منذ أن باتت دور المعلمين والمعلمات في لبنان من دون أية مهمات أساسية، وفقاً للقانون 344 الذي صدر العام 2001، لم يعد نقل المعلمين من المدارس اليها مشروعاً، باعتبار أن الدور لم يعد لديها وظيفة إعداد المعلمين للتعليم الرسمي الأساسي الرسمي، باستثناء تخصيص عدد منها في عام 2005، لتطبيق مشروع التدريب المستمر، والتي لم تؤد أيضاً وظيفتها تماماً بفعل ضعف الإمكانات المادية وغياب الرقابة، وعدم تفعيل دور المركز التربوي للبحوث والإنماء. لكن لماذا يستمر نقل المعلمين إلى دور المعلمين بصفة أساتذة، وإلى مواقع لا عمل فيها، أو ما يسمى ببطالة المعلمين!
توقفت دور المعلمين والمعلمات في المحافظات اللبنانية عن العمل على إعداد المعلمين التزاماً بأحكام القانون 344/2001 الصادر عن مجلس النواب، حيث أكدت هذه الأحكام ضرورة الإعداد الجامعي للمعلمين المتدربين، أسوة ببقية الدول العربية والأجنبية التي تؤكد على التخصص الجامعي لجميع المعلمين والمدرسين، وشرطه الأساس للدخول إلى كليات التربية حيازة الطالب المتدرب شهادة الثانوية العامة وتمضية ثلاث سنوات من الإعداد الجامعي. لكن رغم ذلك استمرت وزارة التربية والتعليم العالي في إجراء مناقلات لمعلمين إلى هذه الدور، من دون الاخذ في الاعتبار أنهم بلا عمل فعلي، لا في التعليم ولا في الإعداد. وقد تبين وفق الأوساط الإدارية في وزارة التربية أن عشرات المناقلات تمت إلى دور المعلمين خلال السنتين الماضيتين، كان آخرها قراراً وقعه وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب، مرفوعاً إليه، وحمل الرقم 1192/م/2014، وقضى بنقل أربعة معلمين، بالرغم من حاجة مدارسهم اليهم، وهم: كمال نمر نمر من مدرسة شهداء عيناتا الرسمية إلى دار معلمي بنت جبيل، وغادة ألفرد سلوم من مدرسة بلاط المتوسطة إلى دار مرجعيون، وهند ابرهيم الموسى من مدرسة مشتى حمود المختلطة الرسمية إلى دار القبيات، وتوني ابرهيم الحداد من مدرسة مشخة الرسمية المختلطة إلى دار معلمي حلبا.
ومن شأن خطوة النقل هذه، وغيرها سابقاً، إفراغ المدارس من معلمين هي في أمسّ الحاجة إلى اختصاصاتهم من جهة، ثم زيادة منسوب “البطالة” بين المعلمين المفروزين إلى الدور من جهة ثانية، ليضافوا إلى معلمين آخرين لا يعملون، فيما المدارس تفرغ من أساتذة الملاك لمصلحة متعاقدين، علماً أن المدربين في الدور يحملون اختصاصاً في التدريب وليسوا مجرد معلمين لمواد دراسية.
واللافت أن قرار إجراء المناقلات إلى دور المعلمين، يأتي بعد سنوات طويلة من مطالبة التفتيش التربوي وإلحاحه، بموجب تقارير صادرة عنه، على توزيع المدرسين والأساتذة الملحقين بالدور على المدارس والثانويات المحتاجة إلى خدماتهم واختصاصاتهم، وتكليف من يحمل منهم شهادة اختصاص في التربية مهمات أعمال النظارة والتوجيه التربوي. كذلك اقترح التفتيش توزيع الموظفين الإداريين التابعين لملاك المركز التربوي نفسه على الدور الملحوظة للتدريب المستمر، وعددها 6 مراكز موزعة على المحافظات اللبنانية كافة، والتي خصصت لتطبيق مشروع التدريب المستمر الذي بدأ العمل به خلال شهر شباط ٢٠٠٥ من أصل 34 دار معلمين ومعلمات في لبنان.
والجدير ذكره أن التفتيش التربوي يتحدث في اقتراحه عن 300 موظف، علماً أن مهمة الدور الأصلية كانت إعداد معلمي ومعلمات مرحلتي الروضة والتعليم الأساسي، وهي ساهمت سابقاً منذ إنشائها في تخريج آلاف المعلمين. وقد تخرَّج في هذه الدور، منذ تاريخ إنشاء المركز التربوي للبحوث والإنماء وحتى العام ٢٠٠٢، 12121 معلماً ابتدائياً ومتوسطاً في الاختصاص العام واللغتين الفرنسية والإنكليزية والروضة والفنون والرياضة والعلوم والرياضيات، وفق إحصاءات المركز التربوي، أي ما يوازي تقريباً عدد المعلمين المتعاقدين في المدارس الابتدائية والمتوسطة اليوم. لكن اقتصر دور الدور حالياً عبر المراكز الستة المتبقية على أعمال التدريب لمختلف المراحل والمواد الدراسية من دون الإعداد. ومن شأن نقل مدرسين إضافيين إلى الدور توسيع نطاق البطالة بين معلمي القطاع الرسمي وتعريضه إلى مزيد من التردي، وبالتالي العودة إلى التعاقد العشوائي، ما يؤدي إلى تهميش المدرسة الرسمية وإضعافها وإرغام المزيد من الأهل على توجيه أولادهم التلامذة نحو التحاقهم في مدارس القطاع الخاص.
ابرهيم حيدر / النهار