تمضي ذكرى اغتيال الصحافي سمير قصير ولا يمضي الرجل الذي كتاباته بلون دمه، تنادي بالحرية والربيع العربي الذي أخفق هنا وتعثّر هناك ولم يحن ربما في بقاع أخرى.
شهد أمس توزيع جوائز سمير قصير لحرية الصحافة في حديقة سرسق في الأشرفية، وسط حضور شخصيات رسمية وديبلوماسية واجتماعية وثقافية… والجائزة يمنحها الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع “مؤسسة سمير قصير” للسنة التاسعة تواليا.
راعي الاحتفال الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان ستافروس لامبرينيديس الذي أتى خصيصاً للمشاركة في توزيع الجوائز، شدد على طابع الحرية، قائلاً: “الاحتفال بحقوق الإنسان ليس هامشياً، إنه في صلب السلام والازدهار. حقوق الإنسان هي لغة عالمية. ما يقوم به الصحافي هو إخبار القصة وإعطاؤها صوتاً. حين تكون وجهات النظر مختلفة، عنذاك، نحتاج إلى الحماية. للأسف أكبر عدد من الصحافيين الذي قُتلوا هم في هذه المنطقة”.
أما رئيسة “مؤسسة سمير قصير” الإعلامية جيزيل خوري فاستعادت قول الروائي الياس خوري عند استشهاد قصير: “أيها القاتل إن اليوم قريب ولم تنجح بقتل الحرية إلا بقتلنا جميعاً لأن الحياة تزهر في قلوبنا. سنعطي الوقت للوقت”. وقالت: “هذه الجائزة لها معنى خاص هذه السنة، إذ بلغ عدد المرشحين 185 صحافياً أكثرهم من الشباب الذين لم تكن تتجاوز أعمارهم 19 عاماً عند اغتيال قصير. تُمنح الجائزة في وقت يشهد فيه العالم العربي، خصوصاً سوريا قتلاً للحريات”. وأشارت إلى الصحافيين المعتقلين الذين “ننتظر إطلاق سراحهم”. وأعلنت أن المؤسسة تعمل على قانون تُمنع بموجبه الرقابة على الأعمال الفنية، و”سيساعدنا الأمن العام في ذلك”. ودعت إلى المشاركة في مهرجان ربيع بيروت الذي تنظمه المؤسسة ويبدأ اليوم: “فلتنطلق ساحات بيروت ومسارحها لنتذكر سمير قصير بالفرح والأمل”.
ثم أعلنت لجنة التحكيم أسماء الفائزين، وتألفت اللجنة من 7 شخصيات من أوروبا والشرق الأوسط: الصحافية والكاتبة سناء العاجي (المغرب)، الصحافي غيث عبد الأحد (العراق)، العضوة المؤسسة في “مؤسسة سمير قصير” هند درويش (لبنان)، المراسل في صحيفة “إيل بيريوديكو” الإسبانية مارك مارجينيداس (إسبانيا)، الصحافية والكاتبة ليلى الراعي (مصر) التي اعتذرت عن الحضور، المراسل في مجلة “دير شبيغل” كريستوف رويتر (ألمانيا)، والصحافي ومدير قناة “فرانس 24” مارك صيقلي (لبنان – فرنسا).
وفاز عن فئة مقال الرأي محمد أبو الغيط من مصر عن مقاله “موسم الموتى الأحياء” الذي نشره في 3 كانون الثاني 2014 في جريدة “الشروق”. ويصف فيه الصدامات العنيفة بين مؤيدي الإخوان المسلمين ومعارضيهم إبان المرحلة السابقة للإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي، وينتقد ذهنية “الانتماء الجماعي الأعمى” التي دفعت بالمصريين من الطرفين إلى اللجوء إلى أقصى درجات العنف. وقال أبو الغيط بعد منحه الجائزة: “أعتبرها تكريماً لجيلي من الصحافيين المصريين الذين يعانون انخفاض سقف الحريات. الصحافي تحت وطأة سيفين: سيف الدين وسيف دواعي الأمن القومي. نتطلّع إلى عالم لا يُذبح فيه الصحافي أو عامة الناس باسم الدين أو بسبب رأيه”.
أما عن فئة التحقيق الاستقصائي ففازت حنان زبيس من تونس عن تحقيقها “مدارس الروضة القرآنية في تونس” في مجلة “ريالتي” التونسية في 10 تشرين الأول 2013. وفيه تظهر انتشار ظاهرة المدارس القرآنية للأولاد منذ انتفاضة كانون الثاني 2011 والتي أسستها جمعيات دينية. وألقت زبيس كلمة عبر الشاشة لتعذر حضورها، قالت فيها: “شرف كبير لكل صحافي أن يحصل على هذه الجائزة لأنها تحمل اسم صحافي قُتل من أجل الكلمة”.
فئة التقرير السمعي البصري الذي استُحدثت العام الفائت، فاز عنها عروة المقداد من سوريا عن فيلمه “موسيقى الشارع” الذي يصوّر فيه مجموعة من المغنين والموسيقيين السوريين المقيمين في بيروت، ويربط بين الصراع في سوريا والفنون عبر تأثير الأول فيها، معرّجاً على وسائل مواجهة الشباب للعنف عبر الفن.
وقال عروة: “الأبطال الحقيقيون يموتون… والثورة مستمرة على الرغم من محاولة الكثيرين القضاء عليها”.
ماريا الهاشم / النهار