أحيت مدرسة الحكمة مار يوحنا – برازيليا في بعبدا، برعاية رئيس أساقفة بيروت ولي الحكمة المطران بولس مطر، ذكرى مرشدها الروحي لأكثر من ربع قرن الخوري داود كوكباني الذي إنتقل إلى بيت الآب عام 2012.
وللمناسبة، وبدعوة من رئيس المدرسة الخوري بيار أبي صالح، شارك قدامى من الحكمة ومن عارفي صاحب الذكرى ومحبيه في لقاء “حياتك بيننا، شعلة فرح والتزام… لن تطفئها كل الرياح”، تكريما لمن عرفته الحكمة الأم تلميذا ومربيا والحكمة برازيليا مرشدا روحيا لتلامذتها وطلابها وأفواجها الشبابية والكشفية.
ابي صالح
الأحتفال الذي حضره، إلى راعيه ورئيس المدرسة المضيفة ورؤسائها السابقين، والدة صاحب الذكرى وأشقاؤه وأفراد من عائلته تقدمتهم رئيسة مدرسة القلبين الأقدسين الأم هيلين ريشا، بدأ بالنشيد الوطني وبصلاة الشكر والحمد ليسوع المسيح، وبكلمة تقديم لنايلة سعادة، وبكلمة ترحيب للخوري أبي صالح، تحدث فيها عن الخوري كوكباني وعلاقته بربه وبوطنه وبالحكمة وطلابها وعن روحانيته.
وشكر كل من “ساهم في إنجاح لقاء الوفاء لمن نذر نفسه لخدمة الإنسان”، وقال :”كثيرة هي الوجوه التي تنطبع بالذاكرة ولكل منها مساحته المناسبة ،أما الوجوه التي تتفاعل مع المكان والزمان وتنطبع فيهما وتطبعهما في آن معا فقليلة نادرة. ووجه أبونا داود، كما يحلو لنا أن نناديه، وجهه طبع الحكمة برازيليا وانطبع في كل حناياها. ولا أعتقد أننا نبالغ إذا قلنا،إن حضور وجهه لملء الفرح الذي تجلى في قسماته، ما زال حتى اليوم يمتد ليطال كل الأمكنة والأزمنة في مدرستنا، حتى تلك لم تعط نعمة لقائه”.
اضاف :”لقاء الوفاء للخوري داود أردناه تكريما صادقا لذكرى وجهٍ عزيز غادر هذا العالم وهو ممتلىء يقينا، بأنه ليس منه وإن كان فيه.أنه الخوري داود كوكباني الكاهن الذي أمضى أكثر من ربع قرن من حياته، مرشدا روحيا للمدرسة ومرافقا قريبا لكل من أنعم الله عليهم بأن يكونوا معه ويعرفوه”.
وختم :”أردنا هذه الأمسية،أمسية إلتزام لمن أحب هذه المدرسة وأحبته وتعلمت منه ومعه كيف تكون المحبة قبلة لا غش فيها وكيف يكون الفرح تجسيدا لتلك المحبة في النفوس. من هنا كان الإلتزام بالفرح شعارا رفعناه جميعا لهذا العام الدراسي. ومن هنا أيضا كان القرار ليطلق اسم الخوري داود على دفعة الخريجين في نهاية هذا العام، إضافة إلى تخصيص صفحة لذكراه على موقع المدرسة الإلكتروني. وصلاتنا أن ينعم الرب يسوع علينا بأن نكون على مثال الخوري داود ممتلئين بفرح ملتزم نستمده من شوقنا إلى لقاء وجهه الحبيب”.
المطران مطر
وألقى المطران مطر كلمة شكر فيها الخوري أبي صالح على “هذه المبادرة الجميلة المليئة بالمحبة والوفاء من المدرسة إلى إحياء ذكرى الخوري داود التي ما زالت حية ولن تزول، ووفاء لكاهن أحب الحكمة والعمل الرسولي وقرب الشباب في الحكمة ولبنان من يسوع المسيح وإنجيله”.
وقال :”عرفت الخوري داود للمرة الأولى منذ أيام دراستي للاهوت في جامعة القديس يوسف. منذ هذا الزمن رأيت في الخوري داود الآتي من مدرسة الحكمة، إنسانا آخر، متوثب الذهن، محب ومحبوب. دخل إلى الحياة الكهنوتية للقاء الرب يسوع من كل قلبه وبفرح كبير ووعي. وما زلت أذكر من رفاقه في الحكمة وكلية اللاهوت الخوري إلياس أبو موسى الذي غادرنا هو الآخر إلى دنيا الحق، والخوري يوسف سعيد الرئيس الأسبق لمدرسة الحكمة، مار مارون في الجديدة. الآباء الثلاثة كانت لديهم محبة خاصة للكتاب المقدس. درسوا اللاهوت وتخصصوا به في لبنان من خلال محبتهم للكتاب المقدس الذي صار فيهم وهم فيه. وصار الخوري داود ومعه الخوري إلياس مرجعا في الكتاب المقدس”.
اضاف :”قداسة البابا فرنسيس يناشد أبناء كنيسته لأن يذهبوا إلى العالم، ليروا وجعه وليس للنظر إليه فقط من بعيد. الخوري داود شعر منذ زمن بضرورة التغيير في الكنيسة. إذا أردنا أن نكون مسيحيين علينا أن نعرف المسيح وماذا يريد المسيح من كنيسته. كنيسة لا حزبا. كنيسة غير مقفلة على ذاتها وتكون خميرة للبنان والمنطقة. الخوري داود آمن بهذا منذ بدأ رسالته الكهنوتية. وهو أدرك من خلال لاهوته وذكائه، أن رسالته يجب أن تبدأ مع الشباب في المدرسة، وكأنه كان يريد بناء جيل جديد على الوحدة بين القديم والتجديد، وإعطائهم محبة يسوع المسيح بأصالتها ومحبتها. وهكذا بدأت رسالة الخوري داود التي خدمت 44 سنة. 42 سنة في الكهنوت، وسنتان ما زال يخدم فيها وسيبقى خادما حيث هو لرسالته، الخوري داود ما زال يننا. فهو ذهب في رحلة، وربما سيعود. هذا ليس كلاما إنشائيا، بل شعور بأنه في مهمة رسولية في مكان ما”.
وتابع :”الخوري داود إهتم بالشبيبة بشكل رائع في الحكمة بيروت مدرسته وفي الحكمة برازيليا فكان التعاون بينهما كبيرا. ولا بد من تحية إلى المونسنيور لويس حلو الذي تعلمنا منه الكثير يوم كان رئيسا للحكمة برازيليا التي كنت فيها مربيا لأربع سنوات قبل أن أصبح رئيسا للحكمة بيروت”.
وقال :”يسأل الإنسان نفسه: الكاهن يحب؟ فأنا أقول لكم أنظروا الى الخوري داود فيأتيكم الجواب. الله أحبنا أولا. ونحن الكهنة علينا أن نكون محبين لشعبنا أولا. الخوري داود حمل رسالته بمحبة. ورسالة البابا فرح الإنجيل تقول: ليس هناك من أمل لأي تبشير إلا إذا عرف المبشر يسوع المسيح وأحبه. الأنجلة الجديدة هي محبة يسوع المسيح قبل أي شيء آخر.الخوري داود كوكباني كان رؤيويا لهذه الأنجلة الجديدة. وهو بدأ مع تلامذته مصالحة بين الشباب والكنيسة وقرب الناس إلى يسوع المسيح بمحبته وصدقه وذكائه وقربه من الجميع. فحدثهم بلغتهم وكان إلى جانبهم وأحبهم وأوصل إليهم كلام الرب، كلام الإنجيل. والخوري داود كان المثل الصالح للإكليريكيين. الكاهن هو ابن بيته أولا”.
وحيا “عائلة الخوري داود والمونسنيور يوحنا كوكباني. هذه العائلة فيها محبة وللرب وإستقامة وثقافة عالية. الخوري داود جمع أصالة العائلة والقلب الدافىء والبسمة والنقد عند الحاجة وشجاعة لا حدود لها. الخوري داود له فضل على أبرشية بيروت وعلى الرعايا والمدارس التي خدمها بمحبة وإخلاص. وسوف يثبته الله مروره على هذه الأرض مرورا مقدسا”.
وختم :”في يوم وداعه في كاتدرائية مار جرجس، كان الشباب والشابات بالمئات وكانوا متأثرين لفقده. أبونا داود لم نخسرك، لأنك أصبحت ذخيرة لنا في كنيستنا، والله يعطينا على غراره كهنة قديسين”.
وتخلل الإحتفال شهادات حياة مؤثرة لمارلين الحلو من الهيئة التربوية ولفادي الأسمر من قدامى المدرسة، تحدثا فيها عن علاقتهما بالخوري داود وعن إرشاداته وتعاليمه. كما قرأ عدد من التلامذة قراءات من كتاباته بأسلوب فني ومرافقة موسيقية. واختتم الإحتفال برقصة تعبيرية على أنغام ترنيمة “يا أول النبع” وبصلاة الفقير أدتها آن ماري صفير من قدامى المدرسة. وقدم المطران مطر والخوري أبي صالح أيقونة السيدة العذراء لعائلة الخوري داود تسلمتها والدته.
وطنية