أين تقع عمواس؟ ليس من جواب قاطع على السؤال بالنسبة لعلماء الآثار والمسيحيين بشكل عام. ففي الأرض المقدسة ثلاث قرى تدعى بعمواس، وهي القرية المذكورة في الإنجيل، التي التقى فيها يسوع بالتلميذين يوم أحد القيامة. وفي هذا اليوم، الإثنين 21 نيسان 2014، احتفلت كنيسة الأرض المقدسة بذكرى هذا اللقاء في المواقع الثلاثة، متأملة بالرواية كما نقلتها لنا الأناجيل المقدسة.
يبدو أمراً صعباً أخذ القرار عندما تكون لدى المرء الرغبة في الإحتفال بالعيد في المكان نفسه حيث تمّ الحدث الذي يحييه! وفي هذا اليوم، بمناسبة الإحتفال بلقاء المسيح بتلميذي عمواس، توجب على المؤمنين الإختيار بين قرية أبو غوش وعمواس نيكوبوليس (قرب دير اللطرون) وقرية القبيبة الفلسطينية. اثنين من هذه المقامات الثلاثة يفضلها مسيحيو الأرض المقدسة، فيتوجه غبطة البطريرك اللاتيني للإحتفال بهذا العيد في عمواس نيكوبوليس، بينما تتوجه حراسة الأراضي المقدسة للإحتفال به في القبيبة. السبب في ذلك، أن عدد الحجاج الذين أمّوا هاذين الموقعين عبر القرون، يفوق عدد الحجاج الذين أمّوا موقع أبو غوش.
وبحسب تقليد آباء الكنيسة، تقع قرية عمواس المذكورة في الإنجيل على مقربة مما يعرف اليوم بدير اللطرون. ومما يزيد احتمالية صحة هذا الإعتقاد، هو ما تنبأت به في عام 1878 الطوباوية مريم يسوع المصلوب، مؤسسة دير الكرمل في بيت لحم. ويتردد الحجاج إلى هذا المكان منذ قرون، وخاصة أولائك المنتمين إلى الكنائس الشرقيّة. واليوم، عملاً بالتقليد، يترك الكثير من الحجاج والمؤمنين عليّة صهيون منذ الصباح الباكر متوجهين عبر صحراء يهوذا والغابات والحقول نحو موقع عمواس نيكوبوليس حيث توجد بقايا كنيسة بيزنطية عظيمة، قام غبطة البطريرك فؤاد الطوال، والى جانبيه اسقفيه المساعدين، المونسينيور وليم الشوملي والمونسينيور بولس ماركوتسو، بالإحتفال بالقداس الإلهي فيها.
تحيي تراتيل هذا القداس الإحتفالي مجموعة من رهبان وراهبات التطويبات، الذين يقيمون في المكان منذ عدّة سنوات.
في القبيبة
وعلى بعد بضعة كيلومترات من عمواس نيكوبوليس، تقع عمواس الأخرى التي تدعى اليوم بالقبيبة، حيث يذهب الرهبان الفرنسيسكان للإحتفال بهذا العيد متأملين بريف فلسطين المُزهر وحقول الزيتون الواسعة التي تحيط بقرية القبيبة. وتقع في القبيبة كنيسة كبيرة وجميلة، حيث أقيم القداس الإلهي بحضور العديد من أبناء رعية القدس وحفنة من المسيحيين المقيمين في القبيبة، اضافة إلى مجموعة من الحجاج القادمين من نواحٍ مختلفة. أحيت جوقة الحراسة مختلف ترانيم الإحتفال، اضافة إلى صلاة الغروب التي ترأسها الأب بييرباتيستا بيتسابالا، حارس الأراضي المقدسة. توجه الجميع عقب القداس لتناول طعام الغداء معاً، في أجواء من الفرح والمحبة المسيحية التي يتميز بها بالذات الزمن الفصحي.
يعود الإعتراف بهذا المكان على أنه الموقع الذي وجدت فيه قرية عمواس المذكورة في الإنجيل، الى عام 1280، عندما استولى الصليبيون على القرية. وقد نجح الرهبان الفرنسيسكان في تَمَلُّكَ هذا المكان منذ القرن الخامس عشر، وقاموا بالعثور على بقايا لكنيسة بيزنطية وبيت يعتقد بأنه كان بيت كليوفاس، أحد التلميذين اللذين التقى بهما يسوع على الطريق من القدس نحو عمواس. ومنذ ذلك الحين ومجموعات الحجاج لا تكف عن زيارة المكان. ومما يتميز به احتفال يوم الإثنين الذي يلي أحد الفصح، هو رتبة توزيع أرغفة الخبز على جميع المؤمنين الذين يشاركون في الاحتفال، وفي ذلك رمز لرغيف الخبز الذي قدمه تلميذا عمواس ليسوع، الذي قام بدوره بكسر الخبز مظهراً نفسه للتلميذين اللذين لم يعرفاه منذ البداية، على أنه المسيح القائم من بين الأموات.
بالنسبة للكثيرين، يُختتم في هذا اليوم “ماراثون الأسبوع المقدس”. فبعد أربعة أيام أو خمسة من الإحتفالات المهيبة والمستمرة، يعود الكثيرون منهم إلى عملهم وحياتهم العادية، سعيدين لأنهم احتفلوا مرّة أخرى بالأفراح الفصحيّة.
زينيت