بين ما يجب أن يكون عليه الإعلام وما هو في الواقع، هوة كبيرة، حاولت أن تردمها ندوة “الإعلام الجاد ومسؤوليته” في معرض الشارقة الدولي للكتاب في الإمارات العربية المتحدة. وضعت الندوة التي قدمتها سارة المرزوقي، الإصبع على الجرح، فـ”الإعلام أصبح سلعة مفضوحة” كما قال الصحافي عبده وازن في الندوة، مضيفاً: “اختفى حق المواطن في إعلام صحيح وسليم، خصوصاً بعدما تمركزت وسائل الإعلام أي أصبحت مركزية، وزادت الصحافة في صميم المجموعات الإعلامية التي تهيمن على الساحة، سيطر أهل السياسة والمال على الإعلام تحت قناع الحرية والديموقراطية والحداثة والثورة الصورية والمعلوماتية وسواها من عناوين ليست إلا مجرد شعارات كبيرة. وعرف هؤلاء كيف يهيمنون على وسائل الإعلام. وإذا الأخير بين أيديهم سلاح خطير نظراً إلى انتشاره وتعدده وقوته: نحن أمام ممالك إعلامية. لكنه طبعاً الإعلام الملوَّث والمسموم والمصاب بعدوى الشائعة والكذب والتشويه والاستغلال.
“وهم كبير إذاً هو الإعلام” وفق وازن الذي أضاف: “أن يصبح لدينا إعلام مثالي فهذا صعب جداً. الإعلام موجَّه سواء أكان رسمياً وتابعاً للدولة أو للنظام أم إذا كان تابعاً للسوق بمفهوم الشركات والمؤسسات التي تبتغي الربح”.
أما الإعلامي حمدي قنديل فقال: “فشلنا كإعلاميين في التوصل إلى صيغة نستطيع بها أن نقدم إعلاماً حراً ولكن مسؤولاً في الوقت ذاته. الإعلام في الوطن العربي إما مدجج وإما إعلام منفلت. وفي كلتا الحالتين الجمهور غاضب. العيب لم يعد في السلطة فقط، العيب فينا أيضاً، فقد اعتدنا لزمن طويل أن تصلنا التعليمات من السلطة ودائماً ننتظر الأوامر والنواهي حتى لو لم تكن هناك سلطة تريد إعطاء التعليمات. أساس المسؤولية هي الحرفية. أن نقوم بعملنا في شكل حرفي ومهني متميز لا بواجباتنا فقط. من هنا ضرورة التأهيل المستمر للإعلاميين”.
المراسل الإنكليزي المتخصص بالشؤون الأمنية في هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” الشرق الأوسط فرانك غاردنر عرض انتقاله من عمله في مصرف إلى مراسل في البحرين والسعودية ثم أبوظبي. وكان تعرض لاعتداء في إحدى ضواحي العاصمة السعودية الرياض أودى بحياة زميله المصور، وتسببت الـ11 طلقة التي أصيب بها بشلل في رجله ما أدى إلى فقدانه القدرة على المشي. وأوضح أن الحكومة في بريطانيا ليس لديها أي سيطرة على الإعلاميين، ولها مسؤولية خاصة أمام المشاهدين الذين يدفعون مالاً مقابل مشاهدتهم التلفزيون في منازلهم. ورأى أن الإعلام الجاد يقوم على نقل الحقيقة، والإعلامي الجاد لن يتوقف عن نقل هذه الحقيقة وتبيانها حتى لو كلفه ذلك الكثير من التضحيات.
وسألت إحدى الحاضرات عن الحياد، هل يكون موقفاً أم ضعفاً في الشخصية، فرد وازن: “أحياناً الحياد يمكن أن يكون موقفاً. فقد لا أكون مع أي من الأطراف السياسيين، ولكن هذا لا يعني أن لا دور لي سياسياً ونضالياً”.
وفي التواقيع، وقّعت الإعلامية الدكتورة نادين الأسعد الفغالي ديوانها الجديد “ظلّ القصيدة” في المعرض، في حضور الشاعر كريم العراقي، الفنان البحريني خالد الشيخ، ونخبة من الشخصيات. والكتاب صادر عن دار مدارك.
الشارقة / ماريا الهاشم
النهار