شريط الأحداث
أختر اللغة
الرئيسية | إعلام و ثقافة | المسيحيون في ادارات الدولة: اقالة أم استقالة؟
المسيحيون في ادارات الدولة: اقالة أم استقالة؟

المسيحيون في ادارات الدولة: اقالة أم استقالة؟

نُصّ اتفاق الطائف حينما كان الشعب المسيحي هو الفريق الخاسر في لبنان، فحصلت عملية غالب ومغلوب وتغيير للدستور اللبناني القائم على المناصفة، والتعديل في المادة 95 التي اصبحت مادة في الدستور اللبناني تقول:” تم الغاء المناصفة في الفئة الثانية وما دون على أن لا يتناقض ذلك مع مقتضيات الوفاق الوطني وعلى ان تكون هناك آلية واضحة للامتحانات وقبول الموظفين في الدولة.”

لكن ما حصل بين عامي 1990 و 2008 أي في خلال 18 سنة، أنه  لم يتم وضع آلية للوظائف ولم تُطبق مقتضيات الوفاق الوطني اي التوازن والعيش المشترك. فأدّى تعديل الدستور وعدم تطبيق المادة 95 والوجود السوري في لبنان وممارسته القمع بحقّ المسيحيين الى تعزيز شعور هؤلاء بأن الدولة غريبة عنهم وضدهم، خصوصًا بعدما ظنّ المسيحيون ألا امكانية لتطوير القدرات الذاتية في وظائف الدولة التي برأيهم يستند الدخول اليها اساسًا الى الوساطة لا الكفاية المهنية. فكانت عملية ممنهجة بدأت بإقالة المسيحيين من الدولة وانتهت بإستقالتهم اراديًا منها.

ومثال ذلك:” في عام 1990، بلغ عدد المسيحيين المقبولين في مجلس الخدمة المدنية 48 شخصًا من أصل 100 مرشّح. أمّا في عام 2008، فبلغت  نسبة المسيحيين المرشحين المقبولين 13.5% أي أن نسبتهم في مجلس الخدمة المدنية تراجع من 48% الى 13.5% خلال 18 عامًا.”

تحسن تدريجي في نسبة المشاركة المسيحية في الدولة

ويعزو الاب طوني خضره رئيس جمعية لابورا أسباب هذا التراجع في حديثه الى kataeb.org،  الى شعور المسيحي بأن الدولة لا تعبّر عن تطلعاته، وما عززّ هذه النظرية هو القمع الذي مارسته الاجهزة الرسمية في المنطقة الشرقية والغائها اي مظاهر للمقاومة أو حياة دينامكية تفسح في المجال أمام المسيحي ليلعب دوره في الدولة، فكانت عملية تحطيم للعنصر المسيحي الشاب من خلال النفي والسجن والمحاكمات فتوجه هؤلاء الى الهجرة.

وتحدث الاب خضره عن أهمية التوعية على أهمية الدور المسيحي في بناء الدولة، مشيرًا الى التقدم الذي حصل تدريجًا في هذا الاطار بعدما تأسست “لابورا” في عام 2008 وبدأت حملاتها التوعوية، فقال:” في عام 2008 بلغت نسبة المتقدمين الى مجلس الخدمة المدنية 13.5% نجح من بينهم 18% مسيحي، وفي عام 2009 بلغت نسبة المتقدمين 22% بينما شكّل عدد المسيحيين المتقدمين لمراكز رؤساء الدوائر منذ شهرين 32.5% نجح من بينهم 39% مسيحي.”

واضاف:”يجب ان يعي المسيحي أنه لا يؤّمن مستقبله المادي في دخوله الى ادارات الدولة فحسب بل يلعب دوره كمسيحي فاعل في مجتمعه، لأن وظيفة الدولة تؤدي الى نتيجتين اساسيتين: أولها قوة اقتصادية، وذلك لأن الدولة تدفع 21 مليار دولار كمعاشات للموظفين، فكلما تمكنا من الاستفادة من هذا المبلغ حققنا انماءً محليًا أكثر. وثانيًا قوة سياسية، لأنه إذا كان رئيس المصلحة أو الدائرة مسيحيًا قويًا، أكون انا كفرد مسيحي في المجتمع قويًا بقوته.”

وأعلن الاب خضره عن أهمية برنامج التوعية الذي تقوم به “لابورا” وقال:” عام 2009 وفي أثناء لقاء مع حوالي 490 طالب ثانوي في احدى المدارس الكاثوليكية الكسروانية، وجدنا في الاحصاء الذي أجريناه قبل انطلاق المحاضرة، أن 3 طلاب فقط يعلمون ماهية وظائف الدولة. لكن بعدما أنهينا المحاضرة تبيّن في الاحصاء الجديد أن 70% منهم يحبّ الدخول الى الدولة.”

تعاون بين “لابورا” والاحزاب المسيحية على تفعيل الحضور المسيحي في الدولة

لذا من المهم وفق الاب خضره التوجيه والتعاون مع الاحزاب المسيحية والكنائس كافة، وقد أدّى انفتاح “لابورا” على الجميع من دون استثناء الى تجاوب كبير وتضامن مع فكرة الجمعية لتحقيق الهدف الاساس وخدمة الحضور المسيحي وتفعيله في الوطن.

وذكر الاب خضره ارتكاز  الفكر المسيحي منذ العام 1995  في السينودس من أجل لبنان ومن ثم الارشاد الرسولي في عام 1997 على اهمية الانخراط المسيحي في الدولة، كما قال البابا بندكتوس السادس عشر في لقائه مع شبيبة لبنان :”لا يدفعنّ بكم عدم الاستقرار والبطالة الى تذوّق عسل الهجرة المرّ فتُقتلعوا من جذوركم بل عليكم ان تشاركوا في مستقبل بلدكم وتضطلعوا بدوركم في المجتمع والكنيسة”.

ونحن في لابورا نقول للشباب:”اذا اردتم ان تكون الدولة شبيهة بكم، عليكم ان تدخلوا اليها، لذا لا خيار للمسيحي خارج الانخراط في الدولة، لان غيابهم عنها يُفقدها التنوّع الذي يتميّز به الوطن. وكلما كان المسيحي قويًا يلعب دوره في المجتمع، شكّل ضمانة لبقاء الكيان اللبناني.”

المسيحيون يستفيدون من 3 مليار دولار من أصل 21 مليار دولار!

وعمّا اذا كان المسيحيون يستفيدون من أموال الدولة، قال:” وفق احصاء عام 2013، تدفع وزارة المالية مبلغ 14 مليار سنويًا للموظفين الحاليين والسابقين وتعويضاتهم اضافة الى مبلغ 7 مليار دولار مساعدات وهبات الى المواطنين، على صعد الزراعة والاندية والبيئة ووزارة الشؤون الاجتماعية والصحة والتربية والجامعة اللبنانية… اذًا يبلغ مجموع الاموال 21 مليار دولار يغذّيها المسيحيون بحوالي 62% ، أي يدفعون 13 مليار دولار من أصل 21 مليار دولار، ليستفيدوا في المقابل من 3 مليارات فقط من هذا المبلغ أي 11.5%.”

لذا يجب ان يعي الشعب اللبناني والمسيحيون هذا الواقع الذي حذّرنا منه في “لابورا” حينما تحدّثنا عن العدالة الاجتماعية، وأن يدركوا أنهم إذا ارادوا استمرارية لبنان، يجب على الاقل المحافظة على التوازن في الدولة بعدما ألغوا المناصفة، وبالتالي يجب ألا يقلّ عدد موظفي كل طائفة في ادارات الدولة عن 30%، لنكون بذلك قد طبّقنا المادة 95 وحافظنا على توازن معيّن من دون “6 و6 مكرّر”. لافتًا الى أن “لابورا” تتابع مع عدد من النواب المسيحيين هذا الامر لطرحه لاحقًا في مجلس النواب بهدف اصدار قانون يفسّر المادة 95 من الدستور، أي “مقتضيات الوفاق الوطني”.

الاحزاب المسيحية تؤمن العناصر و”لابورا تُدرّبها على المباراة

وأكد الاب خضره على التعاون مع الاحزاب المسيحية من أجل تأمين عناصر مسيحية مهتمة بالدخول الى الدولة بغض النظر عن الانتماءات السياسية. لأن أي حزب لا يمكنه ادخال موظف واحد الى ادارة رسمية، اذا كانت هناك مباراة في مجلس الخدمة المدنية، إنما يستطيع التدخل في الترقيات اذا كان الوزير منتميًا الى حزبه. من هنا ثمة قناعة مشتركة بين “لابورا” والاحزاب المسيحية على ضرورة توافر الكفاية لدى المسيحي الذي نسعى الى توظيفه في الدولة ما يتطلب تدريبًا خاصًا. فتتوزّع المهام بين “لابورا والاحزاب المسيحية، بشكل أن الاحزاب تؤمن العناصر المتقدّمة الى وظائف الدولة فيما تقوم “لابوار” بتدريبها وتجهيزها للتقدم بروحية موّحدة من دون تمييز مذهبي أو حزبي الى المباراة. فبلغ عدد المسيحيين المدرّبين على يد “لابورا” قبل الخضوع لمباراة الدخول 17500 مسيحيًا في خلال 6 أعوام.

وكشف الاب خضره عن عدم التمييز بين مذهب مسيحي وآخر أو بين حزب وآخر في عملية التدريب بل كانت هناك روحية مشتركة وخطاب موّحد، لافتًا الى أهمية توحيد الخطاب المسيحي الداخلي الذي يرتكز على المشاركة في الدولة والبقاء في لبنان وعدم بيع ارضنا.

لا تكفي المناصفة في العدد بل بنوعية المراكز

ولم يخف الاب خضره الصعوبات التي تواجههم أحيانًا في تأمين العناصر المسيحية المتقدمة الى الوظائف الرسمية، فنحن بحاجة حاليًا مثلا الى ادخال 1250 مسيحي الى سلك الدرك، ما يعني ضرورة تأمين 3000 متبارٍ لم يتأمن إلا ربعهم حتى الان. “علمًا اننا حققنا تقدمًّا منذ عام 2004 ، حينها كان عدد المسيحيين 29% أمّا حاليًا فقد اصبح 40.8%، ومن خلال مجهود اضافي نحقق المناصفة.”

واضاف الاب خضره:”ثمة شقّان في عملية التوظيف، الكفاية والتعيينات. يفرض الدستور المناصفة في وظائف الفئة الاولى، وهذا الامر يُطبّق عبر مجلس الوزراء لذا لا مشكلة في هذا الاطار، إنما تكمن المشكلة الكبيرة في نوعية الوظائف أسوة بما يحصل في توزيع الحقائب الوزارية، فكما هناك وزير سيادي وآخر دولة، هناك مدراء عامون سياديون وآخرون ثانويون، فمدير عام المحفوظات الوطنية ومدير عام مجلس الوزراء مسيحيان، إنما هذا الاخير يتفرّد في وضع جدول اعماله والمحاضر، بينما يتولّى الثاني مركزًا من دون موظفين أو مكتب. اذًا لا تقتصر المناصفة على العدد فحسب بل تشمل نوعيّة المراكز أيضًا.”

أمّا بالنسبة الى تعيينات الفئة الثانية وما دون، فيستخدم الوزير صلاحيته للتعيين بالانابة كما يتصرف بالفئة الثالثة، ونحن قادمون الى مجزرة اضافية اذا استمرت الامور على هذا المنوال لأنهم لا يأخذون التوازن الطائفي بعين الاعتبار ما يفقدنا مراكزنا في الدولة. الى ذلك في حال لم يوافق مجلس الخدمة المدنية على تعيين موظف يريده الوزير على رغم عدم ايفائه الشروط، يضغط هذا الاخير من موقعه لتنفيذ مراده بغض النظر عن رأي مجلس الخدمة المدنية. الى ذلك يحصل تغيير على صعيد طائفة رؤساء المراكز والدوائر، مثلا اذا احتلّ شيعي مركزًا للمسيحي بالانابة يصبح له بعد سنوات عدّة ولا يمكن بعدها استرداده، اما اذا وضعوا مسيحي بالانابة مكان الشيعي، فيطالب الشيعة باسترداد المركز، ويتصّرفون بمنطق “ما لي لي وما لك نتقاسمه بيني وبينك” وهذه مشكلة سياسية نعمل على تذليلها من خلال توافق مسيحي على خطاب واحد نتوجه من خلاله الى زملائنا في الوطن”.

لضرورة تطعيم المتعاقدين بمتخرجين جدد

وشدد على رفض “لابورا” والاوساط السياسية المسيحية تثبيت المتعاقدين مع الدولة، داعيًا الى مباراة مفتوحة لا محصورة في الوزارات بهدف تطعيم الموظفين القدامى بشباب متخرجين جدد، اذ لا يجوز تثبيت موظف خدم منذ 25 عامًا فيما نحرم المتخرجين الجدد من الدخول الى وظائف الدولة، فنكون بذلك قد ثبّتنا موظفين كبار في السن دخلوا بطرق غير شرعية الى الوزارة، فيما ندفع بالشباب العاطل عن العمل الى الهجرة، لذا يجب معالجة هذا الموضوع على مبدأ الكفاية والتوازن.

وأسف للتوظيف العشوائي في الوزارات حيث يعمد كل وزير عند استلام حقيبته الى ادخال جماعته، فنرى أن 70% من موظفي الدولة ينتمون الى طائفة واحدة، بعدها يتحدثون عن ظروف انسانية تحول دون اخراج هؤلاء من وظيفتهم على رغم أنهم دخلوا بطريقة غير شرعية وحالوا دون توظيف دمّ جديد في الوزارة.

واضاف:” قمنا بزيارة الرؤساء الثلاثة للمطالبة بميثاق وطني يحافظ على التنوع في لبنان، فاذا اختل التوازن لا الدولة المسيحية تحلّ المشكلة ولا السنية ولا الشيعية ولا الدرزية. ما يحل المشكلة فعلا هو المحافظة على تنوع لبنان، وان اضطررنا الى اتخاذ قرارات موجعة، فضلا عن ضرورة عدم الاستناد الى العددية بل الى الميثاق الوطني الذي يحفظ التعددية.”

وختم الاب خضره موجّهًا رسالة الى الشباب المسيحي فقال” الدولة لنا ولبنان لنا ونحن له، لذا ممنوع التفكير بأقل من هذا المستوى، ليس صحيحًا بأن الدولة سيئة بل هي أغنى مما تظنون ويمكنكم الاستفادة منها ومن جمعياتها والاندية والكشافة، فقوموا بمشاريع مموّلة من قبلها، وادخلوا اليها لتغييرها ولتصبح شبيهة بكم. لأن الرحيل ليس حلا، بل البقاء في الوطن والمشاركة في بنائه وبناء مؤسساته. من هنا المطلوب منّا الانخراط بدولتنا والمساهمة بتنظيفها من الفساد والشوائب، بهدف بنائها، خصوصًا أن ثمة وظائف تحتاج الى كفاية مهنية لا الى وساطة، ونحن جاهزون لتدريبكم من اجل الاستعداد للمباريات فلنتعاون معًا من اجل المحافظة على لبنان وتنوّعه”.

مايا الخوري
موقع الكتائب اللبنانية

http://www.kataeb.org/ar/reports/details/393275/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%AD%D9%8A%D9%88%D9%86+%D9%81%D9%8A+%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA+%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9%3A+%D8%A7%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9+%D8%A3%D9%85+%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%D8%9F

 

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).