شريط الأحداث
أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | في مبرات الصيام بقلم المطران جورج خضر
في مبرات الصيام بقلم المطران جورج خضر
المطران جورج خضر

في مبرات الصيام بقلم المطران جورج خضر

تجوع قليلاً في الصيام من الإمساك لتتروض على اشتهاء ما هو أعظم من الطعام، لتقتنع ان الرب خبزنا الدائم. لا يمكن ان تكون لك حياة روحية بلا جوع، بلا فقدان شيء من جسدك لكي تتلقى من ربك طعامًا غير منظور. الشبع استغناء عن الله. كل قصة الصيام انه فراغ تملأه بالله. ما لم تفهم هذا تكون بدلت نظاما طعاميا بنظام طعامي آخر أي تكون بقيت في حدود الجسد. هل أنت جائع إلى الله معطي الحياة ومعطيها بكثرة حتى تصل إلى فهم انه كل الحياة؟
الضعفاء في الحياة الروحية يستهزئون بالصيام لادعاء روحانية عالية عنهم تقول ان هذا أمر جسدي. من قال لك يا أخي ان الأمور المتصلة بالجسد لا علاقة لها بأمر إلهي؟ أليس الله مطلا على الأرض، ساكنا في الأرض؟ احتقار الجسد نسك كاذب. ما كان من تعليم نساكنا. لكوننا نحن الصوامين نرى إلى الجسد جديا نروضه في الإمساك على رؤية وجه الله والإخوة. بهذا المعنى ما كان الصوم حرمانا. هو امتداد إلى اعتبار الرب خبز حياة ورؤية انفسنا شركاء للفقراء. لا يقصينا الصوم عن الجسد. يقصينا عن شهوته. الصوام يعرف طريقه وغاية طريقه وهو عالم بمشاركة الجسد والروح في ابتغاء الحياة التي في الله. الجاهل للحياة الروحية يستهزئ بالعلاقة الصميمية القائمة بين الجسد والروح. عندنا نحن اتباع يسوع الناصري الكلمة الذي صار جسدا وسكن بيننا وعند حلوله فينا رأينا مجده ورأينا الله مطلا به. واذا نزلنا إلى قاع الجوع وحرمان الطيبات نرى إلى الله خبزا سماويا. انت لا تشبع الا من الله.
الجسد يروض بتمارين الجسد والنفس بتمارين النفس. الذي يحرم نفسه طعاما ولا يبتعد عن الخطيئة لم يفعل شيئا. انت لن تكون صواما حقيقيا ان لم تحب الله. فلسفة الصيام في كنيستنا تقوم على الارتباط الصميمي بين النفس والجسد. ليس عندنا روحانية لا تقوم على مراقبة فكرنا الإلهي لجسدنا. لكن هذا ليس قهرا له. هذا تطويع له. ليس الجسد دون النفس قيمة. كلاهما معا في المخلوقية وكلاهما معا إلى الله. نحن لا نقول ان النفس اهم من الجسد. كلاهما معا في الطريق إلى الله.
غير ان الأهم في الصيام المسيحي ليس في الإمساك. الصيام فوق تعابيره الظاهرة. انه طريق إلى القيامة اذ لا يمكن ان ترى المسيح ان كنت ممتلئا من غير المسيح. لذلك كان الصوم تفريغا اولا. بعد هذا يجيء الملء. من هذا القبيل ما كان الصوم الا استعدادا لقبول الحب الإلهي ينزل عليك. ولا ينزل الحب الا على من اشتاقه. نحن في إمساكنا نقول للمسيح اننا اشتقناه. لذلك نحاول ان نتحرر مما عداه اذا استطعنا ان نؤمن ان المعلم الإلهي كان كل شيء. قدرنا ان نفهم انك لا تزيد شيئا على الله وان وجودنا كله ترويض النفس لتصل إلى هذا الفهم. والذي لم يدرك هذا لا يكون بصومه دخل إلى الرؤية. كل ما نقوم به تطويع للنفس كي ترى. نحن لا نحرم انفسنا شيئا من طيبات هذه الدنيا الا لأننا استلذذنا ما كان فوق الدنيا. الصوامون يدركون انهم بهذا الكيان الصائم يصلون إلى الرؤية ويستلذونها قبل ان تجيء. لذلك يطوعون النفس لكي ترى.
كل رحلتنا في الامساك ترويض على الرؤية. الجسد لا يبقى جسدا محضا. يصبح مكانا للرؤية. الروحانية التراثية اي الوارثة للقديسين تعرف ان ما تروض نفسك عليه يستدعي نزول النعمة. الصوم ليس إمساكا عن طعام فحسب. انه محاولة للرؤية، للاتصال بالرب. نحن الذين ادركنا القديسين نعرف ان كل شيء رؤية ولكن بعد ترويض. وميزة الكنيسة التراثية انها فهمت ان الجسد والنفس واحد بعد ان نزل علينا التجسد الالهي. ليس من صيام قائم بذاته. كل شيء إلى الرؤية، رؤية المخلص قائما من الموت. لكن المؤمن المتواضع يرى نفسه في حاجة إلى الترويض.
سطحيا يكون من فكر ان الكنيسة جعلت الصيام مجرد ترويض على التقوى. في الحقيقة ان كان من أمكنة التقوى لأنه ارادة لحب الله عندنا. يخطئ الذين يظنون ان المسيحية في الفكر وحده. هي ايضا في تطويع الجسد لأن هذا من الانسان. نحن لا نسعى إلى التحرر من الجسد. هو ليس دون النفس قيمة لأنه رفيقها على دروب الرب. هؤلاء المسيحيون الذين يحتقرون الصيام لا يقيمون مكانة للجسد. المسيح لبس جسدا وسكن فينا بجسده.
غير ان الصيام يبقى مجرد طعامي ان لم نأخذه إلى رؤية قيامة المسيح. كل شيء في هذه القيامة. ونحن نستعد لها بالحرمان لأنها هي الطعام السماوي. الإله المسيحي يؤكل اي انه نزل من العلى إلى الواقع الانساني ليقول لنا انه في المسيح صار معنا.
الصيام يعلمنا ان الانسان نفس وجسد نحن الذين حسبنا ان المسيحية من مملكة الروح فقط. نحن نعرف ان ابن الله صار جسدا اي كائنا ساكنا في الناس ليجعلنا ساكنين مجده. ونحرم هذا الجسد شيئا من حقه لنتعلم اننا فقراء إلى الله وحده. الرياضة في المسيحية شيء هام لأنها درب إلى الرؤية. والرؤية الكاملة تنزل علينا بعد قيامة اجسادنا وتنزل قليلا في النسك هنا. المبتغى وجه الله والصيام مسلك من المسالك اليه حتى يتم الكل.

النهار

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).