قد يكون «غوغل» المنجد الأوفى في كلّ الاستفسارات، لا سيّما اللغويّة… ولكن، ليس باللغة العربيّة. إن كان لديك استفسار لغويّ أو تحريريّ بلغتك الأمّ، فإنّ محرّك البحث لن يقدّم لك على الأرجح إلَّا بعض النتائج غير الوافية. والسبب أنّ المحتوى العربيّ على الشبكة، لا يتجاوز 3٫5 بالمئة من مجمل المحتوى على الانترنت، وذلك قلّما يشبع مواضيع البحث المطلوبة. لكن بالرغم من النسبة الضئيلة، نجد مواقع إلكترونيّة عربيّة هادفة معدودة، ومدوّنات مهتمّة بالمواد اللغويّة أو الصحافيّة. في هذا الإطار، تبرز «أكاديميّة بي بي سي»، كمرجع مفتوح لصحافيّي «بي بي سي» ومصدر إلكترونيّ لجميع من يقصدها في شتّى أنحاء العالم.
انطلقت «بي بي سي أكاديمي» في العام 2006، وأوّل قسم فيها كان معهد الصحافة باللغة الإنكليزيّة. والهدف الرئيسي من إنشاء ذلك المعهد، كان تدريب صحافيّي «بي بي سي» على المبادئ التحريريّة وتطوير قدراتهم الصحافيّة. الأكاديميّة متوفّرة بلغات عدّة منها ـــ بالإضافة إلى العربيّة والإنكليزيّة ــ التركيّة والفرنسيّة والأوردو والباشتو والصينيّة التقليديّة والمبسّطة والفارسيّة والروسيّة.
تقول مسؤولة الأكاديميّة العربيّة في «بي بي سي» جيهان ياسين لـ«السفير»: «المشكلة التي كانت تواجه صحافيّي «بي بي سي» في الأقسام غير الانكليزيّة هي اللغة أوّلًا، وثانيًا وجوب مراعاة اختلاف الثقافات في التقديم التلفزيونيّ. من الصعب تدريب صحافيّ عربيّ أو فارسيّ أو روسيّ على كيفيّة صياغة الخبر باللغة الإنكليزيّة ليطبّقه بعد ذلك في قسمه، كالعربي مثلًا، ومن هنا انطلقت فكرة توسيع الأكاديميّة العام 2008 بخمس لغات منها العربيّة، لتدريب وتطوير صحافيي «بي بي سي» بلغتهم».
يقدّم الإصدار العربيّ من «أكاديميّة بي بي سي» المتوفّر مجّانًا على الموقع الإلكترونيّ لـ»هيئة الإذاعة البريطانيّة» أقسامًا مختلفة منها المهارات الصحافيّة الأساسيّة، مثل كيفيّة كتابة الأخبار بالأسلوب المعتمد في «بي بي سي»، ونصائح لغويّة ونحويّة وتقنيّة وفنّيّة في المنصّات المكتوبة والإذاعيّة والتلفزيونيّة، إضافة إلى المبادئ الأخلاقيّة والضوابط القانونيّة، وروابط تساعد الصحافيّين على صقل لغتهم الإنكليزيّة أيضًا. وإضافةً إلى المقالات التوضيحيّة، تشتمل الصفحات على فيديوهات ومقابلات وتسجيلات صوتيّة داعمة من القيّمين على المؤسّسة. أمّا عن اختيار المواضيع المتناولة، فتتحدّد بعد اجتماع شهريّ برئاسة المسؤولة عن الأكاديميّة نجيبة كسرائي مع المسؤولين عن كلّ قسم، وتُطرح العناوين التي يحتاجها صحافيّو «بي بي سي» للتدريب، وتبنى على أساسها المواد التدريبيّة بالتعاون مع محرّري «بي بي سي» وأقسام أخرى، مثل قسم حجوزات الأقمار الصناعية الذي أنتج أربع قصص عن معايير «بي بي سي» الفنيّة، حسبما أشارت ياسين لـ «السفير»، آخرها عن التغطيات الساخنة مع مراسل القناة في غزة.
يبلغ معدّل زيارة الأكاديميّة بفروعها اللغويّة مجتمعة أربعين ألف زيارة في الأسبوع، ويزور القسم العربي مستخدمين من مختلف أنحاء العالم، غالبيّتهم من مصر والخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط. كما أنّ مشاركات الجمهور تصل عن طريق مواقع التواصل الاجتماعيّ، حيث يتمّ إرسال مقترحات الصحافيّين وطلباتهم من خلال مواقع التواصل الاجتماعيّ لـ «بي بي سي عربي».
وتشير ياسين إلى أنّ الأكاديميّة ما زالت قيد التطوير، وقد أصبحت منصّة تفاعليّة بعد إطلاق تصميم جديد للموقع في شهر نيسان/أبريل العام الماضي ليتناسب مع الأجهزة اللوحيّة والهواتف المحمولة، «كي يسهل الوصول إليه بفاعليّة أكبر، وهو ما انعكس زيادةً في عدد زوّار الأكاديميّة بنسبة 50 في المئة عن العام الماضي».
تسهم الأكاديميّة في ترسيخ وجود «بي بي سي» كمدرسة للصحافة تماشي متطلّبات المهنة في العصر الرقميّ. وبفضلها، أصبح الإنترنت يعرف المزيد باللغة العربيّة.
«أكاديميّة بي بي سي»: دليل الصحافة بالعربيّة
رنا داود / الس