لم يتطرق أي نائب في مجلس النواب امس الى موضوع سلسلة الرتب والرواتب. حتى وزير التربية انشغل بمبادرة النائب ميشال عون الرئاسية. يعني ذلك أن السلسلة وضعت في مرتبة خلفية بعدما كانت من الأولويات.
بينما واصلت هيئة التنسيق النقابية اضرابها واعتصاماتها لليوم الثاني توالياً أمس، عادت الى الواجهة نغمة منح الإفادات للتلامذة الذين تقدموا الى الامتحانات الرسمية، رداً على استمرار المعلمين في مقاطعة أسس التصحيح والتصحيح للامتحانات. وفي حين أن لا أحد من السياسيين والنواب والمعنيين يناقش ملف السلسلة، بات الجميع أسرى مأزقها، وكأن الأمور متجهة الى ان لا توجه الى إقرار سلسلة الرواتب، وإبقاء الأمور على ما هي عليه، لتصبح القرارات الإضطرارية بمثابة الأمر الواقع، كإعطاء إفادات بدل التصحيح، وحشر هيئة التنسيق النقابية في زاوية ضيقة، تضطر معها الى إنهاء الإضراب.
كيف سيكون موقف هيئة التنسيق في حال تقرر منح الإفادات؟ وهل هي محصنة في وجه الضغوط؟ وهل تتراجع عن موقفها في مقاطعة التصحيح، بعد الحملة عليها وارتفاع صرخة الأهالي؟ وهل تستطيع الاستمرار في موقفها بعدما تبين أخيراً أن لا اهتمام بالمشروع؟ يبدو واضحاً ان هيئة التنسيق النقابية ستتابع ما تسميه المعركة من أجل اقرار سلسلة الرتب والرواتب، وهي اعتبرت ان تصحيح الرواتب والأجور حق مطلق لجميع الموظفين في الدولة.
وعلى هامش التحرك أمس، تحدث نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض لـ”النهار” قائلاً ان الهيئة لديها خطة في وجه الحملات ضدها، ومحاولات تحميلها مسؤولية صرخة الأهالي، مشيراً الى الاجتماعات التي ستعقد اليوم مع لجان الأهالي في المدارس والتلامذة في كل المحافظات لوضعهم في الصورة الحقيقية، رداً على محاولة وضعهم في مواجهة هيئة التنسيق، وللقول أن المشكلة هي عند الدولة والطبقة السياسية، والسلطة غير المكترثة لحقوق أكثر من مليون لبناني.
وعلمت “النهار” ان هناك توجهاً لتأليف لجان من هيئة التنسيق والأهالي والتلامذة للبدء بتحرك استباقي لمنع ضرب الشهادة الرسمية، وللضغط باتجاه منح الحقوق للمعلمين ومنع اعطاء الافادات بديلاً من التصحيح. وعلى هذا الأساس سيتم الاتفاق اليوم على برنامج تحرك مشترك يبدأ باعتصام الأربعاء المقبل أمام وزارة التربية الى أشكال أخرى من التحرك ستحدد بالتشاور مع الأهالي. والهدف إفشال محاولات السلطة السياسية وضع هيئة التنسيق في مواجهة الأهالي.
ويقول محفوض ان أحد أسباب استمرار تحرك هيئة التنسيق، إضافة الى المطالبة بالحقوق، أن السلطة أنهت ملف المياومين وثبتتهم، مع الدفاع المدني، ثم تطرح تطوع 5 آلاف رجل أمن جديد، الى الاتفاق على تفرغ نحو ألف أستاذ في الجامعة اللبنانية، وهذا كله من دون البحث في الإيرادات، فيما المشروع الوحيد الذي يربط بالايرادات هو السلسلة التي تطالب بها هيئة التنسيق، فأين التوازن المالي الذي يتحدثون عنه؟ بالإضافة الى أنهم في كل الملفات يوزعون الحصص التي تناسبهم.
وختم محفوض قائلاً انهم اذا منحوا إفادات نجاح للشهادات الرسمية، فإنهم لن يحلوا المشكلة بل سيعقدونها أكثر، بالإضافة الى أنهم سيقضون على التربية وعلى المستوى الأكاديمي. ولذا فإن شهر أيلول ليس بعيداً، وما لم تقر السلسلة، فلا سنة دراسية ولا مدارس، بل إضرابات مستمرة.
وفي تحرك الأمس، عرض وفد من هيئة التنسيق مع وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم، للتحرك الذي تقوم به الهيئة لاقرار سلسلة الرتب والرواتب. واكد حكيم للوفد تأييده أحقّية السلسلة التي تعطي الموظف حقه وتؤمن العدالة من خلال ايرادات واضحة المعالم لا تتعلق بالنشاط الاقتصادي ولا تؤثر سلبا على مالية الدولة، والتي يمكن تأمينها عبر عدد محدود من الاصلاحات.
من جهته، طالب رئيس رابطة أساتذة الثانوي حنا غريب الوزير حكيم ان يطرح ضرورة اقرار السلسلة وحقوق الموظفين ومشاركة كتلة نواب حزب الكتائب في الجلسة النيابية وتحييد قضايا الناس الملحة والمعيشية وعلى رأسها سلسلة الرتب والرواتب التي لها طبيعة وطنية اجتماعية ومعيشية .
وقال: “طلبنا عدم اعطاء افادات بدل الشهادات لان ذلك يشكل جزءاً من ضرب سيادة الدولة ومناهجها وهو احد جوانب التعاقد الوظيفي، فضلا عن ان تمويل السلسة برأينا يتم من الهدر والفساد وقد وظفوا نحو 10 آلاف موظف اخيرا من دون الحديث عن التوازن، لذلك نطالب بـ121 في المئة حداً ادنى للسلسلة حصلنا على 45 في المئة سابقا ويبقى لنا بذمة الدولة 75 في المئة”.
وكانت هيئة التنسيق نفذت اعتصامها أمام وزارة الاقتصاد والتجارة بمشاركة فاعلة من موظفي الوزارة، إضافة الى جمع من رابطات المعلمين، في حضور غريب ومحفوض، رئيس رابطة موظفي الادارة العامة محمود حيدر.
استهل الاعتصام بكلمة موظفي وزارة الاقتصاد القاها طارق يونس، فيما أكد حيدر ان الاعتصام يأتي في سياق التحرك الذي أقرته هيئة التنسيق النقابية، ووجه التحية الى جميع الموظفين في وزارة الاقتصاد وفي سائر الوزارات والإدارات الرسمية الذين ينفذون الإضراب.
وقال: “نحن منذ العام 1996 ولتاريخه، منذ 18 سنة، ورواتب الموظفين لم تعدل، وارتفاع الأسعار وصل الى 130 في المئة. وتوجه الى المسؤولين بالقول: أين هي الأموال التي أهدرت؟ منذ العام 1996 الأقساط المدرسية زادت كثيرا، أين ذهبت هذه الزيادات ولم يقبض المعلمون أي زيادة؟.
وقال: “أسئلة كثيرة تطرح، وأقول ان أكثر من 99 في المئة من الشعب يرى ان السلسلة مدخل لمعركة ضد التحالف المالي والسياسي الممسك بخيرات الدولة. لن نتراجع إلا بعد إقرار هذه السلسلة”.
أما غريب، فقال أن أي “اتفاق على حساب حقوقنا مرفوض من أي مكان أتى”، مؤكدا أن “المطلوب تصحيح الرواتب بينما هم يفككون الدولة ويبيعونها “خردة” لحيتان المال ويعملون على وضع يدهم على البنى التحتية”.
ثم انتقل الجميع الى أمام وزارة الاتصالات ونفذوا اعتصاماً ألقيت خلاله كلمات.
ابراهيم حيدر / النهار