أوقفت قناة «الدلتا» المذيع إبراهيم أبو زينة عن العمل، بتهمة «إهانة الدولة». وبرّر رئيس القناة محمد هلال قرار الفصل بأنّ «إهانة مؤسسات الدولة، هي إهانة للنظام، وبالتالي هي إهانة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي». لم تمضِ ساعات على ذلك، حتى قطع البثّ عن برنامج «العاشرة مساء» الذي يقدّمه وائل الإبراشي على شاشة «دريم» مساء أمس الأول، بسبب انتقاده لاثنتين من مؤسسات الدولة هما وزارتي «التربية والتعليم» و«الصحة والسكان».
التهمة… يقدم كل الآراء
بعد تنحي حسني مبارك عن الحكم، انضم إبراهيم أبو زينة إلى «جبهة ثوار الإعلام»، بهدف تطهير الإعلام الحكومي من الفساد، وتحويله من إعلام النظام إلى إعلام الشعب. لم يتوقّع أبو زينة أنّه سيكون أول مذيع مصري يتم إيقافه عن العمل بتهمة «إهانة مؤسسات الدولة». يقدم أبو زينة برنامج «دلتا مصر اليوم» وهو برنامج توك شو سياسي، ويقول لـ«السفير» إنّ رئيس القناة كان قد اتخذ قراراً بوقفه لمدة شهر عن العمل، حتى مطلع تشرين الأول / أكتوبر الحالي، ولكن «بالرغم من انتهاء مدة القرار تم رفض عودتي للعمل، لحرصي على أن يتضمن البرنامج كل آراء المصريين في الشارع سواء كانت مؤيدة أو معارضة لقرارات النظام الحالي». وبحسب أبو زينة، يريد القيّمون على القناة إظهار الآراء المؤيّدة للنظام حصراً، لذلك اتهموه «بالتحريض على التظاهر»، عند إصراره على إتاحة المجل لآراء متنوّعة.
عاش الملك… مات الملك
تقول المذيعة المصريّة وإحدى مؤسسي «جبهة ثوار الإعلام» انتصار غريب، إنَّ «وقف أي مذيع عن العمل في الإعلام الحكومي ناتج عن ثقافة الخوف التي ورثها المسؤولون في إعلام الدولة». وتضيف لـ«السفير» إنّ «اغلب القيادات مبرمجة على الدفاع عن النظام، هم أنفسهم من كانوا يدافعون عن نظام مبارك، ثم المجلس العسكري مروراً بالإخوان ووصولاً للسيسي، ويفعلون ذلك من منطلق الحفاظ على مناصبهم التي وصلوا إليها عن طريق تقارير أمنية وليست مهنية»، بحسب تعبيرها. وبرأي غريب فإنّ الحلّ «هو تغيير المنظومة كلها، استبدال كل هذه القيادات بقيادات محترفة ومهنية تساعد على استقلالية الإعلام، وجعله مسؤولاً في الوقت ذاته، والتوقف عن ثقافة عاش الملك مات الملك».
قطع البثّ الإبراشي
أثناء عرض حلقة «العاشرة مساء» على فضائية «دريم» مساء أمس الأول الأحد، فوجئ مقدّمه وائل الإبراشي بقطع البث عنه، بعد تقرير عن وفاة طفل إثر سقوط بوابة المدرسة عليه في محافظة مرسى مطروح، وتقصير وزارة الصحة في إنقاذه. اتّهم الإبراشي وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم بالتقصير، مطالباً بمحاسبة المسؤولين فيهما. وتعليقاً على قطع البثّ عنه، قال الإبراشي في تصريحات صحافية إن توقف البرنامج «تمّ لأسباب سياسيّة لأن تلك الوزارات اعتبرت النقد إهانة لها، فاستخدمت نفوذها في قطع البث». من جانبها أصدرت «دريم» بياناً قالت فيه إن قطع البث تم بسبب عطل فني. لكن مصدراً في فريق عمل «العاشرة مساء»، فضّل عدم الكشف عن اسمه، أكّد لـ«السفير» أنّ القناة تلقّت رسائل حادة من وزارتي التعليم والصحة قبل عرض الحلقة، ترفضان فيها الحديث عن تجاوزات الوزارتين، وتهدّدان بالتصعيد، وإيصال الأمر «للجهات العليا في الدول». ويرى فريق عمل البرنامج أنّ مؤسسات الدولة في النظام الحالي تمارس استبداداً، وتضغط على القنوات الفضائية لعدم كشف أخطائها.
ويقول مراقبون إنّ الفضائيّات المصريّة، تتجنّب الدخول في أيّ صدام مع النظام الحالي، خصوصاً أنّ أغلبها مملوك من رجال أعمال، لديهم مصالح عدّة مع السلطة. وبالتالي، فإنّ تلك القنوات تتجنّب تقديم مادّة إعلاميّة معارضة للنظام بشكل حقيقي، أو تحمل أيّ نقد مباشر لأدائه.
مصطفى فتحي / السفير