تحقيق – ريما يوسف
وطنية – شابة يانعة في بداية مشوار حياتها، حلمت وتمنت ان يصبح حلمها حقيقة، وان تعود تشرق شمس جديدة في غد جميل، منذ بداية مشوارها الجامعي في الهندسة المعمارية، حلمت كريستل خليل لدى مرورها يوميا قرب مبنى “تلفزيون لبنان” في الحازمية، ان يعود الى امجاده التي خسرها بفعل السياسات المتضاربة والمتعاقبة عليه، لم تقف كثيرا على الأطلال، بعد ان سكنته خفافيش الليل، والأشباح عرفت طريقها اليه، بل بحثت عن صوت عصفور مغرد همس في مخيلتها انه في استطاعتها ان تبدأ مشوارها المهني في مشروع تخرجها من “الاكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة”، صورة واقعية لهذا الحلم وهو إعادة تأهيل وتوسيع “تلفزيون لبنان” عبر انشاء مدينة اعلامية وانتاجية ضخمة يتم استئجارها من قبل الشركات والمحطات التلفزيونية لبرامجها العالمية.
حاولت كريستل أن تجعل من حال الإنكسار التي يعيشها “تلفزيون لبنان” بداية حلم جديد، فوضعت أمام ناظريها هدفا حولته إلى خطة وخطوات عملية لتحقيقها، فصناع الحياة دائما ما يكون شعارهم حاول وافشل ثم حاول وانجح.
مشروع كريستيل
“الوكالة الوطنية للاعلام” اطلعت على مشروع تخرج كريستل خليل وقد شرحت فيه بإسهاب إعادة تأهيل وتوسيع “تلفزيون لبنان” في الحازمية وانشاء مدينة اعلامية وانتاجية، وأثنى وزير الاعلام رمزي جريج على المشروع، وقال انه “أحب طموح كريستيل”، ورأى ان “ما قامت به هو مساهمة سنهتم بها”، مقدرا”اندفاع الشباب ومن الممكن أن نطلع عليها”.
وقالت كريستيل: “تمنيت ان يعود تلفزيون لبنان الى زمانه الذهبي الجميل كما حدثني عنه اهلي، وخصوصا في زمن اللاموضوعية حيث تبث كل محطة ما يحلو لها من اخبار لانها مسيسة. هذا التلفزيون هو صوت الدولة وهو محطة كتبت تاريخ لبنان والشرق الاوسط، وقد وضعت هذا المشروع وانا بلهفة عارمة ان يصبح واقعيا وسأطرحه على المرجعيات والمسؤولين”.
اما عن اسباب اختيارها هذا المشروع، فقالت: “هذا المشروع سوف يشغل عمالا ومهندسين وتقنيين واعلاميين وغيرهم، وبالتالي يساهم في الحد من هجرة الشباب الى الدول العربية وغيرها، فمثلا نرى ان البرامج العالمية التي تنتجها الدول العربية تصور في استوديوهات لبنانية خاصة وضخمة، وبالتالي ماذا ستخسر الدولة لو انشأت هي هذه الاستديوهات وأجرتها الى هذه البرامج؟”.
ادارة حكيمة تنهض من الكبوة
وعن التكلفة المادية، اعتبرت انها “تصل الى حوالى 70 مليون دولار، وباستطاعة التلفزيون ان يرد ما صرفه مع أجور الموظفين في خلال فترة 8 سنوات، اي ان الادارة الحكيمة لهذا المشروع تستطيع ان تنهض التلفزيون من كبوته وان يعود فعالا ليس في المجتمع اللبناني فحسب بل عربيا ايضا”.
أما عن مساحة الارض، فأشارت الى ان “التلفزيون موجود في بقعة ارض صغيرة نسبيا الا ان الى جواره حوالى 17260 مترا مربعا غير مبني عليه، وهو قريب من الاتوستراد ومطل على مدينة بيروت”.
تقسيمات المدينة
وقسمت خليل هذه المدينة الى: “استوديو مغلق عدد 2، استديو زجاجي بانورامي، استديو للدوبلاج، وآخر للاخبار والبرامج الحوارية، ومكاتب للتقنيين، ومنظمين البرامج، وللترجمة، وللتمثيل، الاعلانات، الاضاءة، مهندسي الصوت، مركز للمصورين، وللتقنيين، اضافة الى مستودعات للديكور والمفروشات والاكسسوار والملابس واستوديوهات الانتاج المعروضة للايجار، وتضم: قاعة الدخول وصالتين للتصوير وخدمات الانتاج، كما تحتوي المدينة على مكاتب للادارة العامة وللمحاسبة والارشيف وكافيتريا”.
شغف لتحقيق الحلم
وختمت كريستل بعد ان تحدثت بشغف عن حلمها والتي حملته الى وزير الاعلام رمزي جريج والى رئيس مجلس ادارة “تلفزيون لبنان” طلال مقدسي أن “هذا المشروع سيبقي على المبنى القديم للتلفزيون داخل المبنى الجديد، للحفاظ على الذكريات الجميلة والحنين العذب، وهو بالتالي سيؤمن فرص عمل للشباب ويحد من الهجرة، ويؤمن اموالا لخزينة الدولة، ويحافظ على ارشيفه ومجده”، وقالت: “نحن الشباب نريد البقاء في لبنان لتقوية صورته الحضارية”.
وزير الاعلام
من جهته، اعتبر وزير الاعلام رمزي جريج، وبعد اطلاعه على مشروع المهندسة كريستل، ان هذا “المشروع قد استرعى اهتمامه وما هو الا بعض الافكار حول تطوير مبنى التلفزيون، فهو بحاجة ليس فقط الى تطوير مبناه وانشاء مدينة اعلامية، الذي هو منذ فترة كان مشروع بحث، والوزير الاسبق انور الخليل كان قد وضع المشروع وقد حدثني عنه واعتبرت انه وفي الظروف الطبيعية وعند انشاء هذه المدينة من شأنه ان يعود بفائدة كبيرة على البلد مثل المدينة الموجودة في دبي، وخصوصا ان لبنان متميز باعلامه، ومركز للاعلام الجديد ولوضع المستثمرين اموالهم فيه، انما هذا المشروع بحاجة اليوم الى دراسة واقرار من مجلس الوزراء وربما مجلس النواب”.
اضاف: “اما مشروع كريستل فهو مشروع لتطوير المبنى الموجود حاليا في الحازمية، فتلفزيون لبنان يملك ارضا في الحازمية مساحتها تقريبا 17 الف متر مربع واللافت في مشروع كريستل ان هناك محافظة على المبنى القديم وتطوير ما يمكن تطويره وامتداد هذا المبنى لمبان اخرى تتسع لمقتضيات اخرى عبر انشاء مدينة اعلامية”.
وتابع جريج: “اما من الناحية الهندسية فهو ممتاز وجيد جدا وقد شجعتها على متابعة عملها، ولكن اعتماد مثل هذه المدينة والمباني هو مشروع يقتضي موافقة مجلس الوزراء، واستدراج عروض للموافقة على العرض الافضل، وليس في وسعي الا تهنئة كريستل على ما قامت به واتمنى لها التوفيق في عملها”.
وعن وضع صرح اعلامي رسمي للمنفعة الخاصة، قال: يقتضي اولا تحديد الاهداف التي نحن بحاجة لها من التلفزيون، ومن ثم طرق تمويله من اجل تحقيقها، وبالطبع هذا الامر سيتولاه مجلس ادارة التلفزيون وانا بصدد اقتراح تعيين مجلس ادارة جديد، يتولى مسؤولية النهوض به وفقا لاستراتيجية تحددها الحكومة”، وتتمحور اهدافه حول اعداد برامج تثقيفية وترفيهية للشباب وللاطفال واعتماد اللغة الاجنبية للنشرات الاخبارية كالسابق، واعداد برامج تتناول اخبار المناطق كما في فرنسا. كذلك تعليم اللغات الاجنبية واقامة ندوات ادبية حول بعض الكتب والتعاون مع تلفزيونات اجنبية لبث بعض البرامج وتشجيع الانتاج اللبناني، وكل هذه الاهداف تتطلب تمويلا، وفي الوقت الحاضر التلفزيون يعيش على دعم الحكومة بصفتها المساهم الوحيد وهذا التمويل يذهب نصفه لدفع الرواتب وغيرها، وفي الحقيقة كلفة النهوض بالتلفزيون تتجاوز الدعم الحكومي ويجب ايجاد مصادر تمويل اخرى”.
“…..ولكي يبقى تلفزيون لبنان “ابا عن جد”، فلنجعله “فاعلا عن جد”.