منذ عشر سنوات، وفي مثل هذا اليوم، كان قد مضى على وجودي في القسم العربي من «بي. بي. سي» أشهر قليلة. وفي غرفة مجاورة لغرفة الأخبار، كان هناك فريق يصل ليله بنهاره لإطلاق برنامج جديد على الإذاعة العربية الأقدم بين إذاعات الخدمة العالمية غير الناطقة بالإنكليزية من «بي. بي. سي». الفريق كان مكوّناً من مجموعة من الصحافيين والمذيعين المبدعين، كنت أعرف وأتابع عدداً منهم حتى قبل انضمامي إلى «بي. بي. سي».
أسماء كثيرة منها: سمير فرح، وهالة صلاح الدين، والراحلة رولا الأيوبي، ووفاء زيان، ووفاء غالي، وسامح موسى، ورشا كشان، وانضمّ إليهم فيما بعد ليليان داوود ولؤي اسماعيل. والنتيجة كانت إطلاق أوّل برنامج إذاعي بصيغة مختلفة ونمط وإيقاع مختلفين عما تبثه «بي. بي. سي. عربي» ويتناول قضايا اجتماعية وثقافية بمعالجة عصرية تخاطب فئات جديدة من جمهور «بي. بي. سي» العريض. فكان «بي. بي. سي. إكسترا». عشر سنوات مرّت وكبر البرنامج الذي أصبح من بين الأنجح، ليس فقط في «بي. بي. سي»، بل على صعيد ما يبثّ باللغة العربية حول العالم. واليوم، وبعد عشر سنوات، ينبعث هذا البرنامج مجدداً، ولكن هذه المرّة بنسخته التلفزيونية. أشهر مضت على التحضير وتنفيذ نماذج تجريبية من أجل الوصول إلى صيغة نهائية للبرنامج ترتقي إلى مستوى طموحات فريق العمل، من حيث المحافظة على روح إكسترا ورؤيته التلفزيونية.
قبل ساعات من الإطلاق كنت أتحدّث مع زميلتين انضمتا حديثاً إلى فريق «بي. بي. سي. إكسترا»، ياسمين أبو خضرة وبسمة كراشة. ولاحظت كم أن ثقافة عمل اكسترا تنتقّل بسهولة إلى أحدث صحافييه والمنضمين إليه في إصرارهم على الاستمرار بنقل هموم الناس دون تجاهل الجانب الايجابي في المجتمعات العربية.
هذه الدردشة التي سبقت أحد اجتماعاتنا التحريرية، عكست الكثير مما نريده من البرنامج التلفزيوني، من حيث مخاطبة جيل شاب مبدع ومتطلّب في آن، إضافة إلى التواصل والاستماع إلى متابعينا إذاعياً وتلفزيونياً أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
«بي. بي. سي. إكسترا» لن يتحدّث عن الأخبار اليومية، ولكنه لن يتجاهلها أيضاً، فالحديث سيكون عن تأثير هذه الأخبار على الجوانب الاجتماعية والثقافية. وتغطيتنا ستكون شاملة ولكن بأسلوب وإيقاع مختلفين عن البرامج الإخبارية الأخرى، إضافة إلى متابعة دقيقة وفي العمق للأمور والمواضيع الفنية والتراثية. وهنا، هدفنا ليس تغطية الأحداث الفنية والمعارض والفعاليات بقدر ما هو محاولة لشرح المعاني والتأثيرات. فوراء كل لوحة أو مسرحية أو أيّ عمل فنيّ قصة ترتبط بالمجتمع التي نشأت فيه.
وكما في الإذاعة كذلك في التلفزيون، «بي. بي. سي. إكسترا» سيسعى لإضاءة جوانب غير معلومة تماماً في حياتنا ومجتمعاتنا، وسيتناول قصص الناس وحكايات نجاحهم وقضايا اجتماعية تهمّهم، ومواضيع ثقافية افتقدنا لها في كثير من البرامج على كثير من الشاشات العربية المتنافسة. ولكن أكثر ما سيميّز البرنامج في الإذاعة والتلفزيون هو فريق عمله المتجانس الذي يعشق ما يقدمه ويعمل بمهنية فائقة ليست بغريبة عن «بي. بي. سي».
البرنامج التلفزيوني أسبوعياً بدأ من السبت في الرابع عشر من آذار (مارس) ويقدّمه كل من: منى با، وهند أكرم، ولؤي اسماعيل، وطوني طوق. في الأشهر الأخيرة هذه تذكّرت أولئك الذين كانوا يعملون دون كلل في تلك الغرفة الملاصقة لغرفة الأخبار في بوش هاوس (مبنى يقع في مدينة لندن)، والذين أطلقوا قبل عشر سنوات برنامجاً أحبّه المستمعون. وأتطلع نحو عشر سنوات قادمة متيقّناً أن حبّ متابعينا لـ «بي. بي. سي. إكسترا» التلفزيوني سيبقى معتمداً على عشق بدأ مع الأذن ويستمر مع العين.
*رئيس تحرير النسخة التلفزيونية من «بي. بي. سي. إكسترا»
وسام الصايغ/ الأخبار