تقرير: بيغي بيسري / نقلاً عن موقع Im Lebanon
تناتش أراضي المسيحيين في لبنان لا تهدأ، ففي كل مرة، يكون المسيحيون أمام امتحان المحافظة على قدسية الأرض، فإما يقعون في المحظور، أو ينجحون في امتحان صون مستقبلهم عبر حماية أراضيهم.
وفي ظلّ الوضع الهشّ الذي يعيشه المسيحيون في لبنان اليوم من خلال التهميش الحاصل على مستويات عدة، وخصوصاً سياسياً، عبر إبقاء كرسي الرئاسة الاولى، الموقع المسيحي الاول والوحيد في المنطقة العربية شاغراً، وانشغال نواب الامة المسيحيين في التقاتل على السلطة، وفي ظل الكلام الاخير عن ان لا مستقبل للوجود المسيحي في الشرق ترجمه الوجود التكفيري المتشدد، يستمر شبح محاربة الوجود المسيحي في الظهور في كل فترة، وهو شراء أراضي المسيحيين من قبل “هويات وثقافات وعقائد” غريبة عن خصوصية المجتمع اللبناني، وآخرها مسألة شراء رجل سعودي، لأرض تقع في العمق المسيحي الماروني، تحت اقدام سيدة حريصا.
رئيس “حركة الارض” اللبنانية طلال دويهي تحدث لموقع “IMLEBANON” عن الموضوع، فأوضح ان الارض التي بيعت في حريصا تفوق الـ 4 آلاف متر، وبنحو المليوني دولار، فيما لم تعرف بعد الشخصية السعودية التي اشترت الارض، مشيرا الى انه لم يعرف بعد ما اذا كان المحامي فادي جوزف مغيزل الذي بيعت الأرض بواسطته، يعمل لحساب رجال اعمال سعوديين، خصوصاً أنها ليست المرة الأولى التي يقوم المحامي مغيزل بعمل مماثل بحسب ما أفاد أهالي بلدة حريصا.
وبما ان الارض، تفوق مساحتها الـ 4 آلاف متر، فهي بطبيعة الحال، تحتاج الى مرسوم من مجلس الوزراء يأذن لكل مشتر غير لبناني بالحصول عليها، وفي هذا السياق، اشار الدويهي الى انه تواصل مع بعض الوزراء والنواب المسيحيين لمعالجة الموضوع كما وضع بكركي في الاجواء، لافتاً الى ضرورة ان يعي النواب المسيحيون، الذين يتقاتلون على كرسي الرئاسة والوصول الى الوزارات والمحافظة على مواقعهم، خطورة هذا الموضوع.
وطالب الدويهي، النواب بالتحرك سريعاً، متسائلاً: “كيف يمرّ قانون يلغي براءة الذمة البلدية وحق الشفعة من دون ان يلاحظه النواب؟”.
وكشف الدويهي أن مسألة شراء أراضي المسيحيين، وخصوصاً في المناطق ذات الصبغة المسيحية، أصبحت بمثابة عملية تجارية يستفاد منها في تحقيق الربح المادي لهم، وبالتالي يعمد بعض من غير اللبنانيين عندما يتملكون الأراضي إلى بيعها لاحقاً بأسعار خيالية، ويدخلون في صلب المنافسات العقارية.
وذكّر بأنّ الرابطة المارونية كانت قد استعادت عقاراً بقيمة 45 مليون دولار في منطقة الحدد، وذلك بعد أن بيعت إلى شخص غير لبناني، فاشترط مبالغ خيالية لردّها، معتبراً ان الارض اصبحت سلعة في سوق المضاربات، والسياسيون غائبون عن الموضوع بحسبب مصالحهم مع دول الخليج اوايران، واصفاً بعض السياسيين بـ”السماسرة”.
واكد الدويهي انه سيرفع الصوت عالياً لمواجهة هذا الموضوع، مشيراً الى وجود بطء من الكنيسة في التعامل، بالرغم من ان بكركي أكثر من يدعم هذه القضية وهو على تواصل دائم معها.
وبحسب احصاء اجراه الدويهي، خلال الـ 6 سنوات الماضية بلغت نسبة اراضي المسيحيين المباعة 365850 الف متر بـ 7 مليار دولار، مطالباً الدولة ان تحمي الناس من خلال الذمة البلدية وحق الشفعة لأنهما وسيلة خلاص في الحفاظ على الاراضي.
هذا الواقع الذي يشكل خطراً على الوجود المسيحي في لبنان، سيؤدي إذا ما استمرت وتيرته إلى ضرب أسس الميثاق الوطني وأسس العيش الواحد بحرية ومسؤولية في البلد الواحد ضمن خصوصية كل طائفة، فتنهار شبكة العقد الاجتماعي، وتتهدّد الهوية اللبنانية في جوهرها، ما يتطلّب بالدرجة الأولى استنفاراً مسيحياً على المستويات كافة، ومسؤولية وطنية تتجسّد من خلال اقتناع الطرف الآخر بأهمية الوجود المسيحي الحرّ في لبنان. ومن هذا المنطلق، الدولة أمام مسؤوليات كبرى على هذا المستوى لتفعيل وإصدار قوانين تمنع الالتفاف على القانون، وتحدّ وتمنع من تملّك الأجانب لأراضي اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً، اعترافاً بأهمية المكوّن المسيحي في التركيبة اللبنانية.