لم تعش المحطات اللبنانية وضعاً أسوأ من الذي تمرّ به. غابت الانتاجات الكبرى، وتلك المتوسطة التكلفة تسير في الاتجاه إياه. قريبا لن يبقى مكان الا للـ”توك شو”، ما يعني أننا سنشهد بطبيعة الحال مزيداً من انحدار مستوى التخاطب الإعلامي.
ذنب المحطات اللبنانية الرائدة أنها لم تستطع أن تحافظ على آفاق عربية فتحتها. في أواخر التسعينات عرفت مرحلة ذهبية، ومع انتشار الفضائيات بدأ بعضها يبرز ويحتل المراتب الأولى. لكن سرعان ما دخل الإعلام الخليجي متسلحا بالمال ومستعينا بالخبرات الأجنبية والعربية الأفضل، ناهيك بالخلافات القضائية والتطورات السياسية المحلية السلبية، كل ذلك جعل محطاتنا تنكفئ وتتقوقع.
اليوم السوق الإعلامي بات أكبر من السوق الإعلاني. التطور التكنولوجي بدّل وسيبدّل المزيد من دور التلفزيون. كيف واجهت شاشاتنا هذا الواقع؟
LBCI دعمت البرامج الحوارية المباشرة والمعدومة التكلفة (التبصير والخلافات الفنية والتسلية…) وبرامج الاسكتشات البسيطة، وتلك “الاجتماعية”، وأوقفت برامج تلفزيون الواقع والسهرات المتقنة. حتى في الدراما، مجالها الأول، اليوم تعرض مسلسلا عرضاً ثانياً، فيما على “يوتيوب” حلقات أكثر تقدما منه نقلا عن MTV ! OSN يُشهد لها بأنها، حتى اللحظة، تبقى الأكثر محافظة على التنوع وهي تشارك بإنتاج برنامج ضخم هو “الرقص مع النجوم” مع قناة “النهار” المصرية وغيرها. هذا الدمج بين السوقين المصري واللبناني لن يستمر ذات فائدة طويلا لأن “أم الدنيا” تعاني محطاتها ما يصيبنا وأكثر، لذا بدا ضروريا إدخال الخليج على الخط كما حصل هذا الموسم. يبقى أن تلفزيون “الزعرور” يعرف كيف يفيد إعلانيا من كل لحظة فيخصص برامج للعقارات والسيارات وغيرها من القطاعات التي تدر أرباحا… ولو مؤجلة أحيانا.
“الجديد” أضخم برنامج لديه هو “صوتك شغلة” وهو من الانتاجات المتوسطة. تحاول المحطة ملء الفراغ بشراء إنتاجات مصرية قد يتماهى معها اللبناني لكنها لا تجيد التسويق لها. تبقى ساحتها المفضلة البرامج الاجتماعية. حال “المستقبل” يشبه من تهبّ “الدفعات” عليه ثم تنحسر، وكلما حاول صعود السلم دهمته عاصفة. أما باقي المحطات فهي بأزمة أو من دونها محدودة المدخول والانفاق.
الخلاصة: الأربعة آلاف ليرة اذا توافرت لن تكفي، لا بدّ من شبك الأيدي. خطة الشيخ بيار الضاهر تبقى الأكثر عملية وفائدة. مشكلتها ليست في مضمونها إنما في كونه هو من طرحها أولا!
ميشال كلاّب / النهار