لم يتخصّصوا في السينما ومع ذلك يروق لهم القاء نظرة الى “رواق” الفن السابع من خلال الصف الذي يُقدّمه المخرج الطرابلسي الشاب، غسان الخوجة، “كتابة السيناريو والاخراج السينمائي” في شقّيه الروائي والتسجيلي.
شيء ما في قدرة الكاميرا على “زخرفة” الواقع يجعل طلاب تخصّص الـMass Communication في جامعة البلمند القائمة في الكورة شمالاً، يتهافتون للمُشاركة في مهرجان جامعة البلمند للأفلام القصيرة (Balamand Short Film Festival).
كونهم هواة يعشقون السينما، عُنصر لا يُخيفهم. وغالباً ما يختارون مواضيع قريبة من روحهم الثائرة فيُعالجونها على طريقتهم، بعد كتابة سيناريو يليق بصباهم وأحلامهم التي لم تتحقّق بعد.
هؤلاء الطلاب الذين يدرسون الاعلام، يجدون متعة بالغة في الاعلان، عبر أفلامهم القصيرة، عن عصيانهم وتمرّدهم، وعدم رضوخهم للسلبيّة. وفي المهرجان – الحدث الذي أقيم أخيراً في حرم الجامعة تميّزت أعمال 4 طلاب، كانت لنا وقفة سريعة معهم: طوني سكاف، شارين شديد، نادين عرجي، وسعاد لاذقاني.
وقد حازت الشابة نادين عرجي على جائزة لجنة التحكيم عن فيلمها “مخطوف صوتٌ”، وعن تجربتها تقول، “انطوت كل المراحل التي اختبرتها في الطريق الى انجاز الفيلم على حماسة شديدة. حاولت أن أمتصّ كل ما كان يحدث معي من تجارب وعناصر يوميّة محوريّة وتفاصيل صغيرة، كي أنمو كمُخرجة. مع الاشارة الى ان ارشادات المخرج المسؤول عنا غسان الخوجة جعلتنا على يقين من أنه آمن بنا جميعاً”.
تضيف: “ولأن الفرصة سنحت لي لأكتب السيناريو وأتولّى الاخراج في الوقت عينه، عملت المستحيل كي أنجز فيلمي القصير بأسلوب يمسّ الأحاسيس ويجعل المشاهد يُفكّر في ما شاهده حتى بعد مُغادرته الصالة”.
وعن اختيارها مُعالجة آلام عائلات السُجناء في المُعتقلات السوريّة، تقول: “أردت أن أكتب سيناريو يُلهم الآخرين ويُحرّك أحاسيسهم، ويفتنهم، على أن يكون في الوقت عينه أكثر من حقيقي في اطلالته الأخيرة. وكوني فزت بجائزة لجنة التحكيم، أشعر وكأنني حقّقتُ ما كنتُ أطمح اليه. الأكيد ان “مخطوف صوت” بداية رائعة بالنسبة الي بيد ان الكثير من العمل في انتظاري”.
أمّا طوني سكاف وشارين شديد فوقّعا الوثائقي القصير، “مثلي مثلك”. وعن هذه التجربة تقول شارين: “خلال تجربة اخراج هذا الوثائقي القصير ومنتجته، تعلّمت بعض التقنيات الأساسية مع زميلي طوني سكاف، وهذا بفضل المخرج غسان الخوجة الذي علّمنا ونقل الينا أهميّة التحلّي بالصبر. وأهم ما تعلّمته خلال التجربة التي استمرّت أياماً قليلة، ان تصوير أي فيلم يتطلّب الكثير من الوقت والدقّة والتركيز”.
بدوره، يؤكّد طوني سكاف، “ان هذه تجربتي الأولى في تصوير الأفلام. وقد انتقلنا الى مرحلة التنفيذ بعد 4 صفوف مُتتالية مع المخرج غسان الخوجة، الذي زوّدنا التقنيات المحوريّة لنتمكّن من الانطلاق في تجربتنا على الأرض. قررت عندئذٍ أن أعمل على موضوع اجتماعي، ومن هنا اختيار موضوع الأولاد ذوي الحاجات الخاصة”.
يضيف: “مرحلة التصوير كانت رائعة، وأمضيت مع فريق العمل يوماً جميلاً، لا سيما مع الطفلة أليز التي وافقت على مُشاطرتنا قصتها المميزة. ولكن مرحلة المونتاج كانت الأكثر صعوبة باعتبار انني وشارين كنا نعيش التجربة هذه للمرة الاولى”.
وقال: “كم أرغب في أن أكرّر التجربة فأزرع الابتسامة على وجوه أولاد آخرين. أود أن أشكر عائلة أليز وكل فرد فيها لموافقتهم على تصويرنا هذا الوثائقي انطلاقاً من قصة أليز”.
كما فازت الشابة سعاد لاذقاني بجائزة الجمهور عن فيلمها، “أصوات طرابلس”. وعنه تروي لـ”النهار” قائلة “عادةً أنا خجولة لأدخل مُسابقة في تصوير الأفلام، ولكنني كنتُ مزوّدة بالحماسة الضروريّة والكافية لأنجز الوثائقي هذا. وأعترف ان الصفوف التي أخذتها مع غسان الخوجة كانت الأكثر افادة لي. وفي حين كان من المُفترض أن أعمل مع طالب آخر نتشاطر معاً المسؤوليات، وجدتُ نفسي أعمل بمفردي على مشروع كان أكبر مما خيّل الي انني قادرة على انجازه. ولكنني وبفعل الشغف الذي أكنّه لمدينتي طرابلس، كان لا بد من تسليط الضوء على الأصوات الحقيقية في المدينة التي تعيش سوء التفاهم المزمن مع الاعلام”.
لتُنهي، “ان شمال لبنان غالباً ما يغيب عن البال أو غالباً ما تُظلّله النشاطات في بيروت والمدن المجاورة لها. وأنا أؤمن بأن كل المدن والقرى يجب أن تقف معاً لتدعم بعضها البعض. فهذه الطريقة الوحيدة والفضلى لايجاد بلد يصعب على الآخرين تدميره”.
هنادي الديري / النهار