“الشروال”، أو السروال، هذا الزي اللبناني التقليدي العريق بدأ ينقرض، حتى في الارياف، الا انه لا يزال اللباس المفضل لكبار السن لأكثر من سبب، الدفء شتاء والبرودة صيفاً، وهو يتيح لمن يرتديه حرية الحركة، وخصوصا لدى الفلاحين اثناء العمل في الحقول. كذلك لا يزال السروال لباس الفرق الفنية الخاصة بالرقص والزفة، وقد اعتمده المطربان الراحلان وديع الصافي ونصري شمس الدين في المسرحيات والافلام، وكل من الراحلين منصور الرحباني وفيلمون وهبه، وكان المفضل للفنان الراحل “ابو ملحم”.
والمفارقة ان دور تصميم الازياء الغربية استوحت من شكله ازياء تقارب الشروال، فانتشر هذا الزي كموضة حديثة أقبلت عليه النساء لطرافته.
ليس معروفاً متى بدأ العرب يرتدون السروال، وان كانت الصور القديمة تظهر اعتماده في شكل واسع، وانه كان منتشراً بين طبقات المجتمع كافة، لكن الاختلاف هو في نوع القماش والتطريز والملابس الاخرى التي تعتبر مكملة له.
لا يستغنى عنه
في طرابلس، انتشر السروال حتى اواسط القرن الماضي، تأثراً بالزي التركي الذي كان لباس الولاة ونخبة المجتمع، قبل ان ينتشر تدريجاً بين عامة السكان من خلال تقليدهم لهم. وهو ما زال لباس نسبة كبيرة من الفلاحين في عكار والضنية، اضافة الى ان عدداً من الخياطين في خان الخياطين في طرابلس يعتمد على هذه الحرفة – المهنة، ومنهم مثلاً احمد الحموي ونبيه القطمة.
يقول الحموي لـ”النهار” ان من اعتاد ارتداء السروال لا يمكنه الاستغناء عنه، “والى جانبه يرتدي الشخص صدرية وقميصاً عربية وعقالاً وكوفية ولبّادة، وينفرد الاقطاعيون والولاة باعتمار الطربوش على رؤوسهم”. ويضيف “ان معظم الخياطين كانوا يعتمدون على مهنة خياطة السراويل بالوراثة أباً عن جد، ولكن هذه الحرفة على طريق الانقراض لقلة اعتماد السروال لباساً، حتى في القرى”.
أنواع… وطلب
أنواع السراويل متعددة لجهة نوع القماش أو التصميم أو التطريز أو المقاسات، وطول قطعة القماش المستحدثة في صناعته تزيد على الثلاثة أمتار، وله بطانة من الخام، كما أن له “دكّة” هي عبارة عن حبل من الكتان يشدّه الى الخصر، كما يتميز باتساعه وفي تزميمه طبقات. ويتباهى من يلبس سروالاً من الجوخ، اذ ان وزنه ثقيل وليس من السهولة ارتداؤه.
وخياطة السروال الواحد تحتاج الى اسبوع على الأقل، وذلك وفق طلب الزبون واختياره لأنواع التطريز على جيوبه. أما تكلفة الخياطة فإنها تخضع لنوع القماش وموديله وأنواع المطرزات.
ولا يزال الطلب على خياطة السراويل مقبولاً، اذ يعتمد الكثير من اصحاب المطاعم والفنادق والمقاهي عليه كلباس تراثي لعمالهم، الذين يستقبلون الزبائن أو يقدمون لهم النارجيلة والقهوة. وكذلك الامر بالنسبة الى فرق الدبكة والفولكلور وزفة العرسان.
واستقبل خان الخياطين زبائن من راقصي الفرق التراثية، وفي مقدمهم فرقة “كركلا” بالتعاون مع مصمم أزياء الفرقة عبد الحليم كركلا ومجموعة من الخياطين المحترفين في الحياكة والتطريز، وآخرها ملابس مسرحية “حلم ليلة شرق”. والملاحظ أيضاً ان نسبة لا بأس بها من المغتربين يشترون السروال كذكرى للباس أجدادهم. الا ان ذلك يشكّل انتشاراً محدوداً، لا يمنع عن “الشروال” شبح الانقراض.