افتتح راعي أبرشية بعلبك- دير الأحمر المارونية المطران سمعان عطالله مغارة الميلاد في كنسية سيدة المعونات في بعلبك، التي صممها الأب الياس مارون غاريوس، في حضور ممثل النائب إميل رحمة جورج معلوف، المفتي الشيخ بكر الرفاعي، الأباتي حنا رحمة، المحامي أنطوان ألوف ممثلا “التيار الوطني الحر” وجمع من المؤمنين.
وألقى الأب غاريوس كلمة قال فيها: “كنيستنا بدأت بمغارة، وانطلقت لتكون إشعاع نور ومحبة وسلام وعطاء ومجد وشهادة في العالم”.
عطالله
بدوره، قال المطران عطالله في كلمته: “ليست المرة الأولى التي يفاجئنا فيها الأب مارون بمفاجآت حلوة، وليست المرة الأولى التي يردنا فيها إلى جذورنا، لقد زرت مغارة بيت لحم حيث ولد السيد المسيح في فلسطين، والرهبان على مدى الأجيال كانوا يسكنون في مغاور، لا سيما في شرقنا هذا، ولذا لأكثر من سبب يسمون مسكن الراهب مغارة الراهب، ودير مار مارون على العاصي خير دليل”.
أضاف: “قدم لنا الأب الياس مارون مغارة منفتحة على المستقبل، وإذا لم نرجع إلى روحانية المغارة، لن نعرف السلام في هذا الشرق الممزق المعذب، الذي يفلح فيه القهر فلاحة، والعنف فيه تخطى حدية أي عنف مر في التاريخ، ونحن لدينا هنا مشاكل كثيرة، مشاكل لا تدل على الحياة. وأكبر دليل إذا طرحنا سؤالا على عامة الناس هل يشاهدون زوارا وحجاجا في هذه المنطقة؟”.
وتابع: “ننادي بالعيش الواحد، لأنه سلاحنا الوحيد ضد العنف، العيش الواحد يعني أن أفتح بابي لقريبي أيا كان قريبي، وأطلب منه أن يفتح لي بابه وباب قلبه حتى أدخل إلى قلبه، فلا تبقى الأبواب والقلوب مغلقة، ولا نبقى نعيش في غيتو مثل بعض الديانات التي تعرفونها”.
وأردف “نحن في عيد الميلاد، نقول إننا نريد أن نهدم كل الحواجز، وأن نفتح قلوبنا لبعضنا بعضا، لأن ذلك ليس لمصلحتنا فقط، إنما لمصلحة الآخر أيضا. نعرف أن فتح القلوب مكلف، فيه تجرد عن الذات، وفيه تواضع وليس إنكسارا، والمغارة تعلمنا هذا التجرد عن الذات، والشعور أننا نحن رسل سلام، سلاحنا الصليب، منازلنا مغاور مضيافة، وأمكنة للصلاة والتأمل، هذه رسالتنا”.
وقال: “نحن نشكر الله أن الكثيرين من شعبنا ومن أبناء الطوائف الأخرى أخوتنا وجيراننا يقاسموننا هذا التفكير وهذه الروحانية، لذلك لا نيأس. عندنا رجاء كبير بأن هذا الخير سوف ينتصر في النهاية. والشبيبة التي تنتمي إلى صروح تربوية وإلى كنائس ومغاور وجوامع يصلون ويكدسون أعمالهم الصالحة، لا يكدسون فيها السلاح، يملأونها بدموع التوبة وحب الغفران والمصالحة، هذه الشبيبة المصلية تعطينا الرجاء الوطيد بأننا سائرون نحو مستقبل سوي، كله سلام وأخوة”.
وأوضح “نحن لسنا أعداء لأحد، ولا يمكن أن يكون هناك عاقل يقول أنا عدو للآخر، ظروفنا هنا في البقاع الشمالي في هذه الأيام ليست مريحة، لا داخليا ولا من الخارج، فما هو موقفنا؟ نحن نرحب بالجميع من الداخل أو من الخارج، لكننا نرحب بهم أخوة يريدون السلام والأمان، ويعطون الأمان للآخر، من يبحث عن حق نبحث معه عنه، ومن يريد أن يطبق الحق نطبقه معه. فالسيد المسيح علمنا العدالة، علمنا أن نبني الوحدة بالمحبة”.
ورأى أن “الله يريد وحدة الجنس البشري، لا وحدة المسيحيين وحدهم، ولا وحدة المسلمين وحدهم. يريد جميع الناس أخوة، والذي يبشر بهذه القيم والمبادئ لا يمكن إلا أن يمد يد المصافحة والأخوة لأخيه الإنسان، ولندع الذين لا يريدون لنا الخير والسياسات الملتوية المتآمرة على هذه الأخوة وعلى صيغة العيش معا. فلندع هؤلاء ونوصد أبوابنا أمامهم، ننكفئ في مغاورنا أمام هؤلاء، حتى لو كان انكفاؤنا مصيره الموت كما حصل في تاريخنا. اذهبوا إلى مغاور وادي قاديشا، هناك مغاور اجتمع فيها المسيحيون ليصلوا معا، ويموتوا معا عن الآخرين المضطهدين حبا بهم، والمحبة أقوى من الموت”.
وختم “فلنفرح ونهلل في هذه الأيام بالذات، ولنكثر من المحبة لبعضنا بعضا، ولنعبر عن المحبة لبعضنا بعضا، طالبين من طفل المغارة أن يعيد إلينا البراءة، فنكون دائما رسل هذه القيم التي تؤمن السعادة لجميع الناس، المسيح حياة وطريق فلنتبع هذا الطريق، لتكون لنا الحياة…ميلاد مجيد، ولد المسيح، هللويا”.
وطنية