وتناول ملكي رد الاباء على الهرطقات الدينية بالشكل والمضمون. مؤكدا ان لا احد يمكنه اطلاق الحكم على اي كان بالهرطقة الا المجامع المسكونية التي تعقد لدراسة الامر والبحث فيه مع الشخص المعني ومن ثم تصدر احكامها.
وفي سبيل تعريفه للاباء من جهة والهرطقة من جهة اخرى استعاد قصة سقوط آدم وحواء وعدم اطاعتهم لكلمة الله، بحيث انهما “مجرد اكلهما للتفاحة جرى فصل بين الروح والجسد، فهربوا من وجه الله واختبؤوا. اذ ان عملية السقوط تسببت بانشقاقين الاول في كيان الانسان الواحد بين جسده وروحه والثاني بين آدم وحواء وقد اوجد الله حواء من ضلع آدم ليكملا بعضهما البعض”.
واشار الى ان الاباء يقولون ان” الانسان روح وجسد، في حين كان هناك من يقول ان الانسان جسد ونفس، وآخرون يقولون ان الانسان جسد ونفس وروح”. ولفت الى ان “الروح خالدة اما الجسد والنفس يموتان.”
وتوقف عند “ثلاثة مكونات يؤكد عليها الاباء لدى الانسان ويجمعها النوس.” واضاف الى ان” النوس كلمة يونانية، لا ترجمة لها، وتعني الموهبة التي اعطاها الرب للانسان ليبقى ذات كيان متكامل. اذ ان النوس يجمع الروح والنفس والجسد، وهذه المكونات فصلت بالخطيئة، وسقطت، لذلك نلجأ الى الاسرار المقدسة ليعود الانسان متكاملا.”
واستعرض ثلاثة مراحل يمر بها الانسان ليصل الى النوس وهي التطهير والاستنارة ومعاينة الله او التمجيد او التأله. واكد ان” هذه المراحل تحتاج الى جهاد روحي. بحيث يجاهد الانسان في مرحلة التطهير الاولى كي لا يخطئ ، وبعدها يصل الى مرحلة الاستنارة حيث يميز بفضلها بين الخير والشر والصح والخطأ. فيصل بعدها الى مرحلة التمجيد او معاينة الله. وهذه المعاينة وجدانية لا يخطئ بها الانسان، اذ انه لا يرى وحده الله انما جميع من حوله يرون الله من خلاله.”
وشدد على ان “هذه المسيرة ليست سهلة في ظل مغريات العيش وهي تحتاج للكثير من الجهاد. والرب وحده هو من يعرف متى نصل للمرحلة الثالثة والاخيرة. وليس مفهوم القديس هو من يصنع العجائب وحسب انما الاهم من ذلك كم من الناس حوله يرون الله من خلاله.”
وتطرق الى ان الارثوذكسية ليست حزبا او طائفة او كلمة على الهوية انما هي حالة يعيشها المؤمنون لدى تخطيهم المراحل الثلاث الانفة الذكر. لذلك يقول الاباء ان الارثوذكسية هي منارة تنير الاخرين.
وقدم امثلة عديدة عبر التاريخ عن اراء اباء كانت محط نقاش حول صحتها او اعتبارها هرطقة. وراى ان اي تعليم يمنع استنارة النوس والانتقال للاخرين يعتبر هرطقة. وشدد على ان القصد من كلمة اباء الاشارة الى اشخاص وصلوا الى حالة التمجيد واصبحوا نوس مستنير بحيث تمكنوا من انارة الاخرين.
وختم بان الابوة بالمسيح والهرطقة نقيضان. اذ ان الابوة تبني وتعلم وتنير من حولها اما الهرطقة فهي تمنع وصول النور سواء عبر تعليم او راي.
وكان سبق اللقاء صلاة النوم الكبرى. وكانت مائدة محبة.
الكورة / فاديا دعبول