يستمر مركز الشرق المسيحي للبحوث والمنشورات التابع لكلية العلوم الدينية في جامعة القديس يوسف في رسم خريطة طريق مسيحيي الشرق مع أبناء “البيت الواحد” وما يرافقها من انفتاح على الآخر المختلف، ويترجم من خلال بحوث علمية وأكاديمية للمراحل والقطاعات، بكل تناقضاتها وتطوراتها.
أما اليوم وتحديداً من غد الأربعاء 7 الجاري إلى السبت 10 المقبل، يرعى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي نشاطات مؤتمر دولي يخصه المركز والإكليريكية المارونية في غزير عن “المجمع الفاتيكاني الثاني والكنائس الشرقية”. هذه “الوقفة مع الذات” تتزامن مع الإحتفال بمرور خمسين عاماً على انعقاد المجمع، ويسلط الضوء على دور الكنيسة الشرقية الرئيسي في “ولادته” ومجمل الإنجازات المحققة فيه وتقويمها لمجاراتها مع يومياتنا.
“النهار” التقت مساعد مدير المركز ومنسقه الأب ناجي إدلبي للوقوف على دور المركز و”الوزنات” التي يزرعها والنشاطات والمؤتمرات والمنشورات في “نبش” بصمات أبناء هذا الشرق المسيحي والعمل على تأريخها.
في تعريف سريع للمركز، قال الأب إدلبي إنه “تابع لكلية العلوم الدينية في جامعة القديس يوسف والتي تضم تحت “لوائها”، إلى المركز، معهداً للحوار الإسلامي المسيحي، معهداً للعلوم الدينية وقسماً للعلوم الدينية”. وعن المشاريع البحثية التي يقوم بها المركز، قال إنها ترتكز على مشروعين، “أولهما، ترجمة ما يسمى بتاريخ الأدب العربي المسيحي لغايورك كراف الألماني وهو يعتبر بـ”نتاجه” الكتاب المقدس للباحثين في الأدب العربي المسيحي المتوافر بـ5 مجلدات”. أما في ما خص الأدب المسيحي فقد كتب وفقاً لإدلبي “منذ الفتح الإسلامي لغاية القرن الـ19 في اللغة العربية. وأشار إلى أنه “توجد مخطوطات تعود لكتابات في اللغة العربية لسريان وأقباط وملكيين وموارنة. وقال: “تتخطى كتابات ذات طابع ديني في أدب مسيحي عربي، الدين، لتصب في العلوم والفلسفة كما الحال عند قسطا بن لوقا البعلبكي المنشأ الذي عاش في القرن التاسع أو العاشر ميلادي والذي ذكر كراف بمؤلفاته في علم الفلك والرياضيات والفلسفة”.
أما المشروع الثاني، وفقاً له “فيتوجه إلى تحليل خطاب الجماعات المسيحية في زمن الأزمات”. اذ “نتوق إلى معرفة ما إذا كانت هذه الخطابات تتطابق مع تعاليم الكنيسة وتجاري في مضمونها انتظارات الناس”.
قدسية الحوار
من جهة أخرى، شدد إدلبي على ان المركز “يهدف من خلال عملنا الأكاديمي الى توفير فرصة لأصحاب القرار وشاغلي المراكز القيادية من رجال دين وسياسيين لاتخاذ قرار على أساس علمي يستند الى جملة دراسات بحثية وموضوعية ومعمقة يعدها مركزنا”. وعما إذا كان المركز يتوجه إلى النخبة أجاب: “لا نتوجه إلى النخبة بل نتطلع دائماً إلى الحوار مع الذات ومع الآخر المختلف. لكن طبيعة نشاطنا الأكاديمي يتطلب حضوراً ومشاركين من مستوى معين من التعليم والتعلم”. وقال: “مركزنا متخصص في البحوث العلمية التي لا تتوجه للجميع مع أن نتائجها تعني الجمهور الواسع”.
على صعيد آخر، اعتبر إدلبي أن المؤتمر الدولي “الذي يفتتح غداً الأربعاء في حرم الإبتكار والرياضة في جامعة القديس يوسف وتنتقل نشاطاته في اليومين الأخيرين إلى الإكليركية البطريركية المارونية – غزير يسلط الضوء على أهمية دور الكنائس الشرقية في هذا المجمع وطريقة تلقي هذه الوثائق في الفترة ما بعد المجمع من خلال محاور عدة، هي المحور الكنسي “الإكليزيولوجي” وكل ما حققه المجمع الفاتيكاني الثاني على المستوى اللاهوتي الكنسي، العلاقة مع الآخر أي البعد المسكوني مع الآخر المنتمي إلى ديانات أخرى، الوجوه المجمعية الشرقية والمحور الرعوي”. وبرأيه، “علينا تقويم ما حصل في هذا المجمع ونتذكره بهدف تقويم ما قمنا به منذ 50 عاماً إلى اليوم”. واضاف: “علينا أن نفعل شيئاً ما لشرقنا. نحن وجدنا في الشرق وعلينا أن نكون شهوداً ليسوع المسيح في هذا الشرق”. وعما إذا كان هذا الكلام يتزامن مع ما يمر به المسيحيون في الشرق قال: ليست المرة الأولى الذي يمر فيها المسيحيون في فترات اضطهاد وصعاب”.
وتوقف عند المؤتمر الذي يجمع اختصاصيين في اللاهوت والتاريخ والعمل الرعوي والذي له علاقة بالكنائس الشرقية الكاثوليكية خصوصاً والشرق المسيحي عموماً”، وأشار أخيراً إلى ان “المجمع الفاتيكاني أحدث ثورة في الكنيسة”، معتبراً “أنه وضع إنفتاحه على الآخر خصوصاً الذين لا يؤمنون بالبعد الإنساني بين كل الأديان، وكل ذلك يصب في خانة الحوار والعلاقة مع الآخر والتي توصلني إلى الله”.
روزيت فاضل / النهار