الفصح كلمة عبرية تعني العبور. فصح اليهود هو عبورهم من مصر، أرض العبودية، إلى أرض الميعاد. الفصح المسيحي عبور الناس من الخطيئة إلى البر وذلك بموت المسيح وقيامته أي بإيمانك بهذا الموت وفاعليته. وفي حياتنا الطقوسية لا نفرق بين الجمعة العظيمة وأحد الفصح. هذه ثلاثية متكاملة. ثنائية موت المسيح وقيامته تتجاوزها في العبادات لأنك لا تذكر هذا الموت وتبقى عنده. تقفز دائما من صلب المخلص إلى انبعاثه. لافتون المسيحيون الشرقيون الذين إذا ذكروا في الصلاة موت المعلم يتكلمون فورا عن القيامة. اسمع الحان القيامة وكلامها في صلاة الجناز.
يقول بعض إن الكنيسة الغربية تركز على آلام السيد والكنيسة الشرقية على القيامة. هذا غير صحيح. في الكنيستين توازن كامل بين الحدثين لسبب بسيط ان القيامة هي في الآلام أيضًا. لذلك يجمع المؤمنون المتتبعون نصوص الآلام والقيامة على ان ليس من فارق بين الكنيسة الشرقية والكنيسة الغربية في هذا وان كان المسيحي في الغرب يهتم لآلام السيد أكثر في الممارسة الشعبية.
الفصح في الممارسات الطقوسية عندنا هو من الجمعة العظيمة حتى الأحد وإذا كان الفصح في اللغة العبرية يعني العبور فهذا كله عبور السيد من الموت إلى الحياة. يلفتني في الكنيسة الأرثوذكسية انك، مؤمنا ممارسا، من الفصح وبعده خمسين يوما تسلم على رفيقك بقولك: “المسيح قام” ويجيبك “حقا قام”. كل طفل أرثوذكسي يمارس العبادات يعرف ان يسلم على رفيقه من الفصح إلى خميس الصعود بقوله له: “المسيح قام”. وإذا مات أرثوذكسي بين الفصح وخميس الصعود يقام له جناز الفصح ترتيلا وتهليلا بالقيامة ولا يرتدي الكهنة ثيابا سوداء في الصلاة ولا تستطيع ان تفرق في النص والموسيقى بين صلاة الجناز وصلاة العرس. كلنا في الحياة والموت، عرائس المسيح.
هل أنت تؤمن حقًّا بسبب من ذلك انك قائم من بين الأموات؟ هل صدّقت ان مناولة جسد الرب كل يوم أحد هي قيامتك أم لا تزال تشعر ان خطيئته تبقيك في الموت؟ هل القيامة فقط ذكرى المخلّص أم باتت حياتك الحق؟ هل الفصح عيد أم واقع نفسك؟ هل أنت فصحي؟ كان هذا الكافر نيتشه يقول: “أروني المسيحيين قائمين من بين الأموات حتى أؤمن بمخلصهم”. ألا ترغب في ان تتحدى نيتشه وتظهر للملأ، إن بتّ حيا، انك استضأتَ بنور المسيح؟
النهار