ما إن تلوح الالوان الذهبية التي تبشر بقدوم الخريف، ثم فصل الامطار والخيرات، حتى تزداد طبيعة عكار تألقاً وجمالاً كما هي دائماً على مرّ الفصول .كثيرة هي الاماكن التي توفر للزائر الذي يقصد المنطقة للمشي او التخييم او الاستجمام بيئة مثالية لهكذا نشاطات، ويعتبر حزام جرد عكار، من القبيات، مروراً بالقموعة وجرود فنيدق ومشمش والوديان الممتدة من وادي حقل الخربة ومشمش، حتى وادي جهنم فعيون السمك… محطات الجذب الرئيسة.
حيث غابات الارز والشوح الدهرية ودروب المشي التي أصبحت الوجهة الرئيسة على مرّ الفصول ولم تعد حكراً على ربيع أو صيف، فإن ناشطي المجتمع المدني رسموا العديد من الدروب الحديثة التي تشكل بالتوازي مع درب الجبل اللبناني خطوطاً ومسارات، اصبحت تسبر اعماق هذه الغابات، وصولاً الى مناطق كانت مخفية في السابق عن الكثير من الزوار، حتى من اهل المنطقة. لكن المفاجأة للزائرين هي الغابة الذهبية، غابة العذر التي تشكل على مساحة تقارب المليون متر مربع احدى أروع الايقونات في عكار السياحة، والتي للاسف، رغم ميزاتها لم تلقَ اهتماماً رسمياً من الجهات المعنية في الدولة، وبخاصة وزارة السياحة، شأنها بذلك شأن الكثير من المواقع الطبيعية والاثرية النادرة.
يقول الناشط البيئي خالد طالب ان غابة العذر التي تتحول خريفاً مساحة من الجمال والخيال بألوانها الذهبية المتالقة تحت اشعة الشمس وهي مبللة برذاذ المطر. يبلغ ارتفاع هذه الاشجار الباسقة الـ 30 متراً، وتشكل بكثافتها وسيقانها الباسقة والاوراق الذهبية لوحة مذهلة تعجز الكلمات عن وصفها. ويشير الى واحة الجمال هذه، “إذا اكملنا المسير في غابة العذر سنصل الى منطقة الوادي الاسود والنبي خالد التي تزينها شجرتا عذر هما الاضخم على الاطلاق، تتشاركان المكان مع احدى اشجار الارز التي يقدر عمرها بما يفوق الالفي عام”. أما قمم قلعة عروبا، وهي القمة الاعلى في عكار، فأصبحت محطة رائعة بعد شق الطريق الى سفحها المزين بغابة أرز “البويدرات” التي يمكن عبرها مراقبة الساحل العكاري، وسوريا، وصولاً الى ما بعد طرابلس.
وفي غابات مشمش، خليط الالوان الخريفة المتجانس بين اللون الاحمر لاشجار الغبيرة والاصفر العائد لاشجار العفص والاخضر للاشجار الدائمة الخضرة من أرز وشوح وسنديان، تشكل غابة “القطر” اروع مكان لمشاهدة اللوحات الخريفية والتمتع بها بالاضافة الى حقل القيس والحريق، وفق الناشط البيئي عبد القادر عبد المجيد. “تتخلل هذه الغابات العشرات من الدروب التي في الامكان المشي عليها بمساعدة مرشدين جبليين من البلدة مدربين لهكذا مهمات، وعمدوا الى رسم هذه الدروب في شكل يؤمن مستويات متعددة من الصعوبة والمدى والمسافة ولكل الاعمار ومستويات اللياقة البدنية”.
اما خالد حيدر، وهو من ضمن فريق الناشطين البيئين في جرد عكار، فيقول انه مع قدوم الامطار بدأت الينابيع تتفجر في شكل ملفت أسال معه الانهار التي جفت اواخر الربيع الماضي، لتظهر الشلالات المميزة التي تتركز في منطقة وادي مشمش ووادي حقل الخربة، وعلى طول مجرى وادي جهنم حتى عيون السمك، وهي تعتبر مقصداً ملائماً لعشاق المغامرة لاختلاف مستوياتها وروعة المشاهد والمناظر .
من جهته، قال رئيس مجلس البيئة في القبيات الدكتور انطوان ضاهر ان الزائر يدهش عند رؤيته غابة العذر وخصوصاً مهرجان ألوان الخريف الذي يشد ناظريه ويدعوه إلى الغوص في ثنايات الغابة الممتلئة نعمة وزهواً وألوان محبة وسلام. ويختم “من جرود القبيات إلى مرتفعات عكار العتيقة، إلى القموعة التي تحولت بركة ماء فسيحة، إلى غابة العذر، الرائعة في فنيدق، وإلى أقدام جبل عروبا، ما من شيء يدغدغ ناظريك سوى جمال بالألوان الطبيعية ينسيك زفت لبنان وتلوثه وباطونه ووحوله السياسية”.
الرئيسية | إعلام و ثقافة | غابة العذر الذهبية في فنيدق من أروع الأيقونات في عكار لكنها لم تلقَ اهتماماً رسمياً من الجهات المعنية!
الوسوم :غابة العذر الذهبية في فنيدق