كثيراً ما يتردّد مصطلح “إنترنت الأشياء“ The Internet of Things هذه الأيام؛ وهو مفهوم يعتمد على إمكانية دمج وربط الأجهزة المكتبية والمنزلية والطبية والصناعية وأجهزة الاتصالات الذكية ومنظومات النقل والإنذار والبنى التحتية الالكترونية مع شبكة الإنترنت. يهدف ذلك الدمج إلى تقديم خدمات متكاملة تغطي العديد من النطاقات والمجالات والتطبيقات التي من الممكن الولوج إليها بواسطة الهواتف النقالة أو الحواسيب النقالة واللوحية.
من أجل توضيح الفكرة بشكل مبسط، نشر موقع «مجموعة غولدمان ساكس»، عملاق الصيرفة والاستثمارات، إنفوغراف يشرح مصطلح إنترنت الأشياء ، ويعمل على تفصيل تكاليف تنفيذ المشاريع المرتبطة به، والكم الهائل من المعلومات الذي سيتم تناقله عبر خدمات انترنت الأشياء والحوسبة السحابية. بحسب الإنفوغراف، من الممكن ربط المنزل بما يحويه من أنظمة تدفئة ذكية، وأنظمة أمان وإنذار، وإضاءة ذكية، وأنظمة ترفيه مع الساعات والنظارات الذكية، وأجهزة مراقبة اللياقة البدنية، مع أنظمة الملاحة والأمان والمؤشرات الميكانيكية في السيارة. ترتبط الأخيرة مع منظومات المدينة من إشارات ضوئية، وعدادات المواقف، مما يؤمن تحليلاً للمعلومات بالوقت الحقيقي، ويحسِّن من مستوى الخدمات وفعاليتها، ويحقق منافع صحية وبيئية جديدة. تم التوصل إلى هذا المستوى من الربط عبر خفض تكاليفه، وزيادة القدرة على معالجة كميات ضخمة من البيانات، بالإضافة لانتشار أجهزة الهاتف الذكيّة، واتساع رقعة تغطية البث اللاسلكي للانترنت.
يبشر إنفوغراف «غولدمان ساكس» بأن إنترنت الأشياء سيشكل الموجة الثالثة في تطور الانترنت، حيث ستتغير حياة الناس وإنتاجيتهم في أماكن العمل وأنماط استهلاكهم، كما ستظهر مهن وأعمال جديدة تتعلق بهذه المرحلة الجديدة التي بدأت بغزو المدن والتجمعات البشرية.
وهكذا بدأت البلدان والمدن بالتنافس في تطبيق ونشر انترنت الأشياء، إذ يبدو أن بريطانيا تتقدم لتصبح الدولة الرائدة حول العالم في مجالات التقنيات المترابطة بحسب موقع «تيك سيتي نيوز». يورد الموقع أيضاً خبر تأسيس «حاضنة انترنت الأشياء» في لندن التي ستعمل على تأمين التمويل والدعم اللازمين من قبل استشاريين ومستثمرين للشركات الناشئة في كل من أوروبا وأميركا. من جهة أخرى يرى موقع «ناشونال جيوغرافيك» أن دبلن قد تصبح العاصمة غير المتوقّعة لإنترنت الأشياء بفضل القفزات الهائلة التي تحققها في السباق باتجاه التحول إلى مدينة ذكية متكاملة. حالياً تخطّط شركة «انتل» لربط شوارع مدينة دبلن ومتنزهاتها وضفاف نهرها بشبكة من الحساسات عالية التقنية القادرة على جمع معلومات حول نوعية الهواء ومستويات الضجيج والتلوث، وسوف تتطور هذه الشبكة مستقبلاً لتوفر معلومات وخدمات أكثر للمواطنين والسياح.
إن مفهوم انترنت الأشياء الأساسي ليس بجديد، فهو ينطلق من مبدأ «الحوسبة كلية الحضور» Ubiquitous Computing الذي وضعه العالم الراحل مارك فايسر منذ العام 1988. ولكن احتاج الأمر لعدة سنوات من البحث والتطوير في مجالات البرمجيات والشبكات، لأجل تلمس بدايات تأسيس ذلك العالم الخيالي الذي سيغير من حياتنا اليومية المعيشة. ولكن مع التقدم الذي يحقّقه إنترنت الأشياء، لا يزال هنالك الكثير من العقبات حول إمكانية ربط الأجهزة والتطبيقات المختلفة بالإضافة إلى التكاليف الباهظة اللازمة لتحقيق هذه التقنيات العالية. وبهذا قد تتسع الفجوة ما بين تلك البلدان التي قطعت أشواطاً واسعة في مجالات الحوسبة والاتصالات، والبلدان الأفقر التي لا تزال خدمة الإنترنت فيها سلحفاتية إلى حد كبير ولا تزال تندرج ضمن نطاق الرفاهي. هذا بالإضافة إلى المخاوف المعتادة المتعلقة بالخصوصية، ومحاولة فرض نمط حياة معين على الناس. يلخص أحد سكان دبلن من الذين لم يقتنوا هاتفاً ذكياً بعد، بحسب «ناشونال جيوغرافيك» هذا الموقف بقوله: «وماذا عنّا نحن الذين لا نريد أن نكون جزءاً من هذا الأمر؟ سيقومون بعزلنا تدريجياً من الحياة العامة»!
الأخبار