بدأت القنوات التلفزيونية اللبنانية في رحلة البحث عن تخفيف أعبائها المالية، نظراً إلى إنعكاس الأوضاع الإقتصادية الصعبة عليها، لكن على ما يبدو سيكون هذا الموضوع بالدرجة الأولى من جيب المواطن، حيث البداية ستكون من خلال فرض بدل مالي مقابل المشاهدة يصل إلى نحو دولار واحد مقابل كل قناة، أي 8 دولارات مقابل القنوات الثمانية.
وفي التفاصيل التي حصلت عليها “النشرة” من مصادر مطلعة، تم الإتفاق بين المسؤولين عن هذه القنوات على هذه الخطوة، وسيبدأ العمل عليها قريباً، بالرغم من أن بعضهم حاول التأكيد بأن الأمر لا يزال في بداياته ويحتاج إلى المزيد من النقاش، إلا أن الواضح أن خلفيات هذا القرار مادية بالدرجة الأولى.
وفي هذا السياق، يوضح مدير عام قناة “المنار” ابراهيم فرحات، في حديث لـ”النشرة”، أن هذا الطرح يحتاج إلى إرادة قوية وتكاتف وطني، ويلفت إلى أن الخلفيات الأساسية تنطلق من إنعكاس الوضع الإقتصادي على المؤسسات الإعلامية، والبحث في سبل ترتيب أوضاعها لا سيما أن عليها مستحقات مالية.
ويطرح فرحات مشكلة أساسية من الممكن البحث فيها أيضاً، تتعلق بالرسوم التي تدفعها المؤسسات المحلية إلى وزارة الإتصالات من دون أن تحصل على أي شيء في المقابل، في حين أن القنوات الأجنبية لا تدفع مثل هذه الرسوم، ويرى أن الدولة اللبنانية قادرة على المساعدة في هذا المجال، ويضيف: “نحن لا نطلب مساعدات مالية لكن من الناحية التشريعية والتنظيمية الدولة قادرة على المساعدة”.
بدوره، يؤكد رئيس مجلس إدارة “المؤسسة اللبنانية للإرسال” بيار الضاهر، الذي تصفه المصادر بـ”الأب الروحي” لهذا المشروع، أن الموضوع لا يزال يحتاج إلى موافقة التلفزيونات وبعد ذلك الذهاب إلى الحوار مع الدولة وأصحاب الكابلات.
ويلفت الضاهر، في حديث لـ”النشرة”، إلى أن هذه الخطوة هي واحدة من 9 خطوات لا يمكن الكشف عن تفاصيلها كلها في الوقت الحالي، والهدف منها هو خفض مصاريف المؤسسات مما يساعدها على تحسين أوضاعها المالية.
ويكشف أن من خلفيات القرار المهمة هو أن القنوات المحلية وجدت أن كل القنوات الأجنبية تتقاضى الأموال من أصحاب الكابلات، باستثناء التلفزيونات المحلية، بالإضافة إلى أن الدولة طلبت وقف الـ”analog”، ولم تؤمن البديل الذي هو الديجيتال الأرضي.
من جانبه، يشير رئيس مجلس ادارة قناة “إن بي إن” قاسم سويد، في حديث لـ”النشرة”، إلى أن هذه المشكلة كان من الممكن أن تحل فيما لو أنجزت الدولة اللبنانية مشروع “الفايبر أوبتيك”، إلا أنه يوضح أن التأخير الذي حصل دفع إلى البحث عن حل آخر.
ويشدد سويد على أن ما تطالب به القنوات اللبنانية حق لها، خصوصاً أن هناك ما يقارب السبع شركات كايبل التي توزعها من دون مقابل، في حين هي تتقاضى الأموال من المواطنين، ويشير إلى أن القنوات ستطلب من هذه الشركات عدم توزيعها إلا بعد الحصول على مقابل مالي، ويؤكد معلومات “النشرة” عن أن المطروح هو دولار واحد مقابل كل قناة.
أما في ما يتعلق بالجهة التي ستتحمل هذا العبء الجديد، يفضل سويد عدم الدخول في هذا الأمر، سواء كان المواطن هو من سيتحمل أم أن أصحاب الشركات سيدفعون هذا الاشتراك من أرباحهم الطائلة، ويوضح أن القنوات تحاول ترتيب أوضاعها وتبحث عن إستراتجية لذلك.
على صعيد متصل، تؤكد مصادر “النشرة”، أن هذه الخطوة لن تكون يتيمة، حيث بدأت هذه القنوات في البحث في مسائل أخرى لمساعدة نفسها، بعيداً عن الخلافات في ما بينها، ومنها تشكيل غرفة عمليات مشتركة، بحيث لا تضطر إلى إرسال كل قناة سيارة نقل مباشر إلى كل حدث بل يتم الإكتفاء بارسال واحدة تتولى التوزيع للجميع، بالإضافة إلى موضوع إنشاء شركة إعلانات لمنع المضاربة التي تقوم بها الشركات الخاصة.
في المحصلة، هي قضية ستطرح نفسها بقوة في الأيام المقبلة، بالرغم من وجود مخاطر قد تنعكس على المشاهد أولاً، منها أن الشركات لن تقبل أن تتحمل هذه الأعباء من أرباحها، ما يعني أنها سترفع ثمن الإشتراكات التي تحصل عليها، بالإضافة إلى أن الكثيرين قد يفضلون مشاهدة بعض القنوات دون غيرها في حال كانت لديهم الحرية في ذلك.