عن صورة "هذه المرأة العبقرية" مع وكالة زينيت.

بحسب ما قاله الأب دومولان، فإنّ القديسة هيلدغارد "تمنح النساء على طول العصور دلالة على الحياة" لأنّها "تتصرّف بأنوثة وهي لا تتنافس مع الرجل إنّما تكمّله".

بالنسبة للأب دومولان، هي بمثابة "نذيرة في عدّة حقول وليس فقط في حقل الطب وعلم الكون". ومن خلال علم الإنسان، تعترف القديسة هيلدغارد للإنسان من جديد "بكرامته" مؤكدةً على "عظمته فهو يملأ الكون لأنّه الوحيد المدرك".

زينيت- أيّ نوع من النساء كانت هيلدغارد برأيك؟

الأب بيار دومولان – هيلدغارد هي امرأة عبقرية وقوية في ضعفها لأنّها تستوحي على الدوام من الروح الإلهي. وهي تقول بأنّها "ريشة صغيرة تحملها الرياح الإلهية". هي تتأمّل وتصلّي وتصغي ومن ثمّ تتصرّف وتصرّف الروح فيها يجعل منها امرأة عظيمة. لا تخلط نفسها مع الرسالة التي تحملها فهي نبية أي أنّها تحمل هذه الرسالة التي تتغلغل فيها وتتخطاها.

ولكن من الجدير بالذكر أنّ هيلدغارد واقعية، فهي سيدة قادرة في تدبير جماعتها سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي. إنّها معلّمة رائعة وفي الوقت نفسه هي امرأة أعمال بارعة مثلما ستكون تيريزا دي أفيلا لاحقاً. يعود كلّ ذلك إلى طاعتها لعمل الروح القدس الذي لا يعمل عن طريقها فحسب إنّما فيها أيضاً. إنّها تترك نفسها تنقاد بالرؤى وبالنور الذي يسكنها وهي تملك بالتالي شيئاً معاصراً لأنّها تنظر إلى كلّ ما يحيط بها بنور متجدد ومسلّط نحو المستقبل. إنّها نذيرة في عدّة حقول وليس فقط في حقل الطب وعلم الكون.

كيف استطاعت امرأة في مثل هذا العصر أن تؤثّر إلى هذا الحد؟  كيف يمكنك أن تشرح هذا التألّق؟

أظنّ أن نظرتنا عن دور المرأة في القرن ال12 كانت خاطئة. فحتى ولو كان دور المرأة أقل من دور الرجل في التدبير، إلّا أنّ ذلك لا يمنع أن يكون للمرأة تأثيراً أساسياً على المجتمع في وقتها وهيلدغارد هي مثال على ذلك وليست منفردة فكم من الملكات في ذاك العصر قد قدن الدول!

بالإضافة إلى ذلك، فكونها امرأة يمنحها حرية أكبر للتدخل إلى جانب ذوي النفوذ وهذه استقلالية لا يتمتّع لها الرجال ففي ذاك العصر كانوا يحترمون المرأة وكان هناك نوعاً من "المجاملة" للمرأة يصعب تصوّره اليوم.

أجرؤ على القول أنّ المجتمع الحالي ذكوري أكثر ممّا كان عليه في القرن الـ12 كما أنّ "المساواة" التي نريد تحقيقها أينما كان هي مصطنعة فهي تحفّز دولة "تنافس" لا تكامل… توجّهت هيلغارد إلى الحشود وأصغت إلى الفرق الاجتماعية جميعها مثلما فعلت كاثرينا دي سيينا بعدها. ألقت محاضرات على البابوات والأباطرة والملوك. إنّ العمق الروحي عند هذه المرأة المتدينة لم يكن موضع تساؤل آنذاك! تبيّن لنا هيلدغارد أنّ المرأة كانت ناشطة في مختلف المجالات كالموسيقى والمنمنمات والمخطوطات والصيدلة والهندسة المعمارية وعلم الكون واللاهوت… تحتلّ مع راهباتها مستوى ثقافياً واقعياً لم نعتد عليه في ذاك العصر وخصوصاً في الأديرة.

أمّا في الحديث عن تألّق هيلدغارد وتميّزها، فيعود إلى قدرة حياتها الروحية التي منحتها الاحترام أكثر فأكثر ومنحتها سمعة معروفة دفعتها إلى المضي في الشوارع والمدن الألمانية لإصلاح الكنيسة في عصرها في كلّ مرّة خرجت من الدير. كانت تتحدّث بصراحة عن إساءات رجال الدين والشعب كان يدعمها.

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
التبشير الجديد هو إعلان الإنجيل في ظروف جديدة (1)

التبشير الجديد هو إعلان الإنجيل في ظروف جديدة (1)

التبشير الجديد هو إعلان الإنجيل في ظروف جديدة" هذا ما قاله قال الكاردينال أندري فانتروا، رئيس مجلس أساقفة فرنسا ورئيس أساقفة باريس، خلال المشاركة في الجلسات العامة لمجمع

"مجلس أساقفة اوروبا، الذي جرى مؤخرًا في سان غال، السويد.

قال رئيس الأساقفة خلال مؤتمر صحافيّ: "إن التبشير الجديد ليس اكتشاف طريقة جديدة لإعلان الإنجيل، بل القدرة على تصوّر وتفسير الظروف التي يتمّ من خلالها التبشير في بلادنا وتقاليدنا".

أجرت زينيت مقابلة مع الكاردينال أندري فانتروا.

ما هي انطباعاتك بما يتعلّق بالجمعيّة العامة لأساقفة أوروبا؟

إنه لفرح عظيم كلما التقيت برؤساء المجالس الأسقفيّة الأوروبيّة، وهي مناسبة للتواجد معاً والتحادث، وتبادل الآراء حول موضوع موحّد والتعمّق به. غالبا ما نلتقي بحفلات أو رحلات، حيث لا يكون لنا متسع من الوقت للحديث، أمّا هنا فقد سنحت الفرصة بذلك.

إن موضوع اللقاء هو التحديات والمشاكل في أوروبا: ما هي هذه المشاكل وكيف يمكن معالجتها؟

لا اعتقد أننا نملك المفتاح لحلّ جميع المشاكل في أوروبا. ويبدو لي أن هناك مشاكل اقتصاديّة وتأثيرات سلبيّة للأزمة الماليّة. ولكن هناك مشاكل أخطر ومهمّة جدّا للمستقبل وهي مشاكل لا يتحدّث عنها أحد. ربما احد أوائل مهامنا في هذا السياق هو أن نكون –دون مطالبات- صوتًا نبوّيًا يشير إلى هذه المشاكل التي لا يذكرها أحد…

على سبيل المثال؟

ماذا يجري للإنسان في خضمّ التطوّر في الأخلاق والقانون في أوروبا؟ ماذا يجري للمرجع المسيحي لملايين الأشخاص في كل أوروبا؟ وماذا يجري لوعي من يؤمن بالقيم العليا للإنسان؟

نتحدّث عن التبشير الجديد: كيف يمكن أن نتخيّل التبشير الجديد في وضع معقّد كوضع فرنسا؟

لست بحاجة للتخيّل، لأنه تمّ البدء بالعمل، وهو واقع دائم في حياة الكنيسة. لأن مبادرة البابا بإنشاء مجلس حبريّ للتبشير الجديد واقتراح الموضوع ذاته في سينودس الأساقفة، هو طريقة لتقديم الدعم والتشجيع للكنائس التي تواجه حالة التجدّد بالتبشير.

التبشير الجديد ليس اكتشاف جديد لطريقة في نشر الإنجيل، بل هو إدراك لإعلان الإنجيل في ظروف جديدة.

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الجمهورية : الأب داريو حبيس قاديشا: اسرار وشهادات (1)

الجمهورية : الأب داريو حبيس قاديشا: اسرار وشهادات (1)

يُقال إنّ الحجارة تتكلم إلى من يصغي إليها، فكيف إذا كانت الحجارة جزءاً من تاريخ وادي قنوبين ووجهاً من وجوهه!! هذه المعجزة الهندسية الربّانية في جبال لبنان وأوديته التي شيّدت الرهبانيات المارونية

فيها وفي صخورها ومغاورها محابس محفورة في الصخور والقلوب، ووهبت قوّتها الى حبيس كولومبي الأصل، ففاضَت بركاته على مؤمنين سمعوا به ولم يصدّقوا… وعلى آخرين رأوا فآمنوا… وعلى مباركين آمنوا ولم يروا…

وقد خطفت هذه الوديان والصخور الملتحفة بالسماء قلب الأب داريو اسكوبار الكولومبي الأصل وعقله، فكفر بما يملك وباعه وعشق الفقر فقصد لبنان منذ عام 1993 ليشعر بالومضة النسكية تُداعب قلبه عندما تعمّق بسيرة القديس شربل، فعشقه وفتن بوادي القديسين حين وقع نظره عليه، فأغرم به من النظرة الأولى وقرّر الارتباط به ارتباطاً أزلياً.

الطريق إلى محبسة دير سيدة حوقا ليس سهلاً، والموعد مع الحبيس لم يكن اسهل، خصوصاً أنه لا يستقبل أحداً ولا يتكلم مع أحد إلّا نادراً، وقد كثر الحديث عنه وعن شفاءاته وأسلوبه اللافت في التعاطي مع قاصديه.

يقول الأب مروان خوري المرشد في كنيسة سيدة النجاة – السهيلة لـ"الجمهورية": إذا قرأنا هذا الراهب أو جالسناه، نجد لديه حبّاً للفقر غير طبيعي. وفي اللحظة التي هبّت هذه الدعوة في نفسه، باع سيارته وكل ما يملك وقصد لبنان، وهو عالم نفسي وأستاذ جامعي يعيش حياة كريمة وهبها جميعها بعدما تعرّف الى الأديار في الرهبنة اللبنانية في أميركا الجنوبية والشمالية، ومن خلالها تعرّف الى سيرة حياة مار شربل، فطلب منه الرهبان المجيء الى لبنان للتعرف إليه عن كثب.

وحين وصل ووقعت عيناه على وادي قاديشا المقدس الذي منه تنسّك قديسو لبنان، لا سيما قديس لبنان الكبير شربل، ولع قلبه بالروحانية المارونية مع انه لاتيني وليس مارونياً.

وبعدما لامس الحياة التي يعيشها النساك، وأدرك ما أضافته طريقة هذا العيش على الوجود المسيحي، تأكد داريو أنّ هذا العيش شكل الصخرة التي كانت تتكسّر عليها كل أمواج الشر. فلم تستطع أيّ قوة، بفضلها، إلغاء الوجود المسيحي في هذا الشرق، فقرر أن يكون مدماكاً إضافياً ليسند هذه الصخرة.

ويتابع الاب خوري حديثه ليزيدنا إصراراً على التعرّف الى ذلك الحبيس ومقابلته: "بعدما تعرّف الأب داريو إلى الوديان، قرر المجيء إلى كفيفان ومن هناك كانت بداياته (الابتداء)، وتقدم بعدها إلى النذورات، فأرسلته الرهبنة ليعمل في دير مار انطونيوس في الجنائن والحقول لمدة 8 او 9 سنوات.

وكان في هذا الوقت يحاول اختبار نفسه، إذا كان الرب يدعوه فعلاً إلى الحياة النسكية ليطلب بعدها من رؤسائه السماح له بمحاولة الحياة النسكية. وبالفعل عندما راقب الآباء والرؤساء واخوته سيرته وروح الفضيلة وقوة التواضع وعمله الصامت وفعالية قدرته على الالتزام، سمحوا له بالاحتباس. ومنذ التسعينيات ولغاية اليوم هو مُستحبس في مغارة سيدة حوقا قرب الدير".

وهل في الامكان تأمين موعد لمقابلته؟ يجيب الأب خوري مبدياً كل رغبة في المساعدة: "إنت وحظك". إذ إنّ جموعاً قصدته مراراً، وبعد مشقة الوصول والطريق الوعرة إلى الوادي لم تتمكن من مقابلته، فهو حين يكون مسترسلاً في الصلاة لا يفتح ولو طرقت بابه آلاف الأيدي.

ويروي الأب خوري، الذي وعدنا باستحصال الأذن من الرئيس العام الأب طعمة، عن قدرة الناسك داريو على المساعدة في الشفاء من كثير من الأمراض المستعصية. كما لا يخفي انه التجأ إليه في إحدى الحالات الصعبة التي واجهها لدى مساعدته احد الأشخاص الممسوسين، فصلّى معه الاب داريو…

– "أيعقل يا أبت مروان أن تطلب انت مساعدته، بعدما ذاع صيت إرشاداتك وشفائك ومواعظك ليس في لبنان فحسب؟"

– اجاب: أنّى لي أن اصل الى قدسية الاب داريو ونسكه وقربه من ربنا، نحن ما زلنا في بداية الطريق، نحن مبتدئون بالنسبة إليه".

ويضيف الأب خوري: "إن العجيبة في حياة الناسك تكمن في بساطة حياته التي من الصعب جدا اختبارها، فإذا لم يكن المرء يتمتع بنعمة الله لا يستطيع التحمّل نصف ساعة في العيش وحيدا منعزلا. فكيف يمكن لإنسان أن يجلس مدة 10 او 15 سنة وحيدا في مغارة؟ وإذا فكرنا ملياً، بشرياً وطبياً، فالإنسان الطبيعي يمكن أن يصيبه الجنون إذا بقي مدة 10 او 15 سنة في مغارته وحيداً.

فما هو او من هو الذي يعطي هكذا مخلوق السلام في النفس أو في الجسد والقدرة على تحمّل هكذا حياة، محافظاً على بسمة فرح بادية في كل لحظة على وجهه، مع عمق في نظرته الى الحياة؟

من المؤكد انّ هذا الانسان ليس وحيداً في هذه المغارة، بل قوة الله ونعمته ترافقانه ليلا ونهارا، وهما ملموستان، اي انه يرى الرب ويختبره ويشعر بوجوده وحضوره، وهذا لا يمكن فهمه الا عند الاختبار، ولنتوصل الى الاختبار علينا الوصول الى هذه الدرجة التي وصل اليها الحبيس داريو، وهذا صعب ان لم نقل مستحيلاً مع البشر الطبيعيين.

اما الذي استنتجه الاب خوري من خلال زياراته الحبيس داريو، فهو أن سيرة حياته بحد ذاتها عجيبة:

– يصلي 14 ساعة في النهار.

– يستيقظ الساعة الخامسة صباحا.

– ينام 4 ساعات في النهار.

– يأكل "وقعة" يومياً الساعة الخامسة بعد الظهر.

– يأكل ما تنتجه يداه، أي ما يزرعه بنفسه (او بعض خبز الفطير الذي يصنعه الرهبان ولا يعفن سريعا).

وعندما سأله ماذا تحكي في الـ 14 ساعة؟ اجاب: أساير ربّي.

ويقسم صلاته كالآتي:

– التأمل قبالة القربان هو صلاة.

– مطالعة الانجيل هو صلاة.

– تأملاته الروحية بصمت هي صلاة.

– يسكر قبالة القربان.

كما انّ هناك صلاة عقلية تعتمد على تحليل الانجيل والكلمة الحق.

ويضيف الأب خوري: "يعمل 3 ساعات في الحقل والتنظيف نحو المحبسة والمغارة. سامِحلو الريّس بساعة واحدة لاستقبال الناس الذين يحتاجون جداً الى رؤيته"، مع انه يفضّل ألّا يستقبل احداً ويستحسن الصمت. ولكنه، وبحكم امر الطاعة من الرهبانية، لا يمكنه رد طلب الرئيس العام، إذ ان الطاعة هي من أسس الحياة الرهبانية.

ويكشف الاب خوري تفاصيل غرفة الحبيس التي لا تتجاوز المترين وفيها لوح خشب ينام عليه، اما غطاؤه فهو ثوبه الرهباني فقط.

– وسادته قطعة خشب صغيرة مستطيلة فوق اللوح العريض الذي ينام عليه.

– شفاءات كثيرة حصلت لمرضى السرطان بعد صلاته ولقائه.

– نساء نِلن نعمة الحمل بعد لقائه وصلواته وتأملاته – قصدنه، فشفاهنّ، وأخبرن.

اما رحلة الحج الى حوقا ومحبسة الاب داريو فكانت صعبة، تعرقلت في البداية ولا أدري كيف تمّت بعد عناء، ربما كما قال الأب داريو ولقوّة حضوره تأثير في العقل والكيان: "لا تحزنوا إذا ما أصابتكم الحوادث والمآسي… ولا تملّوا إذا ما واجهتم المصاعب في ترحالكم… فربما يخبىء لكم الرب رسالة أجمل وأسمى كي ترووها فتتعِظ الخليقة من خلالكم… أو ربما تكون المآسي هدايا من الرب ليكفّ بها شروراً اكبر آتية عليكم…".

أمّا عن الشرور التي لحقت بالذين التقاهم والمرضى الذين جاؤوا إليه مؤمنين تائبين طالبين شفاعته للشفاء، فسنتابعها غداً في حلقة ثانية تروي تفاصيل رحلتنا الى دير مار انطونيوس قزحيا، ومسيرتنا الى مغارة سيدة حوقا في وادي قاديشا، ولقائنا الحبيس حيث خبّأ لنا الأب داريو حكايا وأسراراً واختبارات وقصصاً لشفاءات تمّت… فعُلِم بعضها. أمّا الباقي فقد علمه الله وحده.

مرلين وهبة

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
مؤتمر اتحاد الصحافيين العرب في ك1 في القاهرة

مؤتمر اتحاد الصحافيين العرب في ك1 في القاهرة

تلقت نقابة الصحافة بيانا من اتحاد الصحافيين العرب يعلن فيه "موافقة الاجتماع التشاوري الاتحاد الصحافيين العرب الذي عقد في مقر الاتحاد بالقاهرة امس، على انعقاد المؤتمر العام للصحفيين العرب

  بالقاهرة في الاسبوع الثالث من ديسمبر 2012 وبالتنسيق مع نقابة الصحافيين المصريين واجراء انتخابات رئاسته وامانته العامة في مقر الاتحاد.

كما وافق المؤتمر التشاوري على ان يبحث المؤتمر العام في اجتماعاته تطوير اعمال ومهام ودور اتحاد الصحفيين العرب لتعزيز علاقة الاتحاد بالصحفيين العرب والنقابات الوطنية، وتطوير مهامه بما يمكنه من مجابهة التحديات التي تعترض حرية الصحافة والرأى والتعبير في بقاع كثيرة من العالم العربي.
ووافق ايضا على ان تطلب امانة الاتحاد من النقابات الصحافية الوطنية والنقباء واعضاء الامانة العامة، موافاة الامانة العامة باقتراحاتهم المحددة لتطوير مهام الاتحاد وتجديد شبابه وتوثيق علاقاته بقواعده".

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
زيارة البابا للبنان: وجهة نظر أرثوذكسية وسورية (1)

زيارة البابا للبنان: وجهة نظر أرثوذكسية وسورية (1)

زيارة البابا بندكتس السادس عشر إلى لبنان كانت حدثًا كنسيًا، وطنيًا (لبنانيًا)، إقليميًا ومسكونيًا، كما وكانت حدثًا يهم الأديان الأخرى وبشكل خاص الدين الإسلامي. لاقت زيارة البابا ترحيبًا خاصًا

لأن مداخلاته لم تكن سطحية ولم يكتف قداسته بالإشارات المبهمة بل تحدث عن مواضيع حساسة منها تهريب الأسلحة وتوزيعها على المتقاتلين في سوريا، مسألة الهجرة، الربيع العربي وتقييمه.

في هذه المقابلة مع زينيت، يتوقف سيادة المطران غريغوريوس يوحنا ابراهيم، متروبوليت حلب لطائفة الروم الأرثوذكس على أهم لحظات هذه الزيارة ويعلق على بعض مداخلات، آراء واقتراحات بندكتس السادس عشر.

* * *

ما هو تقييمك الأوّلي لزيارة البابا بندكتس السّادس عشر إلى لبنان ومداخلاته ؟ ما هي المداخلات التي تُعتبر أنّه يجب أن نكرّس له انتباهاً خاصّاً؟

المطران غريغوريوس يوحنا ابراهيم: لقد تركت زيارة البابا بندكتس السّادس عشر إلى لبنان انطباعاً تميّز بالترحيب الحار مِن قِبَل المسلمين والمسيحيّين على السواء، وهذا يُشير إلى أنّهم قَبِلُوه رسولاً للسّلام، وهو الذي قال في حديثٍ له في المطار : جئتُ صديقاً لكلِّ مَن يريد السّلام ويُحبُّه. فالبابا لم يُميِّز بين مسلمٍ ومسيحي، ولا بين بلدٍ وبلدٍ آخر، لأنّه كان يتحدّث مع الإنسان في كلّ الشرق الأوسط.

وفي كلّ مداخلاته كان واضحاً، لأنّه حمل رسالة صديق لله ولكلّ من يسكن في الشرق الأوسط. ولكنَّ مداخلته لدى التوقيع وتسليم الإرشاد الرسولي في حريصا، كانت ذات معنى كبير، فبعد الإشارة إلى عيد الصّليب الواقع في 14/أيلول/2012، وهو يوم التوقيع على الإرشاد الرسولي، جرت مقاربة بين أحداث رافقت اكتشاف الصليب على يد هيلانة والدة الملك قسطنطين منها : الرؤية التي شاهد فيها قسطنطين الملك الصّليب، وصوت يقول له : بهذه العلامة ستنتصر، وتوبة الإمبراطور، ثمّ التوقيع على مرسوم ميلانو /313 م/، وبين حفلة توقيع الإرشاد الرسولي من قِبَل البابا، الذي يمكن أن يكون مضمونه علامة انتصارٍ للرجاء والأمل في حياة المسيحيّين في الشرق الأوسط.

وكان جميلاً عندما امتدح قداسته شجاعة مسيحيي الشرق الأوسط، خاصّةً من حيث شعلة محبة الله اللانهائيّة، والتي يستمرون في الحفاظ عليها حيّةً ومشتعلةً في هذه الأماكن التي كانت في استقبال ابنه المتجسّد. وذكَّر البابا المسيحيّين في الشرق الاوسط فيما جاء في الإنجيل المقدّس :  لا تخف أيُّها القطيع الصغير (لو 12: 32)، وقال قداسته موجِّهاً كلامه إلى كنائس الشرق              الأوسط : لا تخفْنَ لأنّ الرّبّ حقّاً معكُنَّ حتّى انتهاء العالم، لا تخفْنَ لأنّ الكنيسة الجامعة ترافقكنَّ بقربها إنسانيّاً وروحيّاً.

أما المداخلة الثانية الهامّة فكان حديثه إلى الشبيبة في باحة الصرح البطريركي في بكركي، وتوجيهاته الأبويّة ليكونوا شهوداً ورسلاً لفرح المسيح، لأنّ الإيمان يقود إلى ملء الحريّة والفرح. إنّ إقرار قداسته بالصعوبات التي تعترض الشبيبة كان هامّاً جدّاً، ومن خلفيات هذه الصعوبات : قلة الاستقرار والأمن، وصعوبة إيجاد عمل، أو حتى الشعور بالوحدة والتهميش. ورغم كلّ التحديّات الخطرة في طريق بناء مستقبلٍ زاهر، استنكر البابا بأن تدفع البطالة وعدم الاستقرار بتذوق عسل الهجرة المرّ. لأنّ الهجرة هي اقتلاع من الجذور، وانفصال كليّ لمَن يتوجّه نحو مستقبلٍ غامض. إنّ حثَّ قداسته للشبيبة في أن تكون في الكنيسة ومع الكنيسة كان رائعاً جدّاً، خاصّةً عندما استشهد بقول الطوباوي البابا يوحنّا بولس الثاني : لا تخافوا، افتحوا أبواب عقولكم وقلوبكم للمسيح.

نقطة أخرى مهمّة جاءت في مداخلة قداسته إلى الشبيبة وهي الإشارة إلى الإحباط الذي يجب أن يكون بعيداً عن فكر الشباب، وهكذا تبقى عوامل المخدرات والتعاسة والإباحية بعيدةً عن حياتهم، ومع هذه الوصيّة دعاهم ليتعلّموا من المسيح القدوة، الانفتاح الكامل على الآخر، حتّى وإن كان هذا الآخر ينتمي إلى ثقافةٍ أو ديانةٍ أو جنسيّةٍ أخرى. وعندما أشار إلى توقيعه على الإرشاد الرسولي لم ينسَ دور الشباب فقال لهم : هذه الرسالة موجهة إليكم وإلى شعب الله بكامله. وعندما قال للشباب اللبنانيّين : أنتم رجاء بلدكم ومستقبله أنتم أرض الضيافة والعيش المشترك، كان يقولها لكلّ شبيبة الشرق الأوسط.

كان للأب الأقدس كلمات جريئة بشأن استيراد وتوزيع الأسلحة على المقاتلين في سورية، فقد اعتبر هذا الأمر " خطيئة مميتة " ودعا إلى استيراد " أفكار، سلام وإبداع ". كما صرّح مدير دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي بأنّ جلّ ما يستطيع البابا القيام به هو إعلان رسالة السّلام، فما زاد عن ذلك هو تدخّل غير مسموح في سيادة الدول، ما رأيك ؟

المطران غريغوريوس يوحنا ابراهيم: من حق كلّ صاحب ضمير أن يكون إلى جانب قداسة البابا في رؤيته بشأن استيراد وتوزيع الأسلحة على المتقاتلين في سورية. وفي المسيحيّة كُبرى الخطايا هي الخطيئة المميتة، وفعلاً قتل الإنسان هو خطيئة مميتة، وعندما يندِّد قداسته باستيراد وتوزيع الأسلحة كأنّه يقول : كفاكم يا تُجار الحروب والأسلحة بتدمير كيان الإنسان والإنسانيّة، خاصةً وأنّه برَّر المطالبة بعدم نقل الأسلحة، لأنّه من دون السّلاح لا يمكن للحرب أن تستمرّ، وهذا فكر راقٍ جدّاً، ورأي صائب، مبني على تعليم الإنجيل المقدّس، الذي أوصانا بأن نُحبَّ أعداءنا ونحسن إلى مَن أساء إلينا. ففي موعظته على الجبل قال السيد المسيح عن وصيّة : لا تقتل ! ومن يقتل يكون مستوجب الحكم، أمّا هو فقال : إنّ كلّ من يغضب على أخيه باطلاً يكون مستوجب الحكم.

وفي رأيي أنّ وجود البابا في لبنان البلد الشقيق لسورية، كان عليه أن يقول كلمة حق في ما يجري على أرض سورية. لقد تعبنا جميعاً نحن المواطنين والمؤمنين بالله بنتائج هذه الحرب القذرة التي أودت بحياة عشرات الآلاف من الضحايا الأبرياء، ومئات الآلاف من الجرحى، وأكثر من مليوني مشرد ومهمّش في المجتمع، وعدد كبير من المفقودين. فالسؤال أين هو الضمير عند الإنسان العاقل الذي لا يقول للأطراف المتحاربة : كفاكم، قتلتم الإنسان، ودمرتم البنية التحتية لبلدكم. ثمّ لم يكتفِ البابا بالتنديد والاستنكار، وإنّما أعطى مفهوماً واضحاً بديلاً عن استيراد الأسلحة وهو استيراد أفكار، سلام وإبداع. وأكّد على أن نقبل الآخرين باختلافاتهم، وأن نظهر احتراماً متبادلاً للديانات، واحترام الإنسان كصورة الله، ومحبة القريب، كعنصر أساس لكلّ ديانة، فأنا أرى بأنّ البابا على حقّ عندما يُصرِّح بأنّ استيراد وتوزيع الأسلحة هو خطيئة مميتة.

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
رجل رجاء أحبّ مضطهديه وساجنيه (1)  مقابلة مع المسؤول عن قضيّة تطويب الكاردينال فان توان

رجل رجاء أحبّ مضطهديه وساجنيه (1) مقابلة مع المسؤول عن قضيّة تطويب الكاردينال فان توان

الحديث عن خادم الله، الكاردينال فرانسوا-زافيّ نغوين فان توان، يعني الحديث عن حياة اختبرت الألم، الظلم والفضائل اللاهوتيّة الثلاثة: الإيمان، الرجاء والمحبة.

فقد تذوّق جوع، برد واحتقار السجين. وكان ضحيّة نظام توتاليتاري معميّ كان قد أوقفه دون أي ذنب، فقط لأنه "خطر". ومع ذلك فقد كان مقتنعاً بأن كل ذلك جزء من مخطط الله، وكان يأمل ويحبّ مضطهديه لدرجة أنه ساعد البعض منهم خلال وجوده في السجن على اعتناق المسيحيّة.

أجرت زينيت حوارًا مع والدري هيلغمان، المسؤول عن قضيّة التطويب.

ما هو أكثر الأشياء المؤثرة التي انبثقت من الدراسات حول حياة الكاردينال فان توان؟

والدري هيلغمان:   إنه شخص معقّد للغاية، بمعنى أن حياته بأكملها منذ البدء كانت قطرات مستمرّة من الإنجيل وأمطار لا متناهية من القداسة.  أمّا أكثر ما يذهلني بروحانياته هو ثبات حبه للآخرين. لقد تمّ عزله، وخلال سجنه هذا، لم يكفّ يوماً عن حبّ الذين اضطهدوه، من أكبر المسؤولين في النظام حتى أدنى حرّاس السجن. هذا الحب الكليّ للمسيح، النزيه حتى تجاه العدو، مؤثر جداً اليوم، بالأخص في سياق اجتماعيّ حيث نعيش بأنانيّة كبيرة.

بما اتهم بالضبط؟

والدري هيلغمان:  لقد كان الكاردينال فان توان سجينا دون سبب، بمعنى أنه لا وجود لتهمة فعليّة بحقّه، كما أنه لم تتمّ محاكمته ولا وجود لحكم صادر بحقه. إذاً التحدث عن سبب اتهامه اليوم هو لغز كبير لنا أيضاً. هناك العديد من العوامل الإجتماعيّة لتلك الحقبة تظهر أن هذا الأسقف كان "خطرًا" لنظام فارغ، نظام يتركز على لا شيء كالنظام الشيوعيّ، ولكن لا وجود لتهمة فعليّة.

عند قراءة كتابات الكاردينال في السجن، كيف كانت روحه، وما كانت افكاره كسجين؟

 والدري هيلغمان:  أكثر فكر مؤثر للكاردينال منذ اللحظات الأولى لسجنه، والتي استمرّت 13 سنة، كانت أن الله قد طلب منه تقدمة كل شيء، وترك كل شيء والعيش لله فقط. في الواقع إن الكاردينال –بالأخص خلال الفترة الأولى لسجنه-  شعر بشيء قويّ جدّاً: عمل الله، والله. كما أنه في السابق، وكرئيس أساقفة كاوديوتر، كان فان توان يعيش لعمل الله. وقد شعر أنه في هذا السجن الله يطلب منه ترك عمله والعيش فقط من أجله.

من المؤكد أنك قرأت العديد من القصص والروايات لشهود في تلك الحقبة في السجن…

والدري هيلغمان:  أجمل تلك القصص هي اعتناق أحد حرّاس السجن المسيحيّة. فلا يجب أن ننسى بأن العديد من الحراّس المسؤولين عن مراقبة هذا السجين قد اعتنقوا المسيحيّة. أظهر الكاردينال فان توان، مع حبه الشامل لهؤلاء الأشخاص ما هو حب المسيح. إذاً، من غير أن يعظ، ودون التحدث مباشرة إليهم عن المسيح، على مثال المسيح المتجسّد استطاع مع الوقت جعلهم يعتنقون المسيحيّة. وهذا لا يزال أمر غريب جداً.

هل تمكنت الكنيسة من الإتصال مع هؤلاء الحراس لقضيّة التطويب؟

والدري هيلغمان:  إنّ الأجواء السياسيّة تجعل الأتصال بهؤلاء الأشخاص أمر صعب جداً. بالطبع لم يتمّ استجوابهم خلال المحاكمة، ولكن، بشكل استثنائيّ، قد نتمكن من إدخال شهاداتهم في وثائق المحاكمة، التي تسمح بإعادة بناء حياة والفضائل البطوليّة للكاردينال فان توان.

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الخطوط العريضة لسينودس الشرق الأوسط: شركة وشهادة [1]

الخطوط العريضة لسينودس الشرق الأوسط: شركة وشهادة [1]

الارشاد الرسولي، الذي يوقعه البابا بينيديكتوس السادس عشر في خلال زيارته لبنان في بازيليك القديس بولس في حريصا، يتضمن نتائج المناقشات والتوصيات الصادرة عن السينودس الخاص بالشرق الأوسط،

الذي عقد في حاضرة الفاتيكان. وقد انطلق من الخطوط العريضة التي كانت ثمرة تفكير عميق شاركت فيه الكنيسة على مختلف مستوياتها. وكان عنوان السينودس الخاص بالشرق الأوسط في تشرين الاول 2010: الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الاوسط، شركة وشهادة. وتنشر "النهار" على يومين الخطوط العريضة لهذا السينودس اي منطلقات التفكير.
هنا الجزء الأول:
مدخل (1 – 7)
1 – في 19/ 9/ 2009، خلال رحلته الى الاراضي المقدسة (8 – 15/ 5/ 2009)، أعلن قداسة البابا، إبان اجتماع مع بطاركة الشرق الأوسط ورؤساء الاساقفة، الدعوة الى عقد اجتماع خاص بالشرق الاوسط لسينودس الاساقفة، سيعقد في الفترة من 10 الى 24/ 10/ 2010. وتعبر هذه المبادرة عن "اهتمام" خليفة القديس بطرس "بجميع الكنائس" (2 كورنثوس 11/ 28). وهي تشكل حدثاً مهماً يبين اهتمام الكنيسة الجامعة بكنائس الله في الشرق. أما ما يخص كنائس الشرق عينها، فانها مدعوة الى أن تحيا هذا الحدث بعمق وتركيز، حتى يصير ينبوع نعمة في حياة مسيحيي الشرق.
إن زيارات قداسة الباب بينيديكتوس السادس عشر للاراضي المقدسة (الاردن – اسرائيل – وفلسطين)، وكذلك زيارته لتركيا من 28/ 11 – 1/ 12/ 2006)، مع ما جاء فيها من خطب غنية ومناسبة للأوضاع، نورٌ خاصٌ لنستطيع فهم كلمة الله وقراءة علامات الازمنة وتحديد السلوك المسيحي المناسب مع دعوة كنائسنا.
أ – هدف السينودس
2 – هناك هدف مزدوج للاجتماع الخاص بسينودس الاساقفة للشرق الأوسط: تثبيت وتقوية المسيحيين في هويتهم، عبر كلمة الله و الاسرار المقدسة، واحياء الشركة الكنسية بين الكنائس الخاصة، حتى تستطيع تقديم شهادة مسيحية حقيقية، فرحة وجذابة. إن كنائسنا الكاثوليكية ليست وحدها في الشرق الاوسط. هناك أيضاً الكنائس الارثوذكسية والجماعات البروتستانتية. لذلك فالبعد المسكوني اساسي، حتى تصير الشهادة المسيحية حقيقية وذات مصداقية "ليصيروا واحداً حتى يؤمن العالم" (يوحنا 17: 21).
3 – يجب اذن تدعيم الشركة على كل المستويات: في داخل كل كنيسة كاثوليكية في الشرق، وبين كل الكنائس الكاثوليكية، ومع باقي الكنائس المسيحية. وفي الوقت عينه تجب تقوية الشهادة التي نقدمها لاخوتنا اليهود والمسلمين ولباقي  المؤمنين وغير المؤمنين.
4 – يقدم لنا السينودس أيضاً الفرصة لتشخيص الوضع الديني والاجتماعي، حتى نعطي للمسيحيين رؤية واضحة الى معنى حضورهم في وسط مجتمعاتهم الاسلامية (العربية – التركية – الاسرائيلية – الايرانية)، وعن دورهم ورسالتهم في كل بلد، وبذلك نعدّهم لأن يكونوا هناك شهوداً حقيقيين للمسيح. إنها إذن وقفة للتفكير في الوضع القائم، وهو وضع صعب: حالة صراع، وعدم استقرار، ومسيرة نضج سياسي واجتماعي في معظم بلادنا.
ب – وقفة للتفكير في ضوء الكتاب المقدس
5 – سيقود الكتاب المقدس تفكيرنا، وهو الذي جاءت كتابته على ارضنا، وبلغاتنا (العبرية، والآرامية، أو اليونانية)، وفي أطر وتعبيرات ثقافية وأدبية نشعر بأنها تخصنا. إن قراءة كلمة الله تتم "في الكنيسة". وووصلتنا هذه الكتب المقدسة عبر الجماعات الكنسية، وصار نقلها والتأمل فيها عبر طقوسنا المقدسة. إنها مرجع لا غنى عنه، لاكتشاف معنى حضورنا، وشركتنا وشهادتنا في السياق المعاصر لبلادنا.
6 – ماذا تقول لنا كلمة الله اليوم وهنا، ماذا تقول لكل كنيسة في كل بلد؟ كيف تتجلى لنا عناية الله المُحبة، عبر كل الحوادث السهلة او الصعبة في حياتنا اليومية؟ ماذا يطلب منا الله في هذه الايام؟: أن نبقى، لنعيش التزامنا في مسيرة الحوادث التي هي مسيرة العناية والنعمة الإلهية؟ أم نهاجر؟
7 – الأمر يستوجب إذن – وهذا هو أحد أهداف هذا السينودس الخاص – أن نعيد اكتشاف كلمة الله في الكتب المقدسة، الموجهة اليوم الينا، التي تخاطبنا اليوم، وليس في الماضي فقط، والتي تفسّر لنا، كما لتلميذي عماوس، ما يدور حولنا. هذا الكشف يتم أولاً عبر قراءة الكتاب المقدس التأملية، سواء شخصياً، او في الأسرة، او داخل الجماعات الحية. لكن أهم شيء هو ان تقود اختياراتنا اليومية، في الحياة الشخصية، والعائلية، والاجتماعية، والسياسية.
أولاً: الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الأوسط (8 – 35)
أ – وضع المسيحيين في الشرق الأوسط:
1 – نظرة تارخية موجزة: وحدة في التعدد
8 – يرجع تاريخ الكنائس الكاثوليكية في الشرق الأوسط، مثل كل جماعة مسيحية في العالم، الى الكنيسة المسيحية الاولى في أورشليم، التي وحدها الروح القدس في يوم العنصرة. لكنها انقسمت في القرن الخامس بعد مجمعي أفسس وخلقدونية، لأسباب ترجع اساساً للعقيدة حول شخص الرب يسوع المسيح. وقد أعطى هذا الانقسام الاول مولداً للكنائس المعروفة اليوم باسم "كنيسة الشرق الرسولية الأشورية" (التي كانت تسمى بالنسطورية)، و"للكنائس الارثوذكسية الشرقية"، اي الكنائس القبطية، والسريانية، والارمنية، والتي كانت تدعي المونوفيزية (اي تؤمن بالطبيعة الواحدة في شخص الرب يسوع المسيح). وكانت لهذه الانقسامات أيضاً أسباب سياسية وثقافية غالباً، كما أوضح ذلك لاهوتيو العصور في الشرق، التابعون للتقاليد الثلاثة الكبرى، المدعوة تقاليد "الملكيين واليعاقبة والنساطرة". فقد اكدوا جميعاً انه لم يكن هناك أي سبب عقائدي لهذا الانقسام. ثم جاء الانقسام الكبير في القرن الحادي عشر، الذي فصل القسطنطينية عن روما، وبالتالي الشرق الارثوذكسي عن الغرب الكاثوليكي. وكل هذه الانشقاقات ما زالت موجودة اليوم في كنائس الشرق الأوسط المختلفة.
9 – وبعد الانقسامات والانشقاقات، كانت هناك، على فترات متكررة، جهود لاعادة بناء وحدة جسد المسيح. وفي اطار تلك الجهود المسكونية، تكونت الكنائس الكاثوليكية الشرقية: الارمنية، والكلدانية، والملكية، والسريانية والقبطية. وقد انساقت هذه الكنائس في البداية الى اسلوب الجدل مع أخواتها الكنائس الارثوذكسية، ولكنها كانت في أغلب الاحيان مدافعة بحرارة عن الشرق المسيحي.
10 – حفظت الكنيسة المارونية وحدتها في قلب الكنيسة الجامعة، ولم تعرف في تاريخها انقساماً كنسياً داخلياً. أما كرسي اورشليم البطريركية اللاتينية، التي تأسست مع الصليبيين، فقد اعيدت في القرن التاسع عشر، بفضل وجود الآباء الفرنسيسكان المتواصل، ولاسيما في الاراضي المقدسة، منذ بداية القرن الثالث عشر.
11 – صار عدد الكنائس الكاثوليكية في الشرق اليوم سبع كنائس. ومؤمنوها في الأغلب عرب او مستعربون. وبعضها حاضر أيضاً في تركيا وفي ايران. وهي ذات اصول ثقافية، وبالتالي أيضاً طقسية، مختلفة: يونانية وسريانية، وقبطية، وأرمينية، او لاتينية. وهذا ما يشكل غناها البديع وتكاملها. إنها متحدة في الشركة الواحدة مع الكنيسة الجامعة حول اسقف روما، خليفة القديس بطرس، هامة الرسل. وينبع غناها من تنوعها عينه، ولكن التمسك الزائد بالطقس وبالثقافة الخاصة يمكن ان يكون سبباً لفقرها جميعاً. إن التعاون بين المؤمنين عادي وطبيعي، على كل المستويات.
2 – الأصل الرسولي والدعوة الإرسالية.
12 – من جهة أخرى، كنائسنا ذات أصل رسولي، وبلادنا كانت مهداً للمسيحية. كما قال قداسة البابا بينيديكتوس السادس عشر في 9/ 6/ 2007. "إنها الحارس الحي للأصول المسيحية" (بينيديكتوس 16: اوسيرفاتورى رومانو، 10/ 6/ 2007، ص 1)، "إنها أراض تقدست بحضور المسيح نفسه والاجيال المسيحية الاولى". ستكون خسارة للكنيسة الجامعة، اذا اختفت المسيحية او ضعفت هناك حيث ولدت. إننا نحمل هنا مسؤولية ثقيلة: ليس فقط ان نحافظ على الايمان المسيحي في هذه الاراضي المقدسة، وإنما بالأكثر ان نحافظ على روح الانجيل لدى هذه الشعوب المسيحية، وفي علاقتهم مع غير المسيحيين، والمحافظة على ذاكرة الأصول.
13 – ولأن كنائسنا كنائس رسولية، فإن لها رسالة خاصة لتحمل الانجيل الى العالم أجمع. وقد كان هذا الدفاع ملهماً للعديد من كنائسنا عبر التاريخ: في بلاد النوبة، والحبشة، وفي شبه الجزيرة العربية، وبلاد فارس، والهند، وحتى الصين. واليوم نرى ان هذا الدافع الانجيلي قد تباطأ غالباً، وخبت شعلة الروح.
14 – والحال أنه انطلاقاً من تاريخنا وثقافتنا، نحن قريبون من مئات الملايين من الاشخاص، سواء من حيث الثقافة او الروحانية. فعلينا ان نشركهم في رسالة الحب الانجيلي التي قبلناها. ففي هذا الوقت الذي تحس شعوب أنها تائهة، وتبحث عن شعاع رجاء، نستطيع أن نمنحهم الرجاء الذي فينا بالروح القدس الذي أفيض في قلوبنا (راجع روما 5/5).
3 – دور المسيحيين في المجتمع برغم قلة عددهم
15 – إن مجتمعاتنا العربية والتركية والايرانية، برغم اختلافها، لها خصائص مشتركة. ففيها يتغلب التقليد واسلوب الحياة التقليدي، وبالأخص في ما يتعلق بالأسرة والتربية. تميز الطائفية العلاقات بين المسيحيين، كما مع غير المسيحيين، وتؤثر بعمق على العقلية والسلوك. فالدين عنصر من عناصر الهوية قد يفرّق عن الآخر.
16 – ويتغلغل عنصر الحداثة أكثر فأكثر: فالاتصال بالقنوات التلفزيونية العالمية وبالانترنت، ادخل في المجتمع المدني وبين المسيحيين قيماً جديدة، واضاع قيماً أخرى. ولمواجهة ذلك يزداد انتشار الجماعات الاسلامية الأصولية. وتجاوب السلطة بمزيد من التسلط، وفرض الرقابة على وسائل الاعلام والصحافة. غير أن الاغلبية تتطلع الى ديموقراطية حقيقية.
17 – وبالرغم من ان المسيحيين يشكلون أقلية بسيطة في كل مكان تقريباً في الشرق الأوسط، باستثناء لبنان، هي أقل من 1% (في ايران وتركيا)، الى 10% في مصر، إلا انهم نشطون، وديناميكيون، وذوو اشعاع. لكن الخطر يكمن في الانطواء على الذات والخوف من الآخر. لذا يلزم تقوية إيمان وروحانية مؤمنينا، وتدعيم الروابط الاجتماعية والتضامن في ما بينهم، من دون السقوط في فخ الفيتو أي الانغلاق.
ب – التحديات التي يواجهها مسيحيو الشرق الأوسط
1 – الصراعات السياسية في المنطقة
18 – إن الصراعات السياسية الجارية حالياً في المنطقة تؤثر تأثيراً مباشراً على حياة المسيحيين، كمسيحيين وكمواطنين. فالاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية يجعل من الحياة اليومية صعبة، سواء في حرية الحركة، والاقتصاد، والحياة الدينية (كالوصول الى الاماكن المقدسة، المرتهن باذن عسكري، يمنح للبعض ويرفض لغيرهم، لأسباب أمنية). وعلاوة على ذلك، توجد تيارات لاهوتية مسيحية اصولية تبرر من الكتاب المقدس احتلال اسرائيل للأراضي الفلسطينية، مما يزيد من صعوبة وضع المسيحيين العرب.
19 – وفي العراق، اطلقت الحرب العنان لقوى الشر في البلد، لدى الطوائف الدينية، والتيارات السياسية. فاسقطت ضحايا من كل العراقيين. ولكن المسيحيين من الضحايا الأساسيين، إذ يشكلون الجماعة الأصغر عدداً والأضعف بين الجماعات العراقية. في حين لا تراعي السياسة الدولية لهم أي حساب.
20 – وفي لبنان ينقسم المسيحيون انقساماً عميقاً على الصعيد السياسي والطائفي، ولا يملك احد مشروعاً يحوز قبول الجميع. وفي مصر حيث يتزايد نمو الاسلام السياسي  من جهة، وانسحاب المسيحيين عن المجتمع المدني، تجعل حياتهم عرضة لعدم التسامح، وعدم المساواة، وعدم العدالة. كما تتغلغل هذه الأسلمة أيضاً عبر وسائل الاعلام ومناهج التعليم داخل الأسرة، مما يؤثر في تغيير العقلية واسلمتها بطريقة غير واعية. وفي العديد من البلدان، فإن التسلط، والديكتاتورية أحياناً، يدفعان الشعوب، بمن فيهم المسيحيين، الى تحمّل كل شيء في صمت لانقاذ الأمور الأساسية. وفي تركيا يطرح التصور العلماني الحالي الكثير من المسائل على الحرية الدينية الكاملة في البلد.
21 – ولقد وصفت الرسالة الرعوية العاشرة للبطاركة الكاثوليك (عام 2009) وضع المسيحيين هذا في البلاد العربية المختلفة (رقم 13). حيث تشخّص الخاتمة الموقف الانهزامي: "أمام هذه الحقائق المختلفة، يظل البعض ثابتين في ايمانهم والتزامهم في المجتمع، مشاركين في كل التضحيات ومساهمين في المشروع الاجتماعي المشترك. بينما على عكس ذلك، نجد غيرهم يتملكهم اليأس، ويفقدون الثقة في مجتمعاتهم، وفي قدرتها على ان توفر لهم المساواة مع جميع المواطنين. ولذلك يتخلون عن اي التزام، وينسحبون في اطار كنائسهم ومؤسساتها، فيعيشون في جزر منعزلة بلا تفاعل مع الكيان الاجتماعي. (راجع مجلس البطاركة الكاثوليك الشرقيين، الرسالة الرعوية).العاشرة، (2009)، رقم13.
2 – حرية العقيدة وحرية الضمير
22 – في الشرق تعني حرية العقيدة في المعتاد حرية العبادة. فهنا لا تدل اذن على حرية الضمير، أي حرية التخلي عن البداية الخاصة أو الايمان بديانة أخرى. فالديانة في الشرق هي عادة اختيار اجتماعي لا بل قومي، وليست اختياراً شخصياً. فتغيير الديانة يعتبر خيانة للمجتمع، وللثقافة، وللأمة المبنية أساسياً على تقليد ديني.
23 – كما ينظر الى الاهتداء (تغيير الدين) على انه ثمرة اختطاف مغرض، وليس كاهتداء حقيقي. وهو غالباً ما يكون محظوراً على اليهودي والمسلم بموجب قوانين الدولة. وبالنسبة الى المسيحي، فهو أيضاً يختبر ضغطاً واعتراضاً، وإن كانا اخف بكثير، من جانب الأسرة، او القبيلة. لكنه يظل حراً في التغيير. وكثيراً ما لا يكون التغيير بسبب الاقتناع الديني، بل لمصالح شخصية، او تحت ضغوط الجذب الاسلامي، وبالذات للتحرر من الالتزامات الشخصية في مواجهة صعوبات أسرية.
3 – المسيحيون وتطور الاسلام المعاصر
24 – في رسالتهم الرعوية الأخيرة، قال بطاركة الشرق الكاثوليك: "إن تصاعد الاسلام السياسي منذ العام 1970 تقريباً، هو ظاهرة بارزة، تؤثر على المنطقة وعلى اوضاع المسيحيين في العالم العربي. ويشمل هذا الاسلام السياسي تيارات دينية متعددة، تسعى الى فرض أسلوب حياة اسلامي على المجتمعات العربية والتركية والايرانية، وعلى كل من يعيشون فيها، مسلمين كانوا أم غير مسلمين. ويعتبرون ان البعد عن الاسلام هو سبب جميع الويلات. والحل اذن هو العودة الى اسلام الاصول. ومن هنا خرج الشعار: "الاسلام هو الحل". ولتحقيق هذا الهدف، لا يتردد البعض في اللجوء الى العنف" (رقم 7).
يخص هذا التوجه المجتمع الاسلامي أولاً. ولكن تبعاته تعود على الوجود المسيحي في الشرق. لذلك فهذه التيارات المتطرفة تشكل تهديداً للجميع، مسيحيين ومسلمين، ويجب أن نواجهها معاً.
4 – الهجرة
25 – بدأت الهجرة من المشرق بين المسيحيين وغير المسيحيين نحو نهاية القرن التاسع عشر. والسببان الاساسيان كانا السياسة والاقتصاد. لم تكن العلاقات الدينية في أفضل صورها، ولكن نظام الملات (جماعات عرقية دينية) كان يكفل نوعاً من الحماية للمسيحيين داخل مجتمعاتهم. مما لم يكن يمنع من قيام بعض المنازعات الدينية والقبلية. وقد ازدادت هذه الهجرة اليوم بسبب الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني، وما احدثه من عدم استقرار في المنطقة بأسرها، وصولاً الى حرب العراق وعدم الاستقرار السياسي في لبنان.
26 – علاوة على ذلك، نجد ان السياسات الدولية غالباً ما تتجاهل وجود المسيحيين، وهذا أيضاً سبب رئيسي من أسباب الهجرة. والحال أنه، في اطار الوضع السياسي الحالي في الشرق الاوسط، يصعب تحقيق اقتصاد، يقدر أن يوفر مستوى حياة كريمة للمجتمع كله. يمكن اتخاذ بعض التدابير لتقليل الهجرة، ولكن جذورها هي الوقائع السياسية القائمة. وهي التي يلزم التعامل معها، والكنيسة مدعوة الى الالتزام بهذا العمل.
27 – هناك عنصر آخر يستطيع ان يحد من هجرة المسيحيين: وهو تنمية الوعي لديهم بمعنى حضورهم. فكل شخص في بلده هو حامل لرسالة المسيح لمجتمعه. ويلزم حمل هذه الرسالة في زمن الصعوبات والاضطهاد. وهذا ما يعلنه لنا الرب يسوع في الانجيل: "سوف يضطهدونكم… هنيئاً لكم… هنيئاً لكم اذا عيروكم واضطهدوكم… افرحوا وابتهجوا لأن أجركم في السموات عظيم" (متى 5: 11 – 12). الى هذا المستوى يجب ان نعلو بمعنوية المسيح.
5 – الهجرة المسيحية من دول أخرى الى الشرق الأوسط
28 – تستقبل بلاد الشرق الأوسط مئات الألوف من الافريقيين كعمال مهاجرين، من اثيوبيا، وخصوصاً من السودان، ومن الاسيويين وخصوصاً من الفيليبين، ومن سريلانكا، ومن بنغلاديش، ومن نيبال، ومن باكستان، ومن الهند. واغلبهم من النساء اللواتي تعملن كخادمات، لتوفرن لأبنائهن تربية وحياة أفضل. وكثيراً ما يتعرض هؤلاء، النساء والرجال، لمظالم اجتماعية، واستغلال، واغتصاب جنسي، سواء من جهة الدول التي تستقبلهم، او المكاتب التي تستحضرهم، أو اصحاب العمل.
29 – علينا هنا مسؤولية رعوية لمرافقة هؤلاء الاشخاص، سواء على المستوى الديني او المستوى الاجتماعي. فهؤلاء المهاجرون كثيراً ما يواجهون مشاكل مأسوية، والكنيسة لا تقدر أن تعمل لهم شيئاً كثيراً. وفي الآن نفسه، فتكوين أبنائنا المسيحيين على تعليم الكنيسة الاجتماعي للكنيسة الكاثوليكية، وعلى العدالة الاجتماعية، أمر ملح ولا غنى عنه، لتفادي أي تصرف من التعالي او الاحتقار. بالاضافة الى ذلك، لا يوجد احترام للقوانين والمواثيق الدولية.
ج – إجابات المسيحيين في حياتهم اليومية
30 – إن موقف المسيحيين في كنائسنا ومجتمعاتنا، تجاه كل التحديات السابقة الذكر، متنوع ومختلف:
¶ فهناك المسيحي المؤمن والملتزم، الذي يقبل ويعيش إيمانه باخلاص في حياته الخاصة والعامة.
¶ هناك أيضاً المسيحي "العلماني"، الذي رأيناه خاصة عبر التاريخ المعاصر، في بلادنا المختلفة. وهو يلتزم بعمق في الحياة العامة، ويؤسس الاحزاب السياسية بالأخص اليسارية منها، او يصير عضواً بها، وإنما كثيراً ما يضحي بايمانه.
¶ هناك أيضاً المسيحي صاحب الايمان التقليدي، الملتزم بالعبادات والممارسات الدينية الخارجية، والتي لا تأثير لها على حياته العملية، ولا على سلم القيم لديه. بل بعكس ذلك، يشارك مجتمعه نفس المعايير والقيم المنفعية (البرجماتية) السائدة، والمناقضة أحياناً للإنجيل. ويتبنى سلوك الصراع القائم في مجتمعه. ولا يختلف عن الآخرين سوى بالممارسات الدينية الخارجية، وبالأعياد الخاصة به، او باسمه المسيحي.
¶ هناك أيضاً المسيحي الذي يعتبر نفسه شخصاً ضعيفاً. وهو معقد من قلة عدد جماعته المسيحية، وسط مجتمع غالبيته اسلامية. إنه خائف. وهو ممتلئ بالقلق، ومهموم بأن يرى حقوقه منتهكة.
31 – إن الاسلوب الذي يعيش به المسيحي ايمانه ينعكس مباشرة على انتمائه للكنيسة. فالايمان العميق يقود الى اندماج قوي وملتزم. والايمان السطحي يعني ايضاً انتماء سطحياً. وفي الحالة الاولى يكون الانتماء حقيقياً وصادقاً، فيشارك المؤمن في حياة الكنيسة ويلتزم فيها بكل ما له من ايمان. وفي الحالة الثانية يكون الانتماء طائفياً فقط. (راجع بطاركة الشرق الكاثوليك، الرسالة الرابعة، رقم 5 – 16). وفي هذه الحالة يطالب المؤمن كنيسته بأن تهتم بكل نواحي حياته المادية والاجتماعية، مما يؤدي الى "التعود على المونة" والى العجز عن العمل. (راجع بطاركة الشرق الكاثوليك، الرسالة العاشرة (2009)، رقم 11.
32 – وهذا ما يتطلب اهتداء شخصياً من المسيحيين، ابتداء من الرعاية، بالعودة الى روح الانجيل، بحيث تصير حياتنا شهادة لحب الله، يتجلى في الحب الفعلي للجميع ولكل شخص. علينا ان نكون شهوداً للمسيح القائم من بين الأموات: "وكان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع، تؤيدها قدرة عظيمة" (أعمال 4/ 33)، وذلك للخروج من انانيتنا، وصراعاتنا، وضعفاتنا الشخصية.
33 – ان الحياة المكرسة موجودة في بلادنا بدرجات مختلفة. وحيث لا توجد حياة رهبانية تأملية، فالمرجو العمل على تأسيسها. والرسالة الاولى للرهبان والراهبات هي الصلاة والتشفع من اجل المجتمع: من أجل عدالة اوفر في السياسة والاقتصاد، وتضامن واحترام افضل في العلاقات الأسرية، ومزيد من الشجاعة للتنديد بالظلم، ومزيد من النزاهة لعدم الانسياق الى صراعات المجتمع، او الى البحث عن مصالح شخصية. هذه هي الاخلاقيات التي يتوجب على الرعاة، والرهبان، والراهبات، والمربين، ان يقدموها في مؤسساتنا (المدارس، والجامعات، والمراكز الاجتماعية، والمستشفيات، وغيرها)، حتى يصير ابناؤنا المؤمنون هم أيضاً شهوداً حقيقيين للقيامة في المجتمع.
34 – إن تكوين الاكليروس والمؤمنين، والوعظ والتربية الدينية، يجب أن تعطي للمؤمن معنى حقيقياً لايمانه، وتجعله يدرك دوره في المجتمع باسم هذا الايمان. يجب ان نعلمه ان يبحث عن الله وان يراه في كل شيء وفي كل شخص، وان يجتهد ليجعله حاضراً في مجتمعنا وفي عالمنا، وذلك بممارسة الفضائل الشخصية والاجتماعية: كالعدالة، والنزاهة، والاستقامة، والترحيب، والتضامن، وانفتاح القلب، ونقاوة الاخلاق، والاخلاص، وغيرها من الفضائل.
35 – في سبيل ذلك يجب القيام بمجهود خاص لاكتشاف وتكوين "الكوادر" الضرورية، من الكهنة، والرهبان، والراهبات، والعلمانيين، رجالاً ونساء، حتى يكونوا شهوداً حقيقيين لله الاب، وليسوع القائم من بين الأموات، في مجتمعاتنا، وشهوداً للروح القدس الذي ارسله الرب يسوع لكنيسته، ليشجعوا اخوتهم واخواتهم في هذه الازمنة الصعبة، ويشاركوا في بنيان المجتمع.
ثانياً: الشركة الكنسية (36 – 45) (…)
 
النهار

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
أين أرشيف “تلفزيون لبنان” من التفريط والإهمال الإداري [1]

أين أرشيف “تلفزيون لبنان” من التفريط والإهمال الإداري [1]

لم يعد أرشيف "تلفزيون لبنان" القديم، الكنز الذي تُشكّل مواده موسوعات من تاريخ لبنان السياسي، الثقافي والفني، يُعرض حصرياً على شاشته فحسب، إنما اغتنت منه محطات محلية ومناطقية

 رفعت به نسبة المشاهدين وإقبال المعلنين.
سعت الحكومات المتعاقبة منذ العام 2000 إلى خصخصة "تلفزيون لبنان" وبيعه للقطاع الخاص، وكان يُقدّر أرشيفه آنذاك بعشرين مليون دولار، أما اليوم فيقدّر بعشرات الأضعاف… مَن يجيب عن تساؤلات كثيرة تطرح عليها علامات استفهام: من فرّط بهذا الأرشيف؟ من باعه؟ ولمن؟
"لا شيء يتقدم اهتماماتي أكثر من المحافظة على أرشيف "تلفزيون لبنان" القديم الذي أعتبره متحفاً تراثياً تتحدث عنه كل الأجيال"، قال وزير الإعلام وليد الداعوق لـ"النهار" عندما أثارات أمامه الموضوع.
عندما تأكد الوزير من حال الأرشيف المتردية، من أشرطة 16 ملم المهترئة والمهملة على مدار أعوام طويلة، إلى سوء تعامل مجلس الإدارة الحالي المنتهية صلاحيته، والتفريط في الاشرطة وبيعها إلى محطات أخرى اتخذ قراراً حازماً، منعتُ إنتاج برامج جديدة في التلفزيون بعدما اكتشفت ان إنتاج الجزء الأول من مسلسل "إسمها لا" كان دليلاً واضحاً الى الاهدار الذي مارسه هذا المجلس ببيع المسلسل لقناة "الجديد"، علماً أن العرض الخاص يقدّم بعد انتهاء عرض المسلسل بفترة. المسلسل كلّف 11500 دولار وبيع في ما يسمى عرضاً ثانياً لـ"الجديد" بــ 2500 دولار".
وما حصل على ما يوضح الوزير أنه "بعد عرض حلقة المسلسل بيومين بدأ عرضه على "الجديد"، وفي حين لم يكن "تلفزيون لبنان" يستقطب أي دعاية، كان الآخر يستقطب كل الإعلانات لأن لديه أجهزة أفضل من أجهزة "تلفزيون لبنان"، والمُشاهد يرغب في شاشة متطورة تشدّه. وهذه كارثة أخرى".
وماذا عن مبلغ الملياري ليرة الذي رصده وزير الإعلام السابق طارق متري والمخصص لإنتاج ثلاثة مسلسلات: "الهروب إلى النار"، "ورد وشوك" والجزء الثاني من "إسمها لا"؟ وكان الداعوق أوقف إنتاج هذه المسلسلات وغيرها؟ أجاب: "لم أرصد ليرة من المبلغ في هذا الخصوص، بل حرصت على عدم صرف الملياري ليرة لئلا تذهب إهداراً بوجود مجلس إدارة كهذا لست راضياً على أدائه".

عتب على مجلس الإدارة
يعتب الداعوق كثيراً على عدد من أعضاء مجلس الإدارة الذين لم يعملوا لمصلحة المؤسسة على قوله: "واجهت بعض الأعضاء مراراً، فأبدوا استياءهم من تصرفات المدير العام وغيره لتورطهم في العديد من الأمور، منها التفريط بأرشيف التلفزيون".
يُقال إن برامج قديمة للمذيعة المصرية ليلى رستم بيعت كالبرنامج السياسي "سهرة مع  الماضي" وآخر فني "نجوم على الأرض"، لمحطة ART، بالإضافة إلى مقابلة مع الفنان الراحل فريد شوقي بثتها ART في ثلاث حلقات.
لم يكن الوزير مطلعاً على هذا الأمر، لكنه أكد أنه "من اليوم فصاعداً أمنع بالمطلق بيع مواد الأرشيف والتفريط بها بهذه الطريقة. يمكن إعطاء حق استثمار، لكن حق الملكية يبقى للتلفزيون".  
يجيب رداً عن سؤالنا: "في حال تأكدتُ من تمريرات "برانية" سأرفع دعوى وأبلغ النيابة العامة"، مؤكداً ان أي تبادل أو بروتوكول تعاون لا يتم من دون موافقة مجلس الإدارة وحضوره شخصياً، والدليل على ذلك، أنه قبل فترة وجيزة، أوقف خمس عمليات تبادل "لأننى اقتنعت بأن الاتفاق لم يكن متوازناً بين الطرفين".   
هذا الوضع لا يمنع الداعوق درس سبل استثمار الأرشيف الغني على غرار ما تفعل تلفزيونات العالم، ويشير، إلى أنه تحدث إلى وكالة الصحافة الفرنسية (AFP)، التي تملك جهازاً عالمياً يمكنها من استثمار أعمال كل محطات تلفزيونات العالم.
غاية الوزير الآنية ليست الإستثمار" فبالنسبة إليّ الأهم هو المحافظة على الأشرطة وتحسينها وتحويلها إلى ديجيتال".
 
نيكول طعمه / النهار

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
زيارة بندكتس السادس عشر إلى لبنان بين الواقع والرجاء (1)  مقابلة مع المونسينيور بيوس قاشا

زيارة بندكتس السادس عشر إلى لبنان بين الواقع والرجاء (1) مقابلة مع المونسينيور بيوس قاشا

زيارة البابا بندكتس السادس عشر إلى لبنان ليست مناسبة وطنية لبلاد الأرز وحسب، بل هي حدث إقليمي وكنسي ضخم يجمع بين أهمية معنوية كبيرة للزيارة في خضم ربيع عربي يحمل في طياته غيومًا

 داكنة وغامضة من العنف والدماء، وأهمية كنسية كبيرة، لأنه يشكل تكليلًا لجمعية سينودس الأساقفة الخاصة من أجل الشرق الأوسط، إذ سيسلم البابا بندكتس السادس عشر خلال زيارته الشرق أوسطية الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس الذي عُقد في روما في أكتوبر 2010.

نظرًا لترابط هذه المواضيع التقت زينيت بالمونسنيور بيوس قاشا، خوري رعية مار يوسف للسريان الكاثوليك في المنصور _ بغداد _ العراق. المونسينيور بيوس قاشا هو علامة في اللاهوت والتاريخ الكنسي. ولد في قره قوش/ الموصل/ العراق في 28 آب 1953، بدأ مشواره الثقافي في معهد الآباء الدومنيكيين في الموصل، وارتاد عدة جامعات ومعاهد لاهوتية في مصر، إيطاليا وهولندا حصد منها سلسلة من الشهادات في الفلسفة واللاهوت. المونسينيور قاشا مؤلف سخي أصدر ما يقارب الـ 125 كتابًا وهو مسيحي ومواطن ناشط يشارك في العديد من اللجان الصحفية، اللاهوتية، الطقسية-الليتورجية والأدبية.

قبل أن نطرح أسئلة المقابلة شاء المونسينيور أن يفتتح حديثه مسلطًا الضوء على الاهتمام الخاص الذي كرسه لسينودس الأساقفة الذي يدخل مع تسليم الإرشاد الرسولي الأسبوع المقبل مرحلته الختامية فقال: "مذ أعلن قداسة البابا بندكتس السادس عشر موافقته على عقد سينودس كنائس الشرق الأوسط، نما في داخلي شعور إيماني لا يضاهيه شعور، وأخذ يراعي يفكر ويتأمل ويسطّر وكأن السينودس لم يكن لي إلا عنصرة جديدة فقد حوّل اليأس إلى شجاعة، وامتلأتُ حرارةً، وقدّمتُ للرب من ذلك اليوم شمعةً وبخوراً ودعاءً كي يكون السينودس ربيعاً مسيحياً إيمانياً لي ولأبناء جلدتي ورعيتي التي أخدمها منذ ثلاثين عاماً، ولم أتركها أو أفارقها يوماً وفي أحلك الأيام، حيث كنتُ مع أبنائي في الحروب والحصار والاحتلال".

– مرّ عامان تقريباً على جمعية سينودس الأساقفة الخاصة لأجل الشرق الأوسط. أنت مشهور في العالم العربي بتتبّعكَ وتعمّقكَ بموضوعات السينودس ومقرراته. ماذا تقول لنا إذا ما سألناك أن تحدثنا باقتضاب عن "حصاد السينودس"؟.

المونسينيور بيوس قاشا: حصاد السينودس في بلدان الشرق الأوسط صعب المنال كوني أواكب فقط عبر المواقع الإلكترونية حصاد هذه الكنائس الشرق أوسطية _ وإنْ كانت نسبياً قليلة جداً وكأن الخمول قد أصابنا جميعاً _ حيث ما شاهدتُه عامة أن بعد انتهاء السينودس لم يكن هناك إلا القلّة القليلة التي واصلت سنابل الحقل ليحصد ثمار السينودس، وخيّم على الجميع هدوء واقعي لا أعلم إنْ كان إرادي أو بسبب وضع المربع العربي القلق… هذا من ناحية.

أما من ناحية الحصاد في بلدي المضطرب سياسياً واجتماعياً بسبب ما حلّ به من مصائب الإرهاب ونزيف الهجرة وما شاكل ذلك، ولا أعلم إنْ كنتَ تقبل الكلمة، فقد خاب أملنا، فلا حصاد كوننا لم نزرع شيئاً، فما زرعه قداسة البابا ومداخلات الأساقفة الأجلاء لم تأخذ تواصلاً من أجل الإنماء ثم الحصاد الوفير، ربما أقولها قلّة ضئيلة. ولم يكن هناك مقالات في هذا الشأن إلا مقالاتي والتي بلغت (16) مقالةً متنوعة متنوع الأفكار والعناوين، وهي:

   1. كلّنا في مسيرة واعدة نحو سينودس الشرق الأوسطي؛ سينودس الشركة والشهادة.

   2. البابا في روما، ترونه هناك.

   3. آمالنا في حقائب أساقفتنا الأجلاء.

   4. همسات إيمانية بين جلسات السينودس.

   5. السينودس من أجل رجاءٍ جديد وأرضٍ جديدة.

   6. عذراً، حديث عن ما بعد السينودس.

   7. السينودس، نفحة رسولية من أجل جماعة مسؤولة.

   8. كلمة الله عنوان كهنوتنا.

   9. السينودس من أجلنا كلنا.

   10. السينودس؛ صوت الحقيقة من أجل الحقيقة.

   11. البابا رسول السلام والمحبة والحوار.

   12. إنه يسبقكم إلى بيروت.

   13. نعم، مسيحيون من نوع جديد.

   14. السينودس، حوار الحياة المثمر مع المسلمين.

   15. السينودس… المسيحيون أصلاء في أرضهم. أيجوز أن نحيا بالتنقيط، كي نموت بالتقسيط، فتكون النتيجة التسقيط!.

   16.  الإرشاد الرسولي… عَنصرة من أجل كنيسة الشرق.

ولا يسعني _ أو لا أذكر _ أن هناك نشاطاً حصل في كنيسة ما من شمال العراق وحتى جنوبه، ولا أعلم ما السبب، هل كون كنيستنا في العراق لا تواكب مسيرة الكنيسة الجامعة الرسولية أم الوضع الراهن الذي عشناه ولا زلنا نعيشه هو السبب الرئيسي لوصولنا إلى هذه الحالة المتعبة.

وإنْ كانت توصيات السينودس قد منحت الضوء الأخضر بعد عودة الأساقفة الأجلاء إلى مدنهم وقراهم وأبرشياتهم لكي يقدموا للشعب الجائع إلى الإيمان خبز المسيرة ، ويُظهروا له أن السينودس ما هو إلا رسالة عنصرة مجددة حلّت على الآباء في علية الفاتيكان.

– ما هي أصداء السينودس في الكنيسة العراقية؟ هل من تغييرات ملموسة؟.

المونسينيور بيوس قاشا: أخجل أن أقول الحقيقة، فالأصداء محدودة المساحة والمحيط ولا من تغييرات واقعية أو حقيقية حصلت. بالعكس، ما حصل أنه بعد السينودس بثمانية أيام هبّت عاصفة الإرهاب على كنيسة سيدة النجاة واقتحمها الإرهابيون، وأمسينا فيها في ضياع، ورحل العديد من أبنائنا حاملين حقائبهم من الخوف والفزع، وتركوا العاصمة بغداد وقصد بعض منهم إقليم كوردستان في شمال العراق وآخرون رحلوا إلى غير عودة.

سمعتُ صوتاً واحداً في محاضرة واحدة أُلقيت في قره قوش بعد عودته من السينودس ولم أسمع أخرى هنا وهناك إلا ما قامت به رعيتنا مار يوسف من محاضرات ونشاطات وشرح توصيات السينودس وإفهام الناس أن السينودس هو من أجلنا كلنا كونه صوت الحقيقة ويدعو إلى الثبات في مسيرة الكتاب المقدس وعيشه بإيمان الحياة ومقاسمة الشركة في الكنيسة نفسها ثم مع غيرها من الكنائس من أجل شهادة مسيحية عملاً بما جاء في أعمال الرسل:"وكانوا كلهم قلباً واحداً ونفساً واحدة" (أعمال 32:4) في الشركة والشهادة.

– يتطرق السينودس إلى الحوار مع الأديان، وبشكل خاص الإسلام. هل كانت هناك مبادرات على الأرض بعد أكتوبر 2010؟، وما كانت ردة الفعل من الجهة المقابلة؟.

المونسينيور بيوس قاشا: إن الحوار رسالة السلام. ففي الحوار الصادق يكون التعايش الأخوي والمسالم. وفي هذا الصدد لم أجد مَن قام بأي نشاط حواري مع الجانب المسلم، ولكن ما حصل أنه بعد كارثة كنيسة سيدة النجاة شارَكَنا الأخوة الإسلام في همومنا ومشاكلنا، ووجّهوا دعوات إلينا بعدم الرحيل كوننا الأصلاء في هذا البلد… هذا من جانب الأخوة المسلمين. ولكن لم أجد شيئاً أو حواراً أو مؤتمراً قامت به كنيسة ما أو أبرشية ما أو رعية، ولكن ما حصل إني استطعتُ أن أشارك في مؤتمرات أو جلسات حوار عُقدت عند الأخوة المسلمين من السُنّة والشيعة، فقد شاركتُ في مؤتمر أقيم عند سماحة السيد حسين الصدر وألقيتُ كلمة بالمناسبة من أجل التمسك بالأرض وعنوانها "لا تستسلموا، لا تيأسوا، لا ترحلوا"، وهذه كانت كلمات قداسة الطوباوي يوحنا بولس الثاني. ثم شاركتُ في مؤتمر الحوار من أجل الفكر عند ملتقى سماحة الشيخ همام حمودي، وفي مؤتمر حوار بين الأديان "من أجل كلمة سواء" وألقيتُ فيها كلمة عنوانها "من أجل الحياة".

نعم، كانت المؤتمرات وكان التضامن الأخوي بين المسلمين والمسيحيين وخاصة بعد كارثة كنيسة سيدة النجاة. ولكن قليلاً فقليلاً تواصل المسيرة نحو الهدوء والسكينة، وكأننا قد أكملنا كل شيء، مع علمي واعتقادي بكلمة الكنيسة الجامعة وقول قداسة البابا بالحوار كون الحوار هو الرسالة المثمرة مع الإسلام. وإنني أفكر الآن _ وإنشاء الله بعد عودتي من لبنان _ أن أرتّب لقاءً خاصاً حول طاولة مستديرة يجتمع حولها مؤمنو الكتب السماوية المقدسة لمناقشة أسلوب العيش وقبول الآخر وحرية الكلمة… وما لي إلا أن أطلب عوناً من الرب من أجل ذلك.

تابع

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
العالم : روحانية فصحية للعمل الرعائي اليوم (1)

العالم : روحانية فصحية للعمل الرعائي اليوم (1)

هل يوجد روحانيَّة خاصّة للعمل الرعائي اليوم؟ هل الحياة الروحيَّة والعمل الرعائيّ هما اليوم واقعان متوازيان؟ أم هما مكمِّلان لبعضهما البعض؟ أم هما متواصلان؟ بمعنى آخر، أريد البحث في هذا الموضوع

عن مصادر الغذاء الروحيّ لكاهن الرّعيّة.

        واقع الحال يقول إنَّه بقدر ما هناك كهنة رعايا هناك روحانيَّات، لأنّه لا يوجد "فرائض"[1] خاصّة لكهنة الرعايا، بل هناك توصيات عامّة موزّعة هنا وهناك في المجامع العامة والخاصة أو في القوانين والدساتير الكنسيَّة أو القرارات أو الرسائل البطريركية أو البابويَّة، أو في روحانيَّات لجمعيَّات كهنوتيّة يختارها كاهن الرّعيّة حسب رغبته أو ذوقه الروحي… الرهان اليوم، هو في التمييز بين العناصر الأساسية التي تبعث الحياة في روحانية الكاهن لتؤجج عمله الرعائي في هذا الزمان المليء بالتغيرات القيميَّة والأدبيَّة.

        اخترت مدخلاً، وهو السّرّ الفصحيّ، قلب الإيمان المسيحي، وهو الذي يتجلَّى في كلّ المقامات المسيحيّة. لذلك اقترحت ثلاث واحات دائمات في حياة كاهن الرّعيّة ومعاونيه العلمانيّين، هذه الواحات من المفترض أن تكون ينابيع فرح وغذاء روحي! مستمدَّة من ثالوثيَّة هذا السّرّ: الحياة والموت والقيامة.

        هذه القراءة مقدَّمة لواقع كنيستنا في العالم العربيّ ولخصوصيّة مجتمعاتنا المتعدّدة فيه. هذا المجتمع المتنوِّع التركيبات، كفسيفساء فيها الكثير من الأشكال والألوان، داخل مجموعة مختلفة من الكنائس والتيَّارات المسيحيِّة من جهة أولى، ومن معتقدات غير مسيحية من جهة أخرى. هذه القراءة تطمح أن تقدم مساهمة في حقل روحانية العمل الراعويّ في بدايات الألفية الثالثة.

[1] – الفرائض هي القوانين الكنسيّة الخاصّة بالرهبان أو الجمعيّات الكهنوتيّة.

 زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
نيجيريا: الحوار بين الأديان هو الوسيلة الوحيدة للخروج من العنف (1)

نيجيريا: الحوار بين الأديان هو الوسيلة الوحيدة للخروج من العنف (1)

أظهر استفتاء حديث في نيجيريا أنّ 70% من المواطنين يعتقدون بأنّ الحوار بين الأديان هو الوسيلة الوحيدة الممكنة للخروج من العنف المسيطر ويستبعدون عنف المتعصّبين.

وقد قال الأشخاص الذين طرحت عليهم الأسئلة، أنّه لواجب على الشرطة أن تتحضّر جيداً وأن يتم دعم الأوساط السياسية الإسلاميّة غير المتعصّبة وذلك ضمن المعقول بدون استبعاد احتمال التدخّل في المناطق الحرّة المستعملة كجزر السلحفاة للقراصنة.

انّ المسيحيين في نيجيريا الذين يقصدون الكنيسة نهار الأحد لا يعلمون إذا كانوا سيعودون إلى منازلهم فمنذ بدء هذا العام، أقدم الأصوليون المسلمون على قتل أكثر من 800 شخص من ضمنهم 150 مسيحي.

قام البروفيسور الإيطالي ماسيمو إنتروفيني، العالم بالمجتمع والمؤرّخ، بشرح الأوضاع في مقابلة مع زينيت، نظّمها مرصد الحرية الدينية لوزير الخارجيّة الإيطالي ومدينة روما.

زينيت – في هذا اللقاء تمّ عرض موضوع اضطهاد المسيحيين في نيجيريا وذلك بحضور عدد كبير من الشخصيات….

السيد إنتروفين كان هذا اللقاء مهمّا جداً كما لاحظتم، وهو يشير إلى أنّ إيطاليا متمسّكة بملف نيجيريا وهي لا تكتفي بالحديث عنه: فقد بدأ عهد التصرّف.

ما هو دور مرصد الحرية الدينية؟

إنّ دور مرصد الحرية الدينية لوزير الخارجيّة هو تنسيق المبادرات المأخوذة على مختلف الأصعدة وأوّلها تلك المتعلّقة بالتشديد على أن يتمّ تحريك وتفعيل دور المنظمات. من هنا أهميّة تشديد الديبلوماسية الإيطاليّة على دمج مسألة المسيحيين في جميع مبادرات السلام والتطوير للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ولكن الوقت الذي تتطلّبه المنظمات غالباً ما يكون طويلاً…

في الواقع، تظهر هنا المساهمة الثنائية لأنّ إيطاليا تتميّز فيما يخصّ الأمن ومراقبة المواضيع الحسّاسة. ولكن في نيجيريا تندرج ضمن هذه المواضيع الكنائس المسيحية وبالتالي تبرز برامج التدريب للموظّفين الإداريين وقوات حفظ النظام والشرطة وحماة حدود نيجيريا.

إذاً تحدّثنا عن الحوار والأمن. ماذا بعد؟

إنّ العنصر الثالث هو الاعتماد أكثر على السياسة. سأشرح ما قلت: مع أنّ الحوار بين الأديان يعود أولاً إلى المؤسسات الدينية – وبهذا الخصوص تعطينا الكنيسة الكاثوليكية أمثلة مشجّعة – إلّا أنّ الحوار الذي هو الوسيلة الوحيدة لحلّ المشاكل، يجب أن يضمّ أيضاً الفاعلين العائدين إلى سياسة الإسلام، وذلك باستبعاد الذين يمارسون العنف أو الإرهاب مثل قائد بوكو حارام في نيجيريا الذي يعتبر أنّ للمسيحيين خيارات ثلاث: إمّا الموت أو الأسلمة أو الهجرة. علينا استبعاد مثل هؤلاء الأشخاص ولكن يمكن ادخال بعض قوى الإسلام في الحوار.

هل ترون نقطة أخرى مهمّة؟

أجل، إنّ العنصر الرابع هو لامركزية النزاع الذي ليس محليّاً فقط إنما قارّي يتميّز بوجود الإرهابيين في المناطق الخارجة عن رقابة الدولة مثل نصف الصومال وشمال مالي. وفي الأيام الأخيرة، تمّ تأكيد وجود بوكو حرام النيجيري في منطقة غاو  ومالي وفي مناطق تسيطر عليها القاعدة حيث سنتزوّد بالوقود والأسلحة. 

(يتبع)

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
د. جورج صدقة: وسائل الإعلام في تعاملها مع قضايا الجامعة اللبنانية [1]

د. جورج صدقة: وسائل الإعلام في تعاملها مع قضايا الجامعة اللبنانية [1]

يكاد لا يمر يوم من دون ان تتناول وسائل الاعلام قضايا الجامعة اللبنانية، لا سيما الملفات الخلافية والمواضيع المطلبية من اضرابات وتدخلات سياسية وصراعات حزبية في داخلها،

 فيخيل للقراء والجمهور، ان الجامعة اللبنانية في حال يرثى لها، وتسوق هذه التغطية صورة سيئة عن اداء الجامعة ومستواها.
برز ذلك في الايام الماضية مع تناول الصحافة قضيتين: موضوع تفريغ اساتذة جدد في الجامعة وموضوع حفل تخرج طلاب كلية الاعلام والتوثيق. فبدا في الموضوع الاول ان الجامعة تفتقد الاستقلالية حتى في قراراتها الاكاديمية اذ يمنع عليها ان تحدد حاجاتها من الاساتذة او ان تختار الاكفاء منهم بعيدا من الضغوط السياسية. وبدا في الموضوع الثاني الانقسام العميق بين طلابها وكانها لم تنجح في توحيدهم او في جمعهم حول شهادتهم وحفل تخرجهم، وبالتالي تبدو وحدة جسمها اصطناعية وغير حقيقية.

التغطيات المسيئة للجامعة

ومن خلال مراجعة وسائل الاعلام اللبنانية نرى ان تغطية قضايا الجامعة الوطنية نادرا ما كانت ايجابية لانها غالبا ما عكست قضايا التدخل السياسي فيها والنزاعات الحزبية على عكس التغطية المخصصة لاخبار الجامعات الخاصة التي تنجح في الترويج لنفسها ولصورتها. فما يحصل ان اخبار الجامعات الخاصة تتوالى في الاعلام ايجابية وواعدة، فيما تاتي اخبار الجامعة اللبنانية حزينة في اخبار اضراباتها ونزاعاتها ومعاناتها في المباني والتجهيزات. والنتيجة ان من يواكب اخبار الجامعة الوطنية في وسائل الاعلام قد يخرج بانطباع ان هذه الجامعة "مهترئة ومفككة" فيما تظهر الجامعات الخاصة على صورة معاكسة.
هكذا تبدو مخاطر التغطيات الاعلامية لاخبار الجامعة الوطنية مسيئة في اتجاهين. الاول هو التشويه اللاحق بصورة الجامعة والنيل من دورها ومسيرتها. الثاني ان هذه التغطية لا تعكس الواقع الحقيقي لها. هذا لا يعني ان ما تكتبه وسائل الاعلام ليس صحيحا، لكنه من التفاصيل التي لا يجوز ان تحجب وجه الجامعة الحقيقي ودورها الاساسي في ميادين التربية الوطنية والعلم وبناء مستقبل الوطن. هذه المعالجة المجتزأة لقضايا الجامعة تغيب عنها انجازات الجامعة وتصل الى حد تهديد مسيرتها. وبلغ الحد باحد الصحافيين الى كتابة مقالة في احدى ابرز الصحف اللبنانية (النهار، 4 كانون الثاني 2012) عرض فيها بعض مشاكلها التجهيزية ("مكبرات الصوت، الكافيتيريا، الحمامات الفارغة من الصابون والمناديل الورقية") ليخلص في ختام مقالته الى ان "الجامعة اللبنانية تحتضر". وهذا يبين حجم الغبن والاساءة اللذين تتعرض لهما الجامعة في مثل هذه التغطيات وكم تعاني الاجحاف والتجريح.

ما يتناساه الاعلام
فكيف لوسائل الاعلام ان تنسى ان الجامعة اللبنانية تضم اكثر من سبعين الف طالب اي نحو نصف طلاب لبنان الجامعيين، وان مستواها العلمي يصنف بين اولى الجامعات في لبنان، وان متخرجيها في كليات الطب والعلوم والهندسة والتكنولوجيا والاعلام والتربية وغيرها من الكليات من الافضل موقعا في سوق العمل محليا وعربيا. كما تحظى هذه الكليات عالميا باعتراف من كبريات جامعات العالم. فيما الكثير من الطلاب الراسبين في الجامعة الوطنية يلجأون الى جامعات خاصة اقل تشددا ومستوى لنيل شهادات. لكن الاعلام لا يتناول تلك الجامعات ويركز نقده على الجامعة الوطنية.
فهل يمكن الإعلام ان يتجاهل نجاحات الجامعة اللبنانية، وهل يجوز للاعلاميين ان يبينوا الجامعة من خلال مقالاتهم على غير ما هي عليه؟
لسنا في موقع الدفاع الاعمى عن الجامعة اللبنانية، ولا ينفي احد ان هذه المؤسسة تعاني نواقص كونها مؤسسة عامة تشكو كغيرها من مؤسسات القطاع العام من ضعف السلطة المركزية ونقص الموازنات ومحاولات وضع اليد على قراراتها فضلا عن طغيان المصلحة الفردية والطائفية والسياسية في بعض القرارات على المصلحة العامة.
والجامعة واهلها يشكون من قضايا تمنعهم من تطويرها كفقدان الصلاحيات في التعاقد التي انتزعت من الجامعة وارتبطت بمجلس الوزراء ما يعني تهديد استقلالية المؤسسة، ومحاولة السلطة والسياسيين وضع اليد عليها من خلال استعمالها مكتب توظيف في بعض المرات او ساحة للتجييش الحزبي والطائفي والسعي الى تعيين مديرين وعمداء انطلاقا من انتمائهم وتبعيتهم وليس من خلال الاختصاص والكفاءة. ان هذه الامور اضرت بالجامعة وسمعتها ومستواها الاكاديمي وادائها الاداري.
فعلى من تقع المسؤولية في اظهار صورة الجامعة على غير ما هي عليه؟ ولماذا تختفي انجازات الجامعة ودورها الوطني المحوري ومستواها العلمي الرفيع؟(يتبع غداً)
 
الدكتور جورج صدقة / النهار

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الأرض المقدّسة: “مركز مجدلا” (1)  مقابلة مع الأب خوان ماريا سولانا

الأرض المقدّسة: “مركز مجدلا” (1) مقابلة مع الأب خوان ماريا سولانا

يكرّس العدد الأخير (مارس-أبريل) من مجلّة "الأرض المقدّسة" التي تنشرها المؤسّسة الفرنسيسكانيّة للأرض المقدّسة قسمًا كبيرًا للقدّيسة مريم المجدليّة ولمشروع "مركز مجدلا" على شواطئ بحيرة طبريّا.

وكان بندكتس السادس عشر قد بارك حجر الأساس من هذه الضفّة في 11 مايو 2009 خلال زيارته الرسولية إلى الأراضي المقدّسة.

وقد ورد في المجلّة حول مركز مجدلا أنّه "مكانٌ مقدّسٌ في قيد الولادة". ويشرح في ما يلي الأب خوان ماريا سولانا من معهد البابوي "سيّدة أورشليم" المسؤول عن مشروع "مركز مجدلا" عمّا يدور هذا "المكان المقدّس".

ماذا يمكنك أن تخبرنا عن هذا الموضوع؟

الأب خوان ماريا سولانا- في الواقع لقد سُررت حين قرأت هذا العدد من مجلّة "الأرض المقدّسة" وإنّي لسعيدٌ جدًّا لتزامنه مع الفصح ففي هذا العيد تلعب مريم المجدليّة دورًا أساسيًّا وقد ذُكرت 11 مرّة في الأناجيل الأربعة في مواضيع ألم وموت وقيامة المسيح. أعتقد أنّ هذا الأمر لاستثنائي بالنّسبة إلى امرأة في تلك الحقبة.

إنّ الفرنسيسكانيّين قد اشتروا منذ أكثر من قرنٍ قطعة أرضٍ في مجدلا وقد حصدوا أتباعًا كثيرين في السبعينات. وبعد ذلك هُجرَ المكان تمامًا إلى أن عادَ إليه الأب استيفانو دي لوكا وعملَ فيه. وقد اشترى جنود المسيح الأراضي المجاورة للفرانسيكانيّين وبدأوا مشروع "مركز مجدلا" الذي سيفتح أبوابَه بإذن الله بحلول نهاية العام 2012.

وعلى ماذا يرتكز مشروع "مركز مجدلا"؟

يُعتبر "مركز مجدلا" مشروعًا ضخمًا. وأحيانًا أشعر بالخوف لأنّني بدأته ولكن يجب أن أثق بالله. باختصارٍ شديد يضمّ هذا المشروع فندقًا للحجّاج واسمه "سيّدة البحيرة" فهو على ضفاف بحيرة طبريّا.

ومن البديهي أن يضمَّ كنيسةَ صغيرة يمكن للحجّاج أن يزوروها للصلاة والاحتفال بالذبيحة الإلهيّة وأسرارٍ أخرى.

وفكّرنا في بناء مركز للتنشئة على كرامة المرأة لأنّنا نعتقد أنّ مريم المجدليّة هي شخصيّة رئيسة في الإنجيل فصورتها منبع تفكير حول المساواة بين الرجل والمرأة. ونفكّر في تسميته "مركز المجدليّة". كما فكّرنا في إنشاء مركز للمعلوماتيّة فنحن نعيش في عصر الصورة والموسيقى والمعاني فنحن نعتقد أنّه يجب علينا استخدام هذه التكنولوجيّات المتقدّمة للتواصل مع رجال ونساء عصرنا هذا. كما سيضمّ هذا المشروع موقعًا أثريًّا كي نكتشفَ قسمًا من قرية مجدلا.

تعليقات جمعها بول دي مايير / زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
المسيحيون في شبه الجزيرة العربية (1) مقابلة مع المونسينيور بول هيندر

المسيحيون في شبه الجزيرة العربية (1) مقابلة مع المونسينيور بول هيندر

بالتعاون مع"عون  الكنيسة المتألمة"، أجرى مارك ريدمين مقابلة لـ  Where God Weeps (حيث يبكي الله) مع رئيس أساقفة النيابة الرسوليّة العربيّة، المونسينيور بول هيندر  الذي ولد في سويسرا،

ويعيش  في أبو ظبي، وهو مسؤول عن أوسع منطقة كاثوليكيّة في العالم، فهي تشمل حوالي  ثلاثة ملايين  كيلومتر وتعدّ حوالي المليوني مسيحي. ننشر في ما يلي القسم الأول من المقابلة.
* * *
ما هي البلدان التي نقصد بها الدول العربيّة ؟
المونسينيور بول هيندر: إن البلدان المقصودة هي ستة، أي الإمارات العربيّة المتحدة، سلطنة عمان، اليمن، والسعوديّة، البحرين وقطر. ثم هناك نيابة رسوليّة أخرى في الكويت، والتي هي جزء من شبه الجزيرة العربيّة.
غالباً ما يقال ان المسيحيين في هذه المنطقة عددهم قليل أو غير موجودين. فهلّا أخبرتنا عن الوجود المسيحي في هذه الدول العربيّة؟
المونسينيور بول هيندر: صحيح أنه لا يوجد مسيحيّين محليّين، ولكن لدينا الكثير، كالأجانب القادمين من جميع أنحاء العالم، خصوصا من الفيليبين ومن الهند. معظمهم موجود هنا لفترة قصيرة، حتى ولو أن البعض قد يبقوا لحوالي الـ 30 والـ 40 عاما.  يحتاج الجميع لتصاريح مؤقتة للعيش هنا. وبالطبع فإن ممارسة العبادة العامة محدودة.

أي هناك حريّة العبادة، ولكن ليس حريّة الدين؟
المونسينيور بول هيندر: لا وجود لمفهوم الحريّة الدينيّة كحق انسانيّ، أو على الأقل بشكل غير كامل، لأنه من غير الممكن على مواطن مسلم أن يصبح كاثوليكيّا، مسيحيّا، أو يبدل بأي شكل ديانته، ولكننا في بعض البلدان نتمتع بحريّة ممارسة معتقداتنا.  

كيف هي العلاقات بين المسيحيين والمجتمع الإسلاميّ؟
المونسينيور بول هيندر: يمكنني القول بأنه "العيش إلى جانب" وليس "العيش مع"، بسبب الوضع المدني أو الاجتماعي للأشخاص. لأن المسيحيين يعملون لديهم. هم أجانب بين أجانب. ففي بعض البلدان، يشكلون عددا كبيرا من السكان وتجمعهم علاقة عمل مع المسلمين، ولكن في الحياة العاديّة يفضلون الاختلاط مع أبناء شعبهم أو مع من يشاركهم دينهم.

اني أتساءل إذا ما كانت المشكلة متعلقة بكونهم عمال أجانب، بينما في بعض دول الشرق الأوسط، هناك مسيحيون عرب "الأصل"؟  
المونسينيور بول هيندر: بالضبط. هناك فرق كبير بين هذين الواقعين. وبالتأكيد لأن شعبنا، وأنا من بينهم، عادة لا يتقن العربيّة أولا يتكلمها مطلقا. عندما عيّنت هناك لم أكن أتوقع ذلك. لذلك فإن التفاعل ليس سهلا، وبالأخص مع الزعماء الدينيين. قد نلتقي  بإمام في إحدى هذه البلدان لا يتقن الإنكليزيّة عندها تبدأ مشكلة ترجمة اللغة….   

قلت أنك قد عيّنت هناك. هل سبب لك ذلك صدمة عندما طلب منك الإنتقال إلى البلدان العربيّة؟
المونسينيور بول هيندر: لقد ذهلت عندما علمت لأول مرّة اني مرشحٌ فعليا لهذا المنصب في أبو ظبي؛ عندها مررت بفترة عصيبة. ولذلك لم أفاجئ بالتعيين.

*** نقلته إلى العربيّة م.ي.

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
العراق: أرضنا هي أرض إبراهيم (1)

العراق: أرضنا هي أرض إبراهيم (1)

صرّح البابا بندكتس السادس عشر بعد تقديم سفير العراق الجديد لدى الكرسي الرسولي شهادته، أنّ الكنيسة الكلدانية تكافح من أجل عيشها. أجرى مارك ريدمان من برنامج "حيث يبكي الله" بالتعاون

مع مؤسسة "عون الكنيسة المتألمة" مقابلة مع رئيس اساقفة أبرشية أربيل الكلدانية في شمال العراق، بشار متي وردة. تمحورت المقابلة حول حياة الكاثوليك في العراق.
المقابلة:

سؤال: قد دخلت إلى معهد اللاهوت في الثانية عشر من عمرك. هل شعرت دومًا أنّ هذه هي دعوتك؟
رئيس الأساقفة وردة: انتقلنا في سن العاشرة إلى الدورة (جنوب بغداد في العراق) التي كانت أقرب إلى المعهد. كنت أذهب حينها إلى المعهد للتعليم المسيحي وكنت أرى الطلاب الأكبر مني متعاطفين جدًّا ويهتمون بحياتنا الروحية. فبذلوا جهدًا جهيد لتعليمنا مبادئ المسيحية في الأوضاع الصعبة. لذا أولى دعواتي كانت أنني أردت أن أكون مثلهم.

ما الذي أعدّك الأكثر للكهنوت؟
خلال حرب الخليج، الأضرار كانت جسيمة، كنت أجتمع برفقة أربعين شاب من جنوب بغداد في ليالي القصف الطويلة. كنت طالبًا في السنة الأولى في علم اللاهوت وتعرّفت في هذه الإجتماعات أكثر إلى هؤلاء الشباب. تعددّت أسئلتهم عن المسيحية وعن إيمانهم وبسببهم تعمّقت في دعوتي التي هي أبعد من الإحتفال بالقداديس بل تشمل أيضًا مرافقة شعبي خصوصًا في أوقات "الضعف" التي إختبرناها في ذلك الوقت.  

هل إحتاجوا إلى كاهن يرافقهم؟
لم يحتاجوا فقط إلى كاهن بل إلى أخ، إلى صديق أو إلى "أبونا". ساعدوني بأسئلتهم العديدة على إعادة الإكتشاف يوميًا معنى كوني كاهنًا في هذه المرحلة الإنتقالية وفي الصعوبات خصوصًا عندما فرض حصار على العراق. فكنا إذًا حاضرين لنساعد بعضنا البعض. تعلّمت أن أتنبّه أكثر وأستمع لمعاناتهم ولا أتكلّم هنا فقط عن المعانات الجسدية بل عن معاناتهم الروحية أيضًا.

عُينتَ رئيس اساقفة أبرشية أربيل الكلدانية في شمال العراق في سن الواحد والأربعين وأعتقد أن وقت تعيينك كنت من أصغر الأساقفة. ما كانت ردّت فعلك عندما تمّ تعيينك؟
كانت صدمة لي. لم يكن للأبرشية رئيس أساقفة لمدة خمس سنوات وكانت هذه الفترة صعبة بسبب مجيء أكثر من خمسة آلاف عائلة مسيحية إلى أربيل هروبًا من العنف في بغداد والموصل وكركوك. للكنسية مكانة خاصّة ومهمّة جدًّا لمسيحيي الشرق الأوسط وخصوصًا العراق. يتوجهون للكنيسة لطلب مساعدتها في كلّ شيء. فإذا يحتاجون إلى وظيفة حتى لو وظيفة حكومية يطلبون مساعدة الكنيسة. لم تكن الأبرشية مستعدة لإستقبال هذا التدفق مما قسّم الأبرشية بين العائلات الأصلية والجدد. ونحن الآن نعمل على إصلاح هذه الفجوة.

أغتيل رئيس أساقفة أبرشية الموصل الكلدانية قبل سنة من تعيينك. وأرسلت تهديدات إغتيال لتسلسل الكنيسة الهرمي. بوجه هذه التحديات التي أنت تدرك وجودها ألم تفكّر أنكّ "لا تريد هذه المسؤولية الضخمة"؟
كنت مستعدًا لكلّ شيء وهذه هي الطاعة. قد أدركت أنّ هذه المهمة صعبة وفيها تحديات. ومررت من حينها في عدّة تجارب في بغداد خلال وبعد الحرب. لحسن الحظ أربيل آمنة ومن الطبيعي أن يعتريني الخوف ولكنّ يتبدد هذا الشعور عند الإلتزام.        

 

رئيس اساقفة أبرشية أربيل الكلدانية يتحدث عن كنيسته المعانية
زينيت

 

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
العالم : كاريتاس: جمعية خيرية في خدمة البابا (1)

العالم : كاريتاس: جمعية خيرية في خدمة البابا (1)

صرّح أمين سرّ مؤسسة كاريتاس الدولية أنّها جمعية خيرية تابعة للبابا. تضمّ كاريتاس الدولية 162 مؤسّسة خيرية وطنية لكاريتاس تُعرف في فرنسا بخدمات البعثة الكاثوليكيّة. وهذه المؤسسات هي الّتي تنسّق

بين المؤسّسات الخيرية التابعة للأبرشيّة، جامعةً الرعايا والمنظمات على المستوى المحلي. وتلعب مؤسسة كاريتاس الدولية دور عضو مراقب في منظمة الأمم المتّحدة.

يشرح أمين سرّ مؤسسة كاريتاس الدولية ميشال روي  في مقابلة خاصّة مع وكالة زينيت عن عمل هذه المؤسسة.

زينيت:- لماذا يُعتبر وجود مؤسسة كاريتاس ضرورياً؟

روي:- غالباً ما يكون غير كافيًاً أن يقدّم الإنسان المساعدة إلى شخص آخر، فوجود المؤسّسة ضروري لأنّنا بحاجة على سبيل المثال إلى إطارٍ منهجيّ على الصعيد الرعويّ. هذا ما يجب أن يحصل أيضاً على صع المستويات العليا. فرسالة الأسقف في أبرشيّة يتعايش فيها الفقراء والأغنياء هي تشجيع المجتمع المسيحي على أن يكون متعاطفاً وقادراً أن يحبّ، كما كانت المجتمعات المسيحيّة قديماً بحسب أعمال الرسل.

وبسبب التفاوت بين الأبرشيات، وتساعد مؤسسة كاريتاس الوطنية هذه الأبرشيات بصفتها جمعية تابعة لمجلس الأساقفة. فمؤسسات كاريتاس الوطنيّة تشكّك مجتمعة مؤسسة كاريتاس الدوليّة، الّتي هي اتّحاد من أعضاء مستقلّين ومتحالفين منذ 61 عاماً حين لم يكن عدد مؤسسات كاريتاس آنذام يتخطّى الـ 27 مؤسسة في أنحاء العالم كافة. تأسّس أوّل فرع لكاريتاس في ألمانيا في أواخر القرن التاسع عشر. في الواقع، إنّ مةسسة كاريتاس الدولية هي كيان تابع للكرسي الرسولي. إنّها الجمعية الخيرية التابعة للبابا. ورأس الكنيسة اليوم هو بندكتس السادس عشر، وأبرشيتنا المرجعية هي "قلب واحد" Cor Unum التي تدعم عملنا.

– على أيّ أساس يتمّ اختيار أعضاء مؤسسة كاريتاس الدولية؟

 يتمّ انتخاب الرئيس من قبل الجمعيّة العامة المؤلّفة من 264 عضواً والتي تجتمع مرّة كلّ أربع سنوات. فالرئيس المنتخب يكون دائماً كاهناً أو أسقفاً، ولكن بإمكانه أن يكون علمانيّاً أيضاً، رجلًا كان أم امرأة. أمّا الكرسي الرسولي، فلديه صلاحية الاعتراض على المرشّحين. من جهة أخرى، تقوم الجمعية العامة بانتخاب أمين السر وأمين الصندوق.

– لماذا تُعتبر كاريتاس مؤسسة البابا الخيريّة؟

لدى البابا مؤسسات عديدة ومنها مؤسسة كاريتاس الدوليّة التي تُعتبر مؤسسة متواضعة تضمّ  حوالى 30 عضواً تقريباً. إنّنا مؤسّسة البابا الخيريّة، كما أنّ مؤسّسات كاريتاس الوطنيّة هي الجمعيات الخيرية بالنسبة إلى المجالس الأسقفيّة. وتقود أبرشية "قلب واحد" Cor Unum مؤسّستين خيريّتين: مؤسسة Populorum Progressio التي تنشط في أميركا اللاتينيّة وفي الكاراييب، و"مؤسسة يوحنا بولس الثاني من أجل الساحل". عند حصول البابا على المال من المؤمنين، يقوم باستخدامه في أوجه مختلفة، ومنها مساعدة مؤسسة كاريتاس الدولية في حالات الطوارئ القصوى.

– كيف تعملون فعليّاً؟

في السنة الماضية، مثلًا،  استجبنا لـ 30 حالة طارئة قصوى- بقيمة إجمالية تفوق الـ 42 مليون يوروتمّ توزيعها من خلال مؤسسة كاريتاس الوطنيّة بشكل مباشر وغير مباشر. نريد أن يكون تكون استجابتنا ذات مستوى لأنّ الأمر لا ينحصر بالعطاء فحسب، بل بالعطاء بطريقة مسؤولة. نريد  أن نُحدث تغييراً متكاملاً على المستوى الإنساني. قيمتنا المضافة تكمن في تسهيل العلاقة بين أعضاء ذوي خبرة على أرض الواقه، والذين يرغبون بتقديم الدعم. لدينا خبراء في مجالات عديدة، كالهجرة، والاتجار البشري بالنّساء، والأطفال الوحيدين والعمال المهاجرين. كما أنّنا جميعاً ملتزمون بقضايا المناخ والأمن الغذائي. يكفي أن نفكّر بمنطقة القرن الإفريقي وإلى ما سوف يحدث في منطقة الساحل. كما أنّنا منخرطون في عملية تعزيز السلام والمصالحة. إنّنا نحمل صوت الكنيسة إلى الأمم المتّحدة، ولا سيّما في شؤون حلّ النزاعات. ونعمل أيضاً في مجال مكافحة الأمراض كالسيدا، والمالاريا، والسل، والأوبئة. أما في ما يتعلق بالسيدا، فأمامنا عمل رعويّ لنقوم به.

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
العالم : رسالة بندكتس السادس عشر لشبيبة العالم أجمع (1)

العالم : رسالة بندكتس السادس عشر لشبيبة العالم أجمع (1)

في ما يلي القسم الأول من رسالة بندكتس السادس عشر بمناسبة يوم الشبيبة العالمي الذي سيحتفل به نهار أحد الشعانين الواقع فيه 1 نيسان، وموضوعها هذه الآية من رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل

 فيليبي " إفرحوا دائما في الرب".

* * *
" إفرحوا دائما في الرب! " (فيليبي 4،4)

أيها الأصدقاء الأعزاء،

يسرني مرة جديدة أن أوجه إليكم كلمة بمناسبة اليوم العالمي السابع والعشرين للشبيبة. لا تزال ذكرى لقائي بكم في مدريد، في أغسطس الماضي تراودني حتى اليوم، فلقد أمضينا خلاله وقتًا إستثنائيًا نلنا فيه النعم كما بارك الله الشباب الذين حضروا من كافة أقطارالعالم. أشكر الله على كل ما أنتجته تلك اللقاءات التي بالتأكيد ستبرز ثمارها في مستقبل الشباب والمجتمعات التي ينتمون إليها. نحن اليوم بانتظار اللقاء القادم في ريو دي جانيرو في سنة 2013 تحت شعار: " إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم" (راجع متى 28، 19).
أما موضوع يوم الشبيبة العالمي لهذه السنة فقد استوحيته من رسالة القديس بولس إلى أهل فيليبي: " إفرحوا دائما في الرب! "( فيليبي 4،4)، فالفرح في الواقع هو عنصر أساسي من التجربة المسيحية، وخلال كل لقاء عالمي للشبيبة، نعيش تجربة فرح كبيرة، كفرح الشراكة، وفرح الإيمان وفرحنا بكوننا مسيحيين. هذه سمة من سمات هذه اللقاءات ونحن نلاحظ كم يجذب هذا الفرح: في عالم يتسم في معظم الأوقات بالتعاسة والهموم، يشكل الفرح له شهادة تحمل في طياتها جمال الإيمان المسيحي وحقيقة أنه جدير بالثقة.
أما رسالة الكنيسة فهي أن تزرع الفرح في العالم، فرح حقيقي يستمر كالفرح الذي أعلنه الملائكة لرعاة بيت لحم ليلة ولادة المسيح ( لوقا 10،2): الله لم يتكلم سدى، ولم يخلّف علامات عجائبية في تاريخ البشرية فحسب بل جعل نفسه قريبا جدا إلى حد أنه تجسد لأجلنا واختبر جميع مراحل الحياة الإنسانية. في هذه الأوقات الصعبة، كثير من الشباب حولكم بحاجة ماسة ليعلموا أن الرسالة المسيحية هي رسالة حب ورجاء. أود أيضا أن نفكر سوية بهذا الفرح، وبالطرق التي يمكننا أن نجده بها حتى تتمكنوا من عيشه بعمق أكثر فأكثر وتكونوا رسلًا من حولكم.
 
1.    قلبنا هيكل للفرح
طُبعت الرغبة بالفرح في قلب الإنسان. بعيدًا عن الملذات العابرة، يسعى قلبنا للحصول على الفرح العميق، الكامل والدائم الذي بإمكانه أن يعطي "طعمًا" للوجود. هذا بخاصة ينطبق عليكم، فالشباب هو فترة من الإكتشاف المستمر للحياة، والعالم، والآخرين، والذات. هذا وقت للإنفتاح على المستقبل حيث تقبع الرغبات الكبيرة للسعادة، والصداقة، والمشاركة، والحقيقة، ونهدف إلى الأمثل ونتخيّل مشاريع متعددة. يمنحنا الرب في كل يوم أفراحًا بسيطة ومنها: فرح الحياة، فرح العمل المتقن، فرح الخدمة، وفرح الحب الحقيقي والنقي. أما إذا فكرنا جيدا، فنجد أن لدينا أسبابًا أخرى للفرح ألا وهي: اللحظات الجميلة التي نعيشها في الأسرة، والصداقة المشتركة، واكتشاف قدراتنا الشخصية وإنجازاتنا الخاصة، ومديح الآخرين لنا، وقدرة التعبير والإقناع، وشعورنا بأننا مفيدين للآخرين. يضاف إلى كل ذلك المعرفة الجديدة التي ننالها بالدراسة، واكتشاف أبعاد جديدة من خلال السفر واللقاءات، والقدرة على وضع خطط للمستقبل، ولكن أيضًا قراءة عمل أدبي، والتأمل بتحفة فنية، والإستماع إلى الموسيقى أو حتى عزفها، كل هذا يزرع في داخلنا أفراحًا حقيقية. مع ذلك، نواجه كل يوم مصاعب جمّة، وقلوبنا يسيطرعليها القلق تجاه المستقبل، مما يدفعنا لنتساءل إن كان هذا الفرح الدائم الذي نطمح إليه مجرد وهم وهروب من الواقع.
كثير من الشباب يسألون أنفسهم : هل الفرح المثالي موجود حقا؟ ويبحثون عنه بطرق مختلفة وفي بعض الأحيان بطرق خاطئة أو على الأقل خطيرة. كما يسألون أيضًا: كيف نميز بين الأفراح الحقيقية الدائمة واللذات العابرة والمزيفة؟ كيف نجد الفرح الحقيقي في الحياة، هذا الذي يدوم ولا يتخلى عنا أبدا حتى في الأوقات الصعبة؟

2.    الله هو مصدر الفرح الحقيقي
في الواقع، إن الأفراح الحقيقية أكانت أفراحًا صغيرة يومية أم أفراح كبيرة في الحياة، جميعها مصدرها الله حتى ولو لم يَظهر لكم ذلك على الفور. السبب أن الله هو شركة حب أبدي، وهو فرح لامتناه ليس منغلقا على نفسه بل ينتشر في قلوب الذين يحبهم ويحبونه. خلقنا الله على صورته و مثاله ليحبنا ويغمرنا بفيض نعمه. يريدنا أن نشاركه فرحه الإلهي الأبدي كما يريدنا أن نكتشف أن معنى حياتنا وأهميتها يكمن في قبوله، وحبه، ولقياه لنا، فلقيا الله ليس مجرد لقاء عادي وعابر كلقيا البشر بل هو لقاء إلهي غير مشروط: الله يريدني ويحبني، ولديّ مكانتي في العالم والتاريخ. إن قبلني الله وأحبني، وهو كذلك طبعًا، عندها أكون واثقا كل الثقة بأنني محظوظ في وجودي على هذه الأرض. حب الله اللامحدود لنا تجلى بأوضح صورة بيسوع المسيح، فيه يكمن الفرح الذي نسعى إليه. نجد في الإنجيل كيف أن الأحداث التي تشكل بداية حياة يسوع تتسم بالفرح، كحين بشر الملاك جبرائيل مريم العذراء بأنها ستكون أم المخلص بدأ بهذه الكلمات: " إفرحي!" ( لوقا 28،1) وعند ولادة المسيح قال ملاك الرب للرعاة: " ها أنا أبشركم بخبرعظيم يفرح له جميع الشعب: ولد لكم اليوم مخلص هو المسيح الرب." (لوقا 11،2) والمجوس الذين كانوا يبحثون عن الطفل " لما رأو النجم فرحوا فرحًا عظيمًا جدًّا" (متى 10،2). سبب هذا الفرح هو قُرب الله منّا فلقد تجسد ليصبح إنسانا مثلنا. تكلم القديس بولس في رسالته إلى أهل فيليبي أيضا عن الفرح قائلا: " إفرحوا دائما في الرب، وأقول لكم أيضا: إفرحوا. ليشتهر صبركم عند جميع الناس. مجيء الرب قريب" (فيليبي 4:4-5 ). السبب الأول لفرحنا هو قربنا من الله الذي يحبنا ويحتضننا. في الواقع، يولد لدينا دائما فرح داخلي عندما نلتقي بيسوع، هذا مذكور أيضا في عدة آيات من الإنجيل. لنأخذ مثلا الزيارة التي قام بها يسوع لزكا جابي الضرائب الخاطىء وقال له: " سأقيم اليوم في بيتك" و زكا، كما يذكر لوقا البشير " استقبله بفرح." (لوقا 19: 5- 6). هذا هو فرح اللقاء مع المسيح والإحساس بمحبة الله التي يمكنها أن تغير كل الوجود وتحقق الخلاص للعالم. قرر زكا إذًا تغيير حياته وإعطاء نصف ما يملك للفقراء.
يتجلى حب يسوع الكبير لنا في الآلام التي عاناها من أجلنا، ففي الساعات الأخيرة من تواجده على هذه الأرض جلس إلى العشاء مع تلاميذه وقال لهم: " أنا أحبكم مثلما أحبني الآب، فاثبتوا في محبتي(…) قلت لكم هذا ليدوم فيكم فرحي، فيكون فرحكم كاملا" (يو 15: 9 ،11). يريد المسيح أن يحقق تلاميذه كما كل واحد منا الفرح الكامل، هذا الفرح الذي يتشاركه مع أبيه، لتظهر فينا محبة الله له (راجع يو 17 ، 26). الفرح المسيحي هو في الإنفتاح على حب الله وتسليم الذات له.
يخبرنا الإنجيل أن مريم المجدلية ونساء أخريات جئن لزيارة القبر فأخبرهن الملاك بقيامة المسيح من بين الأموات، فتركن القبر مسرعات "في خوف وفرح عظيمين" وذهبن يحملن الخبر السار إلى التلاميذ، فلاقاهن المسيح وقال لهن: "السلام عليكن!" (متى 28،9:8)، لقد نلن فرح الخلاص: المسيح حي، لقد غلب الشر، والخطيئة، والموت، وهو معنا طوال الأيام إلى انقضاء الدهر (راجع متى 20،28). لن يسيطر الشر على حياتنا لأن إيماننا بالمسيح المخلص يخبرنا بأن حب الله ينتصر دائما. هذا الفرح العميق هو ثمرة الروح القدس الذي يجعلنا أبناء الله، نلمس طيبته ونعيشها، ونناجيه قائلين "أبا"، يا أبانا ( راجع روما 15،8). الفرح هو علامة لوجود الله فينا وفي أعمالنا.

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
بقلم الأب الياس شخطورة الأنطوني : من روحانية الصوم في التقليد السرياني (1)

بقلم الأب الياس شخطورة الأنطوني : من روحانية الصوم في التقليد السرياني (1)

الصيام عادة دينيّة قديمة موجودة عند جميع الديانات، وليس وقفاً على الديانة المسيحية وحدها. والإمتناع عن الأكل، الذي هو حاجة بشرية أساسية، لمدة محدّدة، له أسباب متنوعة، فهو يهيئ للإحتفال بالعيد،

 ويساعد على ضبط النفس وعلى الصلاة، كما أنه ينقّي من التجاوزات ومن الخطايا المقترفة. واقعياً وفي أيامنا الحاضرة، إن الصوم هو الركن الأقل تطبيقا وممارسة في حياة المؤمن المسيحي وفي الكنيسة، في الغرب أكثر منه في الشرق. الصعوبة تكمن في عيشه والإلتزام به، إمّا لأنه يتطلب جهاد أكثر على مستويات عدة، أم لأنه يَمَسُّ خاصة وبشكل جذري أحاسيس جسدنا ورغائبه وحاجاته، التي تَعوَّدنا يومياً على إرضاءها بانتظام ودون تردد.
زمن الصوم الأربعيني زمن نبدأه بالتوشح بالرماد على جباهنا، تذكيرا بماهيتنا وجذورنا الترابية، وينتهي بعرس فرح قيامة ربنا، منتصرا على الموت والخطيئة، مرورا بآلامه الخلاصية. إنه زمنٌ خارج عن نطاق مسيرة الانسان العادية والطبيعية في مراحل نموه الجسدية والروحية، يظهر وكأنه دعوة إلهية موجهة للإنسان الى إستئصالِ حاجةِ جسده من غذاء وطعام، وسدِ عوزِ رغباتِه الشهوانية والحسية.
من هذا المنطلق نطرح السؤال: أبِحرمان الجسد من حاجاته ورغباته تتوطد علاقة الانسان بخالقه، وبذلك يلبي واجبه البنوي لله ؟ أهذه فعلا غاية الله في دعوته لنا؟ والى ماذا يصبو عملياً من خلال الصوم؟
أفكار وتساؤلات عديدة طرحتها الجماعة المسيحية في العصور الأولى ومازلنا اليوم نحاول فهم غاية الله من كل ذلك، فهنالك من يجد الأعذار المتنوعة للتهرب من الإجابة على طلب الله، وآخرون من يضعون أسسا وأطراً للصوم تناسب نمط عيشهم، بحسب طاقاتهم وقدرتهم على تحمل وطأته وعبئه، دون مراعاة تعليمات وتوجيهات الكنيسة المُلزمة والمُسَهِّلة في آن معا على عيشه وتطوير مفاعيله الانسانية والروحية في حياة المؤمن والكنيسة. لذا سنحاول في دراستنا هذه فهم ماهية وأبعاد الصوم في التراث السرياني، من جهة اولى، انطلاقا من حاجة الانسان الجسدية، اي الطعام، ومن جهة أخرى من المفهوم الروحي الذي يُرَقّي الصائم جسديا وروحيا الى المصافي العُلوية، ومدى أهميته في حياتنا المسيحية عامةً، والرهبانية والكهنوتية خاصة.
 
زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
كوبا : رئيس أساقفة هافانا يتكلّم عن توقعات الكوبيين (1)

كوبا : رئيس أساقفة هافانا يتكلّم عن توقعات الكوبيين (1)

تنتظر الكنائس في كوبا بفارغ الصبر زيارة البابا بندكتس السادس عشر والتي ستقع من 26 إلى 28 مارس. فيعتبر رئيس أساقفة هافانا أنّ هذه الزيارة تحمل "أمل لمستقبل أفضل" في البلد.

 
إذ شهدت البلاد تغيرات كثيرة منذ زيارة البابا يوحنا بولس الثاني "التاريخية" لكوبا في عام 1998. وقال الكاردينال أورتيغا إنّ البابا بندكتس السادس عشر سيجد كنيسة "أكثر حضورًا" ومسيحيين "يعبّرون عن إيمانهم أكثر".
وتكلّم الكاردينال خايمي لوكاس أورتيغا إي ألامينو رئيس أساقفة سان كريستوبال دي هافانا عن تطوّر كوبا وعن الكنيسة الحالية في مقابلة يوم 23 مارس 2012 مع الصحيفة الرسمية للفاتيكان الأوسيرفاتور رومانو في نسختها الايطالية.
الأوسيرفاتور رومانو- ما الذكرى التي تحتفظ بها في قلبك من زيارة البابا يوحنا بولس الثاني؟
الكاردينال أورتيغا- قد أبقيت في قلبي إمتنانًا عميقًا. ساد هذا الشعور في داخلي منذ ركبت الطائرة التي أوصلت البابا إلى هافانا. فكنت سعيدًا جدًّا خصوصًا لأنّ البابا تحمّل رحلة مدّتها إثني عشر ساعة لزيارتنا رغم حالته الجسدية. كما وإنّ برنامجه في كوبا كان مرهقًا ورغم ذلك إختتم بحماس القداس الأخير له في هافانا.

ما هو تأثير هذا الحدث التاريخي على البلد؟
لا يمكن إحتساب بالإحصاءات التأثيرات المتعلّقة بالحياة الروحيّة للأشخاص وللشعب. فيحدث أحيانًا تحوّل في قلوب الأشخاص ونفوسهم إذ بسبب هذه الخبرة الدينية يعيشون إنفتاحًا جديدًا على التسامي ويفهمون جذورهم الوطنية ويقدرون القيم الموروثة عن الايمان المسيحي في الحياة الشخصية والاجتماعية ويقبلون تجديد هذه القيم. فإن زيارة رعوية مثل زيارة البابا يوحنا بولس الثاني هي حدث تاريخي يغير كل شيء في روحانية الشعب ويستمّر تأثيره حتى اليوم.

كيف تطورت الأوضاع في البلاد وفي الكنيسة؟
لقد مرّ أربعة عشر عامًا على زيارة البابا يوحنا بولس الثاني. تلك الزيارة جاءت في وقت كانت حالة البلاد الإقتصادية أسوأ بكثير مما هي عليه الآن. فقد أُنشئت اليوم هيكيليات جديدة في الحكومة إذ تمّ تغيّر نظام رئاسة الجمهورية وتعيين وزراء ومسؤولين جدد منذ أربع سنين. وقد بدأت الإصلاحات الإقتصادية المتعلّقة بالزراعة والإسكان وتشريع العمل لحساب شخصي والشركات الخاصة والقروض وشراء المنازل والسيارات وبيعها وإنشاء شركات خاصة صغيرة. إنّ عدد العاملين في الرعايا من كهنة وراهبات يزداد. ويسمح بمجيء المبشرين فللكنيسة منشوراتها الخاصة كما وإزدادت منافذها على وسائل الاتصالات على الرغم من أنها ليست منظّمة بعد. وقد بنينا في هافانا إكليريكية أبرشية جديدة وزاد عدد الإكليريكيين وسهّلت القداديس العامة في الكنيسة.

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
مار غريغوريوس يوحنّا إبراهيم: هواجس المسيحيّين بعد الربيع العربي (1)

مار غريغوريوس يوحنّا إبراهيم: هواجس المسيحيّين بعد الربيع العربي (1)

بدايةً، إنَّ مبادرة دعوة ممثِّلي الكنائس الشرقيّة من كلِّ المذاهب إلى ندوة بعنوان: المسيحيّون الشرق… إلى أين؟ هي ذات أهميّة بالغة. إذ أنَّ بعضنا من المشاركين هنا، ومنذ الستينيَّات من القرن الماضي، 

شارك واستمع وقرأ ما دار في مبادرات كثيرة، دعت إلى تمتين العلاقات بين المواطنين من كلِّ الأطياف من جهة، وإبراز دور الحضور المسيحي، وشهادة الكنيسة في عالمنا من جهةٍ أخرى، وقد جرت على كلِّ المستويات العالميّة، والإقليميّة، والمحليّة. فدوائر الفاتيكان مثلاً، كانت لها مبادرات، وهكذا أيضاً مجلس الكنائس العالمي في جنيف – سويسرا، ومجلس كنائس الشرق الأوسط في بيروت – لبنان، والمجالس المحليّة للكنائس في كلِّ المنطقة. وأذكر هنا بين اللقاءات ما جرى من تعاون ما بين المعهد الملكي للدراسات الدينيّة، وجهات أخرى مثل: منظمّة الأديان من أجل السَّلام، والبطريركيّة الأرثوذكسيّة المسكونيّة.
ولكن هذه المبادرة بالذَّات، وبرعاية كريمة من سموِّ الأمير الحسن بن طلال فهي في نظري جزء هام من المتابعة لما سجَّله في كتابه القيّم: المسيحيون في الوطن العربي.
لقد ترك الكتاب صدى كبيراً ليس فقط عند مَن قرأه مِن العرب المسيحيِّين، أو عند القرَّاء العرب المسلمين، بل لدى كلّ من قرأ الكتاب باللغات الأجنبيّة، وذلك بسبب محتوياته القيّمة، والنفيسة، والحافلة بالمعلومات التاريخيّة، واللاهوتيّة والمسكونيّة، والحواريّة، خاصّةً لأنّ المؤلّف هو باحثٌ من الطراز الأوّل، ومفكِّرٌ كبيرٌ، معروف في كلِّ الأوساط الفكريّة والثقافيّة في العالمين الشرقي والغربي إنَّه صوت عربي مسلم، جديد من حيث المبدأ، بالمقاربة مع ما ورد في أدب الحوار بين الأديان في القرون الماضية، وهو مَن يُمثِّل، خاصّةً في الرؤيا بعيدة المدى لما يحدث في هذه المنطقة بشكلٍ عام، وفي البلاد العربيّة بشكلٍ خاص، والأهم من هذا وذاك هو صدقه في الكلام، لهذا عندما يقول كلمته بفهم، ووعي، وجرأة منقطعة النظير، في لقاءات على مستويات مختلفة، يترك أثراً بالغاً في نفوس السّامعين.
 
زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
بيار عطالله : المسيحيون في شمال العراق شعب الألم والصمود [1]

بيار عطالله : المسيحيون في شمال العراق شعب الألم والصمود [1]

لا نريد ان نلقى مصير مسيحيي العراق" عبارة درجت على ألسنة القائلين بالدفاع عن المسيحيين في لبنان. توحي العبارة أن مسيحيي العراق اندثروا وانتهى امرهم، وانهم ينتظرون اما الموت في عبوة ناسفة

" او رصاصة غادرة او تأشيرة سفر الى برد الدول الاسكندنافية وصقيع كندا والولايات المتحدة ليضافوا الى ارقام اللاجئين الباحثين عن ارض ما، في حين ان وطنهم الأم لا يزال يرتسم على ارض العراق شعباً ومدناً وبلدات وقرى وسهولاً زراعية ولا يزال قسم لا بأس به مصراً على البقاء والصمود لا يكترث للمتاجرة بهم او بمصيرهم، وهم يخططون لبناء جامعة ومؤسسات تعليمية وصحية واقتصادية، والأهم الحصول على اقليم خاص بهم وبالاقليات الاخرى في سهل نينوى التاريخي الذي يعج بالقرى والبلدات والاديرة المسيحية.
ذهبت "النهار" الى شمال العراق بعدما نزحت اليها الاكثرية الساحقة من مسيحيي بغداد والبصرة لتعاين اوضاعهم وجالت في ضاحية آربيل المسيحية: عينكاوا، والبلدات والقرى الجميلة المنثورة في سهل نينوى الجنوبي والشمالي، والتي يتنازع الاكراد والسلطة المركزية الشيعية الرغبة في الاستحواذ على ارضها، في حين ينشط الشيعة المدعومون من الايرانيين، والعرب السنة المدعومون من الخليجيين في تمويل عمليات شراء الاراضي كلٌّ لتوسيع دائرة سيطرته، متناسين ان اهل الارض ما زالوا يقيمون هناك بكل افراحهم واتراحهم وذكرياتهم وتاريخهم.
والكلام على المسيحيين في العراق يعني الكلام على حوالى نصف مليون من اصل مليون ونيف قبل سقوط نظام البعث، علماً ان الهجرة الى خارج العراق بدأت منذ اندلاع الحرب العراقية – الايرانية، واشتدت بعد سقوط "البعث" لتخفت قليلاً اليوم مع ثبات الاوضاع وانتقال القسم الاكبر من المسيحيين الى ارضهم الأم في شمال العراق، حيث يتمسكون بالتحالف مع مواطنيهم الاكراد في اقليم كردستان، ويسعون الى تحقيق مشروع واضح المعالم بأقامة "محافظة الأقليات" او سهل نينوى، على ان تضم اقضية تل كيف (1240 كيلومتراً مربعاً)، بغديدا او الحمدانية (1200 كيلومتر مربع) وبعشيقا ضمن الفيديرالية العراقية اسوة بالاكراد والسنة والشيعة، وذلك سعياً الى حماية حضورهم الثقافي والاجتماعي والديموغرافي.

شعب الألم والمعاناة

الكلام من بعيد أو "التنظير" سهل، اما معاينة الامور على ارض الواقع والاستماع الى الشهادات فترسم صورة مختلفة للامور، وفي مقدمها الانتشار الديموغرافي الذي مر بمراحل عدة ويفاخر الناشطون المسيحيون في العراق بأصولهم التاريخية الاشورية والكلدانية وصولاً الى السريانية ويصرون على القول، ان ما يتعرضون له ليس سوى حلقة من الصراع القومي لإلغاء وجودهم بكل تجلياته وخصوصاً الثقافية، التي يحرصون عليها كثيراً فيعلّمون أولادهم السريانية في المدارس والكنائس الى جانب العربية والكردية والانكليزية.
وفي اضاءة تاريخية، كان المسيحيون ينتشرون بكثافة في شمال العراق ومحيطه من الجبال والسهول، وفي احصاء اجراه أحد الولاة العثمانيين مطلع القرن الفائت يتبين انهم كانوا يشكلون الغالبية في شمال العراق. وهذا ما دفعهم عقب نهاية الحرب العالمية الاولى مستشعرين قوتهم وارتفاع اعدادهم الى اعلان "الثورة الأشورية" التي انهارت بعد نكث الحلفاء بعهودهم، فكانت الهزيمة الأكبر ليتشتتوا بعدها وتنكسر قوتهم، وليبدأ تصاعد نجم الحركة الكردية ترفدها الزيادة الكبيرة في ديموغرافياتهم.
محطة الالم الثانية كانت عام 1961 عندما أعلن الملا مصطفى البرازاني الثورة الكردية، فجاء رد السلطة المركزية في بغداد عنيفاً، شاملاً، مما أدى الى هجرة المسيحيين من مناطق داهوك وزاخو وآربيل وديالا وغيرها الى بغداد.
ويقول وزير الصناعة والطاقة السابق في حكومة اقليم كردستان يونان هوزايا: ان "الزمن ليس لمصلحتنا والمسألة ليست عددية فحسب فنحن نستهدف اقتصادياً في شكل خاص، لأننا نمثل طاقة كبيرة في المجتمع العراقي. وعدم الاستقرار الامني والسياسي ادى الى ركود اوضاع شعبنا الاقتصادية وانهيارها. تضاف الى ذلك الضغوط الارهابية التي تعرضنا لها وكانت في غالبيتها ذات اهداف اقتصادية للسيطرة على ممتلكاتنا بأسعار بخسة".
ويشرح هوزايا ان آلاف العائلات المسيحية انتقلت الى شمال العراق في داهوك وزاخو وبغديدا وعينكاوا وغيرها لكن قسماً كبيراً منها رأى ان لا امكانية لتأسيس حياة جديدة بسبب ضعف القدرات وتردي الاحوال مما اضطرها الى الهجرة الى الخارج.

قوانين وانتزاع اراض

يستهجن الناشطون المسيحيون مقولة انهم كانوا يعيشون بطمأنينة ايام نظام البعث ويذكرون بجملة أمور أقدم عليها، منها "قانون اسلام القاصر" الذي لا مثيل له حتى في السعودية وينص على انه اذا أسلم احد الوالدين فإن على كل أولاد العائلة ان يتبعوه. كما فرض التعليم الاسلامي اعتباراً من عام 1979، وقرر تباعاً عدم استخدام اسماء مسيحية وتدريس الدين الاسلامي اعتباراً من الصف الابتدائي الخامس. وثمة قانون آخر فرضه عام 1992  وهو "الحملة الايمانية" التي سعت الى تحويل حزب البعث حركة اسلامية وفي تلك الحقبة تعرضت مصالح المسيحيين للضرب، لتبدأ موجات الهجرة الحديثة الى اوروبا.
 لكن ما هو اخطر من ذلك بالنسبة الى المسيحيين وقسم كبير منهم من الفلاحين والمزارعين، كان الاستيلاء على اراضيهم تحت شعار "التأميم وتوزيع الارض على الفلاحين"، فانتزعت الاراضي من الفلاحين المسيحيين لتوزع على غيرهم. وفي مدينة عينكاوا التي تعد الضاحية الجنوبية الغربية الراقية لأربيل عاصمة كردستان، انتزعت الاراضي بالقوة من مالكيها تحت عنوان "تشجيع الاستثمارات". وفي مدينة برطلي السريانية وزعت الأراضي على الشيعة لتفتيت الملكية العقارية للمسيحيين وتفكيك ما يسمى خط الانتشار المسيحي الكبير في سهل نينوى الجنوبي.       
يقيم المسيحيون في شمال العراق علاقة شبه تحالفية مع الاكراد بعدما كاد وجودهم ان يكون رمزياً في الجنوب والوسط (بغداد)، ولهم خمسة نواب في البرلمان الفيديرالي وخمسة نواب في برلمان اقليم كردستان الى وزير في كل من الحكومة الفيديرالية والاقليم. لكن المسيحيين يتمسكون بالحصول على اقليم خاص بهم يسمونه محافظة نينوى التي يعتبرونها البقعة الجغرافية لهم وللأقليات الاخرى من اليزيديين والشبك، حيث سيستطيعون التعبير عن خصوصيتهم ومواطنيتهم العراقية، لكن المشكلة في رأيهم في السلطة المركزية التي تصر على التصرف بمنطق الهيمنة ورفض ترجمة ما أقره الدستور العراقي باستفتاء مكونات الشعب العراقي عن خياراتها المستقبلية.

مطران وجامعة ومستشفى
يذكر رئيس اساقفة أربيل داهوك وزاخو للكلدان الكاثوليك المطران بشار وردة ان الكنيسة، بل الشعب العراقي برمته كان تحت المراقبة خلال حكم صدام حسين، ويروي ان حركة "الجيش المريمي" الروحية اضطهدت خلال العامين 1974-1975 ظناً من السلطات أنها حركة عسكرية، علماً انها مجرد حركة ايمانية روحية. ويضيف: "تسنى لنا بعد سقوط النظام الاطلاع على ملفات معينة اظهرت انهم كانوا يحصون انفاسنا".
تضم ابرشية المطران وردة 31 رعية، منها الكبيرة والصغيرة، ويعرف عنه انه مطران مناضل يتصدى للمشكلات التي تواجه شعبه، فهو افتتح مدرسة ويعمل على بناء مستشفى خاص، والأهم انه يكب بالتعاون مع جامعة الروح القدس في الكسليك على إنشاء جامعة ضخمة في عينكاوا يتوقع ان تكون الاولى في العراق.  ويقول في ذلك: "هناك عمل كثير علينا القيام به لطمأنة المسيحيين الذين يهاجر بعضهم لانعدام فرص العمل، وانا شخصياً اتفهم ذلك وأدرك جيداً شعور اللا أمان لدى الاقليات والمسيحيين".
وفي رأي المطران ورده ان الوضع المسيحي في العراق، جزء من الوضع العراقي والاقليمي المفتوح على كل الاحتمالات.
 
النهار

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
روبير شعيب : الحقيقة وراء الإنجيل المنحول الذي اكتشف في تركيا (1)

روبير شعيب : الحقيقة وراء الإنجيل المنحول الذي اكتشف في تركيا (1)

تفشى في الأيام السابقة نبأ أربك الكثيرين يتحدث عن إيجاد نسخة من إنجيل في تركيا ينفي عقائد المسيحيين ويصرح بأن يسوع قد تنبأ بمجيء محمد، نبي المسلمين.

نود في هذه المقالة أن ننظر عن كثب إلى هذا المخطوط، فنبحث في أصله وصحته وتأريخه. سنعتمد في بحثنا لا على دغدغة المشاعر والعواطف الدينية، ولا على النقد المتعجرف، بل على التحليل العلمي ووسائل البحث التاريخي باحثين عن الحقيقة وتائقين إليها.

مخطوط خطير

سنبدأ في القسم الأول من المقالة بسرد المجريات العامة للوقائع الإخبارية للمسألة لكي يلم بها على حد سواء من سمع شيئًا ومن لم يرده الخبر بعد.
كل المسألة تتعلق بنسخة من إنجيل منحول مكتوب باللغة الأرامية وقد تناقلت وسائل الإعلام العربية وبعض الوسائل الغربية، تأريخًا يقول بأنه يعود إلى 1500 سنة، أي نحو العام 500 بعد المسيح، وبالتالي قبل مولد محمد. يزعم ذلك الإنجيل أن يسوع يتنبأ عن مولد محمد من بعده حيث يقول جوابًا لسائل عمن سيخلفه: "محمد هو اسمه المبارك، من سلالة إسماعيل أبي العرب".
النص قد وجدته السلطات التركية في عام 2000 وقد حُفظ حتى عام 2010 حيث تم تسليمه لمتحف الإثنوغرافيا في أنقرة ليتم عرضه بعد القيام بعملية ترميم.
المشكلة الأولى هي التالية: إذا كان تأريخ النص دقيقًا، أي قبل مجيء محمد، فهذا قد يعني أن النص صادق وأنه ليس تركيبة لاحقة أضافها كاتب جاء بعد الإسلام. ولذا السؤال الذي يطرح نفسه هو التالي: ما هو تاريخ هذا النص؟ سنجيب على هذا السؤال لاحقًا… أما الآن فلنتابع التبحر لنرى عمق المسألة وتشعبها.
المشكلة الثانية هي أن النص ينفي مختلف عقائد المسيحيين: الثالوث الأقدس، ألوهية المسيح، صلبه… بكلمة، النص يطابق أكثر نظرة القرآن للمسيح منه نظرة المسيحية والأناجيل القانونية ورسائل بولس، بطرس، يوحنا وسفر الرؤيا. وعليه السؤال الثاني الذي يطرح نفسه هو التالي: هل نعرف ما هو نص هذا الإنجيل المنحول؟ من هو كاتبه؟ ما هي نواياه؟ وهذه مسألة ثانية سنجيب عليها لاحقًا.
المسألة الثالثة، وأسميها عمدًا مسألة لأنها ليست مشكلة حقيقية بل نتيجة لتبادل الصحفيين الأخبار ونقلهم لها دون معيار ودون التعمق بمعنى المسائل ودون البحث الذي يجب أن يرافق العمل الصحافي خصوصًا عندما يتعلق الأمر بمسائل جدية وحساسة. للأسف الكثير من الصحفيين يبحثون أكثر عن الأخبار الغريبة والسبق الصحفي على حساب الحقيقة والوقائع فتأتي أخبارهم بل نتيجة لجهل مدقع (وكم هناك من الجهل في وسائل الإعلام!) أو لسوء نية وموقف معادٍ للكنيسة وللفاتيكان. والمسألة ببساطة هي: تواردت أخبار عن أن البابا بندكتس السادس عشر يريد الاطلاع على المخطوط، ولذا راح البعض إلى استنتاج خلاصات بخسة: الكنيسة خائفة من هذا الإنجيل ولطالما سعت إلى إخفائه لكي لا يهبط مبنى العقائد المسيحية.
أرجوكم أعيدوا النظر في هذه الجملة لتروا بأمة أعينكم التناقض الظاهر: فإذا كانت الكنيسة تعرف بهذا المخطوط وقد أخفته، لما طلب البابا النظر فيه (لأنه المنطق البدائي يقول لنا أنه إذا كان الأمر كذلك فالبابا يعرف مكنون هذا المخطوط وليس بحاجة للإطلاع عليه!!). على هذه المسألة الثالثة أجيب سريعًا لكي نهتم بشؤون أكبر: إذا سلمنا جدلاً بأن الفاتيكان قد طلب الاطلاع على المخطوط فهو من ناحية الرغبة العلمية ورغبة البحث والدراسة التي تميز علماء الدين واللاهوت الكاثوليك والمسيحيين. المسيحيون لا يخافون من دراسة أي مخطوط. هذا ما تم مع مخطوطات قمران، ناج حمادي، آلاف الأناجيل المنحولة، وما سوى ذلك. ولذا، فلنشكر الرب بالحري لأن كنيستنا منفتحة على العلوم والأبحاث وليست منغلقة خائفة في دياجير الجهل، التحريف والتخريف.

مَن نَسَخ المخطوط؟

النص مكتوب بأحرف مذهبة على جلد. الصفحة الأولى من المخطوط تتضمن كتابة بالأرامية ورسم صليب. أما ترجمة الكتابة على الصفحة الأولى فهي التالية: "باسم ربنا، هذا الكتاب قد نُسِخ على يد رهبان دير نينوى العالي في سنة 1500 لربنا".
وقد نشر باحثان أشوريان دراسة النص الظاهر في الصفحة الأولى فوجدا فيه العديد من الأخطاء التي تشكل حافزًا نقديًا علميًا للشك بنسبة المخطوط، لأنها أخطاء عديدة ولا يمكن أن يرتكب الرهبان السريان أخطاءً من هذا النوع. علمًا بأن نينوى هي عاصمة أشورية قديمة وتقوم بالقرب من الموصل.
الأخطاء الواضحة:
— "باسم ربنا": الكلمة الأولى (والمكتوب يُقرأ من عنوانه!!) فيها خطأ كتابة: "بِشمِت مَرَن" كان يجب أن تكون "باشم دْمَرَن". والسؤال: هل كان الكاتب يجيد الأشورية؟
والكلمة نفسها تتضمن خطأً آخر: فكلمة "اشما" تبدأ بحرف ساكن، ولذا عندما يضاف إليها "ب" يجب لفظها بهذا الشكل :بَاشما دمرن".

— "على يد": خطأ مشابه يظهر في "عال إيداتِ"، بينما الكتابة الصحيحة يجب أن تكون: بِايداتا. (لاحظوا التشابه مع اللغة العربية… التي تجعلنا نفكر بأن الكاتب بالحقيقة ليس سريانًا أو أشوريًا أو كلدانيًا بل بالحري عربيًا).

— "الكتاب": الخطأ الثالث الذي يخون أصل الناسخ العربي هو التالي: الرهبان لم يسموا أبدًا كتابنا المقدس "كتابا" وحسب، بل دومًا "كتابا قديشا" لكي يميزوه عن سائر الكتب. لعل الكاتب والناسخ، نظرًا لثقافته الإسلامية كتب سهوًا التسمية التي يطلقها المسلمون على كتاب المسيحيين وعلى المسيحيين: الكتاب وأهل الكتاب؟
إذًا، بالمختصر المفيد، كل هذه الأخطاء تنفي النقطة الأولى من نسبة النص. من غير الممكن أن يكون الناسخون رهبانًا أشوريون. ولكن هناك أمور أخرى تحملنا علميًا على الشك بتأريخ النص.

إلى أي عام يعود النص؟

يلاحظ الباحثان الأشوريان أن الصفحة الأولى من الكتاب هي في الأشورية الحديثة والتي أضحت معتمدة بعد عام 1840. فالكتاب المقدس الأول بالأشورية الحديثة ظهر في عام 1848. فكيف لناسخ  عاش في القرن الخامس عشر أن يعتمد لغة حديثة؟ كان بالحري به أن يكتب بالأشورية الكلاسيكية.
كما ويتابع الباحثان تحليل الصفحة الأولى من الكتاب بالقول: إن الصفحة الأولى من الكتاب تقول صراحة أنه المخطوط قد نُسخ في عام 1500. وهنا نشأ لغط كبير في وسائل الإعلام التي بدل أن تقول أنه يعود إلى العام 1500، صرحت أن النص يعود إلى 1500 سنة أي إلى العام 500 بعد المسيح… فلنسلّم جدلاً بأن التأريخ صحيح أي أن النص يعود إلى عام 1500.  فهل من أمر عجائبي إذا أضاف شخصٌ ما معتقداته الشخصية على كتاب وجعله يقول ما لم يقله في نسخاته الأولى؟ ليس لدينا أية ضمانة على أصالة النص وأمانة النسخ. فالمخطوط يعود إلى 870 سنة بعد نشأة الإسلام. بكلمات أبسط: حتى لو كان الكتاب منسوخًا عن مخطوط يعود إلى القرن الخامس، لا بل حتى لو كان المخطوط الأصلي يعود إلى القرن الأول، ما لدينا الآن للبحث العلمي هو نص يعود إلى القرن الخامس عشر، أي بعد قرون عديدة من الفتح الإسلامي. في هذه الفترة الزمنية الطويلة جدًا يمكن للنساخ أن يكونوا قد أضافوا وبدلوا وأعادوا صياغة ما شاؤوا من النص.
أود أن أذكّر هنا بنسخ كثير من كتب الفلاسفة اليونان التي كان الرهبان السريان ينقلونها  فكان أفلاطون يخرج من بين يديهم لابسًا عباءة راهب سرياني. والترجمات التي كان يقوم بها العرب كان تُخرج أفلاطون لابسًا عمامة شيخ أو إمام. وعليه، إنه لخطأ علمي فادح أن نسلّم بصدق وحياد النساخ والمترجمين خصوصًا في الأزمنة الماضية.
ولكن جوابنا لم ينته هنا، في مقالة ثانية سنتحدث عن بعض الأخطاء الفادحة الواردة في النص والتي تسربت عبر بعض وسائل الإعلام التركية… كما وسنتحدث لاحقًا عن إنجيل منحول آخر يقوم بتصاريح مشابهة. وسنجيب بالتالي على الأسئلة التالية: ما هو هذا الإنجيل؟ ما هي قيمته؟ إلى أي قرن يعود؟ هل صحيح أن الكنيسة أرادت إخفاؤه عن الناس؟

(يتبع)
نقلاً عن وكالة زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الأب شربل رعد : القديس مارون: هل تعلم؟ عن أي مارون نتحدّث؟ (1)

الأب شربل رعد : القديس مارون: هل تعلم؟ عن أي مارون نتحدّث؟ (1)

طبعًا، إن حاملي هذا الاسم كُثرٌ في سوريا. ولكننا نتحدَّث عن مارون الناسك، الذي عاش في الشمال السوري ومات قبل مجمع خلقيدونيا (سنة 451)، أي عاش في نهاية

القرن الرابع وبداية الخامس. وهو ينتمي إلى الحضارتين اليونانيَّة والسريانيَّة. إنه مارون الذي شيَّد الأمبراطور مرقيانوس ديرًا على اسمه في منطقة أفاميا (سوريا الثانية) سنة 452، والذي كتب عنه ثيودوريطس أسقف قورش.

مَن هو ثيودوريطس أسقف قورش؟
إسمه من أصل يوناني يعني "فضل الله". ولد في أنطاكية عام 393، سرياني اللسان، نشأ في ظل الكنيسة التي كان يعظ فيها القديس يوحنا الذهبي الفم، وهو رجل مثقف تعلم جيدًا اللغة اليونانيَّة. ترهَّب سنة 416 في أحد ديري النقيرة، تحت قانون مرقيانوس الراهب في دير بناه أغابيطس تلميذه. عُيِّن أسقفًا سنة 423 على أبرشيَّة قورش الواقعة في سوريا الفُراتيَّة التي كانت تضم 800 رعيَّة. وهو صاحب مؤلَّفات كثيرة في الكتاب المقدس والتاريخ الكنسي والتاريخ الرهباني والعقيدة… توفِّي على الأرجح سنة 460. لم يعرف ثيودوريطس مارون الناسك بشكل مباشر، فقد توفي مارون حوالى سنة 410 قبل أن يتسلم ثيودوريطس زمام الأبرشيَّة القورشيَّة.

في أي كتاب من مؤلفات ثيودوريطس ترد سيرة مارون الناسك؟
 ترد سيرة مار مارون في كتاب وحيد حتى الآن هو "تاريخ أحباء الله"، أي تاريخ رهبان سوريا، للمؤلف ثيودوريطس والذي كتبه سنة 444. وهذا المؤلف هو مرجع أساسي، لا بل هام جدًّا، عن الحياة الرهبانيَّة في سوريا من القرن الرابع إلى سنة 444، ودونه تبقى هذه الحياة شبه مبهمة. وقد ألَّفه في اللغة اليونانيَّة، وهو يحتوي على مقدِّمة وثلاثين فصلاً. يعرض لنا القورشي في هذا الكتاب "تاريخ أحبَّاء الله" الحياة الرهبانيَّة الثلاث المعاشة آنذاك: الحياة التوحديَّة، الحياة النسكية والحياة العموديَّة؛ وفي الفصل السادس عشر منه يروي لنا سيرة مارون الناسك. وفي الختام ملحق في الصلاة والمحبة الإلهيَّة. وقد شكلت زيارات ثيودوريطس الأسقف للنساك وسماع أخبارهم ومآثرهم نواة أساسيَّة للكتابة. أما الهدف من هذا الكتاب فهو استخلاص العبر من حياة أبطال الفضيلة والتعريف بالسيرة النسكيَّة. وهو بالطبع قد سمع الكثير عن مارون وربما من تلميذه الناسك يعقوب القورشي الشهير.
 
زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الشرق : المسيحيون والمسلمون بعد عام من انطلاق الربيع العربي (1)

الشرق : المسيحيون والمسلمون بعد عام من انطلاق الربيع العربي (1)

انطلقت الشرارة الأولى للثورة العربية منذ عام، حين أقدم الشاب التونسي محمد بوعزيزي على إضرام النار في نفسه بسبب سوء أوضاعه الاقتصادية وتعرضه للإذلال

 على أيدي رجال الشرطة. كان ذلك في 15 ديسمبر؛ ومثل النار في الهشيم، كانت تضحيته شرارة تنقلت بين بلد وآخر مشعلة نار الثورة. وقد تأججت هذه الثورات لأسباب عديدة أبرزها مرور العالم العربي بأوقات عصيبة، وشعور الناس بالأسى وبرغبة في التغيير، فما كانوا يحتاجون إلا إلى شرارة صغيرة لتضرم هذه النار.
امتدت الثورة العربية بشكل متفاوت بين بلد وآخر إذ كان الناس أكثر استعداداً لها في بلدان دون الأخرى. فالشعب التونسي مثلاً كان أكثر قوة ونضجاً بما أنّ النظام السابق كان يسمح بالاحتجاج من وقت إلى آخر. أما في البلدان التي يحكمها نظام ديكتاتوري تماماً كما في ليبيا، كان التدخل الخارجي ضرورياً. ولكن في الحالة السورية، فإنّ الوضع أكثر تعقيداً مع غياب أي معطيات تؤكد إمكانية إيجاد حل للأزمة.
في المقابل، لم يحصل أي تحرك يذكر في بلدان مثل الأردن، ربما لأن الوضع ليس سيئاً كما في بلدان أخرى، فيما لم يحصل أي تحرك على الإطلاق في بعض البلدان حيث التركيبة السكانية متجانسة إلى حد كبير كما هي الحال في المملكة العربية السعودية الغنية بالنفط، والتي يعيش سكانها بارتياح، ولكنّهم لا يعرفون شيئاً عن حقوق الإنسان والحرية والمساواة.
    
العالم العربي واحتياجاته
على أي حال، إنّ الاضطرابات التي شهدها العالم العربي هذا العام ناجمة عن عدم تلبية احتياجات الشعوب العربية. ولعلّ السبب أو الحاجة الأولى والأكثر إلحاحاً هي الفقر الذي يطال شريحة كبيرة من السكان. مع ذلك، لم تكن الثورة من صنيع هذه الشعوب لأنهم يعيشون في ظروف صعبة لدرجة أنّ فكرة الثورة لن تخطر حتى في بالهم. الثورة صنعها لهم آخرون وهم انضموا إليها، كما جرى في مصر التي يعيش 40 في المئة من سكانها دون خط الفقر. فالشاب التونسي الذي أضرم النار في نفسه كان يائساً بسبب الفقر والبطالة.
أما السبب الآخر، فهو مستوى البطالة المرتفع بين الشباب. ففي ثقافتنا العربية، إنّ العجز عن الانطلاق في الحياة هو سبب للمهانة والإذلال. بعبارة أخرى، البطالة تعني عدم القدرة على تأسيس عائلة. في أوروبا، لا يعتبر بلوغ سنّ الثلاثين من دون تأسيس عائلة أمراً كارثياً. أما في بلداننا العربية، يبدأ الناس بالتفكير في تأسيس عائلاتهم في سن العشرين، متأملين في أن يكونوا قد أسسوها مع بلوغهم الخامسة والعشرين. ولكن إن كنت باطلاً عن العمل، يصبح ذلك مستحيلاً. ففي وطننا العربي، على الشاب أن يكون قادراً على شراء منزل فيما يكون على الزوجة تجهيزه بالأثاث. ولكن إذا كانا عاطلَين عن العمل، يعجزان عن الزواج، ويتعرضان بالتالي إلى الإذلال.
والسبب الثالث أخلاقي، ويتمثل بانتقاص الكرامة وحرية التعبير عن الرأي وعدم المساواة، وهو ينطبق على كل من المثقفين والطبقات الوسطى؛ بالإضافة إلى أشكال أخرى من التمييز، والتي ليست بالضرورة ذات خلفيات دينية.
وأخيراً نذكر الشاشة الصغيرة التي تنقل العالم بأسره إلى غرفة المعيشة، فيشعر الناس بأنّهم متخلّفون مقارنة بالآخرين، ويبدأون بالتساؤل عن الأسباب. وفي الوقت عينه، يتناهى إلى مسامعهم أنّ الرئيس والوزير وسواهما هم أصحاب ثروات طائلة. كلّ تلك الأمور تولّد لديهم شعوراً بالظلم يأخذونه على محمل شخصي جداً.
هذه الأسباب مجتمعة ولّدت جوّ الإحباط الذي أدى إلى الانتفاضة.
* * *
جميع الحقوق محفوظة لوكالة "آسيانيوز"
نقلته من الإنكليزية إلى العربية كريستل روحانا – وكالة زينيت العالمية

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
القدس : المسيحيون في الأراضي المقدسة يسعون إلى المصالحة (1)

القدس : المسيحيون في الأراضي المقدسة يسعون إلى المصالحة (1)

إن الموارنة الذين تعود جذورهم إلى القديس مارون ، ليسوا فقط طقساً شرقياً في الكنيسة الكاثوليكيّة، إنما الكنيسة الوحيدة الشرقيّة التي لم تنفصل عن روما.

يستعملون بدل اللغة اللاتينيّة اللغة الليتورجيّة السريانيّة، لغة أراميّة قديمة. في منطقة حيث عدد السكان المسيحيين لا يتجاوز الخمسين ألف مؤمن، تعتبر الكنيسة المارونيّة، التي تضمّ 12 ألف مؤمن من أصر الجماعات الكاثوليكيّة. تأثرت بالهجرة، وبالأخص باتجاه الضفّة الغربيّة.
أجرى بالتعاون ومساعدة الكنيسة التي تتألم، مارك ريديمان مقابلة لـ Where God Weeps (حيث يبكي الله) مع المونسينيور بول نبيل صيّاح أسقف الموارنة لحيفا والأراضي المقدّسة.

إن جماعتكم هي منتشرة جغرافيّاً، فحوالي 12 ألف في الأراضي المقدسة وحوالي 800 ألف في لبنان، من 7 إلى 10 ملايين في العالم أجمع. كيف تستطيعون إدارة جماعة متفرّقة وما دوركم كراعي؟

مونسينيور صيّاح: إن رعيّتي مشتتة جدّاً، وتشمل إسرائيل، الأردن، أورشليم وفلسطين  بكيانين مختلفين. كيف يمكننا إدارتهما؟ يجب عليّ أن أكون حاضراً دائما، أن أكون مسئولا عن الشعب، أي أن أكون الأقرب إلى الناس عادةً، يتوجب علينا ثلاث مسؤوليّات أساسيّة: علينا أن نحاول إيصال الرسالة لجماعاتنا ونقدّم لشعبنا جميع الأسرار والخدمات التي يحتاجها، ونحاول  قدر المستطاع أن نكون في خدمة الناس لاسيما من الناحية الاجتماعية والنفسيّة وبجميع الأشكال.

يجد المسيحيون العرب أنفسهم بين نارين: واحدة هي التطرف الإسلامي والثانية هي التطرف الصهيوني. هل هي لعنة أم بركة للمسيحيين العرب؟

مونسينيور صيّاح: نشكر الله أنهم ليسوا جميعاً متطرفين، هناك العديد من اليهود والمسلمين الصالحين، وهو أمر واقع للمسيحيين في الأراضي المقدسة، شئنا أم أبينا، فإنّ الركيزة الأساسيّة هي أننا عرب بالنسبة إلى اليهود ويعني أننا إرهابيين أما المسلمين فيعتبروننا مسيحيين يعني أننا كافرين بالنسبة لهم. جيّد. هذا هو الواقع وهكذا سيبقى وسيستمرّ دوماً. فهل هي لعنة أم بركة؟ بالحقيقة أنا لا أعلم. الواقع الملموس هو أننا هنا. وُجدنا لكي نبقى. نحن موجودون في الأراضي المقدسة منذ حوالي الـ600 سنة قبل الإسلام ونعلم أن حياتنا ليست سهلة، ولكن؟ إن الصليب هو الصليب وسنحمله، لأن القيامة موجودة: هذه هي حياتنا ورسالتنا وسنحافظ عليها.
 
زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
زينيت : روبير شعيب : يسوع الناصري ووسائل الاتصال الحديثة (1)

زينيت : روبير شعيب : يسوع الناصري ووسائل الاتصال الحديثة (1)

هناك مهمة طارئة تترتب على عاتق المسيحيين رغم أنها قد تبدو غريبة للوهلة الأولى وهي: "أنجلة يسوع"، أي "تقديم وجوده الملموس ورسالته كما نقلها الرسل والجماعات المسيحية الأولى"[1].

فغالبًا ما يمر "يسوعنا" في غربال الأفكار الخاطئة التي تطبع بالعمق نظرتنا نحو الناصري.

في هذه الحالة، يستطيع البحث التاريخي-اللاهوتي الذي يعرف باسم "البحث عن حياة يسوع" (Leben-Jesu-Forschung) – أي البحث عن الدلائل التاريخية التي تعطي فكرة أكثر وضوحًا عن هوية يسوع، مواقفه، تصرفاته… – يستطيع أن يشكل واقعًا أعمق من النظر بِشك إلى مكنونات الأسفار المقدسة. فبحث من هذا النوع يمكن فهمه وعيشه كضرورة حب وإيمان. بفضل الوقفة الصادقة أمام المعطيات التاريخية، من الممكن التقرب أكثر من يسوع في الأناجيل وتطهير صورته المطبوعة في فكرنا ومخيلتنا مما لا يعود البتة إليه.

إن مقاربة من هذا النوع ليسوع التاريخي، ليست مجرد عمل أكاديمي جاف وممل. فهي تستطيع أن تضحي ذات غنى رعوي وروحي كبير. فكثير من الأشخاص يرفضون قبول يسوع في حياتهم لأنه يشكل بالنسبة لهم شخصًا خرافيًا، بعيدًا عن الحقيقة، لا يستطيعون أن يدركوا جاذبيته وعبقريته. لقد أدرك هذا الأمر منذ أكثر من قرن الطوباوي جون هنري نيومان عندما كتب في "مذكراته الفلسفية": "قد يبدو تصوير ربنا في الأناجيل بالنسبة للبعض غير واقعي وغير حقيقي، بعيد عن قدرتهم على تكوين صورة عنه، لأنه يختلف عن كل ما يلتقون به في حياتهم"[2]. هذه الصورة المشوهة تستطيع أن تضحي دافعًا للانغلاق على الإيمان، لأن القلب يجد نفسه معوقًا في انفتاحه على الرب وعلى اللقاء به.

لهذا السبب دعا البابا بندكتس السادس عشر المكرسين في رسالته بمناسبة اليوم العالمي للاتصالات الاجتماعية في عام 2010 إلى "تمهيد السبيل للقاءات متجددة" مع المسيح، ودعا بشكل خاص العاملين في حقل الاتصالات الاجتماعية إلى ضمان "نوعية التواصل الإنساني والانتباه إلى الأشخاص وإلى حاجاتهم الروحية؛ وإلى تقديم العلامات الضرورية للتعرف على الرب إلى الأشخاص الذين يعيشون في هذا العصر التكنولوجي".

إذا ما نظرنا مليًا إلى ما يقوله الأب الأقدس، نجد دعوتين هامتين: الأولى هي دعوة لتهيئة درب اللقاء بالرب، إلى القيام بدور "يوحنا المعمدان" الذي يهيئ سبل الرب؛ الثانية هي دعوة متجددة إلى الكنيسة بشكل عام، وإلى المكرسين بشكل خاص، لكي يكونوا مبشرين "بحق وجود الله" في عصر الانترنت والتطور التكنولوجي.

إن موضوع الرسالة التي استشهدنا بها كان: "الكاهن ورعويات العالم الرقمي: وسائل الاتصال الحديثة في خدمة الكلمة". وقد اندرجت تلك الرسالة التي وجهها الأب الأقدس بشكل خاص إلى الكهنة في إطار السنة الكهنوتية لكي يغنيها ببعد لم يعد خياريًا بل ضرورة. فحضور "رجال الله" في عالم وسائل الاتصال الحديثة بات ضروريًا، بحسب الأب الأقدس، لتهيئة الدرب للرب، "لكي يستطيع أن يسير في دروب المدن ويتوقف على أبواب البيوت والقلوب ويقول من جديد: ’هاءنذا واقف على البابا أقرع، إذا سمع أحد صوتي وفتح البابا، أدخل عنده، آكل معه وهو معي‘ (رؤ 3/ 20)".

نص البابا هذا دفعنا إلى التساؤل: لو تجسد يسوع المسيح في عصرنا، هل كان ليستعمل وسائل الاتصال الحديثة لنشر ملكوت الله؟ – قد يبدو السؤال "ولاديًا"، ولكن إذا قمنا بطرحه من منطلق رعوي ولاهوتي معمق، فسيكون الجواب نافعًا لتوجيه عمل الرعاة الرسولي، وعمل اللاهوتيين التحليلي، إذ سيمكننا من التعمق في فهم "عبقرية يسوع التواصلية". كما وسيمكننا الجواب من التعمق في فهم بعد مظاهر التواصل الذكية التي عاشتها الكنيسة على مدى التاريخ. وسيعطينا أفكارًا ووسائل غنية لتبشير متجدد بالإنجيل.

(يتبع)

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الراعي يزور العراق في 1 تشرين الثاني ويدعو من روما للصلاة من أجل لبنان

الراعي يزور العراق في 1 تشرين الثاني ويدعو من روما للصلاة من أجل لبنان

دعا البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي خلال أدائه صلاة الشكر في كنسية مار مارون في الوكالة البطريركية في روما، الى "صلاة عميقة من أجل لبنان والسلام في الشرق الاوسط". 

واستهل لقاءاته الرسمية اول من أمس، في الدوائر الفاتيكانية مع رئيس مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري، أمين سر حاضرة الفاتيكان المطران دومنيك ممبرتي، رئيس مجمع تبشير الشعوب المطران فرديناندو فيلوني.
من جهة اخرى، يتوجه البطريرك الى العراق في 1 تشرين الثاني لاحياء الذكرى السنوية الاولى لمجزرة سيدة النجاة.
 
المستقبل

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
دور الإعلام والمثقفين العرب في تحويل الثورات إلى فِتَن دينية ومذهبية(1)

دور الإعلام والمثقفين العرب في تحويل الثورات إلى فِتَن دينية ومذهبية(1)

يتعرض المواطن العربي العادي الى شتى أنواع غسل الأدمغة، ويتلقى تبسيطات اختزالية إعلامية للأوضاع المعقدة في الأقطار العربية التي تمرّ بموجة ثورية ضخمة، أصبحت تُلهم بعبقريتها وجرأتها انتفاضات

 شعبية في بلدان عديدة من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب ومن أقصى الغرب الى أقصى الشرق من الكرة الأرضـية. وإذا كانت من ميزة في هذه الحركات الشعبية فهي جمع فئات الشعب العمرية والاجتماعية والمهنية في حركة واحدة، مطالبها الرئيسية هي الكرامة والعدالة والخبز والقضاء على الفساد وتأمين الحريات العامة الأساسية وتداول السلطة. وهذه الشعارات لا غبار عليها وهي محط إجماع، لأنها ليست عقائدية الطابع ولا حزبية ولا دينية ولا مذهبية.
والحقيقة ان الشعوب العربــية قد أنتجت من وراء معاناتها الطويلة في العقود الأخيرة، أسلوبا ثورياَ جـديداَ أدهــش العالــم كما أذهل بطبيعة الحال القـيادات العربية المُحتكرة للسلطة، أكان النظام ملكياً أو جمهورياً، وهي قيادات تُجدد للبقاء في الحكم لنفسها أو لأبنائها تلقائيا. وجاء ردّ الشعوب مدوياً، إذ استفاقت معـظم شرائح المجــتمع بعد ان قام محمد بوعزيزي في الأرياف التونسية بحرق نفسه، بعد ان ضاقت أمامه سُبُل العيش الكريم وتعرضت كرامته للإهانة المتواصلة.
ويا للعجب أمام هذه الأحداث الجليلة والمجيدة التي أصبحت تنتشر في أقطار عربية عديدة، اذ نرى بعد أشهر قليلة تعميم التحليلات المغرضة حول الظواهر القبلية والإقليمية داخل كل قُطر، والدينية عند وجود ديانتين في المجتمع الواحد كالإسلام والمسيحية، أو مذهبية في ما بين الطوائف الإسلامية نفسها، كمفتاح لفَهم ما أصبح يعترض تلك الثورات من مشاكل تشوبها أنواع مختلفة من العنف والانحراف عن سلمية التحركات الشعبية. هكذا يتمّ اختزال أوضاع معقّدة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية، أكثر مما هي دينية أو مذهبية، خاصة في المجتمعات التي تتميز بالتنوع الديني والمذهبي، وكأنها مجرد أحداث نابعة عن جوهرانية انتماءات هويتية ناهيك عن تضخيم العامل القبلي في التحليلات التفسيرية لانفجار ظواهر العنف، وذلك بالرغم من التطورات العميقة الحاصلة في مجتمعاتنا العربية والتي همّشت العصبيات القديمة وجعلت من الانتماء القبلي أو التحدّر من عشائر وعائلات مترامية الأطراف والمتعددة دينياً ومذهبياً في بعض الأحيان، مجرّد انتماء اجتماعي كالانتماء المهني أو الرياضي؛ وليس انتماءً شمولي الطابع ذا عصبية عمياء ومطلقة، كما يصوّره المستشرقون الغربيون ومَنْ يتبع منهجهم التحليلي من الإعلاميين والمثقفين العرب.
ويمكن ان يُوَجَّه الانتقاد نفسه في كثير من الأحيان الى التحليلات المبنية حصراً على إبراز شتى أنواع الانتماءات الأخرى، كما في حال الأمازيغية أو الكردية. وللعرب إجمــالا انتماءات هويتية مختلفة، لكن الإصرار على وصف أي إنسان في المشرق أو في المغرب العربي بهوية أحادية الجانب ومطلــقة، وكذلك تضخيم الفروقات والتناقضـات في ما بين الانتماءات المختلفة على حساب كل العناصر المشتركة للمجموعات البشرية القاطنة في العالم العربي، في الأدبيات الأكاديمية كما في جميع وسائل الإعلام، يخلق حتما جواً من الفتنة والتوتر والكره بين أبناء المجتمع الواحد. ومع تكاثر التحليلات المركزة على عنصر تفسيري واحد، ديني أو مذهبي أو لغوي أو قبلي /عشائري/ عائلي، لما يحدث في بعض الساحات العربية من ظواهر عنف متواصلة، يُرسّخ عند الناس أكثر فأكثر جو الفتنة والعنف الذي توّلده كثافة مثل هذه التحليلات، خاصة من خلال وسائل الإعلام البصرية.
وهكذا أصبحت ـ كما يروّجون ـ قضية الثورة في البحرين قضية شيعة يناهضون سُنة، في اليمن زُج بالقاعدة وأخواتها، وبالقبلية والاختلافات بين الشمال والجنوب، وقبل ذلك قضية الحوثيين كفرقة دينية افترض انها تحت النفوذ الإيراني المعادي للعرب السّنة؛ وفي ليبيا يُحلل الصراع كصراع مزمن للقبلية وللإقليمية بين غربها وشرقها، وفي السعودية تُفسّر الاحتجاجات الشعبية في شرق البلاد على انها قضية أقلية شيعية؛ وفي سوريا قضية أقلية علوية مقابل أغلبية سنية مغلوبة على أمرها وأقلية مسيحية خائفة. وهذه التحاليل الاختزالية المبسطة حول أوضاع معقدة تحول دون النظر الى القضايا والمشاكل الوضعية الحقيقية وتحجب رؤية وتحديد القوى المختلفة المعادية للتغيير، محلياَ وخارجياً، العاملة لتخريب مسار الثورات العربية وسلاحها الوحيد والفتّاك هو إثارة النعرات القبلية والطائفية.
ولنتذكر هنا الأوضاع اللبنانية في بداية السبعينيات والغليان الثوري الذي كان موجودا حينذاك في لبنان، متمحورا حول الوجود الفلسطيني المسلح والتوق الى تحرير الأراضي المحتلة من الكيان الصهيوني، وكيف نجحت الى حدّ بعيد القوى المعادية للتغيير في المنطقة العربية كما في الدول الغربية في جعل قضية الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان ومخاطره ومشاكله ـ وهي قضية وضعية واقعية لا علاقة لها بالأديان والمذاهب ـ مجرد قضية طائفية حادة بين مسلمين ومسيحيين؛ وذلك بالإضافة الى الحقيقة الميدانية حيث كان العديد من المسيحيين في المعسكر «الوطني» المؤيد للكفاح المسلح الفلسطيني والآمل بتفجير ثورة عربية شاملة تساعد على تحرير فلسطين من جهة؛ ووجود العديد من المسلمين المتبرمين من عواقب العمل الفلسطيني المسلح في الأراضي اللبنانية بسبب سياسة الانتقام العسكري الإجرامي التي كان يمارسها الجيش الإسرائيلي ضدّ اللبنانيين والفلسطينيين على السواء، أو الرافضين للأفكار القومية والاشتراكية والمدّ الثوري المعادي للاستعمار الغربي، من جهة أخرى.
واليوم، ألا يقوم العديد من الإعلاميين والمثقفين العرب، بتبسيط الوضع السوري المعقّد على انه صراع بين أقلية علوية وأغلبية سنية، بينما سَبَب الانتفاضة الرئيسي هو الوضع المعيشي المتدهور لدى فئات واسعة من الشــعب السوري بعد سنين من الجفاف المتواصل في الأرياف، وكذلك تحمّل الاقتــصاد السـوري عبء أكثر من مليون لاجئ عراقي، بالإضـافة الى سياسة انفتاح اقتصادي غير مدروس استفاد منه القلّة على حساب الفئات المحدودة الدخل. كل هذه العوامل تفسر الى حدّ بعيد الحراك الشعبي الذي يتمركز في المناطق الريفية الطابع بشكل رئيسي، كما يتمركز في مدينتي حمص وحماة حيث تمّ منذ 30 سنة انتقام مروع لانتفاضات أخذت طابعا دينيا سلفيا. وينسى العديد من المحللين ان النظام السياسي السوري كان قائما على تحالفات اقتصادية متينة مع فئات واسعة من البرجوازية من كل الطوائف، وبالإضافة أيضا الى قمعه الرهيب لمعارضة العديد من الديموقراطيين المنتمين الى المذهب العلوي وزجهم بالسجون سنين طويلة.
وكما كان قد انحرف التــحليل لأزمات لبنان في الماضي وفي سوريا اليوم، تحوّل أيـضا تحليل الوضع العراقي قبل الغزو الأميركي بأشهر معدودة الى مجرد قضية عرقية بين العرب والأكراد من جهة، وقضية مذهبية بين أقلية سنية تضطهد أغلبــية شيــعية من جهة أخرى. وكأن لم يدخُل حزب البعث ويناضل فيه العديد من المواطنين والشخصيات الشيعية الذين احتلوا أيـضا مراكز مرمــوقة في الدولة والسلك الخـارجي وحــزب البعث. أما نظام صدام حسين فلم يفرّق في قتل المعارضين له أكانوا سنة أم شيعة؛ بل في مثل هذه الحالات تقوم الفئة الحاكمة في أغلب الأحيان بضرب، بالأولوية، أية معارضة تخرج مما يفترض انها قاعدتها المذهبية أو العرقية أو القبلية.
وألا يعيب على الإعلاميـين والمثـقفين الـعرب ان يروا أيادي الجمهورية الإيرانية الإسلامية في كل تحرك شعبي يسود فيه عدد كبير من مواطنين من فئة مذهبية غير سنية، أي بالتحديد «العنصر الشيعي»، وكأن فئة من المواطنين العرب لا يمكن ان تتمتع بمـشاعر ذاتية وبأسباب وضعية وحقيقية للتذمر والتظاهر خارج أوامر يتلقونها من الخارج. ولنتذكر أيضاً في هذا الخصــوص مجدداً الحالة اللبنانية المأساوية ما بين 1975 و1990: أَلَم يحلل العديد من المثقفين والإعلاميين العرب أن الصراع هو مجرد اقتتال ديني بين المسيحيين والمسلمين؟ وذلك الى درجة ان البعض لم يَرَ في المسيحيين اللبنانيين إلا «طابوراً خامساً» يعمل لمصلحة الدول الغربية «المسيحية» ولإسرائيل، بالرغم من النضال العروبي والتحرري والمعادي للاستعمار والصهيونية الذي قام به العرب المسيحيون منذ القرن التاسع عشر؛ وكأن المسيحيين بقايا حملات الإفرنج الصليبية وليسوا السكان الأصليين في المشرق العربي. ان مثل هذه القراءة التبسيطية للأحداث آنذاك قد ألهت العرب عن الدفاع الصحيح عن القضية الفلسطينية، متحدين غير متفرقين.
ولا بدّ هنا من التذكير بالخطأ الإعلامي الجسيم الذي ارتكبته منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات وحلفائه في الحركة الوطنية اللبنانية بالتهـجّم على النظام السوري وتدخله العسكري في لبنان في ربيع 1976 على أساس انه «نظام علوي عـميل»، بدلا من نقد أخطاء هذا النـظام بموضوعية بغض النظر عن الهوية المذهبــية لرئيس الدولة التي لا تفسّر تصرفه، وهو تصرف أملته اللعبة الإقليمية المعقدة والتدخلات العــديدة في شؤون لبنان من قبل الكيان الصهيوني وأنظمة عربية أخرى. وفي الظروف الإقليمية واللبنانية حينذاك، لكانت سوريا تدخــلت حتما في لبنان، ولو كان رئيسها من السنّة حفاظا على الموقع الإقليمي لسوريا ومنعا لاستغلال الساحة اللبنانية لزعزعة الاستقرار في سوريا.
وبمثل هذا المنطق وبشكل لا واع أصبح العديد من المحللين والإعلاميين العرب يعتمدون المنطق الصهيوني الهادف الى تفتيت الأقطار العربية التي تتميز بالتعددية الدينية والمذهبية الى كيانات مبنية على هويات فرعية لا علاقة لها فعلياً بالأمور الدنيوية الموضوعية المعقدة التي نتخبط فيها، مما يُضفي شرعية لوجود الكيان الصهيوني ألإقصائي المبني حصراً على الهوية الدينية.
وفي الحقيقة يبدو لي، بعض الأحيان، اننا نحوّل بأيدينا الثورات الشعبية الجديدة التي اندلعت منذ بداية السنة الى فتن بين أبناء الشعب الواحد، وذلك بتأثّرنا بالتقاليد الاستشراقية التي لم تنظر الى المنطــقة العربية إلا عبر قبائلها وأديانها ومذاهبها ومجموعاتها العرقية أو اللغوية. وتكمن الخطورة اليوم في تعميم النظرة الاستشراقية التي كانت محصورة بالدوائر الأكاديمية الغربية وقد أصبحت متأصلة لدى العديد من المثقفين والإعلاميين العرب، سواء من خلال دراستهم في الجامعات الغربية أو التحاقهم بالتيارات المعادية للثورات التغييرية التي نحتاج إليها لكسر جمودنا العلمي والتكنولوجي والحضاري والفكري.
ألم يتبادر الى ذهن أحد في هذا المضمار ان التمجيد للنموذج الإسلامـي التركـي والدعوة الى اعتماده في المجتمـعات العربيـة ليـس قابلاً للتطبيق في ظل أنظمة تأصلت فيها المرجعية الدينية لتبرير الحدّ من الحريات وعلى رأسها حرية الاجتهاد في النصوص والعادات الدينية وهي أُم الحريات؛ مع الإشارة الى ان تجربة حزب العدالة والتنـمية التركي لم تـكن لتنجـح لولا الفصـل التـام الذي قـام به مصطفى كمال في تركيا بين الدين والدولة على أثـر القـضاء على نظام الخلافـة، ممـا سمح لتركيا بأن تتجدد وتنهض على أنقاض السلطنة العثمانية. أما المجتمـعات العربية وقد أصبحت تتكل أكثر وأكثر على المرجعية الدينية لإدارة أنظمة الحكم، خاصةً بعد فشل التجربة الناصـرية التحديثـية، وتقـوقع الهوية العربية على هوية إسلامية الطابع بتـلاوين متعـددة ومتشـددة ومتناقضـة مما قيّد حركية المجتمع ومـما أدى أيـضاً الى توترات وتعميم جوّ من المزايدات والغـلوّ الديني.
 
جورج قرم / السفير

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الملتقى الإعلامي العربي يرصد الأكثر تأثيراً في الإعلام العربي [1]

الملتقى الإعلامي العربي يرصد الأكثر تأثيراً في الإعلام العربي [1]

انطلاقاً من اهتمام هيئة الملتقى الإعلامي العربي بواقع الإعلام العربي وكل ما يتعلق به من متغيرات ومستحدثات، واهتمامها برصد الآراء الإعلامية ومواكبتها، أقامت هيئة الملتقى الإعلامي العربي استبياناً

 حول اختيار الأفضل إعلامياً على مستوى العالم العربي.
حددت هيئة الملتقى الإعلامي العربي الجمهور الذي أجاب عن الاستبيان، 500 شخص من الإعلاميين والصحافيين وأصحاب الفِكر في مختلف الدول العربية وأبدى كل منهم اختياراته. وقام الملتقى الإعلامي العربي باختيار أكثر الخيارات التي اتفق عليها الجمهور العربي.
 وخلص الاستبيان إلى أربع تصنيفات هي: "الاستثمار في مجال الإعلام، الكتّاب العرب، المذيعون العرب، المؤسسات الإعلامية "، وقد اندرج أسفل كل تصنيف أكثر الاختيارات التي اختاره2ا الإعلاميون.
 وبعدما حصد الاستبيان ترشيحات الجمهور واختياراته، رصد الملتقى الإعلامي العربي السيرة الذاتية الخاصة بالشخصيات والمؤسسات الإعلامية التي رآها الجمهور الأكثر تأثيراً إعلامياً كالآتي:
– الاستثمار في مجال الإعلام…
الأمير الوليد بن طلال: رجل أعمال سعودي يعد من أكبر المستثمرين في العالم، وصنفته مجلة "فوربس" الأمريكية عام 2009 بِوضعه في الترتيب 22 من أغنياء العالم بثروة تُقدَّر بـ 13,3 مليار دولار، وفي عام 2010 ارتفع ترتيبه إلى 19 من أغنى أغنياء العالم بثروة تُقدَّر بـ 19,4 مليار دولار.
ينشَط الأمير السعودي في قِطاعات استثماريَّة مُتبايِنة تَتَقدَّمها الفنادِق العالميَّة في مُختلَف الدول العربية وفي باريس وبوسطن ونيويورك، وهو ناشِط في قِطاع الإعلام، إذ يمتلك "شركة روتانا للإنتاج الفنِّي"، وفي قناة "LBC"، "الرسالة"، وقام بشراء حِصَص في شَرِكتَي "نيوز كورب" و"ميديا سيت" العالميتين "سي إن إن" و"فوكس" ويستعد لإطلاق قناة إخبارية باللغة العربية.
وليد الإبرهيم: "أبو الفضائيَّات العربيَّة"… مِن صُناع الإعلام العربي الحديث ومؤسس أوَّل قناة فضائيَّة عربيَّة، وهو مالِك قنوات "تلفزيون الشرق الأوسط" (MBC) وقناة "العربيَّة" الإخباريَّة.
استطاع خلال 15 عاماً من إنشاء مؤسسة "MBC" أن يُحوِّلها من قناة واحدة إلى شَبَكَة قنوات تَخدِم العالم العربي كلِّه دون تشفير، وابتَكَرَت "MBC" وأطلقت برامج إخباريَّة مُستقِلَّة وموضوعيَّة بما مثل سابِقَة غير مَشهودَة في العالم العربي وبِداية حقبة تزخَر بالنجاحات والإبداعات، وقدَّمَت مواد إعلاميَّة مُتميِّزة انفرَدَت بها قنواتها وجعلتها صاحِبَة السَّبق في كثير من الأحيان على قنوات لها تاريخ طويل تحت شعار "نحن نرى الأمل في كل مكان".
نجيب ساويرس: أحَد أكبر رِجال الأعمال المصريِّين، وهو رئيس "أوراسكوم للاتصالات" و"أوراسكوم للتكنولوجيا".
أطلق قناة "OTV" في2007، وقناة "ON TV" في 2008 ، مُساهِم في جريدَة المصري اليوم، ويمتلِك قناة تلفزيونيَّة أرضيَّة أُخرى في العِراق باسم "نهرين".
 وقدرت مجلَّة "فوربس" عام 2010 ثروَتُه بـ 2,5 مِليار دولار، وترتيبه رقم 374 في قائِمَة أغنى أغنِياء العالَم اذ يحتل المرتبة الرَّابِعة في مصر.

الكتّاب العرب…
غسان تويني: سياسي وصحافي لبناني، الرئيس الفخري لجريدة "النهار" ورأس تحريرها في الفترة ما بين الفترة 1948 – 1999.
عام 1967 عين سفيرًا للبنان لدى الولايات المتحدة، وفي عام1970 عين نائبًا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرًا للاعلام ووزيرًا للتربية الوطنية والفنون الجميلة.
عام 1975 عين وزيرًا للسياحة ووزيرًا للصناعة والنفط ووزيرًا للعمل والشؤون الاجتماعية، ووزيرًا للإعلام عام 1976.
– وتم تعيينه سفيرًا للبنان لدى الأمم المتحدة عام 1977، حتى 1982.
سلامة أحمد سلامة: صحافي وكاتب مصري، وصاحب آراء ليبرالية جريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية، حَظِي بتقدير واحترام الصحافة داخل مصر وخارجها لاستقلاليَّته وصدقيَّتِه ورؤيته الموضوعية.
وهو رئيس مجلس تحرير جريدة "الشروق" اليوميَّة، ويكتب فيها العمود اليومي "من قريب"، وكان أوَّل رئيس تحرير لمجلة "وجهات نظر" الفكريَّة المرموقة منذ إنشائها في (1999 – 2008)، وكان نائباً لرئيس تحرير "الأهرام" (1987 – 2009 ).
أحمد رجب: يُعد أحد أهم الكُتَّاب والصحفيِّين المصريِّين، كاتب مصري ساخر في صحيفة "أخبار اليوم"، وله مقالة أسبوعيَّة على صفحات جريدة "الشروق".
لَهُ مقالة ثابتة يوميَّاً في جريدة "الأخبار" المصريَّة بِعِنوان "نِصف كِلمَة"، وشارك مع رسام الكاريكاتير مُصطفى حسين في كاريكاتير "الأخبار" و"أخبار اليوم" يومياً من أفكاره، فكان رجب صاحب الأفكار و"مُصطفى حسين" صاحب الرِّيشة، إلى أن افترقا، وألَّف شخصيَّات كاريكاتيرية منها "فلاح كفر الهنادوة" و"مُطرِب الأخبار" و"عبدُه مُشتاق" و"كمبورة" وغيرها.
سمير عطا الله: كاتب لبناني، يكتب في جريدة "النهار" وجريدة "الشَّرق الأوسَط"، عُرِف بأنَّه يمزج السياسة بالأدب والثقافة بالحدث.
يكتب زاوية يومية في جريدة "الشرق الأوسط" منذ عام 1987، ومقــالاً في صفحـة "الرأي" كل خميس، وله 10 مؤلَّفات في التاريخ والرواية والسفر.
عَمِل لـ"النهار" مُراسِلاً في أوروبا والأمَم المُتَّحِدَة، وعَمِلَ في الكــويت مُديراً لتحريــر جريدة "الأنباء"، وترأَّس تحريــر جريدة "الصياد" في لندن و"الأسبوع العـربي" في بيروت.
جهاد الخازن: صحافي وكاتب فلسطيني يحمل الجنسية اللبنانية، من مناصِبه: رئيس نوبة وكالة رويترز في بيروت، رئيس التحرير السابق لجريدة "الديلي ستار" في بيروت، و"عرب نيوز" في جدة"، و"الشرق الأوسط" و"الحياة" في لندن، ورئيس التحرير السابق للشراكة بين "الحياة" وتلفزيون "إل بي سي"، عضو مجلس إدارة "مؤسسة الفكر العربي"، عضو مجلس مستشاري "مركز الدراسات العربية المعاصرة" جامعة جورجتاون، عضو مجلس إدارة "مجلس تحسين التفاهم العربي البريطاني" (كابو)، عضو مجلس مستشاري البنك الدولي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا لسنوات عدة.
فؤاد الهاشم: من أشهر الكُتَّاب في الكويت والوطَن العربي، وهو كاتب عمود "علامة تعجب"! في جريدة "الوطن" الكويتية.
بدأ الكتابة الصَّحافيَّة في عام 1981 في مجلة "آفاق" الجامعيَّة، وتتميَّز كتاباته بأسلوب النقد الساخر، ويُعتبَر من المُناصرين للمرأة والمُطالبين بحقوقها النقد الساخر.
المسؤول عن صفحة شِبه أسبوعيَّة في جريدة "الوطن" التي تهتَم بِمُساعَدة المحتاجين اذ يقوم بإيصال طلباتهم إلى المعنيِّين والجهات المسؤولة.
محمد حسنين هيكل: أحد أبرز الصحافيين العرب والمصريين في القرن العشرين، قد يكون من الصحفيين العرب القلائل الذين شهدوا وشاركوا في صوغ السياسة العربية، خصوصاً في دولة تعتبر قلب العالم العربي مثل مصر.
عاصر عهد الملكية المصرية ثم عهد جمال عبد الناصر وأصبح أحد أقرب الصحافيين اليه، وعهد أنور السادات، وأخيراً أصبح مراقباً عاماً ومنظراً أساسياً لنهج الحكومات العربية المتعددة التي ربطته برؤسائها وزعمائها صداقات وعلاقات عمل.
رشيد نيني: صحافي مغربي، بدأ حياته عاملاً ومهاجراً سرياً في أسبانيا، ليعود بعد ذلك الى بلده الأصلي المغرب حيث عمل في القناة الثانية ببرنامج "نوستالجيا"، بجانب عمله كصحافي في جريدة "الصباح".
 عام 2006 ترأس تحرير جريدة "المساء" التي تعد الأكثر شهرة ومبيعاً في المغرب، بعدما لم تقبل جريدة "الصباح" مقالاته الجريئة، يكتب مقالة يومية في صحيفته بعنوان "شوف تشوف" (انظر ما ترى).

 
النهار

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الوجود المسيحي في المشرق العربي : من الريادة والشراكة إلى الاضمحلال (1)

الوجود المسيحي في المشرق العربي : من الريادة والشراكة إلى الاضمحلال (1)

خاص ليبانون فايلز: تتناول هذه الورقة، التي ينشرها الموقع على سبعة أجزاء، أوضاع المسيحيين
في بلدان المشرق العربي، وتحاول الإجابة على أسئلة عدة أهمها: هل يتمتع المسيحيون بكامل الحقوق

  كمواطنين أسوة بالمسلمين، أم هم خارج المنظومة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للدولة؟ هل يتعرضون بالفعل لاضطهاد الدولة والمجتمع؟ لماذا يكون المسيحيون المحليون ضحايا ردات فعل إسلامية متعصبة لا تميز بينهم وبين الغرب وسياساته؟ هل يوجد تعصب في أوساط المسيحيين؟ وأخيراً، هل هناك أمل في أن تؤدي الانتفاضات في العالم العربي على الأنظمة القمعية إلى إعادة دمج المجتمعات العربية على أساس مدني – وطني بعيداً عن الطائفية السياسية والمجتمعية الهدامة؟

إشكاليات التعايش الصعب

عرف العرب في المشرق العربي "الآخر" في صورة أجناس وعقائد وثقافات مختلفة. فكان هناك "الآخر" اليهودي، والمسيحي المحلي، والصليبي، والبيزنطي، والفارسي، والمغولي الخ… ومن بين كل هؤلاء، كان المسلمون أكثر التصاقاً بالآخر المسيحي المحلي، نظراً إلى أن المنطقة التي افتتحوها في مصر وبلاد الشام والعراق كانت في الأصل نصرانية. إلى ذلك، احتاجت الدولة الإسلامية إلى خبرات النخب المسيحية في الإدارات وفي عملية النهوض بالحضارة الإسلامية والنهضة العلمية.

ومن الثابت، أن المسيحيين كانوا قبل الإسلام واستمروا معه جزءاً أساسياً من نسيج مجتمعاتهم العربية، لهم إسهاماتهم الجليلة في إنتاج الحضارة العربية الإسلامية، حتى أنهم اعتُبروا بوابة الإسلام ووسائطه على الغرب وحضارته. وعندما كان الحديث يتناول في الماضي، وفي الماضي القريب، أوضاعهم في المشرق العربي، كان يتركز حول دورهم المحوري في صناعة الشخصية المشرقية-العربية وإسهاماتهم في النهضة العربية، سواء من حيث الثقافة والتربية، أو من حيث الاقتصاد والاجتماع، أو من حيث التزامهم بقضايا أمتهم.

أما اليوم، وفي ظل الأوضاع التي تعيشها مجتمعاتنا الإسلامية والعربية وتخلفها، بوجود أنظمة قمعية ما عرفت يوماً مذاق الديمقراطية، تطاول المسلمين والمسيحيين على حد سواء. وفي ظل انكسار الأنظمة العربية وتقهقرها تاريخياً أمام إسرائيل والغرب، وغياب أفق لمشروع نهضوي عربي، وفي المقابل نمو الأصوليات الإسلامية المطالبة بالعودة إلى الحكم الإسلامي، مع ما يستلزمه من انقسام مجتمعي على أساس سيادة الدين الإسلامي وتهميش "الآخر"، يتركز الحديث على معاناة المسيحيين التي تسبب لهم الإحباط وهجرتهم المتنامية، وتؤثر نتائجها السلبية في شخصية العالم الإسلامي وفي مستقبله ومصيره وسمعته. وهذا يحدث في ضوء إشكاليتين:

الأولى: تزايد هجرة المسيحيين نحو الغرب مع ما يُسمى بالإرهاب "الإسلامي" ضد المجتمعات الغربية، ما يؤدي في الغرب إلى الخلط بين الإسلام المعتدل والمتسامح وبين الإسلام "الإرهابي"، وبالتالي تُطرح هناك مقولة عدم إمكان التعايش مع الإسلام الذي يسبب أيضاً فرار المسيحيين من البلدان ذات الأكثرية الإسلامية، فيجري استغلال هجرة المسيحيين إلى الغرب و"الإرهاب الإسلامي" لترويج الحقد على الإسلام والمسلمين وتحقيق أهداف سياسية واقتصادية.

الثانية: إن استهداف الإسلام واستفزاز المسلمين من قبل دول غربية مسيحية وأفراد، وآخرها الصور الكاريكاتورية للنبي محمد، ومنع ارتداء البرقع في الأماكن العامة في فرنسا، ومنع سويسرا بناء المآذن بعد استفتاء عليه، وحرق المصحف الشريف في الولايات المتحدة الأميركية  الخ…، يعزز ربط بعض المسلمين بين "المسيحي" (= الغرب العلماني) في الخارج الذي يهاجم "دار الإسلام" لأهداف سياسية واقتصادية بذرائع مكافحة الإرهاب ونشر الديمقراطية، وبين المسيحي المحلي الذي يعيش في ظل أنظمة إسلامية وعربية. فيجري تهميش المسيحي على يد السلطات الحاكمة، وفي مجتمعه العربي الإسلامي، وصولاً إلى المطالبة باستئصاله. ويستمر هذا منذ فجر الإسلام وعلى أيدي الدول الإسلامية (أموية، وعباسية، ومملوكية، وعثمانية) مروراً بالحملات الصليبية وهجوم دول الاستعمار على البلدان العربية والإسلامية، حتى احتلال أفغانستان والعراق، ولا ننسى أن عدم حلّ المشكلة الفلسطينية بشكل عادل، وانحياز أميركا السافر إلى إسرائيل، ومنع قيام دولة فلسطينية معرفاً بها من قبل الأمم المتحدة، يتسبب بتنامي الأصولية المسلحة، أو بإطلاق الصواريخ عشوائياً من غزة الأصولية على إسرائيل، والتي هي أيضاً "صواريخ" على الغرب "المسيحي" (بنظر الأصوليين)، الذي يدعم الكيان الصهيوني. كما يؤدي الحقد على الغرب الظالم، من وقت إلى آخر، إلى اغتيال مسيحيين أجانب مؤيدين للقضية الفلسطينية، كما حدث في حالة ناشط السلام والصحافي الإيطالي فيتوريو أريغوني (Vittorio Arrigoni) في غزة في 14 نيسان 2011. 

 

وفي ضوء المواقف منهم، يجد المسيحيون في المشرق العربي أنفسهم في مواجهة ثلاث مسائل:

 

1 – عدم دمجهم سياسياً في دولهم أو الحفاظ عليهم كمعطى وطني.

2- عدم دمجهم اجتماعياً في كثير من مجتمعاتهم الإسلامية، أو عدم قبولهم مثل هذا الاندماج

     للحفاظ على ثقافتهم وشخصيتهم.

3- الصراع بين الإسلام الأصولي "الإرهابي" وبين الغرب، وانعكاساته وتداعياته عليهم.

أقرأ غداً:

حاضر متشبث بالماضي، وماضٍ يقتحم الحاضر

بقلم عبد الرؤوف سنّو – أستاذ في الجامعة اللبنانية

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
لبنان : الجمهورية : الموارنة وبطريركيتهم (1)

لبنان : الجمهورية : الموارنة وبطريركيتهم (1)

تطلّ "قضايا الجمهورية" على قرّائها، عبر مقالات وقراءات كانت محور تفكير ودراسة من قبل مجموعة من المهتمين، تتناول دور الموارنة في الشرق واهمية موقع بطريركيتهم وانعكاس هذا الموقع

على الداخل اللبناني وعلى المشرق في نفس الوقت. ونتيجة اهتمام اللبنانيين والعالم بهذا الدور المتجه الى ازدياد على ما يبدو، تشارك "قضايا الجمهورية" قراءها بعضاً من هموم.. هذه الجمهورية. والدراسة الاولى للباحث طانيوس شهوان حول البطريرك والبطريركية ودوره ودور الموارنة
.

 
1 – البطريرك الماروني في وجدان الموارنة واللبنانيين.

كرّس المجمع البطريركي الماروني نصين أساسيين في شأن البطريركية المارونية والبطريرك. ففي الملف الثاني الذي عنوانه «التجدد الراعوي والروحي في الكنيسة المارونية في الهيكليات وفي الاشخاص» عرض النص الخامس لموضوع «البطريركية والابرشية والرعية»، فيما عرض النص السادس لموضوع «البطريرك والاساقفة».

اعتبر النص الخامس أنّ الكنيسة المارونية «حافظت على وجودها بفضل تعلّقها ببطريركها كرئيسٍ وأبٍ لها وبالمركزيّة التي يشكّلها فيما يمارس دوره… فسلطان البطريرك سلطانٌ أسقفيٌّ عاديّ ومألوف ومكانيّ على كلّ كنيسته داخل النطاق البطريركيّ وشخصيّ على أبنائها أينما وجدوا». ويضيف هذا النص أنّ الكنيسة البطريركيّة المارونيّة امتازت بالمجمعيّة، التي أسهمت في المحافظة عليها كنيسةً واحدة لا شقاق فيها.

أما النص السادس من أعمال المجمع البطريركي الماروني فعرض لمقاييس اختيار البطريرك وصفاته، وارتكز في ذلك على «المقاطع الكتابيّة التي تبيّن الصفات التي يجب أن يتحلّ بها المختار (للبطريركيّة): مناشدة بطرس للرعاة حتّى يسهروا على القطيع وفق مشيئة الله بكل نشاط، ووصايا بولس لتيموتاوس يحثّه فيها على الأمان والقداسة وعدم المحاباة. وتتجلّى هذه الصفات بنوع خاص في صلاة السدر التي تستدعي الروح القدس على المنتخب الذي "يقبل موهبة الحبريّة العظمى، ليكون مدبّرًا صالحًا وقيّمًا حريصًا وراعيًا صالحًا". ويصلّي المحتفل، رئيس المجمع، إلى الرب حتى "يزيّن المنتخب بالقداسة والطهارة، ونقاوة الروح والسّيرة الصالحة والتواضع…».

ووعي المورانة لدعوة بطريركهم عبر مسارهم التاريخي الذي يتسم بالاضطراب في علاقته مع المحيط وفي التناقض معه. فترسّخت في وجدان الموارنة دعوة البطريرك ورسالته في وسط شعبه، واتصل دوره «بالجسداني والروحاني» على السواء. وفي هذا السياق، ما انفك المطران انطوان حميد موراني يكرر في كتاباته أن البطريرك الماروني هو ذلك «المبارك الآتي باسم الرب» ، وهو بحسب العلامة البطريرك مار اسطفان الدويهي، ذلك الذي دعاه الله «ليتقدم على شعبه وليتكلّم عليه ». والكلمة التي أعطي للبطريرك أن يفوه بها هي كلمة الله المتجسدة، أي أن كلام بطريرك الموارنة في شعبه هو أولاً إعلان للبشرى الجديدة والمفرحة بالمسيح في وسطه، البشرى بإلله الذي يعيش في «خفاء» بين وهاد الأرض وقممها في البقعة الممتدة من القورشية إلى أقاصي الأرض.

ولعلّ أبرز المفارقات التي تبدو جليّة في تاريخ الموارنة ذات الجذور الإنطاكية السريانية تكمن في ارتباط تاريخهم بتاريخ لبنان، أصغيرًا كان أم كبيراً، أضاقت مساحته أم اتسعت، أنعم برغيد العيش أم عانى من ظلف الحياة وقساوتها. في الواقع، لا يتنكر اللبنانيون، وإن اختصموا في الرأي بين من يؤيد توجّه البطريرك الوطني أو من يعترض عليه، لمرجعية بكركي الوطنية، مرجعية عليا يلجأون إليها في اوقات الشدائد. فاللبنانيون دون استثناء، يدركون بطريقة واعية موقع البطريرك الماروني، على اعتبار أنهم يدركون أنه متى اشتدت الظروف على بعضهم أو متى أصبح بعضهم الآخر معزولاً إلا من إرادة الحياة، تنكّب بطريرك الموارنة مسؤولية الدفاع عنهم، ووجد فيه اولئك في لحظات العثار تلك نصيرًا ومحامياً. ألم يطالب البطريرك بولس مسعد من السلطان العثماني أبّان زيارته للأستانة إعفاء المسلمين اللبنانيين من الخدمة الاجبارية أسوة بإخوانهم المسيحيين؟ فالبطريرك الماروني يحتل في الوجدان التاريخي الماروني واللبناني على السواء موقعًا قلّ نظيره، وهو يمثل المرجع القيمي الذي ثبّت استقلال لبنان وديمومته على مدى عشرات العقود.

2 – البطريركية المارونية المؤسسة المارونية الوحيدة الثابتة في الوجدان الماروني

اختلف الموارنة منذ أن كانوا مع غيرهم من المسيحيين الذين تجاوروا معهم في المجال الإنطاكي وعلى مدى الشرق كله. اختلف الموارنة مع غيرهم إما في العقيدة وإما في مقاربة مفاهيم الحرية وإما في التصديّ لإشكاليات العلاقة مع من هم من غير دينهم، وما استطيبوا إلاّ قربى كنيسة غربية تفصلها عنهم مسافات في المكان والزمان والثقافة. لقد دفع الموارنة جراء نزعتيهما الاختلافية والاستقلالية هاتين الأثمان الباهظة، فما عرفوا في تاريخهم استقرارًا مستديمًا، ولا اطمأنوا في عيشهم إلى من ناصبهم العداء في العقيدة أو في الإيمان أو في السياسة، وما تمسكوا بحلاوة العيش في سهول خصيبة، بل توسلوا العيش في جبال وعرة ليحفظوا وديعة الإيمان والحرية كما قالوا، وكما لا يزالون يقولون. ويعيب عليهم من عايشهم من المسلمين والمسيحيين على السواء أنهم ما عرفوا الاستكانة لرأي واحد على مدى تاريخهم الطويل، فما تماثلوا مع هؤلاء في السلوك القبلي، بل تجاذبتهم الآراء وكثرت فيما بينهم حالات الشقاق والتناقض، وطُبع تاريخهم باختصامهم في كل شيء إلا في الإيمان والرجاء والحرية. فأرسوا بذلك مفهوم التنوع في الوحدة والوحدة في التنوع، وهو ما أصبح اليوم مبدًا إنسانيًا تبنته الشعوب والأمم. ولعلّ البطريركية المارونية، التي احتلت في هذه الكنيسة ذات التاريخ المأزوم على الدوام موقع القطب الجاذب، هي إحدى ثوابت «الوجدان التاريخي الماروني». وتعبّر مقدمة النص الخامس من أعمال المجمع البطريركي الماروني عن ذلك بأمانة فائقة فتقول: «اختبرت الكنيسة المارونية، منذ نشأتها، نظامًا بطريركيًا قائمًا على الشراكة المعاشة في الكنيسة المحلية. وقد ساد فيها، حتى نهاية القرن السابع عشر، مفهوم البطريركية بشكل شبه حصري لأنّ الابرشيات بمفهومها القانوني لم تكن قائمة». فإذا كان الإيمان والرجاء والحرية في سياق الشهادة هي الثوابت القيمية في مسار الموارنة الطويل، فالبطريركية المارونية هي الثابتة المؤسساتية الرئيسية في تاريخ هذا الشعب المؤمن بالاختلاف حتى المعاندة.

3 – البطريركية المارونية المؤسسة الشاهدة على ذاكرة العالم الاسلامي منذ نشؤ الاسلام والحاضرة في الوجدان العربي

يعتبر الخوري يواكيم مبارك في خماسيته الإنطاكية أن الكنيسة المارونية هي أكثر المؤسسات عراقةً في هذا الشرق في مجال شهادتها على ذاكرة المسلمين والعرب في آن. في الواقع، انطلقت المارونية في القرن الخامس الميلادي، وكانت في ذلك الوقت جماعة رهبانية ذات موهبة خاصة وحركة ذات روحانية نسكية في دوحة الكنيسة الانطاكية. واتخذت المارونية شكلها المؤسساتي في القرن السابع حين تحوّلت الى كنيسة مستقلة ، وجاء ذلك نتيجة قرار تأسيسي، نبوي وجريء، أدى الى نشوء البطريركية المارونية واستقلالها. وتزامن النشوء والاستقلال مع ظهور الاسلام وفتحه لبلاد الشام، فرافقت بذلك نشوءه في بلاد العرب والشرق وانتشاره فيهما.

نتيجة لشهادتها على عصور الإسلام منذ نشوئه، تتحمل الكنيسة المارونية مسؤولية تاريخية خطيرة إزاء معلّمها الإلهي وأبناء المشرق، يهودًا ومسلمين ومسيحيين، وشعوب الغرب والشرق على السواء. وبالتالي، فخطورة موقع بطريركها نابعة من تلك المسؤولية الروحية والإنسانية المتصلة بكنيسة الفلاحين تلك، والتي اختزنت، في مسارها وشهادتها على صليب التفاعل مع محيطها، خبرة إنسانية وروحية خاصة قد لا تماثلها بها كنيسة أخرى. وتحملت الكنيسة المارونية في دنيا العرب مسؤوليات جسام لعل ابرزها الاسهام في النهضة العربية منذ القرن الثامن. ولعبت هذه الكنيسة أدوارًا ريادة في العالم العربي وتجندت لقضاياه المحقة وانتصرت لها. ألم تطلب رجالات سوريا الوطنية في ثلاثينات القرن الماضي من البطريرك انطون عريضة التوسط لدى الفرنسيين لتوحيد سوريا ولتوقيع معاهدة معها اسوة بلبنان؟

4 – خاتمة

اختصر الدكتور شارل مالك في رسالة وجهها الى الموارنة في العام 1974 ما أعطي الموارنة من «وزنات» تحمّلهم مسؤولية خطيرة في هذا الشرق. فيعتبر في رسالته هذه أن الموارنة أعطوا «جبل لبنان، هذا الجبل العظيم،(…) ولبنان شعباً وتراثاً وقيماً (…)، وبلداً مجتمعه حر، تعددي، والمسيحية فيه حرّة(…)، وبكركي مركز روحي فريد في الشرق الاوسط، الكل يتطلعّون الى قيادته وتوجيهه(…). ويضيف اعطي الموارنة كذلك «تراثاً سريانياً عريقاً،(…) وطقساً ليتورجياً عظيماً(…) والارتباط الوثيق برومية(…) وتاريخاً موحّداً، منفصلاً، قائماً في حدّ ذاته، محدد المعالم(…) وحيوية وخصباً في العطاء عظيمين». وينهي عرضه لوزنات الموارنة بالقول : « بسبب سريانيتهم، أعطي الموارنة، فوق إمكان ربط أنفسهم بالعالم السرياني الحيّ، أن يكونوا أقرب الناس، مزاجياً وتراثياً، الى العرب واليهود معاً».

فإذا كان كل ذلك قد أعطي للموارنة فهذا يعني أن البطريرك الماروني، المترسخ في وجدان الموارنة واللبنانيين والعرب، هو المؤتمن على كل تلك العطاآت والوزنات. وإذا كانت البطريركية المارونية هي المؤسسة المارونية الوحيدة الثابتة في الوجدان الماروني، والشاهدة على ذاكرة العالم الاسلامي منذ نشؤ الاسلام والحاضرة في الوجدان العربي فهذا يعني أن البطريرك الماروني مدعو الى إعادة انتاج استراتيجيات وسلوكيات راعوية مؤسساتية فيها من الجدّة والحداثة ما يوفّر للموارنة اطلالة روحية وانسانية جديدة على لبنان والعالم العربي المتغيّر والعالم.


طانيوس شهوان / الجمهورية 

 

 

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
لبنان : هل إنقاذ الصحافة اللبنانية المكتوبة ممكن وكيف ؟ [1]

لبنان : هل إنقاذ الصحافة اللبنانية المكتوبة ممكن وكيف ؟ [1]

تمر الصحافة المكتوبة في لبنان بأزمة وجود بنيوية، وهي تبدو عاجزة عن مواجهة التحديات التي تعصف بها وتتهدّد مستقبل استمرارها. إن الواجب الوطني والاخلاقي يقضي بقيام تحرك فاعل وهادف لإنقاذ

  هذا القطاع، الذي اضطلع منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر بدور بارز في نشر الوعي القومي ونثر بذور التحرر الوطني، والكرازة بقيم الحرية والتحرر وتعميم الثقافة والتوعية على ضرورة التمرد على التقاليد الاجتماعية البالية، والخرافات التي أريد لها أن تكون ناموس الحياة اليومية في شرق عربي متهالك ناء طويلاً تحت نير الاستعمار، ورسف في قيود الجهل المطبق.
ولا أبالغ إذا قلت أن الصحافة في لبنان، التي أحرزت قصب السبق في تطوير المهنة بنجاحها في المزاوجة ما بين الرسالة والصناعة واحلالها في المراتب المتقدمة بين المهن الحرّة، مهدّدة بالانهيار، إذا لم يسارع أولو الشأن الى النهوض بها من خلال خطة إنقاذية عاجلة تعيد صوغ دورها وتحدد وظيفتها المستقبلية والغاية من إستمرارها وسط الكمّ الهائل من المشكلات التي تحوطها.
لم يعد مفاجئاً في الآونة الاخيرة سماع أنباء عن إقدام هذه الصحيفة أو تلك على صرف العديد من العاملين فيها، بذريعة الضائقة المالية وعدم القدرة على التحمل والثبات إذا جرى الابقاء على كل هؤلاء. وأن التدابير الجراحية، على ما فيها من إيلام، لا بد من اللجوء اليها لعدم الاضطرار الى الاحتجاب. ناهيك عن وجود مؤسسات عريقة مضى على قيامها أكثر من نصف قرن، هي على طريق القفل النهائي لاسباب غير مالية، بل لخلافات لا مجال لذكرها في هذا المقال. وقبل الانتقال الى التحدث عن الاسباب التي أسهمت في تقهقر الصحافة المكتوبة، أود الاشارة الى مسؤولية نقابة الصحافة في التصدي لهذا الواقع المأسوي، فلا تكفي زيارة المرجعيات ورفع المذكرات، إذا لم يقترن ذلك بتحرك عملي ينخرط فيه أصحاب الصحف والمطبوعات والمحررون وعمال الطباعة والتوزيع، لتحقيق روزنامة مطلبية تنقذ المهنة وتصون حقوق الجميع. وإن أكثر ما يؤلمني هو عدم القدرة على إرغام أصحاب المؤسسات على إعادة المصروفين لاسباب عدة:
1 – غياب العقد الجماعي الذي ينظم العلاقة ما بين أصحاب الصحف والمحررين، وكانت نقابة الصحافة عارضت مشروع عقد جماعياً قدمته نقابة المحررين في مطالع الثمانينات، بذريعة عدم قدرة مالكي المطبوعات وناشريها على تنفيذه.
2 – غياب التضامن الجماعي بين العاملين في الصحف. فلم يسجل حتى اليوم أن العمل توقف في إحدى الصحف أو المجلات، اعتراضاً عن صرف مجموعة من الصحافيين. ومردّ ذلك الى عدم وجود نقابات منتخبة داخل كل مؤسسة اعلامية تتولى رعاية العلاقة بين العاملين فيها والقيّمين على المؤسسة. والتجربة الوحيدة في هذا المجال شهدتها جريدة "السفير" لكنها لم تعمّر طويلاً.
3 – قصور نقابة المحررين عن القيام بدور ضاغط يتجاوز إستنكار صرف الصحافيين ووضع محاميها في تصرّف من شاء منهم مقاضاة صحيفته، بسبب عدم توافر الشرطين الأولين رغم أنه سبق لها أن وقفت بقوة الى جانبها مجموعة منهم في نزاعهم مع غير مؤسسة، واستطاعت أن توفّر لهم تعويضات مجزية. وهي لا تتحرك تلقائياً إذا لم يطلب منها أصحاب العلاقة الانضمام اليهم في الدعاوى التي سيقيمونها. وفي بعض الاحيان كانت تقوم بدور الوساطة. وعلى الرغم من جهوزية محامي النقابة لنصرة الزملاء المشمولين بقرارات الصرف في أي احتكام للقضاء، فإن غالبية هؤلاء يؤثرون معالجة أوضاعهم حبياً مع أرباب عملهم.

أسباب التراجع

أما أسباب تراجع الصحافة المكتوبة، فيمكن ردّها الى الآتي:
أ – المضاربة التي تشكلها وسائل الاعلام المرئي والمسموع، ولاسيما الفضائيات.
ب – المضاربة غير المشروعة للصحافة الالكترونية التي لا تخضع لضوابط قانونية تنظم عملها، وهي تسطو على المخزون الاعلامي للصحف فتستخدمه وتتصرف به من دون استئذانها، وعدم دفعها بدلات جرّاء هذا السطو الذي يتسبب باضرار فادحة للصحافة المكتوبة، على الرغم من افادتها مجاناً مما تتضمن من معلومات وتحليلات ودراسات. ولنا عود الى هذا الموضوع مفصّلاً في دراسة منفصلة.
ج – غياب الدعم الرسمي الذي لا يخضع لشروط، للصحافة المكتوبة، على غرار ما تقوم به أعرق الدول الديموقراطية في العالم (نموذج الرئيس نيكولا ساركوزي الذي قرّر دعم الصحافة الورقية في فرنسا بمبلغ كبير من المال لضمان استمرارها)، وذلك محافظة على هذا الارث الذي كان له الدور الابرز في تشكيل الهوية السياسية والثقافية والفنية والاجتماعية لهذه الدول.
د – توقف أو تراجع الدعم الخارجي، وخصوصاً العربي الى حدّ كبير. وهو دعم مالي مباشر وغير مباشر من خلال الاشتراكات والاعلانات.
هـ – عدم إحداث تغييرات جذرية في هيكليات المؤسسات الاعلامية سواء على المستوى الاداري، أو على المستوى التحريري واسلوب تقديم المعلومات والموضوعات، واعتماد الاخراج الأكثر مواءمة مع العصر، والأخذ بأسباب الحداثة.

■ أمين صندوق نقابة المحررين.

جوزف القصيفي / النهار

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
لبنان : المسيحيون ملح الأرض العربية (1)

لبنان : المسيحيون ملح الأرض العربية (1)

هذا عنوان مقالٍ لي، نشر في جريدة "النهار"، في العاشر من تشرين الثاني عام 2008 واستعيره، اليوم، لمقالٍ جديد، أكتبه بمناسبة ما جرى من أحداث ضد المسيحيين العرب في مصر والعراق.

لا يستطيع امرؤ مسلم، مؤمن، حق الايمان، بدينه، وبما أنزل الله على رسوله الكريم من آيات بينات، ومطّلع، تمام الاطلاع، على سيرة الرسول، أن يعتبر النصراني عدواً له، أو خصماً، فيقاتله، بل ويقتله، لأنه مجرد نصراني.
أثار هذا الأمر ما لقيه النصارى في الاسكندرية بمصر، وما لا يزالون يلقونه في العراق، من قتلٍ ومن تهديمٍ لدور عبادتهم، ما أنزل الله به أمراً ولا حكماً، ما يجعل هذا التصرف، من بعض المسلمين تجاه النصارى، اخوانهم في المواطنة وفي القومية، مخالفة لشريعة الله ونقضاً لعهد نبيهم، متناسين، أو جاهلين، صلة الود التي قامت بين المسيحية والإسلام في حياة الرسول، وفي العهود الإسلامية التي تلت، وسنأتي على ذكر بعضها:

1- كان محمد بن عبدالله فتىً، ولم يكن قد بعث بعد، حين ذهب، في قافلة، مع عمه "أبي طالب"، الى الشام، ولقيهما، في الطريق "بحيرى" الراهب النصراني المعروف، فلما رأى "بحيرى" القافلة استوقفها ودعا أهلها الى الغداء، فلبوا، تاركين محمداً، وهو صبي، مع القافلة، فسأل "بحيرى" عنه واستقدمه، وأخذ يسأله عن صفات فيه كان بحيرى قد عرفها من خلال قراءاته عن نبيٍ سوف يرسل في قريش، ثم كشف على ظهره فرأى "خاتم النبوة" فقال لأبي طالب: "إرجع بابن أخيك الى بلده، واحذر عليه يهود، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغينه شراً، فانه كائن لا بد لابن أخيك هذا شأن عظيم"(1).

2 – في السنوات الأولى من الدعوة الإسلامية، وبعدما أعلن الرسول الدعوة على الملأ في مكة المكرمة، فناهضه أهلها وعادوه واضطهدوه، ومن تبعه من المسلمين الأوائل، لم يلق إلا "النجاشي" ملك الحبشة النصراني، ملاذاً لأتباعه، فأرسلهم اليه، وما أن استمع النجاشي الى شرح "جعفر بن أبي طالب" لرسالة الإسلام، حتى "بكى حتى أخضلّت (ابتلّت) لحيته" ثم قال: "إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة" وقال لجعفر، وهو يرسم، بحد سيفه، على الأرض خطاً: "والله، ليس بيننا وبينكم إلا مثل هذا الخط"، ثم أمر بقبول المسلمين في دياره وحمايتهم.

3- أكد الله عز وجل، في كتابه الكريم، علاقة الود التي أمر أن تقوم بين المسلمين والنصارى، مع تأكيده عداوة اليهود للمسلمين، واضعاً اليهود في خانة المشركين، وذلك في الآية الكريمة: "لتجدن أشد الناس عـداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا، ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى، ذلك ان منهم قسيسين ورهباناً وانهم لا يستكبرون" (المائدة، الآية 82).

4- لم يقف المسيحيون العرب، في أثناء الفتوح الإسلامية لبلاد العرب عامةً، وبلاد الشام خاصةً، (باستثناء قلةٍ منهم)، موقفاً عدائياً من المسلمين، خصوصاً ان القتال، في هذه البلاد، كان بين المسلمين وبين الفرس والروم الذين اغتصبوها وأذلّوا أهلها، وكان جلّهم من المسيحيين، كما أكرم المسلمون المسيحيين أثناء هذه الفتوح، وأهم دلالة على ذلك هو امتناع الخليفة عمر بن الخطاب عن الصلاة في كنيسة القيامة، في القدس، كي لا يتخذ المسلمون، من صلاته فيها، ذريعة لتحويلها مسجداً. ومما جاء في عهد الخليفة عمر الى أهل "ايلياء" (القدس) وأهل اللد وفلسطين، حين فتحها: "أعطاهم (أمير المؤمنين) أماناً لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينتقص منها ولا من حيّزها، ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضارٌ أحدٌ منهم، ولا يسكن ايلياء معهم أحد من اليهود، وعلى أهل ايلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن" (أي أهل مدائن الشام)، كما ورد في عقد الصلح مع أهل ايلياء (القدس) ومع "أهل اللد ومن دخل معهم من أهل فلسطين".

5- ومن الروايات المؤكدة لما تقدم، أن المسلمين كانوا قد احتلوا حمص قبيل معركة اليرموك، ولما دعا الخليفة أبو بكر أبا عبيدة بن الجراح، وكان، مع جيشه، في حمص، للتخلي عنها والانتقال، بجيشه، الى اليرموك، لخوض المعركة الحاسمة ضد الروم في بلاد الشام، أعاد أبو عبيدة الجزية التي كان قد جمعها من أهل حمص، قائلاً لهم "قد شغلنا عن نصرتكم والدفع عنكم، فانتم على أمركم"، فأجابه أهلها (وكانوا نصارى): "لولايتكم وعدلكم أحب الينا مما كنا فيه من الظلم والغشم، ولندفعن جند هرقل عن المدينة، مع عاملكم"، وكان المسلمون يعرضون على خصومهم واحداً من اثنين: الإسلام أو الجزية، إن كانوا من أهل الكتاب، و: الإسلام أو الحرب، إن كانوا من غير أهل الكتاب (أي من الكفار).

6 – وعندما حاصر المسلمون دمشق بغية فتحها، وكان أهلها من النصارى، كما كان فيها حامية من الروم، لم يتردد اسقف المدينة (ولم يكن رومياً) في أن يتصل بخالد بن الوليد ويقدم له "السلالم والحبال ليرتقي بها السور"، ودخلها خالد فاتحاً، بفضل مساعدة من أسقف النصارى.

7- وبلغ الإسلام، في تعامله مع أهل الكتاب (وهم اليهود والنصارى) حدّاً أتاح للمسلمين مشاركتهم في طعامهم، وذلك في قوله تعالى: "اليوم أحُلّ لكم الطيبات، وطعام الذين أوتوا الكتاب حلّ لكم، وطعامكم حلٌّ لهم" (المائدة، الآية 5)، وقد أثار بعض الفقهاء المسلمين مسألة الذبح عند النصارى، إذ إنهم يذكرون اسم المسيح بدلاً من اسم الله، وقال القرطبي في ذلك: "قال تعالى: "ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه"، ثم استثنى فقال: "وطعام الذين أوتوا الكتاب حلٌ لكم" يعني: ذبيحة اليهودي والنصراني، وان كان النصراني يقول عند الذبح:باسم المسيح، واليهودي يقول: باسم عُزَيْر، وذلك لأنهم يذبحون على الملة".

8 – واكثر من ذلك، فقد أتاح الإسلام زواج المسلم من كتابّية، وذلك في قوله تعالى: "والمحصَنات من المؤمنات والمحصَنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم" (الآية نفسها أعلاه)، والمحصَنات: العفيفات العاقلات (عن ابن عباس)، وقد أفتى "ابن عباس" بجواز نكاح المسلم من الذمية "دون دار الحرب"، بينما أفتى سواه من أولي العلم في الإسلام بجواز نكاح المسلم "الذمية والحربية" وذلك "لعموم الآية" أي ان الآية لم تحدد الظروف التي يمكن فيها، للمسلم، نكاح المحصَنات من أهل الكتاب، بل جاءت مطلقة دون تحديد.

(1) باعتبار أن المسلمين مسؤولون عن حمايتهم، كما كان الأمر مع أهل حمص.

بقلم ياسين سويد/ النهار

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
إيران : تغلق مكتب قناة «فارسي 1» في طهران

إيران : تغلق مكتب قناة «فارسي 1» في طهران

أشارت وكالة أنباء «مهر» شبه الرسمية أمس الى أن ايران أغلقت مكتباً في طهران لقناة تلفزيونية مملوكة جزئياً لمجموعة «نيوز كورب»، واعتقلت خمسة موظفين بدعوى «مساعدة الحركة المناهضة للثورة».

وتذيع قناة «فارسي 1» الترفيهية الفضائية مسلسلات ومسرحيات فكاهية مصحوبة بترجمة صوتية بالفارسية. ويدير القناة مركز تلفزيون الشرق الأوسط (ام.بي.سي) ومقره دبي. وهي مشروع مشترك بين «نيوز كورب «وموبي غروب» الأفغانية.

وأعلنت الوكالة أن المدعي العام لطهران عباس جعفري دولت أبادي قال ان مكتب «فارسي 1» في وسط طهران سجل ترجمة صوتية بالفارسية لمسلسلات تلفزيونية «بهدف مساعدة الحركة المناهضة للثورة.» وأضاف: «أغلق المكتب واعتقل خمسة أشخاص بهذا الخصوص. وجدت آلات ومعدات متطورة في هذا المكتب، ونحن نتعجب كيف استوردت هذه المعدات وركبت هنا».

ولم يعط أبادي مزيداً من التفاصيل ولم يذكر متى أغلق مكتب القناة. وكثيرا ما تتهم إيران الولايات المتحدة ودولاً غربية أخرى بالسعي للإطاحة بالحكم الديني من خلال ثورة «ناعمة» أو «مخملية» بمساعدة مثقفين ومواقع للانترنت وقنوات تلفزيونية فضائية.

وتشتهر «فارسي 1» التي بدأت البث في آب 2009 بعروضها الترفيهية المختلفة من الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية وآسيا. وسبق أن انتقدت السلطات الإيرانية القناة قائلة ان برامجها تتناقض مع قيم إيران الإسلامية والثورية.

السفير

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
مقال: علامات القيامة (1).

مقال: علامات القيامة (1).

 "لماذا تبحثن عن الحي بين الأموات؟ انه ليس ههنا، بل قام" (لو 24: 5 ـ 6). هكذا قال الملاك للنّسوة اللواتي جئن يبحثن عن المسيح في القبر. قال: قام المسيح من بين الأموات. قام لتبريرنا،  من اجل خلاصنا.

 قام كدليل على قيامتنا. فالقيامة ليست فقط قيامة اليوم الأخير، عندما يموت الإنسان جسدياً. انّها القيامة الآن. نعم قيامة المسيح هي قيامة لنا الآن من موتنا. لكن، كيف يعرف الإنسان، وبعد مرور الفي عام تقريباً على تلك القيامة ان المسيح قد قام؟ كيف يختبر تلك القيامة في حياته؟ ما هي العلامات التي تشير اليها ؟ ما هي علامات القيامة؟

قام المسيح، وقبل صعوده الى السّماء قضى اربعين يوماً على الأرض اظهر خلالها علامات قيامته، لكي يؤمن الرّسل بهذه القيامة، ويؤمنوا انّهم هم ايضاً قد قاموا معه. علامات تشير الى الطّريق لمن يرغب بأن يعرفه، لكنّها لا تجبر احداً به. علامات تحثنا على السّير في طريق لكنّها لا تجبرنا ان نسلكه. من خلال هذه المقالات سنستعرض بعضاً من تلك العلامات وعلاقتها بنا.

لكن قبل ان نتكلم عن تلك العلامات، علامات القيامة، يجب ان نذكر اولاً ما هو الموت.

فالموت ليس فقط الموت الجسدي النّهائي للإنسان، بل هو كلّ ما يحُدّ الإنسان ويمنعه من تحقيق ذاته. فإذا كان الصّليب هو كلّ ما يصلب الإنسان ويميته مثل: المرض، الإعاقه، عدم الإمكانية، الظّلم، عدم محبة او فهم الآخرين له، الوحدة او الغربة، الفقر، الألم، موت عزيز، زواج فاشل او عدم زواج… كلّ هذا ما هو الا عبارة عن صليب، امّا الموت فهو شيء آخر مختلف تماماً. الموت  ليس الصّليب، اي انّه ليس بشيءٍ او حدث معين ملموس. فالصليب هو ما يؤلم الإنسان الآن، لكنّ الموت هو شيء آخر بالفعل. فما هو الموت؟

الموت هو نهاية. نعم، احدى مفاهيم الموت انّه نهاية لشيء ما. نهاية وبعدها لا رجوع الى ما سبق. الموت هو حالة يكون فيها الإنسان عاجزاً وغير مدرك ان ثمة شيئاً مازال ممكناً. فالموت هو نهاية كلّ رجاء. فمن يختبر الماً لفترة طويلة، من يختبر ويحمل صليباً ولا يرى مخرجاً ومفراً منه هو ميت فعلاً. لأنّه وان كان حياً، فهو مقتنع تماماً ان هذا الصّليب الذي يحمله هو النّهاية وبعده لا يوجد شيء. هكذا كان وهكذا سيكون. هذا هو الموت. الصّليب شيء ولكن الشّعور بالموت شيء مختلف تماماً. هو شعور عميق يتحول لواقع عندما لا يرى الإنسان اي مفر مما هو عليه. فيشعر بأنّه مات وما من أحد قادر على مساعدته. شعور عميق بالوحدة، وحدة لا تقترن بوجود او عدم وجود شخص بجوارنا، لكنّها وحدة كيانية حيث يشعر الإنسان في اعماقه بانّه زائل. ينتهي، يسقط ولا احد يوقفه ويسنده.

الصّليب لا يُشعرنا بذلك. الألم او المرض او اي عذاب كان في هذه الدّنيا لا يضع فينا هذا الشّعور ابداً. ما يضعه في داخلنا هو الموت. اي عندما يصدّق الإنسان ان لا مفرّ مما هو فيه: عندما يفقد الرّجاء وينفصل عن الحياة. هذا ما اختبره آدم بعد الخطيئة. اختبر الموت لأنّه انفصل عن الله.

آدم قبل الخطيئة كان كائناً محدوداً، و لم يشعره هذا بالموت. عندما انفصل عن الله بالخطيئة اختبر هذا الموت. اختبره مع انّه حي. اختبر العُري اي المحدودية. كان عارياً من قبل ولم يحاول ان يستر نفسه. لكن الآن بعد ان انفصل عن الله، هذا العري اي تلك المحددودية اصبحت موتاً له، يريد ان يتخلص منها. ان يستر نفسه. اصبحت حالته التي كان عليها دائماً تميته الآن وفقط الآن، لماذا؟ لأنّه انفصل عن الله بالخطيئة.

فالواقع مهما كان صعباً ليس هو الموت ولا سلطان له كي يميت احد. لأنّ الموت هو نتيجة فعل شخصي به ينفصل الإنسان عن الحياة، عن الله. فعل ايمان او بالأحرى فعل عدم ايمان، عندما يصدّق الإنسان انّه وحيد، وان الله لا يحبه. هذا ما يجعل الإنسان يموت بسبب واقعه، واكرّر الواقع ليس له القدرة ان يميت احداً، ليس له سلطان على الإنسان كي يشعره بالموت. لكن ابليس، الشّيطان يستخدم ذلك الواقع كي يُدخل الإنسان في الموت، في عدم الرّجاء، في دائرة مغلقة يخرج منها عبداً، عبداً للخطيئة واسيراً لإبليس. كيف؟

الإنسان يرى واقعه ويرغب في تغييره وفي ازالة صليبه عنه، في محوِ ما يذكره به. فإمّا ان يهرب منه بأية وسيلة: متع، خمور، مخدرات، وسائل تسليه تنسيه واقعه….، وإمّا ان يرمي بصليبه على شخص اخر، كما فعل قايين عندما شعر بتأنيب الله له، فقتل اخاه كي لا يتذكر بعد ذلك ان الله تقبل تقدمة اخيه وتقدمته لم يقبلها. او بأية طريقة اخرى، لكن المهم الّا يرى هذا الواقع من بعد. وابليس يخدع آدم، وكلّ انسان، ويقول: لكي يتغير هذا الواقع ً يجب ان تغيره انت، والا لن يتغير. لأنّ الله لا يريد تغييره لك. إن كان يريد ذلك فلماذا لا يفعل؟ غيره انت. كيف؟ خُذ وكٌل. أشبِع نفسك بنفسك. صدقني انا لكي تحيا، كن مطيعاً لي وليس لآخر وانا ساعلمك ان تكون اله نفسك، سيد ذاتك. و هكذا يترك الإنسان الله كي يتحرّر منه، فيجد نفسه عبدا لإبليس ونزاعاته. يجد نفسه وحيداً امام واقعه. ولا يرى اي رجاء، فيختبر الموت.

هذا هو الموت الأعمق. والذي هو صورة للموت النّهائي. هو موت مسبّق في الحياة. اصعب واكثر قسوة. فيه الإنسان يختبر عدم الوجود ولو كان موجوداً. يختبر هوة عميقة لا يعرفها الا من اختبرها. هذا هو الموت، او احدى جوانبه. ان لا اكون مع اني مازلت حياً.

مات المسيح بسبب خطايانا. اي انّه حمل خطايانا التي اماتته. اذا كان الانسان بسبب خطيئته يشعر بكلّ هذا الموت السّابق فكيف بالأحرى المسيح الذي حمل خطايا كلّ البشر. بأي موت شعر؟! اية هوة اختبر؟! موت المسيح شيء جاد لا يتوقف عند المشاعر والأحاسيس، او عند بعض الدّموع. المسيح اختبر ما لم يختبره انسان من موت. اخذ على عاتقه هو البار، والبلا خطيئة، بجدية خطيئة كلّ انسان وما يتبعها من موت.

لكنّ الملاك اليوم يقول للنّسوة "لماذا تبحثن عن الحي بين الاموات؟ انه ليس ههنا، بل قام" (لو 24: 5 ـ 6). قام المسيح. حقاً، قام المسيح. قام لتبريرنا، قام لكي يقيمنا. وترك لنا علامات على قيامته وبالتّالي على قيامتنا. فما هي تلك العلامات ؟ للمرة القادمة…..

للأب هاني باخوم

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
لبنان: “القراءة في العصر الرقمي” ندوة في الإعلام ـ1″.

لبنان: “القراءة في العصر الرقمي” ندوة في الإعلام ـ1″.

نعيش اليوم بما يسمى "العصر الرقمي"، حيث يواجه الكتاب الورقي تحدياً كبيراً، خاصة بعد ظهور القراءة الرقمية من خلال الانترنت. ولأن لكل منهما طريقته في تحفيز عقولنا على المعرفة، يبقى السؤال:

هل القراءة في العصر الرقمي فعّالة أكثر من القراءة الورقية؟
وفي خضّم الثورة المعلوماتية وصيرورتها الدائمة، كان لا بد للعالم العربي الالتحاق بركابها. ولكن ما هو مستقبل الكتاب في العالم العربي في ظل هذا التحوّل؟
هذه العناوين، كانت موضوع الندوة التي افتتحت في الجامعة اللبنانية، كلية الإعلام والتوثيق الفرع الأول، أول من أمس، تحت عنوان "القراءة في العصر الرقمي: الواقع والتطلعات في الوطن العربي"، وذلك برعاية وزارة الثقافة وتنظيم: "جمعية المكتبات اللبنانية"، "الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات" و"كلية الإعلام".
وتهدف الندوة للقول: "إن القراءة سواء كانت على الورق أم كانت على الشاشة، هي دخول شخص آخر الى عقولنا". من هنا الأهم، هو الاستفادة من القراءة بكل الحالات.
بداية، ترحيب من كاتيا مدوّر، فكلمة رئيس جمعية المكتبات اللبنانية فوز عبدالله، الذي أعلن عن انعقاد المؤتمر السنوي لـ"الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات" في بيروت، بين 6 و8 تشرين الأول 2010.
وتحدث عن أهمية القراءة لأنها تزوّدنا بالمعلومات من أجل تعميق ثقافتنا"، مركّزاً على دورها "كتنمية ذكاء أطفالنا وخاصة في مرحلة التعليم الأساسي".
واعتبر رئيس الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات حسن السريحي، أن محور هذه الندوة هو "كيف تتعامل أمّة (إقرأ) في زمن القراءة الرقمية مع المعلومات لتطوير ثقافتها"، مشدداً على ضرورة "تشجيع القراءة في زمن الصخب الالكتروني، حيث تبدأ تنمية القراءة من المدرسة والمؤسسة، ثم تستمر..".
وأكد مدير كلية الإعلام والتوثيق مصطفى متبولي، أن "القراءة وسيلة أساسية لاكتساب المعارف، ولا فرق عندئذ بين كتاب ورقي أو كتاب منشور على الانترنت"، منوهاً بدور عميد الجامعة اللبنانية زهير شكر في مكننة الجامعة بالتجهيزات الالكترونية.
وشدد عماد هاشم، ممثلاً وزير الثقافة سليم وردة، على ضرورة الإسراع "لإخراج مشروع المكتبة (أو المكتبات) العربية الرقمية الى الوجود لتعمل على النهوض بفكر العربيين"، معتبراً أن "هذا المشروع لا يحقق دور دراسة وتحديد السياسة الثقافية والعلمية".
الجلسات
وتابعت الندوة أعمالها في اليوم الثاني فحاضر فيها كل من الدكتورة زين سنو (الجامعة الأميركية في بيروت) والدكتورة مود هاشم (الجامعة اللبنانية) حول القراءة الرقمية وكيفية استعمال الإنترنت في المكتبات العامة (دراسة ميدانية).
وعرضت الدكتورة فاطمة الياس (السعودية) الثقافة في البيئة الافتراضية. وتكلم سليمان بختي عن "مشكلة الكتاب وقيود التوزيع في لبنان والعالم العربي".
ثم ناقش المجتمعون عدداً من المواضيع التي تم التطرق إليها، وجرى الاتفاق على اتخاذ توصيات سيعلن عنها لاحقاً.

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
لبنان: “الإعلام ـ1” تفتتح معرض الكتاب السنوي

لبنان: “الإعلام ـ1” تفتتح معرض الكتاب السنوي

افتتحت الحقيبة الثقافية في مجلس طلاب الفرع الاول لكلية الاعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية معرض الكتاب الاعلامي السنوي الاول في حرم الكلية

برعاية رئيس الحركة الثقافية في لبنان بلال شرارة وحضور مدير الكلية مصطفى متبولي والهيئة الادارية والتعليمية وحشد من الطلاب.
وشدد شرارة على "ضرورة النهوض بموقع الكتاب الذي بدأ يضمحل شيئا فشيئا"، مشيرا إلى ان "اللغة العربية لم تعد لغة يومية وذلك لطغيان لغات اخرى على الواقع العام كاللغة الانكليزية". ودعا الجميع "الى تحمل المسؤولية والعمل على اعادة الاعتبار للغة العربية". وفي الختام جال الحضور في ارجاء المعرض الذي يستمر ثلاثة ايام.

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
روما: رسالة بندكتس السادس عشر إلى كاثوليك إيرلندا (1)

روما: رسالة بندكتس السادس عشر إلى كاثوليك إيرلندا (1)

1.أيها الإخوة والأخوات الأعزاء في كنيسة إيرلندا، أكتب إليكم بقلق شديد كراعي الكنيسة جمعاء. لقد شعرت مثلكم بانزعاج كبير جراء الأنباء التي كشفت عن اعتداءات ارتكبها أعضاء في الكنيسة في إيرلندا، ومنهم بخاصة كهنة ورهبان، بحق أطفال وشباب ضعفاء.

لا يسعني إلا أن أشاطر شعور الاستياء والخيانة الذي أحس به العديد منكم عند العلم بهذه الأعمال الإجرامية الأثيمة، وبالطريقة التي عالجتها بها السلطات الكنسية في إيرلندا.
أنتم تعلمون أنني دعوت مؤخراً أساقفة إيرلندا إلى اجتماع هنا في روما ليقدموا المعلومات حول الطريقة التي عالجوا بها هذه المسائل في الماضي، ويشددوا على الخطوات التي اتخذوها للاستجابة لهذه الأزمة الخطيرة. إلى جانب مسؤولين كبار في الكوريا الرومانية، أصغيت لما أرادوا قوله فردياً وجماعياً، إذ قدموا تحليلاً للأخطاء التي ارتكبت والعبر التي أخذت، ووصفاً للبرامج والبروتوكولات المعمول بها حالياً. كانت مناقشاتنا صريحة وبناءة. ونتيجة لذلك، إنني واثق بأن الأساقفة سيكونون في وضع أقوى لاستكمال عمل التعويض عن أعمال الظلم الماضية ومواجهة القضايا الأوسع نطاقاً المرتبطة بالاعتداءات على القاصرين بطريقة منسجمة مع متطلبات العدالة وتعاليم الإنجيل.

2. من جهتي، ونظراً إلى خطورة هذه الاعتداءات، والاستجابة غير الملائمة لها من جهة السلطات الكنسية في بلادكم، قررت أن أكتب إليكم هذه الرسالة الرعوية لأعبر لكم عن قربي منكم وأقترح عليكم درب شفاء وتجدد وتكفير.

صحيح أن مشكلة الاعتداء الجنسي على الأطفال ليست خاصة لا بإيرلندا ولا بالكنيسة، كما أشار كثيرون في بلادكم، إلا أن مهمتكم تقضي الآن بمعالجة مسألة  الاعتداء الجنسي التي حصلت ضمن الجماعة الكاثوليكية الإيرلندية، وبالقيام بذلك بشجاعة وثبات. لا أحد يظن أن هذا الوضع الأليم سيحل سريعاً. وعلى الرغم من إحراز تقدم فعلي، إلا أن أعمالاً كثيرة ما تزال ضرورية. وهنا تبرز الحاجة إلى المثابرة والصلاة، والثقة الكبيرة بقدرة النعمة الإلهية الشافية.

في الوقت عينه، أرغب في التعبير عن قناعتي بأنه ينبغي على الكنيسة في إيرلندا أن تقوم أولاً بالاعتراف أمام الرب وأمام الآخرين بالذنوب المميتة التي ارتكبت بحق أطفال ضعفاء، وذلك في سبيل الشفاء من هذا الجرح المؤلم. إن اعترافاً مماثلاً مصحوباً بأسى صادق على الإساءة المسببة لهؤلاء الضحايا وعائلاتهم من شأنه أن يؤدي إلى جهود منسقة لضمان الحماية للأطفال من جرائم مماثلة في المستقبل.

فيما تواجهون تحديات هذه الفترة، أطلب منكم أن تتذكروا "الصخر الذي نُحِتّم منه" (أش 51، 1). تأملوا في الإسهامات السخية وأحياناً البطولية التي قدمتها أجيال الرجال والنساء الإيرلنديين السابقة للكنيسة وللبشرية جمعاء، وليعطِ ذلك دفعاً لفحص ذاتي صادق وبرنامج ملتزم من التجدد الكنسي والفردي. أصلي من أجل أن تتمكن الكنيسة في إيرلندا من تخطي الأزمة الراهنة والتحول مجدداً إلى شهادة أكثر إقناعاً لحقيقة وصلاح الله الكلي القدرة الذي تجلى في ابنه يسوع المسيح، وذلك بشفاعة قديسيها وبالتطهر من خلال التكفير.

3. تاريخياً، أثبت الكاثوليك الإيرلنديون قوة هائلة للخير في ديارهم وفي الخارج. فقد نشر الرهبان السلتيون كالقديس كولومبانوس الإنجيل في أوروبا الغربية، وأرسوا أسس الثقافة الرهبانية القروسطية. وتجسدت مثُل القداسة والمحبة والحكمة الفائقة المنبثقة عن الإيمان المسيحي في بناء كنائس وأديار، وإنشاء المدارس والمكتبات والمستشفيات التي ساعدت كلها على ترسيخ هوية أوروبا الروحية. واستمد هؤلاء المرسلون الإيرلنديون قوتهم وتأثيرهم من الإيمان الراسخ الذي كانت تظهره الكنيسة في موطنهم، ومن قيادتها القوية وأخلاقياتها المستقيمة.

ابتداءً من القرن السادس عشر، عانى الكاثوليك في إيرلندا من حقبة طويلة من الاضطهاد كافحوا خلالها لإبقاء شعلة الإيمان حية في الظروف الخطيرة والصعبة. والقديس أوليفر بلانكيت، رئيس أساقفة أرماغ الشهيد، هو المثل الأكثر شهرة في جموع أبناء وبنات إيرلندا الشجعان الذين كانوا مستعدين للتضحية بأرواحهم بسبب أمانتهم للإنجيل. بعد التحرر الكاثوليكي، استعادت الكنيسة حريتها للنمو مجدداً. فالعائلات التي حافظت على إيمانها في المحن شأنها شأن كثيرين تحولت معهم إلى قوة دفع للنهضة العظيمة للكثلكة الإيرلندية في القرن التاسع عشر. وأمنت الكنيسة التربية بخاصة للفقراء، مما قدم إسهاماً كبيراً للمجتمع الإيرلندي. ومن بين ثمار المدارس الكاثوليكية الجديدة، سجل ارتفاع في عدد الدعوات. فقد غادرت أجيال من الكهنة المرسلين والإخوة والأخوات بلادها لتخدم في كل القارات وبخاصة في العالم الناطق بالانكليزية. وكانت استثنائية ليس فقط من ناحية أعدادها الهائلة، لا بل أيضاً من ناحية قوة إيمانها وثبات التزامها الرعوي. فإن عدة أبرشيات منها بخاصة تلك الموجودة في إفريقيا وأميركا وأستراليا استفادت من وجود الكهنة والرهبان الإيرلنديين الذي كرزوا بالإنجيل وأنشأوا الرعايا والمدارس والجامعات والمستوصفات والمستشفيات التي خدمت الكاثوليك والمجتمع عامة، مع إيلاء اهتمام خاص باحتياجات الفقراء.

في كل العائلات الإيرلندية تقريباً، يوجد شخص – ابن أو ابنة، عم أو عمة – بذل حياته للكنيسة. لذا تُجلّ العائلات الإيرلندية بحق أحباءها الذين كرسوا حياتهم للمسيح، من خلال مشاركة هبة الإيمان مع الآخرين، وترجمتها إلى أفعال في خدمة الله والقريب بمحبة.

4. لكن الكنيسة في بلادكم اضطرت في العقود الأخيرة إلى التصدي لتحديات جديدة وخطيرة مفروضة على الإيمان وناتجة عن تغير المجتمع الإيرلندي السريع وعن علمنته. فقد حصل تغيير اجتماعي سريع بطريقة معاكسة أثرت في الالتزام الشعبي التقليدي بالتعاليم والقيم الكاثوليكية. وهكذا أهملت الممارسات الأسرارية والتعبدية التي تدعم الإيمان وتنميه منها الاعتراف الدائم والصلاة اليومية والرياضات الروحية السنوية. كما كان من الملحوظ خلال هذه الفترة الميل – ميل الكهنة والرهبان أيضاً – إلى اعتماد سبل للتفكير في وقائع علمانية وتقييمها من دون الاستناد الكافي إلى الإنجيل. وأحياناً، كان يساء فهم برنامج التجديد الذي اقترحه المجمع الفاتيكاني الثاني، وكان يصعب إدراك كيفية تنفيذه على ضوء المتغيرات الاجتماعية الجذرية الحاصلة. وكانت هناك بخاصة نزعة حسنة النوايا وإنما غير ملائمة لتلافي الإيضاح الجزائي للأوضاع المخالفة قانوناً. في هذا السياق العام، يجب أن نسعى إلى فهم المشكلة المقلقة المتمثلة في الاعتداءات الجنسية على الأطفال التي ساهمت بشكل كبير في إضعاف الإيمان وفي عدم احترام الكنيسة وتعاليمها.

فقط من خلال إمعان النظر في العناصر العديدة التي أدت إلى الأزمة الراهنة، يمكن إجراء تشخيص واضح للأسباب وإيجاد الحلول الفعالة. بالطبع أن العوامل المساهمة تشمل الإجراءات غير الملائمة لتحديد جدارة المرشحين للكهنوت والحياة الرهبانية؛ والتنشئة البشرية والأخلاقية والفكرية والروحية غير الكافية في الإكليريكيات ودور الابتداء؛ والنزعة في المجتمع إلى تأييد رجال الدين وشخصيات دينية أخرى؛ والقلق الخاطئ حيال سمعة الكنيسة وتلافي الفضيحة، مما أدى إلى الفشل في تطبيق العقوبات الكنسية والحفاظ على كرامة كل إنسان. لذا، من الضروري التحرك فوراً لمعالجة هذه العوامل التي خلفت تبعات مأساوية في حياة الضحايا وعائلاتهم، وحجبت نور الإنجيل لدرجة لم تتوصل إليها قرون من الاضطهاد.

5. منذ انتخابي لرئاسة السدة البطرسية، التقيت في مناسبات عديدة بضحايا الاعتداء الجنسي، كما أنني مستعد للقيام بذلك في المستقبل. لقد جلست معهم وأصغيت إلى قصصهم واعترفت بآلامهم وصليت معهم ومن أجلهم. في وقت مبكر من حبريتي، وبداعي الاهتمام بمعالجة هذه المسألة، طلبت من أساقفة إيرلندا أن " تثبتوا حقيقة ما جرى في الماضي، وتتخذوا الخطوات اللازمة لعدم حصولها مجدداً، وتضمنوا احترام مبادئ العدالة، وتحملوا الشفاء للضحايا ولجميع المتضررين من هذه الجرائم الفظيعة" (الرسالة إلى أساقفة إيرلندا، 28 أكتوبر 2006).

بهذه الرسالة، أريد أن أحضكم جميعاً، كشعب الله في إيرلندا، على التأمل في الجراح التي ألحقت بجسد المسيح، وفي العلاج المؤلم أحياناً وإنما الضروري لتضميدها، وفي الحاجة إلى الوحدة، والمحبة والدعم المتبادل في عملية الشفاء والتجديد الكنسي الطويلة. والآن أتوجه إليكم بكلمات نابعة من القلب، وأود التحدث إليكم فردياً وجماعياً كإخوة وأخوات في الرب.

6. إلى ضحايا الاعتداءات وعائلاتهم

لقد تألمتم بشدة وأنا حزين جداً لأجلكم. إنني أعلم أن لا شيء يمحو الأذى الذي احتملتموه إذ تعرضت ثقتكم للخيانة، وانتهكت كرامتكم. كثيرون منكم اكتشفوا أنهم لم يجدوا آذاناً صاغية لهم عندما كانوا يتحلون بالشجاعة الكافية للتحدث عما حصل معهم. لربما شعرتم أنتم ضحايا الاعتداءات في المؤسسات الداخلية بأنه لا مفر من معاناتكم. من الطبيعي أن تجدوا صعوبة في المسامحة أو المصالحة مع الكنيسة. وإنني أعبر باسمها عن الخزي والندم اللذين نشعر بهما جميعاً. في الوقت عينه، أسألكم ألا تفقدوا الرجاء. فبالاتحاد مع الكنيسة، نلتقي بشخص يسوع المسيح الذي وقع بنفسه ضحية الظلم والإثم. هو ما يزال يحمل جراح معاناته المجحفة مثلكم تماماً. ويتفهم ألمكم العميق وتأثيره الدائم على حياتكم وعلاقاتكم، وحتى على علاقتكم مع الكنيسة. أدرك أن البعض منكم يجد صعوبة في الدخول إلى الكنيسة بعد حصول كل ذلك. لكن جراح المسيح التي تحولت بآلامه المخلصة هي الوسائل التي تهزم بها قوة الشر والتي نحيا بها من جديد في الحياة والرجاء. إنني أؤمن بشدة بالقدرة الشافية الكامنة في محبته المتمثلة ببذل نفسه – حتى في أحلك الأوضاع –، القدرة التي تحرر وتعد ببداية جديدة.

بالتحدث إليكم كراع مهتم بمصلحة جميع أبناء الله، أطلب منكم بتواضع أن تفكروا في ما قلته. أصلي لكيما تعيدوا اكتشاف محبة المسيح اللامتناهية لكل واحد منكم من خلال التقرب منه والمشاركة في حياة كنيسته – كنيسة مطهرة بالتكفير ومتجددة بالمحبة الرعوية. وأنا واثق بأنكم ستتمكنون بهذه الطريقة من إيجاد المصالحة والشفاء الداخلي والسلام.

نقلته إلى العربية غرة معيط

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
حلقة دراسية في كلية الهندسة-1 “من اجل تعاون جامعي في عصر الرقمي

حلقة دراسية في كلية الهندسة-1 “من اجل تعاون جامعي في عصر الرقمي

استضافت كلية الهندسة – الفرع الاول، الحلقة الدراسية "من اجل تعاون جامعي في منطقة المتوسط في عصر الرقمي"، ضمن اطار مشروع "دعم تطوير تعليم اللغة الفرنسية وباللغة الفرنسية في الجامعة اللبنانية" بتمويل من صندوق التعاضد الاولوي التابع للحكومة الفرنسية.

حضر الحلقة التي امتدت 3 ايام حشد من الاساتذة وامناء المكتبات في الجامعة اللبنانية، في قاعة المحاضرات في مدينة الرئيس رفيق الحريري الجامعية في الحدث.
وشكلت فرصة لاساتذة الجامعة اللبنانية وطلابها للاطلاع على موارد علمية فرنكوفونية، اشرفت على وضعها جامعات ومعاهد فرنسية مهمة ومواكبة الاستخدامات التربوية الجديدة لهذه الموارد الرقمية، من خلال اقتراح تدريبات منهجية للاساتذة، اضافة الى اعتماد وسائل تكنولوجية وظروف عمل تتيح لاساتذة الجامعة اللبنانية الانتقال تدريجيا من مستخدم الى واضع للموارد التربوية على شبكة الانترنت والانضمام بذلك الى مجتمع علمي جامعي يقوم على تجميع الموارد والعمل على توسيع وتعميم مبدأ التبادل والتعاون في منطقة البحر الابيض المتوسط حيث تشكل الجامعة اللبنانية رأس جسر شبكة جامعية وطنية واقليمية على صعيد الشرق الاوسط.
وضمن هذا الاطار، قدم رئيس الجامعة الافتراضية في المغرب الاستاذ عبد اللطيف بناني ورئيس الجامعة الرقمية للهندسة والتكنولوجيا UNIT الاستاذ جيلبير توزو مشروع التعاون الذي اطلق عليه اسم "Omed – e"، اي نطاق رقمي مباح لمنطقة المتوسط، الى رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور زهير شكر الذي اكد بدوره دعمه لهذا المشروع.
من جهة اخرى، تعقد الجامعة اللبنانية مستقبلا مجموعة من العقود والاتفاقات تتيح المجال لمختلف كلياتها ومعاهد الاطلاع على الموارد التربوية الرقمية التي توفرها بعض الجامعات الرقمية الفرنسية، ما يفوق ال 8 الاف مورد، لا سيما الاتفاق بين القسم الفرنسي لكلية الحقوق في الجامعة اللبنانية والجامعة الرقمية القانونية الفرنكوفونية UNJF والاتفاق بين المعهد الجامعي للتكنولوجيا في صيدا ومعهد lutenligne، بالاضافة الى الاتفاق بين كلية الهندسة والجامعة الرقمية للهندسة والتكنولوجيا UNIT، وبين كليات العلوم الطبية والصيدلة وطب الاسنان والجامعة الطبية الافتراضية الفرنكوفونية UMVF، بفضل هذا التعاون الجامعي، ينضم اساتذة الجامعة اللبنانية وطلابها الى عشرات الاف من المستخدمين الفرنسيين لهذه الوسائل الحديثة والمتطورة التي من شانها تحسين وتطوير التعليم العالي.

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
رجل السينما “الرقم 1” في المغرب يتحدث الى “النهار” عن طموحاته وتفاؤله العاق

رجل السينما “الرقم 1” في المغرب يتحدث الى “النهار” عن طموحاته وتفاؤله العاق

المغرب… من الصعب تناول سيرة نور الدين الصايل والكتابة عن تجربته من دون الوقوع في فخّ المديح وتوزيع الاطراء. فالصايل هو اليوم رجل السينما "الرقم 1" في المغرب. وليس من قبيل تضخيم الشأن،

القول إن لا شيء يحصل في سينما تلك البلاد من دون أن يكون للصايل علاقة به سواء من قريب أو من بعيد. الى الرؤية التي يمتلكها، هو ايضاً حارس السينما المغربية الذي يحميها من أعدائها في الداخل وأولئك الذين، في الخارج، يريدونها "سينما مناسبات" تطل برأسها بين الفينة والفينة، قبل أن تعود الى سباتها العظيم والى عالمثالثيتها.  
لكن، في رأس الصايل، ثمة مخططات أخرى، تحقق جزء منها خلال الأعوام الستة الفائتة التي ترأس خلالها المركز السينمائي المغربي، اذ جعل السينما المغربية تهب هبة كبيرة مثيرة حسد بلدان عربية كثيرة لديناميتها المفاجئة غير المسبوقة. ولا شك ان تلك السينما تحتاج الى الكثير من الرعاية، جماهيرياً وفنياً ومهرجانياً وانتشاراً، وهي أحوج ما تكون الى الحرية والاستقلالية لفضح المسكوت عنه في مجتمع حافل بالتناقضات، يترجح بين التقليد والحداثة، بين الانفتاح على الغرب والتمسك بأصول واعراف اسلامية.
لا يزال هناك مشوار سينمائي طويل أمام المغاربة، لكن على الأقل هناك نموذج انتاجي رصين (مستوحى بتصرف من الصيغة الفرنسية الشهيرة "سلفة على الايرادات")، يمكن البناء عليه من الآن وصاعداً وبلورته. باختصار، التجربة المغربية جديرة بأن نرفع لها قبعتنا. فمع استراتيجيا الصايل، باتت سينما تلك البلاد تمر في مرحلة تاريخية "لذا يجب ضبط أصولها حتى لا يكون بناؤها مشوها".
الصايل مجموعة رجال في رجل واحد: ناقد سينمائي واستاذ فلسفة ومدير تلفزيون سابقاً، ها نحن نراه اليوم يهتم بمهرجانين، أولاً طنجة حيث يساير المبتدئين؛ وثانياً مراكش حيث يرافق المشاهير. الأول نقيض للثاني. وبين هاتين المهمتين، يدير مركزاً سينمائياً بات مرجعاً، واليه يعود الفضل الأكبر في رفع عدد الأفلام المغربية المصنوعة في عام واحد من 5 الى نحو من 15، وربما أكثر في سنوات سابقة ولاحقة. أما خلف هذه السيرة الناجحة (success story على الطريقة المغربية)، فهناك رجل مثقف مدمن فلسفة وقراءة، وسينيفيلي أكول من المدرسة القديمة، كان قد أسس جمعية نوادي السينما في المغرب، وترأسها طوال عشر سنين (1973 – 1983)، وساهم في "مغربتها" وإدراجها في سياق وطني، قبل أن تأخذه الفرص المقتنصة الى عوالم التلفزيون، حيث اكتسب خبرة كاملة متكاملة، من خلال عمله في المحطة الفرنسية المشفرة "كانال بلوس أوريزون" في منتصف الثمانينات من القرن الفائت، مستفيداً من منصبه ليشرع الابواب أمام سينمائيين من بلدان لا مراكز ثقل لها على الخريطة السينمائية الدولية. بيد أن مشروع انقاذ القناة الثانية المغربية جاء به رئيساً، ثم عيِّن مديراً للمركز السينمائي المغربي، ومذذاك لا يتطور مساره الا تصاعدياً…
يقول هذا الستيني الهادئ (والصدامي عند الحاجة) انه تعلم الحياة متفرجاً على الشاشة المستطيلة وانه كان هناك تكامل بين مهنته مدرّساً للفلسفة والسينما. معادلة الحياة – السينما عند الصايل ذكّرتني بما قاله تروفو ذات مرة: "عندما نحبّ الحياة، نذهب الى السينما". لكن رجلنا يذهب الى ابعد من ذلك تأكيداً واصراراً على أن هذا الفن أنقذه من الحياة. ففي الحديث الذي اجريته واياه (بالفرنسية) في الدورة الأخيرة من مهرجان طنجة للفيلم المتوسطي القصير، اعترف لي بأن السينما انقذته "من" الحياة. وتابع جملته: "ساعدتني ألا أدخل الحياة من باب الواقعية، بل من باب الحلم. السينما جنّبتني مشكلات الحياة الحقيقية لأنني عشتها على الشاشة".

• يمتلك المغرب حالياً استراتيجيا سينمائية تبلورت في السنوات الأخيرة لتضخ مجموعة من الأفلام وصلت محصلتها في بعض السنوات الى الـ15 أو 20 شريطاً سينمائياً في عام واحد. كيف تقوّم هذه التجربة المغربية، انطلاقاً من كونك رئيساً للمركز السينمائي المغربي؟
– نحن في المغرب الآن نعمل خلافاً لمنطق "تحفة كل عشر سنين". أكثر من يهمها هذه الصيغة هي القوى السينمائية الكبرى حول العالم. قبل بضع سنوات، كان هناك سينمائي مالي أنجز فيلماً رائعاً، إسمه سليمان سيسه وفيلمه يدعى "يلن". كان ذلك في آواخر الثمانينات. الجميع صفقوا له، ثم نال جائزة لجنة التحكيم في كانّ وراح الكثيرون في الغرب يهللون له ويعتبرونه عبقرياً. هذه الجماعة التي صفقت هي نفسها تريد أن تتخصص الدول العربية والافريقية بالتحف الكبيرة. فهذا ما يهمها. يريدون وضع اليد على سوقك السينمائية ومن ثم التصفيق للعبقرية التي اخترعتها، علماً ان هؤلاء، بدورهم، ليسوا أكثر عبقرية منا في مجال العدد، لكن الفرق بيننا وبينهم أنهم ينجزون 500 فيلم كل عام تكسح أسواقنا وتعود عليهم بالعائدات المالية الضخمة جراء استثمارها في صالاتنا. باختصار، يضعون اليد على خيالنا وإمكان أن يكون لنا تعبير حر ومستقل. نتيجة هذه السياسة، تجد أن بلداً مثل مالي لم ينجز فيلماً آخر، أو على الاقل تحفة أخرى، بعد فيلم سيسه. أنا كنت فضّلتُ أن ينتج المالي 20 فيلماً في العام، ومنها فيلم لسيسه اسمه "يلن"، ولا يقتصر الانتاج في هذا البلد على تحفة كبيرة. من السهل أن تصفق المهرجانات لمخرجينا الكبار، وخصوصاً اذا كان عدد هؤلاء قليلاً. نحن بالطبع يعجبنا هذا الشيء كثيراً: أن ينتج أحد بلداننا 3 أفلام كل 12 عاماً ويحصل على جائزة كبيرة في مهرجان برلين! هذا جيد للفنان. لكن في المسألة شيء من الهراء، لأن هذا يعني انه ليس عندنا ادنى فكرة عن كيفية دوران العجلة السينمائية العالمية. هذه مقاربة انتروبولوجية غربية للسينما: بلد لا يخرج منه شيء منذ 20 عاماً، فجأة يأتيهم بتحفة فنية!
هناك مقولة صينية رائعة تقول: بدلاً من أن تعطي الفقير سمكة كل يوم، فالأفضل أن تعلّمه الصيد. نحن الآن قد تعلّمنا الصيد. لكن المشكلة أن ثمة الكثير من الانظار السلبية على كل سياسة مستقلة. تخيّل أنهم في اللحظة التي بدأنا نتعلم فيها الصيد، أفرغوا البحر من المياه. قوة الغرب كامنة في كونه يحدد قوانين السوق. يقولون لنا: "عليكم أن تنظّموا الأمور بأنفسكم، لديكم مواهب والخ". ثم عندما ندخل في مرحلة الانجاز، ينتبهون الى ان هذا الشيء قد يعود عليهم بالضرر، وهذا صحيح طبعاً. اذا أحصينا الافلام التي صدرت في الصالات المغربية في عام واحد (وعددها 350 فيلماً مصدرة من خارج البلاد)، نرى ان المراتب الثلاث الاولى في شباك التذاكر تحتلها أفلام مغربية. 300 ألف هو عدد مشاهدي الفيلم المغربي الذي يأتي في الصدارة، في حين انك تجد في المرتبة السابعة فيلماً أميركياً واسع الانتشار لا تتعدى ايراداته 50 أو 60 ألف مشاهد. هذه الأرقام تشمل المغرب كله، لأننا لا نملك الكثير من الصالات (80 صالة).
ثمة فيلم مغربي اسمه Les bandits جذب 500 ألف مشاهد. نحن نربّي الجمهور على الفيلم المغربي، لكن تبقى المشكلة أن كل الافلام التي تلي المرتبة الرابعة في قائمة الايرادات، هي أفلام أميركية. وهذا من شأنه أن يجعل الهيمنة الاميركية أقوى على مستوى مجموع الايرادات. لكن حصة السينما المغربية من السوق هي 15 في المئة، وربما هي 18 في المئة هذه السنة، لكن هذا الوضع لم يكن قائماً قبل فترة قليلة. أما حصة السينما الأميركية فلا تزال تدور حول الـ40 في المئة، فيما الهند حصتها 20 أو 25 في المئة، ومصر حصتها 12 أو 13 في المئة، اذ يتراجع حضور سينماها تدريجاً. المشهد ايجابي، لكن ما يهم الغرب هو أن يقولوا لنا "انجزوا تحفة مرة كل عشر سنين، لكن انتبهوا: لن تكون لكم الحصة الكبرى من السوق المحلية منذ اللحظة الاولى". ولكن نحن نريد ان تكون لنا حصة من السوق ليس فقط في بلادنا بل في بلادهم كذلك. لِمَ لا. واذا قيل لنا لماذا، فسنكرر: لِمَ لا؟

•••

• هل ثمة كيمياء وانسجام بينكم وبين السلطة المغربية؟
–  كل شيء يحصل من طريق التفاوض. يجب إقناع الناس. الدولة المغربية اليوم تفتح مناقشات جادة. حتى مبادرة اقامة مهرجان مثل "مراكش السينمائي" جاءت من جلالة الملك شخصياً. لهذه المبادرة معانٍ كبيرة. هذه رسالة حقيقية تحتفي بالخيال الحرّ والتعبير الحرّ، كذلك هي دعوة الى تفتيح عيون المغاربة على ما هو دولي من خلال السينما. لماذا السينما تحديداً؟ لأنه ليس هناك خيال أكثر تطوراً من السينما. لم نجد بعد ما هو أفضل منها. ليس شيء عادياً أن يكون الملك هو من طرح فكرة اقامة مهرجان سينمائي على ارض المغرب. ونحن يسرنا أن يكون على رأس سلطتنا شخص يمنح السينما هذا الاهتمام الذي يمنحها إياه. مع الدولة المغربية هناك مناقشة واسعة. انها مسألة عامة. لا يتعلق الأمر بقرارات يأخذها هذا أو ذاك، كلٌّ من زاويته. يجب اقناع الآخرين بما يجول في بالنا. نحاول ان نكون موضوعيين في عملنا، والقرارات لا تنم عن مزاج اصحابها. ننظر الى العالم ونقول انه في وسعنا أن نفعل ما تفعله كل البلدان التي تحترم الجمهور وتحترم الثقافة. لم يعد عندنا حاجة الى القول "ابتكرنا كذا وكذا"، بل ما نريده هو أن نرفع أنفسنا الى مصاف ما ينجز من اعمال دولياً.
• لكن من هو عدوّكم الأكبر في داخل المغرب اليوم؟     
 – قلة الطموح هي عدوّنا الأكبر. وهذا ليس عدوّنا في المغرب فحسب، بل في البلدان العربية والافريقية كلها. دائماً نخفي أنفسنا خلف ضيق الامكانات. قد يكون ضيق الامكانات من الأسباب الجوهرية، لكن هذه الاسباب سرعان ما تتحول ذرائع. مَن الذي يدعم الأفلام القصيرة المعروضة هنا في المهرجان؟ هل تعتقد ان الدولة هي التي من المفترض أن تموّل هذه الأفلام؟ لقد سُنَّ القانون المغربي المتعلق بهذا الموضوع وهو يطبَّق الآن: على كل شركة انتاج أن تنجز ثلاثة أفلام قصيرة كي تشرع نشاطاتها وتتمكن من التحالف مع علب انتاج أخرى. كنا ننجز 10 أفلام قصيرة سنوياً فصرنا فجأة ننجز 80 فيلماً قصيراً بسبب هذا القانون. في هذا النظام، ليست الدولة مَن يدفع، كل ما تفعله هو أنها تخلق الحوافز. وهذا أفضل من أن تعطي المال. في وجود القوانين والحوافز والاقتناعات، لا بد من أن نصير أشخاصاً طموحين. والا لنجرد أنفسنا من كل طموح ونسلّم أمرنا الى الحتمية والعبث، ونذيّل كلامنا دائماً بـ"ما الفائدة من فعل هذا أو ذاك؟". عندي، أن كل مباراة لم تنته بعد، لا نستطيع أن نعتبرها خاسرة أو رابحة.
• ثمة سينمائيون مغاربة أظهروا أخيراً جرأةً ما في بعض أفلامهم. لكن دينوا من متطرفين. في هذا المناخ، هل يجوز الذهاب الى ابعد؟
– أنا ضد النموذج الأوحد. فقط بالتناقض تستطيع أن تذهب الى الأمام. ليس من الجائز أن ننتظر كي يتفق الكل مع الكل. عندما يفكر البعض مثل البعض الآخر، فهذا يعني أن لا أحد يفكر.
• لكن حين تصبح مادة المناقشة قبلة في فيلم، فهذه المناقشة غير مفيدة سينمائياً…
– في المغرب لم نعد نناقش هذه المسألة. اذا كانت هناك حاجة في فيلم الى تصوير قبلة، فليكن. وفي حال وجوب تصوير مشاهد أكثر جرأة وعنفاً، فهناك هيئة لمراقبة الأفلام ومنع عرضها لمن هم دون الـ12 أو الـ16. لكن، لا أتفهم المنع الكلي لفيلم. لماذا تمنع فيلماً ما دام يُعرَض في صالة وما دام مشاهدوه قد دفعوا المال وقصدوا الصالة لمشاهدته. الا اذا كان في الفيلم تحقيراً للقيمة الانسانية أو تحريضاً على العنف والكراهية العنصرية والاتنية. حتى في الولايات المتحدة، قد يحدث أن تعترض جمعية سرية على ظهور نهدي امرأة في فيلم. يؤخذ على الممثلات المغربيات انهن يقبّلن في افلام أجنبية، لكن لا ينتبه هؤلاء الى ان الممثلات المغربيات يقبّلن أيضاً في الأفلام المغربية. في "ياسمين والرجال"، الممثلة الرئيسية تقبّل لأن النص يفرض عليها ذلك، والقبلة هي ذات معنى في سياق الفيلم، ولا تأتي في غير مكانها. في "حجاب الحب"، البطلان يقبّلان أحدهما الآخر، لأنه كان ينبغي اظهار هذا التناقض من الداخل. مع ذلك كله، ان يكون هناك ناس ضد هذا الشيء، فهذا يعني أننا نعيش في بلد حي. أحترم رأي الآخر، ما دامت المناقشة على مستوى معين. اما اذا تحولت المناقشة عنفا جسديا وابتزازا، فإننا نكون بذلك قد خرجنا على قواعد اللعبة. أحترم رأي الآخر، حتى لو كان هذا الآخر جاهلاً. المسألة بهذه البساطة: يجب منح هذا الآخر الثقافة المطلوبة. على الذي يعترض على شيء ما، أن يكون مطلعاً على هذا الشيء. كثر يعترضون على أفلام لم يشاهدوها. في امكانك أن ترفض مشاهدة فيلم، لكنك لا تستطيع منع الآخرين من مشاهدته.
• أريد أن أسألك عن جانبك الشخصي. لا نعرف عنك الكثير…
– لم أحرص يوماً على أن تكون شخصيتي متلفعة بالسرّ. لا أحد يسألني، وأعتقد أن لا حاجة اصلاً الى ذلك. استطيع أن اقول إنني ولدت في طنجة، ثم غادرتها حين كنت في الخامسة عشرة. درستُ الفلسفة وعلّمتها في مرحلة لاحقة. في فترة من الفترات، عشت في بيروت التي كنت اعتبرها أجمل مدينة في العالم. ومن أكثر الأشياء التي لم استوعبها في حياتي، كيف لناس يعيش البعض منهم على الرصيف المقابل للبعض الآخر أن يشهروا السلاح في وجوه بعضهم البعض. بيروت ما قبل الحرب كانت مدينة التسامح. إحدى روائع الانسانية كانت العيش المشترك بين اللبنانيين. وذات يوم يأتيك خبر بأن هؤلاء الناس يتقاتلون بوحشية. لسنوات لم تطأ قدماي بيروت. لم أكن اريد رؤيتها مجدداً. ودامت هذه القطيعة حتى عام 2002. تجربة مثل تجربة الحرب اللبنانية تعلمك بألا تقول "لقد فهمت كل شي". حتى اليوم، هناك من يستفيض في شرح وقائع ما حصل خلال الحرب. أشبّه هؤلاء، بالمحللين الذين يفسرون عام 2006 ما حصل في عام 2000. ليس هذا ما نطلبه. هل هناك أحد كان استطاع أن يقول، في عام 1974، ان حرباً ستقع وهي لن تنتهي؟
• الا تحنّ الى طفولتك في طنجة؟
– لا، لا اشعر بعاطفة تجاه الحجر. ارتباطي أكثر هو بالوجوه والاصدقاء. اتنقل مع العالم الذي في داخلي والفلسفة هي التي علّمتني هذا الشيء. الفلسفة والسينما تشاركتا في تأهيلي. عندما عبرنا في كتابات سبينوزا، وقابلنا هيغل، وطوّرنا سبل المعرفة مع نيتشه، وتعلمنا أسس تطبيق نظريات فرويد، وعدنا بعد هذا كله الى النصوص التأسيسية للاسلام الحقيقي، ودائماً باتباع منطق المسافة، فهذا كله يجعل الانسان أكثر تطوراً.
• قل لي، ماذا تفعل في أوقات الفراغ؟
– الوقت الفارغ أنتزعه. أقرأ كثيراً. أجالس الاصدقاء. برفقة زوجتي نعيش حياة زوجية حقيقية. ليست من النساء اللواتي ينزوين في مكان ما ويجعلن أزواجهن ينزوون بدورهم. هي زوجتي الثانية وقريباً سأصبح أباً. انا شمولي في التفاؤل وأؤمن بالحياة.

•••

• توقفت عن الكتابة. ألا تشتاق اليها؟
– الكتابة فعل حقيقي. لا نكتب ونحن ننتظر الاوتوبيس. لا اشتاق في الضرورة الى الكتابة، لكن أعرف انه سيأتي يوم أكتب فيه. في المقابل، أقرأ كثيراً. عام 2007، قررت أن أقرأ Les Rougon-Macquart الذي يتألف من 20 رواية كتبها اميل زولا. تطلّب مني قراءتها سنة كاملة. كان هذا شيئاً مدهشاً، اذ اكتشفت واحداً من أهم كتّاب العالم. أما السنة الماضية، فقرأت كل مؤلفات دوستويفسكي، وأدركت أن قراءة هذا الروائي بحسب تاريخ صدور مؤلفاته شيء يمكن أن يغيّر حياة انسان. القراءة تحتاج الى فكر تنظيمي. قبل الذهاب الى المكتب صباحاً، فأنا أحتاج الى ساعة ونصف الساعة من القراءة المتواصلة.
• ما هي ملذات الحياة اليوم بالنسبة اليك؟
– أن أجالس صديقاً لتبادل وجهات النظر. هذا شيء لا يثمَّن. التقنية المثالية هي الا تلتقي طوال الوقت اصدقاءك، بل أن تلتقيهم حين تشتهي ذلك. ألاحظ الآن وانت تسألني هذا السؤال أنني لست شخصاً معقداً. عندي، أشياء بسيطة قد تشكل مصدر بهجة.
• هل المسؤولية الملقاة على كتفيك كبيرة الى هذا الحدّ في ظل امتلاك سلطة كهذه؟
– بداية، يجب ألاّ نبالغ في امتلاكي السلطة. هناك مقولة فحواها ان "السلطة تبعث على الجنون والسلطة المطلقة تبعث على الجنون أكثر وأكثر". أنا قارئ نهم للفيلسوف كانط، وهو كان من الذين أثّروا فيَّ كثيراً عندما كنت ادرس الفلسفة. مع كانط يجري الكلام دائماً "عن" مكان ما. عندما يتكلم المرء، يُسأل: "من أي مكان تتكلم؟". اذاً، يتوقف الكلام على المكان الذي نتكلم منه. أنا احاول مخاطبة الآخرين على قدم المساواة. اعرف أن هذا كله نسبي، ولا يبقى الا حقيقة ما قررنا أن نفعله جماعياً. ولا يبقى الا ما نتركه، اي القرارات التي نتخذها والتي لا مجال للعودة عنها، وايضاً الاخطاء التي نرتكبها والنجاحات التي نحرزها. هذه هي الأشياء التي تبقى. ما إن تُعطى سلطةً ما، حتى تصبح التجربة قوية. كثيراً ما أتخذ قرارات، إما تنال الاعجاب وإما لا. نتيجة ذلك، تصبح، ولمرحلة من الزمن، رجلاً مكروهاً عند الذين لم تعجبهم قراراتك. اذا كنت تريد المحافظة على حسن علاقاتك مع الجميع، فالافضل الا تأخذ أي مسؤولية على عاتقك، وان تذهب للعيش في الصحراء، وهذا ليس ما أطمح اليه، كوني مناضلاً. نحن في المغرب نعمل وفق نظام "منح السلفة على الايرادات"، هناك مثلاً 15 مشروعاً يجري تقديمها، نختار خمسة منها، والباقي يُلغى. هذا يعني أنني سأكون مكروهاًَ لفترة معينة من جانب الذين رُفضت مشاريعهم، وهذه الفترة تتوقف بحسب ذكاء الشخص أو غبائه، فاذ كان غبياً فستطول الفترة، واذا كان ذكياً فستقصر. 
• أيّ مصير تتوقع للمغرب بعد عشر سنين من الآن؟
– نمر بمراحل صعبة، سواء في المغرب أو في البلدان العربية. ما يجري قد يدفعنا الى القاء نظرة متشائمة على واقعنا. الأزمة الاقتصادية الحاصلة الآن لا تسهّل الأمور. أعتقد أن ما نفعله اليوم في المغرب جدير بالاهتمام، وهو نهج قد يزعج. حظنا كبير ان الملك محمد السادس ينظر الى الصعاب مباشرةً ووجهاً الى وجه، ويرفع الكلفة في حديثه مع التاريخ. لا يضع رأسه في الرمل بل يواجه. وكل من يتحلى بالطموح لا بد ان يجد في الملك الرجل المناسب. لن نستطيع الخروج مما نحن فيه من دون الطموح. وانا ابقى على تفاؤلي، وهو تفاؤل العقل. 

هوفيك حبشيان  

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
مقال:   المحبة أراد جبران؟ أم الحب؟ (1)

مقال: المحبة أراد جبران؟ أم الحب؟ (1)

هنري زغيب- يلفِت أنْ بين معظم الترجمات التي صدرَت لـ"النبي"، تَرُوج في فصل "الحب" ترجمة "المحبة" كما وضعها سنة 1923 الأرشمندريت (مطران نيوجرزي لاحقاً) أنطونيوس بشير.

ويلفت أيضاً أن هذه الترجمة هي الوحيدة التي اطّلع عليها جبران قبل مثولها للطبع ووافق بل أثنى عليها، كما تشير مراسلات تلك الفترة (1923) بين الصديقَين. غير أن ملاحظةً وردت موجزة في مذكرات ماري هاسكل تشير في وضوح الى أن جبران، بعدما ذاق مجد الشهرة الأميركية وتَتَالي ترجمات "النبي" الى لغات عالمية كبرى فور صدوره، "لم يدقّق في الترجمة العربية"، كما حين كتب إليه أندرو غَرِيْب يُطْلعه على ترجمة إنكليزية لبعض مقطوعاته العربية (صدرت لدى كنوف نفسه تحت عنوان "قصائد نثر" سنة 1929)، لم يدقِّق فيها وكتب الى غَرِيْب شاكراً في لطف.
أيكون جبران قَصَدَ أن يبشّر المصطفى بـ"الحب" أم بـ"المحبة"؟
اللافت هنا أن الكلمة الأصلية (love) في نص جبران تحتمل في العربية شِيَاتٍ كثيرة، ولكل شِيَةٍ (nuance) تبريرها وصحَّتُها. فهي (كرديفتها الفرنسية amour) تحتمل طبعاً معنى المحبة، لكنها تحتمل كذلك معاني الحب، والعشق، والهوى، والهُيام، والشغَف، والغرام، والوَلَه، والولَع، والوَمْق، ولا يمكن التفريق بينها إلاّ في السياق الذي يبنيه النص أو يُضْمره الكاتب.
وقد لا تكون مصادفةً أن الترجمات التي صدرت بعد نص بشير (1923)، وبفارق زمني من نحو ثلث قرن، أجمعَت على ترجمة "الحب" لا "المحبة"، كما يتّضح من نصوص ميخائيل نعيمة (1956) وثروت عكاشة (1959) ويوسف الخال (1968) ونويل عبدالأحد (1993) وجورج شَكُّور وأَلفرد مرّ (1996) ويوحنا قمير (1997) وجميل العابد (1998) وسركون بولص (2008).
ولهذه الترجمات تبريرُها المضموني والمعنوي واللغوي والألسني معاً. فعبارة (I love) الإنكليزية كعبارة (j’aime) الفرنسية يمكن أن تقال عن إنسان أو عن حيوان أو عن أيّ كائن يهواه الإنسان أو يميل إليه، وهو ما تعنيه كذلك بالإنكليزية عبارة (I like). بينما عبارة (I’m in love) لا يمكن أن تعني إلاّ الحب من إنسان الى آخر (إلاّ عند استخدامها في هذا المعنى على مستوى المجاز والاستعارة في قصد العاطفة الإيجابية تجاه كائن يراه الإنسان أو يعاينه أو يختبره أو يفاجئه فـ"يُحِبُّه").
وقد يقصد البعض بـ"المحبة" معناها الأُنثوي الذي يتضمَّن الحنان والرحمة والشفقة والعطف والحُنُوّ وما إليها من صفاتٍ لا تَمنَحها إلاّ الأُنثى (أُمّ، شقيقة، جَدَّة، زوجة، صديقة، رفيقة، حبيبة، …) ولا تَجِد أفقها مترامياً لدى ذكورية اللفظة في كلمة "حب".
غير أن تدقيقاً إيتيمولوجياً في الكلمة، بإسقاطه على المدى العاطفي، يؤدي تلقائياً الى أنّ المحبة يمكن أن يُغْدِقها الإنسان على كائن واحد كما على مَجموعة (خطبة المسيح على الجبل، أو خطبة المصطفى على تلّة أورفليس)، بينما مفهوم الحب لا يمكن يكون إلاّ من إنسانٍ واحد الى إنسانٍ واحد، وليس فيه إشراكٌ ولا مشاركةٌ ولا اشتراك.
في هذا المعنى الإيتيمولو-إنساني، يمكن القول إن الحب هو طير الجناحين معاً: الجسد والروح، بينما المحبة هي تلك العاطفة الكبرى ناقصةً الجسد، وقد تكون أيضاً ناقصةً منطقَ العقلانية، من هنا العبارة الشهيرة أنّ "للقلب منطقاً لا يعرفه المنطق نفسه". وهذا ما يفسّر تصرفاتٍ متطرّفةً أحياناً لا تعرفها المحبة بل يعرفها الحب في حالات شغف شديد يبلغ معها الهُيام درجات اشتعال رائع يؤدي الى تصرفات رائعة ليس أقلّها الجنون أو الانتحار باسم الحب والوفاء والإخلاص والالتزام.
فكيف هذا "الحبَّ" الرائع كان يقصد جبران في فصل "الحب" من "النبي"؟

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
مقال: الأسئلة الشائكة حول منتقدي “النهار” (1)

مقال: الأسئلة الشائكة حول منتقدي “النهار” (1)

غسان حجار- النهار- لا أنطلق من موقع الدفاع عن قرار اتخذته ادارة "النهار" وطاول عددا كبيرا من الزملاء، لأنني موظف اولاً واخيراً، وقد يشملني اجراء مماثل في كل حين، لكني في الوقت عينه، لا يمكن ان الغي عقلي وتفكيري كصحافي قبل كل شيء، فيما اراقب المواقف والشعارات والتحركات (وبعضها مشبوه) من حولي:

-1 سمعت زعيماً يتحدث عن "النهار" بأنها تخلت عن يسارييها، ولا اعلم في الحقيقة اذا كان يتحدث انطلاقاً من يسار عجيب متناقض يعشش في داخله. اذ لا يمكن ليساري الفكر ان يرث زعامة ويورثها لأبنائه، او بالاحرى لابنه الذي وضعه الى جانبه في الفترة الاخيرة لفرضه بعد حين "زعيماً". هل يعيشون زمن البروليتاريا فعلا، وحكم الشعب، ويطبقون الفكر التقدمي؟

2- وسمعت الزعيم نفسه خائفا على اليسار في "النهار"، وقد سهت عن باله اسماء كثيرة وكبيرة ايضاً لا يمكن وضعها في خانة اليمين بالطبع لأنها تنتمي الى احزاب القومي والشيوعي و"حركة الشعب" وحركة "امل"، او ذوي فكر اقل ما يقال فيه انه غير يميني. فهل يعرف احدهم الزملاء: جهاد الزين، سركيس نعوم، سميح صعب، امين قمورية، عبد الله حيدر، ابرهيم بيرم، رضوان عقيل، ابرهيم دسوقي، عباس صباغ؟…
ثم ماذا عن العونيين؟ هل هم حاليا في اليسار ام في اليمين؟ طبعا الامور غير واضحة، فاليسار قد تبدل جذريا بعدما ظهر في اليمين المتطرف "اليسار الديموقراطي".

-3 وسمعت وسمعت، وخطر في بالي حقاً ان اسأل عن اليسار في لبنان، هل هي قوى "المعارضة" حاليا؟ هل "امل" في اليسار؟ وماذا عن "حزب الله"؟ وكيف تشرح تركيبة التقدمي؟ وهل "المردة" يسار ام "التيار الوطني الحر"؟ وماذا عن الاحزاب الجماهيرية "التضامن"، و"اليسار الديموقراطي" و"الحزب الجمهوري" و"حركة التغيير"؟
هل ثمة يسار في لبنان؟ في المقابل، ما هو اليمين اذا كان حزب الكتائب يضع نفسه، وعلى لسان نائب رئيسه سليم الصايغ، في خانة يسار الفكر والممارسة.

-4 سمعت زميلاً مصروفاً من صحيفة زميلة قبل مدة، وقد صار على رأس مركز للحريات، وصار يوجه سهامه الى "النهار" في ما يثبت ان مركزه انطلق، وانه وجد مكاناً ومكانة لنفسه، لكن ذاكرته خانته او بالأحرى لم تسعف زملاءه في المركز الذين لم يتضامنوا معه قبل ذلك، ولا اصدروا بيانات ولا فكروا بتحركات.

-5 وسمعت زميلاً متمسكاً بالحريات، وهو يساري طبعا، وضد الامبريالية الاميركية، رغم انه يعتاش من اموالها، وقد عاش لزمن، لا اعلم ما اذا كان مستمراً، على نفقة منظمة التحرير الفلسطينية التي عاثت في لبنان فساداً وتدميراً لبنيته وبنيانه، وفي ارشيفه "الناصع" حرب على السوريين، موّلها ابو عمار زمنا طويلا.

-6 سمعت زميلة اعلامية تتحدث عن خوف صحافيين من المشاركة في لقاء دعت اليه واقتصر حضوره على نحو عشرة اشخاص، لتبرر فشل تحركها، فيما كل العاملين معها يخافونها ويخافون لسانها السليط، ويتحدثون في السر عن "استكرادهم" في العمل وخوفهم من البطش في برنامجها الشهير.

-7 وسمعت مخرجاً "عظيماً" حائراً في أمره في الحياة، وقد يستمر كذلك الى حين مماته، يتوقع ولا يستغرب مجرى الاحداث، وهو غير عالم في ما سيفعله في غده، او ربما في حاضره، بعدما دهمه الشيب وتجاوز رأسه، فعمد الى إخفاء شعر زوجته.

-8 وسمعت ايضاً زميلاً اعلامياً يقرأ له الناس بلغات عديدة، صار في اليومين الاخيرين يتوسل إعلاماً متلفزاً، ويجول بناظريه يميناً ويساراً، في الوقت عينه، علّ صوته يودي باللغة العربية، بعدما اقتصر سامعوه على عشرة، فاتصل وحجز له مقعداً في برنامج متلفز الاسبوع المقبل، على شاشة عمد أخيراً اصحابها الى صرف نحو ستين من موظفيها.

-9 وسمعت زميلاً، ربما هو عينه، يقول ان ارهاباً يمارس على "النهاريين" بقول الادارة ان ثمة دفعة ثانية من الذين ستنهي خدماتهم، والقول المنسوب الى الادارة على لساني ليس صحيحاً، وقد يكون تكراره خطأ، ربما عن نقص فهم، ولكنه حتماً عن سوء نية، وعن ارادة تحريض للآخرين فشلت، بعدما امتنع زملاء عن المشاركة في التحرك، فصار المنظمون يتخبطون في ما بينهم، والغوا كل استعدادهم لاعتصام لم يجدوا من ينفذه.

-10 وسمعت زميلة تسأل عن الاسباب لأن عامل العمر لم يصبها، علماً انه اصابها في اذنيها حقاً، وقد اقفلت على سماع كل الانتقادات لنوعية عملها ومن اكثر من صوت، وحتى من القريبين منها… ثم فاجأتنا بمقارنة نفسها بالمطران جورج خضر. لكني سأفعل مثلها واسأل معها عن السبب، "فالذين استحوا ماتوا".

-11 وقرأت زميلاً في صحيفة عربية كتب في الموضوع ثم ناقض نفسه بعد ثلاثة ايام، من دون ان يبرر لأي من قرائه سبب هذا التغيير، واذا ما اصابته سهام اغراء واغواء من اعلامية جميلة، او تساقطت عليه اوراق خضراء من مكان ما.

-12 وتابعت مسؤولاً ينفي شائعة عن صرف اعلاميين في احدى المؤسسات، ثم يقول في مجلسه بعيداً من الكاميرا "لقد كنا اذكى من النهار فصرفنا عشرين شخصاً في الفترة الاخيرة ولكن بمعدل واحد الى اثنين في الاسبوع من دون ضجة".

-13 واخيراً اتصلت بي زميلة تخبرني بالمعاناة التي عاشتها من جراء تسلط المسؤولين في مركز الحريات إياه وانها غادرته قبل العثور على وظيفة أخرى، لانها لم تعد تتحمل القهر والقمع والتسلط، ووعدتني بكتابة تجربتها.

ربما تكون الادارة اخطأت في العملية الاخراجية، وهذا مثار جدل، وحق الاعتراض عليها يبقى قائماً، لكن الأكيد ان الخطأ، وان غير مقصود، وربما يستحق الاعتذار، كشف زوراً كثيراً، ونفوساً ضعيفة، ونفسيات…
من يحرك ويجعل من بعض الناس ادوات؟ ربما الذي يمول اسفارهم وتحركاتهم ومراكزهم التي تدافع عن الحريات.
المؤامرة على "النهار" كبيرة كبيرة، وخطيئة "النهار" عظيمة عظيمة لانها تركت الامور على غاربها.
ويتبع، في الاسبوع المقبل…

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
البرازيل:الأساقفة  يبدأون في1سبتمبر زيارتهم القانونية للأعتاب الرسولية

البرازيل:الأساقفة يبدأون في1سبتمبر زيارتهم القانونية للأعتاب الرسولية

يبدأ أساقفة البرازيل الكاثوليك من الأول من أيلول سبتمبر القادم وحتى زيارتهم القانونية للأعتاب الرسولية التي تمتد حتى العشرين من أيلول سبتمبر من عام 2010

وستتوقف خلال شهر تشرين الأول أكتوبر القادم بسبب انعقاد السينودس من أجل أفريقيا وينقسم الأساقفة إلى 13 فريقا أو وفدا يمثلون الأقاليم الكنسية في البرازيل المترامية الأطراف

اذاعة الفاتيكان 29/8/2009

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
البرازيل:الأساقفة  يبدأون في 1 سبتمبر زيارتهم القانونية للأعتاب الرسولية

البرازيل:الأساقفة يبدأون في 1 سبتمبر زيارتهم القانونية للأعتاب الرسولية

يبدأ أساقفة البرازيل الكاثوليك من الأول من أيلول سبتمبر القادم وحتى زيارتهم القانونية للأعتاب الرسولية التي تمتد حتى العشرين من أيلول سبتمبر من عام 2010

وستتوقف خلال شهر تشرين الأول أكتوبر القادم بسبب انعقاد السينودس من أجل أفريقيا وينقسم الأساقفة إلى 13 فريقا أو وفدا يمثلون الأقاليم الكنسية في البرازيل المترامية الأطراف

اذاعة الفاتيكان 26/8/2009

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
تحقيق: الكنيسة والإعـلام(•) [ 1] : كلمة الله في حياة الكنيسة ورسالتها

تحقيق: الكنيسة والإعـلام(•) [ 1] : كلمة الله في حياة الكنيسة ورسالتها

كيف تنظر الكنيسة الى الاعلام، وما هي الاهمية التي توليها لوسائل الاعلام، واين تجد رسالة الاعلامي المسيحي؟
الاهتمام الكبير من الكنيسة بوسائل الاعلام بدأ منذ سنة 1766 بنص للبابا كليمونص الثالث عشر حول طباعة الكتب ودور الكنيسة في التوعية.

 وفي سنة 1849 صدر للبابا بيوس التاسع وثيقة Nostis et nobiscum وتتالت الوثائق حتى سنة 1882 مروراً بسنة 1918 حتى كان اصدار رسالة البابا بيوس الحادي عشر Vigilanti Cura سنة 1936 الى اساقفة نيويورك، وتبلور هذا الاهتمام في منتصف الستينات، وتحديداً في العام 1965، بصدور مرسوم حول وسائل الاعلام الاجتماعية من 24 بنداً، في نهاية المجمع الفاتيكاني الثاني، تقرر بموجب المادة 18 منه وجوب تخصيص يوم من كل سنة، في ابرشيات العالم كله، يتلقن فيه المؤمنون الارشادات الخاصة بواجباتهم في هذا المجال، ويدعون فيه للصلاة على هذه النية، وايضاً من اجل تقديم تبرعاتهم التي ينبغي ان تعود الى دعم ما تقوم به الكنيسة من اعمال في هذا الميدان وتنميته في ضوء حاجات الكنيسة باجمعها. وجاء في الارشاد الرعوي بشأن وسائل الاعلام 1971 المقطع 167: "لتحرص السلطات الكنسية… على بذل ما بوسعها لتشجيع ومساعدة جميع المعنيين بغية اعداد يوم عالمي خاص بالاعلام والاحتفال به سنوياً. ويجب التركيز في ذلك اليوم على ابراز دور الذين يعملون في هذا القطاع. ولتعرض هذه السلطات، فضلاً عن ذلك في اوقات محددة، على المجالس الاساقفية ما تقدر انها تحتاج اليه من اعتمادات للقيام بأعمال الرسالة في حقل الاعلام".
وألزم البيان المجمعي " السلطات  العامة بواجب الدفاع عن الحرية الاعلامية الصحيحة والحقيقية وحمايتها"، وامر باعداد كهنة ورهبان وعلمانيين لاكتساب مهارة حقيقية في استعمال هذه الوسائل لغايات رسولية، وبنشر المعاهد والمؤسسات لتنشئة الصحافيين وصانعي الافلام ومعدي البرامج الاذاعية والتلفزيونية تنشئة مناسبة مشبعة بالروح المسيحية، وبتأسيس مراكز وطنية كاثوليكية لوسائل الاعلام الاجتماعية. اخيراً اوصى المجمع جميع ابرشيات العالم بتكريس يوم سنوي عالمي لدعم وسائل الاعلام الاجتماعية.
على الصعيد التنظيمي، اعلن البابا بيوس الثاني عشر، قبيل المجمع الفاتيكان الثاني، انشاء لجنة بابوية خاصة بالسينما والراديو والتلفزيون، ثم ثبتها البابا يوحنا الثالث والعشرون عام 1959 كلجنة دائمة في الفاتيكان، وحوّلها البابا بولس السادس عام 1964 الى لجنة حبرية لوسائل الاعلام الاجتماعية، مضيفاً الى دائرة صلاحياتها الاعلام المكتوب، واخيراً رفعها البابا يوحنا بولس الثاني الى مصاف مجلس حبري لوسائل الاعلام الاجتماعية عام 1989.
ومنذ 2 ايار 1967 ومع البابا بولس السادس، درج البابوات على اصدار رسائل حبرية سنوية في مناسبة اليوم العالمي لوسائل الاعلام الاجتماعية، الذي يُنظّم عادة يوم الاحد السابق لعيد العنصرة من كل سنة في معظم انحاء العالم. والجدير بالذكر هو ان الكنيسة قد اعلنت القديسة كلارا، عذراء اسيزي، شفيعة لاهل الاعلام التلفزيوني، والقديس فرنسيس الساليزياني شفيعاً لاهل الصحافة، والملاك جبرائيل شفيعاً لاهل الاعلام الاذاعي. تضمنت هذه الرسائل السنوية نظرية الكنيسة الى وسائل الاعلام ودورها التربوية وتأثيرها على الناس، وكذلك نظرتها الى الاعلاميين وواجباتهم نحو المجتمعات، وقد حفلت هذه الرسائل بتعاليم قيمة على المستوى التربوي تشكل نظرة الكنيسة الى التربية الحديثة في مختلف ابعادها.
خلق التطوّر المذهل للاعلام ما يمكن تسميته بعولمة الثقافة والمعرفة، الامر الذي دفع الكنيسة الى وضع استراتيجية خاصة بالاعلام تستخدم وسائل الاعلام وتفعل فيها وتؤثر من اجل التبشير بالكلمة وخدمة الكنيسة.
1 – الاهمية التي توليها الكنيسة لوسائل الاعلام
تولي الكنيسة الكاثوليكية اهتماماً كبيراً لوسائل الاعلام، فوصف البابا يوحنا الثالث والعشرون عالم الاعلام بأنه "عالم تفجير التقدم التكنولوجي". في رسالته العامة بعنوان "تقدّم الاكتشافات الرائعة" الصادرة عام 1957، قال البابا بيوس الثاني عشر انه ينبغي ان ننظر الى وسائل الاعلام على انها "هبات من الله" وهي "وسائل جبارة موضوعة في متناول البشر تتطلب من المعنيين بتداولها حساً عالياً بالمسؤولية"، كما عبر يوحنا بولس الثاني.
من جهته، وصف البابا بولس السادس وسائل الاعلام الحديثة "بأنها سيدة التفكير العام والمعلمة التي تتوجه الى الراشدين فيما يتوجه المعلم التقليدي الى التلاميذ فقط وفي فترة زمنية محددة، انها تؤدي للجنس البشري خدمات جليلة اذا استُخدمت على وجه سليم، ولها القدرة على التثقيف والترفيه في آن". وهو قول نقله عنه رولان كيرول (Roland Cayrol).
أما البابا بيوس الحادي عشر فجعل من الصحافيين ممثلين لأكبر قوة في العالم، على حدّ ما نقل عنه أوليفيرا دي بنتو (Oliveira De Pinto).
وفي رسالته الحبرية في اليوم العالمي التاسع والثلاثين لوسائل الاعلام بعنوان "وسائل الاعلام في خدمة التفاهم ما بين الشعوب" وصف البابا يوحنا بولس الثاني وسائل الاعلام "بالمجلس الأعلى" (الأريوباغُس) للأزمنة المعاصرة… ومن المعلوم ان بولس بشر في أماكن عديدة، ثم أدرك اثينا وتوجه الى "الأريوباغُس) حيث بشر بالانجيل، مستعملاً لغة ملائمة ومفهومة في ذلك الوسط. كان "الأريوباغُس" يمثل يومذاك مركزاً حضارياً للأثينيين المثقفين، ويمكنه اليوم أن يكون رمزاً لأوساط جديدة يجدر فيها اعلان الانجيل. واضاف قداسته ان "الأريوباغُس" الأول في الازمنة المعاصرة هو عالم وسائل الاعلام، الذي يعطي البشرية وحدتها، اذ يجعل منها، كما يقال، قرية كبيرة.
إن وسائل الأعلام، من وجهة نظر مسيحية، هي "ادوات رائعة موضوعة في متناول الناس"، و"تدبير الهي"، – كما جاء في رسالة يوحنا بولس الثاني في اليوم العالمي الخامس والعشرين لوسائل الاعلام لسنة 1991 – بهدف يرمي الى تحقيق المزيد من الروابط وتوثيقها وتوطيدها داخل العائلة البشرية جمعاء، علماً ان هذه الوسائل كلما تطورت كلما أنشأت بين الناس لغة جديدة للتخاطب تمكنهم من التعارف والتفاهم بطريقة اسهل، وكلما حملتهم بالتالي الى التعاون، بمزيد من طيبة الخاطر، في سبيل الخير العام.
تنظر الكنيسة على هذا الاساس، الى وسائل الاعلام على انها "هبات من الله" وانها ادوات بوسعها ان تكون فاعلة إذا ما استخدمت استخداماً حسناً معلنة بروح الحق والحرية والعدالة والسلام والخلاص والفداء بين ابناء الأسرة الانسانية.
ادركت الكنيسة اهمية الثورة التي قام بها الاعلام في العصر الحاضر، وحاولت في تعاليم المجمع الفاتيكاني الثاني ان تستوعبها وتسير بها وتفعل فيها. نلحظ في وثائق المجتمع الفاتيكاني الثاني، وجود ثماني وثائق من اصل ست عشرة وثيقة تناولت في موضوعها وسائل الاعلام الاجتماعية بطريقة صريحة وواضحة. من أبرز هذه الوثائق: القرار المجمعي في وسائل الاعلام الاجتماعية intermirifica، الارشاد الرعوي الذي جاء تطبيقاً له في العام 1971، واجب اعلان البشارة في العام 1975، واجب تلقين التعليم المسيحي في العام 1979، بالاضافة الى الرسالة الحبرية السنوية التي درج الكرسي الرسولي على اصدارها منذ العام 1967 بمناسبة اليوم العالمي لوسائل الاعلام.
شددت تعاليم المجمع الفاتيكاني الثاني على واجب الاهتمام بوسائل الاعلام والاتصال ودور المسيحيين على صعيد الكنيسة والدولة والمدرسة والعائلة في المشاركة الفاعلة بتطوير هذه الوسائل وحسن استعمالها وتوجيه الرأي العام بما يخدم قيم التضامن والسلام، ويصون حقوق الاعلام والاستعلام ويحمي حياة الاعلاميين ويوفر لهم المناخ اللازم من حرية التعبير والضمير، الشرط الاساسي للكرامة الانسانية.
كما اكدت الكنيسة مراراً على أهمية وسائل الاعلام في نقل القيم الانسانية والدينية وتعزيزها، وعلى المسؤوليات الخاصة التي تقع على كاهل جميع العاملين في هذا القطاع الدقيق والحساس، لا سيما وان التقدم والتطورات التي طرأت، في العقود الأخيرة، طبعت مجال وسائل الاعلام وامدتها بقدرة خطيرة على التأثير. وتعي الكنيسة هذه الامور وتدرك ايضاً انه من شأن وسائل الاعلام، اذا ما استخدمت بطريقة حكيمة، ان تقدم خدمات كبيرة للانسانية. ذكّر المجمع الفاتيكاني الثاني "بأن حسن استخدام الوسائل الاعلامية يقضي على جميع الذين يستخدمونها بأن يكونوا على معرفة بمبادئ الأخلاق، وأن يعملوا بها بأمانة في هذا المجال".

2 – اليوم العالمي السنوي لوسائل الاعلام
أوصت المادة الثامنة عشرة من المرسوم الفاتيكاني المتعلق بوسائل الاعلام الاجتماعية "بوجوب تخصيص يوم من كل سنة تحتفل فيه الكنيسة بوسائل الاعلام، في ابرشيات العالم كله، يتلقن فيه المؤمنون الارشادات الخاصة بواجباتهم في هذا المجال، ويدعون فيه للصلاة على هذه النية، ولتقديم تبرعاتهم التي ينبغي ان يعود ريعها الى دعم ما تقوم به الكنيسة من اعمال في هذا الميدان وتنميته في ضوء حاجات الكنيسة بأجمعها".
جاء في الارشاد الرعوي بشأن وسائل الاعلام "لتحرص السلطات الكنسية… على بذل ما بوسعها لتشجيع ومساعدة جميع المعنيين بغية اعداد يوم عالمي خاص بالاعلام والاحتفال به سنوياً. ويجب التركيز في ذلك اليوم على ابراز دور الذين يعملون في هذا القطاع. ولتعرض هذه السلطات، فضلاً عن ذلك في اوقات محددة، على المجالس الاسقفية ما تقدر انها تحتاج اليه من اعتمادات للقيام بأعمال الرسالة في حقل الاعلام".
وقد دأبت الكنيسة، منذ ايار 1967، على توجيه رسالة الى ابنائها، في اليوم العالمي لوسائل الاعلام، وذلك من اجل ان يصلوا على نية هذه الوسائل والعاملين فيها، وهي في الوقت نفسه تتوجه الى جميع العاملين والعاملات في الحقل الاعلامي لكي يعمقوا ادراكهم بأهمية رسالتهم في العالم المعاصر، وبمدى تأثير عملهم في حياة الناس، رجالاً ونساء. وفي كل سنة، تختار الكنيسة  موضوعاً من مواضيع الاعلام، مركّزة عليه الانتباه لكي يُصار الى التأمل به والتعمق بمعانيه وأبعاده.

3 – لجنة الكرسي الرسولي
يستند الحبر الأعظم الى لجنة خاصة بالكرسي الرسولي ليقوم بمهمته الرعوية العليا في قطاع وسائل الاعلام الاجتماعية. واذ يجعل آباء المجمع من امنية "أمانة سر النشر والمشاهد" امنيتهم بالذات، يسألون الحبر الأعظم باحترام كي تمتد سلطة هذه اللجنة وصلاحيتها على كل وسائل الاعلام الاجتماعي بما فيه الصحافة وان يلحق بها خبراء من بينهم علمانيون من بلدان مختلفة.
إن "للكنيسة دواعي شخصية تدفعها الى الاهتمام بوسائل الاعلام الاجتماعية، فهي ترى، في ضوء الايمان، أن تاريخ الاتصال البشري يبدو وكأنه طريق سفر طويل يمتد من بابل، موضع سقوط الاتصال ورمزه (سفر التكوين 4:11 – 8)، الى العنصرة وموهبة اللغات (اعمال الرسل 5:2 – 11)، اي الاتصال الذي اصلح بالروح القدس الذي ارسله الابن، وكانت رسالة الكنيسة اعلان البشارة الجديدة الى العالم حتى انقضاء الأزمنة (متى 19:28 – 20، مرقس 15:16) 22. وهي اليوم تعتبر أن ذلك يقتضي استعمال وسائل الاعلام.

4 – الأخلاقيات والمبادئ التي تحدّدها الكنيسة للاعلاميين ووسائل الاعلام
تطالب الكنيسة العاملين في حقل وسائل الأعلام أن يكسبوا ثقة الناس، وقد ورد على لسان البابا يوحنا بولس الثاني: "اعرف ان الجماهير، بالنسبة اليكم انتم صنّاع وسائل الأعلام، ليست جماعات نكرة. انها تشكّل التحدي المستمر للحاق والاتصال بكل واحد في اطار حياته الخاصة، على مستوى فهمه وشعوره الشخصي، بتكنولوجيات مستمرة التطور، واستراتيجيات للاتصال متزايدة الفاعلية. تُرى اي صدى يكون في ضمائركم للدعوة لأن تبلغوا الى الغير استراتيجية الاعلام، في خدمة العدالة والسلام".
ترى الكنيسة انه على العاملين في حقل وسائل الأعلام ان يكسبوا ثقة الجماهير التي هي تحد مستمر للاتصال بكل واحد منهم في اطار حياته الخاصة. وتعتبر الكنيسة ان استراتيجية الاعلام هي بمعظمها استراتيجية اعطاء معلومات للمساهمة في مجتمع العلم.
حددت الكنيسة سبع مهام اساسية في الاعلام المبرمج والمنظم لتوليد الثقة: التوعية، التنديد، الامتناع، التجاوز، الاسهام، النشر والتأكيد. ترمي التوعية الى افهام الجماهير انه مع الحرب يضيع كل شيء، لكن لا شيء يضيع مع السلام.
توجب العدالة والسلام بالتنديد بمسببات العنف على مختلف انواعها من التعامل بالاسلحة والتسلط والاستغلال… وهو أمر يدفع الى الامتناع عن كل ما يتسبب في العنف والظلم. وهو ما عبّر عنه البابا يوحنا الثالث والعشرون "بنزع السلاح من الأرواح" ما يعني الحد من البرامج التي تعرض ارادة السيطرة.
وتفترض استراتيجية الثقة تجاوز كل العقبات التي تعرقل السلام وتخطي الحواجز العرقية والطبقية والثقافية التي تقف في سبيل السلام. كما ان الاعلام هو السبيل للتحسس بحقيقة الاعلام والتثبت منها ومراقبتها وهو ما يسهم بجعل السلام ممكناً في العدل.
وتقع على العاملين في حقل الاعلام مسؤولية نشر كل ما يساعد على فهم وإحياء السلام والعدالة، في كل مناسبة ومكان، سواء في اللقاءات الفردية او في المؤتمرات الدولية. كل ذلك ضمن اطار الفكر المسيحي في السلام والعدالة المرفق بروح الالتزام والصلاة لتأمين العدالة في الحياة. ومن جهة أخرى، دعت الكنيسة الى وجوب الانتفاع بجميع وسائل الأعلام التي يتسم بها عصرنا، وإلا فان الكنيسة تكون مقصرة أمام الرب ما لم تعمد الى الانتفاع بهذه الوسائل الجبارة التي تزداد تطوراً يوماً بعد يوم بفضل العبقرية الانسانية .
في خطبة للبابا بيوس الثاني عشر حول الرأي العام يحمّل قداسته الصحافة مسؤولية تهربها من مهمة تنوير الرأي العام وتوجيهه، البعض عن نية سيئة، والبعض عن عدم ادراك، والآخرون عن عجز او عن خوف. وكأن الرسول بولس يتوجه اليوم برسالة واضحة للعاملين في حقل الاتصالات الاجتماعية – سياسيين وخبراء اتصال ومشاهدين: "ولذلك كفّوا عن الكذب وليصدق كل منكم قريبه فاننا اعضاء بعضنا لبعض… لا تخرجن من افواهكم اية كلمة سوء بل كل كلمة صالحة تفيد البنيان عند الحاجة وتكون سبيل نعمة للسامعين".

(•) من لقاء الاعلاميين في 6 أيلول 2008، دير مار الياس – انطلياس.
(••) رئيس الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة.

الأب طوني خضره     
(تتبع حلقة ثانية أخيرة)
جريدة النهار 31.05.2009

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
تحقيق: إزدهار هائل في عالم الجريمة الرقمية (1)

تحقيق: إزدهار هائل في عالم الجريمة الرقمية (1)

كشف تقرير حديث عن نشاطات "مجرمو الانترنت" أن عام 2008 شهد تطوير ونشر برمجيات خبيثة وفيروسات غير مسبوقة. ويضيف التقرير الذي صدر عن إحدى شركات البرمجيات التي تحضّر برامج مضادة للفيروسات أن "

ناشري الفيروسات واصلوا العمل بسرعة خاطفة بُغية تطوير برمجياتهم ,KAVIH بمجرّد اكتشافهم لثغر على الانترنت يمكن اختراقها". ويؤكد الباحثون الذين اعدوا التقرير أنهم شهدوا ورصدوا السنة الماضية كميةً غير مسبوقة من البرمجيات الخبيثة التي يمكنها اختراق الأماكن غير الحصينة. ويعتقد خبراء صناعة الحلول الأمنية أن الوسائل التقليدية للحماية من البرمجيات والهجمات الخبيثة لم تكن كافيةً.
ويضيف التقرير ان نشر معظم هذه التهديدات يتم عبر ما يسمى "سحابة الانترنت" أو Internet Cloud، الأمر الذي يجعل جميع متصفِّحي الإنترنت عرضةً لأن يكونوا من ضحاياها. والمقصود بسحابة الانترنت، الفضاء أو المساحة التي يشترك في استخدامها جميع مشتركي الانترنت.

هوايات المجرمين

ويقول التقرير انه في عام 2008، زادت شراسة البرمجيات الخبيثة التي تعتمد على اختراق المناطق غير المحصَّنة، مثل البرمجيات الخبيثة التي تغيِّر أسماء نطاقات الإنترنت DSN لتوجِّه بعد ذلك أيَّ جهاز إلى أيِّ موقع مختار. ومن الهوايات المفضَّلة بين مجرمي الإنترنت خلال السنة الفائتة تطوير برمجيات لاختراق متصفِّحات الإنترنت، وخصوصا "مايكروسوفت إنترنت إكسبلورر". كما شنَّ مجرمو الإنترنت هجماتٍ شرسةً مماثلةً على المتصفِّحات الأخرى، وشُنَّت تلك الهجمات بسرعةٍ خاطفةٍ قبل أن تتمكن الشركات المطوِّرة لتلك المتصفِّحات من إصدار برمجيات مُلحقة لمعالجة الخلل الذي استغله مطوِّرو البرمجيات الخبيثة.
كما شهدت البرمجيات الخبيثة المصمَّمة لسرقة البيانات ذات الطبيعة الحسَّاسة نمواً كبيرا خلال العام الماضي. وتبدأ مثل هذه العملية بهجمة فيروس "حصان طروادة"، وهدفه الأول والأهمّ سرقة المعلومات والبيانات ذات الطبيعة الحسّاسة من كومبيوترات الأفراد ومن ثمَّ إرسالها خلسةً إلى مجرمين في مكانٍ ما من أجل استغلالها بشكل مباشرٍ أو إعادة بيعها في السوق السوداء لمن يرغبون في استغلال تلك المعلومات لهدف أو لآخر.

الولايات المتحدة هدف أول

وبقيت الولايات المتحدة الأميركية طوال السنة الماضية في المرتبة الأولى من حيث الرسائل المتطفِّلة أو غير المرغوبة. وتستقبل الولايات المتحدة الأميركية زهاء 22.5 في المئة من الرسائل المتطفلة التي تجوبُ العالم يومياً. فيما احتلت أوروبا المرتبة الأولى من حيث أكثر القارات تعرضا للرسائل المتطفلة أو غير المرغوبة. كما شهدت الصِّين زيادةً مضطردةً خلال الفترة الماضية، إذ بلغت حصتها من الرسائل المتطفلة زهاء 7.7 في المئة في عام 2008، مقارنةً مع 5.23 أو أقل في روسيا والبرازيل وجمهورية كوريا الجنوبية.
وفي الفترة بين شهري كانون الثاني وتشرين الثاني 2008، بلغ عدد الكومبيوترات التي أصيبت ببرمجيات "البوتس" زهاء 34.3 مليونا. ويُقصد بـ "البوتس" البرمجيات المصمَّمة للسيطرة الكلية على الكومبيوتر من طرف آخر والتحكم فيه بشكل كامل "عن بُعد" Remote. وشهدت الفترة بين شهري حزيران وآب 2008 أكبر زيادة رُبع سنوية في عدد الكومبيوترات المُصابة ببرمجيات "البوتس"، إذ بلغت تلك النسبة 476 في المئة.
وفي تشرين الثاني 2008، كشف فريق من الباحثين الأمنيين حقيقة شركة "ماكولو كوربوريشن" الأميركية التي تتخذ من سان خوسيه مقراً لها، والتي تعتبر في طليعة مصادر الرسائل المتطفلة في العالم. ويتوقع خبراء أن تشهد المرحلة المقبلة جهوداً مماثلةً للكشف عن الشركات والمؤسسات المتورِّطة في إرسال كمية هائلة من الرسائل المتطفلة حول العالم، وأن تتعزَّز الشراكة مع الجهات الأمنية لفضح جميع المتورِّطين.

توقعات 2009

ويضيف التقرير الصادر عن "ترند مايكرو" المتخصصة في تحضير برامج مضادة للفيروسات  أنه "مهما تختلف سُبل نشر البرمجيات الخبيثة، فإن المكاسب المالية ستبقى الحافز الأول وراء تطوير المزيد منها ونشره خلال السنة المقبلة". ويؤكد التقرير أن مجرمي الانترنت سيواصلون الاعتمادَ على الأجهزة والبرامج الحديثة المختلفة من أجل تجنُّبِ رصد أعمالهم الإجرامية. وستعتمد هذه التهديدات خلال السنة الحالية على أحدث التقنيات والأساليب الخادعة، مثل فيروس حصان طروادة المصمَّم لتغيير أسماء نطاقات الإنترنت، فيما سيواصل مطوِّرو البرمجيات الخبيثة الاعتماد على أفضل الأدوات والتقنيات لتنفيذ مهماتهم وتحقيق أهدافهم.
(-1 في الأسبوع المقبل الجزء الثاني من التقرير، وفيه نتناول: أي الكومبيوترات يستهدف المجرمون وأين ستتركز الهجمات؟).

جريدة النهار 19.04.2009

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
مقال: الرأي العام والإعلام: خنادق الأهل الكلامية (1)

مقال: الرأي العام والإعلام: خنادق الأهل الكلامية (1)

هل لدينا في لبنان رأي عام؟ سؤال يطرح أمامنا بإلحاح. المقصود هنا «رأي عام» كالذي يجري الحديث عنه في الدول المتقدمة، حيث انطلق المصطلح، كالولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا و… أم أن ما ينطبق على تلك الدول وأخرى مشابهة لا ينطبق على سواها من الدول التي تصنف على أنها تنتمي الى العالم الثالث او النامي او المتخلف بفجاجة، ونحن ضمنها.

ليس المقصود هنا الدخول في دراسة مقارنة بين النمطين وتبيان وجود رِأي عام او عدم وجوده، بل الإشارة الى ضرورة التدقيق في كل مصطلح نستعمله. واعتقد أن تعبير الرأي العام يشبه الى حد بعيد مصطلح «القرية الكونية» الذي راج منذ أكثر من عقدين من الزمن لدى الحديث عن الثورة الرقمية التي طوّعت الفضاء لعمليات اتصال غير مسبوقة بواسطة الأقمار الصناعية والتي نلمسها عبر الاتصالات الخلوية والانترنت ومحطات التلفزة التي تنقلنا بلحظات إلى مركز الحدث. وقد أخذ البعض هذا المصطلح من دون أي تدقيق. وباتت بالتالي بالنسبة لهؤلاء نيويورك وجزيرة مانهاتن وباريس ولندن مثلها مثل حارات دلهي او إسلام آباد او غزة او القاهرة او معسكرات لاجئي دارفور وغيرهم، حيث يتكدس الناس محرومين من حق الحياة، قبل ان يتمتعوا بالإفادة من خيرات منجزات العلم. بين العالمين الاول والثاني قرون من التطور الأمر الذي يجعل من كل منهما عالما مختلفا وان انتميا الى الكرة الارضية نفسها.
طرح السؤال كمدخل يهدف في ما يهدف اليه الى الدعوة الى الجدال. اذ لدى البحث في تعريف مصطلح الرأي العام منذ ان بدئ باستعماله منذ عصر الثورة الفرنسية تقريباً وحتى الآن وردت مئات التعريفات التي تتلاقى على القول انه موقف شبه عام إزاء حدث ما او مشكلة ما لها الطابع العام. وانه بالتالي التعبير عن الضمير الحي الجمعي باعتباره يتناول المصالح العامة اولا او مصالح الاغلبية على الاقل. او انه الرأي الاكثري الذي تطلقه مجموعة او تلتزم به حيال مواضيع محددة وينحاز اليها القسم الاغلب من الناس. او انه الفكرة السائدة او الغالبة بين جمهور المواطنين في دولة ما. كل هذه التعريفات وسواها يفهم منها ان الرأي العام هو رأي غالبية الناس تجاه قضية من القضايا التي تنعكس على حياتهم الشخصية. اذن هناك ما يشبه التحديد يدفعنا الى القول ان الرأي العام هو الرأي الغالب بين شعب من الشعوب او جماعة من الجماعات تجاه قضية ما، دون ان يصل هذا الرِأي الغالب الى التطابق الكامل بين معتنقيه.
هذا الاستخلاص من مجموع التعريفات المتداولة لا يلغي السؤال المطروح بداية وهو هل في لبنان رأي عام وما هي حدوده؟ وهل هناك اعلام يملك سياسات او خططاً محددة تدفع نحو او باتجاه تكوين رأي عام. ام ان لدينا رأياً عاماً منقسماً واعلاماً منقسماً، وبالتالي من الصعب الحديث عن رأي عام واحد موحد واعلام يقف على مسافة من قوى (1) الاستقطاب الاهلي. واعلام يبعث برسائله الى الناس بالتساوي ليجعل منهم مواطنين قادرين على التعبير عن مواقفهم المستقلة عن مرجعياتهم السياسية والطائفية؟
ارث الانقسامات
يتفق الجميع أن اللبنانيين اليوم يعيشون ارث انقسامات آبائهم بالأمس، تماما كما كان عليه الآباء عندما ورثوا انقسامات الاجداد. وقد خصص كل من عدنان الامين ومحمد فاعور دراسة ميدانية مطولة لتبيان انقسام طلاب الجامعات والعوامل المؤثرة فيه لجهة الأهل والمحيط والجامعة (صدر عن الهيئة اللبنانية للعلوم التربوية ـ لبنان في العام 1998، بعنوان: الطلاب الجامعيون في لبنان واتجاهاتهم: ارث الانقسامات). وقد تناول الامين وفاعور تأثيرات الحرب الاهلية على طلاب الجامعات الرئيسية والعوامل المحددة في تعمق عناصر الانقسام واستمراريته وإعادة إنتاجه.
والحقيقة ان الانقسام رافق اللبنانيين قبل حربهم الأهلية الأخيرة، بل إنه ينتسب الى ما قبل نشوء كيانهم. الكل درس في التاريخ عن الصراعات القاسية بين القيسية واليمينة منذ القرن السابع عشر وبعده، أي في أيام كل من فخر الدين المعني والأمير بشير الكبير. وفي العام 1920 عندما أعلن الجنرال غورو من قصر الصنوبر في بيروت إنشاء دولة لبنان الكبير وقف اللبنانيون إزاء الإعلان فريقين: فريق رفض إقامة هذا الكيان صغيراً كان ام كبيراً، وفضل عليه كياناً يكون جزءا من الدولة العربية في بلاد الشام او سوريا الطبيعية. وفريق اعتبر الاعلان بمثابة تحقيق لاماني اللبنانيين ان يكون لهم كيانهم المستقل عن محيطهم العربي الأوسع، مدعيا ان لبنان هو فينيقي وليس عربيا. (راجع هنا: كمال الصليبي في كتابه بيت بمنازل كثيرة الصادر عن مؤسسة نوفل بترجمة عفيف الرزاز ط.1، 1990. وحسام عيتاني: هويات كثيرة وحيرة واحدة الصادر عن دار الساقي ط.1، 2007). استمر هذا الوضع بين الاعوام 1920ـ1943 تاريخ نيل الاستقلال عن الانتداب الفرنسي. خلال ربع القرن هذا ذوت فكرة الدولة العربية في دمشق للانضواء تحت رايتها. وأخذت تظهر فكرة الكيانية، ومعها القومية العربية وجامعة الدول العربية. الميثاق الوطني الذي توصل اليه الرئيسان بشارة الخوري ورياض الصلح كان تعبيراً عن اتجاهين: استقلالي عن العرب واستقلالي عن المدى الغربي المهيمن في حينه، أي فرنسا وبريطانيا. تم التوافق الا يكون لبنان مقرا او ممرا للاستعمار، وانه ذو وجه عربي وقائم بذاته في اطار جامعة الدول العربية. يومها قال الصحافي جورج نقاش عبارته الشهيرة إن نفيين لا يصنعان وطناً. مع ذلك استمرت هذه التسوية تنظم حياة اللبنانيين ضمن تراتبية داخلية معروفة، حتى حاول الرئيس كميل شمعون التلاعب بها انحيازا الى الغرب ومشاريعه، بينما كانت رياح الرئيس جمال عبد الناصر والناصرية تهب من دولة الجمهورية العربية المتحدة في دمشق في العام 1958. تزعزع الكيان ثم امكن اعادة ترميمه خلال حكم الرئيس فؤاد شهاب برعاية مصرية اميركية مشتركة. الزلزال الذي ضرب لبنان عام 1975 ادى الى توجيه ضربة قاصمة الى التجربة الشهابية. وكانت الحرب الاهلية هي التعبير الأقوى عن انقسام اللبنانيين عندما نقلوا خلافاتهم من الاعلام والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية على اختلافها الى المتاريس. نحن حتى الآن ما نزال نعيش في صميم امتحان الانقسام المذكور، خصوصاً منذ العام 2005 وتحديدا منذ صدور القرار الدولي الرقم 1559 ثم جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وما تلاه من محطات اغتيال وتفجير ومعارك وتشرذم.
التسوية و«إنجازات» الطوائف
مقاربة المسألة التاريخية على هذا النحو السريع للوصول الى القول: لقد عاش اللبنانيون على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم محناً قاسية، أزهقت حياة عشرات الالوف منهم وما جنته وعمرته ايديهم على امتداد سنوات طويلة. نحن الآن في قلب المحنة مجدداً مما يعني ان تسوية الطائف التي تحوّلت إلى دستور وكذلك ما يُسمى اتفاق الدوحة، تلفظان أنفاسهما الأخيرة. قضت تسوية الطائف باستمرار توزيع الرئاسات الثلاث على الطوائف المارونية والشيعية والسنية، والمقاعد النيابية مناصفة بين المسلمين والمسيحيين والحقائب الوزارية تبعاً للوزن العددي المفترض لكل طائفة. وتقرر أن تكون مناصب الفئة الاولى في الادارة مناصفة على ان تلغى طائفية الوظيفة في سواها. وقيل في تسوية الطائف إن الخطوة المقبلة بعد هذه التطورات هي إلغاء الطائفية السياسية. ولكن ما حدث فعلاً هو ان اللبنانيين باتوا أكثر طائفية مما كانوا عليه. اذ ترافقت المرحلة مع معطيين أساسيين هما: الوصاية السورية على لبنان وصيرورة الطوائف أقوى من الدولة. وعليه فقد باتت شؤون البلاد وشجونها تدار بعقلية المحاصصة، وباتت الطائفية هي المعبر ليس الى السياسة فقط، بل الى الوظيفة العامة أيضاً والافادة من الخدمات العامة والحصول على المنافع. أي ان اللبنانيين تعرضوا في غضون الفترة المذكورة الى تطويع مضاعف عن ذاك الذي عرفته الأجيال السابقة. تطويع تولّته الإدارة السورية التي ملكت حق تقدير الأحجام والأوزان والحصص وإدارة الصراعات. وتطويع داخلي قامت به الطوائف من اجل ضبط حركية الخارجين على أحكامها من ابنائها «العصاة»، فضلا عن الصراع مع سواها على موقع الاولوية او الثانوية.
في مسار من هذا النوع تبدّدت الإنجازات التي امكنت مراكمتها بالدماء . فقد تم استكمال تحرير الجنوب في العام 2000 بعد مقاومة بدأت من بيروت وتلاحقت في الجبل والبقاع الغربي وراشيا وصيدا واقليم التفاح وصور والنبطية وصولاً إلى الحدود الدولية. كذلك رفعت يد الوصاية السورية عن لبنان في العام 2005. وبوشر الاعمار منذ اواسط التسعينيات ليتوقف مع التطورات العاصفة والانقسامات الاخيرة واستحالة الاستمرار في تكديس الديون الداخلية والخارجية. ما حدث ان هذه الانجازات الثلاثة لم تخرج لبنان من مأزقه، بل زادت في اندفاعه الى القاع. فقد صنف التحرير على انه انجاز للطائفة الشيعية ممثلة بحزب الله. وصبغت عملية رفع هيمنة النظام السوري تارة بالصبغة السنية حيناً او المسيحية احياناً. اما انجاز الاعمار رغم مركزيته الشديدة والملاحظات عليه فقد سجل في خانة السنة عموماً، والرئيس الشهيد رفيق الحريري تحديداً. أي ان الانجازات الثلاثة صنفت على اساس انها انجازات طوائفية، ولم توضع في رصيد الوطن ككل، بما يعيد بناء فكرة الوطن والدولة والمؤسسات العامة التي تعرضت للخراب خلال سني الحروب المتلاحقة.
النزاع والعنف
ليس مرد دورية انفجار الصراع في تاريخ لبنان الحديث، التعددية في بلد صغير وصل عدد إجمالي طوائفه المعترف بها الى 18 طائفة. النظام السياسي الطائفي الهجين بين العلمنة والطائفية وقوة مؤسسات الأخيرة، نظراً للطابع التكويني السابق على الدولة واستمرار هذه البنية على حالها دون تطوير وتعديلات هادئة، هو السبب والمسؤول عن الحروب الأهلية او الفتن المستمرة، والتي تكاد أوقاتها تكون أطول من فترات السلم البارد. يُضاف إلى ذلك أيضاً التدخلات الخارجية قريبة وبعيدة وهي تدخلات يستدعيها الأهل لنصرة بعضهم على بعض.
الامر الثابت ان كل المجتمعات والدول في العالم تعيش تعدديات اثنية وطائفية وقبلية، هذا إضافة الى وجود طبقات وفئات وشرائح اجتماعية متعددة. لكن لبنان من بين دول كثيرة في العالم الثالث يحظى بهذا الكمّ المتواتر من تكرار العنف. بالطبع العنف والنزاعات رافقت الإنسان منذ وجوده على هذه الارض. الاديان التوحيدية الثلاثة وكذلك الاساطير القديمة تقدم نماذج مشابهة لقصة قابيل وهابيل. لكن المجتمعات الحديثة انتجت أطراً لضبط هذا العنف متمثلة بالمؤسسات السياسية وتوسيع قاعدة المشاركة في الاهتمام بالشأن العام. صحيح أن المجتمعات الحديثة باتت أكثر عنفاً من القديمة، نظراً للفوارق في الوسائل والأدوات المستخدمة. يمكن الجزم ان العنف الذي شهده الجبل وأجزاء أخرى من لبنان في الأعوام 1860ـ1864 ليس سوى تفاصيل عن العنف الذي عرفه لبنان في الأعوام 1975ـ 1990 . بين الأعوام 2005 و2009 يمكن الجزم أن العنف الكامن في المجتمع اللبناني أقسى مما كان عليه قبلاً حتى في ذروات الانفجارات. يعرف فروند في مؤلفه (سوسيولوجيا الصراع، الصادر في باريس العام 1983 ص65) النزاع بأنه «مواجهة مقصودة بين مجموعات من النوع ذاته يظهر بعضها تجاه البعض الآخر نوايا عدوانية، وبشكل عام تجاه حق ما، ومن اجل حفظ او تأكيد او استعادة هذا الحق يحاول كل طرف كسر مقاومة الآخر مع احتمال اللجوء إلى العنف الذي يصل أحياناً إلى حد تصفية الآخر جسدياً.. يضيف: ليس هناك من حرب أو نزاع الا ويضفي على نفسه شرعية ما وليس النزاع حقوقياً، لأن الاطراف المشاركة فيه لا يتعاملون مع بعضهم باعتبارهم خصوماً بل أعداء».
والثابت أن المجتمع اللبناني يعيش حال نزاعات وعنف بفعل تفاعل أوضاع داخلية واقليمية ودولية مواتية لانفجارها. وهي نزاعات يدفع اللبنانيون ثمنها من دمهم وعرقهم ومستقبل أجيالهم. لكن هذا المآل سببه الأساس العجز عن الاتفاق على مقومات كيانهم ودوره وعلاقاته الداخلية والخارجية توافقاً وصراعاً. من هنا لا بد وان نلمح تعبير الساحة بات متداولاً بكثرة في مختلف الأوساط وكأنه قضاء وقدر لا مرد لاحكامه. والمقصود بالساحة المساحة الجاهزة لتفريغ الصراعات او تفجيرها لحسابات محددة تنقلب الى مكاسب لمحركيها. ولتأمين هذا الدور قامت الجماعات الاهلية في غضون السنوات المنصرمة كما فعلت في سنوات الصراع السابقة بتوحيد صفوفها او بنادقها لا فرق. وتعمل دوماً على نقل الصراع الى الطرف الآخر المواجه لها.
المعلن والمضمر
المؤكد أن اللبنانيين في غضون تجربتهم المريرة شهدوا أشكالاً معقدة من الصراع أو النزاع تندرج في خانتين رئيسيتين: العنف المباشر المعلن والعنف المبطن أو المضمر والماكر والفاعل على المدى البعيد. كل منوّعات القتل والتفجير والاعتداءات على الأشخاص والممتلكات تندرج في الخانة الأولى. ولا شك في أن النبذ ورفض الاعتراف بالآخر والإعلام او الدعاية تحتل مكاناً مرموقاً في الثانية. وعليه لا يمكن أن يُقاس العنف او النزاع تبعاً للوسائل المعتمدة من أطرافه. إذ أن الوسائل جميعاً تصبح مقبولة وما يحدد استعمال هذه دون تلك ليست سوى الظروف الملائمة سواء أكانت محلية أم خارجية، خصوصاً متى كان الأطراف يرتبطون بأكثر من «حبل سرة» حياة مع قوى إقليمية من خلال تأمين كل مقومات الرعاية والتمويل والتسليح. الأيديولوجيا التي يتم الإدلاء بها هي هنا لإضفاء الشرعية والمشروعية على المشروع الذي يعبر عنه أصحابه بصرف النظر عن مدى ملاءمته او عدمها مع المصلحة العامة.
دون الاسترسال في حقول النزاعات والأسباب والقوى والوظائف المطلوبة وهي في مجتمع كالمجتمع اللبناني مركبة داخلياً خارجياً إلى الحد الذي يصعب معه فصل أحدهما عن الآخر. لا بد من الإشارة «إلى أنه في معظم النزاعات تظلّ فسحة التحاور قائمة بين المتنازعين. مع أنه يمكن للعنف أن يعود للظهور إذا ما طابق المشاركون بين المطالب والأيديولوجيا التي تجذّر التناقض (شبيب دياب: سوسيولوجيا النزاعات، ديموغرافيا للنشر، بيروت 2007 ص. 26 و52). وقد درج اللبنانيون على إطلاق تعبير الجولات على كل فترة عنف مع بداية الاقتتال وكانوا يعدونها، ثم إذا بهم يتوقفون عن العد. بعد أن بدت المواجهة طويلة ومفتوحة. وخلال الانفجارات تلك كان يجري تفاوض وعقد اتفاقات لوقف النار وتشكيل لجان مشتركة للإشراف عليه وسحب المسلحين.
إذن الخلاصة التي يمكن الوصول إليها هي أن العنف او النزاع لهما شكلان: عارٍ ومستتر. وكلاهما يعيشه لبنان بجرعات متفاوتة تبعاً للوظائف المطلوبة منها، والأهداف التي يتوخى أصحابها تحقيقها في كل مرحلة من المراحل.
أهمية هذه المقاربة أنها تضع ما يجري في إطار «إنساني بارد» وعام خلافاً لما يقدمه أصحابها بها، خصوصاً متى تأكدنا ان البنية الطوائفية هي المهيمنة، وبالتالي فإن ما يُطلق هو غير ما يضمر بالتأكيد. اذن تقدّم الأطراف أشكالاً لطروحاتها وهي اشكال لا تعتمد وتيرة واحدة من العنف المعلن او المستتر. مما يتطلب الامر استحضار وسائل الاعلام للتعبير عن موقف الجماعة الأهلية السياسية. واهمية هذه الوسائل حاسمة في شد وتمتين عصب الجماعة. لكن هذه العملية عندما تتولاها هذه الوسائل، ومن حيث تدري او لا تدري تقود الى شد عصب الجماعة الاهلية المضادة التي تنظر بريبة الى ما تقوله الجماعة التي تقف في مواجهتها. وفي مجتمع كالذي نصف تصبح هناك وظيفتان لوسائل الاعلام.
الوظيفة الطبيعية الاولى في ايام السلم هي التعبير عن حاجات المجتمع الى الحريات الديموقراطية والامان الاقتصادي والاجتماعي والخدمات والحقوق المقرة وغير القائمة او المجحف بها.
اما الوظيفة الاصلية لأزمان الحرب او التوتر المجتمعي فتختلف عن الاولى، وتصبح المهمة الملحة هي تعبئة صفوف «معسكرها» استعداداً للمواجهة مع الخصم الذي يتجاوز هذه الصفة احيانا ليصل الى مرتبة العدو. الامر الذي يستوجب استعمال الاسلحة المتاحة ضده. يمكن استذكار كل تلك التوصيفات التي تطلقها بعض ألسنة ممثلي فرقاء الصراع على ابناء وطنهم والتي تضعهم في خانة تتجاوز العدو الخارجي، وتستوجب او تحل هدر دمائهم وتصفيتهم جسدياً.

([) أستاذ جامعي
زهير هزاري- جريدة السفير 30.03.2009

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
فيروس جديد  سيضرب بقوة في 1نيسان

فيروس جديد سيضرب بقوة في 1نيسان

الخبر ليس مزحة أو "كذبة أبريل" وفق ما أكده خبراء في مجال تكنولوجيا الحواسيب والبرمجيات بل هي معلومة صحيحة وتحذير علني رفعه العلماء بخصوص فيروس جديد من المتوقع أن يشن هجوما عنيفا وواسعا أول شهر أبريل القادم  ووفقا للخبراء الذين عاينوا  الفيروس  فانه قادر على اكتساح جميع البرمجيات وحواسيب ويندوز والاطلاع على المعلومات الشخصية والملفات والرسائل الضارة وإعادة إرسالها للمستعملين فضلا عن سرقة جميع  البيانات.

وقد ظهرت أول سلالة من هذا الفيروس تحت اسم Kido Downadup في نوفمبر الماضي. وهاجم حينها الشبكة الداخلية التابعة لسلاح البحرية الفرنسية في شهر يناير.

المثير في القصة أن شركة مايكروسوفت رصدت جائزة مالية قدرت بنحو 250 ألف دولار لمن يعثر على صاحب الفيروس كما أكد الباحثون في مختبرات تريند مايكرو لمكافحة الفيروسات أن فيروس Conficker في نسخته الجديدة هو الأكثر خطورة وتعقيدا ومن المتوقع أن يصيب ضعف أعداد الفيروسات السابقة بما أنه يستخدم رموز تشفير قوية مما يصعب على الخبراء تحديد المجالات التي يمكن ان تتعرض للهجوم في 1 أبريل.

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
لبنان: اليوم العالمي للمسرح في الفنون ـ1

لبنان: اليوم العالمي للمسرح في الفنون ـ1

يقيم معهد الفنون الجميلة ـ الفرع الأول احتفالا في مناسبة اليوم العالمي للمسرح عند الحادية عشرة من قبل ظهر الجمعة المقبل، وذلك برعاية رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور زهير شكر في قاعة الاحتفالات بمبنى المعهد في مجمع رفيق الحريري الجامعي بالحدث. تتخلل الاحتفال معارض فنية وعروض سينمائية ومسرحية وغنائية متنوعة من إنتاج طلاب الفرع الاول.
جريدة السفير 24.03.2009

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
مقابلة مع الأب الأقدس خلال رحلته الجوية الى افريقيا (1)

مقابلة مع الأب الأقدس خلال رحلته الجوية الى افريقيا (1)

ننشر في ما يلي السؤالين الأول والثاني من المقابلة التي أجريت مع الأب الأقدس بندكتس السادس عشر، خلال الرحلة البابوية الجوية الى مطار ياوندي في الكاميرون يوم الثلاثاء 17 مارس.

سؤال: قداسة البابا، منذ فترة – وخاصة بعد رسالتكم الأخيرة الى الأساقفة حول العالم – تتحدث الكثير من الجرائد عن "وحدة البابا". ماذا تقولون في هذا الصدد؟ هل فعلاً تشعرون بالوحدة؟ وبأي شعور – وخاصة بعد الأحداث الأخيرة – تذهبون الى افريقيا؟

البابا: في الحقيقة، أود أن أقول إن هذه الأسطورة حول "وحدتي" مضحكة بعض الشيء: لا أشعر أنني وحيد بتاتاً. كل يوم ألتقي بمعاوني المقربين، بدءاً من أمين سر الدولة ووصولاً الى مجمع نشر الإيمان، إلخ. ألتقي بانتظام برؤساء المجالس الحبرية، وأستقبل كل يوم الأساقفة خلال زيارتهم القانونية، مؤخراً التقيت بأساقفة نيجيريا والأرجنتين فرداً فرداً… التقت بجمعيتين عامتين هذه الأيام، جمعية مجمع العبادة الإلهية، وجمعية مجمع الإكليروس، فضلاً عن اللقاءت الودية. وحتى بعض الأصدقاء قدموا من ألمانيا لتمضية نهار معي… الوحدة ليست مشكلة إذن، أنا فعلاً محاط بالأصدقاء في تعاون رائع مع أساقفة، ومعاونين وعلمانيين وأنا شاكر لكل ذلك.
أذهب الى افريقيا بفرح كبير: أنا أحب أفريقيا، لدي الكثير من الاصدقاء الأفارقة منذ أن كنت أستاذاً وحتى اليوم. أحب فرح الإيمان، هذا الإيمان الفرح الموجود في افريقيا. انتم تعلمون أن مهمة خليفة بطرس هي أن "يثبت الإخوة في الإيمان": وهذا ما أحاول فعله. ولكنني أكيد بأنني سأعود مثبَّتاً  من قبل الإخوة، حاملاً عدوى فرح إيمانهم".

سؤال: قداسة البابا، تذهبون الى افريقيا وسط أزمة اقتصادية عالمية تنعكس أيضاً على البلدان الفقيرة. وعدا عن ذلك، فإن أفريقيا اليوم على وشك أزمة غذائية. أود أن أسأل ثلاثة أشياء: هل سيكون هناك صدى لهذا الوضع في رحلتكم؟ هل ستوجهون ندائ للمجتمع الدولي ليأخذ على عاتقه مشاكب أفريقيا؟ هل ستتكلمون عن هذه المواضيع في رئالتكم العامة المقبلة؟

البابا: شكراً على السؤال. بالطبع لا أذهب الى افريقيا مع برنامج سياسي-اقتصادي، فهذا ليس من اختصاصي. أذهب مع برنامج ديني، برنامج إيمان وأخلاق، وهذا بحد ذاته إسهام أساسي لإيجاد حل للأزمة الاقتصادية التي نمر بها في هذا الوقت. جميعنا يعلم إنه من العوامل الأساسية في الأزمة هو النقص في الآداب في الهيكليات الاقتصادية. الجميع يفهم الآن بأن الآداب ليست شيئاً خارجاً عن الاقتصاد، بل إنها في صلبه، والاقتصاد لا يستمر ما لم يحمل في ذاته العنصر الأدبي. ولذلك، ففي كلمتي عن الله، وعن القيم الروحية الكبيرة التي تكون الحياة المسيحية، أحاول أن أقدم إسهامي لتخطي هذه الأزمة، بتجديد النظام الاقتصادي من الداخل، حيث توجد الأزمة الحقيقية.
بالطبع أيضاً، سأحث على التضامن الدولي: الكنيسة هي كاثوليكية، أي جامعة، منفتحة على كل الثقافات، على كل القارات؛ هي حاضرة في كل الأنظمة السياسية، وبالتالي فإن التضامن هو مبدأ داخلي، أساسي بالنسبة للكاثوليكية. أود بالطبع أن أوجه نداء الى التضامن الكاثوليكي بحد ذاته، ومن ثم الى تضامن جميع الذين يرون مسؤوليتهم في المجتمع الإنساني الآني. من الواضح أنني سأتحدث عن ذلك أيضاً في رسالتي العامي: وهذا سبب التأخر في صدورها. كانت قد جهزت للطباعة، ولكن مع وقوع الأزمة أعدنا النظر في النص، للإجابة بحسب مقدراتنا، وبحسب عقيدة الكنيسة الاجتماعية. أتمنى أن تكون الرسالة دافعاً وقوة لتخطي الوضع الحالي الصعب.

ياوندي، الكاميرون، الأربعاء 18 مارس 2009 (Zenit.org).

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
البشارة كلمة تتجسد (1)

البشارة كلمة تتجسد (1)

لقد كان لحدث البشارة في أنجيل لوقا وقعه الهام في التاريخ الكنسيّ من الناحية الكتابيّة، اللاّهوتيّة، الأدبيّة وحتى الفنّية.  حدث، كما أوردنا، من الأهميّة بغاية لأنّه حدث لا يتعلّق حصراً بمريم العذراء من ناحية شخصها التاريخي، ولو حصرنا البشارة بواقع مريم التاريخيّ لغاب عنّا المعنى اللاّهوتيّ والأنتروبولوجيّ الأعمق الّذي يحمله هذا الحدث المحوريّ في عالم الإيمان المسيحيّ.

لنفهم هذا الحدث بمعناه الأعمق لا بدّ أولاّ من الإشارة الى الخلفيّة الكتابيّة والثقافيّة التي يستند اليها، ومن ثمّ الإشارة الى المعنى اللاّهوتيّ الكريستولوجيّ الماريولوجيّ وصولاً، في مرحلة ثالثة الى المعنى التطبيقيّ الوجوديّ من ناحية تجسيد للإنسان العلائقيّ، مخلوق في علاقة مع الله، مدعوّ الى تجسيد البشارة وتفعيل الكلمة المعلنة في علاقته الوجوديّة مع الآخر المختلف.

الخلفيّة الكتابيّة

عدة تعابير يستعملها لوقا في نصّ البشارة تعيدنا بطريقة غير مباشرة الى عدّة اسفار من العهد القديم لاسيما الى قصة الخلق في سفر التكوين، والى رواية الخروج وولادة الشعب.
فالرقم ستة الذي يستعمله لوقا، والذي اذا قرأناه على هدي رمزية الأرقام المعتمدة في الكتاب المقدس عامة يجعلنا نعود الى اليوم السادس، يوم اخراج الانسان من العدم الى الوجود. والدليل الثاني الذي يجعلنا نربط نص البشارة بنص الخلق هو قول الملاك "روح الحب يظلّلك" والذي يذكّرنا بروح السيد المرفرف على المياه في بداية الخلق.
مع المحافظة على البعد التاريخي لنص العهد الجديد يجدر بنا التنويه الى ان قصة البشارة هذه كتبت لجماعة لم تعرف المسيح شخصياً وفي طور قبول البشارة، وفي اطار توضيح المفاهيم اللاهوتية مستندةً خاصة الى العهد القديم، وبالتالي لا يمكن أن نفهم هذا النص دون استخراج الأبعاد اللاهوتية التي تتوضح على ضوء لاهوت العهد القديم.
محتوى البشارة يتلخّص في ثلاثة إعلانات يرتبط كلّ واحد منها بحدث محوريّ في ماضي الشعب في العهد القديم:

روح الرب يحلّ عليك: يعيدنا الى سفر الخروج وروح الرّب الحالّ على المياه، تعود بنا الى الخلق وفترة الخروج من العدم الى الوجود وبالتالي الى الدخول في علاقة صداقة بين الله الخالق والإنسان المخلوق على نطاق الشخص البشري إنما على المستوى الفرديّ.

كلمة الرّب أخرجت الإنسان من العدم الى الوجود، كلمة تنتظر تجسّدها في ملء الزّمن. كيف؟

وقوّة العليّ تظلّلك يعيدنا الى قوّة الله المرافق للشعب في خروجه من أرض العبوديّة المظلّل خباء المحضر وتابوت العهد بعمودي النار والغمام.  هي قصة وعد الله وكلمته التي تحوّلت جماعة.  ومن ناحية الإنسان العلائقيّ، يتكوّن هنا الكائن في علاقة مغلقة، في شعب واحد وشريعة واحدة، حيث لا مجال للإختلاف ولا وجود للمختلف.  تكوّن الشعب صار ايضاً بالكلمة، بالكلمة الإلهيّة، وفي العبريّة rb'D' تعني كلمة وتعني أيضاً وصيّة، والشعب الخارج من أرض العبوديّة تكوّن كشعب على قمة سيناء، حين نال موسى الكلمات العشر، الوصايا العشر.  هذا الحدث التأسيسيّ للجماعة المؤمنة بالله بقي كلمة تنتظر تجسّدها في ملء الزمن، بمريم المؤمنة القابلة الكلمة- الوصيّة، المسيح نفسه، كلمة الله ووصيّته، وصيّة المحبّة المتجسّدة.

والمولود القدّوس منك يُدعى ابن الله: وهذا الإعلان يعود بنا الى وعود الأنبياء بشكل طبيعي، إنّما أيضاً تتميم نبوءة ناتان النبيّ لداود بأن من نسله يأتي من يرث الى الأبد ولا يكون لملكه انقضاء.  تجدر الإشارة الى ان الأصل اليونانيّ يقول: "كاي تو غينومينون أغيون كليثيسيتاي أُي أوفثيوو" وحرفيّا: وما هو خارج قدّوس منك سيُدعى ابن الله.  ليست بالشكل المذكّر للتعبير عن الخارج كأنّه المولود الخارج، بل هي بحال ال Neutre ما هو قدّوس وليس الّذي هو قدّوس.  هذا الإستعمال لم يكن بالطبع ناتج عن جهل بأدنى مباديء اللّغة، إنّما لأن هذه الولادة، الحدث المحوريّ في خلاص البشريّة، الّذي تمّ في ملء الزمن ولمرّة واحدة من الناحيّة التاريخيّة يجب ان يتمّ في حياة المؤمن كلّ يوم بشكل آخر، بشكل روحيّ لا جسديّ، لذلك يقول الملاك لكلّ مؤمن، ومن خلال كلمته لمريم: "ما هو قدّوس يولد منك، وهو من الله".

* * *

الأب بيار نجم، راهب ماروني مريمي. درس الفلسفة في جامعة الروح القدس – الكسليك (لبنان) واللاهوت في جامعة مار توما الأكويني الحبرية في روما. ثم تخصص باللاهوت الكتابي في المعهد البيبلي الحبري في روما. وهو يقوم الآن بدراسة لنيل شهادة الدكتورا في باريس.

باريس، الثلاثاء 11 مارس 2009 (Zenit.org).

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
خواطر في الإيمان والعقل (1)

خواطر في الإيمان والعقل (1)

نقرأ في قصيدة للمفكر والشاعر الأرجنتيني، خورخي لويس عما يمكننا تسميته "نشأة المأساة":
"يونانيان يتحاوران: ربما سقراط وبارمينيد.
من المستحسن الاّ نعرف اسميهما أبدًا؛
فهكذا ستكون القصة أكثر غموضًا وهمودًا.

موضوع الحوار مجرّد.
يتطرقان أحيانًا إلى أساطير لا يؤمن أيٌ منهما بها.
البراهين التي يعرضانها قد تزخر بالأخطاء، ولا تسعى إلى غاية.
لا يتجادلان.
ولا يريدان لا أن يَقْنَعا ولا أن يَقْتَنعا
لا يرغبان لا بالظفر ولا بالخسارة.
هما متفقان على أمر واحد:
يدركان أن النقاش هو السبيل غير المستحيل الذي يقود إلى الحقيقة.
معتقَين من الأسطورة ومن التشبيه، يفكران، أو بالحري يحاولان التفكير.
لن نعرف أبدًا اسميهما.
هذا الحوار بين مجهولين في مكان ما في اليونان
هو حدث التاريخ الأكبر.
لقد نسيا الصلاة والسحر" (خورخي لويس بورخس، المبدأ).

تعبر قصيدة بورخس هذه عن بزوغ فجر تاريخ الفكر الغربي، عن "مبدأه" كما يوحي عنوان القصيدة، ويربط هذا المبدأ بمأساة نسيان "الصلاة والسِحر". هذا "المبدأ" هو الحدث الأكبر الذي طبع ووسم مسيرة حياة الفكر من الفلاسفة الإغريق فصاعدًا.
وما كان للتاريخ اللاحق إلا أن وسع وعمق ما كان في المبدأ، وصولاً إلى نتائج العصر الحديث. فقد أزال العصر الحديث بشكل منتظم "الصلاة"، أي كل علاقة مع التسامي، لأنه لا يمكن حصره وإدراكه بواسطة الحس المنطقي البحت، والعقل المجرد وحده. وأزال "السِّحر"، أي كل ما يشكل إطار الواقع الذي يتخطى مقاييس العقل الحسابي والمنفعي.
السحر هو التشبيه (meta-fora)، الذي يحمل الفكر أبعد من حدود العقلية المنقطية الحسابية. السحر هو الشعر والبلاغة وكل ما هو ثمرة الخيال الخلاق. السحر يعني اللقاء بين حريتين تتواصلان، وتتقاربان، وربما تتحابان، دون أن تتبعا سبل منطقية محددة بشكل مسبق؛ السحر يشير إلى كثافة كل العناصر التي تتجاوز العقلية البشرية دون أن تكون لأجل ذلك غير واقعية. يعبر السحر عن تألق خاصية الكائن الثالثة، "الجمال" (pulchrum)، إشعاع بهاء الكائن الذي يجعل الحق (verum) مرغوبًا والخير (bonum) قابلاً للتطبيق. السحر يشكل "الجمال المتجرد الذي من دونه لم يكن بإمكان العالم القديم أن يفهم ذاته، والذي فر هاربًا على رؤوس أقدامه من العالم الحديث النفعي، لكي يخليه تحت رحمة شبقه وكآبته" (هانس أورس فون بالتازار، المجد، المجلد الأول، ظهور البنية).
إن الفضل الأكبر للفكر الغربي هو أنه اكتشف "اللوغوس" (logos) في خراب (caos) التاريخ والكون (cosmos)، ولكنه تعرض لأجل هذا الاكتشاف، في حقبات مختلفة، لتجربة أن يختزل اللوغوس جاعلاً منه فكرة مجردة سجينة المنطق، متغربة عن لوغوس الحياة والخبرة، عن اللوغوس الذي يتجاوز فكر الإنسان، ويساعد الإنسان على تجاوز محدوديته لكي يحقق دعوته السامية في الخروج من ذاته نحو الآخر. لقد خضع الغرب، في حقبات مختلفة لتجربة تحويل اللوغوس إلى أمر غير شخصي وبارد، وأن يجعل الفكر يتولد من النقاش.
ولربما الحقبة التي جسدت الوقوع في هذه التجربة هي العصر الحديث الذي أدخل فصلًا، لا بل طلاقًا في علم المعرفة (gnoseologia)، مغيرًا الوعي الذاتي للإنسان، ومؤثرًا بذلك باللاهوت، من خلال إخضاع الدين لأحكام العقل وحده. يستنكر بالتازار هذا الأمر لافتًا إلى أن "الجمال لم يعد محبوبًا ومحروسًا، ولا حتى في رحاب الدين" (المرجع نفسه). يمكننا أن نلاحظ هذا الأمر بسهولة في كثير من مؤلفات اللاهوت التي يطغى فيها إدعاء العلمية، لدرجة أنه بات مستحيلاً – وغير علمي – عيش اللاهوت كما كان يعيشه آباء الكنيسة. نلاحظ أصداء هذا الأمر في الليتورجية الغربية التي نفت الطابع الرمزي، بحيث باتت الحركات الجسدية محدودة جدًا، وتعاش الليتورجية على صعيد باطني وفكري محض، نافية البعد الميستاغوجي الجوهري في الليتورجية، بعد خبرة الله الذي أدى إلى ربط الفهم اللاهوتي (قانون الإيمان) بالصلاة الليتورجية (قانون الصلاة):Lex orandi statuit legem credendi). (راجع ر. تافت، ما وراء الشرق والغرب، في سبيل ليتورجية حية).
سنحاول في الأقسام المقبلة من هذه المقالة أن نسير في سبل نشأة ونمو العقلية الحديثة، فنقدم نظرة ظواهرتية تاريخية لهذه النشأة، ولتأثيرها في الوعي الإيماني، ومن ثم في الفلسفة. ندرك حق الإدراك أن الحداثة هي ظاهرة معقدة جدًا، ولذا سنتوقف على دراسة بعدين هامين ومترابطين. الأول هو العقلية (razionalismo)، بينما البعد الثاني، فهو الإلحاد باسم التطور الذي بشرت به العقلانية. قبل أن نباشر في التعمق في نقدنا للعقلية، نود أن نوضح أن الغاية من بحثنا ليس نقد العقل، بل إفساح المجال، عبر التبحر العلمي، والفلسفي والوجودي، واللاهوتي لعقلانية "موسعة" تدخل في إطار تكامل خبرة المعرفة البشرية، وتحترم طابع موضوع المعرفة الدينية الذي ليس موضوعًا بالمعنى الحصري بما أن موضوع إيماننا هو أقنومي وشخصاني.

(يتبع)
روما، الثلاثاء 10 مارس 2009 (Zenit.org).

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
مجمع خلقيدونيا وأثره على الكنيسة والشعب الأرمنيين (1)

مجمع خلقيدونيا وأثره على الكنيسة والشعب الأرمنيين (1)

غالباً ما قسم علماء تاريخ الكنيسة المجامع الكنسية إلى قسمين: أولها المجامع الشرقيّة السبعة الأولى، من مجمع نيقيا الأول عام 325 إلى مجمع نيقيا الثاني عام 787؛ وثانيها المجامع الغربيّة أو البابويّة التي عقدت في الغرب وبدعوة من البابا نفسه، أي من المجمع اللاترانيّ الأول في روما عام 1123 حتى المجمع الفاتيكانيّ الثاني عام 1962.

وكان سبب هذا التقسيم هو عدم اعتراف الكنيسة الشرقيّة الأرثوذكسيّة بالمجامع التي لحقت بالمجامع السبعة الأولى. ولكن ضمن القسم الأول نرى آباء الكنيسة يميزون المجامع الأربعة الأولى مجمع نيقيا والقسطنطينيّة وأفسس وخلقيدونيا، فهي تؤلف بالنسبة لهم وحدة متماسكة في ذاتها لها قيمة كبيرة. فمنذ القرن الخامس كانت تتمتع هذه المجامع بإجلال واحترام، حتى أن القديس غريغوريوس (لا يُذكر لقبه في المرجع) شبهها بالأناجيل الأربعة، بينما شبهها القديس إيسيدورس أسقف اشبيلية بأنهار الفردوس الأربعة النابعة من الينبوع الوحيد أي المسيح. واعتبرت بهذه الأهمية لأنها أثبتت إيمان الكنيسة ووطدته جوهريّاً وحدّدت العقائد المسيحيّة الجوهريّة .
توصلت الكنيسة إلى عقد المجامع المسكونيّة بفعل اصطدامها بالأخطاء التي هدّدت الإيمان المسيحيّ وزعزعت عقائده الأساسيّة، أي بسبب الهرطقات. وعقدت أيضاً بسبب واقع مواجهتها لبعض الأحداث كالانشقاقات التي هدّدت وحدتها. عندها حاول رعاتها حلّ هذه المشاكل جماعياً عبر مجامع محلية؛ ومع تنصر الإمبراطوريّة، ظهرت المجامع المسكونيّة الكبرى. ساد النظام الديمقراطيّ هذه الاجتماعات، وكانت تعقد بدعوة من الأباطرة أنفسهم، وحظي الرأي الأرثوذكسيّ فيها على موافقة الامبراطور .

1ـ1. مجمع نيقيا 325

نشأت المسيحية في الشرق، كما في الغرب، إبّان حكم الامبراطوريّة الرومانيّة. ولأسباب عديدة اعتبر الأباطرة أن المسيحييّن هم أعداء الدولة، فشنوا عليهم ابتداءً من نيرون حملات اضطهاد. وبعد أن هدأت الاضطهادات التي لاقتها الكنيسة لمدّة ثلاثة قرون بصدور مرسوم "التسامح الدينيّ"  في عصر الملك قسطنطين 313 م، جاءت الحاجة ملّحة لعقد مجمع مسكونيّ لحلّ المشاكل التنظيميّة الخاصّة بالأبرشيات، ولتحديد موعد محدّد لعيد الفصح. أما السبب المباشر لعقد المجمع فقد كان بدعة آريوس، لأن الإمبراطوريّة كادت تنقسم بسبب تلك البدعة، حيث أنه كان آريوس يعتقد بأن ابن الله أتى من العدم؛ وأنه كان هناك وقت، لم يكن الابن فيه موجوداً؛ وأنه باختياره كان قادراً أن يكون صالحاً أو طالحاً؛ وأنه مخلوق ومصنوع . كان أسقف الإسكندرية أول من عارض هذه الفكرة، مما أدى إلى انشقاق في كنيسته، فأصبح جزء من الشعب مع أسقف المدينة "الكسندريوس"  والقسم الآخر يدعم الكاهن آريوس وآراءه الخاطئة. وانتشرت هذه الفكرة أيضاً خارج حدود مصر في مختلف أقاليم العالم المسيحيّ مما هدّد بنشر الخلافات في الكنيسة جمعاء. إنّ تفاقم التصلّب في المواقف الدينيّة واشتداد حدّة الاضطهادات دفعا الإمبراطور قسطنطين إلى التدخّل بحزم وشدّة، حيث أنه كان قد أنهى لتوه توحيد الإمبراطوريّة، فخشي أن تعيد تعاليم آريوس البلبلة في الدولة ، فقرر الدعوة لمجمع مسكونيّ يشارك فيه كل الأساقفة بغية تحديد عقائد الإيمان تحديداً جليًّا ووضع حدّ لهذا التصلّب.

1ـ1ـ1. البدعة الآريوسية

تعود هذه البدعة إلى آريوس الليبيّ الأصل. درس أولاً في الاسكندريّة ، وبعدها انتقل إلى انطاكيا، جمع آريوس في تعليمه بين المدرستين الإسكندريّة والإنطاكيّة، تأثر بالفلسفة اليونانية وبالأخص بالفلسفة الأفلاطونية والرواقية ، وبالتيارات اللاهوتيّة المحيطة به، وبأستاذه الكبير لوقيانوس ونهل منهم جميعاً. مما دعى به إلى انحراف أفكاره اللاهوتيّة عن الإيمان المستقيم .
أنكر آريوس ألوهية السيد المسيح، فاعتبر أن اللوغوس إله، ولكنه إله مخلوق وليس من جوهر الآب، حيث أن الألوهة واحدة غير مخلوقة ولا مولودة. فاللوغوس كائن وسيط بين الله الإله الحقيقيّ (الآب) وبين العالم المخلوق لأنه لا يليق أن يتصل الله بالخليقة، وأنه أسمى من أن تكون له علاقة مباشرة بالخليقة. غير أن الاعتراف بألوهيّة المسيح يخالف في نظره توحيد الله، فلا يمكن اعتبار المسيح إلهاً، لشدّة إيمان أريوس بتسامي الله وتعاليمه.
انطلق آريوس من المونارخيّة  والدونيّة  ليثبت اعتقاده. فاعتمد على المونارخية ليقول أن الله هو الإله الوحيد والواحد، الأزلي وغير المولود، فلا يمكن بالتالي أن يكون أحد معه، وإلا لم يعد وحيداً. فهو يسبق كلمته (اللوغوس) بطريقة ما . لجأ آريوس كسواه من الهراطقة إلى الكتاب المقدّس لتبرير تعاليمه، فاستشهد بعدد كبير من الآيات منها سفر الأمثال: «الرب خلقني أول طرقه» . من هنا نستنتج بأن الآريوسييّن لم يفرقوا بين الطبيعة والأقنوم، فإن تسمية الابن لله لا تعني تجزئة طبيعته الإلهية وجعلها إلهين اثنين . أما اللوغوس لم يكن موجوداً في وقت من الأوقات، وبما أن الولادة تتطلب انتقال شيء من الطبيعة ذاتها، فلا يمكن أن تفهم إلا بأن يفقد الآب شيئاً من جوهره اللامتناهيّ، فبالتالي استنتح آريوس بأن البنوة لم تكن بحسب الطبيعة، بل بالتبنّي، على شكل البنوة الإلهيّة للبشر. فاستنتج أن اللوغوس لا يمكن أن يكون إلهاً بالمعنى الحقيقيّ، إنما هو أول مخلوقات الله، مخلوقاً من العدم، وليس أزليّاً مثل الآب . بما أن ابن الله خليقة فهو خاضع للتغير مثل كافة الكائنات، لكنه بإرادته يستطيع أن يبقى صالحاً .
تأثر آريوس بفكر أوريجانس الذي اعتبر الابن من ذات جوهر الآب، ولكنه أدنى منه. كما شدّد على مبدأ "الدونيّة" ، معتقداً أن في الثالوث ثلاثة جواهر متمايزة، غير متشابهة ولا متساويّة. أصلها الآب الذي يعتبر الأصل والحكمة والقوة، فالابن هو أول الخلائق، خلق من العدم .
وينتج من ذلك، في رأي آريوس وأتباعه، ان المسيح غير مساوٍ للآب. فهو ليس إلهاً من إله، إنما هو فقط من أصل إلهيّ. فذلك يعطيه مركزاً رفيعاً لدى الآب. فهو الوسيط بين الآب والخلائق، وهو أيضاً الوسيط في الخلق. وهو الذي، في لحظة من الأزل، خلق الروح القدس. فكما أن الابن هو صُنْع الآب، كذلك الروح القدس هو صُنْع الابن.
نشر آريوس وأتباعه أفكارهم في كل مكان بالمناقشات الفلسفيّة العلنيّة ولا سّيمَا بالترانيم الشعبيّة، بحيث انه في بداية القرن الرابع أفاقت الكنيسة المسيحيّة في الشرق والغرب من كابوس المجادلات الفلسفيّة وإنشاد الترانيم الهرطوقيّة لتجد نفسها على شفير الآريوسيّة.

1ـ1ـ2. تاريخ المجمع

انعقد المجمع في نيقية  سنة 325م بأمر الملك قسطنطين خوفاًَ من الانقسام الحاد الحادث في الإمبراطوريّة بسب بدعة آريوس. وكان عدد آباء هذا المجمع حسب ما وصل إلينا في تقليد الكنيسة 318، علماً بأن عدد الآباء الحقيقيّ غير مؤكد، ولربما لم يتجاوز الثلاثمئة أسقف. وقد اختلفت آراء المؤرخين، فيما يختص تحديد العدد الصحيح. ويبدو أن هذا الاختلاف الطفيف في الرقم، عائد، إلى اشتراك أساقفة جدد وصلوا متأخرين إلى المجمع. وقد أتلف الآريوسيون بعد ذلك قرارات المجمع، فاضطر اثناسيوس إلى عقد مجمع آخر في الاسكندريّة، دُعي "مجمع الآباء المعترفين"، عام 362، جلب فيه الآباء كل ما يملكونه من معلومات عن المجمع، وأعادوا جمع القوانين العشرين وقانون الإيمان النيقاويّ .
قدم آباء نيقيا من مختلف البلاد، ومثلوا غالبية المقاطعات: فقد حضر أساقفة من اليونان وسوريا وفينيقيا، وفلسطين ومصر وطيبة، وليبيا وكيليكيا وبلاد ما بين النهرين، وغلاطية وكبادوكيا وآسيا، وفريجيا وبمفيليا وتراقيا، ومكدونيا وأخائية وأبيروس، وإيطاليا وغاليا وإسبانيا وأفريقيا الشماليّة، إلا أن أسقف روما لم يتمكن من الحضور بسبب تقدمه في السن، فأرسل ممثلين عنه هما الكاهنان فكتور وفنشنزو. كما كان حاضراً سيسيليانوس أسقف قرطاجة من أفريقيا. وشارك في المجمع نسّاك من الصحراء ورجال بدت على أجسامهم آثار الاضطهاد والتعذيب. وادّعى البعض أنّه كان بين الحضور نفر من الفلاسفة الوثنيّين الذين قادهم حبّ الاستطلاع إلى هذا الاجتماع .
ترأس المجمع "الأسقف الجالس عن يمين الامبراطور" ، حيث أنه اختلف المؤرخون حول هوية الشخص الذي ترأس المجمع. فمن المرجح أنه كان أفستاثيوس أسقف انطاكيا، أو ربما كان اوسابيوس أسقف قيصريّة كما يقول سوزومينوس أو أوسيوس أسقف قرطبة على حسب ما وصل إلينا من القديس أثناسيوس . 
لم تحفظ أعمال المجمع باللغة اليونانية ولا حتى باللغة اللاتينية. وكل ما وصلنا منها مأخوذ من مؤلفات افسابيوس وروفينوس وسقراط وسوزومينوس وثيودوريطس وايرونيموس، ومما كتبه جلاسيوس الأول في عهد الامبراطور زينون سنة 476 وهو الذي صار فيما بعد أسقفاً على قيصريّة فلسطين .

1ـ 1ـ3. تحديده الإيمانيّ

نظم قسطنطين هذا المجمع على نسق المجامع المدنيّة التي كان يعقدها بها للتدول في أمور الدولة، وكانت الجلسات عامّة لجميع المشاركين. وصلنا من أعمال المجمع ثلاثة وثائق: دستور الإيمان، الرسالة المجمعيّة والعشرين قانون. ومن الواضح أنه لم يكن يوجد محاضر للأعمال المجمعيّة، وكلّ ما كان يتبناه الآباء من قوانين أو عقائد كانوا يصادقون عليها ويوقعونها، كما يذكر أوسابيوس في كتابه "حياة قسطنطين". أراد المجتمعون الاستفادة من الفرصة لمناقشة بعض المسائل التنظيميّة  واتخاذ القرارات اللازمة التي وافق عليها الجميع .
يعد قانون الإيمان النيقاويّ  أول تحديد عقائديّ جماعيّ اتخذته السلطة الكنسية، له تأثير كبير على المجامع الكبرى ، ولا يزال يتداول حتى يومنا هذا مع بعض الإضافة. ينقسم هذا القانون إلى جزئين الأول يحتوي على صيغة إيمان المعموديّة، بينما يحتوي الثاني على صيغ لإدانة طروحات آريوس العقائديّة وسأتناول بالتفصيل كل من هذه الصيغ:
ـ الابن المولود من الآب: نشأت الديانة اليهوديّة وسط شعوب وحضارات كانت العقيدة السائدة فيها الايمان بتعدّد الآلهة، كالبابليّة والمصريّة والفينيقيّة واليونانيّة. وقد توصّل الشعب اليهوديّ إلى الإيمان بوحدانيّة الله تدريجيّاً مع إبراهيم وسائر الآباء، وبشكل واضح ونهائيّ مع موسى. وتكرّس هذا الايمان في الوصية الأولى من وصايا الله . فكانوا يدعونه "الإله الوحيد، الله الأب" لتميزه عن الآلهة المزيفة، فظهرت فكرة وحدانية الله في العهد القديم، وجاء المسيح في العهد الجديد وحدثنا عن الله الآب وأوضح لنا سر الثالوث وأرانا إياه في المعموديّة، وغيرها من الأحداث .
«ربنا يسوع المسيح ابن الله الوحيد، المولود من الآب» إن هذه العقيدة مستوحاة من العهد الجديد، كما نرى أن يسوع ذاته يحدثنا عن الأب السماويّ "أبي الذي في السماوات" مركزاً بذلك على البنوة الروحيّة الإلهية ولم يركز على نوع هذا التبني. وربما هذا ما قاد آريوس إلى الاعتقاد ببنوة الله الآب ليسوع بأبوة بشريّة معتبراً إياها بمثابة الولادة البشريّة . فالولادة هي برأيه بحسب الطبيعة، وليس نتيجة تدّخل إرادة الله الآب. وبالتالي الكائن المولود يختلف عن المخلوق بالجوهر. أقر آباء المجمع أن الابن مولود من جوهر الآب، وليس من أقنوم الآب، بل من جوهر الآب وطبيعته. ولذلك أضاف الأباء: «إله من إله، نور من نور، إله حق من إله حق» وذلك للاعتراف بأن "الآب" هو إله ونور وإله حق، وكذلك "الابن" هو إله ونور وإله حق.
ـ الابن مولود غير المخلوق: تجاه ادعاء آريوس واتباعه بأن الكلمة قد خُلق من العدم، أعلن آباء المجمع بأن يسوع الأقنوم الثاني هو "مولود غير مخلوق" لأنه إذا كان ابن الله الحقيقيّ هو ابن بحسب الطبيعة فهو ليس مخلوقاً، بل خالق. وإن القوة الخالقة هي بطبيعتها خالقة. فخلط أريوس ما بين الخاصيّة الأقنوميّة وبين صفات الجوهر، وحوّل الصفة الأقنوميّة إلى صفة من صفات الجوهر الإلهيّ وبذلك فصل جوهر الابن عن جوهر الآب، واعتبر أن الآب كائن لا تعتمد كينونته على آخر، بينما الابن كينونته متوقفة على الآب. أى أنه اعتبر أن كينونة الابن كينونة من نوع آخر. أما كينونة الآب فنابعة منه وهو يملكها، وكما يقول علماء اللاهوت أنه يملك في ذاته علّة وجوده. أما بحسب رأي آريوس فإن الابن لا يملك في ذاته علّّة وجوده، لأن وجوده نابع من الآب ومعتمد عليه. أمام هذا التفكير قرر آباء المجمع أن اقنوم الابن هو مولود من جوهر الآب، وليس مخلوق عنه. فالولادة هي صفة أقنوميّة وليست صفة جوهرّية.
ـ الامووسيوس (الابن المساوٍ للآب في الجوهر): كان رأي بعض الأساقفة خلال مجمع نيقيا هو الاعتماد على العبارات الكتابيّة فقط. لكن بعدما وجد آباء هذا المجمع أن هذه العبارات يمكن أن تفسّر بما يضّيع معناها. قرروا ايجاد عبارات أوضح وأدّق دلالة وخالية من كل غموض، عملوا على تثبيتها بهدف الوحدة في الإيمان ، وهكذا أجمع الآباء على إدخال كلمة "امووسيوس"  الكلمة الغير الكتابيّة، من الثقافة اليونانيّة، المتجذرة في الإسكندريّة . كان هذا التعبير عصب الأساس لمجمع نيقيا، بالرغم من كونه من المفردات الفلسفيّة التي لا علاقة لها باللاهوت. استخدم الآباء هذا التعبير ضد آريوس بالذات لأنه قبل بتعبير "مشابه للآب" عوضاً عن "مساو للآب" وذلك لاثبات التشابه التام بين الآب والابن في الهوية. فألوهيّة الابن في الطبيعة مثل الآب، ومساوية له في كل شيء. كما أنه لا يمكن اطلاق هذا اللفظ على كائنين إلا إذا كانا شخصين متمايزين، لأنه لا يمكن لأي شيء أن يكون مساوياً في الجوهر لنفسه، بل لشيء آخر. وبالتالي يمكن للآب وللابن أن يكونا متساويان في الجوهر وذلك في الطبيعة الإلهية، وأن يكونا شخصين متمايزين . وفي هذا الصدد يعبّر القديس اثناسيوس عن هذا خير تعبير: «إن الابن ليس مشابهاً للآب فحسب، بل هو المنبثق من الآب، ومساو له تماماً؛ هو غير منفصل عن جوهر الآب… نحن نعترف بمبدأ واحد، ولا نقول أن للوغوس الخالق، حياة مختلفة عن حياة الله الواحد. ولكن يمكن اتهام الآريوسيّين بتعدد الآلهة أو بالإلحاد؛ فهم يعتقدون أن الابن خليقة إلهيّة غريبة، وكذلك الروح القدس، مخلوق من العدم. وهكذا  هم مرغمون على القول، إما أن اللوغوس ليس إلهاً، وإما أنه ليس من جوهر الآب. وبما أنهم يعترفون بأنه إله حسب قول الكتب المقدسة، فذلك يؤدي بهم إلى الاعتراف بعدة آلهة بسبب اختلافها (أي الآب والابن)، وإذا قالوا أنه إله بالمشاركة كبقية الأشياء، فهم أيضاً كفرة، لأن اللوغوس يصبح واحداً من المخلوقات. وهذا ما لا نقبل به إطلاقاً. إن نوع الجوهر الإلهيّ واحد، وهذا ما يتصف به اللوغوس أيضاً. واحد هو الله الآب، الكائن بحدّ ذاته، وفوق كل شيء: يظهر في الابن، ويهيمن على الأشياء كلها، بواسطة الابن الذي فيه. وهكذا نعترف بإله واحد في الثالوث، ولا بالألوهيّة المتعدّدة الأوجه، التي ينادي بها الهراطقة، لأننا نؤمن بألوهيّة واحدة في الثالوث» .
كما ذكرت سابقاً، أراد الآباء الاستفادة من الفرصة المتاحة لهم في هذا الاجتماع لمناقشة بعض المسائل التنظيميّة، فأصدروا عشرين قانوناً في نهاية مناقشاتهم تناولت عدداً كبيراً من المواضيع أغلبها إدارية وتنظيميّة وحياتيّة، وقد قسمها الأبوان أبرص وعرب إلى خمسة مواضيع: هيكليّة الكنيسة، كرامة الاكليروس، التوبة العلنية، قبول المنشقين والهراطقة، ترتيبات ليتورجيّة . سيثبت المجمع المسكونيّ الرابع في قانونه الأول، ومجمع ترولو والمجمع المسكونيّ السابع هذه القوانين . كما قام الآباء بتعيين موعد محدّد لعيد الفصح.
قرر آباء المجمع الحكم على آريوس والأساقفة المشارعين له، فنفاهم الامبراطور، وتمّ تعيين أساقفة جدد بدل المنفييّن.

روما، الاثنين 3 مارس 2009 (Zenit.org).

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
كلمة الأب لومباردي حول الإعلام الكاثوليكي (1)

كلمة الأب لومباردي حول الإعلام الكاثوليكي (1)

ننشر في ما يلي القسم الأول من الكلمة التي ألقاها الأب اليسوعي فيديريكو لومباردي، مدير دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي، الاسبوع الماضي حول موضوع "الإعلام الكاثوليكي: تجربة الكرسي الرسولي الإعلامية" خلال اجتماع سنوي للجنة الاتصالات التابعة لمجلس أساقفة إسبانيا.

لطالما كانت الكنيسة ناشرة الرسائل إذ أن التبشير هو جزء من طبيعتها. لذلك، يجد دوماً المبشرون بالإنجيل وسائلهم الخاصة من أجل حمل رسالة الإيمان إلى الآخرين ابتداءً من الكلمة الحية ووصولاً إلى الكتابات الأولى ونسخها من أجل مضاعفتها.

بعد قرون عديدة، سرعان ما أصبحت الصحافة السبيل الأساسي في عملية التبشير. أخيراً تميز القرن الأخير بورود وانتشار كثيفين لوسائل إعلامية جديدة: السينما، الإذاعة، التلفزيون، الاتصالات الإلكترونية عبر الإنترنت، الرسائل الإلكترونية وغيرها. وقد حاولت الكنيسة استخدام كافة هذه الوسائل بغية القيام برسالتها في مختلف مجالاتها.

فتقدمت وسائل الإعلام الفاتيكانية عبر التاريخ على الشكل الآتي: من الطباعة والمنشورات في القرن السادس عشر إلى الاوسيرفاتوري رومانو سنة 1861 ومن ثم إلى إذاعة الفاتيكان سنة 1931، ومركز التلفزة الفاتيكاني سنة 1983 وأخيراً إلى الإنترنت في التسعينيات.

رؤية إيجابية لوسائل الإعلام الاجتماعية وتطورها

لطالما أدركت سلطة الكنيسة تطور وسائل الإعلام الاجتماعية مكرسة لها العديد من المداخلات والوثائق لكيما يتحدث المرء عن عقيدة الكنيسة حول الإعلام الإجتماعي.

عديدة هي وثائق البابوات. فقد كرس المجمع الفاتيكاني الثاني مرسوماً لها (Inter Mirifica) عقبته التعليمات الرعوية حول العمل (Communio et Progressio اتحاد وتقدم 1961). نتيجة لذلك كان المجمع فرصة مناسبة من أجل تحفيز الاتصالات بين الكنيسة والعالم إذ نشأ عنه المجلس الحبري لوسائل الاتصالات الإجتماعية ودار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي كـ "باب مفتوح" بين الكرسي الرسولي وعالم الاتصالات الاجتماعية.

بكل موضوعية تسلط وثائق الكنيسة الضوء على المشاكل المتعلقة بالاتصالات الاجتماعية وعلى المخاطر والالتباسات التي يتضمنها استخدامها. إلا أنه من غير الممكن إنكار أنها تعكس جملة وجهة نظر إيجابية – وحتى متفائلة – حول تطور الاتصالات الاجتماعية وحول الإمكانيات التي تقدمها من أجل تطبيق رسالة الكنيسة. فتبدو عناوين الوثائق بذاتها ملفتة: “Miranda Prorsus” (الاختراعات التقنية الاستثنائية)، “Inter Mirifica” (الاكتشافات التكنولوجية الرائعة)، “Communio et Progressio” (اتحاد وتقدم).

أعتقد بأنه لا بد لنا من مشاركة هذا الموقف مع الآخرين ومحاولة نشره. لذا أوصي بعدم اتخاذ موقف الخائف من الاتصالات الاجتماعية ووسائلها أو التحامل عليها بل بالقيام بكل ما هو ممكن بغية الاستفادة من الإمكانيات الرسولية المطروحة في استخدام وسائل الاتصالات في اتجاهين أساسيين هما:

<!–[if !supportLists]–>-        <!–[endif]–>إعلان الإنجيل ورسالة الكنيسة

<!–[if !supportLists]–>-        <!–[endif]–>بناء المشاركة والوحدة الكنسية

إننا نجد تجديداً في تفكير الكنيسة وتعليماتها حول الاتصالات الاجتماعية في الوثائق التي ينشرها المجلس الحبري للاتصالات الاجتماعية على مر الأيام (منها الكنيسة والإنترنت، الأخلاقيات في الاتصالات الاجتماعية، الأخلاقيات في الإعلان وغيرها). كما أن سلسلة الرسائل في اليوم السنوي للاتصالات الاجتماعية تساعد سنوياً على التعمق أكثر بالنقاط والمشاكل المحددة ذات الطابع الأخلاقي والتربوي والرعوي مساهمة بذلك في تطور إدراك مشترك لمشاكل الإعلام في الكنيسة جمعاء. هذا وأن رسالة هذه السنة حول "وسائل تكنولوجيا جديدة وعلاقات جديدة" هي إحدى الرسائل الأكثر فعالية بين الرسائل الأخيرة. وإنني أعتبر أنه من الإيجابي جداً إطلاق هذه المواضيع على المستوى الدولي إذ تشجع على تطور وتبادل التجارب ومبادرات التعاون بين مختلف البلدان، كالعمل الذي يتم في إسبانيا وإيطاليا حول وسائل تكنولوجيا جديدة وعلاقات جديدة في العناية الرعوية بالشبيبة. كيف تعمل تجربة ارتياد شبكة xt3 التي طورها الأستراليون من أجل إغناء يوم الشبيبة العالمي على دعم العلاقات بين الشبيبة من مختلف أنحاء العالم والاستمرار بعد اليوم في سيدني؟ وكيف يرتبط إعداد اليوم في مدريد بهذه التجربة؟

هذا ما يمهد تأملاً مهماً باعتقادي حول العلاقة بين الوسائل التقليدية والحديثة في خدمتنا الكنسية.

الجميع يعلم أن هناك اليوم عدد كبير من الأشخاص الذين لا تصلهم مباشرة رسالة الكنيسة إلا أن الإعلام يمكنه الوصول إليهم لذا من واجبنا محاولة استخدام هذه الوسيلة لا بل أكثر من ذلك هذه الوسائل – بسبب تعددها وتنوعها – بغية إعلان الإنجيل.

يشهد الإعلام تطوراً ملحوظاً بخاصة في المجتمعات الأكثر تقدماً ولا بد لنا من الانتباه إلى إدراك الطرق الجديدة التي يجب أن نستخدمها لنصل إلى مستمعينا على نحو أفضل. ولا بد من أن يكون هذا الانتباه مصحوباً بحذر حكيم. غالباً ما تستخدم الأجيال الصاعدة أو جماعات معينة وسائل جديدة من الاتصالات الاجتماعية إلا أن آخرين يحافظون على تعلقهم بعاداتهم ومن هنا يجب ألا نتخلى عنهم. وغالباً ما يحافظ الإعلام "التقليدي" على أهميتهم، فمن السخيف وضعهم جانباً والسماح للانجراف وراء سحر وسائل التكنولوجيا الجديدة وبالتالي التخلي عن مجموعة مهمة من القراء والمستمعين.

عندما أفكر في خدمة إذاعة الفاتيكان وأحاول إدراك التقدير الكمي للمستمعين، ألاحظ بشكل عام أنه وعلى الرغم من أن عدد المستمعين إلى المحطات الإذاعية التي تعيد البث ليس كبيراً إلا أنه يفوق عدد زوار شبكة الإنترنت.

فالبرنامج التشيكي على سبيل المثال له صفحة على الإنترنت تحظى بزيارة كثيفة من قبل العالم الناطق بالتشيكية، إذ يصل عدد الزيارات إلى 300000 سنوياً، حوالي ألف يومياً. بيد أن البرنامج اللاسلكي تعيد بثه الإذاعة الكاثوليكية للإرسال التي يتفاوت عدد المستمعين إليها بين 50000 و90000 يومياً. مما يعني أنه يجب أن نكون حذرين وواقعيين عند تقييم الحجم الفعلي لمختلف وسائل الإعلام.

إلا أن العديد من الشبان اليوم يستخدمون العديد من وسائل الاتصالات عبر الإنترنت، الآيبود أو الهواتف الجوالة وغيرها. كما أن هناك أهدافاً وتطورات عظيمة في هذا المجال. لذا يجب أن نقدر على الاستفادة منهم وإيجادهم من خلال هذه الوسائل الجديدة من الاتصالات مقدمين لهم إشارات على وجودنا وأجوبة عن أسئلتهم وحاجاتهم. إن رسالة هذا العام بمناسبة اليوم العالمي للاتصالات الاجتماعية تشجع كثيراً في هذا الصدد. لن أتوقف كثيراً عند هذا الأمر لأنه سيكون موضوع جلسة أخرى من جلساتكم إلا أنني سأطرح ملاحظتين.

ملاحظتي الأولى هي أن سرعة هذا التطور قد تبث في نفوسنا أحياناً شعوراً بالخوف من فقدان الروابط مع التاريخ إلا أننا محاطون بالعديد من الشبان الأكفاء الذين يمكنهم مساعدتنا: لا بد لنا من تشجيعهم على عيش حياتهم بثقة ولا بد لنا من الإصغاء إلى اقتراحاتهم. وإنني أعتقد أنه من الممكن بذلك التقدم من غير قلق بل بإبداع في عالم الإعلام الجديد. فبالنسبة لي، أطلع دوماً على الإعلام الجديد مثل الاستخدام المنتظم للبودكاستينغ، إنتاج "الأخبار المصورة" ونشرها على يوتيوب، من خلال معاوني وليس من خلالي أو من خلال من هم أعلى مقاماً مني. كما أنني أرى أن الازدهار الجيد لحضور الكنيسة الإيطالية الواسع على شبكة الإنترنت ناتج عن إبداع القواعد الشعبية المدعوم والمنسق مع مبادرات ملائمة أكثر مما هو ناتج عن استراتيجية مفروضة من سلطة عليا.

أما الملاحظة الثانية فهي أنني أبذل شخصياً قصارى جهدي من أجل الحفاظ على استمرارية التقدم في الاتصالات وإعطاء صورة تكامل لخدماتها: انطلاقاً من الإعلام الأكثر تقليداً وصولاً إلى الإعلام الأكثر جدة لا بل أيضاً من الأكثر جدة إلى الأكثر تقليداً. من خلال أنباء إذاعة الفاتيكان ومركز التلفزة الفاتيكاني حاولنا توسيع حضورنا باستخدام يوتيوب ولكننا قدمنا في الصفحة الأساسية لقناة الفاتيكان على يوتيوب نظام وصلة يربط الزوار بطريقة يتمكنون من خلالها من الحصول على أخبار أكثر عمقاً تقدمها وسائل الإعلام التقليدية وشبكتها، أخبار وافرة وكاملة عن حياة الكنيسة وعن الزمن الحاضر، نصوص كاملة عن كلمات البابا ووثائقه، ومن الدخول إلى الموقع الرسمي لتوثيق الفاتيكان والتنسيق بين وسائل الإعلام والكرسي الرسولي. في المرة القادمة سوف أطلعكم عما إذا حصلنا على نتائج أفضل.

زينيت 24.02.2009

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
لبنان: مواد بلا أساتذة في «الإعلام ـ 1»

لبنان: مواد بلا أساتذة في «الإعلام ـ 1»

يواجه طلاب كلية الإعلام والتوثيق – الفرع الأول في الجامعة اللبنانية نقصاً في عدد الأساتذة لبعض المواد الإلزامية. «لم نتلقَّ أية محاضرة في مادة علم السياسة»، تقول باسكال خدام (سنة أولى علاقات عامة). وترى خدام أنّ الإدارة مسؤولة عن تأمين الأساتذة والمحافظة على أبسط حقوق الطلاب.

 ياسمين مصطفى (سنة أولى صحافة مرئية ومسموعة) هي أيضاً تشكو من غياب أستاذ علم السياسة وتوافق زميلتها لجهة «اللامبالاة التي نلقاها في الإدارة كلما ذهبنا لمعرفة مصير هذه المادة والجواب الجاهز الذي نحصل عليه سنؤمّن لكم أساتذة قريباً».
لكن الفصل الأول شارف على الانتهاء ويُرجح كما تقول أمينة السر في الكلية أمل فايد أن يحمل الطلاب المواد إلى الفصل الثاني بانتظار تأمين أساتذة. أما الطلاب، فيتخوفون من احتمالين، إما أن يحملوا المادة التي لم يدرسوها إلى الفصل الثاني ما سيزيد عليهم العبء، أو أن يُمتحنوا فيها في نهاية السنة من دون شرح الأستاذ، وفي الحالتين الطالب هو المتضرر.
«علم السياسة» ليست المادة الوحيدة التي تبحث عن أستاذ فمادة «علم النفس الاجتماعي» للسنة الثانية علاقات عامة أيضاً. وهنا تشرح نيفين هورو أنّ هناك حصتين في الأسبوع لهذه المادة. وتعلّق: «لسنا مستعدّين لأن نكثّف الدرس في الفصل الثاني، يكفينا أننا سنحمل مواد أخرى لن ننجح فيها في الفصل الأول!».
لكن هناك من يرى أنّ الطلاب يتحملون جزءاً من المسؤولية لكونهم لم يحركوا ساكناً منذ بداية العام الدراسي للمطالبة بأساتذة، ما يجعلهم مشتركين في الإهمال الإداري. فماذا فعل مجلس فرع الطلاب في هذا الشأن؟ يوضح عضو المجلس حسن فقيه «أنّ التقصير الفعلي تتحمله الإدارة لأنّ المجلس يطالب بأساتذة ولا يؤمنهم».
في المقابل، يعزو ممثل الأساتذة في مجلس الكلية الدكتور علي رمال النقص إلى أنّ أستاذ «علم السياسة» الدكتور قاسم العوطة تقاعد، فيما قدم أستاذ «علم النفس الاجتماعي» الدكتور علي رزق استقالته، ولا يزال البحث جارياً عن البديل». ويعد بحل المشكلة عبر التعاقد مع أساتذة في بداية الفصل الثاني.

أيمن القادري- جريدة الأخبار 05.02.2009

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
التعليم المسيحي: بين اللاهوت، القداسة، والأبوة الروحية (1)

التعليم المسيحي: بين اللاهوت، القداسة، والأبوة الروحية (1)

ننشر في ما يلي القسم الأول من مقالة روبير شعيب حول موضوع "التعليم المسيحي: بين اللاهوت، القداسة، والأبوة الروحية".

يجب على معلم الإيمان المسيحي أن يعرف كيف يلمس كل إنسان في عمق دعوته ووضعه الشخصي، لكي يتمكن كل إنسان أن ينمي معرفته للإيمان بشكل مسؤول وأن يطابق حياته مع إيمانه" (تجديد التعليم المسيحي، عدد 41).

إن اعتبار التعليم المسيحي كمسألة وجودية، مسألة عيش مع الله وفي الله، وليس فقط كمسألة نقل معلومات حول الله، هو ضرورة ترتبط بها فعالية نقل خبرة الإيمان المسيحي، نقل "وديعة الإيمان" التي يتحدث عنها القديس بولس. ولذا نود أن نكرس فسحة للتفكير في المفهوم العميق للتعليم المسيحي عبر ربط أبعاد ثلاثة ضرورية تشكل فسحة وجود وتنفس هذه الخبرة: اللاهوت، القداسة والأبوة الروحية.

يقول الفيلسوف الدانماركي سورين كيركغارد (Kierkegaard): "أستاذ اللاهوت [أو أي معلم للدين المسيحي] هو شخص يعلّم لأن آخر صُلِب".

كلنا يعرف أن كيركغارد كان من دعاة "قفزة الإيمان" ما وراء حدود العقل، ومن دعاة "الإيمان الفردي"، ولكن مقولته لا تخلو من المعنى؛ تقدم لنا هذه العبارة اللاذعة فكرة عن تفاهة تعليم الدين المسيحي كمجرد واقع موضوعي، تاريخي، حدث في الماضي ولا يمت إلى حاضري بأية صلة. وتعبر عن كآبة موقف من يتحدث بكل ارتياح ووسط تصفيق الجماهير عن إله صلب وتألم وتعرض للرفض. الثرثرة بشأن الله أمر تافه إذا لم يكن ذلك يعني في نفس الوقت عيش عميق ووجودي للخبرة المسيحية، دخول في توق الله المتيّم الذي عبّر عنه على الصليب.

معلم الإيمان المسيحي الحق هو شخص، لا يتكلم عن الله، بقدر ما يترك لله المجال أن يسرد فيه ومن خلاله قصته، "الدراما الإلهية" (كما أسماها اللاهوتي الكبير هانس أورس فون بالتازار في القسم الثاني من ثلاثيته اللاهوتية الكبرى).

 

أولاً: الانفصال المأساوي بين اللاهوت والقداسة

إن "الطلاق" بين اللاهوت والقداسة الذي عاشته الكنيسة على مدى عصور طويلة هو واقع "مأساوي" لأنه فصل أدى إلى انحطاط إن من ناحية فهم الإيمان وإن من ناحية عيشه. ولكن قبل أن نلقي نظرة إلى أسباب الانفصال التاريخي بين اللاهوت والقداسة، لا بد أن نقدم بعض المعاني التي توضح محتوى هذين الواقعين.

اللاهوت يتعلق بمحتوى الإيمان (Fides quae creditur)، بفكر الإيمان (intellectus fidei)، بالقبول العقلي والعقلاني والوجداني للإيمان، بالاعتراف الإيماني القويم (ortho-doxa)…

القداسة تتعلق بفعل الإيمان (Fides qua creditur)، باعتراف الإيمان (confession fidei)، بالقبول الإرادي والوجودي لعيش الإيمان، بالعيش الإيماني القويم(ortho-praxi).

إذا ما نظرنا إلى هذه الصفات لوجدنا أن عيش إيمان ناضج وسليم يتطلب كلتي الصفتين. فعيش الإيمان دون فهمه لا يطابق طبيعتنا البشرية العقلانية، وفهم عقلانية الإيمان دون الدخول في وجدان العيش المسيحي لا ينفع شيئًا، بل يضحي نوعًا من فلسفة برجوازية لا تجدي نفعًا. صدق كاتب "الاقتداء بالمسيح" عندما قال: "لا ينفعك شيئًا فهم الثالوث الأقدس إذا خلوت من التواضع الذي يجعلك مرضيًا لدى الثالوث".

<!–[if !supportLists]–>1.    <!–[endif]–>نظرة تاريخية

<!–[if !supportLists]–>1.1.        <!–[endif]–>العصر الوسيط

يتحدث اللاهوتي السويسري فون بالتازار في مقالته "اللاهوت والقداسة" عن "حجر عثرة" يتمثل بالانفصال بين اللاهوت والقداسة. ويصرح بالتازار أن اللاهوت والقداسة كانا يسيران يدًا بيد حتى العصر الوسيط، بحيث كانت شخصية اللاهوتي تلازم دومًا شخصية القديس، والعكس. فكل آباء الكنيسة العظام، مثل إيروناوس، وأغسطينوس، وغريغوريوس النزينزي، وباسيليوس الكبير، وغريغوريوس النيصصي، ويوحنا فم الذهب، كانوا لاهوتيين عظام وقديسين عظام في آن. "آباء الكنيسة" بالواقع هم أولئك الأشخاص الذين تحلوا بهذه الصفات الأربع: القدم، الإيمان القويم، القداسة، وقبول السلطة الكنسية.

ويسعى بالتازار إلى إيجاد أصل هذا الانفصال، فيعتبر أنه يعود إلى اعتناق المسيحيين في العصر الوسيط بعض مفاهيم الفلسفة اليونانية للتعبير عن الحقائق المسيحية، دون أن يقوموا بتعديل هذه المفاهيم بشكل يوافق واقع الإيمان المسيحي.

من بين هذه المفاهيم، هناك مفهوم الحقيقة (aletheia)، التي بدأ لاهتيو العصر الوسيط بوصفها متأثرين بأرسطو بهذا الشكل: "مطابقة العقل للواقع"، " adaequatio intellectus ad rem ": أي لكي أعي حقيقة أمر ما، لا بد أن أجعل عقلي يطابق واقع هذا الأمر، فيدرك على ماهيته، أي على حقيقته. هذا الوصف للحقيقة المجردة هو صحيح ودقيق جدًا، ولكن لا يمكننا أن نطبقه كما هو على الحقائق الشخصانية، وبشكل خاص على حقيقة الإيمان. ففي العلاقة الشخصانية لا تنحصر "المعرفة" على "الحقيقة" (verum) بل تنفتح بشكل ضروري على "الصلاح" (الخير bonum). ويعتبر بالتازار أن لاهوتيو العصور الوسطى أقروا بتواجد الصلاح والحقيقة، إلا أنهم لم يبينوا تداخل الواحد بالأخرى، وعدم إمكانية انفصالهما. ويشرح بأن هذا الفصل "الفلسفي" ينعكس على أرض الواقع فصلاً بين معرفة الإيمان وقداسة الحياة. فالفكر الفلسفي الوسيط يعترف – وكيف له أن ينكره – بمعرفة الإيمان وبقداسة الحياة، إلا أنه لا يرى بوضوح تداخل الواحد في الآخر، وضرورة تواجد الاثنين سوية.

إن نتائج هذا الانفصال عديدة، يسمي بالتازار بعضًا منها مثل "فقدان الترابط الحميم" بين شخصية اللاهوتي والقديس. وبهذا الشكل قدم لنا العصر الوسيط والعصور اللاحقة – طبعًا مع بعض الاستثناءات حيث جمع لاهوتيون عظام مثل أنسلموس، ألبرتوس الكبير، توما الأكويني، بونافنتورا… بين القداسة واللاهوت– لاهوتيين لم ينتشر أريج قداستهم، ولم تعترف الكنيسة ببطولة فضائلهم رغم اعترافها واستخدامها لثمار فكرهم اللاهوتية والفلسفية. وفي الوقت عينه نجد قديسون عظام، إلا أنهم، خلافًا لآباء الكنيسة، لم يبرعوا في تعليم الإيمان وتعميقه لاهوتيًا.

والنتيجة الأخرى لهذا الفصل هي فقدان صورة ما يسميه بالتازاربـ "اللاهوتي الكلي"، أي اللاهوتي الذي لا يعبر فقط بفمه، بل بكلية كيانه عن جوهر الإيمان. بدأت حقبة صار فيها اللاهوت عقليًا بحت[نود أن نلفت الانتباه على التمايز بين العقلاني (rational) والعقلي(rationalist). فالأول يستعين بالعقل ليسمو به إلى ما هو أسمى، بينما الثاني يخضع للعقل ولا يتخطاه البتة]. يقول بالتازار أنه مع مجيء اللاهوت العقلي، لم يعد اللاهوت لاهوت ركوع (وصلاة) بل لاهوت مكتبة وطاولة أبحاث.

طبعًا لا بد أن يجلس الإنسان إلى الطاولة ليكتب، ولا بد أن يستعين بالكتب والأبحاث، ولكن لا يجب أن يكون هذا على حساب العلاقة الشخصية والمباشرة مع موضوع اللاهوت الذي ليس موضوعًا بالمعنى الحصري للكلمة، بل هو شخص، ومحاور حي.

يقال أن القديس بونافنتورا زار يومًا القديس توما الأكويني، فلم يجد في قلايته سوى قلة من الكتب. وتعجب من هذا الأمر فسأل صديقه: "قل لي، من أي معين غرفت كل هذا العلم اللاهوتي الزاخر؟"، فكان جواب توما: من الرب في القربان المقدس.

وهناك نتيجة أخرى هي نشوء إزدواجية بين اللاهوت العقائدي واللاهوت النسكي أو التقشفي. بالواقع، بينما ركز اللاهوتيون جهودهم على سبر وقائع عقلية مجردة، غير معاشة. نذكر بأن لاهوت الآباء لم يولد في قاعات الجامعات بل خلال الوعظ، وخلال الرد على الهراطقة، وخلال جهد الرعاة لنقل وديعة الإيمان إلى رعيتهم. وبالتالي كان لاهوتًا لا يستطيع أن يغوص في غمر الفكر المجرد، بل كان يتوجه دومًا إلى الواقع الإيماني والحياتي المعاش، وكان يهدف دومًا إلى الحياة الرعوية.

ولكن لما تم الفصل بين اللاهوت والإيمان، بات اللاهوتيون يرفعون عاليًا قصور أفكارهم، وأبقوا المؤمنين مع مكنون إيمان لا يعرفون كيف يشرحوه أو يفهموه. وبهذا الشكل ولد ما عرف لاحقًا بالتقوى الحديثة " devotio moderna "، مع كثير من الكتب الروحية التي تفتقر إلى مكنون لاهوتي متين.

روما، الخميس 29 يناير 2009 (Zenit.org).

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الفكر الإسكاتولوجي للكنيسة الكاثوليكية مع مقارنته لبعض أفكار أوريجانس (1)

الفكر الإسكاتولوجي للكنيسة الكاثوليكية مع مقارنته لبعض أفكار أوريجانس (1)

ننشر في ما يلي القسم الأول من دراسة الأب الياس جانجي حول موضوع "الفكر الإسكاتولوجي للكنيسة الكاثوليكية مع مقارنته لبعض أفكار أوريجانس".

المقدمة

إن أسطورة التقدّم الحاليّة، التي غذتها الحضارة التقنيّة والتي ما زالت تغذي العديد من الأحلام البشريّة حاولت أن تحل لغز الموت الذي لا يزال يقض مضجع الإنسان، هدفها من كل ذلك أن تلغي كل اعتقاد بوجود شيء ما بعد الموت: فالطب مثلاً يحاول أن يؤخر الموت قدر المستطاع وهذا ما يسمونه "التكالب على العلاج"  (acharnement thérapeutique) وهو يقوم على حفظ المريض في قيد الحياة إلى أقصى الحدود وأحيانًا بتجاوز الحد المعقول بواسطة الطرق الإصطناعيّة. إلا أن هذه الحضارة أفرزت خيبات أمل متتالية، ولم تستطع حتى اليوم أن تريح الإنسان من قلق الموت ولا من قلق ما بعد الموت. فما هو مضمون رجائنا بعد الموت، وإلى أي أساس يستند؟
في هذه الدراسة سنحاول أن نجيب على بعض الأسئلة المتعلقة بالأمور النهيويّة، أي المختصّة بالماورئيّات وكل ما تتضمنه من مواضيع كالموت والقيامة والحياة الأبديّة والسماء والمطهر وجهنم وغيرها، مع عرض سريع لفكر أوريجانس الاسكاتولوجي. همنا من خلال هذه الدراسة ليس المعلومات العامة فقط بل أيضًا تقديم مفهوم مسيحي لاهوتي لكل هذه المواضيع، وإعلان الرجاء لإنسان اليوم المملوء باليأس وبخيبات الأمل التي يختبرها في حياته اليوميّة.
لهذا لا بد لنا من إعطاء توضيح محدد لكلمة الإسكتولوجيا أو الأخيريّة أو النهيويّة، فهي كلمة منحوتة من الأصل اليوناني (eschatologie)، تدل على معرفة الحقائق الأخيرة. وبالمعنى الحصري تعني هذه الكلمة نهاية الأزمنة والدينونة الإلهيّة وعودة المسيح. ولكن بما أن الأبديّة حاضرة منذ الآن بفضل قيامة المسيح، فغالبًا ما تعني الإسكتولوجيا حضور المسيح القائم من الموت في عالمنا، وكل ما ينتج عنه، ولا سيما حضور الروح القدس على وجه فعال، بصفته يحول الإنسان منذ الآن بالنعمة، ويحول غير الإنسان، الكون كله. وبهذا المعنى فالإسكتولوجيا هي حاضرة منذ الآن في العالم، ولكنها ليست تامة بعد. لذلك فإننا أعطينا عنوانًا آخر لِهذا الموضوع وهو "الحياة الدائمة مع المسيح"، هذه الحياة التي تبدأ على الأرض وتستمر في الأبديّة.

أولاً: فكر أوريجانس الإسكاتولوجي

ـ حياة أوريجينوس[1]: وُلد أوريجانس سنة 185 من عائلة مسيحية ميسورة في الإسكندرية، تابع دروسه في معهد الاسكندرية الشهير على يدّ إكليمنضوس الاسكندري، لما اشتدت عمليات الاضطهاد التي قادها سبتيموس ساويروس سيق والده إلى الاستشهاد، فهب الابن الشاب لمرافقة والده والاستشهاد معه، إلا أن تدخل والدته عارض هذه الفكرة. سعى أوريجانس بفضل ثقافته لتأسيس مدرسة مستقلة، وأوكلت إليه فيما بعد مهمة تعليم وتهيئة طالبي العماد. لكنه ما لبث أن تخطى هذا الإطار ليرئس مدرسة الديداسكالي التي كانت انطلاقة حياة أوريجانس وشهرته. سنة 250 اشتعلت جذور الاضطهاد بقيادة الإمبراطور داقيوس. فكان أوريجينوس من عداد المستهدفين. إلا أنه توفي في مدينة صور بعد أن عانى الأمرّين من العذابات.
فكره: تحدث أوريجانس عن مسألة النهايات (الإسكاتولوجيا) في معرض كلامه على الخلائق عامة، وفعل ذلك أيضاً في معرض كلامه على المادة، أما هنا هو يخصّ الإنسان بالذكر. فكان لا بدّ من ذكر تعليم الإيمان الموروث في أيامه. فيفتتح الجدل في مسألة البعث، ثم يتناول موضوع العقاب، ويأتي آخراً إلى الكلام عن المواعيد التي وعد الله بها الإنسان. ولكن هذا الأخير لا يستطع أن يبقى ثابتاً ومؤمناً بهذه المواعيد طالما تتقاذفه أمواج الحياة.
ينطلق أوريجانس في حديثه عن الحياة الخالدة من بديهية تُعتبر أساس كلّ تفكير فلسفيّ ولا سيما المذهب الوجوديّ، حيث يأخذ «وجود» الكائن البشريّ بالدرجة الأولى، وذلك بتأكيد ضرورة الحركة لدى الكائنات الحية، وبالأخص لدى الإنسان. فيطرح ثلاثة أنواعٍ من النشاطات البديهيّة التي يفعلها أحياناً: الأول سخيف، والثاني حسن، والثالث يُعتبر جيداً لِـ «وجود» الإنسان. فهو تارة صريع الملذات؛ وهو طوراً شغف بخير الجماعة، فيجري في طلب الإصلاح؛ وهو طالب يسعى في كشف الحقيقة والسعي إليها. يعتبر هذا العمل الأخير أساس غاية وجود الإنسان، حيث أنه يسعى إلى أن «يدرك ما وراء الوقائع الجسميّة» أي أن يبذل جهداً بشرياً لكي يعرف نفسه والله. وبالتالي فإن هذه المنهجية في التفكير التي تُدعى بـ «الفلسفة» تُكسب الإنسان معرفة غاية وجودّية. فمعرفة حقيقة الأشياء تبدأ من عللها وطبيعتها. ولذلك ينطلق أوريجانس من دراسة نمط العيش ومستواه ليبحث في «عين الحياة» أي في الحياة الخالدة. فتكون الغاية في بحث جدّي عن حالة الإنسان في «الحياة الحقة»، حيث أنه إذا كانت حالة الإنسان على ما سبق وصفه، أتكون حاله كذلك في «الحياة الحقة»، أي في المسيح.

فيما يلي يأتي ذكر أصحاب البدعة الألفية[2] وهم الذين يماثلون عالم الآخرة بعالم الدنيا، حيث أنهم يناشدون بضرورة إتمام الملذات الجسدية متشبّثين بمعنى الشريعة الحرفيّ على نحو سطحيّ. فيذكر بذلك أولئك الذين يتوقون لأن يجدوا لهم في القيامة جسداً لحميّاً ثانياً، يتيح لهم الإقبال على المأكل والمشرب وعلى كل فعل يمتّ بصلة إلى اللحم والدم. ويتأملون عقد الزواج وإنجاب البنين بعد القيامة أيضاً. ويشدد على ذلك مؤكداً على ذكرهم آيات من الكتاب المقدس، فيضمنون لأنفسهم الخدمة المريحة، ويحسبون بأنهم سوف يتسلمون خيرات الأمم. فبالتالي يريد أصحاب هذه البدعة في هذه الفانية ما يرجونه من تمام المواعيد.
بعد ذلك يتكلم أوريجانس عن العلم الذي يتلقاه الناس، وعن المعرفة الناقصة التي يغادرون بها الحياة. فإذا كانت مرفقة بأعمال صالحة، فيتهذبون في أورشليم السماوية. كل ما يكون الإنسان قد قاساه على هذه الأرض بجرأة وتقوى من معارك فهو سيصيب في العلى معرفة أسمى، لأن الإنسان لا يحيا من الخبز وحده، وإنما من كل كلمة تخرج من فم الله أيضاً.
يبدأ أوريجانس بتفسير مواعيد الله لأصحاب البدعة الألفية تفسيراً روحياً، ينأى عن الإسفاف في الرؤية. ويضرب في سبيل ذلك تشبيهاً: المعجب الذي أخذت منه الدهشة مأخذاً إزاء تحفة عاينها، تغلو به حميته ويدفع به الفضول لكي يعلم أسرارها، ويعلم بحكمة صانعها. كذلك سيصير بالخليقة متى صار مآلها إلى الحياة الأخرى. فإنها تعبر الحيز تلو الأخر وهي ترتوي من معرفة أسرار الله، دون كلل ولا شبع. وهي ستستمر بالصعود في سلم المعرفة حتى تمسي كلها إدراكاً ومعرفة، مستعيدة حال كونها الأول. فإذا سارت إلى هذه المرتبة من المعرفة الباسقة في سموها، المنيعة على قوى التيه والضياع، أمكنها حينئذ من التأمل في حقيقة الله، والارتياح إلى معرفته؛ فتلبث فيه. ويعطي أوريجانس أمثلة أخرى عن معرفة أسباب عمل الله. وبعدها ينتقل إلى الكلام عن المعرفة بعد الموت ويستشهد بقول أحدهم: «إني واقع بين أمرين، إذ بي رغبة لكي أموت فأكون مع المسيح، وهذا لأفضل إلي جداً»[3]، وذلك ليبين عن المعرفة التي تلي الموت، معرفة الأحياء والأموات.

إن فكرة الخلاص عند أوريجانس محاطة بفكرة الخلق الجديد، حيث أنه عودة إلى حالة النقاء الأولى. وقد استقى تفكيره من فكر القديس بولس في رسالته إلى كورنثوس[4]: «ومتى أخضع له كل شيء، فحينئذ يخضع الابن نفسه للذي أخضع له كل شيء، ليكون الله الكل في الكل». فالكمال الذي يترجى هو واحد، فُقدت صورته بالخطيئة، فأعادها المسيح إلى سابق عهدها. وفي هذا لا يستثني أوريجينوس أحداً بل يعتبر أن الكلام مطبق على كل كائن، الشيطان كان أم الموت، أم الخطيئة. كما أنه لا يميز بفكره بين صيرورة المخلوقات إلى حالها بفعل قواها، وإخضاعها لله بفعل المسيح فيها. كذلك، ليست حالتها عند حصول الخلاص لها مساوية لحالها وهي موجودة عند الله

من خلال ما سبق  نستطيع أن نستنتج فكر أوريجانس حول الآخرة[5]:

1. المعاودة (الإعادة الشاملة إلى الوضع السابق): يتحدث أوريجانس عن نوعين من النفوس، فالتي أخطأت على هذه الأرض ستُطهر بالنار بعد موتها، أما نفوس الأخيار فستدخل إلى الفردوس، حيث سيأتي الله ويحل جميع المشاكل العالقة في الكون. وسينال جميع الخاطئين الخلاص. أما الشياطين وإبليس نفسه فسيطهرهم الكلمة (اللوغوس). وبعد أن يتم ذلك، يكون مجيء المسيح الثاني، ثم قيامة جميع البشر، في أجساد غير مادية، بل روحية، فيكون الله كل شيء في الجميع. «وستتم نهاية العالم والانقضاء الأخير، حين يكون كل واحد قد تحمل عقاب خطاياه. والوقت الذي يجازي الله فيه كل واحد بحسب استحقاقاته لا يعرفه إلا الله. ورأينا أن عطف الله سيعيد، بمسيحه، جميع المخلوقات إلى نهاية واحدة، حتى أعدائه، بعد أن يكون قد استمالهم وأخضعهم»[6]. فالإنسان حين يعود إلى المسيح سيعرف أسباب كل أمر يجري على وجه الأرض، بما له شأن بالإنسان وبالطبيعة وعلم الإلهيات.
2. وجود النفوس السابق: يعتقد أوريجانس بأن الله قد خلق كل النفوس في البدء، حيث أنها كانت متساوية ومتحدة في مشاهدة الثالوث. لكن وبسبب بعض الثقل الذي استولى عليها بردت همتها في المشاهدة، فسقطت وابتعدت عن الله وعن بعضها. فالفرق بين هذه النفوس أي بين الملائكة والبشر، لا يعود إلى فرق في الطبيعة، بل إلى اختلاف في التأهب الباطني. فالمادة ليست سبب سقوط الأرواح بل نتيجته. عند هذا السقوط قام الله بخلق طبيعة أخرى، وهي الكون الحسي الذي يتيح للطبائع الناطقة المتجسدة أن تستعيد عن طريق المحنة صفائها الأصلي. ولهذا من الضروري وجود عدة عوالم يختلف بعضها عن بعض، حيث أن تطهر الأرواح لا يمكن أن يتم بإقامة واحدة في العالم الحسي، ذلك بأن بعض الأرواح يزيدون سقوطهم سوءاً، ومنهم من ينهضون بوجه غير كامل.

في الأصل خلق الله عدداً معيناً ومناسباً من الأرواح، من صفاتها أنها مفطورة على الحرية[7]. لكن الله يستطيع أن ينتصر على الأرواح الشريرة ويستطيع أن يردها إلى نفسه، فتصبح إرادتهم الشريرة إرادة صالحة. فالنهاية الأخيرية ستكون مطابقة للأصل. هذا المبدأ هو من مبادئ أوريجانس الأساسية: «النهاية ستجدد البداية، ومنتهى الأشياء سيرد إلى بدئها، وبذلك يستعاد الوضع القديم الذي نالته الطبيعة الناطقة، حين لم تكن بحاجة إلى الأكل من شجرة معرفة الخير والشر. وكل شعور بالخبث سيبعد ويغسل فيصبح صافياً وطاهراً، والذي هو الله الصالح يصبح وحده كل شيء لتلك الخليقة الناطقة…، فعلينا إذاً أن نعتقد أن جوهرنا الجسدي كله سيرد إلى هذا الوضع، حين تعاد جميع الأشياء إلى الوحدة ويكون الله كل شيء في الجميع»[8]. وبالتالي فإن جهنم ليست أبدية، إذا إن الله سينتصر في النهاية على جميع أعدائه. فليس هناك عقاب، ما عدا العقاب الذي يداوي والذي من شأنه أن يمكن إصلاح المذنب وندامته. أدان المجمع القسطنطيني الثاني عام 553 أوريجانس وشجب المذهب الأوريجيني.

[1] هنري كريمونا، أوريجانس عبقري المسيحية الأولى، موسوعة المعرفة المسيحية، آباء الكنيسة، دار المشرق، بيروت،  1991، ص 7 – 13.

[2] الألفية هي المعتقد القائل بأن الأبرار القائمين من الموت، في نهاية الأزمنة، سيملكون في الأرض مع المسيح مدة ألف سنة. ويكون هذا الملك بين مجيء المسيح الثاني والقيامة من جهة، والقيامة العامة والدينونة الشاملة من جهة أخرى. عن دراسة في الإسكاتولوجيا، ص 26.

[3] في 1: 23. أنظر 1 -7- 5.

[4] 1كور 15: 28.

[5] الأب أوغسطين دوبره لاتور، دراسة في الإسكاتولوجيا، نقله إلى العربية الأب صبحي حموي اليسوعي، دراسات لاهوتية، دار المشرق، بيروت، طبعة أولى، 1994، ص 32- 35.

[6] في المبادئ، 1، 6، 10.

[7] هذه المخلوقات، بحسب أوريجانس، تستطيع أن تبتعد عن الله وأن تخطأ، حيث أنه بإمكانها أن تسقط من قمم الخير إلى أعماق الشر.

[8] في المبادئ،3، 6، 3.

إعداد الأب الياس جانجي
روما، الثلاثاء 13 يناير 2009 (Zenit.org).

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
لبنان: اعتصام »الإعلام- 1«: كان لنصرة غزة فصار الزيدي بطله

لبنان: اعتصام »الإعلام- 1«: كان لنصرة غزة فصار الزيدي بطله

عناصر قوى الأمن الداخلي تقف عند المدخل. مصورو الصحف والمحطات التلفزيونية يتوافدون. دقائق قليلة ويخرجون من حرم كلية الإعلام (الفرع الأول) في الجامعة اللبنانية. طلاب يجلسون على الكراسي البلاستيكية، وآخرون فضلوا الوقوف لرؤية مجسم جورج دبليو بوش.

بدأ الاعتصام، الذي دعا إليه مجلس فرع الطلاب في الكلية، بالوقوف دقيقة صمت تحية لأرواح شهداء غزة والعراق. ورغم أن المناسبة التي كانت قد عُممت على الطلاب هي استنكار ما يجري في غزة، فقد تم »تحديث« الهدف من التجمع ليشمل أيضاً التضامن مع الصحافي منتظر الزيدي. ويلفت مندوب التعبئة التربوية ـ حزب الله في الجامعة، محمد حيدر، منذ البداية إلى أن الاعتصام الذي نظمته »التعبئة« بالتعاون مع مجلس الفرع يتعلق بثلاث مناسبات: حصار غزة، التضامن مع الزيدي، وعيد الغدير.
بعد انقضاء دقيقة الصمت، يصعد الشاعر طارق ناصر الدين إلى المنبر لإلقاء قصائد تفاوتت عناوينها بين »مصلوب غزة« و»رسالة من منتظر الزيدي الى بوش« و»الإمام« (عن الإمام علي بمناسبة عيد الغدير)، فيما وزعت على الحاضرين صور ملونة للقطات ضربة الحذاء ومشاهد من المجازر في العراق وغزة، مذيلة بشعارات من نوع: »مقابر للغزاة… الغضب الساطع آتٍ«، و»لكن الله رمى. الاحتلال حتماً الى زوال«، و»فلسطين ستعود!«، و»الصحافة هي الكشف عن الحقيقة، وقد كشفنا حقيقتك يا بوش!«.
وباسم مجلس فرع الطلاب، ألقى محمود فقيه كلمة تطرق فيها إلى »معلومة خطيرة«، كما وصفها، لافتاً إلى أن اتحاد كرة قدم »الفيفا« سيقدم للرئيس نوري المالكي كأساً مرصعاً بالألماس عن أفضل حارس مرمى لهذا العام، فاستثارت النكتة تهليل المعتصمين. كما ألقى الطالب يعقوب علوية، عن حركة أمل، قصيدة تسلط الضوء على المعاناة والمجازر في غزة والعراق، وتمدح المقاومة. ثم تحدث حمزة الحاج حسن، عن »حزب الله«، استهلها بتحية إلى »أطفال غزة الذين يقاتلون بعيونهم«، وناشد الزيدي أن »خلي الحذاء صاحي… فلا صوت يعلو فوق صوت الحذاء«.
وهذا هو المجسّم: بنطلون قماش أسود، قميص أبيض مخطط، والرأس عبارة عن صورة بوش، وفوقه الحذاء… وهو حذاء أحد الطلاب الذي صدم عندما استدرك أن حذاءه يشتعل مع هيصة إحراق المجسم، فصاح: »ما هيك اتفقنا!«. أما سمية التي كانت تشاهد احتراق بوش »لايف«، فتقف الآن على رؤوس أصابعها، كأنها تبحث عن شيء أضاعته. تجد أخيراً صورة أطفال غزة: »أنا شخصياً كطالبة في الصحافة، أكثر تضامناً مع قضية غزة، لأنها تواجه بصمت عربي. أما منتظر الزيدي فنظرتي إليه نظرة إعجاب فقط«.
ما زالت الأناشيد الثورية تصدح، لكن الاعتصام انتهى، وبدأت الزحمة تخف تدريجياً. تتساءل جهينة خليل، الطالبة في السنة الثانية (مرئي ومسموع)، عن سبب تهميش موضوع حصار غزة في دعوة الاعتصام الذي كان مقرراً لهذه الغاية، والذي »فجأة تحول إلى الزيدي بشكل أساسي!«. تتنهد قليلاً وتقول إن ما يحصل في فلسطين من قتل وسفك دماء هو أهم من بوش، وحتى خبر مقتله! ثم تضيف: »أنا معجبة بمنتظر إذا كانت فعلته من قلبه، وليس من أجل الشهرة، يعني ربما يكون قد رمى الحذاء طلباً للشهرة، هيك عم يقولو رفقاتي«… فماذا تقول الرفيقات؟ تجيب جهينة: »يقلن حبذا لو كنا مكانه، وفعلنا هذا، فقد أصبح أشهر من نار على علم«.

جعفر العطار- جريدة السفير 18.12.2008

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
لبنان: حذاء الزيدي في «الإعلام ـ 1»

لبنان: حذاء الزيدي في «الإعلام ـ 1»

وضع أحد طلاب كلية الإعلام والتوثيق – الفرع الأول حذاءه أمام بوابة الكلية في الأونيسكو، وكتب فوقه: «أشرف من تيجانكم يا عرب». وقد لاقى التصرّف استحساناً لدى طلاب الكليّة الذين يعتصمون، عند الثانية عشرة والنصف ظهر اليوم، تضامناً مع الصحافي العراقي منتظر الزيدي الذي رشق الرئيس الأميركي جورج بوش، بحذائه ونعته بالكلب.

وفي الإطار نفسه، أصدر قطاع الشباب والطلاب في حركة الشعب بياناً جاء فيه: «يا منتظر، لو كان في حكام بلاد العرب، المطأطئين رؤوسهم وتيجانهم لحذاء بوش بقية من كرامة لتدافعوا اليوم إلى بيتك المتواضع يتناتشون فردات أحذيتك ويجعلونها تيجاناً يرفعون بها رؤوسهم من هذا الحضيض، ولكن هل لديك أحذية تكفي لرؤوس حكام بلاد العرب؟».

جريدة الأخبار 17.12.2008

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
لبنان: اعتصام «الإعلام ـ 1» معلّق لخمسة أيام

لبنان: اعتصام «الإعلام ـ 1» معلّق لخمسة أيام

عاد طلاب كليّة الإعلام والتوثيق ـ الفرع الأوّل في الجامعة اللبنانية، بعد غيابٍ استمر أسبوعاً، ليستهلوا عامهم بجمعية عمومية فرضتها ظروف الكليّة. في الجمعية، نبّه الطالب محمد جرادي باسم المجلس الطلابي إلى أن فكّ الاعتصام «مؤقت ريثما نرى مدى الالتزام بالوعود التي سمعناها».

ثم تحدث جرادي عن اللقاءات التي عقدها المجلس مع مدير الفرع الأول الدكتور مصطفى متبولي «الغائب غياباً شبه دائم»، والذي جدّد الطلاب دعوتهم إياه بنشر المحضر الرسمي لجلستهم معه بشأن المطالب.
كما انتقدت كلمة المجلس عميد الكليّة الدكتور جورج كتورة بالقول «باقيلو سبعة أشهر ما بدّو يشتغل». وإزاء «لا مبالاة» العميد، لجأ الطلاب، حسب جرادي، إلى رئيس الجامعة الدكتور زهير شكر، «فأبدى تجاوباً معنا، بعد توضيح الصورة الضبابية التي كانت تصله عن أحوال الكليّة، وقال لنا صار فيكن تاخدو الإجازات». هنا علّق الطلاب: «شحطة القلم التي تستطيع تقديم الإجازات، قادرة على تحقيق المطالب الأخرى».
وفي كلمات الأحزاب، أبدت التعبئة التربوية دعمها للمجلس. أمّا تيار المستقبل، فشدد على «ضرورة إبلاغنا بالتفاصيل، ونحن ندعوكم إلى لقاء مع وزيرة التربية». وأكد اتحاد الشباب الديموقراطي أنّ الإدارة «يجب أن تعرف من نحن، ولن نقبل أن يتجاهلوا مطالبنا». بعد ذلك، حوّل المنظمون الجمعية إلى جلسة مساءلة للمجلس، إلى حد تهديده، بخطوات «لا يلومنا أحد على اتخاذها إذا لم نر عملاً فعلياً على الأرض في الأيام الخمسة المقبلة».

جريدة الأخبار 04.11.2008

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
لبنان: التصعيد ينتظر اليوم الأول في «الإعلام ـ1»

لبنان: التصعيد ينتظر اليوم الأول في «الإعلام ـ1»

لن يكون مشهد الاثنين المقبل غريباًًَ، في كليّة الإعلام والتوثيق ـ الفرع الأوّل. يُجمع الطلاب على أنّ التصعيد سيكون سيد الموقف، دون تحديد شكله، بين إضراب مفتوح أو تعليق الدروس، أو ما يراوح بين الأمرين.

يعزو مجلس طلاب الفرع تحركّه المقبل، في اليوم الأوّل للعام الجامعي إلى أسباب عدة، ما زالت شوكة في خاصرة الكليّة منذ فترة طويلة. فترة تخرّجت خلالها دفعات كثيرة من الطلاب، لكن من دون الحصول على شهاداتهم حتى الآن. كذلك فإن مصادر الطلاب تبدي غضباً لدى الحديث عن نظام الـLMD الجديد، الذي لا يزال غير مفهوم بالنسبة إلى الغالبية العظمى من طلاب الكليّة، إن لجهة الانتقال من صف الــ M1 (الماستر ـ 1)، إلى الـ M2 (الماستر ـ 2)، عبر امتحان دخول يرون أنّه غير مبرّر، ولا لزوم له. تبدأ انتقادات المجلس لأداء المدير، الدكتور مصطفى متبولي، حيث تتساءل مصادر المجلس عن سبب التأخير في تشوية أمور هذا الملف، «الذي وُعدوا بإنهائه في ثلاثة عشر يوماً، لكن الوزارة لم تقم منذ أربعة أشهر بدورها في هذا المجال، كما أن المدير لم يف بوعوده بشأن الموضوع نفسه، التي كان مفادها حسب ما تقول مصادر الطلاب أن مشكلة الـ LMD ستنتهي في نصف السنة الماضية. تنتقل المصادر من الـLMD للحديث عن أمر آخر اعتصم الطلاب من أجله في السابق، وهو كافيتريا الجامعة. إذ ترى المصادر أن وعد المدير بتسوية موضوع الكافيتريا، يندرج في إطار «الأردفة التي اعتدناها»، علماً أن هذه المصادر أكدّت استياءها من اضطرار طلاب الكليّة إلى النزول إلى أماكن قريبة من الجامعة، «مليئة بالمعلومات والمخابرات، ولا نظن أن المدير يرضاها لأولاده». ترى مصادر الطلاب أنّ «ما قام به المدير في شأن لوائح الانتظار، يعد سابقة خطيرة»، وتشرح أنّ المدير أخذ لوائح الانتظار من دون علم أساتذة الجامعة، واللجنة المقرّرة، وحوّلها فوراً إلى عمادة الجامعة مع حذف ثلاثة أسماء من قسم العلاقات العامّة. لا تنتهي القصة عند هذا الحد، بل تتوسّع لتشمل جملة مطالب مرتبطة بتجهيزات الكليّة، إذ يطالب الطلاب بإنشاء مكاتب للأساتذة «كي نعرف من نراجع، وأين ومتى»، ويتعلّق المطلب «التجهيزي» الثاني للطلاب بملعب الكليّة، غير المجهز، حسب المصادر، لمقاومة فصل الشتاء، والطلاب لن يجلسوا بالطبع تحت الأمطار. من المكاتب والملعب، فإن الاستديو يبقى حاجةً ماسّة، وينبغي تأمينه سريعاً، والوعود المتعاقبة لم تكن سوى «كلام في الهواء»، كلّف طلاب الإذاعة والتلفزيون، «مشواراً» من منطقة الأونيسكو إلى حي مار الياس، لتطبيق مادة المونتاج بشكل عملي.
من جهته، يسحب متبولي يده، ممّا تحدّثت عنه مصادر الطلاب. مستغرباً «هذا الكلام»، وداعياً إلى النظر إلى وضع الكلية حالياً، «هي في تحسّن مستمر من المكتبة الممكنة إلى القاعات الجيّدة». يرمي متبولي كرة الـLMD ولوائح الانتظار والتجهيزات في ملعب عمادة الكلية، مشيراً إلى أنّه فعل كل ما هو ضمن صلاحياته، وإذ يبدي متبولي رفضه لكلام الطلاب، يدعو إلى انتظار القرارت المتعلّقة فقط، بالعمادة.

محمد محسن- جريدة الأخبار 25.10.2008

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
جوجل تدخل بمنافسة مع “آي فون” بطرحها الهاتف الخلوي “جي1”

جوجل تدخل بمنافسة مع “آي فون” بطرحها الهاتف الخلوي “جي1”

الهاتف الخلوي "جي1" الجديد الذي سوف يبدأ تسويقة في 22 أكتوبر المقبل في الولايات المتحدة بسعر 179 دولارا عن الـ "آي فون" وذلك بهدف منافسة شركة إبل ، وهذا الهاتف يستطيع العمل على نظام التشغيل "اندرويد" وهو نظام تشغيل برمجي خاص بالهاتف المحمول قائم على نظام تشغيل لينوكس ، قد تم تطويره من قبل شركة "جوجل" لتجعله نسخة خاصة بها. وستبدأ شركة الإتصالات "تي موبايل يو اس ايه" التابعة لشركة "دويتش تيليكوم ايه جي" ، ببيع أول هاتف خلوي تحت العلامة التجارية "تي موبايل جي1".

وقالت روبيرتا كوزا المحللة لدى مكتب جارتنر للتسويق "إن لدى نظام التشغيل "اندرويد" القدرة ليصبح مثل برنامج لينوكس بالنسبة للكمبيوتر ، ونتوقع أن تشكل المبيعات قرابة 10 بالمئة من سوق الهواتف المحمولة في 2011". وقالت كارولينا ميلانسي المحللة بنفس الشركة "إن جوجل لا تدخل سوق الهاتف المحمول لتصبح صانعا آخر مثل غيرها ولكن للإنفتاح على سوق الخدمات الواسع وتطبيقاته". وأضافا مصمما هاتف جوجل الجديد سيرجي برين ولاري باجي إنهما يستخدمان منذ عدة أسابيع هاتف "جي 1" ، وأنه بجودة الكمبيوتر قبل عدة سنوات ، وبالإمكان القيام بعمليات بحث على الإنترنت تماما مثل ما هو الأمر بالنسبة للكمبيوتر.

وهاتف "جي 1" أكثر سماكة من "آي فون 3 جي"، الذي يشهد نجاحا كبيرا منذ إطلاقه في يوليو الماضي ، غير أنه أصغر منه وهو مزود بغلاف من البلاستيك الأبيض أو الأسود على حسب إختيار العميل ، والجدير بالذكر أن شركة " تي موبايل يو اس ايه" سوف تجبر المستخدمين على عمل عقد لمدة سنتين مع الشركة ، مثلما تفعل شركة " إي تي إند تي" مع "آي فون".

وسيكون بإمكان البريطانيين إقتناء هاتف تي موبايل جي1 بحلول شهر ديسمبر القادم.

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
1 تشرين الأول: القديسة تريزا الطفل يسوع

1 تشرين الأول: القديسة تريزا الطفل يسوع

{mosimage}ولدت القديسة تريزا الطفل يسوع، في بلدة إلنسون سنة 1873، من أسرة مسيحية هي التاسعة بين أبنائها، وحين بلغت الخامسة عشرة من عمرها، انتسبت إلى دير سيدة الكرمل في ليزيو، حيث كانت قد سبقتها إليه ثلاثة من أخواتها. توفيت في 30 أيلول سنة 1897 شغوفة بحب يسوع، مبتلاة بداء السل الرئوي.

في مستهل حياتها، كانت تعتبر بحماس بأن سبيل القداسة يستوجب "قهر الذات"، إلا أنها حين بلغت الثانية والعشرين من عمرها، بدَّلت من تفكيرها وأيقنت بأن القداسة ترتكز على إتقان ممارسة الأعمال اليومية الوضيعة التي يوجبها علينا واقع حياتنا الراهنة.
عاشت بطولة "طريق البساطة الروحية"، فارتقت في غضون سنوات قليلة إلى قمم مدهشة من الإيمان والرجاء. وفي غياب الظلمات التي اجتازتها، عرفت كيف تظل أمينة ليسوع، بالرغم من المحن الروحية والأدبية والصحية، وثابرت عل الامتثال لتوجيهات أخواتها الراهبات، فيما يتعلَّق بالمتطلبات الرسولية للكنيسة.
هذا هو "طريق البساطة" إلى القداسة المرتجاة، أعادتها إلى الأذهان تريزا الطفل يسوع فَتَكنَّتْ بحق "تريزا الصغيرة".
لقد كان شعارها الدائم قول الربّ يسوع: "إن لم تعودوا كالأطفال لن تدخلوا ملكوت السماوات". فعاشت الطفولة الروحية وشهدت لها، لذلك كانت تقول:
"سوف أبقى أبداً طفلةً ابنة سنتين أمامه تعالى كي يضاعف اهتمامه بي.. فالطفل يرتضي بصغره وضعفه ويقبل أن يكون بحاجة إلى المعونة.. سأتوكَّل على الله أبي في كلِّ شيء وأطلب إليه كلَّ شيء وأرجو منه كلَّ شيء. سأترك له الماضي مع ما فيه من المتاعب والمآثم ليغفرها.. وسأقبل الحاضر والمستقبل منه مسبقاً كما تشاء يده الحنون أن تنسجها لي.. إنَّ كلَّ شيء يؤول في النهاية إلى خلاصي وسعادتي ومجده تعالى.. الله يعلم كلَّ شيء، وهو قادرٌ على كلِّ شيء.. ويُحبني.. سوف أبقى أبداً طفلةً أمامه وأحاول دوماً أن أرتفع إليه بالرغم من ضعفي ووهني.. الطفل الصغير يستطيع المرور بكلِّ مكان لصغره.. كم أتوق إلى السماء، حيث نحبُّ يسوع دون تحفظ أو حدود.. في قلب يسوع سأكون دوماً سعيدة.. الشيء الوحيد الذي أرغب في أن تطلبه نفسي هو نعمة حبِّ يسوع وأن أجعل، قدر إمكاني، كلَّ إنسان يحبه.. إن أصغر لحظة حب خالص، لأكثر فائدة لها، من جميع ما عداها من نشاطات مجتمعة.."
سنة 1886، بلغت تريزا الرابعة عشرة من عمرها، وعلمت من الصحف، الحكم بالإعدام على المجرم برانزيني، الذي كان يرفض رفضاً باتاً أن يلتقي الكاهن، قبل تنفيذ الحكم عليه، فدأبت تريزا بكلِّ ضراعة على الصلاة ليلَ نهار، لتلتمس خلاص نفس هذا المجرم. وفي أول أيلول عَلِمتْ من صحيفة "لاكروا" بأن هذا المجرم، قبل أن يُنفَّذ حكم الإعدام به أخذ الصليب من يد الكاهن وقبَّله، وتبيَّنَتْ بذلك إشارةً من الله الذي لا يُخيِّب ملتمس من يعتمد عليه تعالى، كما ترسَّختْ في نفسها الدعوة إلى تكريس الذات للتفرغ والصلاة، التي أحست بها ليلة عيد الميلاد سنة 1886.
لقد فهَّم جيداً البابا بيوس الحادي عشر أهمية طريق تريزا الطفل يسوع المبسطة إلى القداسة، فأعلنها منذ عام 1925 قديسة، ثم جعلها شفيعة للمرسلين في العالم. وفي اليوبيل المئوي لوفاتها سنة 1997 وضعها قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في مصف معلمي المسكونة بإعلانها "معلمة الكنيسة الجامعة" رافعاً إياها إلى مرتبة أعاظم القديسين، هي التي كانت تعتز بصغرها وضِعة شأنها.
هذه القديسة الصغيرة، الكبيرة، التي تزين أيقونتها المقدّسة عدداً وافراً من كنائسنا، تستقطب في أيامنا جماعات المؤمنين، يلتمسون شفاعتها في الحالات اليائسة المستعصية، الشفاء من الأمراض الخطيرة التي استعصت على الطب، عودة الخطأة المدمنين إلى التوبة، تهدئة أذهان أناس معرضين للشك واليأس، حماية المسيحيين المضطهدين الذين تحيط بهم الأخطار، راحة لأنفس الذين رقدوا محرومين من إسعافات الكنيسة. فالنعم التي ننالها بشفاعتها كثيرة لا عدَّ لها ومثبتة. فلنبادر إليها نحن أيضاً بطلباتنا وهي تعرف كيف تشفع لنا لدى الرب الذي أخلصت له في كلِّ شيء وفي كلَّ لحظة من حياتها.

موقع أبونا الأردن 01.10.2008

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
لبنان: مجلس فرع الإعلام ـ 1 يناقش التحرك المطلبي

لبنان: مجلس فرع الإعلام ـ 1 يناقش التحرك المطلبي

أعلن مجلس طلاب الفرع الأول في كلية الإعلام والتوثيق أنه في صدد متابعة التحرك لتحقيق جميع الأهداف التي أعلن عنها سابقاً والمتعلقة بحسم وضع المنهاج الجديد لجهة المراسيم التنفيذية وغيرها من المسائل التربوية أو غير التربوية المتعلقة بتجهيز الكلية بمختبر وملعب لائق وكافيتريا.

وطالب المجتمعون في جلسة للمجلس بـ"ضرورة توزيع نشرة توجيهية للطلاب لشرح الشروط اللازمة لاستكمال دراستهم في معهد الدراسات العليا". وتساءلوا عن "جدوى رفع معدل النجاح الى 60 في المئة إذا كان الطالب سيخضع في كلا الحالتين الى اختبار دخول؟".

جريدة المستقبل 15.09.2008

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
تحقيق: لبنان: «الإعلام ـ 1»: بيروت وفلسطين وفرقة أبو سليم

تحقيق: لبنان: «الإعلام ـ 1»: بيروت وفلسطين وفرقة أبو سليم

أنهى طلاب قسم الصحافة المرئية والمسموعة في كلية الإعلام والتوثيق – الفرع الأول في الجامعة اللبنانية، مناقشة مشاريع التخرّج للعام الجامعي 2007 – 2008. ثمانية عشر فيلماً عُرضت خلال يومين متتاليين، وخضعت لتقويم لجنتين مختلفتين

تنوعت الأفلام -مشاريع التخرّج التي ناقشها طلاب كلية الإعلام والتوثيق -الفرع الأول في الجامعة اللبنانية بشقّيها التوثيقي والسير الذاتيّة بين السياسة والفن والإعلام. في «الزمن دولاب» تتحدث نسرين ناصر وراوية أبو الحسن، في خمس عشرة دقيقة، عن أوضاع الممثلين اللبنانيين، وقد حلّ أبو سليم وشكري وفهمان والزغلول ضيوفاً يروون باختصار حالتهم هذه الأيام. كذلك يعرض أعضاء الفرقة مشاريعهم بحسرة تعكس عدم التفاؤل بالمستقبل. وقد استعانت الطالبتان ببعض المشاهد من أرشيف «كل يوم حكاية»، فيما تخلّل الفيلم مقابلة مع أمين سر نقابة الفنانين عبيدو باشا. أرادت نسرين وراوية الإضاءة على أحوال فنانين «أضحكوا الناس على مدى ثلاثة أجيال، وبرم دولاب الزمن بهم».
ابتعد الفيلم الثاني عن روحية الفيلم الأول، فقد أنجز فؤاد خريس فيلماً وثائقياً بعنوان «أيام من ذاكرة الخيام»، يعرض فيه وثائق وشهادات عن المجزرة التي وقعت في عام 1978. وقد ركّز خريس على شهادة ناجية وحيدة من المجزرة التي راح ضحيتها ما يفوق المئة من النساء والأطفال وكبار السن. كما تحدّث في الفيلم مقاتل سابق في جيش لبنان العربي، فروى بعض مشاهد المعارك التي حصلت قبل دخول الجيش الإسرائيلي وعملائه إلى البلدة. استعان خريس أيضاً بمجموعة من رسائل رئيس البلدية آنذاك، ومقاطع لمسرحية الفنان روجيه عساف، ووثائق أخرى من صحيفة هآرتس الإسرائيلية تتكلّم عن دور الجيش الإسرائيلي المباشر فيها. يؤكد الفيلم أن غالبية جثث الشهداء مجهولة، وأن غالبيتهم العظمى كانت من العجّز الذين سقطوا في ساحة البركة في البلدة.
وللقضية الفلسطينية حضورها أيضاً، فقد اختارت نادين الديماسي الجانب المفرح من القضية، إذ انطلقت من التراث الفلسطيني بوابةَ عبور نحو الحفاظ على ذاكرة العودة. بدأت نادين بعرض أطفال من المخيمات يتعلّمون الدبكة الفلسطينية على أنواعها، وانتقلت نحو الفنون اليدوية كالتطريز والرسم على الزجاج. ثم أفردت حيزاً للأطفال الذين تحدثوا عن قراهم الأصلية في فلسطين، ورغبتهم في العودة مهما طال الزمن. لم تغفل نادين تصوير الحكواتي ومتحف الذكريات في مخيّم شاتيلا، وعرّجت على التأريخ للأمثال الشعبية الفلسطينية. كذلك لم تغب موسيقى العود الحزين خلال خمس عشرة دقيقة، مدّة الفيلم، إلا عند صوت فيروز «سنرجع يوماً» وصرخات الأطفال وهم يدبكون، قبل أن ينتهي الفيلم بعبارة قالتها طفلة بلباس تراثي فلسطيني: «بدّي أرجع عبلدي». رسالة نادين من الفيلم هي أنّ «الفلسطينيين لم ينسوا».
أما الفيلم الرابع فقد تحدّثت فيه فاطمة قاسم ورانية سنجر عن تاريخ لبنان، والمفاصل التي مرّ بها بوصفه «دوائر». يبدأ الفيلم بشهادات لبيارتة أصيلين يروون بيروت القديمة التي «كانت لا تنام، كانت 24 على 24، وكان كل شي إلو سوق». يتحدّث البيارتة عن شارع الحمرا تاريخياً، لينتقل المشهد إلى الحرب الأهلية ومرحلة ما بعد الطائف. ويعرض الفيلم مشاهد تمثيلية عن تأثير الأوضاع السياسية على السياحة والأجواء العامة. وقد أدّى المشاهد الممثل علي منيمنة والطالبة ناهد يوسف.
وعُرض بعد ذلك فيلمان، يتناول الأول زراعة الحشيشة والحشّاشين، فيما يتطرق الثاني إلى حياة المكفوفين وطريقة عملهم وكيف يعيشون، وكان بعنوان «ضباب». ومن أفلام السيرة الذاتية فيلم عن الممثلة أمال عفيش، و«طائر الجزيرة» غسان بن جدّو، فيما تناولت أفلام أخرى موضوعات الفقر والنساء داخل السجون وعلاقة اليونيفيل بأهل الجنوب ومخيّم الجليل الفلسطيني. كذلك عرض فيلم عن اللاجئين العراقيين في لبنان.
من جهتهم، أخذ الأساتذة بالاعتبار بعض الظروف الصعبة والاستثنائية التي مرّ بها الطلاب على المستوى الاقتصادي والزمني. واتفقت اللجنة المشرفة على التنويه ببعض الأفلام، فيما اختلفت في ما بينها على البعض الآخر، حيث انتقد أو نوّه كل عضو في اللجنة، انطلاقاً من المقرر الذي يعطيه في الجامعة.

لقطة
جرت مناقشة المشاريع في ظروف اعتاد عليها طلاب الجامعة اللبنانية، فلم تعرض الأفلام بواسطة «سلايدات»، بل على تلفزيون عادي وDVD. وقد أثار صوت الأشغال قرب مبنى الكلية امتعاض اللجنة والطلّاب، فيما شعر الجميع بحرّ شديد نتيجة غياب التكييف. وقد كان التوتر واضحاً على وجوه بعض الطلّاب.
يشرح فؤاد خريس الدوافع لاختيار موضوع «أيام من ذاكرة الخيام». يبدو مقتنعاً بأنّ «التاريخ لا يعيد نفسه، إلاّ على الشعوب صاحبة الذاكرة الضعيفة». ويوضح أنّ كشف الدور الإسرائيلي الواضح في مجزرة الخيام كان من أهمّ أهداف الفيلم الذي قدّمه

أُعجبت اللجنة بالحكواتي البيروتي الذي مرّ في فيلم فاطمة قاسم بعنوان «تاريخه دوائر». عبّرت فاطمة عن رغبتها في أن يؤثّر في الجيل الشاب الذي يجب أن يأخذ عبرة الحرب من الجيل الذي سبقه. وقد وصلت فكرة فاطمة في أقل من خمس عشرة دقيقة.

محمد محسن- جريدة الأخبار 19.07.2008

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
لبنان: «دو ري مي» في «الإعلام ـ 1»

لبنان: «دو ري مي» في «الإعلام ـ 1»

ولدت الفكرة مصادفة. فالأستاذة في كلية الإعلام والتوثيق ــــ الفرع الأول، الدكتورة جمانة شومان، علمت في جلسة مع طلابها، أنّ اثنين منهم يدرسون الموسيقى خارج الجامعة. أخذت الموضوع على محمل الجد، فالطلاب يستحقون أن يخرجوا من دوامة الحوادث الأمنية.

قدّمت شومان اقتراحاً إلى مدير الكلية لإقامة حفلة غنائية. لكن المدير طرح إنشاء ناد موسيقي يستقطب الطلاب الموهوبين.
من هنا بدأت الرحلة. وقد ساعد فادي وجاد مديرة النادي الدكتورة شومان في اختيار الكورال، الذي يضم طلاباً في السنتين الأولى والثانية. انتهى الفصل الأول من العام الدراسي، وبدأ التدريب بتجهيزات ذاتية متواضعة. غرفة مهجورة في الطابق السابع من مبنى الكلية في الأونيسكو. آلات موسيقية يمتلكها الطلاب، وأصوات بدأت ضعيفة، وتحسّنت شيئاً فشيئاً. ثلاثة أشهر من التدريب تعلّم خلالها المغنّون الناشئون أصول الــ«vocalise» «لتحدّي النشاز السياسي»، كما تقول شومان.
تعود الأغاني إلى حقبة الزمن الأصيل. يريد الطلاب للإطلالة الأولى أن تعكس صورة الأصالة. فقد اختاروا أغنيات تعود إلى زمن وديع الصافي وفيروز، على حد تعبيرهم. سيقف جاد بين أربع فتيات هن سوزان، هبة، داليا، ورلى ليغنّوا على طريقتهم. أولى الحفلات ستنطلق عند الخامسة من بعد ظهر اليوم في مبنى الكلية. النشيد الوطني، ويليه الترحيب الذي سيكون بأغنية «طلّوا حبابنا طلّوا». «أردناها صرخة فرح في وجه الوضع المتأزّم والمتشنّج»، هكذا تقدم شومان النادي، مؤكدةً أنّ في قلوب هؤلاء الطلاب صرخة تطلب الخروج من الوضع القائم. الحفلة الأولى تقويمية، وستدرس مدى تجاوب الطلاب ــــ الجمهور، كما يقول المشرفون. وعن مستقبل النادي، تؤكد شومان أنّ مشروع فرقة «دو ري مي» لا يقتصر على كلية الإعلام فحسب، لأنّ الهدف هو تعميم التجربة على كليات الجامعة اللبنانية، لتكوين كورال مشترك باسم الجامعة الوطنية. تجربة بدا واضحاً أنّ طلاب الإعلام أكثر وعياً لها من طلاب الفنون المفترض أن يكونوا قد قطعوا شوطاً كبيراً في اتجاهها.
المشروع بدأ متواضعاً. يحتاج حتماً إلى التطوير كي ينجح في تحقيق هدفه. المواهب وحدها لا تكفي، والتجهيزات الفنية المتواضعة تحتاج إلى تطويرها هي الأخرى. أعضاء النادي قالوا إنّهم يرحّبون بأي مساعدة تأتيهم. يبدون تفاؤلاً بتجاوب الطلاب مع حفلتهم التي ستقام اليوم. الأمل بتطوير هذا النمط من المشاريع الصغيرة يبقى مرهوناً بملاقاة إدارة الجامعة اللبنانية لطلابها عند منتصف الطريق…

محمد محسن- جريدة الأخبار 02.07.2008

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).